مع قطع النظر عن وجه تسمية علم العقائد بـ«علم الكلام» من أنّه علم بحث في الوهلة الأولى عن صفة الكلام عند الله تعالى، أو لكون القدماء كانوا يبدأون بحوثهم بقولهم: «الكلام في كذا»، أو لكونه يبتني على التكلّم والجدل والمناظرة، أو لاستحكامه بالأدلة والبراهين القطعية كما يقال في الرأي التام المستحكم: «هذا هو الكلام»، أو لأيّ سبب آخر ... يبقى هو العلم الوحيد المتكفّل لبيان العقائد والدفاع عنها.
ورغم ما شهده هذا العلم من تغييرات منهجية في مسيرة حياته، واندماجه ببعض العلوم الاُخر كالفلسفة والعرفان على يد بعض العلماء، ورغم ظهور الموجة التجديدية الكلامية الحديثة، تبقى الحاجة ملحّة إلى تسليط الضوء عليه وعلى مسائله ومناهجه وأهدافه وغاياته، سيما ونحن نعيش الثورة المعلوماتية، وما أنتجت من عولمة الشبهات والتشكيكات نحو الدين والعقيدة.
ومن هذا المنطلق جاءت مجلة (العقيدة) لتسلّط الضوء على مسائل علم الكلام والعقيدة، بالاعتماد على البرهان العقلي الصريح المستمد هداه من الثقلين اللذين خلّفهما رسول الله (ص)
لضمان الاُمة وردعها عن الضلال، ولتسدّ الفراغ الموجود في المكتبة الإسلامية من خلال بحوث ودراسات علمائنا الأعلام.
تهدف مجلة العقيدة إلى:
1- ترسيخ العقيدة والدفاع عنها.
2- رد الشبهات المثارة حول الدين والمذهب.
3- إبراز دور العقيدة في الحياة الاجتماعية.
4- فتح باب الحوار والمناظرة الهادفة.
وأخيراً .. فنحن حينما نتكلّم عن "العقيدة" لا ندعو إلى الطائفية وبث الفرقة، بل بنفس الوقت ندعو إلى وحدة الكلمة ورصّ الصفوف أمام العدو، إذ نعتقد بإمكان التعايش الاجتماعي ووحدة الخطاب السياسي رغم الخلاف العقدي، وذلك أنّنا ننطلق من المبدأ الذي أسّسه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «الناس .. صنفان: إمّا أخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق» [نهج البلاغة / عهد الأشتر].
فمجال العقيدة هو مجال الفكر والنظر والمناظرة، ومجال المجتمع هو مجال الأخوة والسلم والتعايش وبنفس الوقت اتباع أحسن الأقوال، كما قال تعالى : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ الله وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [الزمر: 17-18].