الباحث : ا. م. د. رزاق حسين العرباوي الموسوي
اسم المجلة : العقيدة
العدد : 12
السنة : السنة الرابعة - شهر رمضان 1438هـ / 2017م
تاريخ إضافة البحث : August / 13 / 2017
عدد زيارات البحث : 929
الخصائص القيادية للرسول 9
لتفاعل الناس في آية واحدة
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ (1)
أ.م.د. رزاق حسين العرباوي الموسوي(*)
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين بارئ الخلق أجمعين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ومنقذ الناس من براثن الجهل وعبادة الحجر والطين, والاسوة الحسنة للناس في كل الميادين ومحاربة القسوة والارهاب والتعدي والاحتراب فإنها معالم التوحش ومن سنن الغاب, والصلاة والسلام على آله الغر الهداة والذين هم كالرسول المصطفى نهجا وسلوكا وتقوى وعزيمة وثبات.
وبعد:
لا يشكّ أحد في ما لقيادة المجتمع الانساني وإدارته الأهمية القصوى على مر الزمان وتعاقب الأجيال, ذلك لأنّ صلاح القائد يؤثر أثره الكبير والخطير على المجتمع في مختلف أطواره وتنوع أبعاده .
إن القائد يؤثر على المجتمع الانساني في بعده العقائدي وفي بعده السلوكي وفي بعده المعرفي وفي بعده النفسي وبعده الاقتصادي, وفي أمنه وأمانه, وسلمه وسلامه, وتحضره ورقيه, وحربه واحترابه, وتفاعله وانسجامه, أو تشتته وانكماشه, وجمعه وتفرقه .
إن هذا الأمر واضح فان كل ما شهده تأريخ الإنسانية من حرب واحتراب, ودمار لكل ما بناه الإنسان, وسلب وقتل وسفك للدماء, واغتصاب وهتك للأعراض, وحصار وتجويع وما الى ذلك والقائمة طويلة , كل هذا وذاك بسبب القادة الفاسدين, ولذا اهتمت السماء بهذا المنصب المهم والخطير, فلم تترك توليه باختيار الناس وانما يتم توليه بجعل من الله لا باختيار الناس, قال سبحانه: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين﴾ البقرة 124 وقال ايضا: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ الانبياء 37, فامتاز الجعل الإلهي بان تتوفر فيه كل الخصائص القيادية التي تتطلع اليها الإنسانية والتي تحقق سعادة الإنسان في الدارين: دار الدنيا ودار الآخرة, وتجعل الإنسان شاعرا بأهمية وجوده ومسؤوليته, منسجما ومندمجا ومحبا لقائده، فجاء بحثي هذا وهو يتحدث عن أهم الخصائص التي اشار اليها القرآن المجيد في اتصاف القائد بها من خلال توفرها في شخصية الرسول 9 كي يتفاعل معه المجتمع وكل ذاك في آية واحدة من سورة التوبة وكان بعنوان (أهم الخصائص القيادية للرسول 9 لتفاعل الناس في آية واحدة ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ , وقد صيرته على خمسة مباحث, كان المبحث الاول منها يتحدث عن دلالة قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾, والمبحث الثاني تناول دراسة دلالة قوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ وحدد أهم الخصائص التفاعلية لتحقق القيادة الاسلامية، وأما المبحث الثالث فقد تناول دراسة أهم لازم يترتب على قوله تعالى ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾, وتوفر المبحث الرابع على دراسة دلالة وصف النبي 9 بقوله تعالى ﴿حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ﴾, واما المبحث الخامس وهو آخر المباحث, كنت قد بحثت فيه دلالة قول الله سبحانه وهو يصف رسوله9 ﴿بالمؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ﴾, أسال الله تعالى أن يسددني وجميع المؤمنين وأن يوفقنا للأخذ بهدي المصطفى وآله (صلوات الله عليهم أجمعين), وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .
المبحث الاول
دلالة قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾
نصّت هذه الآية الشريفة من سورة التوبة على جملة خصائص أساسية لشخصية النبي 9 تشكل هذه الخصائص أهم الشروط التي تشترط في قيادة المسلمين، وهذه الشروط تأتي بعد الشروط الأساسية الضرورية التي يجب ان يتوفر عليها القائد . هناك شروط أساسية قبل هذه الشروط من قبيل: (العلم والكفاءة والشجاعة والتقوى) قال تعالى وهو يتحدث عن صفات القائد الأساسية الضرورية: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾(2) فالآية تحدثت عن اختيار القائد من الله تعالى فلابد من أن يكون الاختيار مبتنياً على أُسس ذكرت الآية أهمها هو (العلم والقوة وكذلك التقوى) إذ إنّ الله تعالى لايختار الا من يكون صالحا متقيا كفوءا، وهذه حقيقة اكد عيها القرآن الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لله الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾(3)، وهذه الآية ذكرت شرط العلم لداود وسليمان اذ كل منهما جعله الله تعالى خليفة، قال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾(4)، وقال تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾(5)، ومن الشروط الأساسية الضرورية الاخرى هي (الأمانة)، قال تعالى وهو يحكي عن يوسف 7: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾(6)، فهذه شروط اساسية ضرورية لكل قائد وحاكم, مضافاً إلى هذه الشروط الضرورية الأساسية فقد تناول القرآن الكريم جملة من الشروط المهمة من الجانب الاجتماعي, ومن جانب تفاعل الناس مع القيادة الإسلامية، لأن مجرد العلم والشجاعة والكفاءة والتقوى والامانة لوحدها ربما لاتدفع الجمهور إلى أن يتفاعل مع قيادته ما لم تتوفر شروط التفاعل والاندماج وهذه الشروط التفاعلية نص عليها القرآن الكريم في الآية التي يدور حولها البحث وهي تتضمن ثلاثة شروط وصفات مهمة:
قالت الآية الشريفة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾, عبارة من أنفسكم, عبارة حيثية بتعبير القانون, يعني تبين حيثية كون النبي 9 يتميز بتلك الخصائص الثلاثة انه ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾, فما هي كيفية حيثيتها ؟ حيثيتها لأنّه ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾، واذا من أنفسكم يعيش معاناتكم, يعيش المشاكل التي تواجهونها, يتحسس آلامكم, فطبيعي إذا ولد ونشأ وترعرع في هذا الواقع فإنه يعيش مأساة هذا الواقع وهمومه وآلامه ومعاناته وكل ما فيه وما حوله، ومن هو هكذا يختلف عمن هو يسمع المأساة وتحكى له الآلام، فإن الحكاية والإخبار لايأخذان أثرهما كالمشاهدة والتحسس بتلك المعاناة هذا من جانب، ومن جانب آخر يكون قديراً على تقدير ظروف بلده, طبيعة المشاكل, تحديد نفسية أهل بلده ومزاجهم أيضاً، واذا كان هذا الشخص هو رسول الله 9 فإنه يعيش المسؤولية بكل معانيها ويكون شديد الحرص على ابناء مجتمعه فيحاول إيجاد الأساليب الواقعية لحل ذلك الواقع بكل ما فيه من معاناة ومأساة وضيق وحرج، فالنبي 9 حينما يكون ـ من أنفسهم ـ يعني تتوافر فيه كل هذه المواصفات، إذن ﴿مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ هو عبارة عن مبدأ الحيثية لهذه الخصائص، والآن لابد من أن نبيّن الخصائص التفاعلية لشروط القيادة الإسلامية.
المبحث الثاني
دلالة ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾
(الخصائص التفاعلية لشروط القيادة):
﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾: العنت: المقصود به (الشدة والضيق والمحنة والهلاك)(7), فهي عبارة عن المشاكل التي يواجهها الناس، وكذلك مقدار تحمل المجتمع, يعني قد يضيق مجتمع صدره بتكليف معين، في حين مجتمع آخر لا يضيق صدره بمثل هذا التكليف، فالنبي 9 كان يعزُ عليه أن يضَيِق على الناس في كل ما يُولّد لهم وعليهم الحرج والضرر وأن يولّد عليهم الضيق، يقول المفسرون: «يعز عليه ما يلحقكم من الاذى الذي يضيق الصدر به ولايهتدي للخروج منه»(8)، أي إنّه يعز عليه ويشق عليه أن يشق عليكم شيء، فكل همه طلب اليسر لكم ودفع العسر عنكم, يعاملكم بالحسنى, يقدر ظروفكم التي تعيشونها, وهذه من سمات القيادة العقلانية والناجحة والإسلامية، إنها تتعامل بهذا المنطق وبهذا الوجدان والقلب المملوء حباً وحرصاً عليكم، وهي سمه أساسية مهمة كما قلنا في القيادة (عزيز عليه ماعنتم)، وهذا ما نلحظه ونتلمسه للنبي 9 في مستويات عدّة، منها:
1 ـ مستوى خصائص التشريع:
أ – نتلمسه في طبيعة التشريعات التي جاء بها الرسول 9 من الله تعالى فطبيعة التشريعات مبنية على اليسر، يقول سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(9)، وقال تبارك اسمه في سورة أخرى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾(10)، وقال النبي 9: «الدّين يسر»(11)، وقال 9 أيضاً: يسروا ولاتعسروا، واسكنوا ولاتنفروا، خير دينكم اليسر، وبذلك أتاكم كتاب الله، قال الله: ﴿ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾، ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾(12)، واعلموا رحمكم الله أنه لو كان كلف خلقه مالا يستطيعون كان غير مريد بهم اليسر، وغير مريد للتخفيف عنهم، لأنّه لا يكون اليسر والتخفيف في تكليف ما لايطاق )(13)، ووصف شريعته بانها سمحاء، أي فيها السماح والسهولة فقد قال 9: (بعثت بالشريعة السمحة)(14)، فهذا كله من علامات قوله ﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ فهو جاء بالشريعة السمحة السهلة ,الشريعة اللينة, الشريعة المنسجمة مع قدرات الناس, لأن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها .
ب – ونتلمسه حتى في حدود قدرات الناس: فإن التكليف قد يكون في حدود قدرة الإنسان إلا أنه قد يولد له ضرراً، قال 9: (لا ضرر ولا ضرار)(15), أو قد يكون الشيء ضمن حدود قدرته لكن يولد له حرجا وعسراً, فالقرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾, والحديث الشريف كما مر يقول: (يسروا ولا تعسروا, وبشروا ولا تنفروا )، فالشريعة التي جاء بها 9 من جهة مبنية على أساس التسهيل، ومن جهة أخرى مبنية على عدم الحرج والضرر لكل مكلف .
لكن قسماً من الناس ربما يختلط او يشتبه عليه الامر في فهم كيفية سهولة الشريعة وفي كيفية أنها سمحة, فيتصور من فهمه للشريعة بأنها سمحة سهلة هي نوع من التنزيلات, فينقص من الدين ما شاء له, ويتهاون في بعض الموارد والتكاليف بحجة أن الشريعة سمحة سهلة أو ان ليس فيها حرج ولا ضرر، أو أن ليس فيها تكليف ما لايطاق وما الى ذلك، فهذا تصور وفهم خاطئين، لأن المسألة تحتاج الى فهم دقيق والذي يحدد هذا هو النبي وأهل بيته الكرام (صلوات الله عليهم أجمعين)، وإلا تكون المسالة مسألة هوى نفس وعمل بالرأي, فالمسألة ليست مسألة كيفية بأن أنا أنقص وأحذف من الدين بما أشاء وأعمل تنزيلات للناس بحجة ان الدين فيه سهولة وان الدين مرن وما الى ذلك، فالدين له حدود .
ج – ونتلمس هذا المستوى في تشخيص هذا التسهيل وعدم الحرج وان لاضرر ولا ضرار في التشريعات أنه بيد الشارع (أصالة أو تخويلا) وليس بيد الناس أبدا, مثلاً الشارع يقول إذا ولد لك الوضوء بالماء حرجاً أو ضرراً تستبدله بالتيمم . فالشارع هو الذي يحدد، يقول سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾(16)، فأولاً يحدد لي مواقع الضرر، ما هي ؟ وثانياً يحدد لي البديل، فيقول لي إذا عجزت عن الصلاة قائماً صلِ قاعداً مثلا، فقد روي عن النبي 9 أنه قال: (فإن لم تستطع فصلّ قاعدا، فإن لم تستطع جالسا فعلى جنبك )(17)، وبنفس الوقت توجد عندنا أحكام يطلق عليها الأحكام التي لا تقبل الإسقاط وان كان فيها نوع من الحرج، نعم أحياناً بعض الأحكام يكون فيها جانب الحق هو الغالب، فمثلاً من الأحكام، (تسديد الدين), فهذا في جانب حكم, وفي جانب آخر حق، فالشارع غلب جانب الحق، فلما غلب جانب الحق, أجاز لك أن تبرئ ذمة غريمك وتسقط الدين الذي في ذمته, لماذا ؟ لأنّه يجمع الوصفين, وصف حكم ووصف حق، ولكن عندنا نوع من الأحكام تُعدّ أحكاماً صرفة، فالأحكام الصرفة لا تقبل التبديل أبداً من قبيل حكم الحجاب أو حرمة الربا, فلا يحق للمرأة أو لأبيها او لزوجها أن يسقطوا حكم الحجاب لو افترضنا أنهم يعيشون في الغرب بحجة الحرج مثلا، ولايمكن لأحد أن يتعامل مع آخر بالربا ثم يقول له أبرئ ذمتي، لماذا ؟ لأن حكم الحجاب حكم واجب شرعي صرف وليس حقا للاب أو للزوج إسقاطه، وحرمة الربا حكم وليس حقاً، وكذلك حرمة النظر وغيرها من الأحكام الصرفة، فلا يمكن أن أقول إن الزمان تغير وتبدل وأجوز السفور بحجة المرونة, هذه رعونة وليست مرونة .
إذن أول مستوى لقوله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ هو مستوى التشريعات والقوانين التي جاء بها 9 بنيت على اليسر واللين ومراعاة ظروف الناس.
2 – مستوى تعامل النبي 9 :
هذا هو المستوى الثاني وهو مستوى تعامل النبي 9 طيلة حياته إذ كان يرعى هذا المستوى التعاملي, فكان 9 يسعى حثيثاً إلى أن يرفع هذه الأغلال, وأن يزيل هذه القيود, إذ كان يفكر ويدبر فيما يرفع المشاكل على اختلاف أنحائها, مشاكل فكرية، مشاكل عقدية، مشاكل اقتصادية، مشاكل أخلاقية، مشاكل نفسية، الى غيرها من الامور التي كانت تسود ذلك المجتمع، وتجعلهم يعيشون العنت والضيق والحرج فكان النبي 9 حريصا على أن يرفع عنهم العنت والضيق والحرج, فمثلا لما دخل النبي 9 المدينة وبدأ بتأسيس نواة الدولة الإسلامية واجه النبي 9 مشكلة اقتصادية, فالمهاجرون جردتهم قريش مما يملكون, فجاءوا إلى المدينة حفاة, جاءوا يلفهم الفقر المدقع .
هنا سارع الرسول 9الى أخذ التدابير في حل هذه المشكلة، فمن التدابير مثلا هو عقد المؤاخاة بين المهاجرين والانصار فقد روى المؤرخون: (انّ النبي9 آخى بين المهاجرين والانصار لما قدم المدينة فكان يرث المهاجري من الانصاري، والانصاري من المهاجري ولا يرث وارثه الذي كان له بمكة)(18)، ومن التدابير الاخرى التي اتخذها 9 في بعض الغزوات, إذ قد أمره الله عز وجل أن لا توزع الغنيمة بالطريق الاعتيادي، والطريق هو أن توزع على جميع المقاتلين، للفارس سهمان وللراجل سهم وهكذا، فالنبي 9 قال للأنصار إمــا أن تتركوا الغنيمة خالصة للمهاجرين وإلا، أي إذا أبيتم إلا أن تساهموهم فيها فإنكم لم تنصفوهم، أما اذا أنصفتموهم أو شركتموهم في الغنيمة فأشركوهم في أموالكم الشخصية، وهنا الأنصار سجلوا موقفاً رائعاً، قالوا: يا رسول الله لهم منا الحسنيان:
1ـ الغنيمة كلها لهم .
2 ـ نشركهم في أموالنا، إضافة الى ارث المهاجر من الانصاري(19) .
فشكر لهم الرسول 9 هذا الموقف، علما أن هذا الموقف لم يأت بسهولة في قرار إداري، فإنه يحتاج إلى تربية سنين وترويض للنفوس، إلّا أن الرسول 9 بمدة زمنية جدا وجيزة أثر بهم بخلقه السامي فرباهم وروضهم نفسيا وعبأهم خلقياً إلى أن أصبح القرار القانوني له اثره الكبير في التطبيق .
نعم ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ فالنبي 9 كان اهتمامه حل المشكلة لا انه يتعامل معها تعاملاً لا أبالياً، يعني اذا حلت المشكلة فبها والا تركها، لا ليس الأمر كذلك.
المبحث الثالث
أهم لازم يترتب على قوله ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾
استناداً إلى هذه القاعدة فإننا نلتزم بأن النبي 9 ما مات حتى استخلف من بعده... ذلك لان الرسول 9 يعلم بأنه إذا لم يعين خليفة من بعده فإن الأمة ستواجه معضلات ومشاكل ومخاطر جسيمة, وهذا الأمر كأنه أمر واقع يدركه أي قائد سياسي محنك يملك ذكاء اعتيادياً متعارفاً، فانه إذا درس ذلك المجتمع وعاش تجاربه وتعرَف على نفسياته ونزعاته، قطعاً سوف يدرك بذكائه طبيعة المشكلات والمخاطر التي يواجهها ذلك المجتمع فوفق المبدأ العلمي والعقلائي لابد من أن يستخلف من بعده من يجنب المجتمع تلك المشاكل والمخاطر, وهذا يعني أنه يلزم أن يعين رسول الله 9 خليفة من بعده, هذا إذا فرضناه بالمستوى الاعتيادي المتعارف لذكائه, فما ظنك وهو رسول الله 9 وما ظنك أيضاً وقد أحاطه الله عز وجل علما بما يجري وبطبيعة ما يجري من بعده، إذ أحاطه الله سبحانه إحاطة تامة، فقد جاءت أحاديث كثيرة تبين لنا جانبا كبيرا مما سوف يتعرض له اهل بيته: من بعده وماذا يُحدِثُ أصحابه من بعده، وماذا يؤول اليه مصير المسلمين فمثلا من ضمن إخباراته 9 في هذا المجال، إذ أخبر عليا 7 ما يجري عليه بعد وفوده الى ربه، فقد أورد الشيخ الطوسي بسنده عن سليم بن قيس الهلالي عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن ابن عباس قال: قال :رسول الله 9: (يا علي إن قريشا ستظاهر عليك وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك فإن وجدت أعوانا فجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك فان الشهادة من ورائك، لعن الله قاتلك)(20)، وعشرات الأحاديث الشريفة وهي محاذير وردت عن النبي9 إذ كان ينبئ بما سيقع على المسلمين من بعده عموماً وعلى أهل بيته خاصةً.
فمن هذه الأحاديث الحديث الشهير في كتب الفريقين، ذلك أنه: (لما مرض 9 أخذ بيد علي بن أبي طالب 7 واتبعه جماعة من الناس وتوجه الى البقيع، فقال لمن تبعه: إنني قد أُمرت بالاستغفار لأهل البقيع، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم فقال7: السلام عليكم يا أهل القبور, ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس, أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها, ثم استغفر لأهل القبور طويلا....)(21), وكذلك روى محدّثو الفريقين عن ابن عباس انه قال, قال النبي 9: (إنكم محشورون الى الله يوم القيامة حفاة عراة وانه سيجاء برجال من أُمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لا يزالون مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم )(22), وقد أخبر 9 عليا 7 بما يصيب هذه الامة من اختلاف وافتراق وانقلاب وبما سيلاقيه منهم بأحاديث كثيرة، منها مثلا ما قاله 9 لعلي 7: (ستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد الله وتصبر على ظلم قريش, ثم تجاهدهم في سبيل الله عز وجل إذا وجدت أعوانا, تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت معي على تنزيله ،الناكثين والقاسطين والمارقين من هذه الأمة، ثم تقتل شهيدا تخضب لحيتك من دم رأسك، قاتلك يعدل عاقر الناقة في البغض الى الله والبعد من الله ومني، ويعدل قاتل يحيى بن زكريا وفرعون ذا الأوتاد)(23).
وروى المتقي الهندي عن أبي صادق قال: قدم علينا أبو أيوب الانصاري العراق فقلت له: يا أبا أيوب قد كرمك الله بصحبة نبيه محمد 9 وبنزوله عليك، فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم؟ تستقبل هؤلاء مرة وهؤلاء مرة، فقال: إن رسول الله 9 عهد الينا أن نقاتل مع علي الناكثين فقد قاتلناهم، وعهد الينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا اليهم ـ يعني معاوية وأصحابه ـ وعهد الينا أن نقاتل مع علي المارقين فلم أرهم بعد)(24).
وأخبر النبي 9 عمار بن ياسر (رحمهما الله) بكيفية قتله وصفة قاتليه، فقد روى الفريقان عن النبي 9 يقول لعمار: (ستقتلك الفئة الباغية وانت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني)(25)، وروى المتقي الهندي بسنده عن حذيفة اليماني قال:(عليكم بالفئة التي فيها ابن سمية فإني سمعت رسول الله9 يقول :تقتله الفئة الباغية)(26)، وعشرات الأخبار التي تبين بكل وضوح أن النبي9 كان خبيراً عالماً بطبيعة المشاكل والمخاطر التي سيواجهها المجتمع ومعظم هذه المشاكل والمخاطر, هي ناشئة ممن يتولى الخلافة والأمر بعد رسول الله 9، وهذا ما كشف عنه الواقع، (فالعيان يغني عن البيان)، فما صار المسلمون شِيَعاً وفرقا متناحرة ومتقاتلة هذا يكفر هذا وذاك يقتل هذا إلا بسبب الخلافة والإمرة والإمارة وسوء إدارة وتصرف الحكام الجائرين والأُمراء الفاسدين والمفسدين منذ أن حدث الانقلاب عند وفاة الرسول 9 والى يومك هذا .
إذن فهكذا أمر خطير, والنبي 9 يدركه ويدرك أبعاده ويدرك مضاعفاته ويدرك الفتن التي سوف تحدث جراء ذلك, كل هذا يدركه ومع ذلك يقف موقف اللامبالاة, يقف موقف المتفرج، وقد نعيت اليه نفسه فيموت 9 ولا يستخلف أحداً، يا ترى فهل يعقل هذا ؟ ثم لو افترضنا أن هذا الأمر معقول فلماذا لم يفعله موسى 7, عيسى 7, إبراهيم 7, نوح 7, أغلب الأنبياء ما منهم أحد إلا وعين خليفة من بعده، طيب لماذا يكون نبينا 9 بدعاً من الرسل, فقطعاً أن الرسول 9 عين من يخلفه من بعده انطلاقاً من أمر الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾(27)، وتفعيلا وتنفيذا لأمر الله عز وجل أوقف النبي9 الحاج من المسلمين في غدير خم ونصّب عليا 7 أميرا للمؤمنين بعد أن خطب فيهم وقال من ضمن خطبته 9: (ألا وأني أشهدكم أني أشهد أن الله مولاي وأنا مولى كل مسلم وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فهل تقرون لي بذلك وتشهدون لي به ؟ فقالوا نعم نشهد لك بذلك، فقال: ألا من كنت مولاه فإن عليا مولاه وهو هذا، ثم أخذ بيدي علي فرفعهما مع يده حتى بدت آباطاهما, ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله...)(28) زد على هذا الحديث المتواتر بين العامة والخاصة والذي قاله النبي 9 في مناسبات عدّة ليركز مفهموم أهل بيته : في أذهان ونفوس المسلمين لأنهم هم صمام الامان لحفظ الرسالة الإسلامية ولحفظ وحدة المسلمين فقد روى المحدثون ان النبي 9 قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)(29)، وقد روى محدثوا اهل السنة عن النبي 9 انه قال: (وإن وليتموها علياً فهاد مهتد يقيمكم على طريق مستقيم )(30)، وعشرات النصوص التي تبين هذا المضمون وقد تكون اكثر تفصيلا، والشاهد على ذلك هو قول الله جل جلاله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(31)، فقد روى الفريقان سنة وشيعة بأسانيد مختلفة سبب نزول الآية أنها نزلت بحق علي ابي طالب 7 فقد روى محدثو الشيعة الإمامية عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر 7 في قول الله عز وجل ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا...﴾ الآية قال: ان رهطا من اليهود أسلموا، منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن ميامين وابن صوريا، فأتوا النبي 9 فقالوا: يانبي الله إن موسى 7 أوصى الى يوشع بن نون، فمن وصيك يارسول الله ؟ ومن ولينا بعدك ؟ فنزلت هذه الآية: (إنما وليكم ...)، ثم قال رسول الله 9 قوموا الى المسجد، فقاموا فأتوا المسجد، فاذا سائل خارج فقال: ياسائل أما أعطاك أحد شيئا ؟ قال نعم: هذا الخاتم، قال من أعطاك؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي، قال: على أي حال أعطاك ؟ قال: كان راكعا، فكبر النبي 9 وكبر أهل المسجد، فقال النبي 9: علي بن أبي طالب وليكم بعدي، قالوا: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبعلي بن أبي طالب وليا، فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(32)، ومثله عند الفريق الآخر بأسانيد مختلفة وفي بعضها تقتضب بعض العبارات(33)، وقد استدل علماء الإمامية بهذه الآية ﴿إنّمَا وَلِيُّكُم ...﴾ على إمامة علي بن أبي طالب 7، فقد جاء على لسان الشيخ الطوسي بقوله: (وجه الاستدلال من الآية أن معنى (وليكم) في الآية من كان مستحقا للأمر وأولى القيام به وتجب طاعته، وثبت أيضا أن المراد بـ(الذين آمنوا) أمير المؤمنين 7 واذا ثبت الأمران ثبتت إمامته)(34).
وبناء على ما تقدم فإن من يقول أو من يعتقد بأن رسول الله 9 لم يعين خليفة من بعده، فهذا كأنه يقول بأن رسول الله 9 وقف موقفاً متفرجاً من أمته وهو على دراية بما يؤول اليه مصير أُمته، وما تتعرض اليه الرسالة الإسلامية ورجالاتها المخلصين، فرغم كل هذا وقف موقف اللامبالاة مما يعلم حدوثه من بعده، وكأنه يجعل من رسول الله 9 لايستشعر أو لا يقوم بمسؤوليته تجاه امته ورسالته وتجاه ربه جل وعلا .
اذن لا بد من أن نلتزم بأن رسول الله 9 قد عين خليفة من بعده وهو علي بن أبي طالب 7 . انطلاقا من صفاته التي بينها القرآن الكريم .
المبحث الرابع
دلالة وصفه 9 ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾
﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾، الفرق بين عزيز عليه ما عنتّم وبين حريص عليكم، وهو لما أقول مثلا: فلان يعز عليه أن تقع في مشكلة, يعني يكون همه أن يعالج لك المشكلة إذا وقعت بها، هذا دور قسم من الناس انه إذا رآك بشدة ينقذك من الشدة فهذا نمط من الناس, لكن لا يرى من وظيفته أن يتصدى بأن يكون حريصا عليك في الأوضاع الاعتيادية، بمعنى أنه في الأوضاع الاعتيادية لم يكن عنده حرص عليك إلا إذا وقعت بشدة فإنه يسعى لإنقاذك وخلاصك من الشدة .
لكن يوجد قسم من الناس وان كانوا قلة قليلة يعمل الاثنين، أي إذا وقعت بشدة يحرص عليك ويسعى لخلاصك، وإذا كنت في وضعك الاعتيادي لم يتركك بل يبقى حريصا ويحافظ عليك وعلى مصلحتك ووجودك, يعني يهمه أن تترقى وتتطور, يهمه أن تتوفق وتكون آمنا مطمئنا.
إن نبينا 9 كان من النوع الثاني, إذ كان يهمه حل المشكلة اذا وقعت امته او فرد من أمّته فيها, ويهمه أيضاً تحضير الأجواء لسعادة الناس وأمنهم في الظروف الاعتيادية, اذن تبين لنا معنى حريص عليكم والفرق بين حرصه 9 علينا وبين عزيز عليه ما عنتم .
فالحريص في لغة القانون لها اصطلاح، الاصطلاح يقول: مرة أن تحفظ الأمانة حفظ الرجل الاعتيادي، ومرة تحفظ الأمانة حفظ الرجل الحريص, وقد يذكرونه في مسألة القيم على القاصرين، فالقيم على القاصر مرة يتصرف تصرف الرجل الاعتيادي, ومرة يتصرف تصرف الرجل الحريص، وفرق التصرف الاعتيادي عن التصرف الحريص، هو كما لو فرضنا عندك أمانة تحفظها في صندوق خشبي مثلا وتتركها في بيتك وتسد الباب هذه مرة, ومرة أخرى لا، تحفظها في صندوق خشبي فحسب, وإنما تحفظها في صندوق حديدي أو فلزي أو ضد الحريق وهذا نوع أرقى، ومرة ثالثة قد لا تكتفي بهذا وإنما تجعل حارسا على الصندوق وهذه المرة أرقى من المرتين الأوليتين, ومرة رابعة قد لا تكتفي بهذا أبداً لشدة عنايتك بها، قد تحرسها بنفسك, هذا يعبر عنه تصرف الرجل الحريص, والحرص على مراتب ودرجات .
القرآن الكريم يصف النبي 9 بأنه لا يتصرف مع مجتمعه تصرف الرجل الاعتيادي وإنما يتصرف تصرف الرجل الحريص المشفق الذي يبذل قصارى جهده من اجل سلامتهم وجلب الخير لهم كي يعيشوا السعادة والأمن والأمان والطمأنينة دنيا وآخرة، بمعنى أنه لا يدخر وسعاً من اجل ذلك سعادة ذلك المجتمع . وهذا أدب عظيم يا ليتنا نفيد منه، ونحن نعيش في دنيا تعج بالمظالم وتعج بالفساد بكل انواعه وخصوصا في دار الاسلام من قادة فاسدين وجائرين وباتوا لا يهمهم الإسلام الا بقدر ما يكون عنوانا ليتخذوه سلما يملكوا به رقاب أتباعه ورعية تصفق للقادة الظالمين، دنيا تعج بالمصائب إذ اصبح فيها سفك دماء الأبرياء الذين لاحول لهم ولا قوة امرا مستساغا .
اين ملوك ورؤساء الدول الإسلامية من صفات رسول الله 9 ومن وصيّه وخليفته من بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 إذ لما غارت إحدى سرايا معاوية (لع) على الأنبار في العراق فصعد الإمام أمير المؤمنين 7 المنبر وكان متألما جدا فقال: (يا أهل الكوفة قد أتانا الصريح يخبرني أن اخا غامد قد نزل الانبار على أهلها ليلا في ربعة آلاف فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر، فقتل بها عاملي حسان وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ونجدة، بوّأ الله لهم جنات النعيم وانه أباحها ولقد بلغني أن العصبة من أهل الشام كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة (الذمية) فيهتكون سترها ويأخذون القناع من رأسها والخرص من أذنها والأوضاع من يديها ورجليها وعضديها والخلخال، والميزر عن سوقها فما تمتنع منه إلا بالاسترحام والاسترجاع والنداء يا للمسلمين، فلا يغيثها مغيث ولا ينصرها ناصر، فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما بل كان عندي بارا محسنا )(35).
فالآية تقول: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ تبيّن لنا:
أولاً: انّ الرسول 9 يتصرف تصرف الرجل الحريص بالمعنى المتقدم بالاصطلاح القانوني مقابل التصرف الاعتيادي ولا يقف موقف الرجل الاعتيادي.
وثانياً: حريص عليكم, كأنه يقول خلاف بعض زعماء العالم انه إذا استلم السلطة يكون أول اهتمامه بنفسه وولده قبل كل شيء . يعني أولاً كرسيه ثم ولده ثم المجتمع .
فالرسول أولاً: حريص عليكم لا حريص على نفسه، فربما بات بعض الليالي طاوياً من اجل إسعاد المسلمين, طالما تحمل الأذى, تحمل الألم، يقول الصحابة: (كنا إذا أحْمرَ البأس وحمي الوطيس ـ اشتدت ضراوة المعركة ـ اتقينا برسول الله 9 فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه)(36) . هذه من خصائص النبي 9 وفي كل جوانب الحياة ولم يقتصر الأمر على الجانب العسكري فقط, بل في الجانب الاقتصادي, الاجتماعي, الإداري هو الحريص على مجتمعه ولم يكن حريصا على نفسه أبداً، وكان هذا الحرص الشديد على أُمته بقي الى أن لفظ 9 انفاسه المباركة، فهذا البخاري يروي لنا بسنده عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي 9 وجعه، قال: ائتوني بكتاب اكتب لكم – هو 9 لم يكتب ولكن يأمر بالكتابة – كتاباً لا تضلوا بعده، قال عمر إن النبي 9 غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط، قال قوموا عني ولاينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول: ان الرزيئة كل الرزيئة ماحال بين رسول الله 9 وبين كتابه )(37)، وهذه العبارة (ان النبي غلبه الوجع) يبدو هي من تصرف البخاري لأنّه رآها عبارة ثقيلة وتوجب على صاحبها الكفر ولهذا يروي في موضعين اخرين في نفس كتابه (صحيح البخاري) بعد ان يحذف اسم عمر ويعبر بكلمة (فقالوا) يذكر عبارة (هجر رسول الله)، فقد روى في صحيحه, إذ قال حدثنا ابن عيينة عن سليمان الاحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) انه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء, فقال: إئتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا هجر رسول الله 9 قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني اليه)(38)، والحال ان كل الرواة لم يذكروا معترضا وقائلا لهذه العبارة غير عمر، نعم لما اعترض عمر وقال كلمته المشؤومة تابعه بعض من كانوا على خطه ولهم دراية تامة لماذا اعترض عمر وقال هذه العبارة المشؤومة بحق رسول الله 9 الذي عصم قوله التنزيل من الهجر ومن الخطأ ومن السفه وما الى ذلك, قال سبحانه ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾(39)، ومن ثم حتى لو قلنا ان عمر قال بحق رسول الله 9 غلبه الوجع فإنّها تعطي المعنى نفسه, ذلك لان النبي 9 لما يكون على فراش المرض ويقول عليَ بدواة وكتف, فعندما صدّر أمره وتواجهه وتقول " انه غلبه الوجع " أي انه مريض ولا يترتب على كلامه اثر وهذا يعني انه 9 يهذي, فتبديل العبارة لا يخلص صاحبها من هذا المأزق, وهذا يسمى (كر على ما فر منه) .
الخلاصة: هذه اللحظة الحاسمة وهذا اليوم الذي يسميه المؤرخون رزية يوم الخميس, فالرسول 9 ووُجِه بهذا الشكل .
إن موقف النبي 9 وهو في آخر حياته ويريد أن يفد على ربه ولا يترك منفذاً يستغله المنافقون والمنحرفون لإضلال الأمّة وضياعها وتغيير وجهة الدعوة الاسلامية الى غير مسارها يصبح واضحا لنا ما قاله الله تعالى ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ ومن حرصه عليكم انه أمر بدواة وكتف ليكتب ذلك الكتاب الذي لو انه كُتب ولو إنهم عملوا به لنجت الأمة الإسلامية من التيه والضياع والتشرذم والتفرق الى شيع متعددة الذي عاشته الامة الاسلامية ومازال تعيشه. وكان النبي 9 يدرك أنّ الاجواء غير مهيأة, ولهذا اكتفى بتصريحاته وبياناته السابقة (التي منها حديث الثقلين او قوله 9: (يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)(40), وغيرها من الاحاديث الكثيرة وقد ذكر جملة منها الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه بالاستدلال على خلافة أمير المؤمنين 7 وإمامته بلا فصل بعد رسول الله 9 إذ استدل بقوله: (مسألة: الامام بعد النبي 9 بلا فصل: علي بن أبي طالب 7, بدليل قوله 9: أنت الخليفة من بعدي, وانت قاضي ديني, وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي, وانت ولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي, سلموا عليه بإمرة المؤمنين, اسمعوا له وأطيعوا, تعلموا منه ولا تعلموه, من كنت مولاه فعلي مولاه )(41), علما أن جميع الاحاديث الذي ذكرها الشيخ الطوسي; قد رواها محدثو المسلمين في مسانيدهم وصحاحهم(42).
فلا تتصور أنّ النبي 9 لما قربت وفاته وأراد أن يكتب الكتاب أنّ الحجة ما أقيمت, الحجة أقيمت فأراد أن يدونها حتى لا يترك منفذا لمن كان يبيت نية هو ومن هو على هواه ليغيروا مسار الدين على نحو وجهة بشرية منحرفة وقد واجهه هؤلاء بما واجهوه فيه, ولهذا طردهم رسول الله 9 كما نصت الروايات على ذلك وقد ذكر في البحث قسما منها، وهذا يكشف لنا كيف كان النبي 9 حريصا عليهم أيما حرص, وهذه هي أهم الخصائص القيادية التي يجب توافرها في القائد كي تتفاعل معه الناس وتتوق اليها كل الإنسانية, وهكذا قائد تتوفر فيه هكذا خصائص سوف يكون نبراسا ينير ربوع الانسانية بقيادته وهديه وتعاليمه.
ولذا امتدحه الله تعالى بمدائح كثيرة لأنّه جسد كل ذلك عملياً، وإلا لم يكن اعتباطاً أن ينزل الله تعالى فيه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(43).
المبحث الخامس
دلالة وصفه 9 ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾
معنى الرأفة لغة:
ذكر اللغويون معاني عدّة للرأفة وكذلك للرحمة، فمن أقوالهم مثلا: ان الرأفة اشد وابلغ من الرحمة(44), وقيل: ان الرأفة أشد الرحمة (أي الرحمة الشديدة), وقيل الرحمة أكثر من الرأفة والرأفة أقوى منها في الكيفية لأنها: عبارة عن ايصال النعم صافية عن الالم، أما الرحمة: فهي ايصال النعم مطلقا (قد يصحبه الم وقد يكون ايصالاً بلا ألم), فقد يكون للكراهة والالم للمصلحة كقطع العضو المجذوم(45), وهذا يعني ان الرأفة هي ايصال النعم بلا أي الم بينما الرحمة هي ايصال النعم والخير لكن على نحوين, الاول منهما ايصال النعم بلا ألم فهي كالرأفة، والنحو الثاني: هو ايصال النعم والخير ولكن يكون مصحوبا بالألم لان ايصاله يتوقف على الألم كما لو فرضنا شخصا مريضا في جوفه عضو تالف فمن أجل أن يستأصله الطبيب لابد من أن يشقّ بطنه وقطعاً سوف يتألم المريض, فالطبيب يوصل نعمة وخيرا للمريض لكن ايصاله يكون مصحوبا بالألم, وهذا يعني ان الرحمة أعم من الرأفة(46).
معنى الرؤوف والرحيم عند المفسّرين:
تكاد تقترب اقوال المفسرين من المعنى اللغوي، بل ان بعضهم تقيد بالمعنى اللغوي، وبعضهم أفاد من معنييهما بما ينسجم مع الوضع العام لسياق الآية الكريمة وبما ينسجم مع مفردات الآية الكريمة وكانت أقوال هؤلاء تؤيد ما قدمناه في بيان المراد من النسيج العام لمفردات الآية الكريمة, فمن الاقوال مثلا ما قاله السمعاني وهو ان معنييهما (عطوف رفيق)(47). وقيل ان عبارة: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ تفيد الحصر, بمعنى أنه لا رأفة ولا رحمة إلا بالمؤمنين وأما الكافرون فليس لهم رأفة ورحمة)(48) . وربما يقترب مما قاله الرازي وهو القرطبي إذ قال: (الرؤوف المبالغ في الرأفة والشفقة) ونظم الآية: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم ـ عزيز ـ حريص ـ بالمؤمنين رحيم ـ عزيز عليه ماعنتم لايهمه إلا شأنكم)(49) .
نعم ذكر الشيخ الطبرسي ; جنبة أخرى لمعنى (رؤوف رحيم) وقد يكون ماذكره أكثر انسجاما مما قدمناه في طي البحث وهو مايكتشف من نعوت رسول الله 9 في القرآن الكريم وماتواتر نقله من خُلق رسول الله 9 وسلوكه, قال الشيخ الطبرسي ; وهو يشير الى معني (رؤوف رحيم): (رؤوف بالمطيعين منهم، رحيم بالمذنبين)(50) وهو عين ما ذكره البغوي في تفسيره(51)، وتابعهم على ذلك ابن الجوزي(52), ولعل هذا المعنى ربما يكون هو الادق لأنّه ينسجم مع النسيج العام للمنظومة السلوكية لرسول الله 9 فضلاً عن ما أُشير اليه في البحث آنفا, ولا شك في ذلك فرسول الله 9 كان في أعلى درجات الخلق في كل أنماط سلوكه، يصفه الامام علي 7 بقوله: (وهو خاتم النبيين, أجود الناس كفا, وأجرأ الناس صدرا, وأصدق الناس لهجة, وأوفى الناس ذمة, وألينهم عريكة, وأكرمهم عشرة, من رآه بديهة هابه, ومن خالطه معرفة أحبه, يقول ناعته: لم أر قبله ولابعده مثله)(53), وهذه الصفات اذا توفرت في القائد وان لم تكن في درجاتها العليا سوف تحقق تفاعل المجتمع معه ولهذا عندما يمرّ السيد الطباطبائي; بهذه الآية الشريفة يقرر هذه الحقيقة إذ يقول (وفيها ـ أي الآية محل البحث ـ وصف تعالى نبيه 9 وصفاً يحنن به إليه قلوب المؤمنين)(54) وهذه مرتبة اشد من التفاعل معه بل يحنون اليه ويتلهفون عليه لأخلاقه وسلوكه العظيم, ويقول المفسر الآخر: (أشارت الآية الى اربع صفات أخرى من صفات النبي 9 السامية والتي لها أثرها العميق في إثارة عواطف الناس وجلب انتباههم وتحريك أحاسيسهم )(55), بل نجد السيد الطباطبائي عندما يمر ببحث الشفاعة يستشهد بهذه الآية الكريمة ليعزز تحقيق شفاعة الرسول9 فيقول: (قال تعالى في حق رسوله ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ فصدّق رأفته وكيف يرضى رسول الله 9 وتطيب نفسه أن يتنعم بنعيم الجنة ويرتاض في رياضه وفريق من المؤمنين منغلقون في دركات السعير, مسجونون تحت أطباق النار وهم معترفون لله بالربوبية, ولرسوله بالرسالة ولما جاء به بالصدق لكنهم عصوه ...)56), فاذن حرص رسول الله ورافته وشفقته على امته لم يكن في الدنيا فحسب وانما يمتد دنيا واخرة .
إذن تبين لنا من خلال مفردات هذه الآية الشريفة من سورة التوبة أهم الخصائص القيادية للرسول 9 والتي تستلزم تفاعل الناس مع القائد . وبهذا أختم بحثي المتواضع بأن يسددني وجميع العاملين المخلصين لخدمة الاسلام واهل بيته المطهرين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
* هوامش البحث *
سورة التوبة: آية 128 .
سورة البقرة: آية 247.
سورة النحل: آية 15 .
سورة ص: آية 26 .
سورة الأنبياء: أية 78 .
سورة يوسف: آية 55 .
ابن منظور, (ت 711 هـ ), لسان العرب , نشر: أدب الحوزة, ط1, (قم / ايران - 1405 هـ). ج2 ص61 .
الطوسي, أبو جعفر, (ت 460 هـ ), التبيان, تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي, طبع ونشر: مطبعة مكتبة الأعلام الإسلامي, ط1, 1409 هـ . ج5 ص328 .
سورة البقرة: آية 185 .
سورة الحج: آية 78 .
البخاري, (ت 256 هـ ), صحيح البخاري, طبع ونشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع (اوفسيت ), (1401-1981 م) . ج1 ص15 .
سورة النساء: آية 28 .
الشريف المرتضى, (ت 426 هـ ), رسائل المرتضى, تحقيق وتقديم: السيد أحمد الحسيني, اعداد: السيد مهدي الرجائي , مطبعة الخيام, نشر: دار القرآن الكريم (قم - 1405 هـ) . ج2 ص246 .
الشوكاني, (ت 1255 هـ ), فتح القدير, طبع ونشر: عالم اكتب, ج1ص471 ؛ مسلم الحلي (ت 1401 هـ ), القرآن والعقيدة, تحقيق: فارس حسون كريم, ص325 .
الطوسي, (ت 460 هـ ), الخلاف, تحقيق: السيد علي الخراساني, السيد جواد الشهرستاني, الشيخ مهدي طه نجف, اشراف: الشيخ مجتبى العراقي, الطبعة الجديدة, طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ,(قم المشرفة - 1411هـ) . ج3 ص42 .
النساء: 43 .
المحقق الحلي, (ت 676 هـ ), المعتبر, تحقيق وتصحيح: عدة من الأفاضل, اشراف: ناصر مكارم الشيرازي, نشر: مؤسسة سيد الشهداء (ع), قم, ج2 ص161 .
الطوسي, (ت 460 هـ) المبسوط, تحقيق وتصحيح وتعليق: أحمد باقر السهبودي, نشر: المكتبة المرتضوية لإحياء آثار الجعفرية , المطبعة الحيدرية, ط2, (طهران – 1388 هـ) . ج4 ص67 .
الحلبي, (ت 1044 هـ ), السيرة الحلبية, طبع ونشر: دار المعرفة, (بيروت – 1400 هـ) . ج1 ص295 .
الطوسي, (ت 460 هـ ), الغيبة, تحقيق: شيخ عبد الله الطهراني و شيخ علي احمد ناصح, مطبعة: بهمن, نشر: مؤسسة المعارف الإسلامية, ط1, (قم – 1411 هـ) . ص193 .
أحمد بن حنبل, (ت 241 هـ ), مسند أحمد, نشر: دار صادر, بيروت / لبنان . ج1 ص19 ؛المفيد, (ت 413 هـ ), الارشاد, تحقيق: مؤسسة آل البيت : لتحقيق التراث, نشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع, ط2, (بيروت / لبنان - 1414 هـ / 1993 م) . ج1 ص182 ؛الكراجكي, أبو الفتح, (ت 449 هـ ), كنز الفوائد, نشر: مكتبة المصطفوي, ط2, قم, ص61.
أحمد بن حنبل, (241 هـ ), مسند أحمد, نشر: دار صادر, بيروت / لبنان, ج1 ص235 ؛ البخاري, (ت 256 هـ ), صحيح البخاري, نشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, (1401 هـ - 1981 م) . ج5 ص192 ؛ مسلم النيسابوري, (ت 261 هـ ), صحيح مسلم, نشر: دار الفكر, بيروت / لبنان . ج8 ص157 ؛الكراجكي, أبو الفتح, كنز الفوائد, ص161 .
سليم بن قيس الهلالي, (ت, ق1) . كتاب سليم بن قيس, محمد بن باقر الأنصاري . ص167 .
المتقي الهندي, (ت 975 هـ ), كنز العمال, تحقيق ضبط وتفسير: الشيخ بكري حياني, تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا, نشر: مؤسسة الرسالة, (بيروت / لبنان - 1409هـ / 1989 م ), بيروت / لبنان . ج11 ص351 .
ابن عساكر, (ت 571 هـ ), تاريخ مدينة دمشق, تحقيق, علي شيري, نشر وطبع: دار الفكر للطباعة والنشر, ط, (بيروت / لبنان – 1415 هـ ), ج 43 ص414 ؛ المقريزي, (ت 845 هـ ), امتناع الاسماع, تحقيق وتعليق: محمد عبد الحميد النميس, نشر: منشورات محمد علي بيضون, دار الكتب العلمية, ط1, (بيروت / لبنان – 1420 هـ 1999م) . ج12 ص201 ؛المتقي الهندي (ت 975 هـ ), كنز العمال, تحقيق ضبط وتفسير: الشيخ بكري حياني, تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا, نشر: مؤسسة الرسالة, (بيروت / لبنان – 1409 /هـ 1989 م) . ج11 ص351 .
المتقي الهندي, كنز العمال, ج11 ص351 .
سورة المائدة: آية 67 .
الصدوق, (ت 381 هـ ), الخصال, تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبرالغفاري, نشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة, (قم – 1403 هـ) . ص66 .
أحمد بن حنبل, (ت 241 هـ ), مسند أحمد, نشر: دار صادر, بيروت / لبنان, ج4 ص371 ؛ النسائي, (ت 303 هـ ), فضائل الصحابة, نشر: دار الارشاد, تحقيق: مؤسسة آل البيت : لتحقيق التراث, نشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع, ط2, (بيروت / لبنان – 1414 هـ / 1993 م) . ج1 ص233 .
البلاذري, (ت 279 ), انساب الاشراف, تحقيق وتعليق: الشيخ محمد باقر المحمودي, نشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, ط1, (بيروت / لبنان – 1974 م) . ص103 .
سورة المائدة: آية 55-56 .
الصدوق, (ت 381 هـ) الامالي, تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية, مؤسسة البعثة, نشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة, ط1, (قم – 1417 هـ) . ص187 .
الفتال النيسابوري ,( ت 508 هـ ), روضة الواعظين, نشر: منشورات الشريف الرضي , قم, ص102 .
الطوسي, (ت 460 هـ ), الاقتصاد, نشر: منشورات مكتبة جامع جهلستون, مطبعة: الخيام, (قم – 1400 هـ) . ص198 .
إبراهيم بن محمد الثقفي, (ت 283 هـ ), الغارات, تحقيق: السيد جلال الدين الحسيني الأموي المحدث, طبع على طريقة اوفسيتفي مطابع بهمن, ج2 ص477 .
أحمد بن حنبل, (ت 241 هـ ), مسند أحمد, نشر: دار صادر, بيروت / لبنان, ج1 ص157 ؛ النسائي, (ت 303 هـ ), السنن الكبرى, تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن, نشر: دار الكتب العلمية, ط1, (بيروت / لبنان – 1411 هـ / 1991 م) . ج5 ص192 .
البخاري, (ت 256 هـ ), صحيح البخاري, نشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, (1401هـ - 1982 م) . ج1 ص37 .
البخاري, صحيح البخاري, ج4 ص31 .
سورة النجم: آية 3-4 .
مسلم النيسابوري, (ت 261 هـ ), صحيح مسلم, نشر: دار الفكر, (بيروت / لبنان ), ج7 ص120 ؛ الصدوق, (381 هـ ), الهداية, تحقيق مؤسسة الإمام المهدي (ع) , نشر: مؤسسة الإمام المهدي (ع), مطبعة اعتماد, ط1, (قم – 1418 هـ) . ص158 .
الطوسي, (ت 460 هـ ), الرسائل العشر, نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة / ايران . ص98 .
التفتازاني, (ت 791 هـ ), شرح المقاصد في علم الكلام, نشر: دار المعارف النعمانية, مطبعة: باكستان دار المعارف النعمانية, ط1, (1401 هـ - 1981 م) . ج2 ص283 .
القلم: 4
الجوهري, (ت 393 هـ) الصحاح, تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار, نشر: دار العلم للمليين, ط4, (بيروت / لبنان – 1407 هـ / 1987 م) . ج4 ص1362 .
أبو هلال العسكري, (ت 395 هـ ), الفروق اللغوية, تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي, نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة, ط1, (قم / ايران – 1412 هـ) . ص247 .
ابن منظور, (ت 711 هـ ), لسان العرب, نشر: أدب الحوزة, (قم / ايران – 1405 هـ) . ج9 ص112 .
السمعاني, (ت 489 هـ ), تفسيرالسمعاني, نشر وطبع: دار الوطن – الرياض, ط1, (1418 هـ - 1997 م) . ج2 ص364 .
الرازي, (ت 606 هـ ), تفسير الرازي, ط 3, ج16, ص237 .
القرطبي, (ت 671 هـ ), تفسير القرطبي, تحقيق: أبو إسحاق إبراهيم أطفيش, نشر: دار احياء التراث العربي, (بيروت / لبنان – 1985 م) . ج8 ص301 .
الطبرسي, (ت 548 هـ ), تفسير مجمع البيان, تحقيق وتعليق, لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين, نشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات, ط1, (بيروت / لبنان – 1415هـ / 1995 م) . ج5 ص149 .
البغوي, (ت 510 هـ ), تفسير البغوي, تحقيق: خالد عبد الرحمن العك, نشر: دار المعرفة, مطبعة بيروت – دار المعرفة . ج2 ص342 .
ابن الجوزي, (ت 597 هـ ), زاد المسير, تحقيق: محمد بن عبد الرحمن, نشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, ط1, (1407 هـ - 1987 م) . ج3 ص354 .
إبراهيم بن محمد الثقفي, (ت 283 هـ ), الغارات, تحقيق: السيد جلال الدين الأموي المحدث . ج1 ص172 .
الطباطبائي, الميزان في تفسير القرآن . ج9 ص409 .
ناصر مكارم الشيرازي, الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل . ج6 ص 282 .
الطباطبائي, الميزان في تفسير القرآن . ج1 ص187 .
(*) رئيس قسم العقيدة والفكر الاسلامي / كلية الفقه / جامعة الكوفة.