البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

تأسيس علم الكلام الإسلامي عند الإمام أمير المؤمنين​ (عليه السلام)

الباحث :  د. حسين حمزة شهيد
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  18
السنة :  شهرشوال 1440هـ / 2019م
تاريخ إضافة البحث :  July / 9 / 2019
عدد زيارات البحث :  2464
تحميل  ( 697.428 KB )
لا يخفى على الباحثين في الفكر الإسلامي تعدد الاتجاهات الفكرية التي كانت سائدةً في زمن الأئمة (ع)، والسبب في ذلك إنما يرجع إلى اختلاف طبيعة الأجوبة التي قدمت من قبل المفكرين سواءً كانوا فلاسفةً أو متكلمين أو فقهاء، لمعالجة المشكلات المطروحة على ساحة البحث في تلك الفترة. وهذا التنوع إنما يرجع إلى طبيعة المرجعيات التي يستقي المفكر أو العالِم أجوبته منها، وهذه المرجعيات تنوعت بين مرجعياتٍ داخليةٍ ناشئةٍ داخل الوسط أو البيئة الإسلامية، يقف في مقدمتها القرآن الكريم والسنة النبوية وتراث أئمة أهل البيت (ع)، وثانيا تراث المذاهب الكلامية والتي نشأت نتيجةً لمشكلاتٍ معروضةٍ داخل الساحة الإسلامية كمشكلة الإمامة ومشكلة خلق القرآن وغيرها من المشكلات الأخرى، وبين مرجعياتٍ خارجيةٍ دخيلةٍ على البيئة الإسلامية مثل الفلسفة اليونانية التي انتقلت إلى الوسط الإسلامي عن طريق كتب الترجمة لكتب فلاسفة اليونان أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو وأفلوطين.
ومن بين العلوم العقدية التي نشأت في البيئة الإسلامية هو (علم الكلام)، الذي حاول من خلاله علماء الإسلام الدفاع عن العقيدة الإسلامية في مقابل الديانات والمذاهب الوافدة على الإسلام من يهوديةٍ ومسيحيةٍ وغيرها.
ثمة إشكاليةٌ تتعلق بنشأة هذا العلم، حيثٌ يذهب البعض من مفكري الإسلام إلى أن المعتزلة –بوصفهم أحد المذاهب الإسلامية- هم أول من وضع أصول علم الكلام، واستدلوا بحادثة انعزال واصل بن عطاء عن مجلس أستاذه الحسن البصري لاختلافهم في الحكم على فاعل الكبيرة، في الوقت الذي يذهب الفريق الآخر وهم (الإمامية) إلى أنهم هم أول من صاغ موضوعات هذا العلم.
ويحاول الباحث هنا أن يقف على هذه الإشكالية بدراسته لموضوعات هذا العلم عند الإمام أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) (ع) بوصفه مؤسساً له، وبطلان دعوى الفريق الآخر القائل بأن المعتزلة هم مؤسسو هذا العلم، انطلاقاً من مسلَّمةٍ بديهيةٍ وهي أن الأئمة (ع) لم يكونوا بمعزلٍ عن هذه المذاهب والتيارات الفكرية انطلاقاً من كونهم سادة الخلق وحجج الله عليهم، من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، أنهم كانوا على وعيٍ تامٍّ لما يتركه هذا التنوع بين المذاهب من أثرٍ في نفوس المسلمين وفي توجهاتهم الفكرية، خصوصاً وأن معظم الأبحاث التي تعرضت لها هذه المذاهب تمس صميم العقيدة الإسلامية كمشكلة الإمامة مثلاً ومشكلة خلق القرآن، ومشكلة الخلق.
وانقسم البحث على مبحثين وخاتمةٍ، عرضتٌ في المبحث الأول تعريفاً بعلم الكلام وبيان موضوعاته، فضلاً عن مشروعية البحث الكلامي كمقدمةٍ ضروريةٍ للبحث، أما المبحث الثاني فدرستُ فيه أهم الموضوعات الكلامية التي حددها الإمام أمير المؤمنين (ع)، وخصوصاً في كتابه القيم (نهج البلاغة)، ومنها موضوعات التوحيد وصفات الله سبحانه وتعالى، والعدل،، وغيرها من الموضوعات التي شكلت في ما بعد أبحاثًا أساسيةً لهذا العلم. 

المبحث الأول/ مشروعية البحث الكلامي:  
يذهب بعض الباحثين إلى أن علم الكلام* يُعد فلسفة الإسلام على الحقيقة، تلك الفلسفة التي اتسمت بالأصالة والإبداع، إذ ارتبط علم الكلام ارتباطاً وثيقاً بالمشكلات الدينية والسياسية والثقافية التي أفرزها الواقع الإسلامي في تطوره، وحاول من خلال اجتهاداته في العقيدة أن يقدم حلولاً لهذه المشكلات، كما أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن العقيدة[1]، واقتضت مهمته الدفاعية أن يستعين بكل ثقافةٍ ممكنةٍ لإبراز ما كمن في الدين من قيمٍ إيجابيةٍ تقف في مواجهة هذه التيارات، واستطاع بحقٍّ أن يكون من خلال اجتهاداته حول العقيدة  «فلسفة للعقيدة» اتسمت بالعقلانية في كثير من جوانبها[2]. ولم يكن الواقع الإسلامي السبب الوحيد في تشكل مباحث علم الكلام، بل  كان لالتقاء حضارة الإسلام بالحضارات المختلفة أثرٌ كبيرٌ في تزكية مباحثه، فسرعان ما قام الداخلون في الإسلام بدورٍ سياسيٍّ وثقافيٍّ واجتماعيٍّ ملحوظٍ طبع الحياة الإسلامية بطابع الجدل والمناظرة والوصول إلى الحقيقة تتجلى فيه التأثيرات المختلفة لما عرفه المجتمع وقتئذٍ من ألوان الثقافة وضروب التفكير[3].
إذ أخذت بيئة المجتمع الإسلامي في التغير بفعل الأجناس المختلفة التي دخلت الإسلام وهي تحمل معها ألوانا من حضارتها الأصلية وطرائق تفكيرها وأساليب جدلها الديني[4].
وقد انطلق متكلمو الإسلام من القرآن الكريم في أثبات مشروعية النظر العقلي،  وإثبات حجيتهم في الدفاع عن العقيدة، ونقد ورفض المخالفين، وقد استدلوا بكثيرٍ من الآيات القرآنية التي تدعو إلى التأمل والتدبر والتفكير والجدل، فمن آيات التأمل والتدبر: قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ﴾[5]، وقوله عز وجل: ﴿فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ﴾[6]، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾[7]. وقد حث القرآن الكريم على إعمال العقل والنظر في العالم بقوله تعالى: ﴿أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۢ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ﴾[8].
وإذا كان القرآن قد حث العقول على تدبر ما في الكون من آياتٍ ودعا إلى إعمال العقل صراحةً من أجل الوصول إلى الإيمان[9]، فانه في الوقت نفسه لم يُحرّم الحوار والمناظرة مع المخالفين له سواءً أكانوا من أهل الكتاب أم من الكافرين والمشركين بإطلاقٍ، بل إن القرآن قد دعا المسلمين إلى مثل هذا الحوار وشجّع عليه ووضع له أصولاً ومبادئَ تتبدى لنا في آيات كثيرةٍ[10]، ومن ذلك من خلال قوله تعالى ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾[11] وكذلك قوله تعالى في مناظرة أهل الكتاب: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ﴾[12].
ومثل هذه الآيات وغيرها كانت سبباً في إذكاء جذوة البحث والجدل وتزكية مباحث العقيدة. ولكن مثل هذا القول لا يعني أن القران الكريم كتابلإ جدليلإّ، وأن دعوته إلى الأيمان قائمةٌ على أساسٍ جدليٍّ[13]، أنما هو يُشير إلى ما يمكن أن يتبع سبيلاً في الحوار إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك[14]، كما أنها حملت المسلمين على البحث في حقيقة العقائد الأخرى للوقوف على الفرْق بينها وبين العقيدة الإسلامية وللرد على تلك العقائد في الوقت نفسه، والقرآن نفسه وجّه نقداً إلى مختلف تلك العقائد، فنقد المجوس والنصارى واليهود ومنكري النبوات والدهرين وسواهم، ونهج في نقده نهجاً عقليّاً في اتجاهين رئيسين[15]: نقدٍ عقديٍّ أي ميتافيزيقيٍّ، وآخرَ أخلاقيٍّ اْجتماعيٍّ، ولذلك اتسمت أبحاث المسلمين وكتبهم المختلفة بهذه السمة النقدية[16].
وقد اشتمل القرآن الكريم من صور الأدلة والبراهين، على ما يمكن الرد به على مخالفيه من الطاعنين في الإسلام وعقائده لبيان أحقية الإسلام وضلال معتقداتهم. صحيحٌ أنّ القرآن لا يؤلف برهانه تأليف المنطقي من مقدمة كبرى ومقدمة صغرى ونتيجةٍ، ولا يتعرض لألفاظ المنطق والفلسفة التي تستعمل في أنساق البراهين المنطقية، ولا يثير المشاكل العقلية ويفصّلها ويبني عليها[17]، لكنه احتوى الحجج التي تدحض عقائد مخالفيه، فكان ذلك من العوامل المهمة التي حفّزت المسلمين إلى البحث في العقائد وكيفية الدفاع عنها بوجه العقائد المخالفة لها[18]. وكان للآيات المتشابهة دورٌ كبيرٌ في تزكية الجدل بين المسلمين وإثارة الخلاف حول مسائل العقيدة، وفي نطاق التقابل الظاهري بين الآيات التي وقع الخلاف فيها كآيات الذات والصفات التي يوحي بعضها بالتنزيه وبعضها بالتشبيه، والآيات التي يوحي بعضها بالجبر وبعضها بالاختيار[19].
ومن هنا نجد أن القران الكريم، كان المصدر الأساس الذي استمد منه المتكلمون دافع البحث والمناظرة والجدل، بما تضمنته بعض آياته الكريمة التي تدفع بالإنسان إلى البحث والمجادلة، والتفكر والتدبر، فضلاً عن العديد من الضرورات التاريخية التي قد ألحت على المسلمين عامةً، ومتكلميهم على وجه الخصوص، لدفعهم باتجاه الانفتاح على البحث العقلي الكلامي، ومنها انفتاحهم على حضارة اليونان التي تمثل أنموذجاً واضحاً من خلال حركة الترجمة السريعة لتراثهم العلمي، لا سيما ما يتعلق بالمنطق والفلسفة، فضلاً عن بروز حركة الإلحاد والزندقة في الوسط الإسلامي، الأمر الذي تطلب تنمية الحس النقدي من أجل الحفاظ على العقيدة الإسلامية.
وقد تحمل الائمة (ع) مسؤولية الكشف عن الأسس المشكلة للعقيدة كخطوةٍ أولى تستلزم بعدها بناء منهج إثباتها والبرهنة عليها ليتم بالتالي تقديمها إلى متلقيها من أهل العقيدة أو مناوئيها، ويمكن إرجاع هذا الدور الذي اِضطلع به الأئمة لعدة أسبابٍ نذكر منها[20]:
1. تركيز الخطاب العقائدي القرآني القائم على تأكيد حجية العقل ومساحة فاعليته في الفكر الإنساني عموماً وكونه مناطاً للتكليف خصوصاً.
2. شيوع البحث العقلي عند المسلمين بعد النبي (ص) والموقف الدفاعي الذي كان لا بدً من اتخاذه أمام العقائد والملل والأفكار المضادة القادمة من خارج الحدود الإسلامية أو المتجذرة داخلها
3. ظهور اتجاهٍ ينحدر من أصولٍ تعود إلى الصحابة والتابعين يقوم على التعبد بظواهر النصوص والابتعاد عن الخوض في المجادلات والنظر والبحث عن تأويلات وتفسيرات للعديد من القضايا العقائدية.
4.بروز اتجاهٍ آخرَ مهمٍّ وله خطورةٌ كبيرةٌ ذات تأثيرٍ واضحٍ في ما بعد نتج عن اختلاف الفرق في فهمهما النص القرآني، ومن ثم إخراج النص القرآني من مرجعيته ومحاولة إخضاعه لما يوافق الآراء المذهبية ليعود ذلك تطبيقاً أبعد ما يكون عن التفسير للنص.
وقد تصدى الإمام علي بن أبي طالب (ع) لهذه المهمة الجلية بوضع أسس الكشف عن منظومة العقائد الإسلامية الكلامية من خلال التعرف عليها وبلورة مفاهيمها انطلاقا من النص القرآني، وكان من أهم ملامح هذا التصدي عنده[21]:
1. أسبقيته (ع) إلى تأويل ظواهر الكتاب وتحكيم العقل في الدفاع عن الدين، والتوفيق بين العقل وظاهر الشرع.
2. بيان ملامح العقيدة والمنظور القرآني لا سيما في ما ورد عنه من الروايات التي بلغت المئات وتضمنتها كتب التفسير والعقائد، واشتمل نهج البلاغة على الكثير منها مما يتناول الحكمة والمباحث التوفيقية ومفاهيم العدل والتوحيد.
وللإمام علي (ع) فضل رجوع اتجاهات البحث الكلامي كافةً إليه في أصولها المعتمدة من فهم النص القرآني بحيث صار «جميع ما أسهب المتكلمون من بعده في تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيلٌ لتلك الجمل وشرحٌ لتلك الأصول»[22].

المبحث الثاني/ المباحث الكلامية عند الإمام علي (ع):
المطلب الأول / مبحث الألوهية:
يعتبر مبحث الألوهية من أقدم المباحث الفلسفية والكلامية التي شغلت عقول الفلاسفة والمتكلمين على السواء، ويتعلق البحث فيه لعدة محاور تتمثل في معرفته تعالى وإثبات وجوده وتوحيده فضلاً عن صفاته.
ولم يكن الأئمة ومنهم الإمام أمير المؤمنين (ع)  بعيدين عن أهمية وخطورة هذا المبحث وما يترتب عليه من إيمان الإنسان أو عدم إيمانه الذي يقوده الكفر والإلحاد، خصوصاً وأن عصر الإمام هو عصر بداية الدعوة الإسلامية، ذلك العصر الذي كان يغص بالكفرة والمشركين، الأمر الذي تطلب من الإمام عليٍّ (ع) أن يجعل خطبه مليئةً بمفردات هذا المبحث وهو ما نقف عليه في النقاط الآتية:

أولاً: معرفة الله تعالى وتوحيده:
اعتمد أمير المؤمنين (ع) عباراتٍ مقتضبةً عميقةَ المعنى بحيث قدم صورةً عن الحق تبارك وتعالى لا يمكن الإتيان بأحسن منها ولو جمعنا كافة دروس التوحيد والمعارف إليها وجعلنا بعضها إلى جانب البعض الآخر، فإنها تعجز عن رسم تلك الصورة.
فقد ذكر (ع) في إحدى خطبه خمس مراحل لمعرفة الله يمكن إيجازها في ما يلي:
1ـ المعرفة الإجمالية والناقصة 2ـ المعرفة التفصيلية 3ـ توحيد الذات والصفات   4ـ الإخلاص 5ـ نفي التشبيه.  
قال (ع) مبتدأ «أول الدين معرفته»[23]، لا شك أن الدين هنا يعني مجموعة العقائد والواجبات والوظائف والأخلاق، ومن المعلوم أن دعامتها الأساسية هي (معرفة الله)، وعليه فمعرفة الله تمثل الخطوة الأولى على الطريق من جانبٍ والمحور الرئيسي لكافة أصول الدين وفروعه من جانبٍ آخر، وليس لهذا الدين من حيويةٍ دون هذه المعرفة، فمعرفته تعالى هي أساس الطاعة والعبادة، فما لم يُعرف لا يُمكن أن يُطاع، ولا تتم معرفته ما لم يذعن العبد ويحكم بوجوب وجوده[24].
والنقطة الأخرى المفروغ منها هي أن المعرفة الإجمالية قد أُودعت فطرة الإنسان ولا تتطلب أدنى تبليغٍ بهذا الشأن، وإنما بعث الأنبياء لإبدال هذه المعرفة الإجمالية بتلك المعرفة التفصيلية الكاملة المتقنة وإغناء جوانبها وتطهير الفكر البشري من أدران الشرك وأرجاسه، ثم قال (ع): «وكمال معرفته التصديق به»[25]، هنالك عدة تفاسير للفارق بين التصديق والمعرفة، بادئ ذي بدء المراد هنا بالمعرفة هي المعرفة الفطرية، والمقصود بالتصديق المعرفة العلمية والاستدلالية، أو أن المراد بالمعرفة هنا المعرفة الإجمالية، والمقصود بالتصديق المعرفة التفصيلية. أو أن المعرفة تشير إلى العلم بالله والتصديق يشير إلى الإيمان، لأن العلم لا يفارق الإيمان، فالإنسان قد يوقن بشيءٍ إلّا أنه لا يؤمن به قلبيّاً، بمعنى التسليم له والإذعان به قلبياً، أو بتعبيرٍ آخرَ الاعتقاد به، وأحياناً يضرب الفضلاء مثلاً لانفصال هذين الأمرين عن بعضهما، فيقولون: إن اغلب الأفراد يشعرون بالهلع ولا سيما في الليلة المظلمة حين البقاء إلى جانب ميتٍ في غرفة خاليةٍ، وعلى الرغم من علمهم بأنه ميت، لكن كأن العلم لم ينفذ إلى أعماقهم ويتسلل إلى قلوبهم، فلم يحصل ذلك الإيمان المطلوب وبالتالي فقد تمخض عن هذا الهلع والخشية. وبعبارةٍ أخرى فان العلم هو تلك المعرفة القطعية بالشيء، إلا أنها قد تكتسب صبغةً سطحيةً فلا تنفذ إلى أعماق وجود الإنسان وروحه، فإذا نفذت إلى أعماقه وبلغت مرحلة اليقين بحيث أذعن الإنسان بذلك قلبيّاً، فان ذلك العلم يكتسب صفة الإيمان.
ثم قال (ع) في المرحلة الثالثة «وكمال التصديق به توحيده»، فما لا شك فيه هو أن الإنسان لم يبلغ مرحلة التوحيد الكامل على أساس معرفته التفصيلية لله أو بتعبيرٍ آخرَ بالمعرفة القائمة على أساس الدليل و البرهان[26].
فالتوحيد التام في أن ينزه الذات الإلهية عن كل شبهٍ ومثيلٍ ونظيرٍ. وذلك لأن من جعل له شبيهًا وصنوًا لم يعرفه، فالله وجودٌ مطلقٌ غنيٌّ بالذات عما سواه وليس كمثله شيءٌ، ومن طبيعة الأشياء التي لها أشباهٌ وأمثالٌ أن تكون محدودةً، لأن أي من الشبيهين منفصلٌ عن الآخر وفاقدٌ لكمالاته.
وقد جعل الإمام (ع) توحيد الباري عز وجل أصلًا لمعرفته، يقول: «أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفته توحيده، ونظام توحيده نفي الصفات عنه»[27].
إذًا فالإنسان لا يبلغ مرحلة الكمال إلا بالتصديق بذاته المنزهة في أنه واحدٌ، واحدٌ لاعن عددٍ، بل واحدٌ بمعنى خلوه من التشبيه والمثيل.
ثم ينتقل الإمام (ع) إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة الإخلاص فيقول «وكمال توحيده الإخلاص له» والإخلاص من مادة الخلوص بمعنى تصفية الشيء عن الغير، بمعنى التصفية والتنزه[28].  
وهذا يعني بأن كمال التوحيد يكون بالإخلاص له، وهو إما جعله خالياً عن النقائض وسلب الجسمية والعرضية وأمثالها عنه،أو الإخلاص له بالعمل، وكمال هذا الإخلاص هو  نفي الصفات الزائدة عنه تعالى، على ما يتضح في مبحث الصفات[29].

ثانياً/ إثبات وجوده تعالى:
يكاد يُجمع المفكرون على أن وجود الله من الأمور الفطرية والبديهية التي يؤمن بها الإنسان، لكن عندما يتعلق الأمر بالإنسان الملحد والمشرك، فإن القضية تحتاج إلى أدلةٍ وبراهينَ تثبت وجوده تعالى.
والمتمعن في خطب الإمام أمير المؤمنين (ع) يجد أنه قد أشار إلى بعض من الأدلة التي أعتمدها الفلاسفة والمتكلمون، ومنها :

أولاً/ دليل النظام والتدبير:
يعتبر دليل النظام والتدبير من أقدم الأدلة التي ساقها الفلاسفة لإثبات وجوده تعالى، وقد أشار إليه الفيلسوف اليوناني (أفلاطون)، ويتلخص هذا البرهان في إثبات غاية مراده لكل فعلٍ من أفعال الطبيعة، وفي هذا قال أفلاطون: «أما حكمته – حكمة الإله- فهي لا نهائيةٌ تظهر واضحةً في خلقه المتقن الصنع البديع الإحكام فهو قد شاء أن يضع عنصرَيِ الهواء والماء بين عنصرَي التراب والنار لكي يكون جسم الكون مفعماً بالجمال والاتساق، وقد صنع الإله العالم على هيئة دائرةٍ لأن هذا الشكل هو أجمل الأشكال الهندسية، وخلق لنا البصر لنلاحظ بواسطته جمال السماء، ومنحنا السمع لنصغي به إلى أصوات الطبيعة الهاتفة بمعاني الانسجام، وقد جعل رؤوسنا مستديرة لتشبه الكرة الكونية العامة التي ذكرناها في الدليل السابق أنها أجمل الأشكال، وذلك طبيعيٌّ لأن الرأس هو أشرف الجسم الإنساني وأهم جزء من أجزائه»[30].
وقد أشار الإمام علي (ع) إلى هذا الدليل بقوله «بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن والقضاء المبرم»[31]، وهذا المعنى فيه أشارةٌ إلى أن الإمام يستدل على وجود الباري جل شأنه بالنظر في المحسوسات ومخلوقات الله، وينتقل منها إلى المعقولات وهو ما يعرف بعلم المنطق بـ(الاستقراء)[32]. فالله موجودٌ ودليله ذاته وآياته وآثاره خلقه.

ثانياً/ دليل الوجود :
استخدم الإمام أمير المؤمنين هذا الدليل بطريقين:
الأول: هو الاستدلال عليه تعالى بالوجود نفسه، يقول ابن أبي الحديد: «أما أن تكون ماهيته هي الوجود نفسه، وأثبتوا وجود ذلك الوجود واستحالة تطرق العدم إليه بوجهٍ ما، استدلال عليه بالوجود نفسه، وهذه طريقة الفلاسفة، فإنهم استدلوا على أن مسمى الوجود مشتركٌ، وأنه زائدٌ على ماهيات الممكنات، وأن وجود الباري لا يصح أن يكون زائداً على ماهيته فتكون ماهيته وجوداً، ولا يجوز أن تكون ماهيته عاريةً عن الوجود، فلم يبق إلا أن تكون ماهيته هي الوجود نفسه، فلم يفتقروا في إثبات البارئ إلى تأملِ أمرٍ غيرِ نفس الوجود»[33].
الثاني: الاستدلال عليه بالموجود نفسه لا بالوجود نفسه، وهذا المعنى يقترب من دليل العناية والآثار، يقول ابن أبي الحديد: «كل ما يعلم بالبديهة ولا بالحس فإنما يعلم بآثاره الصادرة عنه، والباري تعالى كذلك، فالطريق إليه ليس إلا أفعاله فاستدلوا عليه بالعالم وقالوا تارة (يقصد المتكلمين): العالم محدثٌ، وكل محدثٍ له مُحدِثه...»[34]، وأشار الإمام إلى هذين المعنيين بقوله «ودلت عليه أعلام الظهور.....فهو الذي تشهد له أعلام الوجود»[35]، وأيضاً في إحدى مناجياته بقوله «يا من دل على ذاته بذاته»[36]، وقوله «اعرفوا الله بالله والرسول بالرسول»[37].
وهذا يعني أن الله سبحانه ظهر وتجلى لخلقه بذاته وبما أوجده من آثار صنعه، ولم يظهر لعيونهم، لأنه غيرُ مرئيٍّ، وإنما ظهر لقلوبهم بما أودعها من الحجج الدالة عليه، لذلك فإن الإمام (ع) يسفّه آراء الملحدين الذين جحدوا الصانع المدبر العالم القدير، وزعموا بأن العالم لم يزل موجودًا بنفسه لا بصانعٍ، اذ لا شيء خارجَ الطبيعة[38].

ثالثاً/ دليل الحركة:
يعرف بدليل (المحرك الذي لا يتحرك)، وهو الدليل القائم على أساس إثبات الحركة في الموجودات، فكل شيء في الوجود متحرك وهذا المتحرك لا بدً من وجود محرك له بدليل استحالة وجود الحركة فيه من ذاته، وهذا المتحرك الثاني بدوره متحرك ولا بد من وجود محرك له، وهكذا في المتحرك الثالث والرابع، إلى أن نصل إلى محرك أول للأشياء غير متحرك، بدليل استحالة التسلسل إلى ما لا نهاية لأنه يؤدي بنا إلى الدور[39].
وينسب هذا الدليل إلى الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي يعد واضعًا له والدليل مرتبطٌ باسمه، وتأثر به في ما بعد بعض فلاسفة المسلمين، ومنهم ابن سينا وابن باجة[40].
وقد أشار الإمام (ع) إلى هذا البرهان ولكن بأسلوبٍ آخرَ، وذلك عندما نفى عن الله تعالى الحركة والسكون لأنها معانٍ محدثةٌ، فلو حلت فيه لم يخل منها، وما لم يخل من المحدث فهو محدثٌ، ولا يجوز أن يجري عليه ما هو أجراه، يقول الإمام (ع) «ولا تجري عليه الحركة ولا السكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه»[41].

رابعاً/ دليل الحدوث:
وهو من أهم الأدلة التي أعتمدها الفلاسفة والمتكلمون في إثبات وجوده تعالى، ويعتمد هذا الدليل على فكرةٍ مفادها أن العالم حادثٌ، بمعنى أنه مخلوقٌ أو مصنوعٌ، وكل حادثٍ لا بدّ له من محدثٍ، بموجب قانون العلية ( كل معلولٍ لا بد من علةٍ له)، وقد أشار الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى هذا الدليل في إحدى خطبه بقوله: «الحمد لله الذي لا تُدركه الشواهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الدالّ على قِدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده»[42].
وهنا إشارةٌ واضحةٌ من قبل الإمام (ع) إلى أن الله سبحانه وتعالى قٌديم أزليٌّ سرمديٌّ، بدليل خلقه لموجودات الكون، كما أن وجود الكائنات الأرضية والسماوية بوصفها حادثةً مخلوقةً، تدلل على وجود خالقٍ محدثٍ لها، وذلك لافتقارها إلى صفة الخلق وعجزها عن ذلك.

ثالثاً: توحيد الله وصفاته (تجريد التوحيد):
التوحيد في اللغة هو الحكم بأن الشيء واحدٌ، والعلم بأنه واحدٌ، وفي الاصطلاح هو تجريد الذات الإلهية عن كل ما يتصور في الأوهام والأذهان. وللتوحيد معنيان: الأول هو القول أن الله تعالى واحدٌ لا يوجد في ذاته تغيُّرٌ ولا كثرةٌ وليس له أجزاء تجتمع فيتقوم منها، بل هو واحدٌ من جميع الوجوه، والثاني هو القول بإلهٍ واحدٍ لا شريك له مباينٍ للعالم، ومدبرٍ له، لأن الوجود الذي يوصف به لا يمكن أن يكون لغيره، خلافاً للثنوية القائلين بإلهين أو لأصحاب التكثير بتعدد الآلهة، لذلك قيل أن التوحيد هو معرفة الله بالربوبية والإقرار له بالوحدانية، ونفي الأنداد عنه جملةً.
وقد اتفقت كافة المذاهب الإسلامية على توحيده تعالى والإقرار بوحدانيته، وقد استدلوا على ذلك  بأدلةٍ عقليةٍ تارةً، ونقليةٍ تارةً أخرى، لكن مكمن الخلاف بينهم ينحصر بجزئيةٍ تتفرع من أصل التوحيد، وهي مشكلة الصفات، بمعنى هل إن هناك صفاتٍ يمكن أن يوصف بها الله سبحانه وتعالى أم لا؟ وإذا وجدت هذه الصفات، فهل هي عين الذات كما يعبر عنها أم هي خارجةٌ عنها؟.

وقد كان الأئمة (ع) على علمٍ بأهمية التوحيد كونه المنطلق الأساس في الأيمان وترسيخ عقيدة الإنسان، فضلاً عن كونه يمثل أصلاً من أصول الدين.
آمن الإمام عليٌّ (ع) بإلهٍ واحدٍ لا شريك له وعبّر عن ذلك باعتباراتٍ من الصفات الثبوتية والسلبية، فنفى عنه سائر الكيفيات بمعانيها الجسمية وأثبت له كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التوحيد المطلق، كما نزهه عن الكيفية كونها تتعارض مع توحيده تعالى ومع كونه واجبَ الوجوب بذاته، فمن نسب له كيفيةً ما، فقد جعله ذَا هيئةٍ وشكلٍ، ومتى كان كذلك كان جسمًا والإله منزهٌ عن الجسمية، ولقد فسر البحراني الكيفية بقوله: «هيئةٌ قارةٌ في المحل لا يوجب اعتبار وجودها فيه نسبةً إلى أمرٍ خارجيٍّ عنه، ولا قسمةً في ذاته ولا نسبةً واقعةً في أجزائه. وبهذه القيود يفارق سائر الأعراض».
كذلك فقد نزّه الإمام أمير المؤمنين الباري عن المثل والتشبه، لأن من جعل له مثلًا وشبهًا، لم يصب حقيقته، إذ إن كل ما له مثلٌ وشبهٌ فليس بواحدٍ وليس بواجب الوجود، وكل صورةٍ ترسم في الخيال عن الله، إنما هي ظلٌ وشبحٌ للجسم المحدود لا لله تعالى[43].                                                                                                                                               
ونزّهه عن الجهة لأن من أشار أليه إنما أثبت له جهةً معينةً وحكم عليه بما هو من خواصِّ الأجسام، والضرورة تقتضي بأن كل ما هو في جهةٍ، فإما أنْ يكون لابثًا فيها أو متحركًا عنها فهو لا ينفك عن الحوادث، وكل ما لا ينفك عن الحوادث فهو حادثٌ فلا يكون واجبًا وهذا خلفٌ، كذلك يفعل من توهمه أو تخيله في صورة أو هيئَةٍ أو شكلٍ، من ذلك قوله (ع): «ما وحده من كيفيه ولا حقيقته أصاب من مثّله، ولا إيّاه عنى من شبّهه، ولا صمده من أشار إليه»[44].
وإذا كان الله واحدًا متفردًا بذاته، لا شبه له ولا مثل ولا كيف فهو من هذه الناحية «...ولا يوصف بشيء من الأجزاء ولا بالجوارح والأعضاء ولا بعرض من الأعراض ولا بالغيرية والأبعاض ولا يقال له حد ولا نهاية ولا انقطاع ولا غاية، ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه. أو أن شيئا يحمله فيميله أو يعدله، ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج»[45].
وهكذا فقد انتفى كونه تعالى جسمًا مركَّبًا، لأنه لو كان مركَّبًا لافتقر إلى أجزائه، ومن كان كذلك، فهو ممكنٌ، لكنه سبحانه واجب فاستحال أنً يوصف بشيءٍ من الأجزاء، كما استحال أن يوصف سبحانه بعرضٍ من الأعراض كما تقول الكرامية[46]، «لأنه لو حله العرض لكان ذلك العرض ليس بأن يحل فيه أوّلَ من أن يحل هو في العرض، لأن معنى الحلول، حصول العرض في حيز المحل تبعًا لحصول المحل فيه، فما ليس بمتحيز لا يتحقق فيه معنى الحلول، وليس بأن يجعل محلًا أوْلَ من أن يجعل حالا»[47].
كما استحال كونه ذا مقدارٍ محدودٍ أيْ إنه تعالى غيرُ متناهي الذات، لأنه جل شأنه ليس بجسمٍ وكانت النهاية من لواحق الأشياء ذوات المقادير، ويفسر ابن أبي الحديد ذلك بقوله: «إن ذات البارئ تعالى غيرُ متناهيةٍ، لا على معنى أن امتداد ذاته غيرُ متناهٍ فإنه سبحانه ليس بذي امتدادٍ، بل بمعنى أن الموضوع الذي يصدق عليه النهاية ليس بمتحققٍ في حقه سبحانه، فقلنا أن ذاته غير متناهيةٍ كما يقول المهندس: إن النقطة غيرُ متناهيةٍ، لا على أن لها امتدادًا غيرَ متناهٍ فإنها ليست بممتدة أصلاً، بل على معنى أن الأمر الذي تصدق عليه النهاية وهو الامتداد لا يصدق عليه فإذًا صدق عليها أنها غيرُ متناهيةٍ»[48].
ولا يجوز عليه العدم ولو جاز عليه ذلك لكان وجوده الآن متوقفًا على عدم سبب عدمه، وكل متوقفٍ على الغير فهو ممكنٌ، والله سبحانه واجبٌ فاستحال عليه العدم، فالله «موجودٌ لا بعد عدمٍ»[49].
كما لا يجوز كونه عرضًا حالًّا في المحل، لأنّ كلَّ حالٍ في الأجسام ممكنٌ، أو أن يكون محلًّا لشيءٍ، لأن هذه من لوازم الجسمية المنزه عنها تعالى. فالله سبحانه لا متحيزٌ ولا حالٌّ في المتحيز، ومن كان كذلك استحال حصوله في جهةٍ ما، فلو كان تعالى حالًّا في غيره لزمه الإمكان فلا يكون واجبًا، وهذا خلفٌ[50].
وقد جسد الإمام علي (ع) هذا المعنى عندما تحدث في إحدى خطبه عمّا أسماه (بتجريد التوحيد)، ويقصد به المعنى الخالص للتوحيد الذي ينتفي أمامه أيُّ شكٍ في بعض التشبيه، يقول (ع) «لا دين إلا بمعرفةٍ ولا معرفة إلا بتصديقٍ ولا تصديق إلا بتجريد التوحيد ولا توحيد إلا بالإخلاص ولا إخلاص مع التشبيه ولا نفي مع إثبات الصفات ولا تجريد إلا باستقصاء النفي كله، إثبات بعض التشبيه يوجب كل التوحيد ببعض النفي دون الكل...»[51].
وهكذا فقد سلب الإمام عليٌّ (ع) عن الله تعالى كلَّ معنًى دالٍّ على التجسيم، إلّا أنَّ نفي الصفات السلبية هذه لا يعني عدم تحققها فيه تعالى وإلا لزم التعطيل، إن وجودها فيه لا يكون بدلالة المفهوم المتكثر، بل باعتبارها متحققةً تحقق الذات الواجبة، فالكبر والعظمة مثلًا، هما بالنسبة إلينا مقدارٌ وكمٌّ ممتدٌّ في الجهات الثلاث طولًا وعرًضا وعمقًا، فيحصل كبير الجسم وعظيمه، أما الله جل شأنه، فهو منزهٌ عن هذه الأبعاد، هو كبيرٌ شأنًا وعظيمٌ قدرًا.

 المطلب الثاني / العدل الإلهي:
العدل هو تنزيه الله  تعالى عن فعل القبيح، ويقابله الظلم، وهو أصل الشقاء والبلاء، والعدل صفةٌ كريمةٌ من صفات الباري جل وعلا، يقول الإمام (ع): «العدل الذي لا يجور»[52].
والعدل هو من أميز صفات الله سبحانه وتعالى فلا يصدر عنه ما يتنافى وعدله وإنصافه، بل كل ما في الوجود ينم عن ذلك لمكان اتقائه وكونه على مقتضى العدل ونواميس الصلاح والحكمة والأغراض السامية، فضلاً عن أن العبث يقدح في عدل الله تعالى، واللطف بعباده يلزم عليه عقلاً، إذ لا سبيل إلى الامتثال بأوامره ونواهيه ما لم يعمل على إزالة مختلف العوائق والحواجز المانعة من ذلك حتى لا يكون للعبد حجةً في ترك الامتثال له علماً بأن وضع القوانين والأنظمة من الله ضروريٌّ لمصلحة العباد في الدارين، إذ لا يعقل من الله الخبير اللطيف أن يترك عباده بلا دليل يرشدهم إلى طريق الحق والصواب، فالتكليف حاصل بدليل قول الإمام علي (ع) «الذي خلق الخلق لعبادته، وأقدرهم على طاعته، بما جعل فيهم».
وهذا المعنى يدخل ضمن باب نظرية المصلحة، القائمة على أساس أن الباري جل شأنه لم يخلق الخلق عبثاً على وجه يخلو من الحكمة، ولم يتركه متخبطاً في معمياته، بل خلق ما خلق على وفق النظام الكلي ومصلحة العباد فضبط أعمالهم وكتب آجالهم في كتابه المبين إلى يوم الدين[53].
وقد أشار أمير المؤمنين إلى هذا المعنى بقوله «الذي صدق في ميعاده وارتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه»[54].
وتتفرع عن مسألة العدل الإلهي ما تعرف بعلم الكلام بـ(نظرية الحسن والقبح) التي طالما اختلفت المذاهب الكلامية في تفسيرها[55]، وقد تحدث الإمام علي (ع) كثيراً، فطالما كان يمدح العقل ويرفع من شأنه ويخاطب الإنسان العاقل بقوله «كفاك من  عقلك ما أوضح لك سبل غيك من رشدك»[56].
فالعقل قادر على التمييز بين الخير والشر، والحسن والقبح بحكم الفطرة الإلهية، لذلك فقد اعتبره من أبلج المناهج وأقوم المسالك ومن أترشد بغيره، فقد ضل سواء السبيل، يقول (ع) «من أسترشد غير العقل، أخطأ منهاج الرأي»[57].

المطلب الثالث/ الجبر والتفويض:
تعتبر هذه المشكلة الكلامية من أكثر المشاكل تعقيداً وأوفرها بحثاً ودراسةً، وسميت بمشكلة (القضاء والقدر)، وافترقت المذاهب الإسلامية إزاء هذه المشكلة إلى فريقين: الأول يمثله الجبرية، وعلى رأسهم جهم بن صفوان يقولون: «إن الإنسان لا يقدر على شيءٍ ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبورٌ في أفعاله، لا قدرة له، ولا إرادة، ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات وتنسب الأفعال مجازاً كما تنسب إلى الجمادات...»[58].
أما الفريق الآخر ويمثله -المعتزلة والأمامية– فيذهب إلى إقرار حرية الإرادة الإنسانية، فقد أتفقوا على أن العبد قادرٌ خالقٌ لأفعاله خيرها وشرها، مستحقٌ على ما يفعله ثواباً وعقاباً في الدار الآخرة[59].
أما المذهب الإمامي، فقد سار رجالاته على آراء أئمتهم، حيث يعتبر الإمام عليٌّ (ع) أول من خاض فيها من المسلمين بعد النبي (ص)، وقد سلك الإمام سبيل الوسط بين الجبر والتفويض، وقال بالمنزلة بين المنزلتين، ويستشف هذا الأمر من خلال أحاديثَ كثيرةٍ ينفي فيها الإمام القول بالجبر والتفويض، نذكر منها الخبر المروي عنه (ع)، حين سأله عباية بن ربعي الأسدي عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل، فقال له الإمام: سالت عن الاستطاعة تملكها من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية، فقال له أمير المؤمنين (ع): قل يا عباية، قال: وما أقول؟ قال: إن قلت أنك تملكها مع الله قتلتك، وإن قلت تملكها دون الله قتلتك، قال عباية: فما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال (ع): تقول تملكها بالله الذي يملكها من دونك، فإن يملّكها إياك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملكك والقادر على ما عليه أقدرك، أما سمعت الناس يسألون الحول والقوة حين يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله. قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال (ع): لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله، قال: فوثب عباية فقبل يديه ورجليه[60]
ويبين الإمام علي (ع) خطورة وأهمية البحث في هذا الموضوع عندما سأله أحدهم عن القدر فقال: «بحرٌ عميقٌ فلا تلجه..... وبيتٌ مظلمٌ فلا تدخله.... وسر الله فلا تبحث عنه»[61]، وقوله عندما سأل عن الجبر «لو كنت مجبوراً ما كنت محموداً على إحسان، ولا مذموماً على إساءة، وكان المحسن أولى باللائمة من المسيء، ثم قال: أصبحت مخيراً فان أقلب السيئة بمكان الحسنة فأنا المعاقب عليها»[62].
وقد سار أبناء الإمام (ع) وأحفاده على نهجه بالاستطاعة، فقد عرف عن الإمام  الرضا (ع) حين سُئل عن الجبر والاختيار قوله: «إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمراً فلا يكون» فسئل هل بين الجبر والقدر منزلةٌ ثالثةٌ؟ فأجاب: نعم، أوسع مما بين السماء والأرض[63].
وذلك يعني أن الإمام الباقر (ع) ينفي الجبر على الإطلاق، وينفي الاختيار على الإطلاق، ويضعهما على طرفي نقيض، ويحاول أن يجد حلاًّ وسطاً بينهما أو منزلةً طرفاها متناقضان هما الجبر والاختيار، وهذه المنزلة التي تعبّر عن الحد الأوسط لم يجعلها الإمام معياريةً، بل نسبيةً لقوله أن تلك المنزلة أوسع مما بين السماء والأرض.
وكذلك الإمام الصادق (ع) كما كان عند أبيه الباقر، فكان يفضل أوسط الأمور، فقال في الجبر والاختيار: «إن الله تعالى أراد بنا شيئاً، وأراد منا شيئاً، فما أراده بنا طواه عنا، وما أراده منا أظهره لنا، فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا». ويضيف الشهرستاني إلى ذلك معلقاً بقوله: «وهذا قولٌ في القدر هو أمرٌ بين أمرين، لا جبر ولا تفويض»[64].
ومن هنا سار الإمامية على نهج أئمتهم (ع) وجمعوا بين قدرة الإنسان واختياره في أفعاله وعموم سلطان الله تعالى وتقديره، وذلك بالبناء على كون الإنسان قادراً على الفعل وفاعلاً له باختياره، إلا أنه لا يخرج عن سلطان الله عز وجل، بل هو جل شانه الذي اقدره، وكل ما يفله بأذنه ومشيئته وقضائه وقدره[65].

المطلب الرابع/ المعاد (الثواب والعقاب):
يعتبر هذا المبدأ من الأصول المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية من حيث إن الإنسان يثاب ويحاسب على أعماله في الحياة الدنيا، لكن الخلاف بينهم حصل في بعض الجزئيات التي تتفرع عن هذا الأصل ومنها، الحكم على فاعل الكبيرة، هل هو مؤمنٌ أو فاسقٌ، وهو مبحثٌ كلاميٌّ اهتم بمناقشته المتكلمين، وطبيعة الثواب والعقاب هل يقع على النفس الإنسانية فقط، أم أن الحساب يقع على النفس والجسد سويةً وهو مطلبٌ فلسفيٌّ اختلف في تصوره الفلاسفة، وبما أن طبيعة البحث أنَه كلاميٌّ، نعرض موقف الإمام (ع) من مسألة الإيمان والثواب والعقاب.
يعرف الإمام علي (ع) بأنه «معرفةٌ بالقلب وإقرارٌ باللسان وعملٌ بالأركان»[66]، وهو المعنى نفسه الذي أخذ به المعتزلة في ما بعد حيث اعتبروا الإيمان الكامل الذي يصح وصف الإنسان به هو القائم على التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان، وهذا خلاف ما ذكره المرجئة والأشعرية الذين اعتبروا أن العمل ليس ركنًا من أركانه ولا داخلاً في حقيقته[67].

ويقسم الإمام أمير المؤمنين (ع) المعاصي التي يرتكبها الناس إلى صغائر وكبائر، ثم يربط الأعمال بالثواب والعقاب، والكبيرة هي التي أوعد عليها سبحانه بالعقاب في النار، أما الصغيرة فهي مغفورةٌ، يقول: «من كبيرٍ أوعد عليه نيرانه أو صغيرٍ أرصد له غفرانه»[68].
وهناك نوعٌ من الذنوب ما لا يجدي معها فعل شيءٍ من الأعمال الحسنة، ومن مات عليها لا تنفع عبادةٌ حتى ولو أجهد فيها نفسه، بل يكون صاحبها من أهل النار كما يقول الإمام (ع): «إن من عزائم الله في الذكر الحكيم والتي عليها يثيب ويعاقب، ولها يرضى ويسخط أنه لا ينفع عبداً -وإن أجهد نفسه وأخلص فعله- أن يخرج من الدنيا لاقياً ربه بخصلةٍ من هذه الخصال لم يتب عنها: أن يشرك بالله في ما افترض عليه من عبادته أو يشفي غيظه بهلاك نفسه...»[69].

ويقسم الإمام عليٌّ (ع) الظلم إلى ثلاثة أنواعٍ:
- ظلم لا يغفر كالشرك بالله.
- وظلم يغفر كظلم العبد نفسه إما بالشح عليها أو بتمكينها من الشهوات واسترسالها فيها.
- وظلم لا يترك كظلم العباد بعضهم بعضاً، وهذا من أشنع ألوان الظلم وأفحشها، لأن الظالم كافرٌ بالله وبالناس جميعاً.
فالشرك يعده الإمام من الكبائر غير المغفورة لمن قضى عليها، أما دون ذلك فيجوز غفرانه من الله لجوده وكرمه وفضله، وهذا يعني أنّ الإمام عليًّا ينفي الإحباط بمعنى أن المعاصي تذهب بالحسنات، لأن الإحباط بهذا المعنى يؤدي إلى الخلف بوعده ووعيده، إذ إنه تعالى وعد المطيعين بالثواب وأوعد العاصين بالعقاب، فإذا كان الإحباط بطل الثواب على الطاعات وهذا ظلمٌ، والقرآن يثبت أن الله لا يظلم مثقال ذرةٍ[70].
أما موقفه من فاعل الكبيرة، فيمكن تحديده وفقاً لموقفه من الإيمان الداعي إلى اعتبار العمل ركناً أساسيّاً فيه بحثٌ لا يكون العاصي مؤمناً لتوقفه في أمر الله، كما لا يكون كافرًا لإقراره بالله ورسوله، لذا فقد جعله في منزلةٍ وسطى بين الكفر والإيمان، وهذا المعنى ينسجم مع دعوته (ع) إلى سلوك السبيل الوسط لكونه الصراط المستقيم الذي أمر به عباده بقوله عز وجل ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ..﴾[71]، وقوله جل وعلا ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾[72].
وما أُثر عن النبي قوله «خير الأمور أوساطها»[73].

الخاتمة
بعد العرض السابق لبعضٍ من الموضوعات الكلامية التي تعرّض لها الإمام أمير المؤمنين (ع)، يمكن لنا القول أن الإمام (ع) هو أول من حدد وناقش موضوعات هذا العلم لا المعتزلة، بدليل أننا نجد العديد من هذه الموضوعات قد ناقشها الإمام في معظم كتبه والتي أصبحت في ما بعد أصولاً عند المذاهب الكلامية، ومنها التوحيد والعدل والمعاد، والمنزلة بين المنزلتين.
حيثُ نجده (ع) في مجال معرفة الله تعالى وتوحيده، قد حدد مجموعةً من الأدلة التي أثبت بها وجود الباري عز وجل، ومنها دليل الوجود ودليل الحركة، ودليل النظام والعناية، ويكون بذلك قد سبق فلاسفة ومتكلمي الإسلام بذلك، فضلاً عن توحيده الخالص لله وحديثه عمّا أسماه ب(تجريد التوحيد)، حيث نفى الإمام كل صفةٍ من شأنها أن تقود إلى التشبيه والإخلال بمقام الألوهية، وكذا الحال في سائر المباحث الكلامية الأخرى.
وبذلك أستطاع الإمام عليٌّ (ع) أن يؤسس لمنظومة كلاميةٍ كاملةٍ سار عليها من بعده أحفاده الأئمة (ع)، وامتدت في ما بعد عند علماء ومتكلمي المذهب الامامي، الذين جعلوا منها منطلقاً لتأسيس علم الكلام الإمامي.

قائمة المصادر
* القرآن الكريم
1.  ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج10، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، بيروت، 3ط، 1979.
2.  ابن خلدون، عبد الرحمن بن أحمد، المقدمة، ج3، تحقيق وتقديم: علي عبد الواحد وافي، (3 مجلدات)، دار النهضة المصرية، 1979.
3.  أحمد محمود صبحي، في علم الكلام (ج1-ج2-ج3)، دار النهضة العربي، بيروت، ط5، 1985.
4.  الأعرجي، د.ستار جبر، مناهج المتكلمين في فهم النص القرآني، بغداد، 2008.
5.  الشابي، د. علي، مباحث في علم الكلام والفلسفة الإسلامية، دار المدار الإسلامي، ط1، ليبيا، 2002.
6.  الشيبي، كامل مصطفى، الصلة بين التصوف والتشيع، ج1، بيروت، دار الأندلس، 1982..
7.  الطالبي، د. عمار، آراء أبي بكر بن العربي الكلامية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، (بلا.ت).
8.  أمين، د.أحمد، ضحى الإسلام، ج3، ط6، القاهرة، 1962.
9.  البحراني، ابن ميثم، شرح نهج البلاغة، المطبعة الحيدرية، طهران، ط1، ج4، 1387ه..
10. إبراهيم مدكور ويوسف كرم، دروس في تاريخ الفلسفة، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1944.
11. التفتازاني، د. أبو ألوفا، علم الكلام وبعض مشكلاته، دار الثقافة، القاهرة، 1957.
12. جابر، قاسم حبيب، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1987.
13. جابر، د. قاسم حبيب، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 1978.
14. الجرجاني (أبو الحسن علي)، التعريفات، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986.
15. الحراني، أبو محمد الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول، خطبة الإمام في إخلاص التوحيد، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1996.
16. الحسيني، هاشم معروف، الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة، دار القلم، بيروت، ط1، 1978.
17. الحكيم، محمد سعيد، أصول العقيدة، دار الهلال، ط1، 2006.
18. الشهرستاني، الملل والنحلج1، بيروت، دار المعرفة، 1983.
19. الشيرازي، مكارم، نفحات الولاية، طهران، قم، ج1.
20. الصدوق، أبو جعفر، التوحيد، دار المعرفة، بيروت، بلا.ت.
21. صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، ج1، منشورات ذوي القربى، ط.، 1385.
22. الطبرسي، الخبير أبي منصور احمد بن علي، الاحتجاج، ج1، ط1، منشورات الشريف الرضي، 1380ه.
23. الطوسي، أبو جعفر محمد الحسن، الأمالي، ج1، مطبعة النعمان، النجف، 1964.
24. عبد الرازق، مصطفى، تمهيدٌ لتاريخ الفلسفة الإسلامية، لجنة التأليف والترجمة والنشر، ط2، القاهرة، 1959.
25. عبد الرحمن بدوي، أرسطو، ط2، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1942.
26. غلاب، محمد، مشكلة الألوهية، دار إحياء الكتب المصرية، 1947.
27. كاشف الغطاء، الهادي، مستدرك نهج البلاغة، دار الأندلس، بيروت، بلا.ت، ص35.
28. لويس غرديه وجورج قنواتي، فلسفة الفكر الديني، ج3، تعليق: د. صبحي السيد، بيروت، 1969.
29. المجلسي، بحار الأنوار، ج3.
30. محمد صالح محمد، مدخلٌ إلى علم الكلام، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة، 2001.
31. المظفر، محمد رضا، المنطق، تحقيق: علي الحسيني، قم، طهران.
32. مغنية، محمد جواد: في ظلال نهج البلاغة، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، د، 1979م، ج3.

-------------------------------------------
[1] ينظر: محمد صالح محمد، مدخلٌ إلى علم الكلام، دار قباء للطباعة والنشر،القاهرة،2001، ص7.
[2] المصدر نفسه، ص8.
يعرف التهانوي علم الكلام على أنه «علم يقتدر منه على إثبات العقائد الدينية على الغير بإيراد الحجج ودفع الشبه»، أما الفارابي (ت339هـ) فيقول عنه: «صناعة الكلام يقتدر بها الإنسان على نصرة الآراء والأفعال التي صرح بها واضع الملة وتزييف كل ما خالفهما بالأقاويل وهي الصفقة»، أما الإيجي (ت756هـ) فيقول عنه: «علمٌ يقتدر معه إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه...» يُنظر ألتهاوني، كشاف اصطلاحات الفنون، بيروت، ص 22-23. الفارابي، إحصاء العلوم، مطبعة السعادة، ص 71. كذا: الإيجي (عبد الرحمن بن أحمد)، المواقف في علم الكلام، عالم الكتب، بيروت، بلا.ت، ص8.
[3] يُنظر: الشابي، د.علي، مباحث في علم الكلام والفلسفة الإسلامية، دار المدار الإسلامي، ط1، ليبيا، 2002، ص27.
[4] المصدر نفسه، ص 24.
[5] سورة الأنفال، الآية 22.
[6] سورة الطارق، الآية 5.
[7] سورة آل عمران، الآية 190.
[8] سورة الأعراف، الآية 185.
[9] يُنظر: لويس غرديه وجورج قنواتي، فلسفة الفكر الديني، ج3، تعليق: د. صبحي السيد، بيروت، 1969، ص 97.
[10] يُنظر:  التفتازاني، د. أبو الوفا، علم الكلام وبعض مشكلاته، دار الثقافة، القاهرة، 1957، ص 153.
[11] سورة النحل، الآية 125.
[12] سورة العنكبوت، الآية 46.
[13] يُنظر: علي الشابي، مباحث في علم الكلام والفلسفة، ص25.
[14] يُنظر: عبد الرازق، مصطفى، تمهيدٌ لتاريخ الفلسفة الإسلامية، لجنة التأليف والترجمة والنشر، ط2، القاهرة، 1959، ص 272.
[15] يُنظر: الشابي، مباحث في الكلام والفلسفة، ص 25.
[16] يُنظر: الطالبي، د. عمار، آراء أبي بكر بن العربي الكلامية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، (بلا.ت)، ص 8.
[17] يُنظر: أمين، د. أحمد، ضحى الإسلام، ج3، ط6، القاهرة، 1962، ص 11-13.
[18] التفتازاني، علم الكلام وبعض مشكلاته، ص 7.
[19] ابن خلدون، عبد الرحمن بن أحمد، المقدمة، ج3، تحقيق وتقديم: علي عبد الواحد وافي، (3 مجلدات)، دار النهضة المصرية، 1979، ص 117.
[20] ينظر: الأعرجي، د. ستار جبر، مناهج المتكلمين في فهم النص القرآني، بغداد، 2008، ص95-96.
[21] ينظر: المصدر نفسه، ص97.
[22] الطوسي، أبو جعفر محمد الحسن، الأمالي، ج1، مطبعة النعمان، النجف، 1964، ص148.
[23] ينظر: الشيرازي، مكارم، نفحات الولاية، طهران، قم، ج1، ص70.
[24] الطبرسي، الخبير أبي منصور احمد بن علي، الاحتجاج، ج1، ط1، منشورات الشريف الرضي، 1380ه، ص262.
[25] المصدر نفسه، ص263.
[26] الطبرسي، الاحتجاج، شرح خطبة التوحيد، ص264.
[27] محمد غلاب، مشكلة الألوهية، ص38.
[28] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج10، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، بيروت، 3ط، 1979، ص81.
[29] نهج البلاغة، ج3، ص221.
[30] المصدر نفسه، نفس الصفحة.
[31] المصدر نفسه، ج1، ص78.
[32] ينظر: المظفر، محمد رضا، المنطق، تحقيق: علي الحسيني، ص301.
[33] كاشف الغطاء، الهادي، مستدرك نهج البلاغة، دار الأندلس، بيروت، بلا.ت، ص35.
[34] قاسم حبيب جابر، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1987، ص62.
[35] المصدر نفسه، ص63.
[36] إبراهيم مدكور ويوسف كرم، دروس في تاريخ الفلسفة، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1944، ص26.
[37] ينظر: عبد الرحمن بدوي، أرسطو، ص156.
[38] نهج البلاغة، ج13، ص76-78.
[39] الجرجاني (أبو الحسن علي)، التعريفات، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986، ص.
[40] جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ج1، منشورات ذوي القربي، ط1،1385،ص360-361.
[41] يُنظر عن اختلاف هذه المذاهب: أحمد محمود صبحي، في علم الكلام (ج1-ج2-ج3)، دار النهضة العربي، بيروت، ط5، 1985.
[42] نهج البلاغة، ج2، ص137.
[43] شرح نهج البلاغة للبحراني، ج4، ص151.
[44] مغنية، محمد جواد: في ظلال نهج البلاغة، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، د،1979م، ج3، ص67.
[45] شرح النهج، ج13، ص69.
[46] الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص82-83.
[47] شرح النهج، ج13، ص81-82.
[48] الصدوق، أبو جعفر، التوحيد، دار المعرفة، بيروت، بلا.ت، ص308.
[49] المصدر نفسه، ص32.
[50] شرح نهج البلاغة، ج20، ص227.
[51] ينظر: الحراني، أبو محمد الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول، خطبة الإمام في إخلاص التوحيد، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1996، ص49-50.
[52] توحيد الصدوق، ص32.
[53] ينظر: قاسم أحمد جابر، الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة، ص84.
[54] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج13، ص44.
[55] ينظر: د.ستار جبر الأعرجي، مناهج المتكلمين في فهم النص القرآني، ص376 وما بعدها.
[56] المصدر نفسه، ج20، ص65.
[57] المصدر نفسه، ص26.
[58] الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص87.
[59] المرجع نفسه، ج1، ص45.
[60] الحراني، تحف العقول، ص344.
[61] المجلسي، بحار الأنوار، ج3، ص6.
[62] شرح نهج البلاغة، ج18، ص227.
[63] ينظر: د. كامل مصطفى الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع، ج1، بيروت، دار الأندلس، 1982، ص178.
[64] الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، بيروت، دار المعرفة، 1983، ص273.
[65] ينظر: السيد محمد سعيد الحكيم، أصول العقيدة، دار الهلال، ط1، 2006، ص398-402.
[66] نهج البلاغة، ج19، ص51.
[67] الحسيني، هاشم معروف، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة، دار القلم، بيروت، ط1، 1978، ص220.
[68] نهج البلاغة، ج1، ص117.
[69] المصدر نفسه، ج9، ص160.
[70] ينظر: الفلسفة والاعتزال في نهج البلاغة، ص97.
[71] سورة الأنعام، الآية 153.
[72] سورة البقرة، الآية 143.
[73] نهج البلاغة، ج1، ص273.