البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مفهوم (السلطان) في الفكر الشيعي

الباحث :  الشيخ محمدرضا الخاقاني (بیگ)
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  32
السنة :  خريف 2024م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث :  October / 23 / 2024
عدد زيارات البحث :  775
تحميل  ( 688.085 KB )
الملخّص
إنّ مسألة الحُكم السياسي ومَن يستحقّه، من المسائل التي ترتبط بالجانب السياسي للإسلام. الحُكم السياسي الإسلامي الذي تمثّل بالحُكومة الإسلامية التي أسّسها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة، قد شغلت علماء المسلمين أيًّا كان انتماءهم الفكري والكلامي. ففي التراث الحديثي والتاريخي الإسلاميين، نجد إشاراتٍ كثيرةً إلى هذا الجانب من الإسلام وإلى مسألة الحُكم والحاكم؛ إذ عُبّر عن الحاكم بألفاظٍ ومفاهيم مختلفة منها (الإمام)، (الولي)، (الأمير)، وغيرها من الألفاظ والمفاهيم التي تدلّ على شأنٍ سياسي أو حكومي. أحد الألفاظ التي اُستخدم للإشارة إلى هذا الأمر، لفظ (السلطان).
بالنظر إلى التراث الحديثي والتاريخي الإسلاميين عبر العصور المختلفة، نجد أنّ المراد من استعمال كلمة (السلطان) قد مرّ بمراحل من التطوّر المفهومي والمعنوي؛ إذ جاء تارةً للدلالة على (السلطة الإلهية وغلبتها) و(الحجة) مشيرة إلى شأنٍ من الشؤون الإلهية، وتارة أخرى على (الحاكم)، أو (الشؤون المرتبطة بالحُكم السياسي). ونجد استعمال هذا اللفظ كذلك في التراث الشيعي الروائي، فقد ورد عن الأئمّة(عليهم السلام) في رواياتٍ مختلفة. يحاول هذا البحث بدراسة المفهوم المراد مِن لفظ (السلطان) في مصدرٍ روائي كبير هو (وسائل الشيعة)، أنْ يكشف عن المفهوم المُراد منه في الفكر الشيعي.

الكلمات المرجعية: التشيّع، الفكر السياسي، وسائل الشيعة، السلطان.

Abstract
The issue of political rule and who deserves it is one of the matters related to the political aspect of Islam. The Islamic political rule, represented by the Islamic government established by the Prophet (Peace be upon him and his family) in Medina, has occupied Muslim scholars regardless of their intellectual and theological affiliations. In Islamic hadith and historical heritage, we find many references to this aspect of Islam and the issue of rule and the ruler; the ruler has been referred to with various terms and concepts such as “Imam,” “Wali,” “Amir,” and other terms that indicate a political or governmental status. One of the terms used to refer to this matter is “Sultan.”
Considering the Islamic hadith and historical heritage across different eras, we find that the meaning of the term “Sultan” has undergone stages of conceptual and semantic development; it sometimes indicated “divine authority and its dominance” and “proof,” pointing to a divine aspect, and at other times it referred to the “ruler” or “matters related to political rule.” This term is also found in Shiite narrative heritage, as it has been mentioned by the Imams (peace be upon them) in various narrations. This research attempts to study the intended concept of the term “Sultan” in a major narrative source, “Wasa’il al-Shi’a,” to uncover its intended meaning in Shiite thought.

Keywords: Shiism, Political Thought, Wasa’il al-Shi’a, Sultan.

مقدّمة
من المسائل التي تتعلّق بالفكر الإسلامي، هي مسألة (الحُكم السياسي) في المنظومة الفكرية الإسلامية. فمسألة حقّ الحُكم السياسي التي تجلّت في الدولة النبوية التي أُنشئت في المدينة ومسألة تعيين الشخص الذي يستحقّ أنْ يتصدى لرئاسة المجتمع، وأنْ يكون خليفةً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)، مسألةٌ قد شغلت كثيرًا من مفكّري الإسلام من فقهاء ومتكلّمين؛ لذلك، نجد كثيرًا مِن المؤلّفات قد أُلّفت للبحث في هذا الموضوع. فكلٌّ حسب انتمائه إلى أيّة جهةٍ سياسيةٍ أو نحلةٍ كلامية، حاول أنْ يدرس ذلك ضمن مباحث طُرحت في رسائل قصيرةٍ أو مؤلّفات مفصّلة. وقد وردت ألفاظٌ عدّة في التراث التاريخي والحديثي الإسلامي، للتعبير عن الحاكم السياسي، منها (الإمام)، (الولي)، (الأمير) وغيرها من الألفاظ التي كلّها تتّحد في الدلالة على الحاكم السياسي أو الذي بيده الأمر. ومن جملة هذه الألفاظ، لفظ (السلطان).
إنّ لفظ (السلطان) قد اُستُخدم من قِبَل الأئمة (عليهم السلام)، فيما رُوي عنهم (عليهم السلام) في المصادر الحديثيّة الشيعيّة. بناءً على أنّ الفكر الشيعي الإمامي في مختلف مجالاته، قد نشأ حول محور المرويات عن الأئمة(عليهم السلام)، فترعرع في ظلّ معارف أهل البيت (عليهم السلام)، سيكون مِن المهمّ أن نتعرّف عن الدائرة المفهومية المرادة من استخدام لفظ (السلطان)، نظرًا إلى ما يوجد مرويًّا عن الأئمة (عليهم السلام) في المصادر الشيعية الروائيّة. من هذا المنطلق، أصبحت دراسة مفهوم (السلطان) في الفكر الشيعي، موضوعًا للبحث الحاضر.
في سبيل تعيين الدائرة المفهومية للمُرادة من هذا اللفظ، في الوهلة الأولى تجب علينا مراجعة المجاميع الروايية الشيعية. فمِن أنّ البحث الحاضر بصدد تقديم رؤية عامّة إلى مفهوم (السلطان) في الفكر الشيعي بناءً على مرويات الأئمة (عليهم السلام)، استقرّت المحاولة على اختيار مصدرٍ روائيّ يحتوي على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الروايات، قد جُمعت فيه الروايات من المصادر الأصلية والمتقدّمة. على هذا، قد وقع الإختيار على كتاب وسائل الشيعة للشيخ حرّ العاملي (ت. 1104هـ)، مصدرًا روائيًا للبحث.

للوصول إلى هدف البحث، وهو تبيين مفهوم (السلطان) في الفكر الشيعي، سنقدم على تخطّي خطوات ثلاث. بعد تقديم نبذةٍ عن حياة الحرّ العاملي، وتوضيحٍ مختصرٍ عن كتابه وسائل الشيعة، سنسعى في الخطوة الأولى إلى تقديم صورةٍ عامّةٍ عن مفهوم السلطان في الفكر الإسلامي (غير الشيعي)، وضمن هذه الخطوة، سنبيّن التطوّر الحاصل في المفهوم المراد من لفظ (السلطان) بالنظر إلى استعماله في النصوص الإسلامية، منها القرآن الكريم النصوص الحديثية والتاريخية. سيتبيّن ضمن ذلك أنّ المعنى المراد من هذا اللفظ قد تطوّر من (الحجّة والبرهان)، و(الغلبة والسلطة [الإلهية])، إلى مفاهيم مرتبطة بشؤون الحُكم السياسي.
في الخطوة الثانية وباستخراج الموارد التي قد رُوي فيه هذا اللفظ عن الأئمة(عليهم السلام) ودراستها، نحاول أنْ نبيّن المفهوم المراد من استخدام لفظ (السلطان) في تلك الروايات. فمسألة أنّ ما هو المفهوم المراد من لفظ (السلطان)؟ وما هو موقع السلطان في المنظومة الفكرية الشيعية، بناءً على روايات المعصومين(عليهم السلام)؟ وكيف تمّ التعامل مع تصرّفات السلطان السياسية والشرعية والمالية وفقًا لمنهج الأئمة(عليهم السلام)؟ وما المقبولة منها، وما المرفوضة؟ هذه المسائل كلّها ممّا نسعى إلى الجواب عنها في هذه الخطوة. في النهاية نسعى إلى تبيين طريقة التعامل مع السلاطين والحكّام مِن الجواز أو عدمه، بالنظر إلى روايات أهل البيت(عليهم السلام).

الشيخ الحُرّ العاملي وكتابه وسائل الشيعة
وُلد محمد بن الحسن المشهور بالشيخ الحُرّ العاملي، في قرية (مشغرة) من منطقة جبل عامل اللبنانية في عام 1033هـ. يصل نسبه إلى الحُرّ بن يزيد الرياحي، من أصحاب الإمام الحسين(عليه السلام) وشهداء كربلاء، بـ 36 واسطة، إذ كانت أسرته تشتهر بـ «آل الحُرّ». كان الشيخ حسن بن علي، والد الشيخ محمد الحُرّ، من العلماء والأدباء في جبل عامل، حيث كان مرجعًا لعامّة الناس في العلوم العربية وآدابها. عمّه محمد بن علي الحرّ العاملي كان آیضًا من علماء عصره وأدبائه، إذ بقي منه مؤلّفات عدّة منها (كتاب الرحلة)، وديوان يجمع أشعاره وقصائده. كان جدّ الشيخ محمّد لأمّه، الشيخ عبد السلام بن شمس الدين من فقهاء جبل عامل. وقد سافر الشيخ محمد الحرّ العاملي إلى مناطق مختلفة، كان منها مدينة إصفهان، التي حصل فيها على إجازة برواية الحديث من العلامة المجلسي (ت. 1110هـ)، وفي المقابل أعطاه إجازةً فيها. في الرحلة نفسها تمكّن من الحضور في بلاط الشاه سليمان الصفوي، وأُنيط به منصب قاضي القضاة، فأصبح شيخ الإسلام في خراسان. توفي الشيخ الحُرّ العاملي في يوم 21 من شهر رمضان عام 1104هـ عن عمر ناهز 71 عامًا في مشهد، فدُفن في الحرم الرضوي[1].

بلغت عدد مؤلّفات الشيخ محمد الحرّ العاملي 20 كتاب[2]، فمن أهمّ مؤلّفاته كتاب (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة) المشهور اختصارًا باسم وسائل الشيعة. يُعدّ هذا الكتاب من أهمّ مصادر الشيعة الحديثية في الفقه الإمامي، إذ يشتمل على قرابة 36 ألف روايةٍ ضُمّنت في 7058 باب على ترتيب المواضيع الفقهية. يُمكن عدّ هذا الكتاب أضخم تأليفٍ روائي بين المصادر الروائية الشيعيّة التي قامت بجمع وتبويب الروايات عن الأئمة (عليهم السلام) من المصادر المتقدّمة، وترتيبها حسب موضوعاتها.
في الوسائل، تمّت الإشارة إلى المباحث والمسائل التي تتعلّق بشؤون الحُكم السياسي بنحوٍ عام، أو إلى (السلطان) بشكل خاص. جاءت هذه الإشارات ضمن أبواب تتعلّق موضوعاتها بالأحكام الشرعية التي لها بُعدٌ اجتماعيّ أو سياسيّ، مثل أبواب: الزكاة،[3] والجهاد[4]، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[5]، والقضاء[6] والحدود[7]. وأغلب هذه الروايات جاءت تحت عنوان أبواب التجارات، التي نُقل فيها عن الأئمة(عليهم السلام) بيان أحكام التعاون والتعامل مع السلاطين والحكومات السياسية. الجدير بالذكر، أنّه بناءً على منهج الشيخ العاملي الذي حاول أنْ يرتّب كتابه على أساس روايات المعصومين(عليهم السلام)، نجده غالبًا اكتفى بذكر الأحاديث فحسب، حيث نجد هناك إشاراتٍ محدودةً بالقياس إلى حجم الكتاب، جاء بها المؤلّف في سبيل تقديم تفسيرٍ أو تبيين معنى روايةٍ ما، أو إشارة فقهية في ذيلها[8].

مفهوم السلطان في الفكر الإسلامي
يعتقد بعضهم أنّ للفظ (السلطان) جذورًا سريانية، فالأصل متّخذٌ من (شُلطانا)[9]، الذي يدلّ عمومًا على القوة والسلطة والسيطرة، وفي موارد نادرة يدلّ على القوة الناشئة عن قوّة الحُكم السياسي أو الإمارة[10]. كما أنّ سائر الألفاظ الآرامية، الأكدية، الحبشية والعبرية التي تدلّ على مفهومٍ مشابهٍ لما دلّ عليه الأصل السرياني، قد أخذت جذورها من السريانة واشتقّت منها[11].

ورد لفظ (السلطان) وسائر مشتقّاته في القرآن في أكثر من 29 موضعًا، تدلّ في الغالب على (السلطة والغلبة)، و(الحجّة والبرهان)[12]. كما أنّ المعاجم اللغوية، وأهل اللغة أيضًا أدرجوا المعاني نفسها تحت هذا اللفظ[13]. بعد عصر النزول وضمن المصادر الحديثية والتاريخية، ورد هذا اللفظ لإيصال مفهوم آخر. بغضّ النظر عن بعض الأحاديث النبويّة التي جاء فيها لفظ (السلطان) مشيرًا إلى الحاكم أو لغرض بيان شأنٍ من شؤون السياسية[14]، يمكن أنْ نقول إنّ أقدم تعبيرٍ بهذا اللفظ للإشارة إلى الشأن السياسي، قد وقع في واقعة سقيفة بني ساعدة، بُعيد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في عام 11 للهجرة.
النقطة التي يجب التنبيه عليها حول الأحاديث النبوية التي استعمل فيها لفظ (السلطان) للتعبير عن الحاكم أو شأنٍ من الشؤون السياسية، هو أنّ الرواة بنحوٍ عام لم يلتزموا بروايةٍ عين النصوص الصادرة لفظًا، بل في الغالب كانوا يروون المفاهيم المستوعبة من النصوص باستخدام الألفاظ المرادفة معنى في عصرهم، وعلى ذلك قد حصل إثر هذه العملية ورود لفظ (السلطان) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للدلالة على الحاكم أو الإشارة إلى الشأن السياسي. هذا الأمر يظهر جليًا بمراجعة الاستعمال القرآني للفظ (السلطان)، النصّ الذي طالما حافظ على أصالته النصيّة، والذي قد تمّ فيه استعمال هذا اللفظ للتعبير عن (السلطة والغلبة)، و(الحجّة والبرهان). الأمر الذي ينبأ عن كون معنى هذا اللفظ في عصر النزول وإبّان العصر النبوي، منحصرًا في تلك المفاهيم.

كما أشرنا أعلاه، نجد في ما رُوي عن الوقائع الحادثة في السقيفة عام 11 الهجري، قد استُخدم لفظ «السلطان» للإشارة إلى الحُكم السياسي؛ إذ تنقل بعض المصادر التاريخية أنّ عمر بن الخطّاب (ت 23هـ) في السقيفة عندما كان يتكلّم عن أحقّية قريش بالحُكم على سائر الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أشار إلى أنّه ليس للناس أنْ ينازعوهم (سلطان محمد(صلى الله عليه وآله وسلم))[15]. كما أنّه في المدّة الزمنية نفسها نجد أنّ الإمام علي(عليه السلام) ضمن ما بيّنه اعتراضًا على ما فعله القوم في السقيفة، أنّ حقّ خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالتّبع الحُكم السياسي على الناس مختصٌّ بأهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا ينبغي لهم أن يُخرجوا «سلطان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)» عن بيته (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهله[16].

نظرًا إلى قلّة استعمال لفظ السلطان في المصادر التاريخية التي جاءت في الروايات عن أحداث السقيفة، يُمكن ملاحظة النقطة التي أشرنا إليه سابقًا عن الأحاديث النبوية التي تتضمن لفظ (السلطان) للتعبير عن الشؤون السياسية. وعليه، يمكن أن نأخذ احتمال التعبير بـ (السلطان) للإشارة إلى الحُكم السياسي ناشئًا عن التطوّر المفهومي له، ونتيجة لعملية قلب الألفاظ لمناسبة معانيها الشائعة في عصر الرواة.
في عصر حُكم عمر بن الخطّاب، أي المدّة الزمنية بين عامي 13 و 23 الهجرية، نجد كثرة استعمال (السلطان) للإشارة إلى الحُكم. النقطة المميّزة في استخدام ذلك في هذه الحقبة، هو إضفاء لونٍ من القدسية على شأن الحُكم السياسي. نجد ضمن هذه المدّة، استخدام (سلطان الله في الأرض). هذه العبارة تعرّف الحاكم/الخليفة ممثّلًا لسلطان الله والغلبة الإلهية في الأرض. ثمّة مصادر تاريخية تنقل لنا أنّه عندما كان الخلفة الثاني يقسّم بيت المال بين الناس، جاء سعد بن أبي وقاص يشقّ الحشود كي يعجّل نصيبه منه. لكن عمر علاه بالدرّة فضربه، ثمّ قال: «إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض فأحببت أن أعلمك أنّ سلطان الله لن يهابك‏»[17]. ربما يُمكن أنْ نعدّ هذا النصّ، الخطوة الأولى لعَدِّ حُكم الخلفاء حُكمًا إلهيًا يستمدّ شرعيته وحقّه من الله. هذا التوجّه أو الوصف للحكم الذي وردت بعض الإشارات إليها في أواخر حُكم عثمان بن عفّان، نراه أصبح وصفًا رائجًا إبّان حُكم معاوية[18].

في أوّل تحدٍّ واجهه عثمان عندما استلم مقاليد الحُكم من الشورى، نجد استخدام (السلطان) للتعبير عن الحُكم السياسي؛ فحين قام عبيد الله بن عمر بقتل أبي لؤلؤة وبنته وآخرين، وعندما طولب عثمان بإجراء القصاص على عبيد الله، قال له عمرو بن العاص أنّ ما فعله عبيد الله قد وقع حين لم يكن لعثمان على الناس (سلطان)[19]. وفي مدّة حُكم عثمان (23-35هـ) نجد نموذجًا آخر من هذا استعمال (السلطان) للإشارة إلى حقّ الحُكم السياسي، ضمن بعض الإعتراضات على اختيار الشورى الذي وقع على عثمان؛ إذ إنّ عمّار بن ياسر، عندما بيّن عدم رضاه على اختيار الشورى للخليفة عثمان في خطبةٍ عامّةٍ ألقاها في المسجد النبوي، استعمل هذا اللفظ للتعبير عن (حقّ الحُكم)، الذي كان يختصّ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) معترضًا على ما فعله قريش من انتزع ذلك منهم (عليهم السلام). فحينما بيّن ذلك، قد واجهه عبد الرحمن بن عوف معترضًا، فأجابه: «يا عبد الرحمن، أعجب من قريش ... قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده من أيديهم»[20].
نجد ثمّة استعمالاتٍ أخرى للفظ (سلطان) حين اشتدّت الاعتراضات على سياسات عثمان، حيث استُعمل ذلك للدلالة إلى الحُكم السياسي. فعندما تجهّزت بنو عبس للذهاب إلى عثمان كي يبيّنوا اعتراضهم ليقيلوه عن الخلافة، قال لهم حذيفة بن اليمان: «ما سعى قومٌ ليذلّوا سلطان الله في الأرض، إلّا أذلّهم في الدنيا قبل أنْ يموتوا»[21].

بمراجعة المصادر الحديثية الإسلامية، يُمكن لحاظ أنّ هذا القول قد أُخذ من حديثٍ نبويّ قد رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[22]. ونتمكّن هنا أيضًا من أنْ نجد أنّ الخليفة ومنصب الخلافة، قد جُعل تمثيلًا للسلطة والغلبة الإلهيّتين في الأرض، كما فعل ذلك عمر من قبل.
ويبدو أنّه لأجل جعل الخلافة تمثيلًا وبروزًا للسلطة الإلهية، قد رُوي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يضفي هذه القدسية لمؤسسة الخلافة ومجموعة الحُكم السياسي، للحثّ على لزوم مراعاة شأنها واحترامها. جاء في بعضها: «مَن أهانَ سلطانَ الله، أهانهُ اللهُ»[23]. و«مَن أكرمَ سلطانَ الله في الدنيا، أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهانَ سلطانَ الله في الدنيا، أهانه اللهُ يوم القيامة»[24]. وهناك حديثٌ آخر يُحتمل قويًّا أنّه رُوي تأثّرًا بهذه الفكرة والبيئة الفكرية نفسها، حيث جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض المصادر الحديثية المتقدّمة: «إنّ السلطان، ظلّ الله في الأرض»[25]. مع أنّ هذا الحديث قد عُدّ في بعض المصادر من الأحاديث الضعيفة[26]، وعليه تكون صحة انتسابه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موضع شك، لكن ورود هذا المفهوم في المصادر التي اُلّفت في غضون القرن الثالث الهجري، يدلّنا على تطوّرٍ مفهومي حدث عبر القرون للفظ (السلطان).

في فكر أهل السنّة الكلامي-السياسي، عُدّ لقب (السلطان) مِن احد ألقاب (الإمام) الذي له شأن سياسي أكثر من شأنه الإلهي[27]. من هذا المنطلق، ومع وجود معانٍ مختلفة لـلفظ (السلطان) الذي استعمل في القرآن حاكيًا عن معناه في العصر النبوي، قد تطوّر مفهومه في العصور اللاحقة إلى (الحُكم السياسي). من ألمع النماذج لهذا التطوّر، يُمكن الإشارة إلى خطبة زياد في أهل البصرة، عندما تسلّم مقاليد حُكم العراق من معاوية، حيث قال: «أيّها الناس، إنّا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفي‏ء الله الذي خوّلنا»[28].
هذا المفهوم في العصور اللاحقة، أي في أواسط القرن الثالث الهجري، قد تطوّر شيئًا فشيئًا فاستبعد مِن شأنٍ إلهي مرتبط بالله سبحانه فاستعمل للتعبير عن (الإمام) الذي یمث‍ل أيقونةً مذهبيةً في الفكر السنّي السياسي. وبذلك فالسلطان استعمل بمفهومه السياسي البحت والمرتبط بشأن الحُكم الدنيوي؛ فانتُقص من شأنه الإلهي [29].

وفي مدّة حُكم الرشيد العباسي (حكم 170-193هـ)، لُقّب محمد بن جعفر البرمكي (ت. 187هـ) بـ (السلطان). يرى ابن خلدون (ت. 808هـ) أنّ إناطة هذا اللقب بجعفر من قِبَل الرشيد، إنّما كان لإستيلائه على الدولة وكثرة سعايته فيها[30]. نظرًا إلى ذلك، يُمكن أنْ يقال إنّ لقب (السلطان) بدءًا من هذا العصر وما بعد، قد وجد رواجًا مفهوميًا سياسيًا، قياسًا بمفهومه الإلهي. كما أنّه بملاحظة استعمالاته في الأدب السياسي بعد هذا العصر، يمكن مشاهدة هذا التطوّر المفهومي ففي موارد نادرة جدًا، قد استُعمل (السلطان) إلى جنب مفهوم (الخلافة) التي لها بُعدٌ إلهيّ، وتتمتّع بشرعيةٍ دينيةٍ[31].

بناءً على ما مرّ وبملاحظة استعمالات لفظ (السطان)، نتمكّن من معرفة أنّ مفهوم ذلك قد تطوّر على مرّ العصور من معانٍ مشيرةٍ إلى (الغلبة والسلطة الإلهية)، و(الحجّة والبرهان) الذي جاء في القرآن، إلى معانٍ دالّة على (الحُكم)، و(حقّ الحُكم السياسي)، و(الحاكم)، وفقًا لعقيدة ارتباط مؤسسة الحُكم السياسي بالقدسية والأمر الإلهي. يُمكن العثور على نماذجٍ أكثر بكثيرٍ لذلك في المصادر الحديثية والتاريخية، وما تمّ الإشارة إليه هنا هو نبذةٌ مختصرة.

مفهوم السلطان في الفكر الشيعي
بالنظر إلى التراث الشيعي الروائي، نتمكّن من رصد أنّ (السلطان) قد استُعمل مفهومًا بالمضي قدمًا مع التطوّر المفهمومي الواقع باستعماله في المصادر التاريخية والحديثية لأهل السُنّة. فيمكن ملاحظة أنّ هذا اللفظ قد استُعمل للتعبير عن مفاهيم تتعلّق بمفاهيم ترتبط بالحُكم السياسي. إنّ (السلطان) في المصادر الشيعية وفيما رُوي عن أهل البيت (عليهم السلام)، تارةً استُعمل للإشارة إلى الحاكم مطلقًا، وأخرى بمعنى الحاكم غير الشيعي، وفي بعض الموارد للتعبير عن صاحب منصب القضاء، أو للإشارة إلى البيئة الفكرية السائدة في المجتمع آنذك. في هذا القسم وبالنظر إلى ماجاء في كتاب وسائل الشيعة، نسعى إلى تبيين المفاهيم المقصودة من استعمال لفظ (السلطان) في الفكر الشيعي، بناءً على ما رُوي عن الأئمة (عليهم السلام).

مفهوم وموقع السلطان
من الأمور التي يجب تبيينها هنا، ما هي المعاني التي تمّ التعبير عنها بوساطة لفظ (السلطان)، وما أقسامها؟ كما علينا أنْ نبيّن أنّ موقع السلطان طبقًا لروايات أهل البيت (عليهم السلام)؟ هل كان موقعه موقعًا مرموقًا؟ أو نرى السلطان دائمًا يُصوَّر في موقع الغاصب والمنحرف عن الحقّ؟ في هذا القسم وبقراءة الروايات، نسعى إلى تبيين هاتين النقطتين.

موقع السلطان
بناءً على ما جاء في روايات وسائل الشيعة، نجد (السلطان) جاء في عددٍ منها مظهرًا للشرّ أو الجور. في رواية عن أمير المؤمنين(عليه السلام)، عُدّ منزل السلطان موضعًا للمكر[32]. كما أنّ السلطان جاء جنبًا إلى جنب الشيطان أو البلايا الدنيوية فحُذّر الناس من الإبتلاء بهم[33].

لم يُستعمل السلطان بنحوٍ مطلقٍ دائمًا، بل نجد في بعض الإستعمالات أنّ اللفظ جاء موصوفًا ببعض الصفات. من هذه الصفات، صفة (الجائر). نجد في بعض الروايات أنّ هناك أوامر أو بعض توصيات قد صدرت عن الأئمة (عليهم السلام) إلى الناس، ليعملوا بها فيأمنوا من شرّ السلطان الجائر[34]. في بعضٍ آخر من الروايات، عُدّ السلطان الجائر ممّن سيذوق أشدّ العذاب في يوم القيامة[35]. وتارةً نجد فيها حثّ الناس على نُصح السلطان الجائر[36]، وأخرى جُعلت مواكبته والعمل معه إثمًا[37]، والقُرب إليه سببًا للبُعد عن الله سبحانه[38]. ومنعت بعض الروايات الناسَ عن الحضور في إقامة الحدود التي يجريها السطان الجائر على أساس الظلم والعدوان، مالم يكونوا قادرين على نصرة المحدود ودفع الظلم عنه[39]. وفي قسمٍ آخر من الروايات، عُدّت التعرض للسلطان الجائر عملًا غير محمود، والصبر على الأذى الناشئ من ذلك ليس فيه أجرٌ من الله سبحانه، ومن أصابته بليةٌ جرّاء ذلك لم يُرزق الصبر عليها[40]. وفي روايةٍ أخرى، مَن ساعد (السلطان) في جوره أو دلّه على ذلك، قُرن مع هامان وكان من أشدّ الناس عذابًا[41].

هناك صفة أخرى اتُّصف (السطان) بها في الروايات، وهي صفة (العادل). في رواية، نجد أنّ الناس قد حُذّروا من إذلال رقابهم بترك طاعة سلطانهم، فإنْ كان عادلًا، أُمروا بالدعاء لبقائه، وإنْ كان جائرًا، أُمروا بالدعاء لإصلاحه. إذ صلاح الناس في صلاح سلطانهم، والسلطان العادل بمنزلة أبٍ رحيمٍ: «فَأَحِبُّوا لَهُ مَا تُحِبُّونَ لِأَنْفُسِكُمْ، وَاكْرَهُوا لَهُ مَا تَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِكُمْ»[42].
هناك مفهوم آخر من السلطان، حاصلٌ من استعمال عبارة (سلطان الله). في روايةٍ نجد أنّه لو حضر (سلطان الله) جنازةً وقدّمه الولي للصلاة عليها، فهو أحقّ بالصلاة، ولا ينبغي لأحدٍ أنْ يسبقه فيكون غاصبًا[43]. وفقًا لما سيأتي من المفاهيم المستعملة للفظ (السلطان) لاحقًا، المراد من (سلطان الله) هنا، هو الإمام المستوفي للشرائط في الفكر الشيعي الإمامي.

بالنظر إلى الأوصاف والعبارات الواردة في الروايات نجد أنّ مجموعة الحُكم السياسي بشكلٍ عام، و(السطان) بشكلٍ خاص، لم يحظَ بموقعٍ مرموق، فنجد منازل السلطان منازل مكرٍ وخديعة، كما ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام). يمكن فهم ذلك من الصفات التي وصِفَ به السلطان، فالسلطان الجائر سيذوق عذاب ربّ العالمين. مع كون مكانة السلطان بنحوٍ في نظر أهل البيت(عليهم السلام)، مكانةً لم تكن لها شرعية، لكن مع قبول الواقع، لقد نُهي الشيعة من إذلال رقابهم بترك طاعة السلاطين، ولو ظاهرًا.

مفهوم السلطان
بالنظر إلى قسمٍ آخر من الروايات، نجد أنّ لفظ (السلطان) قد استُعمل للتعبير عن البيئة الفكرية الحاكمة في المجتمع الإسلامي المعاصر للأئمة (عليهم السلام). بعض هذه الروايات تتضمّن أحكامًا فقهيةً مختلفًا فيها بين مدرستي أهل البيت(عليهم السلام) وأهل السُنّة، أو فيها بعض المناسك الشرعية أو الطقوس التي لم تتقبّلها البيئة الفكرية السائدة آنذاك، فعُبّر للإشارة إليها بـ (السلطان). جاء في رواية أنّ أحد الشيعة قد سأل الإمام الجواد(عليه السلام) عن اتّخاذ زيارة مراقد الأئمة (عليهم السلام) في خراسان والعراق قبل التوجّه إلى الحج عادةً سنوية. فأجابه الإمام(عليه السلام) بجواز ذلك، لكن بالنظر إلى أنّه مِن الممكن أنْ يجد المجتمع الفكري المعاصر ذلك بدعةً، نصح السائل بتركها. قال الإمام الجواد (عليه السلام) فيما ما نصّه: «لَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلُوا هَذَا الْيَوْمَ، فَإِنَّ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ مِنَ السُّلْطَانِ شُنْعَةً»[44]. على هذا الأساس، نجد أنّ الإمام (عليه السلام) قد عبّر بـ (السلطان) مشيرًا إلى البيئة الفكرية الحاكمة في المجتمع آنذك.
في روايةٍ أخرى، نجد أنّ شخصًا قد سأل الإمام الباقر(عليه السلام) عمّا إذا جرى عقد النكاح ولم يكن هناك شاهد، فأجابه الإمام (عليه السلام) بالإشارة إلى صحّة ذلك العقد بناءً على فقه أهل البيت (عليهم السلام). لكن بيّنَ (عليه السلام) مشيرًا إلى فقه أهل السُنّة: «وَلَكِنْ إِنْ أَخَذَهُ سُلْطَانٌ جَائِرٌ عَاقَبَهُ»[45]. فالنقطة التي جديرة بالذكر هنا، هو أنّ بناءً على فقه أهل السُنّة، وجود الشاهد على عقد النكاح يُعدّ من أركان صحّة العقد، فالإمام (عليه السلام) قد عنى بلفظ (السلطان) الرأي السائد بين فقهاء أهل السُنّة. في موردٍ آخر يتعلّق بالحلف، نجد الإمام الصادق(عليه السلام) يبيّن بطلان اليمين وفقًا لرأي أهل البيت (عليهم السلام). مع ذلك، يقترح الإمام (عليه السلام) أنْ يعمل الحالف بنحوٍ يتلاءم مع رأي أهل السُنّة في صحّة ذلك الحلف، معبّرًا عن الرأي الفقهي السائد بـ (السلطان)[46].

ثَمّة موردٌ آخر يرتبط بالطلاق الثلاثي في مجلسٍ واحد، فالإمام(عليه السلام) مع القول ببطلان الطلاق، لكن بالنظر إلى الرأي الفقهي السائد عند جمهور أهل السُنّة على جريان ذلك، وتحريم الزوجة على الزوج، حذّر السائل من قيام (السلطان) بجعل الطلاق بائنًا، حيث قال: «لَكِنْ إِنْ قَدَّمُوكَ إِلَى السُّلْطَانِ أَبَانَهَا مِنْكَ»[47]. في روايةٍ أخرى ترتبط بجواز جريان حدّ الزنا على الأَمَة بيد المولى، نجد أنّ الإمام(عليه السلام) مع القول جواز ذلك في فقه أهل البيت(عليهم السلام)، قد اقترح فعل ذلك بالتستّر حذرًا من علم (السلطان) بذلك[48]. هذا باللحاظ أنّ بناءً على فقه أهل السنّة، ينحصر إجراء الحدود بالسلطان أو الفقيه المنصوب من جانبه، من دون فرق بين الحرّ والعبد.

وفقًا لما مضى من الروايات، نتمكّن من فهم أنّ لفظ (السلطان)، لم يُستمعل لغرض التعبير عن منصبٍ سياسي أو حُكمي فحسب، بل نجد الدائرة المفهومية له أوسع من ذلك. فربما من جهة علاقة طبقة العلماء والفقهاء في منظومة أهل السنة الفكرية، وحياة تلك الطبقة تحت رعاية الطبقة السياسية من الولاة والخلفاء، نجد استعمال لفظ (السلطان) للتعبير عن البيئة الفكرية السائدة في المجتمع الإسلامي، والإشارة إلى آراء ومعتقدات علماء أهل السُنّة. سواء كانت تلك الآراء واقعة في دائرة علم الكلام أم داخلة في حقل علم الفقه. يبدوا استعمال اللفظ نفسه للتعبير عن السلطة القضائية، ناشئٌ عن العلقة نفسها بين الطبقتين السياسية والعلمية في المجتمع. هناك عبارةٌ أخرى جاء فيه لفظ السلطان للدلالة على مفهوم آخر، وهي عبارة (سلطان الله). وفقًا لموارد استعمال هذه العبارة، نتمكّن من فهم أنّ سلطان الله، هو الإمام المتمثّل بأهل البيت (عليهم السلام)، فيكون خليفةً لله في الأرض، حُكمه حكم الله سبحانه في الناس، ويتمتّع بالشرعية الإلهية منصوبًا من قِبَل الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإمامة. فيُعدّ ذلك مفهومًا آخر للسلطان في التراث والفكر الشيعي.

اعتبار وعدم اعتبار أحكام السلاطين
مِن الأمور التي تساعد في فهم المفهوم المراد من (السلطان)، هو مدى صحة ونفاذ أحكام السلطان من منظور الأئمة (عليهم السلام). في هذه المجموعة من الروايات، نجد بعض المسائل التي ترتبط بشؤون الحُكم، فوفقًا لها هناك بعض الأمور ليس للسلاطين التدخّل أو إصدار الحُكم فيها، كما نشاهد أنّ الشيعة قد نُهوا عن مراجعة السلطان بذلك الصدد. في قسمٍ آخر من تلك الروايات، نجد أنّ الأئمة (عليهم السلام) حكموا بصحّة حُكم السلاطين في بعض الأمور أو نفاذ حُكمهم فيها.

عدم اعتبار حُكم السلطان
ضمن هذه الروايات، يُعدُّ ما حَكَم به السلطان في موضوعي القضاء والحدود، غيرَ شرعي من قِبَل أهل البيت (عليهم السلام)؛ إذ نجد في هذه الروايات النهي عن الرجوع إلى محاكم السلاطين أو القضاة الذين تمّ تعيين من قِبَلهم، إذ ورد فيها أنّه لو حَكَم القاضي خلافًا لما أنزل الله، قد شاركه المراجع له في الإثم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ قَدَّمَ مُؤْمِنًا فِي خُصُومَةٍ إِلَى قَاضٍ أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، فَقَضَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ، فَقَدْ شَرِكَهُ فِي الْإِثْمِ»[49]. وفي روايةٍ أخرى عُدّ الرجوع إلى قضاة السلاطين مصداقًا للرجوع إلى الطاغوت فـ «ما يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتًا وَإِنْ كَانَ حَقُّهُ ثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ»، إذ الله سبحانه في كتابه قد نهى عن التحاكم إلى الطاغوت[50]. كما نجد في روايةٍ أنّ المال الذي يقبضه من تصدّى لمنصب القضاء لدى السلطان الجائر هو سُحتٌ غير طاهرٍ، لا يجوز التصرّف فيه[51]. يُمكن الإضافة إلى ذلك ما مرّ آنفًا من صريح بعض الروايات، أنّ الشيعة قد مُنعوا عن الحضور في مجالس يُجرى فيه الحدّ وفقًا لما حكم به السلطان أو قضاته، وإنْ كان ذلك مقيّدًا بكون الحُكم ظلمًا وأنْ يكون المحدود مظلوما[52].

من التصرفات غير الصحيحة للسلاطين، عدم صحّة تملّك الأعيان مِن قِبَلهم في بعض الموارد. فنجد في رواية أنّ ما كان عينًا من أوقاف السلطان، لا يمكن للمرء أنْ يملكه إلّا أنْ يشتريه من مالكها الأصلي[53]. هذا يدلّ على عدم صحّة تملّك السلطان، كما نجد في رواية أخرى عدم حرمة ماله، إذ يظهر ذلك مما تعلّق بشراء الأموال المسروقة من مال السلطان[54]. مع هذا، لايُمكن للمرء أنْ يتصرّف جزافًا في أموال الحاكم، ففي مورد يرجع موضوعه إلى مقاصّة الشخص من مالٍ قد غُصب من قِبَل السلطان، أنّه يجوز له أن يأخذ بقدر ما غُصب منه فحسب، لا أكثر[55].

نفاذ حُكم السلطان
يظهر في قسمٍ آخر من الروايات، صحّة بعض أحكام السلطان وتصرّفاته. وفي بعض الروايات نجد أنّ هناك وصيّة للشيعة أنْ يطيعوا حُكّامهم أمنًا من شرّهم[56]، وهي الروايات التي ترى وجوب طاعة السلطان في حال التقيّة[57]. وفي رواياتٍ أُخر نجد صحّة المعاملة مع عُمّال السلاطين حيث لم يكن لهم قوتٌ إلّا منهم[58]، وروايات أخرى صحّحت أخذ جوائز السلطان[59]، بل عدّت إتيان الحجّ بهذه الأموال صحيحًا[60].
من الموارد التي عُدّ فيها حُكم السلطان نافذًا، هي المسائل التي ترتبط بالزكاة، استنادًا إلى قسمٍ من الروايات، التي جعلت تأدية الزكاة إلى الحُكّام أو عمّالهم جائزًا مُجزيًا مستوجبًا لبراءة الذمّة[61]. المورد الآخر من هذا الصنف هو ما يرتبط بتقسيم السلطان للإرث، فإنْ راجع الورّاث السلطان في تقسيم أموال الإرث، فالمال الحاصل من تلك القسمة مشروعٌ والتقسيم يكون صحيحًا[62]. ومن تلك الموارد الأمر ما يتعلّق ببعض أنواع الطلاق التي تجري بمحضر السلطان، فبعض الروايات قد صحّحت هذا النوع من الطلاق وبَنَت عليه الآثار الشرعية[63].

بالنظر إلى الموارد التي عُدّ فيه حُكم السلطان صحيحًا ونافذًا، يُمكن أنْ يُقال بأنّ هذه الأحكام من الموارد التي لا خلاف فيه بين فقه أهل البيت (عليهم السلام) وفقه أهل السُنّة. التي منها الزكاة وبعض أقسام الطلاق.

التعاون مع السلطان
بصدد تبيين مفهوم (السلطان) في الفكر الشيعي، يُمكن دراسة الروايات التي تتضمّن حُكم التعاون مع السلاطين أو الحضور في بلاطهم. بعض الروايات دلّت بنحو الحُكم عامّ على حرمة أيّ نوعٍ من أنواع التعامل مع السلطان. وقسم آخر منها، قد قبّحت الحضور في بلاط السلاطين بقصد الإنتفاع بأموالهم. وقسمٌ ثالث منها، قد أجازت حضور بعض الشيعة في بلاط الحُكّام، لكن مقيّدًا ببعض الشروط والقواعد.

قد أشرنا سابقًا بأنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قد عدّ منازل السلاطين موضعًا للمكر[64]، هناك بعض الروايات قد عدّت السفر بقصد الحضور إلى ساحة السلطان وطلب الحاجة منه، مصداقًا من مصاديق (سفر المعصية) الذي يجب فيه أداء الصلوات كاملة[65]. وفي بعضٍ آخر منها، رأت إتيان باب السلاطين موجبًا لإفساد القلب وإنبات النفاق فيه[66]، وقساوة القلب[67]، والبُعد عن الله سبحانه[68]، ودخول النار والعذاب في يوم القيامة[69].
إضافة إلى الروايات التي منعت طلب الحاجة مِن السلاطين مطلقًا، هناك روايات قبحّت هذا الأمر داعية الموالين إلى التوكّل على الله سبحانه والاستغناء عن الحاجة للسلطان[70]. وفي بعضٍ آخر من الروايات قد منعت الناس منعًا عامًّا من التعاون مع السلاطين[71]، فعدّت ذلك الْخَطِيئَة الكبرى[72]، أو عديلًا للكُفر[73]، أو مانعًا عن دخول الجنّة[74]. وقسمٌ من هذه الرويات، حدّدت عدم جواز التعاون مع السلطان بأمر (الحدود)[75]، وقسمٌ آخر منها منعت ذلك فيما كان طمعًا بالإنتفاع المادّي[76].

ونجد روايةٍ أخرى تشير إلى الجهاد في الثغور أنّ المرء إنْ أراد الجهاد في الثغور دفاعًا عن الحدود الإسلامية، يجوز له ذلك منحصرًا فيما إذا كان هناك خطرٌ يُهدّد كيان الإسلام أو الشريعة المحمّدية. ففي هذه الحالة، يكون القيام بذلك جهادًا ودفاعًا عن الإسلام لا تعاونًا مع السلطان[77].
قسمٌ آخر من الروايات، قد جوّزت التعاون مع السلاطين، لكن بمراعاة بعض الشروط، منها «قَضَاءُ حَوَائِجِ الْإِخْوَانِ» مِن الشيعة والموالين[78]؛ لذا عدّت بعض الروايات الشيعةَ الذين لهم موقعٌ عند السلطان لكنّهم لا يسعون إلى حوائج إخوانهم، عدّتهم ممّن قد برئ الله منهم، وأمرت الموالين أن يبرؤوا منهم[79]. وفي روايةٍ أخرى، عُدّوا خارجين من دائرة التشيّع أساسًا[80]. وقد أوصى الإمام الكاظم(عليه السلام)، مَن وجد موقعًا مرموقًا عند السلطان بمراعاة تقوى الله سبحانه[81]. ووفقًا لرواية أخرى، حدّد الإمام الرضا(عليه السلام) جواز العمل للسلطان بمراعاة ما أمر به رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وجعل الأعوان والكتّاب له ممّن يوافقه في المذهب والعقيدة، وأنْ يواسي فقراء المؤمنين(عليه السلام) في عمله[82].

جاء في روايةٍ طويلة، أنّ أحد الموالين الذين وُلّي ولاية الأهواز، قد طلب من الإمام الصادق (عليه السلام) أنْ يرشده في عمله؛ فكتب له الإمام (عليه السلام) جوابًا أمره فيه بالعمل على تأمين حياة المؤمنين من أتباع آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإغاثتهم، وحذّره من عدم مراعاة العدل والإنصاف، ونصحه بتدبير أمر الرعية بناءً على العَدل ومراعاة السياسة في التعامل مع أوامر الحكومة المركزية، كما قدّم له وصايا في كيفيّة تدبير أمورٍ ستقع تحت أمره وإمارته[83].
وفي هذا السیاق ورد عن موسى بن جعفر(عليه السلام): «إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَعَ السُّلْطَانِ أَوْلِيَاءَ يَدْفَعُ بِهِمْ عَنْ أَوْلِيَائِهِ»[84]. كما أنّه بالنظر إلى الراوايات التي نهت ابتداءً ومطلقًا عن التعاون مع السلاطين، جُعل كفّارة العمل مع السطان قضاء حوائج الإخوان من الشيعة والموالين لأهل البيت(عليهم السلام)[85]. فالعمل مع السلطان مع كونه مذمومًا في الوهلة الأولى، لكنّه يكون ممدوحًا بمراعاة التقوى، وخوف الله سبحانه، وقضاء حاجة الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) والإمعان في تدبير أمورهم.

النتيجة
أظهر النظر في التراث التاريخي والحديثي الإسلامي، أنّ مفهوم لفظ(السلطان) قد تطوّر خلال العصور المختلفة من الدلالة على «الحجّة والبرهان» أو «الغلبة والسلطة» التي استُعملت في القرآن، إلى مفاهيم تتعلّق بشؤون الحُكم والسلطة السياسية. وقد استُخدم هذا اللفظ في العصور المتقدّمة للتعبير عن مسألتي الخلافة والحُكم تحت غطاءٍ تقديسي وإلهي، مرتبط بالحقّ الإلهي للحُكم المتصوّر مِن قِبَل الشريحة الحاكمة آنذاك. لكن في العصور اللاحقة، قد حُدّ من البُعد التقديسي والإلهي للسلطان، عندما استُعمل للتعبير عن شأنه الذي يتربط بالحُكم السياسي، بالمقابلة مع الشأن الإلهي والشرعي للإمام. هذا التطوّر قد أخذ حدوده في الحقبة الزمنية التي قد استُعمل فیها لفظ (السلطان) في التراث الشيعي الروائي.
بالنظر إلى ما ورد من استعمال لفظ (السلطان) مرويًا عن الأئمة (عليهم السلام)، يُمكن إدراك أنّه قد تمّ استعماله بالمفهوم المساير مع التطوّر المفهومي لاستعمال كلمة السلطان، حيث نجد ذلك مشيرًا إلى شؤون الحُكم السياسي. كما أنّه بملاحظة العبارات المستخدمة من هذا اللفظ، يُمكن العثور على عبارات (السلطان العادل)، (السلطان الجائر)، اللتين تدلّان على صفات الحُكم السياسي في منظومة أهل البيت(عليهم السلام) الروائية، ونجد السطان الجائر قد عُدّ مصداقًا للشرّ، الذي قد حُذّرت الشيعة منه، أمّا عبارة (سلطان الله)، فتنطبق على الأئمة (عليهم السلام) أو مَن نُصب مِن قِبَلهم، بالنظر إلى الأسُس والمبادئ الكلامية الشيعية.

وقد ورد في تراث أهل البيت (عليهم السلام) ذمّ العمل في ركاب السلطان الجائر، إلّا مع تحقيق العدل، وقضاء حوائج الإخوان من المؤمنين. وبشكل عامّ وبناءً على ما رُوي عن أهل البيت(عليهم السلام) في المصادر الشيعة الروائية، لم يكن هناك انطباع إيجابي عن «السلطان». إنّ السلاطين عُدّوا دائمًا غاصبين لحقّ أعطاه الله سبحانه إلى أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فصُوّروا دائمًا مظهرًا للشرّ. مع ذلك، لم يُستخدم مفهوم (السلطان) دائمًا للتعبير عن رأس هرم القوة السياسية، بل نجد في الروايات أنّ هذا استخدامه للإشارة إلى (البيئة الفكرية الحاكمة) سواء كانت البيئة الكلامية أم الفقهية. كما أنّه في بعض الموارد يُمكن ملاحظة التقابل المفهومي بين (السلطان) و (الإمام)[86]، فالثاني يتمتّع بشرعية إلهية وفقًا للمعتقد الشيعي، والأول لم يكن كذلك.
سلبية صورة السلاطين في الفكر الشيعي، لا تعني عدم طاعتهم فإخلال نظام حياة المجتمع بذلك، أمرًا جائزًا أو ممدوحًا، بل طبقًا لبعض الروايات نجد وجوب طاعتهم تقيّةً أو أمنًا من شرّهم أو حفاظًا على نظام الحياة الاجتماعي. على ذلك، في بعض الموارد التي تتعلّق بالحُكم السياسي كجمع الزكاة أو بعض المسائل المتعلّقة بالطلاق أو الإرث التي لم يكن فيها خلاف بين فقهي أهل السنة أو ما يطابق فقه أهل البيت(عليهم السلام)، نجد عمل وحُكم السطان نافذًا. لکن في الشؤون التي تتعلّق بالحقّ الإلهي للإمام كالقضاء أو إجراء الحدود، لم يكن حُكم السلطان نافذًا، لأنه لیس له اعتبار شرعي، بل إنّ الشيعة قد مُنعوا عن الرجوع إليهم في ذلك؛ إذ ذلك من مصاديق التحاكم إلى الطاغوت.

المصادر
Jeffery, Arthur. The Foreign Vocabulary of the Qur’ān. Edited by Gerhard Böwering and Jane Dammen Mcauliffe. 1 vols. Texts and Studies on the Qurʾān 3. Leiden-Boston: Brill, 2007.
Kramers, J.H., O. Schumann, and Ousmane Kane. “Sulṭān.” The Encyclopaedia of Islam - Second Edition. Leiden: Brill, 1997.


------------------------------------
[1]- راجع: الحر العاملي، إثبات الهداة، 1:5 و 21؛
[2] - راجع: آقا بزرك الطهراني، الذريعة، 1: 93 و 111 و 116 و 129 و 305 و 425 و 441 و 466 و 476 و 466 و 496 و 506 و 2: 209 و 305 و 506.
[3] الحر العاملي، وسائل الشيعة، 9: 192-193 و 251-254.
[4] م. ن. 15: 29-42.
[5] م. ن. 16: 220-221.
[6] م. ن. 27: 221-224.
[7] م. ن. 28: 49-52.
[8] راجع: م. ن. 17: 177-221 و 294-295.
[9]
[10] Kramers, Schumann, and Kane, “Sulṭān.” EI2 9:849.
[11] Jeffery, The Foreign Vocabulary of the Qur’ān, 176-77.
[12] عبد الباقي، المعجم المفهرس، 354-355.
[13] راجع مثلًا: الفراهيدي، كتاب العين، 7: 213.
[14] راجع: معمر بن راشد، جامع معمر بن راشد، 11: 320
[15] راجع: ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، 1: 25؛
[16] راجع: الواقدي، الردة، 46؛
[17] ابن سعد، الطبقات الکبری، 3: 217؛
[18] نجد في بعض النصوص التاريخية عن الوقائع الحادثة إثر تشديد الاعتراضات على عثمان وطلب خلعه من الخلافة، أنّ عثمان عندما واجه طلب ترك منصب الخلافة، قال: «ما كنت لأنزع قميصًا قمّصنيه الله، أو قال سربلنيه الله‏». (البلاذري، أنساب الأشراف، 5: 556.). نجد في فترة حُكم معاوية(41-60هـ) هذا الأمر جليًّا في خطبه حيث كان يبيّن للناس أنّ حُكمه مستندٌ إلى الله سبحانه، حيث كان يقول: « الأرض لله وأنا خليفة الله فما أخذتُ فلي، وما تركتُه للناس فبالفضل منّي». (م. ن. 5: 20).
[19] راجع: ابن سعد، الطبقات الکبری، 3: 271.
[20] المسعودي، مروج الذهب، 2: 343.
[21] ابن شبة، تاريخ المدينة، 3: 1144.
[22] راجع: ابن زنجويه، الأموال، 83-84.
[23] الطيالسي، مسند أبي داود الطيالسي، 2: 210.
[24] أحمد بن حنبل، مسند أحمد، 34: 79 و 135.
[25] ابن زنجويه، الأموال، 77؛
[26] الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة، 4: 159-160.
[27] ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، 2: 293؛
[28] الزبیر بن بکار، الأخبار الموفقیات، 308؛
[29] بارتولد، خلیفه و سلطان، 20.
[30] ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، 3: 280.
[31] Kramers, Schumann, and Kane, “Sulṭān.” EI2 9:849-50.
[32] الحر العاملي، وسائل الشيعة، 5: 251-252.
[33] راجع: م. ن. 6: 255 و 479 و 7: 219.
[34] م. ن. 6: 222-223 و 8: 104.
[35] م. ن. 8: 420-421.
[36] م. ن. 16: 134.
[37] م. ن. 8: 477.
[38] م. ن. 17: 181.
[39] م. ن. 16: 136.
[40] م. ن. 16: 127-128.
[41] م. ن. 17: 181-182.
[42] م. ن. 16: 220.
[43] م. ن. 3: 114.
[44] م. ن. 14: 565-566.
[45] م. ن. 20: 99.
[46] م. ن. 21: 277.
[47] م. ن. 22: 87-88 و 158.
[48] م. ن. 28: 52.
[49] م.ن. 27: 11.
[50] م. ن. 27: 13 و 136-137.
[51] م. ن. 27: 221.
[52] م. ن. 28: 18 و 38.
[53] م. ن. 17: 337.
[54] راجع: م. ن. 17: 335.
[55] م. ن. 17: 214-215.
[56] م. ن. 16: 220.
[57] م. ن. 16: 221.
[58] م. ن. 17: 213.
[59] م. ن. 17: 218.
[60] م. ن. 11: 141.
[61] م. ن. 9: 190 و 192-193 و 193؛ كذلك، راجع: 17: 219-220.
[62] م. ن. 19: 377.
[63] م. ن. 22: 286-287 و 348 و 349.
[64] راجع: م. ن. 5: 251-252.
[65] م. ن. 8: 477 و 478.
[66] م.ن. 8: 481.
[67] م. ن. 17: 314.
[68] م. ن. 17: 181.
[69] م. ن. 17: 181-182.
[70] م. ن. 11: 146 و 17: 178.
[71] م. ن. 9: 506 و 17: 188.
[72] م. ن. 11: 146-147.
[73] م. ن. 17: 191-192.
[74] م. ن. 15: 352.
[75] راجع: م. ن. 17: 180.
[76] راجع: م. ن. 17: 185 و 190-191.
[77] م. ن. 15: 29-30.
[78] م. ن. 17: 192.
[79] م. ن. 17: 196.
[80] م. ن. 17: 190.
[81] م. ن. 17: 198.
[82] م. ن. 17: 201.
[83] راجع: م. ن. 17: 207-212.
[84] م. ن. 17: 192.
[85] م. ن. 17: 192.
[86] نموذجًا لذلك، يُمن الإشارة إلى أنّ الحرّ العاملي في موضوع (صلاة الجمعة)، قد أتى ببابٍ يُفهم مِن عنوانه أنَ الصلاة الجمعة لم تكن واجبةً بحضور السلطان العادل، لكنّه تجب بحضور الإمام العادل (م. ن. 7: 309؛ كذلك، راجع: 311). وكذلك الخمس لا يكون تسليمه إلى السطان اختيارًا وطوعًا مجزيًا مبرئًا للذمّة لأنّ ذلك من حقوق الإمام(عليه السلام) واختصاصاته، (م. ن. 9: 251-255).