البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

دراسة حول تيارات الفكر المهدوي

الباحث :  تدوين : إسماعيل علي خاني / ترجمة : أسعد مندي الكعبي
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  1
السنة :  السنة الاولى - شعبان 1435هـ / 2014م
تاريخ إضافة البحث :  April / 10 / 2017
عدد زيارات البحث :  3904
تحميل  ( 526.854 KB )
الخلاصة
الحركات المهدويّة هي من التيّارات المطروحة على الساحة الإسلاميّة، وقد كانت الأُمّة الإسلاميّة على مرّ العصور في بوتقة اختبار الفكر المهدويّ، لذلك ظهرت الكثير من الادّعاءات الكاذبة على هذا الصعيد.
الأفكار المهدويّة التي طرحتها هذه التيارات تختلف في أصولها الفكريّة والنظريّة حسب التوجّهات الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، كالاعتقاد بأنّ المهديّ(عليه السلام) هو أحد أحفاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) ورفع شعار "الرضا من آل محمّد" وادعاء مقام "الباب" لمن زعم ارتباطه بالإمام المهديّ (عليه السلام) والإمامة الباطنيّة والولاية والنظريّة المهدويّة النوعيّة (أي مطلق الفكر المهدوي غير المقيد بنظريات الشيعة)(1).
وهناك العديد من الأمور التي أدّت إلى ظهور الحركات المهدويّة واتساع نطاقها طوال التأريخ، منها حيويّة الفكر المهدوي وفاعليته، انحراف الإسلام عن مسيره الأصليّ، انتشار الظلم والفساد بين المسلمين، هجوم الأعداء على المسلمين، محبّة أهل البيت (عليهم السلام). وتجدر الإشارة إلى بعض الأمور التي أدّت إلى انتعاش الفكر المهدويّ، وهي: ذكر بعض علامات الظهور وشيوعها بين الناس، الاعتماد على بعض الـمُثل التي كانت سائدةً في عصر صدر الإسلام، ابتعاد الناس عن العلماء، تضليل الرأي العام من قبل البعض ودعم هذا التضليل من قبل الاستعمار. وبالطبع فإنّ هذه التيارات كانت لها نتائج سلبيّة، كمجابهة الإسلام وزرع التفرقة بين المسلمين ونشوء فرقٍ ضالّةٍ في العالم الإسلاميّ.

المقدّمة
الفكر المهدوي هو واحدٌ من أهمّ المواضيع القرآنية والروائية،وتتزايد أهميته في بحوث علم الكلام والسياسة اللذين يعدّان من أركان التأريخ الإسلامي، ومبدأ الحياة الكريمة في ظلّ حكومة منقذ البشرية العظيم الذي يطرحه الدين ويؤمن به الإنسان المتعطّش للحياة الكريمة، يحظى بمكانةٍ مرموقةٍ في ثقافة الإسلام وحضارته كما أنّه جعل المجتمع الإسلامي يواجه تحديات ٍجادّة.
للفكر المهدوي الذي يتمحور حول الإيمان بالموعود، دورٌ بالغ الأهمية في الإسلام على شتّى الأصعدة الثقافية والاعتقادية، وقد كان دعامةً أساسيةً للحركات الإصلاحية في مختلف المستويات العلمية والفلسفية بحيث إنّ بعض مظاهره قد تجلت في إطارٍ ثوريٍّ نبويٍّ. ومن المواضيع المطروحة للنقد والتحليل حول قضيةالمنقذ الموعود في الإسلام هو موضوع تسخير الفكر المهدوي لتحقيق مآرب دينية واجتماعية وسياسية، وفي شتّى مراحل التأريخ الإسلامي فإنّ العديد من الفرق الإسلامية المنبثقة عن المدرستين الشيعية والسنية قد وظّفت هذا الفكر خدمةً لأهدافها.
لذلك فإنّ دراسة هذا التيار الفكري المقدّس تأخذ بأيدينا لمعرفة منطلقاته وأهدافه ومبادئه، وبالتالي تمهّد الأرضية المناسبة لترسيخ أُسس الفكر المهدوي السديد وعرض الصورة الحقيقية له عبر تنزيهه من المزاعم الواهية والانحرافات التي اكتنفته كي تتمكّن الأمّة الإسلامية من استثماره خير استثمار لبناء حضارتها العظيمة ولا سيما في عصرنا الراهن الذي يعجّ بالفوضى.
إنّ الماضي هو مرآة المستقبل وبكلّ تأكيد فإنّ المستقبل يعيد أحداث الماضي، لذا إن واجهنا بعض المنحرفين فكرياً دون أن نمتلك قدرة الردع المناسبة فسوف لا نكون بمأمنٍ من الفتن التي تعصف بمجتمعاتنا وإذا لم نعتبر من الماضي فسوف لا نمتلك غداً الاستعداد الكافي للتعامل مع التيارات المنحرفة.
خلفية المزاعم المهدوية:
إنّ العالم الإسلامي على مرّ العصور كان في بوتقة اختبارٍ للفكر المهدوي، والروايات التي تناولت أخبار المهدي الموعود وآخر الزمان تعتبر أبرز نموذج على حيرة الأمّة الإسلامية ورجائها وضلالها في هذا المجال، فمنذ منتصف القرن الأول الهجري شهدت المدينة المنورة موجةً من المزاعم والادعاءات حول مهدي الأمّة ومن ثمّ اجتاحت شتّى أصقاع بلاد المسلمين.
وحسب الرواية الشهيرة المذكورة في مصادر السنّة والشيعة فإن المهدي الموعود هو من نسل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) ويكون غائباً مستوراً فيهتدي به قومٌ ويضلّ آخرون(3)، والعالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري قد شهد أكثر الأحداث المرتبطة بالفكر المهدوي ممّا أدى إلى تأثّر المجتمعات الإسلامية بهذا التيار في القرون اللاحقة حيث ظهر العديد من الذين ادعوا أنّهم المهدي الموعود، وذروة هذا التيار قد كانت في القرن الحادي عشر. ففي هذ القرن شهد المسلمون وابلاً من مدّعي المهدوية الذين زعم كلّ واحدٍ منهم أنّه المنقذ الذي بشّر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومون (عليهم السلام)!
خلفية ادّعاء المهدوية تضرب بجذورها في فرقة اسمها "السبائية" أو "السبأية" التي اعتبرت أنّ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو المهدي الموعود حيث روّج أتباعها إلى أنّه لم يستشهد وسوف يظهر في آخر الزمان(4)، وبعد ذلك ظهرت "الكيسانية" التي اعتقد أتباعها بأنّ محمد بن الحنفية هو المهدي وحتى بعد أن مات زعموا بأنّه حيٌّ يعيش في جبل "رضوى" وسيأتي الزمان الذي يظهر فيه(5)، ثمّ اعتبر البعض أنّ زيد بن علي ـ إمام الزيدية ـ هو المهدي الموعود وادّعى آخرون بأنّه عبد الله المحض المشهور بالنفس الزكية(6)، والباقرية بدورهم زعموا أنّ الإمام محمد الباقر (عليه السلام) هو المنتظر وقالوا إنّه لم يستشهد وإن كان قد استشهد فسوف يرجع من جديدٍ(7)، بعد ذلك تلتهم طائفة نسب أتباعها المهدوية إلى ابنه زكريا وادّعوا أنّه اختفى في جبل "حاصر" وسوف يظهر عند صدور الإذن الإلهي(8)، وعقبهم "الناووسية" الذين زعموا أنّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ما زال حياً وسيظهر يوماً ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً(9)، أمّا الإسماعيلية فزعموا أنّ إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) هو المهدي الموعود(10)، وأمّا "المباركية" فقد اعتقدوا بأنّ محمد بن إسماعيل هو المهدي الموعود(11)، والواقفية نسبوا ذلك إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) حيث قالوا إنّه حيٌّ يرزق لأنّه القائم المنتظر(12).
إنّ المشاكل السياسية والتشدّد المفرط من قبل خلفاء بني أمية وبني العباس في التعامل مع أئمّة الشيعة (عليهم السلام) قد جعلهم يتّبعون منهج التقية آنذاك ممّا أسفر عن حدوث شكوك لدى بعض أتباع مذهب أهل البيت حول الإمام اللاحق وبالتالي انحراف البعض لدرجة ظهور بعض الفرق الضالّة على غرار الفرق التي أشرنا إليها آنفاً، وقد تفاقمت هذه المشكلة إلى حدٍّ كبيرٍ بعد شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إذ فضلاً عن عدم علم الناس بولادة نجله الزكي الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) فإنّهم لم يكونوا على علمٍ بمكانه، أي أنّ غيبته قد زادت من حيرة الناس ولم يعد إمام الشيعة حاضراً بين مواليه كما كان الأمر سابقاً(13)، لذلك كان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يأتي بالحجّة المنتظر عند اجتماعه بخواصّ شيعته وأصحابه لكي يشاهدونه عن كثبٍ(14).
ومن الجدير بالذكر أنّه قبل غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) كان اسم "مهدي" متعارفاً بين الناس أي أنهّم يسمّون أبناءهم بهذا الاسم، فمن كان اسمه مهدي آنذاك لا يعني أنّه لقّب نفسه بهذا اللقب؛ ولكن بعد عصر الغيبة أطلق العديد من المدّعين على أنفسهم هذا اللقب وبين الفينة والفينة يظهر شخصٌ يزعم أنّه مهدي الأمّة فيجتمع حوله بعض السذّج(15). وفي القرون الأولى من التأريخ الإسلامي سادت فكرة ظهور المنقذ في غرب البلاد الإسلامية فروّج لها البرغواطيون، الفاطميون، الخوارج، المرابطون، الموحدون، بنو حفص، الشرفاء السعديون، العلويون؛ فأسّسوا حكوماتٍ قويةً(16).
أمّا في شرق البلاد الإسلامية فقد تحوّلت الحركات المهدوية إلى بؤرة أزماتٍ حيث قام الخلفاء العباسيون بقمعها فور ظهورها، وتجدر الإشارة إلى أنّ تأسيس الحكومة العباسية مدينٌ لفكرة المنقذ الموعود(17). وفي القرون الماضية ـ لا سيما في القرن التاسع عشر ـ شهدت هذه الفكرة إقبالاً واسعاً في شرق البلاد الإسلامية فاستغلّها المتصيدون في الماء العكر لتأسيس حركاتٍ منحرفةٍ ونجح بعضهم في ذلك، كغلام أحمد القادياني في الهند، والمهدي السوداني في السودان، وعلي محمد الباب، وحسين علي بهاء في إيران.
وتزامناً مع هذه الأحداث ظهرت أيضاً العديد من الحركات المهدوية الفاشلة نشير فيما يلي إلى اثنتين منها على سبيل المثال:
قيام ضابط سعودي اسمه جهيمان بن سيف العتيبي سنة 1400هـ ـ 1980م، وقد أطلقت الحكومة السعودية على هذه الحركة اسم "فتنة الحرم"، حيث كان هذا الرجل على علاقة بمحمد بن عبد الله القرشي (القحطاني) أحد تلامذة مفتي الوهابية عبد العزيز بن باز. قام هذا الرجل في باكورة شهر محرّم الحرام من تلك السنة بمحاصرة البيت الحرام عدّة أيام وأعلن أنّ القرشي هو المهدي الموعود الذي يحيي الإسلام في القرن الخامس عشر الهجري؛ لذلك قام ومن معه ببيعة هذا المهدي المزعوم وطلبوا من جميع المصلين أن يبايعوه بعد أن ارتهنوهم في داخل الحرم المكّي الذي أغلقوا أبوابه ولم يسمحوا إلا للأطفال والنساء بالخروج. وقد استمر احتلالهم للحرم أياماً ولم تستطع الحكومة السعودية من القضاء عليهم إلا بعد أن استدعت فرقة كوماندوز خاصة من فرنسا، وبعد قتالٍ عنيفٍ تمّ إلقاء القبض على جهيمان وستّين شخصاً من أتباعه وأُعدموا جميعاً(18).
قيام رجلٍ اسمه سامر بو قمرة زعيم زمرة "جند السماء"، وهذا الدجّال كان عميلاً لحزب البعث الحاكم إبّان عهد صدام حسين حيث قامت المخابرات العراقية آنذاك بتجنيده كجاسوسٍ في المعتقلات السياسية للتجسس على السجناء السياسيين فاستقطب بعض السذج وأسّس فرقةً دينيةً، وبعد انتهاء مهمته في السجون وسع نطاق فرقته الضالّة باستقطاب من أطلق سراحه فأسس حركة "جند السماء" وقد ألّف كتاباً أطلق عليه اسم "قاضي السماء" اعتبر نفسه فيه من خلّص الشيعة ونقض جميع معتقدات أتباع أهل البيت حول الإمام المنتظر ونفى كونه ابن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) وكذلك نفى علم الإمام المعصوم بالإمام الذي سينوب عنه واعتبر ذلك ممّا يختصّ بالله عزّ وجلّ. كما أنّه أسمى جعفر الكذّاب بـ "جعفر الزكي"! وخطّأ النواب الأربعة للإمام المهدي (عجل الله فرجه) ونقض نيابتهم عنه!
وبعد هذه المزاعم الواهية ونفي المعتقدات الحقّة للشيعة اعتبر هذا الرجل نفسه المهدي الموعود وأنّه ابن الإمام علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء (عليهم السلام) مباشرةً، وزعم أنّ اسمه الحقيقي هو "علي بن علي بن أبي طالب" وقد انتقل آنذاك إلى السماء على شكل نطفةٍ وفي هذا العصر أودعت هذه النطفة في رحم أمّه فولد في زماننا! وفي كتابه المذكور أهان مراجع التقليد جميعاً، ابتداءً من الشيخ الطوسي ووصولاً إلى المراجع المعاصرين وصرح بأنّ دمهم مهدورٌ. يذكر أنّ الموالين لحزب البعث في العراق قاموا بطباعة وتوزيع هذا الكتاب الضالّ المؤلّف من ستمائة صفحة.
سامر بو قمرة اختار منطقة "الزركة" مقراً له وبنى فيها منزلاً واسعاً وزاول نشاطه هناك حيث كان يقيم طقوس دينية أشبه ما تكون بمعتقدات الدراويش، وفي الحين ذاته كان يأخذ البيعة ممن حوله من المغرر بهم بصفته صاحب الأمر، وكان يدعوهم لتحمّل المصاعب التي سيواجهونها في طريقهم الذي سلكوه(19).
المبادئ النظرية للحركات المهدوية :
الكثير من المفكّرين في غرب البلاد الإسلامية وشرقها مهّدوا الأرضية المناسبة لظهور مدّعي المهدوية من حيث المبادئ النظرية، لذلك نلاحظ أنّ هؤلاء المدّعين لا ينحدرون من مدرسةٍ فكريةٍ واحدةٍ أو مذهبٍ واحدٍ، بل إن مشاربهم الفكرية متنوّعةٌ وينحدرون من مختلف المذاهب الإسلامية شيعيةً وسنيةً. وعلى هذا الأساس فقد اتّبعت الحركات المهدوية مبادئ نظرية عديدة بما فيها ادّعاء البعض أنّهم من أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نسل السيدة الزهراء (عليها السلام) ورفع آخرون شعار "الرضا من آل محمد" وزعم غيرهم بلوغ مقام "الباب" واتّبع البعض نزعاتٍ صوفيةً وعرفانيةً وادّعى البعض الآخر الإمامة الباطنية والولاية والمهدوية النوعية.
معظم مدّعي المهدوية زعموا أنّهم أئمّةٌ من نسل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لينسبوا أنفسهم إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وليمهّدوا الأرضية لادّعاء العصمة بهدف كسب دعم المسلمين الذين لهم علمٌ بعلامات الظهور التي يتناقلها أتباع مذهب أهل البيت، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الأمر لم يقتصر على الشيعة والعلويين فحسب، بل شاع أيضاً بين أتباع مذاهب العامّة، فعلى سبيل المثال نسب البعض أنفسهم إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كمؤسس دولة الموحدين في المغرب محمد بن عبد الله بن تومرت ونائبه عبد المؤمن اللذين زعما أنّ الشرق والغرب سيكونان تحت إمرتهما(20). كما أنّ العديد من التيارات السياسية ـ وعلى رأسها الحركة العباسية ـ قد بدأت نشاطها السياسي برفع شعار "الرضا من آل محمد" بغية تحقيق أهدافها، فطرحت أفكارها في إطارٍ مهدويٍّ لإضفاء صفةٍ قدسيةٍ إصلاحيةٍ على نفسها.
وقد شاع هذا الشعار في عصر صدر الإسلام أكثر من سائر العصور، ولكن كلّما تقدّم الزمان تغيّرت الرؤى لتتجّه الأنظار نحو النزعات الباطنية والصوفية، فظهرت مبادئ نظرية بين أهل السنّة تحت عنوان "الإمامة الباطنية" و"الولاية" و"المهدوية النوعية" ومؤسّس هذه النزعة هو الغزالي الذي كان يعتقد بأنّ المهدي هو أحد أقطاب التصوّف(21)، لذلك فإنّ المتصوّفة هم الذين روّجوا لهذا المشروع الفكري وبعد قرنين من الزمن عرض ابن العربي أنموذجاً متقناً وموسعاً على هذا الصعيد حيث افترض ضرباً من الولاية للمهدي لأجل تبرير أصوله النظرية التي طرحها(22)، فحسب رأيه يمكن أن يكون الموعود رجلاً من العرب حيث زعم أنّه رآه سنة 595هـ أو من الممكن أن يكون بنفسه ـ حسب زعمه ـ هو الموعود(23).
وفي عصرنا الراهن فإنّ نظرية المهدوية النوعية التي طرحها الغزالي قد شاعت في شرق البلاد الإسلامية حيث نلحظها في أشعار الشاعر الفارسي "مولوي" الذي يقول بأنّ كلّ زمانٍ من الممكن أن يكون فيه مهديٌّ قائمٌ، ويعتقد أنّ المهدي هو القطب وهو الإنسان الكامل؛ لذلك لا ضرورة لأن يكون منحدراً من نسبٍ معينٍ وليس من الواجب أن يكون من نسل عليٍّ أو عمر(24).
حاصل هذه الرؤية هو احتمال وجود مصداقين للمنقذ، فهو من الممكن أن يكون مهدياً نوعياً (من نسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنّه يولد في آخر الزمان) ومن الممكن أن يكون شخصياً (الإمام الثاني عشر للشيعة من ولد فاطمة وعلي (عليهم السلام))، وعلى هذا الأساس يمكن أن يظهر مهديٌّ في كلّ زمانٍ لينقذ الناس من الظلم وينشر العدل فضلاً عن ظهور المهدي الموعود في آخر الزمان.
إنّ نظرية المهدوية النوعية التي طرحها محي الدين ابن العربي قد مهّدت الأرضية لادّعاء المهدوية من قبل أقطاب المتصوّفة، لذلك نرى أحدهم عندما يشعر بأنّه بلغ درجة القطبية والولاية لا يتوانى عن ادّعاء أنّه المهديّ(25).
محمد بن عبد الله بن تومرت هو أبرز من ادّعى المهدوية في غرب البلاد الإسلامية حيث سخّر هذه الفكرة خدمةً لأغراضه الخاصّة ومن خلال تأكيده على ضرورة وجود إمامٍ في كلّ زمانٍ، وضع حجر الأساس ليزعم بأنّه المهدي الموعود(26)، ومن الجدير بالذكر أنّ رموز دولة الموحّدين آنذاك كانوا متأثّرين بالنزعة الظاهرية والفكر الأشعري وكان مسلكهم صوفياً(27)، ويذكر التأريخ أنّ فيلسوفهم الكبير وشيخهم في التصوّف المدعو ابن سبعين قد زعم أنّ المستنصر بالله الحفصي هو المهدي المبشّر(28)، حيث نفى ضرورة كونه علوي النسب وفي رسالته إلى أمير مكّة عند بيعته للمستنصر قال إنّه يسير على منهج السنّة المحمدية وسيرة أبي بكر وادّعى أنّ شخصيته علوية ونسبه محمدي(29).
أمّا في عهد الدولة السعدية فإنّ الفكر المهدوي قد نشأ على أساس الفكر الصوفي والنسب العلوي لسلاطين هذه الدولة التي سارت على نهج مذاهب العامّة، فالكرامات التي كانت تروّج لرموز الصوفية قد استقطبت الناس وجعلتهم يتأثرون بهم، كما أنّ بعض مدّعي المهدوية في القرون الماضية قد اتبعوا هذا الأسلوب المنحرف أيضاً لإقناع الناس بمقامهم المزعوم، كالسيد محمد نوربخش مؤسس السلالة النوربخشية(30)، والسيد محمد فلاح صاحب النهضة المشعشعية في الأهواز(31)، ومحمد أحمد المعروف بالمهدي السوداني. وهذا الأخير عندما ادّعى أنّه المهدي الموعود كان له من العمر أربعون عاماً وهو من أتباع الطريقة السمانية(32)، حيث زعم أنّه صاحب ثلاث مقامات هي الإمامة والنيابة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمهدوية(33).
وهناك من ادّعى المهدوية بالتدريج ثمّ انتقل إلى مرحلةٍ أخرى ـ أي قدّم مقدّماتٍ قبل أن يدّعي بأنّه المهدي الموعود ـ مثل ادّعاء زعيم البابية بأنّه "باب" إمام العصر، وهذه المفردة لها دلالة خاصّة إذ انّها مستوحاة من كلمةٍ وردت في الروايات. فقد ذكرت الروايات كلمة "الصراط" لوصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكلمة "باب الله" لوصف الأئمة المعصومين (عليهم السلام) (34) لأنّهم واسطةٌ بين الله تعالى وخلقه(35).إضافةً إلى ذلك فقد أشير إلى البعض بأنّهم بابٌ للأئمّة(36)، فهؤلاء كانوا على علاقة وثيقة بالمعصومين ووكلاء لهم أحياناً ومنهم من كان رابطاً بين الإمام وشيعته في الظروف السياسية الحسّاسة(37). والشيخ الطوسي أطلق على النوّاب الأربعة للإمام المهدي (عليه السلام) أيام غيبته الصغرى عنوان "الباب"(38). وفي عهد الأئمّة (عليهم السلام) ظهر بعض الدجّالين الذين ادّعوا هذا اللقب، ولكنّ الأئمة كذّبوهم(39).
علي محمد الشيرازي المتوفّى سنة 1235ه هو أحد الدجالين الذين ادّعوا البابية، حيث اعتبر نفسه باباً لصاحب الأمر، وهو مؤسس الفرفة البابية الضالّة وأضفى على معتقداته صبغةً عرفانيةً باطنيةً. في طفولته حضر دروس الشيخ عابد الذي كان أحد تلامذة الشيخ أحمد الأحسائي والسيد كاظم الرشتي ومنذ نعومة أظافره مال إلى النزعة الشيخية والباطنية،لذلك كان يزاول السير والسلوك الروحاني ويقرأ الكثير من الأوراد والأذكار توهّماً منه بأنّه قادرٌ على تسخير الشمس، لذلك عرف آنذاك بـ "سيد الذكر"(40).
تعرّف علي محمد الشيرازي على بعض المسائل العرفانية والتفسيرية والحديثية والفقهية على أساس المنهج الشيخي وذلك عن طريق السيد كاظم الرشتي(41). ومن الجدير بالذكر أنّ مذهب الشيخية يعتبر طرازاً جديداً من التشيع لأنّه نشأ من المذهب الاثني عشري في القرن الثاني عشر الهجري ومؤسسه هو الشيخ أحمد الأحسائي، ولكن يمكن القول إنّ معتقدات هذه الفرقة هي مزيجٌ من القواعد الفلسفية القديمة وبعض روايات أهل البيت (عليهم السلام) (42)، ولكنّ علماء الشيعة الإمامية لم يحتضنوا أتباع هذه الفرقة ونبذوها ما أدّى إلى تمهيد الأرضية لظهور البابية والبهائية.
لقد ضيّق الشيخية نطاق معتقدات الشيعة الإمامية وحدّدوها في أربعة أصولٍ، هي التوحيد والنبوّة والإمامة والركن الرابع الذي هو الباب الخاصّ للإمام المهدي (عليه السلام) والواسطة بينه وبين الناس، إذ يعتقدون أنّه في كلّ زمانٍ يوجد أحد الشيعة الخلّص يكون باباً للإمام وبالتالي يجب على الناس معرفته واتّباعه(43).
بعد وفاة السيد كاظم الرشتي بحث أتباعه عن بديلٍ له بحيث يكون مثالاً للشيعي المتكامل كي يصبح الركن الرابع ممّا أدى إلى حدوث منافسة بين بعض تلامذته وبمن فيهم علي محمد الشيرازي الذي اعتبر نفسه باب الإمام الثاني عشر ـ أي واسطة بين الإمام وشيعته ـ فاستقطب بعض أتباع السيد الرشتي، وبعد فترة تجاوز هذا المنصب المزيف وزادت جرأته فادّعى أنّه المهدي بعينه وقال أنا المهدي الذي انتظره الناس ألف عامٍ!(44)

خلفيات ظهور التيارات المهدوية:
الأمّة الإسلامية إبان تأريخها شهدت شدّاً وجذباً على المستويات كافّةً، لذلك تهيأت الأرضية لانتشار العقيدة المهدوية ممّا أسفر عن ظهور الكثير من الدجالين على هذا الصعيد، وما زال الأمر على حاله حتى عصرنا الراهن. في القرون الثلاثة الأولى التي تلت ظهور الدين المحمدي إبان حكومات سلاطين بني أُمية وبني العباس شهد التأريخ الإسلامي ظهور أكبر عددٍ من هؤلاء بتحريكٍ من ذوي السلطة وليس انطلاقاً من دوافع شخصيةٍ، ولعلّ السبب في ذلك يرجع إلى قرب عهد النبوّة والوحي وبالتالي شيوع الأحاديث التي تناقلها المسلمون حول ظهور المصلح العظيم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وكذلك فإنّ أحد أسبابه هو الظلم الذي اجتاح بلاد المسلمين جرّاء سياسة البطش التي سلكها الأمويون والعباسيون، وأيضاً كان لوجود سلالة الرسول الطاهرة الأثر الكبير في هذا الأمر؛ إلا أنّ الأمور تغيرت بعد غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) فتضاءلت مزاعم الموالين للسلطة بشكلٍ ملحوظٍ لكن تزايدت أعداد سائر الدجالين الذين زعموا المهدوية.
وهناك أسباب مختلفة أدّت إلى ظهور أمثال هؤلاء، نذكر فيما يلي بعضها بإيجازٍ:
انتعاش الفكر المهدوي بين المسلمين:
لا شكّ في أنّ انتعاش الفكر المهدوي بين المسلمين كان له الدور الأبرز في نشأة الحركات المهدوية منذ عصر صدر الإسلام وإلى عصرنا الراهن؛ لأنّ نظرية ظهور مصلحٍ موعودٍ يقارع الظلم والاستبداد تنعش الجانب المعنوي لدى الإنسان، وما يزيد من هذا التأثير أنّ النظرية المهدوية بشكلٍ عامٍّ لا تقتصر على فئةٍ معينةٍ ولا زمنٍ بالتحديد، بل هي نظريةٌ شموليةٌ تصرّح بأنّ عصر حكومة المهدي الموعود هو ربيع الحياة الدنيا، وبالنسبة إلى الشيعة الإمامية فإنّ الفكر المهدوي لم ولن ينفكّ يوماً عن حياة أيّ إماميٍّ. وأمّا الروايات التي تتحدّث عن منقذ البشرية فهي أكثر من ستمائة روايةٍ(45)، إذ إنّ هذا الموضوع كان مطروحاً منذ عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة (عليهم السلام) وما زال كذلك.

محبّة أهل البيت (عليهم السلام) :
الإنسان بطبعه يقيم وزناً لكلّ من يتّصف بالخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة، لذا فإنّ أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين هم المثال المحتذى في هذا المضمار نالوا محبّة الناس وتقديرهم، فحتّى معارضوهم قد حاولوا استغلال هذه المنزلة الرفيعة التي اختصّوا بها بغية تحقيق أهدافهم، وهناك أحداث كثيرة من هذا القبيل تشهد على ذلك كلجوء المختار الثقفي إلى الإمام السجاد (عليه السلام) وطلب الزيدية والعباسيين النصرة من الإمام الصادق (عليه السلام) ورجاء المأمون بن هارون الرشيد من الإمام الرضا (عليه السلام) بأن يقبل ولاية العهد.
كما أنّ المكانة المعنوية والاجتماعية للإمام المعصوم كانت على درجةٍ من السموّ بين مواليه بحيث كان بعضهم لا يصدّقون بوفاته إذا ما تجرّع كأس الشهادة، لذلك كانوا يدّعون أنّه لم يمت وسوف يعود مرّةً أخرى(46)، وهناك من استغلّ هذه المحبّة الشديدة ووظّف أحاسيس الشيعة خدمةً لأهدافه كما حدث في قيام بني العباس ضدّ بني أمية حيث رفعوا شعار "الرضا من آل محمد" في بادئ الأمر إلا أنّهم بعد أن حقّقوا مآربهم تنصّلوا ممّا زعموا، بل إنّهم نصبوا العداء لآل محمد!

انحراف الإسلام عن مسلكه الأصيل:
حسب الوثائق التأريخية التي لا يشوبها الشكّ والترديد وكما يعتقد أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّ الإسلام قد انحرف عن مسلكه الأصيل بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهادة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فطغت النزعة العصبية بين أبناء مختلف الشعوب التي اعتنقته عرباً وفرساً وروماً، وتجلّى ذلك بأبرز صورةٍ في بلاط الخلافة ممّا أسفر عن ابتعاد الناس عن دين الله القويم؛ ونتيجة هذا الأمر اضمحلال العدالة الاجتماعية وشيوع العنصرية القومية.
في هذه الأجواء المتوتّرة الحافلة بالأحداث بدأ المسلمون يبحثون عن مخرجٍ للخلاص من ظلم الحكام الذين تقمّصوا الخلافة وسعوا وراء مآربهم الشخصية باسم الدين، فظهرت نزعةٌ تحفّز المسلمين للعودة إلى الأجواء المعنوية النزيهة التي سادت في عهد خاتم الأنبياء، وإثر ذلك توالت الحركات الداعية إلى إصلاح أمور المسلمين وإحياء الإسلام المحمدي الأصيل؛ وبطبيعة الحال كان الفكر المهدوي هو المطروح لكونه أفضل وسيلةٍ لتحقيق هذا الهدف فانتفض البعض ضدّ الحكومات الجائرة. وأبرز مثالٍ على هذه النهضات، ثورة عاشوراء التي رفعت راية الحقّ؛وفيما بعد ظهرت حركات أخرى منها الكيسانية والزيدية.

الظلم والفساد وتصاعد الهجمات الخارجية :
عند إلقاء نظرةٍ عابرةٍ على تأريخ المسلمين نلمس أنّ هجمات الأعداء على البلاد الإسلامية تتزايد كلّما تزايد الظلم والفساد والتمييز العنصري من قبل السلاطين، وبالتالي فإنّ جزع الناس كان يتزايد ويرجون ظهور المنقذ الموعود في أسرع وقتٍ لانتشالهم من الهلكة، فتمخّض عن ذلك أنّ بعض السذّج أو المتصيدين في الماء العكر زعموا المهدوية لبعض شخصياتهم البارزة.
الشعوب المغلوبة على أمرها والتي لا تمتلك الوسيلة للخلاص من الظلم والاستبداد على مرّ العصور، كان يخالجها شعورٌ بوجود منقذٍ يزيل غبار الذلّ عن وجهها، وهذا الشعور كان يتنامى ويتأجّج أكثر فأكثر حينما تتزايد الضغوط ويتفاقم الجور لدرجة أنّه كان يحرّض البعض لادّعاء أمرٍ عظيمٍ! على سبيل المثال، حينما شنّ المغول هجمتهم المدمّرة على إيران ظنّ بعض الشيعة أنّه قد حان الأوان لظهور الموعود، حيث وصف ياقوت الحموي هذه الحالة بالقول إنّ أهل كاشان في السنة الأولى لهجمة المغول كانوا يخرجون صباح كلّ يومٍ لاستقبال المهدي الموعود، وقال: "وكان رجلاً أديباً قدم مرو وأقام بها إلى أن مات بعد الخمسمائة، ذكر في كتاب ألّفه في فرق الشيعة إلى أن انتهى إلى ذكر المنتظر فقال: ومن عجائب ما يذكر ما شاهدته في بلادنا قوم من العَلَوية من أصحاب التنايات يعتقدون هذا المذهب فينتظرون صباحَ كلّ يومٍ طلوع القائم عليهم ولا يَرضون بالانتظار حتى إنّ جلّهم يركبون متوشّحين بالسيوف شاكّين في السلاح فيبرُزون من قُراهم مستقبلين لإمامهم"(47).
ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ الكثير من الطوائف والسلاطين قد سخّروا الفكر المهدوي لمواجهة العدوان الصليبي، كدولة الموحّدين وخوارج برغواطة ودولة الحفصيين والشرفاء السعديين، والجدير بالذكر أنّ بعضهم حقّق انتصاراتٍ في هذا المضمار(48). فالهجمات الصليبية على سواحل بلدان المغرب الإسلامي قد جعلت المسلمين يتمسّكون بفكرة وجود مهديٍّ موعودٍ ينقذهم من عنجهية الصليبيين أكثر من السابق، لذلك رأى البعض أنّ الفرصة مؤاتية لتحقيق مآربهم، فظهر ابن تومرت ليعلن نفسه مهدياً! (49).
ويمكن القول إنّ الاختلاف الطبقي الفاحش وجور الحكّام والفقر المدقع والهجمات المتوالية من قبل أعداء الإسلام كانت أهمّ الأسباب لظهور مدّعي المهدوية في جميع مراحل التأريخ ولا سيما في القرن الثالث عشر الهجري الذي خضعت فيه جميع ديار المسلمين لوطأة سلاطين فسقة لا رحمة في قلوبهم باستثناء مقاطعاتٍ قليلةٍ كانت تحت نير الاستعمار، لذلك كانت مشاعر المسلمين تتأجّج لأدنى حركةٍ تحرّريةٍ تنجيهم من الطغيان، وبالطبع فإنّ الحركات الإصلاحية والتحرّرية غالباً ما كانت ترفع شعار المهدي الموعود لاستقطاب أكبر عددٍ من الناس.
وفي مغرب البلاد الإسلامية في باكورة العصر الحديث، استفحل ظلم السلاطين على بلدان شمال إفريقيا ممّا ساعد على تنامي الحركات المهدوية، والسودان مثالٌ على هذه الأوضاع الوخيمة حيث سادت الفوضى وشاع الفساد واستشرى الظلم وتزايدت الضرائب التي كانت تجبى ثلاث مرّاتٍ في العام ـ مرّة للسلطان وأخرى للقاضي وثالثة للجباة ـ فأثقلت كاهل الناس لدرجة أنّ من يمتنع عن دفعها يحرق داره ووصل الجور ذروته، فظنّ الناس أنّ الظهور قريبٌ(50)،كما انتعشت تجارة الرقيق فأصبح الفقراء بضاعةً يتداولها التجّار ويصدّرونها إلى خارج البلاد! وما زاد الطين بلّةً الهجمات الاستعمارية المتوالية على هذا البلد الفقير والتي تصدّى لها الزعيم الديني محمد أحمد بن عبد الله المعروف بـ "المهدي السوداني". هذه الأحداث زادت من شعبية هذا الرجل والتحمت به الكثير من فئات الشعب السوداني ودافعت عن نهضته، وقد أكّد السيد جمال الدين على أنّ أهمّ سببٍ لانتعاش حركة المهدي السوداني هو دخول قوات الاستعمار الانجليزي في مصر، ولولا ذلك لما تمكّن من نشر دعوته بهذا الشكل لأنّ كلّ من يدّعي المهدوية لا يبلغ مرامه ما لم تكون دعوته في خضمّ أجواء يعمّها الظلم والجور(51). وكذلك لا نبالغ لو قلنا إنّ السبب المذكور أعلاه هو أحد أسباب نشوء بعض الفرق، كالشيخية والبابية والبهائية، فقد ضاق أبناء الشعب الإيراني ذرعاً بالحروب الاستنزافية مع روسيا القيصرية واستاؤوا من ضعف حكومة السلالة القاجارية، فبدؤوايبحثون عن منفذٍ معنويٍّ يخلّصهم من هذه الأوضاع المزرية، لذا فإنّ أيّة دعوةٍ ترفع شعار المهدي المنتظر كانت تحظى بدعمٍ شعبيٍّ واسع النطاق ممّا أدى إلى اتّباع دعاة الشيخية والبابية(52).
دوافع مدّعي المهدوية :
على مرّ التأريخ الإسلامي توالت الحركات المهدوية التي انبثقت من دوافع عديدةٍ، حيث رفع أصحابها راية الإصلاح والتفّ حولهم من انخدع بدعواتهم، ونظراً لكثرة هذه الحركات وتنوّع مشاربها فلا يمكن تحديد دافعٍ أو دوافع خاصٍّة لجميع هؤلاء المدّعين، بل قد تكون هناك أهدافٌ مشتركةٌ تجمع بعضهم. بطبيعة الحال هناك دوافع شخصية ودوافع جماعية تتنوّع حسب الظروف الزمانية والاجتماعية، فهناك من دفعه حبّ المنصب والمصالح الشخصية للادّعاء بأنّه صاحب الأمر، وهناك من ثار بوجه الظلم والاستبداد؛ في حين أنّ هناك من توهّم بأنّه قادر على انتشال الأمّة من الأوضاع السيئة التي تمرّ بها فرفع راية الإصلاح تحت شعار المهدي المنتظر.
ومراعاةً للإيجاز نذكر فيما يلي أهمّ دافعين لظهور مدّعي المهدوية:
1) تصفية الحسابات:
هناك فتراتٌ تأريخيةٌ شهدت انتشار الفكر المهدوي بواسطة بعض القوى السياسية والدينية بهدف التصدّي للمنافسين وتصفية الحسابات مع الآخرين، وكذلك بهدف مواجهة الفكر المهدوي في الجانب المقابل، فقد شهدت الساحة الإسلامية منافسةً محتدمةً بين مختلف الفرق والمذاهب،فساد هذا التوجّه بين الخوارج وبعض الشيعة والأمويين والمقرّبين من بني العباس والبربر، وعندما كانت هذه الحركات تنبثق من فئةٍ شيعيةٍ كانت تثير حفيظة أهل السنة. والطريف أنّ أحد دوافع ادّعاء المهدوية لدى أهل السنة هو التصدّي للفكر الإمامي الشيعي رغم أنّ الإمامة ثابتة بالنصّ والدليل القطعي وأنّها تختم بالمصلح العظيم الذي وعد به المسلمون والذي سيظهر لمقارعة الظلم والفساد.
إنّ إعلان الغيبة الكبرى للإمام المهدي ابن الحسن العسكري كان بمثابة فصل الخطاب لكلّ دعاة المهدوية لأنّه نقض كلّ نظريةٍ تخالف الأحاديث المتناقلة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصيائه الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأبطل كلّ دعوةٍ قد تطفو إلى السطح سواء من بعض المحسوبين على مذهب أهل البيت أم من غيرهم، لذلك نلاحظ أنّ مدّعي المهدوية قد تقلّصوا إلى حدٍّ كبيرٍ بعد الغيبة الكبرى لكنّ ذلك لا يعني اضمحلالهم بالكامل فقد كانت هناك حركاتٌ تظهر بين الحين والآخر، وبالطبع فإنّ مدّعي المهدوية في هذه الفترة كان لا بدّ لهم وأن يوهموا الناس بأنّ كلّ زمانٍ قد يشهد ظهور مهديٍّ غير المهدي الموعود في آخر الزمان.
إبّان العصر الأموي فإنّ أهمّ سببٍ جعل بني أمية يتشدّقون أحياناً بالفكر المهدوي هو التصدّي للفكر العلوي والفاطمي، وفي العهد العباسي أطلق الخليفة المنصور على ابنه اسم "المهدي" لأغراض سياسية كما يقول المؤرّخون حيث أراد أن يخبر الناس بأنّ المهدي المنتظر هو ابنه! (53) لذا بايعه الكثير من الناس انخداعاً بهذا الزعم، لكنّه ادّعى فيما بعد أنّه لم يهدف إيهام الناس بكون ولده هو المهدي الموعود(54).
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الأمر لم يقتصر على رجال السياسة فحسب، بل إنّ رموز بعض الفرق والمذاهب قد تشبّثوا به مثلما فعل الغزالي الذي أنكر المهدي الموعود المذكور في روايات الفريقين شيعةً وسنةً، فطرح نفسه في إطار الطريقة الصوفية وأكّد على أنّ كلّ صالحٍ من شأنه أن يكون مهدياً بغضّ النظر عن نسبه(55).
إنّ ما حفّز الغزالي على تصوير المهدوية بصورةٍ صوفيةٍ هو معارضة الفكر الشيعي الإمامي حول الإمام المهدي والذي أثبتته النصوص القطعية لدى الفريقين، حيث زعم أنّ المهدي المنتظر هو ليس من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وادّعى أنّ ابن الإمام قد توفّي ودفن في خراسان(56)، وعلى هذا الأساس فهو يرفض مسألة الغيبة الكبرى وخلاصة توجّهاته المهدوية هي تربية طالب علمٍ بربريٍّ في مغرب البلاد الإسلامية ليصبح فيما بعد مهدياً موعوداً على أساس ثقافة البربر ومشاربهم حيث صرّح بذلك في حلقات درسه وقال بأنّ محمد بن تومرت هو أمل مستقبل بلاد المغـرب الإسلامـي لأنّ الـضرورة تقتضـي ظهـور بربريٍّ ينقذ الأمّة(57) ـ حسب زعمه ـ.
وبالتأكيد فإنّ طرح نظرية "المهدوية النوعية" من قبل أهل السنة يهدف إلى إعقام جهود الشيعة في إنعاش الفكر المهدوي الحقّ المستوحى من النصوص القطعية، لذا يمكن اعتبار هذه النظرية بديلاً للشعار الذي رفعه بنو العباس إبان قيامهم ضدّ بني أمية وهو "الرضا من آل محمد" والذي تردّد على ألسن المتعطّشين للسلطة مراراً.
ومن الجدير بالذكر أنّ استغلال الفكر المهدوي لم يقتصر على تصفية الخصوم المسلمين فحسب، بل تمّ تسخيره لمواجهة الفكر المهدوي المطروح من الأديان الأخرى، فعلى سبيل المثال شاع هذا الفكر في القرنين الرابع والخامس الهجريين لمواجهة حملات التبشير المسيحي التي كانت تروّج لظهور المسيح بدعمٍ ملوك الروم، لذلك أكّد محي الدين ابن العربي الذي كان يجاور النصارى على أنّ المهدي والمسيح هما من نسل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال إنّ عيسى بن مريم هو من أمّة محمد وسيظهر في آخر الزمان لإقامة سنة النبي، فيكسر الصليب ويحرّم لحم الخنزير. وهذا الكلام من قبل ابن العربي نابعٌ من مصادر روائية وهدفه التصدّي للفكر المهدوي المسيحي حيث أَوَّلَ نظرية ظهور المسيح في آخر الزمان تأويلاً إسلامياً(58)، كما أنّه اعتقد بكون ختم الولاية هو إرث مشترك للمهدي الموعود الذي هو من نسل بني هاشم والمسيح الموعود(59).

2) الانتهازية والنفعية :
الكثير من مدّعي المهدوية قد استغلّوا الأوضاع المضطربة في مجتمعاتهم إبّان سلطة الخلفاء وسخّروا مشاعر الناس وأحاسيسهم الدينية الخالصة وانتظارهم لظهور المنقذ الموعود خدمةً لأغراضهم الدنيوية، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ لأنّ الشعب عندما يعاني من ظروفٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ واقتصاديةٍ مريرةٍ تتوفّر الأجواء الملائمة للانتهازيين والنفعيين لتحقيق أهدافٍ شخصيةٍ تحت غطاءٍ دينيٍّ عبر رفع شعاراتٍ إصلاحيةٍ تستقطب أذهان العامّة من الناس. على سبيل المثال، نقل الذهبي ما يلي: "ومحمد بن عبدالله بن تومرت المصمودي البربري المدّعي أنه علوي ّحسنيّ وأنّه المهديُّ... جرَّه إقدامه وجرأته إلى حبّ الرئاسة والظهور وارتكاب المحظور ودعوى الكذب والزور من أنّه حسنيّ، وهو هرغيّ بربريّ، وأنّه إمامٌ معصومٌ، وهو بالإجماع مخصومٌ ... وبأنّه المهديُّ، وبتسرّعه في الدماء."(60) وأضاف الذهبي قائلاً: فبدأ أوَّلاً بالإنكار بمكة، فآذوه، فقدم مصر وأنكر، فطردوه، فأقام بالثغر مدّة فنفوه، وركب البحر فشرع، ولما كثرت أصحابه أخذ يذكر المهدي ويشوِّق إليه، ويروي الأحاديث التي وردت فيه. فتلهّفوا على لقائه. ثم روّى ظمأهم وقال : أنا هو. وساق لهم نسباً ادّعاه، وصرّح بالعصمة."(61) وأكّد الذهبي على أنّه استغلّ الفكر المهدوي لتحقيق مآربه السياسية وترسيخ دعائم حكومته رغم عدم إيمانه بأصول مذهب الشيعة لأنّه تتلمذ على يد الغزالي الذي أعانه على الارتباط ببلاط الخلافة في بغداد(62).
إنّ نشاطات مدّعي المهدوية كانت تتمحور حول تحقيق مآربهم الشخصية كعلي ابن محمد بن فلاح المشعشع مؤسس النهضة المشعشعية في الأهواز، ومحمد المهدي السنوسي زعيم الطريقة السنوسية، والمهدي السوداني، حيث توهّموا بأنّهم قادرون على تأسيس حكومةٍ دينيةٍ شاملةٍ، وعندما كان ينتابهم الخطر فإنّهم يتنصّلون من مدّعاهم!(63)وهذا الاستغلال المنحرف للفكر المهدوي قد ظهر بأجلى صوره بين أتباع الطائفة القاديانية(64)، أمّا أتباع الحركة الأحمدية فقد كانوا ملزمين بدفع ربع مدخولهم المالي ـ على أقلّ تقديرٍ ـ إلى صندوق هذه الحركة(65)، وأمّا علي محمد الباب فقد أفتى بأنّ كلّ شيءٍ ثمينٍ مالكه مجهولٌ فهو ملكٌ للباب وقد ورد في كتاب "البيان" بأنّ الأشياء الثمينة ملكٌ للنقطة (أي الباب) والمتوسطة القيمة هي ملكٌ للحي (أي 18 شخصاً من أعوان الباب) والمتدنية القيمة فهي ملكٌ لسائر الناس!
وهذه النفعية قد تجسّدت بين أتباع الفكر البهائي بشكلٍ آخر، حيث تساهلوا في العلاقات غير الشرعية وأقرّوا لمن يرتكب الزنا دفع ديةٍ مقدارها تسعة مثاقيل من الذهب إلى بيت العدل وإذا ما كرّر هذه الفعلة فإنّ الدية تتضاعف، وهكذا يتضاعف المبلغ مع تكرار هذه الفاحشة(66). هذه الفرقة الضالّة قد أرسلت أموالاً طائلةً إلى مسؤولي بيت العدل في إسرائيل لأنّ البهائيين مكلّفون بملأ صناديق ما يسمّى بـ "بيت العدل" في الضيافات التي تقام مدّة تسعة عشر يوماً لإرسالها إلى الصهاينة الذين يدعمون الفكر البهائي الضالّ بكلّ ما أوتوا من قوّةٍ(67).

أسباب انتعاش نشاطات مدّعي المهدوية:
مسيرة التأريخ تثبت لنا أنّ الناس قد تأثّروا بالفعل ببعض مدّعي المهدوية، وهذا الأمر بالطبع يرجع لأسباب عديدة في شتّى النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويمكن تلخيصها كما يلي:
1) استغلال بعض علامات الظهور :
العديد من مدّعي المهدوية تشبّثوا ببعض العلامات المذكورة في الروايات حول آخر الزمان وظهور المصلح العظيم، فتمكّنوا من التمويه على عامّة الناس ولم يتوانوا عن أيّ فعلٍ لتحقيق مآربهم؛ لدرجة أنّ بعضهم زعموا وجود علاماتٍ لا أساس لها. ومن بين هؤلاء المهدي السوداني الذي نشأ وترعرع في أحضان المدرسة الصوفية،فقد طالع كتب ابن العربي واستغلّ ما ورد فيها من علامات آخر الزمان، واستند إلى ما نقله ابن حجر العسقلاني والسيوطي حول خروج صاحب السودان(68)،حيث كان له خالٌ في خدّه الأيمن لذلك زعم أنّه من علامات المهدي الموعود. بعد أن تمّت محاصرته في مدينة الخرطوم وضاقت عليه السبُل ادّعى أنّ عدوّه هو الدجّال فصدّقه المتصوّفة وقاتلوا إلى جانبه بكلّ حزمٍ(69). كما أنّه استغلّ اسمه ـ محمد ـ الذي ينطبق على اسم الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) واسم رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الغرض وزعم أنّه إنسانٌ سماويٌّ يكون ظهوره علامةً على آخر الزمان!
2) إيجاد بيئةٍ تناظر عصر صدر الإسلام:
محبّة الناس للبيئة الدينية التي كانت سائدةً في عصر صدر الإسلام وإجلالهم للشخصيات الإسلامية هما من الأمور الأخرى التي أدت إلى انتعاش نشاط مدّعي المهدوية، فالمهدي السوداني مثلاً قد نشر فكره الضالّ عبر تقليد البيئة التي كانت سائدةً في عصر صدر الإسلام، فكان ينادي زوجته باسم عائشة، وعيّن أربعة خلفاء بعد موته وأطلق عليهم نفس أسماء الخلفاء الراشدين، كما أنّه سمّى أحد أصدقائه الشعراء حسّان بن ثابت، وهذا الشاعر حينما اعترض على ذلك وادّعى أنّه شجاعٌ وشاعر رسول الله حسّان كان جباناً، وافق على اعتراضه وغيّر اسمه إلى خالد بن الوليد!(70) كذلك أسّس بيتاً للمال على غرار ما كان في عصر صدر الإسلام وعيّن عاملاً عليه، ونصّب قاضياً لقّبه بقاضي الإسلام(71). يذكر أنّه بعد أن ادّعى بأنّه المهدي الموعود بعث رسائل إلى جميع زعماء القبائل وادّعى أنّه رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عالم الرؤيا وأخبره بأنّه المهدي الموعود، لذلك طلب منهم أن يتّبعوه ويجاهدوا معه، ونقل عنه أنّه كفّر كلّ من رفض دعوته(72).
أمّا محمّد بن تومرت فقد زعم أنّه معصومٌ ومن نسل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأجل كسب دعم الناس، وقبل أن يدّعي بأنّه المنقذ الموعود لقّب نفسه بالإمام والإمام المعصوم والمهدي المعلوم، وبعده سار أعوانه على هذا النهج الماكر(73).
وأمّا محمد نوربخش فقد استغل اسمه ـ محمد ـ لإثبات ادّعائه وسمّى ابنه قاسماً لتتطابق كنيته مع كنية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (74).
3) جهل الناس ومكر مدّعي المهدوية :
هناك سببٌ ذو وجهين كان له تأثيرٌ بالغٌ في انتعاش الحركات المهدوية، وهو جهل بعض المسلمين ومكر المدّعين، لأنّ كلّ من يزعم أنّه المهدي الموعود لا يتمكّن بتاتاً من تحقيق تطلّعاته دون دعمٍ شعبيٍّ، وبالتأكيد فإنّ الجهل يتحوّل أحياناً إلى غلوٍّ يجعل المتصيدين في الماء العكر يرفعون راية الضلال ويزعمون أنّهم أصحاب الراية المنتظرة، وهذا الأمر قد حدث حتّى في عهد الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) حيث ظهرت بعض الفرق الضالّة التي اعتقد أتباعها بظهور المهدي الموعود آنذاك لدرجة أنّهم زعموا بكون مهديّهم هذا سوف يبعث مرّةً أخرى بعد موته.
فجهل الناس كان سبباً لأن يحقّق ابن تومرت مآربه، فهو لأجل أن يقنع أتباعه بأنّه المهدي الحقيقي كان يخفي شخصاً في البئر ويتحدّث معه ليخدع الناس بأنّ الملائكة تحدّثه، وغالباً ما كان يدّعي أنّ الملك قد أوحى له بوجوب قتل معارضيه، لذا تمكّن من التمويه على البربر المتعصّبين الذين لم يتوانوا عن تنفيذ أوامره مهمّا كلّف الأمر؛ والطريف أنّه هذا الماكر قام بقتل بعض من أخفاهم في البئر كي لا يفشوا سرّه حيث كان يأمر بطمر البئر بعد نزول الوحي عليه! (75).
والسذّج الذين اتّبعوا المهدي السوداني رأوا أنّ عدوّهم الأجنبي الذي لا يقهر دليلٌ على صدق ادّعاء صاحبهم، وشاءت الصدفة ظهور مذنّبٍ تزامناً مع دعوته وتصوّر الناس أنّه راية المهدي التي يحملها الملائكة. وهذا الجهل العميق قد أنعش حركة المهدي السوداني لدرجة أنّه تمكّن من إقناع أتباعه بعدم الذهاب إلى الديار المقدّسة لأداء مناسك الحجّ وزعم أنّ زيارته بمثابة حجّ بيت الله الحرام(76)، وهو بالطبع كان يخاف من احتكاك هؤلاء مع سائر المسلمين وبالتالي انصرافهم عن دعوته الباطلة. كما أنّه كان بارعاً في فنّ الخطابة والبيان إلى أقصى درجةٍ، وعندما كان يخطب بالناس فإنّه يبهرهم وكأنّما جميع جوارحه تنطق مع لسانه، وحينما يتظاهر بالخشوع تسيل دموع الناس انبهاراً بخضوعه لله تعالى(77).
أمّا أتباع الطريقة النوربخشية فقد كانوا يرتدون الأسود من الثياب وفيما بعد اعتمروا العمامة السوداء ممّا أسفر عن تأجيج أحاسيس الناس وتلاحمهم معهم لدرجة أنّ الحكومة التيمورية منعتهم من ذلك(78).
وأمّا علي محمد الباب فقد حرّم قراءة جميع الكتب السماوية الموجودة قبل ظهوره وأمر بإحراقها وإحراق جميع الكتب العلمية كما حرّم تدريس جميع العلوم والكتب التي لا تنسب إليه(79).يذكر أنّ أتباعه لقّبوا الداعية الذي كان يروّج للباب الملا محمد علي بلقب "حضرة الأعلى" وصنعوا له سرادقاً يختفي فيها كي يراه الناس قليلاً وتبقى هيبته بينهم راسخةً. في أحد الأيام خرج الملا محمد علي من سرادقه قاصداً الحمّام فاصطفّ أتباعه احتراماً له ومرّغوا وجوههم بالطريق المليء بالطين الذي كان يسير فيه ولم يرفعوها إلا بعد أن أذن لهم(80).
4) دعم المستعمرين :
كلّما تقدّم الزمان فإنّ مزاعم الحركات المهدوية تبقى على حالها وتضاف إليها ذرائع ودوافع جديدة، وبعد ظهور الاستعمار الحديث في القرون الماضية انتعشت هذه الحركات مرّةً أخرى فتصوّر بعض السذّج أنّها على حقٍّ متأثرين بعلامات الظهور وبالصبغة الدينية لمدّعي المهدوية الذين سلكوا حياة النُّسك، والساسة الانتهازيين العملاء للمستعمرين استغلّوا هذه الظاهرة ووظّفوها لخدمة أطماعهم فوجّهوا للمعتقدات الإسلامية ضرباتٍ موجعةً وأضعفوا شأن العبادات الدينية في المجتمع الإسلامي بغية إعقام نشاطات الحركات الإسلامية المناهضة للاستعمار.
القوى الاستعمارية قد انتفعت من ادّعاء الشيخ أحمد الأحسائي بوجود بابٍ للمهدي الموعود في كلّ عصرٍ، واعتبرت هذه الحركة المنحرفة غدّةً سرطانيةً من شأنها أن تنخر هيكل التشيع ورجال الدين، فقامت بتقديم دعمٍ للبهائية والبابية لدرجة أنّ حكومات البلدان الغربية المستعمرة اعترفت بهما رسمياً، واتّسعت هذه العلاقات الحميمة فكان رؤوس البهائيين والبابيين يتردّدون على سفارات هذه البلدان ليرتزقوا منها(81). وعباس أفندي الملقّب بـ "عبد البهاء" الذي يعدّ أحد أهمّ رموز البهائية فقد أكمل هذه المسيرة وارتبط بالبلدان المستعمرة بشكلٍ علنيٍّ، وأصبح شخصيةً معروفةً على نطاقٍ عالميٍّ لدرجة أنّ معظم المؤرخين يقولون بأنّه لولا "عباس أفندي" لما ارتفعت للبابية والبهائية رايةٌ! ونظراً لخدماته العظيمة للإنجليز حاز على لقب (سير) ومنح عدداً من الأوسمة الرفيعة(82) منها وسام (نايت هود) الذي يعتبر أعلى وسامٍ يمنح لمن يقدّم خدمةً لبريطانيا(83) وذلك بعد دخول الاستعمار الإنجليزي فلسطين.
يذكر التأريخ في أجلى صفحاته أنّه بعد موت عبد البهاء حضر طقوس دفنه ممثّلون عن الحكومة البريطانية كما أرسل وزير المستعمرات آنذاك ونستون تشرتشل برقية مواساةٍ للبهائيين وأبلغهم فيها حزن ملك بريطانيا العميق لرحيل عبدالبهاء(84). البهائيون قدموا خدماتٍ كبيرةً للاستعمار وبما في ذلك أنّهم لا يجوّزون مقارعة أيّة حكومةٍ مواليةٍ لبريطانيا، كما أنّ أحد الشروط التي وضعها مؤسّس حركتهم هو أنّ بيعة أيّ شخصٍ لزعامة الحركة مشروطةٌ بولائه للإنجليز وفي غير هذه الحالة لا تجوز بيعته مطلقاً! وهناك كتابٌ دوّن باللغة الفارسية حول هذا الموضوع تحت عنوان "تحفه¬ى شاه زاده ويلز"(85).
ونظام الشاه قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران قدّم دعماً لا محدوداً للحركة البهائية، وحسب الوثائق الرسمية الموجودة فإنّ جهاز مخابراته المعروف بـ"السافاك" أيضاً كان يؤازرها، والأمر لم يقتصر على ذلك بل إنّ الرئاسة الأمريكية والصهيونية كانتا تقدّمان مساعداتٍ كبيرةً لها. وفي المقابل فإنّ البهائيين كانوا يباركون للصهاينة عند انتصارهم في حروبهم ضدّ المسلمين ويجمعون التبرعات المالية ويرسلونها إلى تلّ أبيب دعماً للجيش الصهيوني(86).
أمّا بالنسبة إلى الحركة القاديانية في الهند، فبعد أن شاعت هزيمة الاستعمار البريطاني في السودان على يد المهدي السوداني انتابت الإنجليز خشية من فقدان السيطرة على الأمور في الهند التي كانت أوضاعها مضطربةً آنذاك وما زالت الثورة فيها متأجّجةً، لذلك أدركوا أنّ أحد السبل الكفيلة بإخماد هذه الثورة هو اللجوء إلى الحركة القاديانية التي هي على النقيض من حركة المهدي السوداني، فأتباع هذه الحركة المنحرفة يدعون إلى نبذ العنف ويرفضون القتال مع الخصم ويكتفون بالحوار والبرهان واللجوء إلى الطرق السلمية فقط؛ لذا قدّم الاستعمار البريطاني دعماً للقاديانيين بهدف كبت الأصوات الداعية إلى الجهاد(87)،وهذا الأمر لم يكن مستوراً بل علنياً بحيث اعترف القادياني بنفسه في مؤلّفاته بأنّ بريطانيا هي التي منحته المنزلة التي وصل إليها، كما أنّه في عام 1898م بعث رسالةً إلى الحاكم الإنجليزي على البنجاب أعرب فيها عن رغبته الشديدة في التعاون مع الحكومة البريطانية وأنّه سيبقى وفياً لها وينفّذ كلّ ما يؤمر به. ويؤيّد هذه الحقيقة ما قاله من أنّه أمضى جلّ حياته في خدمة الإنجليز، وألّف العديد من الكتب خدمةً لمصالحهم الاستعمارية، بما في ذلك مؤلّفاتٍ تحرّم الجهاد وتوجب إطاعة الحاكم الإنجليزي، حيث اعترف بنفسه بأنّ هذه الكتب والمنشورات لو تمّ جمعها لملأت خمسين خزانةً!(88)

النتائج التي أفرزتها التيارات المهدوية :
تمخّضت عن التيارات المهدوية نتائج وخيمة ألقت بظلالها على البلاد الإسلامية، ولكنّ نتائجها الإيجابية فقد كانت محدودةً للغاية ولم تدم طويلاً والتأريخ منذ عصر صدر الإسلام يشهد على ذلك. فالحركات المنبثقة عن هذه التيارات المنحرفة استنزفت طاقات المجتمعات الإسلامية وساقتها إلى مسالك مظلمةٍ وجعلت الأمّة الإسلامية تنهمك بمشاكل هامشية كانت في غنىً عنها، كما أنّها أسفرت عن ظهور فرقٍ عديدةٍ فشقّت عصا المسلمين لدرجة أنّها زرعت الشكّ والترديد في أنفس البعض حول مصداقية الإسلام والشريعة المحمدية السمحاء. وبطبيعة الحال فإنّ نتيجة هكذا أوضاع هي رواج البدع والأكاذيب والمعتقدات الضالّة التي لا تمتّ إلى الإسلام بأدنى صلةٍ، وفيما يلي نذكر بعض هذه النتائج بإيجاز:
1) مجابهة الإسلام:
إنّ أهمّ نتيجة تمخّضت عن الحركات المهدوية هي مواجهة الإسلام المحمدي الأصيل، وقد تجلّى هذا الواقع المرير في القرون الماضية أكثر من أيّ وقتٍ سبق، فظهرت الأفكار البابية والبهائية والقاديانية التي كانت مرتكزاً أساسياً للقوى الاستعمارية في تحقيق أهدافها المشؤومة وتوجيه ضربةٍ للإسلام. فالبابيون على سبيل المثال زعموا في بادئ الأمر بأنّ زعيمهم هو باب صاحب الأمر، وبعد أن قويت شوكتهم وزاد أتباعهم انتقلوا إلى مرحلةٍ جديدةٍ فادّعوا أنّ الباب هو صاحب الأمر نفسه، وفي نهاية المطاف خالفوا التعاليم الإسلامية علناً.
وبعض مدّعي المهدوية تجاوزوا الحدود إلى أقصى درجة وكان منهم من ادّعى النبوّة فدوّنوا في كتبهم المزعومة أفكارهم الضالّة والأوامر التي لقّنهم بها الاستعمار وقالوا إنّها وحيٌ! ومنهم من عطل أحكام الدين الأساسية واعتبرها باطلةً كالصلاة والصيام والحجّ والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغية فتح الباب على مصراعيه للقوى الاستعمارية كي يلتهم مقدّرات المسلمين.
بعد أن قام بعض أتباع علي محمد الباب بنسخ الإسلام جملةً وتفصيلاً تزايدت جرأته على الشريعة فادّعى النبوّة وابتدع شريعةً جديدةً(89)، وكذا هو الحال بالنسبة إلى عبد البهاء حيث نسخ الأحكام الإسلامية(90).
إنّ مكانة الله تبارك وتعالى بالنسبة إلى زعماء البهائيين والبابيين مبهمةٌ ولا أحد غيرهم يعلم بواقع الحال، ففي بعض الأحيان يصدر منهم كلامٌ يدلّ على وحدانية الله وصفاته الذاتية ويحمدونه ويثنون عليه، وأحياناً يعتبرون أنفسهم الربّ الأعلى(91)، كذلك نقضوا خاتمية نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فادّعوا النبوّة واعتبروا أنفسهم أعلى درجةً منه صلوات الله عليه(92).
أمّا غلام أحمد القادياني زعيم الفرقة القاديانية ـ الأحمدية ـ فقد نقض بعض ثوابت الإسلام كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك حرّم مقارعة أعداء الإسلام بالسيف ورأى أنّ السبيل الأنسب لذلك هو الحوار والطرق السلمية، ومن هذا المنطلق كان أتباع هذه الفرقة أوفياء للاستعمار البريطاني(93).إنّ أتباع غلام أحمد القادياني كانوا يعتبرونه بمستوى رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وزعموا أنّ مكانتهما عند الله واحدةٌ وكذلك اعتبروا خلفاءه كالخلفاء الراشدين! كما أنّهم جعلوا مناسك الحجّ في قاديان تجزئ عن الذهاب إلى الديار المقدّسة، والطريف أنّهم حرّموا تزويج كلّ مسلمٍ لا يسلك الطريقة القاديانية(94).

2) تأسيس فرقٍ ضالّةٍ :
من النتائج الأخرى التي ترتّبت على الحركات المهدوية هي ظهور فرقٍ جديدةٍ أضيفت إلى قائمة الفرق الضالّة الأخرى، وبمرور الزمان تشتّت وتجزّأت إلى طوائف عديدة رغم أنّ مدّعي المهدوية رفعوا شعار الوحدة(95).وكما هو معروفٌ فإنّ تأسيس فرقٍ مشتّتةٍ وطوائف متشرذمةٍ كان وما زال وسيلةً تتشبّث بها القوى الاستعمارية والحكومات الجائرة لتفتيت وحدة المسلمين وكسر شوكتهم ومحو الدين الحقيقي، ولو ألقينا نظرةً تأريخيةً وحلّلنا مراحل حركة الإسلام منذ نشأته حتّى عصرنا الراهن لوجدنا أنّ المسلمين كانوا وما زالوا عقبةً أساسيةً بوجه المخطّطات الاستعمارية وعائقاً أمام الحكومات الطاغوتية، لذلك تعرّض الإسلام الحنيف لضرباتٍ موجعةٍ وعصفت به فتنٌ كثيرةٌ على مرّ العصور.
قبل أكثر من ثلاثمائة عامٍ بدأ المستعمرون نشاطاً حثيثاً لتأسيس فرقٍ وطوائف ضالةٍ تحت ذرائع ومسمّيات عديدة الأمر الذي مهّد الطريق لهم لبسط نفوذهم في مختلف أرجاء بلاد المسلمين، وكانت مخطّطاتهم ماكرةً غاية المكر بحيث جعلوا المنحرفين من أتباعهم يتغلغلون في عمق ثقافة وتراث المجتمعات الإسلامية(96).وبعد أن أدركت القوى الاستعمارية أنّ انتظار المهدي الموعود بالحقّ يعدّ عائقاً أمامها ويحول دون تحقيق مآربها في البلدان الإسلامية، استغلت جهل بعض المسلمين وأسّست فرقاً ضالّةً لزعزعة أوضاع جميع المسلمين وبثّ التفرقة والعداء بينهم، كما أنّها تعدّت على هويتهم الوطنية ودنّست معتقداتهم الدينية لأجل زرع أصول الثقافة الغربية المنحطّة في مجتمعاتهم وبالتالي استئصال الإسلام من جذوره.
إنّ القوى الغربية المسيحية كانت تعلم حقّ العلم بأنّ المسلمين وإن التزموا جانب الصمت حيال نشاطاتها الاستعمارية إلا أنّهم يمتلكون دوافع كامنةً تجعلهم ينتفضون عاجلاً أم آجلاً لتحرير بلادهم، لذلك قامت بتأسيس مثلثٍ مشؤومٍ في البلاد الإسلامية وزرعت النفاق والتفرقة لترسيخ نفوذها بشكلٍ أو بآخر. والمقصود من هذا المثلث هو دعم الحركة الوهابية في السعودية والبابية في إيران والقاديانية في الهند. وفي بلاد الشيعة فقد تجسّدت هذه السياسة الماكرة في إطار ترويج الفكر الأخباري والصوفي والشيخي والبابي والبهائي. نعم، تمّ تطبيق هذه الاستراتيجية في العالم الإسلامي في عدّة محاور، حيث دعم البريطانيون الحركة البهائية في إيران(97) والقاديانية في الهند فلقّبوا السير أحمد خان الهندي بـ "المير" نظراً لخدماته وطرحه معتقداتٍ جديدةً وتأكيده على أنّ الإنجليز هم أصحاب راية هذا التجدّد الديني(98)،كما أنّ المستعمرين الروس قدّموا دعماً للطائفة الأزلية المتفرّعة من البابية (أتباع يحيى صبح الأزل المازندراني)(99).
3) زرع التفرقة في المجتمعات الإسلامية:
إحدى النتائج المخرّبة الأخرى للحركات المهدوية عبارةٌ عن إيجاد خلافاتٍ بين المسلمين لأنّها تسفر عن تشتيت طاقات الأمّة الإسلامية وإضعافها وتهميش حضارتها العريقة عن طريق النزاعات الطائفية التي تقضي على الحرث والنسل، فكلّ طائفةٍ تتّخذ لنفسها مسلكاً خاصّاً لا ينسجم مع الذوق الإسلامي الموحّد، وهذا الضياع بالطبع ينشأ من دوافع وأطماعٍ شخصيةٍ وفئويةٍ ممّا يؤدّي إلى تأجيج الخلافات وعدم تمسّك الناس بحبل الله المتين وتشرذمهم إلى طوائف وفئاتٍ ضعيفةٍ(100). عندما يجمع مدّعي المهدوية الناس حولهم فإنّهم يتسبّبون بضعف المجتمع الإسلامي واضمحلال قواه وبالتالي يمكّنون أعداء الإسلام من بسط نفوذهم وتوجيه ضرباتٍ موجعةً لدين الله الحنيف.
فالقادياني على سبيل المثال أصدر صحيفةً اسمها "تهذيب الأخلاق" هدفها الوحيد زرع التفرقة والعداوة بين مسلمي الهند وسائر المسلمين ولا سيما العثمانيين،لأنّه كان يعتقد بأنّ أساس التطوّر الأوروبي في مجالات الحضارة والعلم والصناعة والسلطة هو الإعراض عن الدين والنزعة إلى الطبيعة(101).
ويؤكّد السيد جمال الدين على أنّ المستعمرين البريطانيين في الهند عندما أدركوا بأنّ المسلمين يمتلكون دوافع قويةً لاسترجاع ما سلب منهم، حاولوا استقطاب طائفةٍ منحرفةٍ تنتسب إلى الإسلام ـ يقصد الماديين والتجريبيين ـ وسخّروهم لإفساد معتقدات المسلمين وإضعاف رغبتهم الدينية وبالتالي ضرب وحدتهم، لذلك ساعدوهم في بناء مدارس وإصدار صحفٍ لترويج أكاذيبهم بين الشعب الهندي كي يعمّ الجهل العقائدي وتنقطع أواصر التلاحم بين المسلمين فيفتح الباب على مصراعيه للبريطانيين لبسط سيطرتهم(102).

نتيجة البحث
لا ريب في أنّ دراسة الأصول الكلامية والعقائدية لمختلف التيارات الفكرية من شأنها أن تمهّد الطريق للوصول إلى نتيجةٍ شاملةٍ وكاملةٍ، ولو ألقينا نظرةً على التيارات المهدوية على هذا الأساس وقمنا بدراستها على مرّ العصور ولا سيما في العصر الحديث سوف نسلّح أنفسنا ومجتمعنا من المخاطر المحدقة بنا مستقبلاً ونجتنب السقوط في هاوية الضلال الفكري والعقائدي.
الدراسات التي أجريت حول التيارات المهدوية تدلّ على أنّها كانت ترتكز على أصولٍ نظريةٍ مختلفةٍ وتنطلق من دوافع عديدةٍ، وأهمّ النتائج التي توصّلنا إليها في هذه المقالة يمكن تلخيصها فيما يلي:
1) ادّعاء من زعم أنّه المهدي الموعود هو تيارٌ يضرب بجذوره في عصر صدر الإسلام واستمرّ بعد ذلك حتّى عصرنا الراهن دون أن يختصّ بمرحلةٍ زمنيةٍ معينةٍ.
2) هناك أصولٌ نظريةٌ كثيرةٌ تبنّاها مدّعو المهدوية، وهي تختلف باختلاف الظروف الزمانية والمكانية والسياسية والاجتماعية والطائفية.
3) لا يمكن تحديد دافعٍ واحدٍ أو دوافع معينةٍ لجميع التيارات المهدوية، ولكن هناك بعض الدوافع المشتركة التي انطلقت على أساسها معظم هذه الحركات المنحرفة، كتصفية الخصوم على النطاقين الديني والسياسي وتحقيق مصالح شخصيةٍ وفئويةٍ وسلطويةٍ، وهذه المقاصد تنامت بشكلٍ كبيرٍ في العصر الراهن.
4) ما زالت بعض الخلفيات لادّعاء المهدوية موجودةً في زماننا هذا، وذلك بسبب انتعاش الفكر المهدوي في العالم الإسلامي ومحبّة الناس لأهل البيت (عليهم السلام)؛ ولكن بعض الخلفيات الأخرى ـ كمقارعة الهجمات الصليبية ـ تغيّرت هيئتها فرفع شعار مناهضة الاستعمار.
5) النتائج المدمّرة للتيارات المهدوية لا يمكن أن تقارن مع النتائج الإيجابية الضئيلة القصيرة الأمد، حيث أسفرت هذه التيارات المنحرفة عن زرع التفرقة بين المسلمين وتشرذمهم إلى فئاتٍ وطوائف متناحرةٍ، وبدل أن تعمل على تحسين واقع العالم الإسلامي وصيانة الشريعة المحمدية الأصيلة، نأت بنفسها عن الأمّة الإسلامية وأضحت عالةً عليها.

* مصادر البحث *
1. آل طالقاني، محمد حسن، الشيخية نشأتها وتطورها ومصادر دراستها، بيروت، دار الآمال للمطبوعات، 1420هـ.
2. ابن الصغير، تأريخ بني هاشم (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية حجة الله جودكي، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1996م.
3. ابن الجوزي، المنتظم في التأريخ، الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ.
4. ابن خلدون، عبد الرحمن، المقدمة، بيروت، دار الكتب اللبناني، 1420هـ.
5. ابن خلدون، عبد الرحمن، العبر، بيروت، دار الكتب اللبناني، 1420هـ.
6. ابن عذارى المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، بيروت، دار الثقافة، 1400هـ.
7. ابن شهرآشوب، أبوجعفر محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، بيروت دار الأضواء، 1405هـ.
8. ابن العربي، محي الدين، الفتوحات المكية، بيروت، دار صادر، بلا تأريخ طباعة.
9. ابن ماجه، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجه، تحقيق عبد الباقي محمد فؤاد، بيروت، دار الفكر، 1373هـ.
10. أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، النجف، منشورات الرضي، 1385هـ.
11. أفراسيابي، بهرام، ليبي وتاريخ (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات زرين، 1984م.
12. أفراسيابي، بهرام، تاريخ جامع بهائيت (باللغة الفارسية)، الطبعة العاشرة، منشورات مهر فام، 2003م.
13. البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفرق، طهران، منشورات اشراقي، 1997م.
14. بهاء، حسين علي، أقدس (باللغة الفارسية)، بومباي، الهند،1314هـ.
15. بهشتي، محمد، اديان ومهدويت (باللغة الفارسية) طهران، منشورات كورش الكبير، 1963م.
16. بياني، شيرين، دين ودولت إيران در عهد مغول (باللغة الفارسية)، طهران، مركز النشر الجامعي، 1991م.
17. البيدق، أبو بكر الصنهاجي، أخبار المهدي، تحقيق بروفنسال، باريس، 1980م
18. بتروشفسكي، أي. ب.، نهضت سربداران خراسان (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية كريم كشاورز، طهران، منشورات بيام، 1972م.
19. بي. أم. هولت، و: أم. دبليو. دالي، تاريخ سودان بعد از إسلام (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية محمد تقي أكبري، مشهد، مؤسّسة الدراسات الإسلامية، 1987م.
20. تاجري، حسين، انتظار بذر انقلاب (باللغة الفارسية)، منشورات كوكب، 1979م.
21. المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، بيروت، دار صادر، 1967م.
22. جعفريان، رسول، حيات فكري وسياسي امامان شيعه (باللغة الفارسية)، قم، منشورات أنصاريان، 2004م.
23. جهاردهي، نور الدين، داعيان بيامبري وخدائي (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات فتحي، 1987م.
24. حسينيان، روح الله، سه ساله ستيز مرجعيت شيعه (باللغة الفارسية)، مركز وثائق الثورة الإسلامية، 2003م.
25. ياقوت الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله، معجم البلدان، بيروت، منشورات دار صادر، 1399هـ.
26. دار، مستتر، مهدي از صدر اسلام تا قرن سيزدهم (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية محسن جهان سوز، طهران، منشورات أدب، 1938م.
27. دائرة المعارف بزرك اسلامي (باللغة الفارسية)، ج 10، طهران، مركز دائرة المعارف الإسلامية الكبيرة، 2002م.
28. دخانياتي، ع.، تاريخ آفريقا (باللغة الفارسية)، منشورات توكا، 1979م.
29. دهخدا، علي أكبر، لغت نامه (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات جامعة طهران، 1994م.
30. الذهبي، محمد بن أحمد، العبر في خبر من غبر، الكويت، وزارة الإرشاد، بلا تأريخ طباعة.
31. رائين، إسماعيل، انشعاب در بهائيت بس از مرك شوقي رباني (باللغة الفارسية)، مرو، مؤسسة رائين للبحوث، بلا تأريخ طباعة.
32. رنجبر، محمد علي، مشعشعيان (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات آكاه، 2003م.
33. رؤوفي، مهناز، سايه شوم (باللغة الفارسية)، طهران، مكتب دراسات مؤسسة كيهان، 2006م.
34. سروش، أحمد، مدعيان مهدويت از صدر اسلام تا عصر حاضر (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات أفشين، بلا تأريخ طباعة.
35. سليمان، كامل، يوم الخلاص (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية علي أكبر مهدي بور، الطبعة الثالثة، قم، منشورات آفاق، 1997م.
36. الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل، بيروت، دار المعرفة، 1410هـ.
37. الشوشتري، نور الله، مجالس المؤمنين، طهران، منشورات مكتبة (إسلامية)، 1996م.
38. شوقي أفندي، قرن بديع (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية نصرت الله مودت، طهران، المؤسسة الوطنية للطباعة (امري)، بلا تأريخ طباعة.
39. الصافي الكلبايكاني، لطف الله، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر، الطبعة الثانية، قم، منشورات معصومية، 1421هـ.
40. الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، كمال الدين وتمام النعمة (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية محمد باقر كمره اي، منشورات مطبعة (إسلامية)، 1378هـ.
41. الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، الهداية، قم، مؤسسة الإمام الهادي، 1418هـ.
42. الطبرسي النوري، الحاج ميرزا حسين، النجم الثاقب، قم، منشورات مسجد جمكران، 1996م.
43. الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن، الغيبة، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1411هـ.
44. الحسني، عبد الوهاب، ورقات، الطبعة الثانية، تونس، منشورات مكتبة المنارة، 1972م.
45. العقّاد، عباس محمود، إسلام در قرن بيستم (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية حميد رضا آجير، مشهد، منشورات العتبة الرضوية المقدسة، 1980م.
46. الفاسي، علي بن زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتأريخ مدينة فاس، الرباط، دار منصور للطباعة والنشر، 1972م.
47. فريد كلبايكاني، حسن، مفتاح باب الأبواب (باللغة الفارسية)، طهران، 1955م.
48. القاري الهروي، علي بن سلطان محمد، رسالة في المهدي المنتظر، نسخة مخطوطة.
49. كامل شيبي، مصطفى، تشيع وتصوف (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية علي رضا ذكاوتي قراكزلو، طهران، منشورات أمير كبير، 2001م.
50. كامل، سليمان، يوم الخلاص، ترجمه إلى الفارسية على أكبر مهدوي بور، منشورات آفاق، 1997م.
51. كسروي، مشعشعيان، مدعيان دروغين مهدويت (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات فردوسي، 1999م.
52. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق علي أكبر غفاري، الطبعة الثالثة، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1367هـ.
53. الكشي، أبو عمر محمد بن عمر، معرفة أخبار الرجال، نسخة قديمة غير مؤرّخة.
54. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403هـ.
55. المجلسي، محمد باقر، مهدي موعود (باللغة الفارسية)، المجلّد الثالث من كتاب بحار الأنوار، ترجمه إلى الفارسية علي الدواني، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1378هـ.
56. المراكشي، عبدالواحد، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419هـ.
57. مشكور، محمد جواد، فرهنك فرق اسلامي (باللغة الفارسية)، الطبعة الثالثة، مشهد، منشورات العتبة الرضوية المقدسة، 1996م.
58. موثّقي، أحمد، جنبشهاي اسلامي معاصر (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات سمت، 1998م.
59. مولانا، جلال الدين محمد البلخي، مثنوي معنوي (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات مكتبة (إسلامية)، بلا تأريخ طباعة.
60. الناصري، أحمد بن خالد، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، الدار البيضاء، منشورات وزارة الثقافة، 2001م.
61. النجفي، محمد باقر، بهائيان (باللغة الفارسية)، طهران، منشورات مكتبة طهوري، 1678م.
62. النجفي، موسى؛ و: حقّاني، موسى فقيه، تأريخ تحولات سياسي إيران ـ دراسة لأسس الدين والسيادة والمدنية للشعب الإيراني في رحاب هويته الوطنية (باللغة الفارسية)، طهران، مؤسسة دراسات تأريخ إيران المعاصر، 2002م.
63. النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية محمد جواد مشكور، طهران، منشورات العلم والثقافة، 1982م.
64. ولوي، علي محمد، تاريخ علم كلام ومذاهب اسلامي، طهران، منشورات بعثت، 1988م.
65. باك، محمد رضا، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام) الفصلية، العدد27 ((www.wikipedia-encyclopedia.

* هوامش البحث *
(*) سبق وأن نُشر هذا البحث باللغة الفارسية في مجلة (معرفت كلامي)، العدد 3، عام1389ش.
(1) أتباع النظرية القائلة بالمهدوية النوعية يدعون أنّ المهدي المنتظر هو من نسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكنّه سيولد في آخر الزمان، في مقابل المهدوية الشخصية التي يؤمن أتباعها بأنّه الإمام الثاني عشر من ولد فاطمة وعلي (عليهم السلام) أي أنّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
(2) أبو جعفر محمد بن حسن الطوسي (الشيخ الطوسي)، الغيبة، ص 115؛ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق (الشيخ الصدوق)، الهداية، ص 45.
(3) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة ص 406.
(4) محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل، ج 2، ص 11.
(5) الميرزا حسين الطبرسي النوري، النجم الثاقب،ـ ص 214؛ حسن بن موسى النوبختي، فرق الشيعة، ص 50؛ ابن الجوزي، المنتظم في التأريخ، ج 13، ص 296.
(6) أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 141 و 164.
(7) عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 32 ـ 33.
(8) دائرة المعارف (باللغة الفارسية)، سيري در فرهنك وتاريخ تشيع، ص 17.
(9) عبد القاهر البغدادي، المصدر السابق، ص 23.
(10) الميرزا حسين الطبرسي النوري، المصدر السابق، ص 215.
(11) عبد القاهر البغدادي، المصدر السابق، ص 34.
(12) دائرة المعارف (باللغة الفارسية)، سيري در فرهنك وتاريخ تشيع، ص 20؛ الحسن بن موسى النوبختي، المصدر السابق، ص 119.
(13) رسول جعفريان، حيات فكري وسياسي امامان شيعة (باللغة الفارسية)، ص 570 -571.
(14) لطف الله الصافي الكلبايكاني، منتخب الأثر، ص 355؛ الشيخ الطوسي، المصدر السابق، ص 217.
(15) لمعرفة المزيد عن أسماء وتأريخ مدّعي المهدوية، راجع: محمد بهشتي، اديان ومهدويت (باللغة الفارسية)، ص 71 ـ 86.
(16) ابن الجوزي، المنتظم في التأريخ، ج 13، ص 296 وأيضاً: ج 3، ص 251؛ علي بن أبي زرع الفاسي، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتأريخ مدينة فاس، ص 132؛ أحمد بن خالد الناصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، ج 5، ص 166.
(17) محمد رضا باك، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام) الفصلية، العدد 27، ص 127.
(18) www.wikipedia-encyclopedia.
(19) نقلاً عن صحيفة (كيهان) باللغة الفارسية، الاثنين 23 / 1 / 2007م. أضف إلى ذلك حركة أحمد الحسن المعاصر حيث تعد امتداداً لتلك الحركات المنحرفة، وبما أنّ هذا البحث دُوّن قبل ظهورها بشكل رسمي فان المؤلف المحترم ذكرها والاشارة إليها (م).
(20) عبدالرحمن بن خلدون، المقدمة، ص82 و230؛ أبوبكر الصنهاجي البيدق، أخبار المهدي، ص26.
(21) علي بن سلطان بن محمد الهروي القاري، رسالة في المهدي المنتظر (نسخة مخطوطة)، ص 12.
(22) محمد رضا باك، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام)، العدد 27، ص 127.
(23) محيي الدين ابن العربي، الفتوحات المكّية، ج 12، ص 64.
(24) جلال الدين محمد البلخي، مثنوي معنوي (باللغة الفارسية)، ص 126.
(25) محمد رضا باك، المصدر السابق.
(26) دائرة المعارف بزرك اسلامي (باللغة الفارسية)، ج 3، ص 186 ـ 189.
(27) أحمد موثقي، جنبشهاى اسلامي معاصر (باللغة الفارسية)، ص 215؛ ع. دخانياتي، تاريخ افريقا (باللغة الفارسية)، ص 71.
(28) المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ج 2، ص 201.
(29) عبد الرحمن بن خلدون، العبر، ج 12، ص 638 و 642.
(30) محمد جواد مشكور، فرهنك فرق اسلامي (باللغة الفارسية)، ص 318؛ دائرة المعارف فارسي (باللغة الفارسية)، ج 2، القسم الثاني، ص 257.
(31) مصطفى كامل شيبي، التشيع والتصوّف ص 287؛ أحمد كسروي، تاريخ بانصدساله خوزستان (باللغة الفارسية)، ص 29؛ محمد علي رنجبر، مشعشعيان (باللغة الفارسية)، ص 77 ـ 78.
(32) هولت. بي. أم. دبليو و: دالي أم. دبليو، تاريخ سودان بعد از اسلام (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية محمد تقي أكبري، ص 97.
(33) المصدر السابق، ص 96.
(34) محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي، ج 1، ص 437 / ج 2، ص 388 ـ 389.
(35) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 40، ص 200 ـ 207 / ج 24، ص 12؛ نهج البلاغة، الخطبة رقم 154.
(36) راجع: ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 77 و176 و211 و280 و325 و368 و380 و325 و368 و380 و402 و423.
(37) دانشنامه جهان اسلام (باللغة الفارسية)، ج 1، مدخل كلمة (باب).
(38) الشيخ الطوسي، المصدر السابق، ص 477.
(39) الكشي، الرجال، الأعداد: 998 و999 و1048.
(40) بهرام أفراسيابي، تاريخ جامع بهائيت، ص 60 ـ 69.
(41) حسن فريد كلبايكاني، مفتاح باب الأبواب، ص 81 ـ 82.
(42) محمد جواد مشكور، المصدر السابق، ص 318؛ دائرة المعارف فارسي (باللغة الفارسية)، ج 2، القسم الثاني، ص 266 ـ 269.
(43) المصدر السابق، ص 269؛ محمد حسن آل طالقاني، الشيخية نشأتها وتطورها ومصادر دراستها، ص 298 ـ 309؛ محمد رضا همداني، هدية النملة إلى مجدّد الملّة، ص 13 و27 و28 و39.
(44) دانشنامه جهان اسلام (باللغة الفارسية)، ج 1، ص 17.
(45) رسول جعفريان، المصدر السابق، ص 575، نقلاً عن مؤسسة المعارف الإسلامية، معجم أحاديث المهدي.
(46) علي محمد ولوي، تاريخ علم كلام ومذاهب اسلامي (باللغة الفارسية)، ج 1، ص 233؛ رسول جعفريان، المصدر السابق، ص 576.
(47) أي. ب. بتروشفسكي، نهضت سربداران خراسان (باللغة الفارسية)، ص 15 ـ 16؛ شيرين بياني، دين ودولت ايران در عهد مغول، ج 2، ص 582، نقلاً عن ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 7، ص 13.
(48) راجع: علي بن أبي زرع الفاسي، المصدر السابق، ص 98 و132؛ عبد الوهاب الحسني، ورقات، ج 2، ص 442؛ ابن عذارى المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ج 2، ص 80 ـ 81 / ج 3، ص 251؛ راجع أيضاً: أحمد بن خالد الناصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، ج 5، ص 20.
(49) محمد رضا باك، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام) الفصلية، العدد 27، ص 127.
(50) عباس محمود العقاد، الإسلام ص 123.
(51) مستتر دار، مهدي از صدر اسلام تا قرن سيزدهم (باللغة الفارسية)، ص 183.
(52) المصدر السابق، ص 199.
(53) حسن فريد كلبايكاني، المصدر السابق، ص 118 ـ 119.
(54) مستتر دار، المصدر السابق، ص 35.
(55) أبو الفرج الأصفهاني، المصدر السابق، ص 96.
(56) محمد رضا باك، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام) الفصلية، العدد 27، ص 127.
(57) علي بن سلطان محمد الهروي القاري، المصدر السابق، ص 12.
(58) "لا بدّ أنّ هذا البربري سيظهر"، راجع: علي زرع الفاسي، المصدر السابق، ص 190.
(59) محي الدين ابن العربي، المصدر السابق، ج 1، ص 266.
(60) "أنا ختم الولاية، دون شكّ لورث الهاشمي مع المسيح"، راجع: المصدر السابق، ج 1، ص 266.
(61) دائرة المعارف بزرك (باللغة الفارسية)، ج 3، ص 169.
(62) أحمد موثقي، المصدر السابق، ص 132 و137.
(63) محمد رضا باك، مهدويت در غرب اسلامي (باللغة الفارسية)، مقالة نشرت في مجلة (تاريخ اسلام) الفصلية، العدد 27، ص 127، نقلاً عن محمد بن أحمد الذهبي، العبر في خبر من غبر، ج 4، ص 58.
(64) مشعشعيان كسروي، مدّعيان دروغين مهدويت (باللغة الفارسية)، ص 45؛ بهرام أفراسيابي، ليبي وتاريخ (باللغة الفارسية)، ص 83.
(65) حسن فريد كلبايكاني، المصدر السابق، ص 52.
(66) حسين علي بهاء، أقدس (باللغة الفارسية)، ص 5.
(67) مهناز رؤوفي، سايه شوم (باللغة الفارسية)، ص 36.
(68) عباس محمود العقاد، المصدر السابق، ص 123.
(69) حسين تاجري، انتظار بذر انقلاب (باللغة الفارسية)، ص 172.
(70) المصدر السابق.
(71) هولت بي. أم. و: دالي أم. دبليو، المصدر السابق، ص 96.
(72) أحمد موثقي، جنبشهاى اسلامي معاصر (باللغة الفارسية)، ص 262.
(73) المصدر السابق، ص 132.
(74) مصطفى كامل شيبي، المصدر السابق، ص 314 ـ 315.
(75) أحمد سروش، مدّعيان مهدويت (باللغة الفارسية)، ص 44.
(76) عباس محمود العقاد، المصدر السابق، ص 125.
(77) مستتر دار، المصدر السابق، ص 210.
(78) مصطفى كامل شيبي، م.ن: ص 315؛ نور الله الشوشتري، مجالس المؤمنين، ص 315.
(79) محمد باقر المجلسي، مهدي موعود (باللغة الفارسية)، ص 158.
(80) اعتضاد السلطنة، فتنه باب (باللغة الفارسية)، ص 42.
(81) السيد محمد باقر النجفي، بهائيان (باللغة الفارسية)، ص 615 ـ 616؛ موسى نجفي و: موسى فقيه حقاني، تاريخ تحولات سياسي ايران (باللغة الفارسية)، ص 118 ـ 119.
(82) knighthood.
(83) إسماعيل رائين، انشعاب در بهائيت بس از مرك شوقي رباني (باللغة الفارسية)، ص 188؛ شوقي أفندي، قرن بديع (باللغة الفارسية)، ج 3، ص 299.
(84) دانشنامه جهان اسلام (باللغة الفارسية)، ج 4، ص 740.
(85) عباس محمود العقاد، المصدر السابق، ص 128.
(86) روح الله حسينيان، سه سال ستيزمرجعيت شيعه (باللغة الفارسية)، ص 172 ـ 173.
(87) المصدر السابق، ص 126 -127.
(88) محمد بهي، انديشة نوين اسلامى در رويا روئيبا استعمار غرب، ص 41.
(89) دانشنامه جهان اسلام (باللغة الفارسية)، ج 1، ص 19.
(90) المصدر السابق، ج 4، ص 738.
(91) المصدر السابق، ج1 و: ج4.
(92) حسين علي بهاء، المصدر السابق، ص 149 و161 و 164.
(93) محمد معين، فرهك فارسي (باللغة الفارسية)، ج 5، ص 104.
(94) نور الدين جهاردهي، داعيان بيامبري وخدائي (باللغة الفارسية)، ص 166 ـ 167.
(95) عباس محمود العقاد، المصدر السابق، ص 131 ـ 132.
(96) وحيد أختر، تاريخ وفرهنك معاصر (باللغة الفارسية)، ترجمه إلى الفارسية رسول جعفريان، ج 1، مقالة: مير سيد أحمد خان والفكر الديني.
(97) موسى نجفي و: موسى فقيه حقاني، تاريخ تحولات سياسي ايران، ص 118 ـ 119.
(98) وحيد أختر، المصدر السابق، ج1، المقالة السابقة.
(99) موسى نجفي و: موسى فقيه حقاني، المصدر السابق.
(100) يؤكّد الله تبارك وتعالى على هذه الحقيقة في كتابه المجيد بقوله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين)، الأنفال / الآية: 46.
(101) محمد بهي، المصدر السابق، ص 36.
(102) المصدر السابق، ص 37.