البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

التطور التاريخي لنشوء الفرق الإرهابية والجذور الفكرية للتطرف

الباحث :  د. عبد الامير عيسى الأعرجي
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  6
السنة :  السنة الثانية - ذو الحجة 1436هـ / 2015م
تاريخ إضافة البحث :  October / 11 / 2015
عدد زيارات البحث :  3918
تحميل  ( 297.587 KB )
التطور التاريخي لنشوء الفرق الإرهابية
والجذور الفكرية للتطرف

د. عبد الامير عيسى الأعرجي

المقدمة
أخذت ظاهرة الإرهاب خلال العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بالظهور على الساحة الدولية لأغلب بلدان العالم مما جعل الاهتمام بها متزايداً من قبل البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، وذلك نسبة لآثارها السلبية في حياة المجتمعات البشرية، إذ ارتبط شيوع هذه الظاهرة بتطور الأحداث الجارية في الساحة السياسية وتعمقها، حتى اضحى مفهوم الإرهاب صفة لصيقة لكل حدث سواء كان مخططا له أم غير ذلك، وهنا اختلفت التفسيرات والدوافع التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بين من يؤكد ان حالات التنافس والصراع الدولي ساعدت في تغذية ظاهرة الإرهاب ونموّها، وبين من يدعي ان الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن ان تظهر في أي مجتمع مرتبطة بعوامل مختلفة منها البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن أي معالجة لقضية ذات صلة ببعض المفاهيم تحتاج ان تحدد تلك المفاهيم من خلال تعريف يوضح مكوناتها وخصائصها. ونتيجة لتنامي الإرهاب وظهور فرق تكفيرية كثيرة على الساحة الدولية عموما والساحة العربية والإسلامية خصوصا، رغبت في ان أكتب بحثي هذا لأسلط الاضواء على الجذور التاريخية لنشوء الإرهاب في الدولة العربية الإسلامية منذ نشأتها بوصفها كياناً دينياً إدارياً ينظّم حياة المسلمين ويحافظ على حقوقهم، وقد استعنت بالمصادر التاريخية وغيرها من كتب الفقهاء بمختلف طوائفهم الدينية، واستطعت ان اجد جذور الحركات السلفية المتطرفة التي ظهرت في عصرنا الحالي وارتباطها بالفتاوى التكفيرية لبعض ائمة المذاهب السلفية، لذلك ولمعرفة الإرهاب لابد لنا من تعريفه فالإرهاب (لم يرد في قواميس اللغة العربية مصطلح «الإرهاب» ولكنه عرف بالفعل «رهب يرهب» أي خاف وفزع، وتشتق من الفعل «أرهب» المزيد، ويقال: أرهب فلان فلانا أي أخافه، وقد ذكر لفظ الإرهاب في القرآن الكريم بمعان متعددة تفيد الخوف والفزع والخشية من الله سبحانه وتعالى). إنّ مصطلح الإرهاب يدل على الأعمال والأفعال التي ينتج عنها نشر الخوف والرعب بين صفوف المواطنين، ويؤكد على الطابع غير الشرعي لتلك الأعمال وما ينتج عنها من خسائر مادية ومعنوية. وعرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإرهاب عام 1937، بأنه «كافة الأفعال الإجرامية ضد دولة من الدول التي من شأنها بحكم طبيعتها أو هدفها إثارة الرعب في نفوس شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو في نفوس العامة». وأخيراً وليس آخراً إن اصبت في بحثي هذا فالله الشكر والمنّة وإن لم أصب فأحمده على ما مدّني من عون وقوة .

المبحث الأول
الفترات التاريخية لنشوء جذور الافكار المتطرفة وأساليب العنف
إنّ من سمات الدين الإسلامي الحنيف الرفق والعدالة والمحبة والمساواة، والحفاظ على أمن أبناء المجتمع الإسلامي وحياتهم ومن يعيش في كنفهم من الطوائف الدينية الأُخرى، فقد بعث الله تعالى النبي محمداً (ص) رحمةً للناس، حيث قال تعالى: ﭽﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ([1])، لذلك نجد ان الإسلام قد حارب العنجهية والظلم والبغي والفساد في الارض، لذا فمن يتأمل مصادر الشريعة الإسلامية المتمثلة بالقرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة، وأقوال الائمة الاطهار : وخطبهم فلن يجد فيها شيئاً من معاني التطرف والعنف والإرهاب الذي يعني الاعتداء على الآخرين من دون وجه حق، وقد ظهر الإرهاب والتطرف والعنف منذ القرن الاول للهجرة النبوية الشريفة بظهور الخوارج بعد معركة صفين (36ـ 37هـ / 656م ـ 657م)، وهم فئة باغية خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) واجتمعوا بحروراء (من قرى الكوفة)، ومن رؤوسهم عبد الله بن الكوّاء وعتاب بن الأعور وعروة بن جرير وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية([2])، وان هذا الاخير كان أصل الخوارج كما قال رسول الله (ص) عندما وزع غنائم هوازن يوم حنين اذ جاءه ذي الخويصرة التميمي، وهو حرقوص بن زهير وقال له: أعدل يا رسول الله! فقال (ص) ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل([3])؟ فحاربهم الامام علي بن أبي طالب بالنهروان سنة (37هـ / 657م) واستأصل شأفتهم ولكن بقيت شرذمة منهم، وقد وصفهم الرسول (ص) في حديث انهم قوم «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»([4])، فاشتهروا بالمارقين وهم فرق عديدة منها : المُحَكّمَةُ، الازارقة، النجدات، الاباضية، الصفرية، والبيهسية، والعجاردة، والثعالبة والباقون فروعهم وجميعهم يتبرأون من الامام علي (ع) ويكفّرون جميع المسلمين([5])، ولهذه الجماعة تاريخ طويل في محاربة المسلمين والاغارة على بلدانهم، وقتلهم فقد قاموا بقتل الصحابي الجليل عبد الله بن خباب وامرأته بعد أن بقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيء وقتلوا أم سنان الصيداوية، فضلاً عن قتلهم رسول الامام علي (ع) إليهم الحارث بن مرة العبدي([6])، ولم يكتفوا بذلك بل تآمروا على شرعية الخلافة من خلال قيامهم باغتيال الامام علي بن أبي طالب (ع) في مسجد الكوفة وهو قائم يؤدي صلاة الفجر سنة (40هـ / 660م)([7])، ولم يتوقف غيهم وإرهابهم ضد الإسلام والمسلمين، وبعد استشهاد الامام علي (ع) أخذ الإرهاب شكلا آخر يمكن ان نسميه (إرهاب دولة ) في عهد معاوية بن أبي سفيان من خلال تهجير الصحابة وقتلهم صبراً في منافيهم التي هُجّروا إليها، كما حصل للصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي 2 ومن معه، بعد رفضهم طلب معاوية لعن علي (ع) والبراءة منه([8])، واستمرّ إرهاب الدولة الاموية ضد آل البيت : فقد قام يزيد بن معاوية ومن معه بارتكاب جريمة كبرى من خلال قتل الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه : وسبي ذراريه، وأخذهم أسارى من العراق إلى الشام بعد ان استخدموا ضدهم شتى وسائل الإرهاب والعنف لترويعهم وإخافتهم . ولم يكتف الامويون بذلك بل استمروا في استخدام الإرهاب والعنف ضد مناوئيهم من العلويين وأتباعهم وغيرهم من المسلمين، فقد ارسل عبيد الله بن زياد إلى عريف ميثم التمار 2 يطلبه منه فأخبره انه بمكة، فقال له : إن لم تأتني به لأقتلنك فأجله أجلا وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به عبيد الله بن زياد فلما أدخله عليه قال له : ميثم، قال: نعم، قال : إبرأ من أبي تراب، قال : لا أعرف أبا تراب، قال : ابرأ من علي بن أبي طالب، قال : فإن لم أفعل؟ قال إذن والله أقتلك فقتله وصلبه على باب عمرو بن حريث فإذا كان اليوم الثالث ابتدر من منخريه دماً عبيطاً، ثمّ أتاه رسول من ابن زياد فألجمه بلجام من شريط فهو اول من ألجم بلجام وهو مصلوب([9]) ولم يكتف عبيدالله بن زياد بذلك فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل على رشيد الهجري 2 ودعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (ع) فأبى أن يبرأ منه فأمر ابن زياد ان تقطع يديه ورجليه ولسانه([10])، كما ارتكب الامويون جريمة أُخرى ضد أهل مدينة الرسول (ص) من المهاجرين والانصار والتابعين لهم بإحسان وأهل بيت رسول الله (ص) في واقعة الحرة سنة (63هـ / 682م) حيث قتلوا آلافا من سكانها مع استباحة مدينة الرسول ثلاثة أيام من قبل جند يزيد بن معاوية، فضلا عن هجومهم بعدها على الكعبة المشرفة بالمجانيق والعرادات فهدموها وحرقوها وقتلوا كثيراً من المسلمين المتحصنين فيها([11]) .

واستمر الأمويون بحكمهم الاستبدادي الدموي بعد موت يزيد بن معاوية وانتقال الحكم إلى الفرع المرواني، من خلال استخدامهم لولاة يمتازون بالجور والقسوة والاستخفاف بحياة الناس، فقد روي ان الحجاج بن يوسف الثقفي قال ذات يوم : أحب أن أصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه !، فقيل له : ما نعلم أحداً أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه ‘ فبعث في طلبه فأُتيَ به فقال له : إبرأ من دينه قال قنبر : فإذا برِئتُ من دينه تدلني على دينٍ غيره أفضل منه ! قال الحجاج : إني قاتلك فاختر أي قتلة أحب اليك ! قال : قد صيرت ذلك اليك ولقد أخبرني أميرالمؤمنين (ع) ان ميتتي تكون ذبحا ظلما بغير حق، فأمر الحجاج بذبحه([12]).

وتمادت الدولة الاموية في إرهابها ضد العلويين فقد ارتكب الامويون جريمة يندى لها الجبين، بعد ان قام جيش هشام بن عبد الملك سنة (122هـ /739م ) بقتل الشهيد الامام زيد بن علي بن الحسين (ع) في الكوفة([13]) وصلبه لأربع سنين متتالية دون أن يدفن! بعدها أخذوا الجثمان الطاهر وأحرقوه وذرّوا رماده!

إنّ الإرهاب والعنف الذي استخدمه الامويون في حكمهم يدل دلالة واضحة على الاستبداد والابتعاد عن تعاليم الإسلام، فالحكم الاستبدادي يقوم على انتهاك الحرمات وعلى اضطهاد الشعب وسحق مقدساته وتحطيم معنوياته، وقد وصف بعض الكتاب المُحْدَثين الحكام المستبدين بقوله : «ان الحكّام المستبدين كالحشرات القذرة لا تعيش أبدا في جو نظيف ولا تنصب شباكها الاّ حيث الغفلة السائدة والجهالة القائمة وان عقول المستبدين لا تعي مبدأ التفاهم ولا تضيق لضيقها وتفاهتها في الاخذ والرد للوصول إلى الحق ويكاد لا ينبعث صوت للخير حتى يلاحقه صوت من الإرهاب يطلب إما إخراسه وإما قتله»([14]).

ولم يتوقف الإرهاب والعنف بعد سقوط الدولة الاموية سنة (132هـ /749م) وتسلّم العباسيين الحكم ضد العلويين ابناء عمومتهم، بالرغم من ان ثورتهم على الامويين كانت بشعارات علوية هدفها (الرضى من آل محمد (ص))، وان استخدامهم لهذا الشعار كان سببه استعطاف الشيعة في بلاد فارس بعد ان ازدادوا ازديادا بالغا، حينما أخذ الشيعة يلجؤون إلى المدن والقرى الفارسية بسبب الضغط الشديد عليهم من قبل السلطة الاموية الحاكمة آنذاك، وكانت المطاردة والسجن والتعذيب والتنكيل والتشريد والقتل بطرق شتى أمورا طبيعية لرجالات الشيعة والداعين اليها، فوجد هؤلاء التخلي عن المدن والاقاليم القريبة من مركز الحكم الاموي خير وسيلة للحفاظ على أنفسهم، والتخلص من أيدي السفاكين الذين لا يعرفون للإسلام معنى، وكانت خراسان دون أدنى شك من الدعائم القوية للدولة العباسية وتقويض أركان الدولة الاموية، ولكن خراسان لم تكن تدعو إلى العباسيين وتعمل لحسابهم بل سارت الدعوة هناك باسم (الرضا من آل محمد )، وازاحة أعداء أهل البيت وطبيعي ان لفظة آل محمد (ص) وأهل البيت : كانتا تستعملان ولاتزالان في علي وأولاده الطاهرين :، فكانت صورة الدعوة إلى إزالة سلطان بني أمية باسم هؤلاء لا غير([15]). لكن العباسيين لم يتركوا العلويين بحالهم بل أخذوا يطاردونهم ويسجنونهم ويعذبونهم، فقد استخدم المنصور الدوانيقي اسلوب الخداع ضد عبد الله بن الحسن المثنى المعروف بـ (المحض) من خلال قبول عبد الله المحض، بعض الالطاف والكتب التي كتبها اليه بعض جواسيس المنصور على لسان أنصاره للإيقاع به فكانت حجة المنصور عليه وأمر بحبسه، ولم يكتف المنصور العباسي بذلك بل قام بحبس أخيه المسمّى بالحسن المثلث وقد مات في حبسه، وكان لـ (عبدالله بن الحسن) رأيه الخاص في الخطة التي رسمها العباسيون لإبادة الامويين واستئصالهم أينما وجدوا في عصر أبي العباس السفاح وهو القائل أي ـ عبد الله ـ لداود بن علي عم أبي العباس السفاح وقد أمعن في قتل الامويين في الحجاز «يا ابن عمي إذا افرطت في قتل أكفائك فمن تباهي في سلطانك؟ أو ما يكفيك منهم أن يروك غادياً رائحاً فيما يسرك ويسؤوهم»([16]).

لقد عانى عبد الله معاناة كبيرة من المنصور العباسي قلما عانى احد من وجوه بني الحسن (ع) فإنه حبسه حبساً شديدا في المدينة، ثم حمله وافراد أسرته إلى العراق على حالة يرثى لها وحبسهم في الهاشمية حتى الموت، وقد أذاقهم من الاذى في حبوسهم ما تقشعر له الابدان، وان دل هذا على شيء فانما يدل على حقد ابي جعفر المنصور على عبد الله بن الحسن وأبنائه، وما نسميه اليوم إرهاب دولة حيث بدى العنف جليا في تعامله معه بعد أن أخفق المنصور الدوانيقي في حمله على تسليم أبنائه، أو الايماء إلى الجهات التي يقيمون فيها وطالما طلب اليه بإحضارهم بالتهديد والوعيد، وحاول ان يقتله قبل ان يحبسه، ان المنصور كان بالغ القسوة شديد العقوبة والمؤاخذة لايستطيع ضبط نفسه ولا يتردد من ضربهم، وإهانتهم وتعذيبهم وزجهم في السجون والطوامير المطبقة في الحجاز والعراق، وقد عبر عما يكن من حنق وحقد غالب عليه بقوله: «هذا فيض فاض مني فأفرغت منه سجلاً لم أستطع رده»([17])، وقد استطاع المنصور من قمع ثورة محمد النفس الزكية قتيل أحجار الزيت وأخيه ابراهيم قتيل باخمرى سنة (145هـ /762م)([18])، ولم يكتف العباسيون بذلك فقد قام الهادي العباسي بقتل الحسين بن علي بن الحسين مع جماعة من أهل بيته في واقعة فخ وسيقت النساء والاطفال اليه أسارى مع رؤوس الشهداء بعد انتهاء المعركة وكان ذلك سنة (169هـ/ 785م)([19])، وغدر هارون الرشيد بـ (يحيى بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى) (ع) بعدما أمّنه لما ظهر ببلاد الديلم، وكتب له أمانا بخطه ثم طلب يحيى أمامه بعد ان أعلن نكوثه للامان وأمر به إلى السجن ثم قتله خفية، ثم قبض الرشيد على الامام موسى بن جعفر (ع) وحمله إلى البصرة فحبسه وبعدها نقله إلى سجن السندي بن شاهك في بغداد بعدها دس له السم فقتله في سجنه([20]).

لقد بالغ هارون العباسي في ظلم العلويين وشيعتهم واضطهادهم فقبض بعد قتل الامام موسى بن جعفر (ع) على احد أصحابه من كبار رواة الحديث النبوي الشريف المسمى محمد بن أبي عمير، وحبسه بعد ان أمر بضربه اشد الضرب وتعذيبه بأشد العذاب من أجل ان يدله على أصحاب موسى بن جعفر (ع) فكاد يبوح له بهم لما لحقه من الالم ثم عصمه الله تعالى عن ذلك، ووصل إرهاب الرشيد به إلى نبش قبور مناوئيه، فلما علم الرشيد العباسي ان منصور النمري قال شعرا في أهل البيت : ارسل اليه إلى الرقة من يقتله فوجده مريضا قد أشرف على الموت فانتظره ثلاثا حتى مات ودفن وأُخبرَ الرشيد بموته فأمر بنبش قبره، وروى الصدوق في عيون الاخبار بسنده عن عبيدالله البزاز النيسابوري عن حميد بن قحطبة الطائي قائد جيش الرشيد انه قتل في ليلة واحدة بأمر من الرشيد في طوس ستين رجلاً من العلويين طرح أجسادهم الشريفة في بئر هناك، كما روى الصدوق أيضاً ان الجلودي أحد قواد الرشيد كان قد بعثه إلى المدينة لما خرج محمد بن جعفر بن محمد، وامره ان ظفر به أن يضرب عنقه وان يغير على دور آل ابي طالب وأن يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن الاّ ثوبا واحداً ففعل الجلودي ذلك وهجم على دار ابي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) بخيله وذلك بعد وفاة الامام موسى الكاظم (ع) ([21]).

ووصل الإرهاب العباسي ان ارسل الرشيد إلى أبي عبد الله ادريس بن عبد الله المحض مؤسس دولة الادارسة في بلاد المغرب العربي في شمال افريقية سنة (172هـ / 788م) بعد نجاته من واقعة فخ سنة (169هـ/785م ) وهروبه إلى المغرب العربي ان دس له السم عن طريق احد عملائه وقتله سنة (177هـ / 793م)([22]).

وتفنن العباسيون في إرهابهم فقد قام المتوكل بن المعتصم العباسي بحراثة قبر الامام الحسين (ع)، من أجل ان يطمس معالمه ويمنع شيعة اهل البيت من زيارة قبره، ويسخر منه في مجالس اللهو والمجون التي كان يقيمها مع وزيره الفتح بن خاقان، كما قام بملاحقة اتباع العلويين فقد ارتكب جريمة إرهابية عندما قتل العالم اللغوي ابن السكيت دون ذنب الاّ انه تشيّع، ولم يكتف العباسيون بإرهابهم بل استخدموا العنف باضطهاد العلويين من أجل ان يهجروا مذهبهم واقوالهم في المسائل الفقهية([23]).

ولماّ ضعفت الدولة العباسية ظهرت بعض الإمارات مثل البويهية في العراق والحمدانية في الشام والجزيرة، والفاطمية في مصر والشام؛ ذهب الاضطهاد عن الشيعة، وعندما أطيح بهذه الدول وخلفتها الامارة السلجوقية في العراق وفارس وبعض من مدن الشام، والدولة النورية في باقي الشام والايوبية في مصر وما تبقى من المدن الشامية عاد الامراء إلى ما كان عليه في اضطهاد الشيعة وكان ابرز صورة من صور الاضطهاد، ما قام به صلاح الدين الايوبي في سجن ما تبقى من الفاطميين مع ما استخدمه من إرهاب وعنف ضد ابناء الشيعة من المصريين والشاميين في سبيل ترك المذهب وتبني مذهب الدولة الذين يؤمن به ذلك الحاكم، وفي المقابل زال الاضطهاد عن الشيعة في بلاد فارس في عهد الصفويين وما بعدها من حكومات تعاقبت عليها إلى عصرنا الحالي([24]).

ظهرت في العصر العباسي بعض المذاهب والتيارات الإسلامية، منها مذهب الحنابلة نسبة إلى أحمد بن محمد بن حنبل (ت 241هـ / 855م)، ومن الذين تبنوا هذا المذهب ابن تيمية (ت 728هـ / 1327م) فظهرت على يده السلفية، وهي حركة ظهرت في أواخر القرن السابع الهجري كرد فعل على الاصلاحات العقلية التي أدخلها الإمام الأشعري على العقائد ممّا جعل ابن تيمية يعتبر تلك الاصلاحات خروجاً عن السنة، فعمل على إحياء عقائد أهل الحديث مستنكرا التأويلات التي قدمها الاشاعرة للاحاديث التي أخذت منها تلك العقائد، وأطلق ابن تيمية على طريقته هذه عنوان (منهاج السلف الصالح ) فعرفت دعوته بالسلفية لأنّه كان يدعو إلى العودة إلى سيرة السلف الصالح والتمسّك بكتاب الله وسنّة رسوله (ص)، والتي على رأيه ـ حاد عنها الاشاعرة والفرق الأُخرى ولم يقف عند هذا الحد، بل عمل على إظهار عقائد جديدة لم يناد بها أحمد بن حنبل ولا أحد قبله كقوله : بأن السفر لزيارة قبر الرسول (ص)، والاحتفال بمولده الشريف والتبرك بآثاره والتوسل به وبأهل بيته (عليهم السلام) وزيارة القبور بدع وشرك ومخالفة لعقيدة التوحيد وأنكر كثيرا من الفضائل الواردة في حق أهل البيت : المروية في الصحاح والمسانيد.

ولم تلق دعوته قبولاً على مستوى الأمّة الإسلامية وبقيت محصورة في مناطق محدودة من الشام ومصر، وقد تصدى للرد عليه فقهاء ومحققو أهل السنة والفرق الإسلامية الأُخرى([25])، ويبدو تكفيره جليا لطائفة الشيعة في أقواله منها، قال ابن تيمية: «ان أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة ومن انضوى اليهم وكثير من السيوف التي في الإسلام، انما كان من جهتهم وبهم تسترت الزنادقة»([26])، وقال أيضاً: «فقد رأينا ورأى المسلمون انه اذا ابتلي المسلمون بعدوٍ كافرٍ كانوا معه على المسلمين»([27])، وقال عن الشيعة أيضاً : «فهم يوالون اعداء الدّين الذين يعرف كل أحدٍ معاداتهم من اليهود والنصارى والمشركين، ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين وسادات المتقين، وكذلك كانوا من اعظم الاسباب في استيلاء النصارى قديما على بيت المقدس حتى استنقذه المسلمون منهم»([28]).

ان مثل هذه الاقوال من الافكار المتطرفة ضد طائفة الشيعة تثير الفرقة في الإسلام من جهة، والكراهية والبغض والعنف والإرهاب من قبل الفرق المتطرفة ضدهم، ونتيجة لما يحمله المذهب السلفي من فكر متطرف نشأت حركات تحمل ذات الفكر في تكفير الاخرين وبالأخص الشيعة ومن ابرزها الحركة الوهابية التي جاءت تسميتها نسبة إلى مؤسسها، فهي حركة ظهرت في القرن الثاني عشر الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب (1115هـ ـ 1206هـ ) وعملت على إحياء ونشر الفكر السلفي لابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية في الجزيرة العربية والذي تسّرب لاحقا إلى بلاد إسلامية أُخرى، وكان ابن عبد الوهاب أكثر حدةً وتعصباً وتطرفاً من ابن تيمية إذ كفَّر عامّة المسلمين ممن ليسوا على طريقته، بدعوى الشرك وعدم إخلاص التوحيد لله ودعا إلى إزالة ما يرونه بدعاً بقوة السيف (استخدام العنف والقتل)، من ذلك تهديم آثار أهل البيت : في مكة والمدينة المنورة، وقد تبنى آل سعود هذا الفكر المتطرف فأعلنوا اعتناقهم لمذهب السلفية، وشكلوا تحالفا مع حركة ابن عبد الوهاب مما ساعدهم على السيطرة لمعظم اجزاء الجزيرة العربية التي انشأوا فيها لاحقا المملكة العربية السعودية، وبعد أن كانت هذه الحركة محصورة في بدايتها في ضمن نطاق الجزيرة العربية، الا انها اصبحت اليوم وبفضل امكانيات بعض الدول تتمتع بامتدادات واسعة في مناطق من العالم الإسلامي([29])، ونتيجة للدعم الغربي من الولايات المتحدة الامريكية ومن تحالف منها للسلفيين من أجل مصالحهم الاستعمارية في المناطق العربية والإسلامية، أخذوا بتشكيل منظمات إرهابية من تلك الحركة السلفية منها منظمة القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، وحركة طالبان في أفغانستان، وحركة بوكو حرام وجبهة النصرة وما يعرف اليوم بـ(داعش)، ومما يبدو انّ هدفهم في دعم هذه الحركات السلفية التكفيرية المتطرفة، لأسباب هي :

أولاً / لتفكيك وحدة المسلمين وتحقيق حلم الصهاينة بتمددهم وانشاء كيانهم المزعوم من النيل إلى الفرات .

ثانياً / الاستيلاء على ثروات المنطقة العربية والإسلامية بالحصول عليها مقابل الدفاع عنهم ضد خطر زحف هذه المنظمات الإرهابية عليهم .

ثالثاً / زعزعة الاستقرارفي المناطق العربية والإسلامية، مما يسهل عليهم نصب قواعد عسكرية لهم في تلك المناطق .

رابعاً / تشويه معالم الإسلام الحضارية والانسانية وإظهار المسلمين بأنهم عبارة عن شرذمة من القتلة .

المبحث الثاني
الاسباب والدوافع لنشوء الإرهاب والعنف
إن أسباب وجود ظاهرة الإرهاب وازديادها متعددة وموزعة على ميادين مختلفة، سياسية واجتماعية ونفسية واقتصادية ودينية وغيرها، ودراسة هذه الاسباب مجتمعة مهمة وصعبة للغاية اذ يجب ان تسبق هذه الدراسة دراسة أُخرى لمعظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي والمحلي على حد سواء، ومع ذلك يبقى الامر مهما ومطلوبا وضروريا، إذ لا يمكن القضاء على ظاهرة الإرهاب إذا لم تعالج أسبابها، فالمسألة الرئيسية التي تواجه تحديد أسباب الظاهرة هي اختلاف وجهات النظر في تحليل الظاهرة نفسها ومرد هذا الاختلاف يعود إلى تباين التفسيرات للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نشأت عنها هذه الظاهرة، وبالرغم من ذلك فإن هناك اتفاقا حول عدد من أسباب الإرهاب الدولي على الاقل منها :

العوامل الاقتصادية:
يذهب بعض الباحثين إلى ان العوامل الاقتصادية كالفقر والبطالة من أسباب اختيار طريق العنف والإرهاب، لأنّ الفرد غير قادر على الوفاء بحاجاته الاساسية، وفاقد للامل في المستقبل([30])، مما يجعله يحمل النقمة على المجتمع ومؤسساته ويبعثه على تبني الإرهاب، لذلك لعبت العوامل الاقتصادية دورا مهما في توجيه سلوك الإرهاب عند الناس والمجتمعات البشرية فالحاجة المادية لايشبعها أي بديل محتمل، وكثرة المشاكل الاقتصادية تؤدي إلى تدمير المجتمع واسس البناء الاجتماعي وتترك آثارها على عامة أبناء المجتمع، فالبناء الاقتصادي يسبب نمو علاقات اجتماعية معينة فإذا كانت مشبعة اقتصاديا أحدثت التماسك والترابط الاجتماعي، وان كانت عكس ذلك ولّدت السلوك العدائي والعنف ووفقا لذلك يمكن حصر بعض الاسباب والعوامل الاقتصادية الناشئة عن تنامي ظاهرة الإرهاب على صعيدين : داخلي و خارجي الصعيد الداخلي : يكمن في بعض المشاكل الرئيسية التي يفرزها المجتمع ومنها:
● التخلف: ينتج بصورة رئيسية عن السياسات الاقتصادية الخاطئة التي لاتتلاءم مع الواقع الاجتماعي للدولة، بحيث تتكون فجوة تتسع تدريجياً بين الفقراء والاغنياء وبين المتعلمين وغير المتعلمين وبين ذوي المصالح الاقتصادية الواسعة وبين فئات اقتصادية مهمشة، ويمكن ان يكون ذلك بين من يملك ويحاول زيادة الملكية بأي صورة كانت وان ادى ذلك إلى إفقار وتهميش شرائح واسعة من المجتمع وبين من لا يملك، ومن هو مستعد للتضحية بحياته في سبيل تحقيق مكانة عالية أو التخلص من واقع الحياة البائسة التي يعيشها خاصة بين فئات الشباب([31]).
● البطالة: ان انتشار البطالة بصورة كبيرة بين الشباب خاصة سواء كانت بطالة حقيقية أم بطالة مقنعة، فإنها تولّد شعوراً بالعجز واليأس من ناحية وشعورهم بالاحباط من ناحية أُخرى([32])، وقد تثير في النفوس مشاعر الحقد والبغضاء، وتجعل من ذلك هدفا سهلا لاصحاب التوجهات المتطرفة دينيا وسياسيا أو عصابات النصب والاحتيال والسطو المسلح، يمكن استدراجهم باستغلاله حاجاتهم وتوظيف نقمتهم للالتحاق بركبهم([33]).
كما أن سوء توزيع الثروة والموارد اللازمة للتنمية وتوفير الحاجات الاساسية للناس، وعلى نحو غير متوازن أو بعبارة وجود خلل في العدالة الاجتماعية تفرز قدرا متعاظما من الظلم والتضجر الاجتماعي الجماعي والحرمان النسبي لدى قطاعات متزايدة من السكان، وهذا الحرمان النسبي ليس بالضرورة ناتجا من الفقر والافتقار على المستوى الفردي، وذلك ان الافراد القائمين بالإرهاب قد يكونون أغنياء بذاتهم ولكنهم انطلاقاً من الاحساس بالتهميش والدونية من قبل الدولة مما يخلق حالة من الغضب والنقمة لدى فئة معينة إزاء فئات أُخرى ورد فعل متطرف مصحوب بعمل إرهابي([34]).
● سوء توزيع الثروة والموارد اللازمة للتنمية وتوفير الحاجات الاساسية للناس وعلى نحو غير متوازن: بعبارة أُخرى وجود خلل في العدالة الاجتماعية تفرز قدراً متعاظماً من الظلم الاجتماعي الجماعي والحرمان النسبي لدى قطاعات متزايدة من السكان، وهذا الحرمان النسبي ليس بالضرورة ناتجا من الفقر والافتقار على المستوى الفردي، وذلك ان الافراد القائمين بالإرهاب قد يكونون أغنياء بذاتهم ولكنهم انطلاقا من الاحساس بالتهميش والدونية من قبل الدولة مما يخلق حالة من الغضب والنقمة لدى فئة معينة تجاه فئات أُخرى ورد فعل متطرف مصحوب بعمل إرهابي([35]).
● عمليات الفساد الاداري والحكومي: وهي التي تساهم بها معظم البلدان والازمات الاقتصادية المستمرة، ابتداءً من التضخم والكساد الاقتصادي إلى حالات الكسب غير المشروع في الصفقات التي تتم بشكل غير قانوني مع رجال الدولة، أو الدخول في صفقات غير قانونية لتمرير العشرات من انواع البضائع الفاسدة بجهود أشخاص ذوي نفوذ في الدولة، وظاهرة الرشوة وعدم متابعة آكلي المال العام من الموظفين مهما كانت درجاتهم الوظيفية ووزنهم الاجتماعي والقبلي، وغياب برنامج (من اين لك هذا؟)، حيث غالباً ما يثري العامل أو الشاب أو حتى الفتاة في غمضة عين دون أن يسأل أو تسأل من اين لك هذا ؟، مثل هذه الممارسات تولد لدى الشباب أو الناس المحرومين سلوكا عدوانيا عنيفا من الكبت سرعان ما ينفجر بعمل عدواني منظم يستهدف الاشخاص والمؤسسات، أو الدولة ذاتها مما يؤدي إلى تدهور البنية الاقتصادية ـ الاجتماعية للدولة، وهنا يتخذ الإرهاب صورا عديدة منها (حالات السلب والنهب وعمليات الاختطاف المنظمة المصحوبة بدفع فدية مالية معينة تستخدم لتمويل عمليات إرهابية على الصعيد السياسي من تنظيم حملات مسلحة وغيرها ) . وعلى اساس ما تقدم يمكن صياغة معادلة تفسر بأن : (الجهل + الفقر والافتقار + القمع والكبت والاقصاء والتهميش = ظاهرة الإرهاب). علما ان هذه المعادلة لا تنفي ولا تلغي دور العوامل الخارجية المسببة لظاهرة الإرهاب بل يمكن ان تساعد على تغذيتها وبالشكل الذي يقودها إلى حرب أو صراع اجتماعي مستمر([36]). وبالنظر لتعدد المداخل التي يمكن من خلالها معرفة وتشخيص ظاهرة الإرهاب اقتصادياً على المستوى الخارجي يمكن الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1972 كانت قد شكلت لجنة متخصصة لدراسة الدوافع والأسباب التي تقف وراء شيوع ظاهرة الإرهاب اقتصاديا، وكان تشخيصها للأسباب الاقتصادية والاجتماعية كما يأتي:

1- استمرار وجود نظام اقتصادي دولي جائر يمكن أن يقود إلى خلق حالة من الغضب والعداء المستمر بين مختلف شعوب العالم.
2- الاستغلال الاجنبي للموارد الطبيعية الوطنية والذي يمكن أن ينتج بفعل ظاهرة التبعية.
3- تدمير ما لدى بعض البلدان من سكان وأحياء ووسائط نقل وهياكل اقتصادية.
4- الظلم والاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
5- الفقر والجوع والشقاء وخيبة الأمل أو الاحباط.
6- تدهور البيئة الاقتصادية الدولية وهيمنة الدول الكبرى على الاقتصاد العالمي.
هذه العوامل مجتمعة تشكل محور أسباب انتشار ظاهرة الإرهاب عالمياً، ومن الطبيعي بحث وتفحص عوامل أُخرى تقف وراء هذه الظاهرة. أبرزها حالات التنافس والصراع الذي تشهده الساحة السياسية الدولية، فقد أكدت الأحداث أن التطور اللامتكافئ بين الدول المتقدمة والدول التي تسعى إلى النمو وما تمثله ظاهرة التبعية المتسمة بسيطرة الدول المتقدمة وانتشار الانماط والاساليب المتعددة للجريمة المنظمة التي تعدُّ نتيجة تمرد على الواقع المعاش باتساع تلك الهوة بين عالم الشمال المتطور والجنوب الساعي إلى التطور، أدت إلى بروز أساليب متعددة لارتكاب أعمال إرهابية تعبر عن حالة الرفض للتبعية وللاستعمار والاستغلال على المستوى الدولي([37]).

العوامل الاجتماعية
تؤثر العوامل الاجتماعية تأثيرا كبيرا في انتشار ظاهرة الإرهاب وتسهيل صياغته خاصة لدى فئة الشباب ومن أهم تلك العوامل هي :
1ـ انتشار ظاهرة الطلاق وتفكك الاسرة مما يجعل الابناء عرضة للتشرد والاستغلال من قبل العصابات الإرهابية .
2ـ انخفاض نسبة الزواج لدى الشباب بسبب ارتفاع المهور مما يجعل كثيراً من الشباب يسعى لكسب الاموال بطرقٍ شرعية وغير شرعية، مما يجعله عرضة للعصابات الإرهابية.
3ـ صعوبة الحصول على الرعاية الصحية الاولية في قطاع الصحة العام، مع ارتفاع اسعار الادوية والعلاج وعدم مراقبة الدولة لها، وتفوق القطاع الصحي الخاص على حساب القطاع الصحي الحكومي، مما يسبب تذمر وحقد وكراهية للدولة.
4ـ انتشار المخدرات بين الشباب وما يترتب عليها من آثار سلبية على الفرد والمجتمع من دون التفات الدولة لها ومعالجة الاسباب التي ادت إلى انتشارها([38]).

العامل السياسي :
من أخطر هذه الأنواع هو غياب الوطنية والانتماء للوطن في الاحزاب والكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ان الذي يتولد عن ذلك تشكيلات سياسية منحرفة تهدف إلى تفكيك الدولة وذلك من أجل ان تتغلب المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة([39]).
التأثير السلبي لبعض وسائل الاعلام : يعد الاعلام في عصرنا الحالي من أكثر الوسائل تأثيراً في فكر الناس خصوصا بعد تطور وسائله فقد أصبح العالم قرية صغيرة، وللإعلام أثر في بناء توجهاتهم لشدة سيطرته على ألباب الناس واستحواذه على اهتماماتهم واوقاتهم وقوة التأثير فيهم، والمعروف ان دور الاعلام على اختلاف وسائله ان يقدم للناس المعلومات المفيدة والنافعة والحقائق الثابتة والاخبار الصحيحة ليكون بذلك اداة توجيه وبناء ومصدر معلومات موثوقة، الاّ ان الواقع في بعض الاحيان بخلاف ذلك حيث استخدم الاعلام وسيلة للدعاية لأفكار وتوجهات معينة لدولة معينة أو دول معينة في مهاجمة من يخالفها، فضلا عن ان الاعلام أصبح اليوم أداة من أدوات الصراع الثقافي والعسكري والايدلوجي بين الامم والطوائف المختلفة في أغلب الاحيان .وقد يلعب الاعلام دورا كبيرا في قضايا الغلو والعنف والإرهاب من خلال ما يصـدر عن بعض وسائل الاعلام في بعض البلدان العربية والإسلامية من برامج لندوات ثقافية أو مقالات صحفية لطائفة إسلامية تكفر الطوائف الأُخرى وتصدر عليها احكاماً لا تمت إلى الإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد، والاعلام بهذا التوجه يثير مشاعر الناس ويؤجج بواعث الغضب في النفوس والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد في بعض البلدان.

الخاتمة
بعد أن تطرقت في هذا البحث الموجز إلى مفهوم الإرهاب وجذوره التاريخية واسباب نشوءه ألخص النتائج الآتية:

1ـ إنّ أسباب نشوء الإرهاب تختلف باختلاف المجتمعات تبعاً لاختلاف اتجاهاتها السياسية والدينية وظروفها الاقتصادية والاجتماعية.
2ـ انّ للإرهاب أسباباً مباشرة وهي وحدها كافية لوجوده وهناك أسباب غير مباشرة، وهي العوامل المؤثرة في نفوس بعض الناس قد تجعلها سهلة الانقياد لدعاة العنف والإرهاب.
3ـ البيئة التي يعيش فيها الانسان وما تموج به من انحرافات وتناقضات تثير كوامن النفوس وتبعث روح المعارضة والعنف .
--------------------------------------------------
([1]) سورة الانبياء، الاية (107) .
([2]) الطوسي، العدة في الاصول، 1 / هامش 85 .
([3]) ابن البطريق، العمدة، 460.
([4]) الطبرسي، مجمع البيان، 5 / 72 .
([5]) الشهرستاني، الملل والنحل، 1/92 .
([6]) ابن الاثير، الكامل، 3 / 218، 219 .
([7]) م . ن، 3 / 257 .
([8]) القاضي النعمان، شرح الاخبار، 2/171 ؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك، 3/468؛ ابن عساكر، تاريخ دمشق، 12/207 .
([9]) الثقفي، الغارات، 2/796 ؛ الشريف الرضي، خصائص الائمة، 54
([10]) الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، 12/273 .
([11]) ابن الاثير، الكامل، 3/455 ؛ الشيخ المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه، 1/583.
([12]) الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، 12/273 .
([13]) ابن قتيبة، المعارف، 216 .
([14]) القرشي، النظام السياسي في الإسلام، 78 .
([15]) الشهيد الثاني، شرح اللمعة ، 1/ 203 .
([16]) الامين، مستدركات أعيان الشيعة، 1/73 .
([17]) م . ن، 1 /73 .
([18]) البراقي تاريخ الكوفة، 92 .
([19]) الصدوق، من لايحضره الفقيه، 2/ هامش 529 .
([20]) الامين، اعيان الشيعة، 1 / 29.
([21]) م . ن، 1 / 29 .
([22]) الشبستري، الفائق، 1 / 127 .
([23]) الامين، اعيان الشيعة، 1/29 .
([24]) م . ن، 1/30 .
([25]) القاسم، ازمة الخلافة والامامة، 263.
([26]) منهاج السنة، 3 /243 .
([27]) م . ن، 3 / 38 .
([28]) منهاج السنة، 4 / 110 .
([29]) القاسم، ازمة الخلافة والامامة، 263 .
([30]) عبد، واقع الإرهاب، 134.
([31]) حمادي، الإرهاب أسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009 ؛ الحوار المتمدن، دراسات وابحاث قانونية، العدد /3419 في 7/7/2011.
([32]) م . ن، في 3/10/2009 .
([33]) عبد، واقع الإرهاب، 134 ؛ الحوار المتمدن، دراسات وابحاث قانونية، العدد /3419 في 7/7/2011.
([34]) حمادي، الإرهاب أسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009 .
([35]) الحوار المتمدن، دراسات وابحاث قانونية، العدد /3419 في 7/7/2011.
([36]) حمادي، الإرهاب أسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009 ؛ الحوار المتمدن، دراسات وأبحاث (قانوني)ة، العدد /3419 في 7/7/2011.
([37]) بركات، الإرهاب في المنظور الاقتصادي، مجلة النبأ، العدد (78) في آب /2005 .
([38]) حمادي، الإرهاب أسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009 ؛ الحوار المتمدن، دراسات وابحاث قانونية، العدد /3419 في 7/7/2011.
([39]) حمادي، الإرهاب أسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009.


* المصادر والمراجع *
القرآن الكريم .
● ابن الاثير، ابي الحسن محمد بن عبد الكريم بن ابي الكرم الجزري (ت631هـ)، الكامل في التاريخ، تحقيق: ابي الفداء عبد الله القاضي، (دار الكتب العلمية، بيروت).
● ابن البطريق، يحيى بن الحسن الاسدي الحلي المعروف بابن البطريق (ت600هـ)، عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب امام الابرار، (مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة، 1407هـ) .
● ابن تيمية، تقي الدين ابو العباس احمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي (ت 728هـ)، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق: محمد رشاد سالم، (ط1، 1986م) .
● الثقفي، ابراهيم بن محمد (ت283هـ)، الغارات، تحقيق : السيد جلال الدين الحسيني الارموي المحدث، (د . م ) .
● الحاكم النيسابوري، ابي عبد الله (ت405هـ)، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: يوسف مرعشلي، (دار المعرفة، بيروت) .
● الشريف الرضي (406هـ)، خصائص الائمة، تحقيق: محمد هادي الاميني، (الناشر: مجمع البحوث الإسلامية، الاستانة الرضوية المقدسة، مشهد) .
● الشهرستاني، ابي الفتح محمد بن عبد الكريم (ت548هـ) الملل والنحل، تحقيق: محمد عبد القادر الفاضلي، (المطبعة العصرية، بيروت ،2007م) .
● الشهيد الثاني (966هـ)، شرح اللمعة، تحقيق: السيد محمد كلانتر، (الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية، مطبعة أمير، قم المقدسة، 1410هـ) .
● الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (381هـ)، من لايحضره الفقيه، صححه : علي اكبر غفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة ).
● الطبرسي، ابي علي الفضل بن الحسن (من اعلام ق6)، مجمع البيان في تفسير القرآن، (ط1، منشورات الاعلمي للمطبوعات، بيروت، 1995م) .
● الطوسي، ابي جعفر محمد بن الحسن (460هـ)، تحقيق: محمد رضاا الانصاري، (ط1، مطبعة ستارة، قم المقدسة، 1417هـ) .
● ابن عساكر، ابي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي (571هـ)، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: علي شيري، (دار الفكر، بيروت، 1415هـ) .
● القاضي النعمان، بن محمد التميمي المغربي (ت363هـ)، شرح الاخبار، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، (مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، 1414هـ) .
● ابن قتيبة، ابو محمد عبد الله بن مسلم (276هـ)، المعارف، تحقيق: د. ثروت عكاشة، (مطبعة دار المعارف، القاهرة ).
● الامين، حسن، مستدركات اعيان الشيعة، (ط2، الناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1997م ) .
● الامين، السيد محسن، اعيان الشيعة، تحقيق: حسن الامين، (الناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت ).
● البراقي، تاريخ الكوفة، تحقيق: ماجد عطية، (ط1،المطبعة الحيدرية، 1424هـ).
● الشبستري، عبدالحسين، الفائق، ط1، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي قم المقدسة، 1418هـ).
● الشيخ المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، (ط1،مطبعة مكتب الاعلام الإسلامي، قم المقدسة، 1408هـ).
● عبد، محمد فتحي، واقع الإرهاب في الوطن العربي.
● القاسم، اسعد وحيد، ازمة الخلافة والامامة وآثارها المعاصرة، (الناشر: الغدير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1997م).
● القرشي، باقر شريف، النظام السياسي في الإسلام، (ط2، الناشر : دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1398هـ).
● النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار، تحقيق: الشيخ حسن بن علي النمازي، (الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، 1419هـ).

البحوث والمجلات:
● بركات، الإرهاب في المنظور الاقتصادي، مجلة النبأ، العدد (78)، في آب /2005 .
● حمادي، الإرهاب واسبابه، الفجر نيوز، في 3/10/2009 .
● الحوار المتمدن، دراسات وابحاث قانونية، العدد (3419) في 7/7/2011 .