البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الشواهد القرآنية في النهضة الحسينية

الباحث :  رسول كاظم عبد السادة
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  9
السنة :  السنة الثالثة - شعبان المعظم 1437هـ / 2016م
تاريخ إضافة البحث :  June / 25 / 2016
عدد زيارات البحث :  4290
تحميل  ( 416.905 KB )

الشواهد القرآنية

في النهضة الحسينية


رسول كاظم عبد السادة


الحمد لله رب العالمين والصلاة على النبي الأمّي الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن على اعدائهم أجمعين، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اصحاب الحسين.

ان نهضة الامام الحسين (صلوات الله عليه) قد اوجزها بنفسه (ع) حيث قال: (إنما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص))، وواقع الحال ان هذا الاصلاح لابد من أن يكون على وفق دستور يحتكم اليه ولا يمكن أن يكون غير ما جاء به نبي الاسلام (ص) وهو القرآن.

إذن فالإصلاح الحسيني ينطلق من القرآن، بل هو روح القرآن، لأنّ الناهض به ناطق بالقرآن كما قال امير المؤمنين (ع) حين وضع يده على رأسه وقال يا كتاب الله انطق، ثم قال: انا كتاب الله الناطق (عن المفيد عن علي (ع) أنه قال في أثناء كلام طويل: واما القرآن انما هو خط مسطور بين دفتين، لا ينطق وانما تتكلم به الرجال)([1]).

ومن هنا سوف نقف عند بعض الشواهد القرآنية التي كان مولانا سيد الشهداء يتمثل بها ليّعين بعض مصاديق تلك الآيات لمن أراد ان يتخذه مثالاً في السلوك الاصلاحي القرآني في الامة.

■ أولاً: الشاهد القرآني الحسيني من المدينة الى مكة، ثم الى كربلاء:

كانت مسيرة سيد الشهداء من المدينة الى مكة ومنها الى كربلاء تمثل مدرسة في الدعوة الى الله وبيان سلوكيات الحكام والناس؛ وذلك من خلال الحوادث التي دونها لنا التاريخ، فالمتأمّل في تلك الحوادث يجد التنوع في الوعظ والتشابه في الهدف؛ لأنّه صادر عن امر الله الواحد ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ﴾([2]). والذي يهمنا في هذا البحث ما كان سيد الشهداء يستعمل فيه القرآن شاهدا ودليلا، وان كان كل ما يفعله (ع) ويقوله صادر من روح القرآن؛ لأنّه يحذو حذو جده (ص) ﴿مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾([3]) إذ إنّ فعله وقوله من الله وعن الله. وأول ما يصادفنا من تلك الشواهد في بيان نهضته وانها الهية المنشأ.

1- ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾:

فقد بين سلام الله عليه ان امره يجري مجرى الانبياء : الّذين من قبله فخروجه من المدينة- مثلا - كخروج موسى بن عمران «السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَلِيمِ الله».

قال المفيد: سار الحسين إلى مكة وهو يقرأ: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾([4]).

خرج الحسينُ خروجَ موسى خائفاً


مترقِّباً ما أضمرته لِئَامُها

فتعاهدت في حِفْظِ ذِمَّةِ أحمد


ساداتُ أنصارِ الإلهِ كرامُها([5])

2- ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.

ولزم الطريق الأعظم، فقال له أهل بيته: لو تنكبت عن الطريق كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب، فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاضٍ، ولما دخل الحسين (ع) مكة، كان دخوله إياها يوم الجمعة، لثلاث مضين من شعبان، فلمّا نظر إلى جبالها من بعيد جعل يتلو هذه الآية الكريمة: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾([6])، وذلك ما قاله رسول الله موسى بن عمران (ع) حينما خرج من مصر إلى مَدْين . وقيل: إنَّه لمّا قدم مكّة قال: «اللّهمَّ، خِرْ لي واهدني سواء السبيل»([7]).

3- ﴿إِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾.

ومن اهم الاهداف التي اراد الامام الحسين (ع) ان يبينها للامة ان فعله بالخروج هذا لم يكن بقصد مفارقة الامة وتفريقها؛ بل ان حكام الامة وطغاتها هم الذين فارقوا منهاج الاسلام فلابد من المزايلة والمفارقة بينهم وبينه، فهم قد كذبوا بما جاء به الرسول الاعظم (ص) .

روى الطبري عن عقبة بن سمعان قال: لمّا خرج الحسين من مكّة، اعترضه رُسلُ عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف، أين تذهب ؟! فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط .

ثمّ إنّ الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعاً قويّاً، ومضى الحسين (ع) على وجهه، فنادوه: يا حسين، ألا تتّقي الله، تخرج من الجماعة وتُفرّق بين هذه الأمّة؟!

فتأوّل حسين قول الله عزّوجلّ: ﴿ ... لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ([8]) .

وهذه الآية استشهد بها الامام (ع) حين ابلغه اهل المدينة برسالة يزيد اليهم بالتهديد، إذ يروي التاريخ، أنّ يزيد بعث برسالة إلى أهل المدينة تحتوي تهديدهم وتحذيرهم من أيِّ تحرُّك يتنافى ومصالح السلطة الأمويّة، فعن ابن أعثم الكوفي: ( وإذا كتاب يزيد بن معاوية قد أقبل من الشام إلى أهل المدينة على البريد ـ من قريش وغيرهم من بني هاشم، وفيه هذه الأبيات..

أَبـلغ قـريشاً على نأي المزار بها







بـيني وبـين الحسين اللهُ والرحمُ

ومـوقف بـفناء الـبيت أنـشده






عـهد الإلـه غـداً يوفى به الذممُ

هـنـيتمُ قـومكم فـخراً بـأمِّكمُ



أُمٌّ لـعَمري حـسانٌ عفَّة كرمُ

هـي الـتي لا يُـداني فضلها أحدٌ



بنت الرسول وخير الناس قد علموا

إنّــي لأعـلم أو ظـنّاً لـعالمه




والـظنّ يـصدق أحـياناً فينتظمُ

أنْ سـوف يـترككم ما تدَّعون به




قـتلى تـهاداكم الـعقبان والرخمُ

يا قومنا لا تشبُّوا الحرب إذ سكنتْ



وأمـسكوا بحبال السلم واعتصموا

قد غرَّت الحرب مَن قد كان قبلكمُ



مـن الـقرون وقد بادت بها الأُممُ

فـأنصفوا قـومكم لا تهلكوا بذخاً



فَرُبَّ ذي بذخ زلَّت به القدمُ


فنظر أهل المدينة إلى هذه الأبيات، ثمّ وجّهوا بها وبالكتاب إلى الحسين بن عليّ ـ رضي الله عنهما ـ فلمّا نظر فيه، علم أنّه كتاب يزيد بن معاوية، فكتب الحسين الجواب: «بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾([9]) والسلام» ([10]).

4- ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾.

وعند حاول بعض الاصحاب في مكة الطلب من الحسين (ع) تغيير عزمه بالسير الى العراق؛ لأنهم اهل غدر وسيتركونه وحيدا بين يدي اعدائه، فبيّن لهم انه على منهاج جده ابراهيم؛ لأنّه امة وحده، وما له الا ان يقول حسبي الله ونعم الوكيل، ولما ألحوا اليه احتكم الى القرآن متفائلاً ومستخيراً.

تبيّن ذلك في محاورة ثلاثية كانت بين الإمام (ع) وابن عباس وعبداللّه بن عمر الثالث فيها، ويبدو أنّ هذه المُحاورة حصلت في الأيّام الأُولى من إقامة الإمام الحسين (ع) في مكّة المكرّمة، وكان بها يومئذ ابن عباس وابن عمر (وقد عزما أن ينصرفا إلى المدينة).

وقد ابتدأ ابن عمر القول في هذه المُحاورة، مُحذّراً الإمام (ع) من عداوة البيت الأُموي وظلمهم وميل الناس إلى الدنيا، وأظهر له خشيته عليه من أن يُقتل، وأنّه سمع رسول الله (ص) يقول: ( حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه، ولن ينصروه ؛ ليخذلهم الله إلى يوم القيامة ) ([11])، ثمّ أشار على الإمام(ع) أن يدخل في صلح ما دخل فيه الناس، وأن يصبر كما صبر لمعاوية !

فقال له الحسين (ع): ( أبا عبدالرحمن! أنا أُبايع يزيد وأدخل في صُلحه؛ وقد قال النبيّ (ص) فيه وفي أبيه ما قال) ؟!

فقال ابن عباس: صدقتَ أبا عبد الله، قال النبيّ (ص) في حياته: «ما لي وليزيد ؟! لا بارك الله في يزيد !، وإنّه يقتل ولدي وولَد ابنتي الحسين (ع)، والذي نفسي بيده، لا يُقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه ؛ إلاّ خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم»!

ثمّ بكى ابن عباس، وبكى معه الحسين (ع)، وقال: ( يا بن عباس، تعلمُ أنّي ابن بنت رسول الله (ص)) ؟!

فقال ابن عباس: اللّهمّ نعم، نعلمُ ونعرف أنّ ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله (ص) غيرك، وأنّ نصرك لفرض على هذه الأمّة، كفريضة الصلاة والزكاة، التي لا يقدر أن يقبل أحدهما دون الأُخرى!

قال الحسين (ع): (يا بن عباس، فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله (ص) من داره وقراره ومولده، وحرم رسوله، ومُجاورة قبره، ومولده، ومسجده، وموضع مهاجره، فتركوه خائفاً مرعوباً لا يستقرّ في قرار ولا يأوي في موطن، يريدون في ذلك قتله وسفك دمه، وهو لم يُشرك بالله شيئاً، ولا اتّخذ من دونه وليّاً، ولم يتغيّر عمّا كان عليه رسول الله)؟!

فقال ابن عباس: ما أقول فيهم: إلاّ ﴿ ... أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ...﴾ ﴿ ... يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاَءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾، وعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى، وأمّا أنت يا بن بنت رسول الله (ص)، فإنّك رأس الفخار برسول الله (ص) وابن نظيرة البتول، فلا تظنّ ـ يا بن بنت رسول الله ـ أنّ الله غافل عمّا يعمل الظالمون، وأنا أشهد أنّ مَن رغب عن مُجاورتك، وطمع في مُحاربتك ومُحاربة نبيّك محمّد (ص) فماله من خَلاق .

فقال الحسين (ع): (اللّهمَّ اشهد).

فقال ابن عباس: جُعلتُ فداك يا بن بنت رسول الله، كأنّك تُريدني إلى نفسك، وتُريد منّي أن أنصرك ! والله الذي لا إله إلاّ هو، أن لو ضربتُ بين يديك بسيفي هذا حتّى انخلعَ جميعاً من كفّي، لما كنت ممَّن أُوفِّي من حقّك عُشر العُشر، وها أنا بين يديك مُرْني بأمرك .

ثمّ أقبل الإمام الحسين (ع) على ابن عباس رحمه الله .. فقال: (يا ابن عباس، إنّك ابن عمّ والدي، ولم تزل تأمر بالخير منذ عرفتك، وكنت مع والدي تُشير عليه بما فيه الرشاد، وقد كان يستنصحك ويستشيرك فتُشير عليه بالصواب، فامضِ إلى المدينة في حفظ الله وكلائه، ولا يَخفَ عليَّ شيءٌ من أخبارك، فإنّي مُستوطنٌ هذا الحرم، ومُقيمٌ فيه أبداً ما رأيتُ أهله يُحبّوني وينصروني، فإذا هم خذلوني استبدلتُ بهم غيرهم، واستعصمتُ بالكلمة التي قالها إبراهيم الخليل (ع) يومَ أُلقي في النار: (حسبي الله ونِعْمَ الوكيل)، فكانت النار عليه برداً وسلاماً...).

فبكى ابن عباس وابن عمر في ذلك الوقت بكاءً شديداً، والحسين (ع) يبكي معهما ساعة، ثمّ ودّعهما، وصار ابن عمر وابن عباس إلى المدينة.

وروي: (أنّ ابن عباس ألحّ على الحسين (ع) في منعه من المسير إلى الكوفة، فتفأَّل بالقرآن لإسكاته، فخرج الفأل قوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ...﴾([12]) .

فقال (ع): (إنّا لله وإنّا إليه راجعون، صدق الله ورسوله ـ . ثمّ قال: ـ يا بن عباس، فلا تُلحَّ عليَّ بعد هذا ؛ فإنّه لا مردّ لقضاء الله عزّ وجلّ)([13]) .

5- ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾:

ثم سار سلام الله عليه متوكلاً على الله سبحانه وتعالى غير مبال بالمنية؛ لأنّ المنايا مقدرة موقته لايدفعها الانسان بالاحتيال او بالاسباب؛ لذلك رفض نصرة اهل الغيب وانما اراد ان يكون منهجه خاضعا لقوانين اهل الارض من غير الاستعانة بالاعجاز والقوى الغيبية الا بما تقام به الحجة على القوم.

قال محمد بن أبي طالب في آماليه: وأتته أفواج مسلمي الجن فقالوا: يا سيدنا، نحن شيعتك وأنصارك، فمرنا بأمرك، وما تشاء، فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك، فجزاهم الحسين خيرا وقال لهم: أو ما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾([14])، وقال سبحانه: ﴿لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾([15]). وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلي هذا الخلق المتعوس؟ وبما ذا يختبرون ؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء؟ وقد اختارها الله يوم دحا الأرض، وجعلها معقلا لشيعتنا، ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة ولكن تحضرون يوم السبت، وهو يوم عاشورا الذي في آخره اقتل، ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخــوتي وأهل بيتي، ويسار برأسي إلى يزيـد لعنـه الله . فقالت الجـن: نحـن والله يا حبيب الله وابن حبيبه، لولا أن أمرك طاعة وأنه لا يجوز لنا مخالفتك، قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك، فقال صلوات الله عليه لهم: نحن والله أقدر عليهم منكم، ولكن ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾([16])([17]) .

6 - ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾.

و لم يشغله (ع) المسير الى الكوفة عن ان يفسر ايات القرآن ويرد على اسئلة المكلفين، فإنّ من تمام نهضته سلام الله عليه بيان مسلك خصومه من بني امية، وان الخلق لا يخلون من امام يدعوا الى الحق والصلاح، واخر يدعوا الى الباطل والضلالة، فأجاب بشر بن غالب لما سأله حين بلغ الثعلبية، فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ قال: إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وهو قوله عز وجل([18]) ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾([19]).

7 - ﴿وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾.

ومن شواهده سلام الله عليه القرآنية الأُخر وهو في طريقه الى كربلاء انه وقف عند اهم خصائص الداعي المصلح، وهي عدم الاستعانة في دعوته باهل الضلالة ذريعة للوصول الى مبتغاه وهذا هو منهج امير المؤمنين (ع) في الجمل، فان اتخاذ مثل هؤلاء في نهضات المصلحين هو الآفة الكبرى والخطأ الذي وقعت فيه اغلب تلك الدعوات وفي زماننا هذا شواهد كثيرة على ذلك، فقد نزل (ع) القطقطانة فنظر إلى فسطاط مضروب، فقال: لمن هذا الفسطاط ؟ فقيل: لعبد الله بن الحر الجعفي فأرسل إليه الحسين (ع) فقال: أيها الرجل إنك مذنب خاطئ وإن الله عز وجل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك هذه فتنصرني، ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى . فقال: يا بن رسول الله والله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك، ولكن هذا فرسي خذه إليك فوالله ما ركبته قط، وأنا أروم شيئا إلا بلغته، ولا أرادني أحد إلا نجوت عليه، فدونك فخذه فأعرض عنه الحسين (ع) بوجهه، ثم قال: لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك، ﴿وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾([20])، ولكن فر، فلا لنا ولا علينا فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت، ثم لم يجبنا أ كبه الله على وجهه في نار جهنم ([21]).


■ ثانياً: الشاهد القرآني الحسيني في خضم المعركة :

وكان القرآن في ساعة المعركة حاضراً؛ بل شاهدا على القوم في كل كلمات الامام (ع) وخطبه مبينا لهم احقيته (ع) وبطلان امر بني امية دعاة الضلالة.

فقددعى القوم الى كتاب الله والاحتكام اليه في معرفة المحق من المبطل مبينا لهم انه احق بالنصر من يزيد وبني امية لو قرا القرآن كما بينه الرسول الاعظم (ص)، بخلاف قراءة يني امية ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القرآن عِضِينَ﴾([22]).

8 - ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾.

ذكر الطبري: لما دنا منه القوم دعا الإمام الحسين (ع) براحلته فركبها، ثم نادى بأعلى صوته دعاء يسمع جل الناس: أيها الناس ! اسمعوا قولي، ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم على سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر، ولم تعطوا النصف من أنفسكم ﴿فَأَجْمِعُوا َمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ﴾([23]) ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ ([24]).

9- ﴿عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾.

وفي الإرشاد يقول الشيخ المفيد: ( ثمّ دعا الحسين براحلته فركبها، ونادى بأعلى صوته: ( يا أهل العراق ـ وجُلّهم يسمعون ـ فقال:

أيّها النّاس، اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعِظكم بما يحقّ لكم عليَّ، وحتّى أُعذِر إليكم، فإنْ أعطيتموني النّصف كنتم بذلك أسعد، وإنْ لم تعطوني النَصف من أنفسكم فأجمعوا رأيكم، ثمّ لا يكنْ أمركم عليكم غُمّة ثمَّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون، إنَّ ولييَّ الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين.

ثمّ حمدَ الله وأثنى عليه وذكر الله بما هو أهله، وصلّى على النبيّ (ص) وعلى ملائكة الله وأنبيائه، فلم يُسمع متكلِّمٌ قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه، ثمّ قال :

أمّا بعد، فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثمّ ارجِعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلحُ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألستُ ابن بنت نبيّكم، وابن وصيّه وابن عمِّه، وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله بما جاء به من عند ربّه ؟ أوَ ليس حمزة سيّد الشهداء عمّي ؟ أوَ ليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمِّي ؟ أوَ لم يَبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيّدا شباب أهل الجنّة ؟

فإنْ صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ، والله ما تعمّدت كذباً منذ علمتُ أنّ الله يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم مَن إنْ سألتموه عن ذلك أخبَرَكم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعديّ، وزيد ابن أرقم، وأنس بن مالك، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله(ص) لي ولأخيّ، أمَا في هذا حاجزٌ لكم عن سفك دمي ؟!

فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول!([25])، فقال له حبيب بن مظاهر: والله، إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادقّ ما تدري ما يقول، قد طبعَ الله على قلبك .

ثمّ قال لهم الحسين (ع) :

فإنْ كنتم في شكّ من هذا، أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم ؟! فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ؟! أو مالٍ لكم استهلكته ؟! أو بقصاص جراحة ؟!

فأخذوا لا يكلّمونه، فنادى:

يا شبث بن ربعي، يا حجّار بن أبجر، يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث، ألمْ تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب، وإنّما تقدِم على جُندٍ لك مُجنَّدة ؟!

فقال له قيس بن الأشعث: ما ندري ما تقول ! ولكن انزِل على حكم بني عمّك ؛ فإنّهم لن يُروك إلاّ ما تحبّ !

فقال له الحسين (ع):

لا واللهِ، لا أُعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد، ثمّ نادى:

يا عباد الله، إنّي عُذت بربّي وربّكم أن ترجمون، ﴿ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾([26]).

ثمّ إنّه أناخَ راحلته، وأمر عقبة بن سمعان فعقلها» ([27]).

10- ﴿بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

أمّا الخوارزمي، فقد روى تفاصيل هذا الخطبة على نحوٍ آخر، ونحن ننقل منها محل الشاهد قال: (وأصبحَ الحسين فصلّى بأصحابه، ثمّ قرّب إليه فرسه، فاستوى عليه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن خضير الهمداني، فتقدّم الحسين (ع) حتّى وقف قبالة القوم، وجعل ينظر إلى صفوفهم كأنّها السيل، ونظرَ إلى ابن سعد واقفاً في صناديد الكوفة، فقال: (الحمدُ لله الذي خلقَ الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور مَن غرّته، والشقيّ مَن فَتَنته، فلا تغرّنكم هذه الدنيا ؛ فإنّها تقطع رجاء مَن ركن إليها، وتخيّب طمعَ مَن طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، فأعرضَ بوجهه الكريم عنكم، وأحلّ بكم نقمته، وجنّبكم رحمته، فنِعمَ الربّ ربّنا، وبئس العبيد أنتم، أقرَرتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمّد، ثمّ إنّكم زحفتم إلى ذرّيته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبّاً لكم وما تريدون، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم قد كفروا بعد إيمانهم (فبعداً للقوم الظالمين).

فقال عمر بن سعد: ويلكم، كلِّموه فإنّه ابن أبيه، فو الله لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لمَا قطع ولمَا حصر، فكلّموه .

فتقدّم إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: يا حسين، ما هذا الذي تقول؟ أفْهِمنا حتى نفهم!

فقال (ع): أقول لكم اتّقوا الله ربّكم ولا تقتلونِ، فإنّه لا يحلّ لكم قتلي ولا انتهاك حرمتي؛ فإنّي ابن بنت نبيّكم، وجدّتي خديجة زوجة نبيّكم، ولعلّه قد بلغكم قول نبيّكم محمّد (ص): الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ما خلا النبيّين والمرسلين، فإنْ صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ، فو الله ما تعمّدتُ كذباً منذ علمتُ أنّ الله يمقت عليه أهله، وإنْ كذّبتموني فإنّ فيكم من الصحابة مثل: جابر بن عبد الله، وسهل بن سعد، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، فاسألوهم عن هذا، فإنّهم يُخبرونكم أنّهم سمعوه من رسول الله (ص)، فإن كنتم في شكّ من أمري أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟! فو الله ما بين المشرقين والمغربين ابن بنت نبيّ غيري، ويلكم، أتطلبوني بدم أحد منكم قتلته، أو بمالٍ استملكته، أو بقصاص من جراحات استهلكته ؟!

فسكتوا عنه لا يجيبونه، ثمّ قال (ع): والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد، عباد الله، إنّي عُذت بربّي وربّكم أن ترجمونِ، وأعوذ بربّي من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب.

فقال له شمر بن ذي الجوشن: يا حسين بن علي، أنا أعبد الله على حرف إن كنتُ أدري ما تقول !

فسكت الحسين (ع)، فقال حبيب بن مظاهر للشمر: يا عدوَّ الله وعدوَّ رسول الله، إنّي لأظنّك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك لا تدري ما يقول، فإنّ الله تبارك وتعالى قد طبع على قلبك .

فقال له الحسين (ع): حسبُك يا أخا بني أسد، فقد قُضي القضاء، وجفّ القلم، والله بالغ أمره، والله إنّي لأَشوق إلى جدّي وأبي وأمّي وأسلافي من يعقوب إلى يوسف وأخيه، ولي مصرعٌ أنا لاقيه ([28]).

11- ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ﴾.

وقد جاء في خبر المقتل ان اصحاب الحسين (ع) باتوا في ليلة العاشر من محرم بالصلاة والتهجد وقراءة القرآن، اذ ان انصار الحسين (ع) تخلقوا بأخلاق امامهم حيث كان (ع) عدل القرآن لايفرقه القرآن ولا يفارق القرآن، عملاً وقراءةً.

في رواية للطبري عن الضحّاك بن عبد الله المشرقي قال: (فلمّا أمسى حسينٌ وأصحابه قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون، قال :فتمرُّ بنا خيلٌ لهم تحرسنا، وإنّ حسيناً ليقرأ: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾([29]) فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا، فقال: نحن وربّ الكعبة الطيّبون، مُيّزنا منكم !

قال: فعرفتهُ، فقلت لبرير بن خضير: تدري مَن هذا ؟ قال: لا .

قلتُ: هذا أبو حرب السبيعي، عبد الله بن شهر، وكان مضحاكاً بطّالاً، وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً، وكان سعيد بن قيس ربّما حبسه في جناية .

فقال له برير بن خضير: يا فاسق، أنت يجعلك الله في الطيبين ؟!

فقال له: مَن أنت ؟

قال: أنا برير بن خضير .

قال: إنّا لله، عزّ عليَّ، هلكتَ والله، هلكتَ والله يا بُرير .

قال: يا أبا حرب، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام ؟ فو الله إنّا لنحن الطيّبون ولكنّكم لأنتم الخبيثون .

قال: وأنا على ذلك من الشاهدين !

قلتُ: ويحك، أفلا ينفعك معرفتك ؟!

قال: جُعلتُ فداك، فمَن يُنادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل ؟ قال: هاهو ذا معي .

قال: قبّح الله رأيك، على كلّ حالٍ أنت سفيه .

قال: ثمّ انصرف عنا، وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الأحمسي وكان على الخيل)([30]) .

12- ﴿يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ﴾.

لذلك اصبح ديدن اصحاب الحسين في خطاباتهم وكلماتهم الاستشهاد بالآيات القرآنية تشبها بإمامهم وتحرياً للصواب في القول بعد ان وفقوا للصواب من الفعل بالتحاقهم بالحسين (ع).

هكذا أضفى الامام الحسين (ع) على اصحابه من نورانيته المباركة اثرا جديدا الا وهو الفقه والمعرفة بكتاب الله ولاشك فان من التحق بركب الحسين فقد ادرك الفتح واوله فتح ابواب العلوم والمعارف القرآنية.

روى الطبري قائلاً: جاء حنظلة بن أسعد الشباميّ فقام بين يدي حسين، فأخذَ يُنادي: ﴿يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾([31]).

يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيُسحتكم الله بعذاب وقد خاب مَن افترى .

فقال له حسين: (يا بن أسعد رحمك الله، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إلي من الحقّ ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصادقين ؟!

قال: صدقتَ جُعلت فداك، أنتَ أفقه منّي وأحقّ بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا ؟

قال: رُحْ إلى خيرٍ من الدنيا وما فيها، وإلى مُلكٍ لا يبلى .

فقال: السلام عليك أبا عبد الله، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك، وعَرّف بيننا وبينك في جنّته .فقال: آمين آمين .

فاستقدمَ فقاتل حتّى قُتل([32]) .

13- ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.

وقد بين الامام (ع) انه من الذرية الطاهرة ومن سلالة الانبياء :، فهو بذلك احق من غيره في اصلاح امة جده بالوراثة القرآنية والولائية، فقد احتج على

ابن الاشعث حين قال له: يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك ؟ فتلا الحسين هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾([33])، ثم قال: والله إن محمدا لمن آل إبراهيم، وإن العترة الهادية لمن آل محمد([34]).

وروى الشيخ الصدوق ; قائلاً: (ثمّ أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له محمّد بن أشعث بن قيس الكندي، فقال: يا حسين بن فاطمة، أيّة حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك ؟! قال الحسين (ع): (هذه الآية: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً ...﴾، ثمّ قال: إنّ محمّداً لمِن آل إبراهيم، ثمّ قال: إنّ محمّداً لمِن آل إبراهيم، وإنَّ العترة الهادية لمِن آل محمّد، مَن الرجل ؟

فقيل: محمّد بن أشعث بن قيس الكندي([35])، فرفع الحسين (ع) رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ أرِ محمّد بن الأشعث ذُلاًّ في هذا اليوم لا تُعزّه بعد هذا اليوم أبداً)، فعرضَ له عارض فخرج من العسكر يتبرّز فسلّط الله عليه عقرباً فلدغهُ فمات بادي العورة)([36]).

واكد هذا المعنى حين برز ولده الاكبر علي 8، فقد برز علي الاكبر، وكان له ثماني عشرة سنة، فلمّا رآه الحسين رفعَ شيبته نحو السماء، وقال: (اللّهمَّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برزَ إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً برسولك محمّد(ص)، كنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، اللّهمّ فامنعهم بركات الأرض، وإنْ منعتهم ففرّقهم تفريقـاً، ومزّقهم تمزيقـاً، واجعلهـم طرائـق قدداً، ولا تُرضِ الولاة عنهم أبداً، فإنّهم دَعونا لينصرونا، ثمّ عَدَوا علينا يقاتلونا ويقتلونا.

ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد: مالكَ ! قطعَ الله رَحِمك، ولا باركَ الله في أمرك، وسلّط عليك مَن يذبحك على فراشك، كما قطعتَ رحِمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (ص)، ثمّ رفع صوته وقرأ: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾([37]).

14 - ﴿مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾.

وكان سلام الله عليه يبين حال قتلاه من القرآن فهم مصاديق أعلى للشهادة، ويبين كذلك لمن بقي منهم انهم على الطريق في انتظار الشهادة فكان سلام الله عليه يقرا هذه الآية.

اذا بلغته شهادة احدهم، وقال الطبري: لمّا بلغ الحسين (ع) إلى عذيب الهجانات، في ممانعة الحرّ .

جاءه أربعة نفر ومعهم دليلهم الطرمّاح ([38]) بن عديّ الطّائي، وهم يجنبون فرس نافع المرادي، فسألهم الحسين (ع) عن الناس وعن رسوله، فأجابوه عن الناس، وقالوا له: رسولك مَن هو ؟ قال: (قيس!).

فقال مجمع العائذي: أخذه الحُصين، فبعث به إلى ابن زياد، فأمره أن يلعنك وأباك، فصلّى عليك وعلى أبيك، ولعن ابن زياد وأباه، ودعانا إلى نصرتك، وأخبرنا بقدومك، فأمر به ابن زياد، فأُلقي من طمار القصر، فمات رضي الله عنه .

فترقرقت عينا الحسين (ع) وقال: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾، اللّهمَّ، اجعل لنا ولهم الجنّة منزلاً، واجمع بيننا وبينهم في مُستقرّ رحمتك ورغائب مذخور ثوابك).

وكان (ع) يقرا هذه الآية على اغلب الشهداء من اصحابه في ساحة القتال حين يقف عليهم.

روى الطبري انَّ عمرو بن الحجّاج حملَ على الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضطربوا ساعة، فصُرع مسلم بن عوسجة الأسدي، أوّل أصحاب الحسين، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه، وارتفعت الغبرة فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين فإذا به رمق، فقال: (رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة([39]) ﴿فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ ([40]).

ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم، أبشِر بالجنّة.

فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك الله بخير.

فقال له حبيب: لولا أنّي أعلم في أثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصيني بكلّ ما أهمَّك، حتى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين.

قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين ـ أن تموت دونه.

قال: أفعلُ وربّ الكعبة.

قال: فما كان بأسرع من أن مات بأيديهم([41]).


■ ثالثاً: الشاهد القراني الحسيني بعد الشهادة:

15- ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾.

ونصل الى اتم الشواهد القرآنية وأعظمها تجليا حيث تظهر جلالة الدلالة فيها وبهاء ونور الناطق بها، تلك التي نطق بها رأس الامام الحسين (ع)، ففيها شرح الامام ومن طريق الاعجاز انه وأصحابه مثال اصحاب الكهف، ويزيد وقومة وأتباعه مثال دقيانوس، الى غيرها من الدلالات التي ممكن للعارف ان يستنبطها من معجزة قراءة راس الامام الحسين لآية اصحاب الكهف، على ان هناك روايات تشير الى ان الرأس الشريف سلام الله عليه، ولعنة الله على حامله، قد قرأ اكثر من آية.

عن زيد بن أرقم انه قال: مر به علي وهو على رأس رمح وانا في غرفة لي، فلما حاذاني سمعته يقرأ ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ ([42])، فوقف والله شعري فناديت: رأسك والله يا بن رسول الله اعجب واعجب!

وعن ابي مخنف عن الشعبي انه صلب رأس الحسين (ع) بالصيارف في الكوفة، فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ فلم يزدهم ذلك الا ضلالاً ([43]).

وأخرج ابن عساكر، بإسناده عن المنهال بن عمرو قال: أنا ـ والله ـ رأيت رأس الحسين بن علي حين حُمل وأنا بدمشق، وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتّى بلغ قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾([44])، قال: فأنطق الرأس بلسان ذرب فقال: (أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي)([45]) . ولنعم ما قال السيد بحر العلوم في ذلك:

أروحـك ام روح الـنبوّة تـصعد


من الأرض للفردوس والحور سجَّد

ورأسك أم رأس الرسول على القنا


بـآية أهـل الـكهف راح يـردّد

وصـدرك أم مستودع العلم والحجى


لـتحطيمه جـيش من الجهل يعمد

واُمّــك أم اُمّ الـكتاب تـنهَّدت


فــذاب نـشيجاً قـلبها الـمتنهّد

16- ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ﴾.

وفي اثر انهم لما صلبوا رأسه على الشجر سمع منه ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾.

وعن الحارث بن وكيدة قال: كنت فيمن حمل رأس الحسين (ع) وسمعته يقرأ سورة الكهف؛ فجعلت أشك في نفسي وانا اسمع وقلت، اسرقه, فناداني: يابن وكيدة ليس لك إلى ذلك من سبيل سفكهم دمي اعظم عند الله من تسييرهم اياي، فذرهم ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ﴾([46]).

17- ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

وجاء في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور: (وقال: إنّ كلّ راوٍ لهذا الحديث قال لمَن رواه له: الله، إنّك سمعته من فلان؟ قال: الله، إنّي سمعته منه، إلى الأعمش! قال الأعمش: فقلت لسلمة بن كهيل: الله، إنّك سمعته منه ؟ قال: الله، إنّي سمعته منه بباب الفراديس بدمشق ! لا مُثّل لي ولا شُبّه لي وهو يقول([47]): ﴿...فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾([48]).


رابعاً: الشاهد القرآني الحسيني عند اهل البيت في الأسر:

وتستمر النهضة الحسينية بعد شهادة الامام الحسين (ع) وهي تحمل القرآن دستورا ومنهاجا في ابطال دعاوى الطغاة والجبابرة، ولكن هذه المرة بقيادة زين العابدين والحوراء زينب 8.

ان منهج بني امية في اخفاء الاستحقاقات الالهية لأهل البيت : في القرآن الكريم لم يفلح امام منهج الامام السجاد (ع) في بيان تلك الاستحقاقات في قلب العاصمة الاموية، فكان الامام السجاد خطيبا ومفسرا مجاهرا بفضائل اهل البيت : الامر الذي دعاهم الى التعجيل بإعادته الى المدينة المنورة.

18- ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.

قال ابن أعثم: وأُتي بحرم رسول الله (ص) حتّى أُدخلوا من مدينة دمشق من باب يُقال له: ( باب توما)، ثمّ أُتي بهم حتّى وقفوا على درج باب المسجد حيث يُقام السبي، وإذا بشيخ قد أقبل حتّى دنا منهم وقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح الرجال من سطوتكم، وأمكن أمير المؤمنين ! منكم .

فقال له عليّ بن الحسين: يا شيخ، هل قرأت القرآن ؟!

فقال: نعم، قرأته .

قال: فعرفت هذه الآية: ﴿قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾([49])؟!

فقال الشيخ: قد قرأت ذلك.

فقال عليّ بن الحسين (ع): فنحن القُربى يا شيخ !

قال: فهل قرأت في (بني إسرائيل): ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ...﴾([50]) ؟!

فقال الشيخ: قد قرأت ذلك.

فقال عليّ (رضي الله عنه): نحن القُربى يا شيخ ! ولكن هل قرأت هذه الآية: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾([51])، فنحن ذو القُربى يا شيخ ! ولكن هل قرأت هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ ([52]) ؟!

فقال الشيخ: قد قرأت ذلك .

فقال: فنحن أهل البيت الذين خُصصنا بآية الطهارة ! .

قال: فبقى الشيخ ساعة ساكتاً نادماً على ما تكلّمه، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهمَّ، إنّي تائبٌ إليك ممّا تكلّمته ومن بغض هؤلاء القوم، اللّهمّ، إنّي أبرأ إليك من عدوّ محمّد وآل محمّد من الجنّ والإنس ([53]) .

وفي اللهوف قال: قال الراوي: بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلّم به، وقال: تالله، إنّكم هُم ؟!

فقال عليّ بن الحسين 8: تالله، لنحن هم من غير شكّ، وحقّ جدّنا رسول الله (ص) إنّا لنحن هم.

قال: فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثمّ رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللّهمّ، إنّي أبرأ إليك من عدوّ آل محمّد (ص) من الجنّ والإنس . ثمّ قال: هل لي من توبة ؟

فقال له: نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا . فقال: أنا تائب.

فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ، فأمر به فقُتِل ([54]).

19- ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾.

كانت طريقة اهل البيت : تهدف الى بيان كفر يزيد بنص القرآن وابطال تأويلاته القرآنية المنحرفة وذلك في بيان واضح ينبأ بان بني امية اتخذوا من القرآن بتأويلاتهم الخاطئة تلك سلما للوصول الى الحكم، ومن هذا المنطلق قطعوا الطريق على مثل هذه التأويلات.

ذكر أبو الفرج الأصفهاني! قال: ثمّ دعا يزيد ـ لعنه الله ـ بعليّ بن الحسين، فقال: ما اسمك ؟

فقال: عليّ بن الحسين .

قال: أوَ لم يقتل الله عليّ بن الحسين ؟!

قال: قد كان لي أخ أكبر منّي يُسمّى علياً فقتلتموه!

قال: بل الله قتله .

قال علي: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ...﴾ ([55]).

قال له يزيد: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ...﴾([56]).

فقال علي([57]): ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ ([58]) .

20- ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ﴾.

إنّ من أروع الخطب التي سجّلها التأريخ، هي الخطبة التي ألقتها زينب الكبرى في مجلس يزيد.

قال ابن طيفور ـ بعد ذكر تمثّل يزيد بأبيات ابن الزبعرى ـ، فقالت زينب بنت عليّ 8:

صدق الله ورسوله يا يزيد ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾([59])، أَظَنَنْتَ ـ يَا يَزِيدُ ـ حين أُخِذ عَلَيْنَا بأَطراف الأَرْضِ وَأكناف السَّمَاءِ، فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الأُسارى أَنَّ بِنَا هَوَاناً عَلَى اللهِ، وَبِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةً، وَأَنَّ هذا لِعَظِيمِ خَطَرِكَ ؟! فَشَمخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ في عِطْفِكَ، جَذلان فرحاً حينَ رِأَيْتَ الدُّنْيَا مُسْتَوْسِقَةً لكَ، وَالأُمُورَ مُتَّسِقَةً عليك، وقد أُمْهِلت ونُفِّست، وهو قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾([60])، أمِنَ العدل ـ يا بن الطُّلقاء ـ تخديرك نساءك وإماءَك وسوقك بنات رسول الله (ص) قد هتكت ستورهن وأصحلت صوتهن، مكتئبات تحذي بهنّ الأباعر ويحدو بهنّ الأعادي من بلدٍ إلى بلد، لا يُراقبن ولا يؤوين، يتشوفهنّ القريب والبعيد، ليس معهنّ وليّ من رجالهنّ؟! وكيف يُستبطأ في بُغضنا مَن نظر إلينا بالشنف والشنآن، والإحن والأضغان؟! أتقول: (ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا) غير مُتأثِّم ولا مُستعظم، وأنت تنكت ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك ؟! ولِمَ لا تكون كذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشافة بإهراقك دماء ذرّية رسول الله (ص) ونجوم الأرض من آل عبد المطّلب ؟! ولتردنّ على الله وشيكاً موردهم ولتودَنّ أنّك عميت وبُكمت، وأنّك لم تقل: (فاستهلّوا وأهلّوا فرحاً) .

اللّهمَّ، خُذْ بحقّنا وانتقم لنا ممّن ظلمنا ! والله، ما فريت إلاّ في جلدك ولا حززت إلاّ في لحمك، وسترد على رسول الله (ص) برغمك وعترته ولحُمته في حظيرة القدس، يوم يجمع الله شملهم ملمومين من الشعث، وهو قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾([61]). وسيعلم من بوّأك ومكّنك من رقاب المؤمنين، إذا كان الحَكَم الله والخصم محمّد(ص) وجوارحك شاهدة عليك، فبِئْسَ للظالمين بدلاً ! أيّكم شرٌّ مكاناً وأضعف جنداً ؟! مع أنّي ـ والله ـ يا عدوّ الله وابن عدوّه أستصغر قَدرك وأستعظم تقريعك، غير أنّ العيون عبرى ! والصدور حرّى ! وما يجزي ذلك أو يُغني عنّا، وقد قُتل الحسين (ع)، وحزب الشيطان يُقرِّبنا إلى حزب السفهاء ليُعطوهم أموال الله على انتهاك محارم الله، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، وهذه الأفواه تتحلَّب من لحومنا، وتلك الجُثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات، فلئن اتّخذتنا مغنماً لتتّخذنّ مغرماً، حين لا تجد إلاّ ما قدّمت يداك، تستصرخ ابن مرجانة ويستصرخ بك، وتتعاوى وأتباعُك عند الميزان، وقد وجدت أفضل زاد زوّدك معاوية قتلك ذرّية محمّد (ص)، فوالله، ما اتّقيتُ غير الله، ولا شكواي إلاّ إلى الله، فكِدْ كيدك واسْعَ سعيك وناصب جهدك، فوالله، لا يدحض عنك عار ما أتيت إلينا أبداً، والحمد لله الذي ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبّان الجنان، فأوجب لهم الجنّة، أسأل الله أن يرفع لهم الدرجات، وأن يوجب لهم المزيد من فضله، فإنّه وليٌّ قدير([62]) .

21 - ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.

ويطل رسول الله (ص) من وراء الغيب مخبرا بان ما جرى بعين الله مذكرا لامته على لسان ابن عباس ان ذلك مسطور في كتاب الله لمن تدبر قرائته.

ذكر ابن شهرآشوب قال: إنّ ابن عبّاس: رأى النبيّ (ص) في منامه بعد ما قُتِل الحسين (ع) وهو مُغبرُّ الوجه، حافي القدمين، باكي العينين، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه، وهو يقرأ هذه الآية: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾([63]) وقال: إنّي مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض، هو ذا في حجري، وأنا ماضٍ أُخاصمهم بين يديّ ربّي([64]).

هذا ما توفر للبحث من الشواهد القرآنية وان المقام لايسع اكثر مما ذكر والا فان هناك شواهد متعددة كانت كربلاء ميدانا للاستشهاد بها، نكتفي منها بما تقدم.

اللهم العن قتلة الحسين واصحاب الحسين من الاولين والآخرين، والحمد لله رب العالمين..



* هوامش البحث *

([1]) تفسير نور الثقلين ج 5 ص 5.

([2]) القمر/50.

([3]) النجم/3.

([4]) القصص/22.

([5]) ديوان العلامة الجشي: 132.

([6]) سورة القصص: الآية 22.

([7]) الفتوح، 6: 25; روضة الواعظين: 172, إعلام الورى: 223، البداية والنهاية: 160; أنساب الأشراف، 3 :1297, مقتل الحسين 7 للمقرَّم: 141، الإرشاد: 223، الفصول المهمَّة: 183، حياة الإمام الحسين 7، 2: 803.

([8]) تأريخ الطبري، 3: 296 . الأخبار الطوال: 244 .

([9]) سورة يونس 7: الآية 41 .

([10]) الفتوح، 5: 77 , تهذيب الكمال، 4: 493، البداية والنهاية، 8: 167 .

([11]) الفتوح، 5: 26 ـ 27 .

([12]) سورة آل عمران، الآية 185 .

([13]) ناسخ التواريخ، 2 / 122; وسائل الشيعة، 4 :875 .

([14]) النساء/78.

([15]) آل عمران/154.

([16]) الأنفال/42.

([17]) بحار الأنوار : 44/330.

([18]) الشورى/7.

([19]) العوالم: 162.

([20]) الكهف/51.

([21]) العوالم: 162.

([22]) الحجر/91، في تفسير العياشي، عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله 8، عن قوله ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا القرآن عِضِينَ﴾. قال: (هم قريش).

([23]) يونس/71.

([24]) الأعراف/196.

([25]) مقتل الحسين 7 للخوارزمي: 1: 358، مثير الأحزان: 51, سير أعلام النبلاء: 3: 302 .

([26]) غافر/ 27.

([27]) الإرشاد: 2: 97، تاريخ الطبري: 3: 318، زهر الآداب للحصري، 1/62 , ابن الأثير في الكامل: 3: 387، مثير الأحزان: 51، أنساب الأشراف: 3: 396، ترجمة الإمام الحسين 7، تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي: 72، سير أعلام النبلاء: 3: 301 .

([28]) مقتل الحسين 7 للخوارزمي، 1: 356 ـ 258, اللهوف: 42 ـ 43، تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسين 7، تحقيق المحمودي: 317 ـ 20 رقم 273 .

([29]) سورة آل عمران، الآيتان: 178 و179 .

([30]) تاريخ الطبري، 4: 320 ـ 321 .

([31]) غافر/3- 33.

([32]) تاريخ الطبري: 3: 328 ـ 329، الكامل في التاريخ: 3: 292، أنساب الأشراف: 3: 405، الإرشاد: 2: 105، مقتل الحسين 7 للخوارزمي: 2: 28، اللهوف: 164، تسلية المجالس 2: 294، البحار: 101: 101: 273 و45: 73 .

([33]) آل عمران/33.

([34]) بحار الأنوار: 44/317.

([35]) محمّد بن الأشعث الكندي: هو ابن الأشعث بن قيس، الذي أُسِرَ في الكفر مرّة وفي الإسلام ( مُنافقاً) مرّة أُخرى، وقد اعترض الأشعث على بعض كلام أمير المؤمنين عليّ 7، فخفض 7 إليه بصره، ثمّ قال: (ما يُدريك ما عليَّ ممّا لي ؟! عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين، حائك ابن حائك ! منافق ابن كافر ! والله، لقد أسرك الكفر مرّة والإسلام مرّة أُخرى ! فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك ! وإنّ امرءاً دلَّ على قومه السيف، وساق إليهم الحتف، لحريٌّ أن يمقته الأقرب، ولا يأمنه الأبعد !) (نهج البلاغة، صبحي الصالح: 61 ـ 62 رقم 19).

([36])أمالي الصدوق: 134 المجلس الثلاثون، البحار، 44: 317.

([37])ذوب النضار: 119، إرشاد المفيد: 2: 106، نَفَس المهموم: 311، اللهوف: 166، وتاريخ الطبري: 3: 331، مقتل الحسين 7 للخوارزمي: 2: 34، الدرّ النظيم: 555، الأخبار الطوال: 256، تذكرة الخواص: 230، إعلام الورى: 2: 464، تسلية المجالس: 2: 310، مقاتل الطالبين: 86، البحار: 45: 65 ـ 66 .كامل الزيارات: 253 باب 79 رقم 21 .

([38])الطبري، 5: 404، قاموس الرجال، 5: 560.

([39])البحار: 45: 69 ـ 70 .وفي زيارة الناحية المقدّسة أنّ مسلم بن عوسجة (رض) أوّل شهداء الحملة الأولى، أي أوّل شهداء الطفّ رضوان الله تعالى عليهم، فقد ورد فيها السلام على مسلم بن عوسجة هكذا: (السلام على مسلم بن عوسجة الأسديّ، القائل للحسين وقد أذِن له في الانصراف: أنحن نخلّي عنك ؟ وبمَ نعتذر عند الله من أداء حقّك ؟ لا والله، حتى أكسِر في صدورهم رمحي هذا، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أُفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولم أُفارقك حتى أموت معك، وكُنت أوّل مَن شرى نفسه، وأوّل شهيد شهد لله وقضى نحبه، ففزتَ وربّ الكعبة، شكر الله استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشى إليك وأنت صريع فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة، وقرأ: ﴿فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾، لعنَ الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبّابي، وعبد الله بن خُشكارةَ البجلي، ومسلم بن عبد الله الضبّابي).

([40])الأحزاب/23.

([41]) الأخبار الطوال: 303، تاريخ الطبري، 3: 323، الإرشاد: 2: 102، المنتظم لابن الجوزي: 5: 339، البداية والنهاية لابن كثير: 8: 182، جواهر المطالب للباعوني: 2: 286، مناقب ابن شهرآشوب: 4: 101، اللهوف: 161، البحار: 45: 69 70.

([42])الكهف/9.

([43])دلائل الامامة: 78.

([44])الكهف: 9 .

([45])تاريخ مدينة دمشق 17/ 246، الخرائج والجرائح 2/ 577؛ الثاقب في المناقب: 333 ح274، وفيه أنّه قال: ( أمري أعجب من أمر أصحاب الكهف والرقيم )، الخصائص الكبرى 2/ 127؛ بحار الأنوار 45/ 188، ح36؛ الصراط المستقيم 2/ 179 ح57؛ مناقب أمير المؤمنين للصنعاني 2/ 267؛ الكواكب الدُّرِّية 1/ 57؛ إسعاف الراغبين: 196؛ نور الأبصار: 135؛ مدينة المعاجز: 274؛ إثبات الهُداة 5/ 193 ح32؛ إحقاق الحقّ 11/ 453؛ عبرات المصطفين 2/ 330؛ العوالم 17/ 412 .

([46])دلائل الامامة: 78.

([47])البقرة: 137.

([48]) تاريخ مدينة دمشق 7/ 509، مُختصر تاريخ دمشق 10/ 92، القمّي، المسلسلات: 251 ؛ العلاّمة الجويني، فرائد السمطين 2/ 169 ح458، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 236؛ الوافي بالوفيات 15/ 323؛ قيد الشريد لمحمّد بن طولون: 75 . دلائل الامامة: 78.

([49]) الشورى: 23 .

([50]) الإسراء: 26 .

([51]) الأنفال: 41 .

([52]) الأحزاب: 33 .

([53]) الفتوح 2/ 183، تفسير فرات الكوفي: 153 ح191، أمالي الصدوق: 230، بحار الأنوار 45/ 154؛ روضة الواعظين 1/ 191؛ الاحتجاج 2/ 120؛ مقتل الخوارزمي 2/ 61؛ الدرّ المنثور ذيل آية 23: الشورى و26.

([54]) الملهوف: 211، تسلية المجالس 2/ 384، ابن حجر، الصواعق المُحرقة: 341 باب وصيّة النبيّ 9 بهم؛ ينابيع المودّة 2/ 302 عن الطبراني مُلخّصاً.

([55]) الزمر: 42 .

([56]) الشورى: 30.

([57]) الحديد: 22 ـ 23 .

([58]) مقاتل الطالبيين: 120.، المُنتظم 5/ 343 . الفتوح: 2/ 184 . وروي مضمونه في: أنساب الأشراف 3/ 419؛ الطبقات الكبرى ـ من القسم غير المطبوع ـ 83؛ تاريخ الطبري 4/ 352؛ الكامل 4/ 86؛ الإرشاد 2/ 120؛ إعلام الورى: 249؛ مقتل الخوارزمي 2/63؛ الردّ على المُتعصّب العنيد: 49؛ عبرات المصطفين 2/ 288.

([59]) الروم: 10 .

([60]) آل عمران: 178 .

([61]) آل عمران: 169 .

([62]) بلاغات النساء: 35 .

([63]) إبراهيم: 42 .

([64]) المناقب 4/ 84؛ تسلية المجالس 2/ 441 .



* مصادر البحث *

القرآن الكريم.

*- الاصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين، (ت356هـ) .

1- مقاتل الطالبييين، شرح وتحقيق السيد احمد صقر، منشورات ذوى القربى، ايران، د. ت .

*- ابن أعثم الكوفي، أحمد بن عثمان (ت 314 ﻫ / 926م):

2- كتاب الفتوح، ط1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية (حيدر آباد - د.ت).

*- ابن الاثير، عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم (ت 630 ﻫ /1232 م):

3- الكامل في التأريخ، تح: علي شيري، ط1، دار إحياء التراث (بيروت -1408ﻫ / 1989 م).

*- بحر العلوم، محمد تقي:

4- مقتل الحسين (ع)، تحقيق الحسين بن التقي بحر العلوم، ط الزهراء النجف 1978.

*- البحراني، السيد هاشم بن سليمان البحراني ( ت 1107هـ) .

5- البرهان في تفسير القرآن: الطبعة الثانية، مطبعة آفتاب - طهران - نشر وتصوير: مؤسسة إسماعيليان - قم المقدسة .

6 - مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر : ودلائل الحجج على البشر، تحقيق: الشيخ عزة الله المولائي، 8 ج، 8 مج، الطبعة الأولى، مؤسسة المعارف الإسلامية - قم المقدسة - 1413 ه‍ .

*- البحراني، الشيخ عبد الله:

7- مستدرك ( عوالم العلوم والمعارف والأحوال): للسيد محمد باقر الموسوي الموحد الأبطحي الأصفهاني، تحقيق ونشر: مؤسسة الإمام المهدي 7 - قم المقدسة - الطبعة الأولى، 1413ه‍.

*ـ الجويني، لابراهيم بن المؤيد بن عبدالله بن علي بن محمد الخراساني( ت730هـ ):

8- فرائد السمطين: تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، نشر مؤسسة المحمودي، بيروت 1398هـ .

*- ابن الجوزي: جمال الدين ابو الفرج عبد الرحمن (ت597هـ/1200م):

9-المنتظم في تواريخ الملوك والامم، تح: د. سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، 1995م.

*- الحويزي، الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي ( ت 1112 هـ).

10 - نور الثقلين: تصحيح وتعليق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، ج5.

*- الخوارزمي (ت 568هـ):

11ــ مقتل الحسين، مطبعة الزهراء، النجف الأشرف، 1948م.

*- الدينوري، أبو حنيفة احمد بن داود، (ت282هـ) .

12- الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، مراجعة جمال الدين الشيال، ط1، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1960 .

*- الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان ( ت748هـ / 1347 م ) .

13- سير أعلام النبلاء، تحقيق، محمد بن عبادي عبدالحليم،ط1، مكتب الصفا، القاهرة: 2003م.

*- الري شهري: الشيخ محمد(معاصر):

14- الصحيح من مقتل سيد الشهداء وأصحابه :، بمساعدة: محمود طباطبائي نزاد وروح الله السيد طبائي، تحقيق: قسم تدوين السيرة مركز بحوث دار الحديث، الطبعة الاولى سنة 2011م، الناشر: دار الحديث للطباعة - قم.

*- ابن شهر أشوب: رشيد الدين أبو جعفر محمد بن علي السردي ( ت 588 ﻫ ) .

15- مناقب آل أبي طالب، المطبعة الحيدرية ,النجف الأشرف , 1376 ﻫ - 1965 م.

*- الشبلنجي، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن ( ت / بعد 1308 هـ‍ ).

16- نور الأبصار في مناقب آل النبي المختار: أ - طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت، أفست على طبعة القاهرة لسنة 8613 ه‍ - 8419 م . مراجعة لجنة من العلماء برئاسة أحمد سعد علي.

*- الصبان: الشيخ محمد بن علي ( ت / 6120 هـ‍ ).

17- إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى: مراجعة لجنة من العلماء برئاسة أحمد سعد علي، طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت، أفست على طبعة القاهرة لسنة 8613 هـ‍ - 8419 م.

*- الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، (ت318هـ/929م) .

18- الآمالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة، ط1، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، (طهران – 1417هـ) .

*- ابن الصباغ، علي بن محمد بن أحمد المالكي، المكي، ت 855 هـ:

19ـ الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة :، نشر مكتبة دار الكتب التجارية في النجف الأشرف.

*- الطبري, أبو جعفر محمد بن أبي القاسم (من علماء القرن السادس).

20 - دلائل الإمامة، تحقيق ونشر: مؤسسة البعثة - قم المقدسة - الطبعة الأولى، 1413 ه‍.

*- الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير (ت310هـ):

21- التاريخ (تاريخ الرسل والملوك) تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر 1980.

*- ابن عساكر: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ( ت 571هـ) .

22- تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري . لبنان- بيروت، دار الفكر، 1416هـ/1995م .

*- القيرواني: ابو اسحاق ابراهيم علي المصري (ت 453هـ/1062م).

23- زهر الآداب وثمر الالباب، ضبطه وشرحه ووضع فرسه: علي محمد البجاوي، مطبعة دار الفكر العربي، القاهرة، 1970م .

*- المفيد , الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي، الملقب بالشيخ المفيد ( ت 413 ه‍ ).

24- الارشاد، الطبعة الثالثة: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - 1399ه‍/1979م.

*- المجلسي: محمد باقر بن محمد تقي ( ت 1111 ﻫ ).

25- بحار الأنوار الجامعة لدرر أَخبار الأئمة الأطهار . مؤسسة الوفاء , بيروت , ط2 , 1403 ﻫ - 1983 م.