● المؤلف في سطور:
ولد السيد أبو تراب ضياء الدين عبدالعلي بن أبي القاسم بن مهدي بن حسن ابن حسين الموسوي الخوانساري النجفي، في بلدة خوانسار في سحر ليلة الخميس السابع عشر من شهر رجب المرجب عام 1271 هـ ، كما ذكره هو في كراسة كتبها في ترجمة نفسه بخطه نقلاً عن والده وهو شقيق السيد محمد باقر صاحب الروضات.
● دراسته:
درس القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره في بلدته، كما درس اللغة العربية وشطراً من العلوم الشرعية عند اساتذة بلده، ثم غادر خوانسار إلى أصبهان واقام فيها فترة وحضر عند علمائها، ثم غادر إلى العراق واكمل دراسته هناك ونال الاجتهاد.
● أساتذته:
تتلمذ رحمه الله على عدّة من جهابذة العلم أمثال صاحب الروضات، والميرزا الشيرازي، والشيخ محمد الكاظمي، والمولى لطف الله المازندراني، والشيخ محمد طه نجف، والسيد حسين الكوه كمري والميرزا حبيب الله الرشتي وغيرهم، وقد شهدوا له بتضلعه واجتهاده كما يلوح من اجازته الروائية.
● تلامذته:
تتلمذ عنده ثلة من العلماء والافاضل، منهم: محمد ابراهيم بن علي الكلباسي، السيد محمد حجت ابن السيد علي الكوه كمري، والسيد محمد مهدي ابن السيد محمد ابن محمد صادق الخوانساري الكاظمي، والشيخ عبد الحسين الأميني ابن أحمد، والسيد ناصر ابن السيد هاشم الموسوي الاحسائي، وممتاز العلماء السيد أبو الحسن ابن دلدار علي، والسيد محمد رضا الكلبايكاني وغيرهم.
● أخلاقه وصفاته:
كان رحمه الله من أهل الصبر والثبات، كبير النفس، دمث الأخلاق، رحب الصدر، بعيد عن التأنق، يخضع للحق ويتحاشى عن المجادلات، وكان إذا حدّث بحديث أخذ بمجامع القلوب، وكان يمزج حديثه بنكات علمية وأخلاقية مستطرفة، يحترم العالم لعلمه والأديب لأدبه، ويكره الغني البخيل والفقير المتكبر.
● ما قيل فيه:
قال الكاظمي (ت 1391 هـ): وهذا المولى الأجل الأفضل كان من أعاظم علماء المعقول والمنقول، وأكابر أئمة الفقه والأصول، وكان حسن السيرة، صافي السريرة، زاهداً عابداً ورعاً، أفضل أهل عصره وأعلم علماء دهره.
وقال عنه السيد بحر العلوم (ت 1399 هـ): الفقيه الرجالي، صاحب المؤلفات الثمينة... قد فجع في حياته بوفاة أولاده الثلاثة فما شاهدنا منه إلاّ الصبر الجميل، ولم تعقه هذه الفواجع عن المثابرة على التأليف والتدريس.
وقال الشيخ الطهراني: عالم متفنن، وفقيه نبيه، ورجالي متبحر، كان من أجلاء علماء النجف المدرسين، وأئمة الجماعة الموثقين.
● مؤلفاته:
قد اعتزل المترجم الناس طيلة خمس عشرة سنة، وانشغل فيها بالتأليف والتحقيق، وترك ثروة علمية كبيرة، وممّا حفظته لنا المدونات الرجالية من كتبه ومؤلفاته ما يلي:
1ـ سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد، يقع في عشرة مجلدات.
2ـ سلامة المرصاد في حواشي نجاة العباد.
3ـ الدر النضيد في شرح التجريد.
4ـ رسالة في تحقيق بعض مسائل الحج.
5ـ رسالة في مناسك الحج.
6ـ المسائل البحرانية. وهي جواب المسائل التي وردت إليه من البحرين.
7ـ قصد السبيل في أصول الفقه.
8ـ المسائل الكاظمية. وهي أجوبة المسائل التي وردت إليه من المرحوم الشيخ مهدي الجرموقي الكاظمي.
9ـ الفوائد الرجالية، تحتوي على خمسمائة فائدة تتعلّق بحلّ معضلات مسائل الرجال.
10ـ النجوم الزاهرات في اثبات إمامة أئمة الهداة بطريق العقل والنقل من كتب الفريقين.
11ـ البيان في تفسير سور القرآن.
12ـ التنبيه فيما أخطأ العلامة السيد كاظم اليزدي فيه.
13ـ المسائل الخوانسارية، وهي أجوبة المسائل التي وردت إليه من خوانسار.
14ـ السؤال والجواب من أول الطهارة إلى آخر الديات.
15ـ لب الالباب في تفسير أحكام الكتاب.
16ـ رسالة عملية باللغة الفارسية.
17ـ رسالة في حكم المهر إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول.
18ـ مصباح الصالحين في أصول الدين.
19ـ رسالة في أحوال أبي بصير واسحاق بن عمار.
20ـ كشف الريبة في حكم صلاة الجمعة زمن الغيبة.
21ـ حواشي على رجال أبي علي في الأحاديث الحسان والصحاح.
22ـ رسالة في هدم المشاهد.
23ـ قصيدة عام الخوارق.
وغيرها من المؤلفات الثمينة التي أودعها حين وفاته إلى وصيّه وتلميذه السيد محمد رضا التبريزي، وقد أوصى أن تباع داره ويصرف ثمنها على طبع كتبه.
● قصيدة عام الخوارق:
وهي هذه القصيدة التي نقدمها للقارئ الكريم، وهي شرح ما ظهر من المعاجز من مرقد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عام (1299 هـ) والتي شاهدها هو بنفسه، وقد أرّخ العام في آخرها بقوله: «عام الخوارق من صنو طه» وهي ثمان معاجز وكرامات كانت على مسمع ومرأى الناس.
● وفاته ومرضه:
توفي رحمه الله في اليوم التاسع من شهر جمادى الأول سنة 1346 هـ في النجف الأشرف عن عمر لم يتجاوز الثمانين، ودفن في وادي السلام بحسب وصيته، وقد رثاه فريق من الشعراء منهم السيد شاكر الموسوي، حيث قال:
نـــــعم الفقيـه أبو تراب كان للشـرع
الحنـــيف فــكان مــن خــزانـه
كـــان الكفيــل لحلّ كــل عـويصــة
ولكــــم فقيه لا يفي بضمانــــه
قـــسماً بمكـة والحطيـــم وزمــــزم
كان الفقيد أجل أهل زمانـــــه
قصيدة عام الخوارق
ألا قل لأرض على ما سواها
غريّ عليّ فداه أبي
هنيئاً لثاويك إذ جاوروا
أناخوا المطايا على موطن
تحنّ إليه الملائك من
بأنواره تستضاء الظلم
فكم شاهدوا فيه من معجز
وما كنت شاهدت من معجز
وفي عرض شهرين أو أزيد
وتفصيلها أن في البدء جمـ
ففازوا بتقبيل أعتابها
لكي يدركوا الأربعين بها
فراموا الخروج لبعد الطريق
بحين قد انسدّ باب البلد
وفي الباب مستحفظون من الـ
ولا يمكن الفتح من أمرهم
فقيل لهم: أيّها الجمع لا
فقالوا: نروح بقصد صحيح
فساروا جميعاً على صدقهم
فلمّا انتهوا جانب الباب من
فاشرق بالباب حتى انتفى الـ
وفتّح فتحاً أزال العقول
فأنكره حاكم القلعة
وإن قد تواتر من قد شهد
على كونهم مبغضين له
إذن فتح الباب حيدرة
لجمع لزوّاره قد أتوا
فكم قد ألـحّـوا ولم يسمعوا
هم خائفون وليس لهم
فنادوا عليّاً بإخلاصهم
إذا خاطف جاءهم مشرقاً
فحرّك ذا الباب في قوة
فكسر أقفاله والتي
وأهدم داراً لهم كان من
ومن فتحه صوت رعد بدا
وذا الباب باب، لدى فتحه
فلم يبق من بعد شكّ لهم
فنوّر سكّان أرض الغريّ
وأصرف ذا الحاكم الناصبي
ففتح ذا الباب أيضاً كذا
وقد كان مستحفظ رائحاً
فيأتي الأمين بمفتاحه
فتمّ ثلاثاً وما بين ذا
فأمُّ أتت بابنها أبكماً
به فالج أعرج طال أن
وكان يعيّرها زوجها
ولم يك ذا الزوج من شيعة
فنادت عليّاً بإلحاحها
فأطلقه المرتضى حيدر
فزال عنا أُمّه واهتدى
وقد تاب من نصبه واحد
فأهلوه لاموه في فعله
فقالوا نغلّ يديك فرح
إذا كنت ما يزعم الناس عن
فغلّوا يديه وجاؤوا به
يقولون: قد جنّ جئنا به
ففكّكه حيدر عندهم
وجمع أتَوا زائرين له
وهم راحلون وليس لهم
إذا فاجأتهم رماة بنوا
فلم يقدروا الرمي أصلاً ولم
فنادى فتى: أيّها الجمع لا
فمدّوا الأيادي إلى أسرهم
ومن بعد ذا أعرجٌ فالج
فذي من خوارقه سبعة
وفي اصفهان بدا معجز
وذا أنّه كان فيها ابنة
فكانت تلوذ بأهل العباء
إذا أخبرت بالقضايا التي
فنادت: أبي يا عليّ
فنامت بإلحاحها فرأت
فتمّ ثمان فأرّخته
لها الفخر مذ ربّها قد دحاها
وأمي ونفسي وما قد أتاها
على مرقد المرتضى صنو طه
به كلّ نفس تنال مناها
أهالي السماء كثاوي ثراها
وتبغي به كلّ نفس هداها
وكم قد رأوا ما ازال عناها
فهيهات بالحصر أن يتناها
شهدنا معاجز غطّت سواها
ـع من الزائرين أتاها
وراموا الخروج إلى كربلاها
يزورون فيه إمام هداها
بنصف من الليل أو في دجاها
ومفتاحه في يَدَيْ أشقياها
ـعساكر هم قائمون سفاها
لنفس وإن قد أتى من أتاها
يفتّح لكم بابها أشقياها
يفتح لنا بابها مر تضاها
ينادون زوّاركم يا ابن طه
سماها إذا خاطف قد أتاها
ظلام وعاد كصبح دجاها
وأذهب لب الذي قد رآها
بتشكيكه قد سعى في غطاها
ومن ادّعى منهمُ أن رآها
محبّي الثلاثة من أشقياها
على رغمه ثانياً من وراها
إليه فلم يفتحوه سفاها
سوى الفحش والسبّ من أشقياها
مكنّ لبرد وليل غشاها
وقالوا: أغثنا أيا صنو طه
مغيثاً كما جاء في مبتداها
تزلزل أركانها وبناها
بها من حديد وكلاً دحاها
وراه لئلاّ يروموا غطاها
فأدهش ذا اللبّ والعقل تاها
وإغلاقه تجمعن أقوياها
وما أمكن الملحدين غطاها
بلادهُم والتي من وراها
مصارف في إسراجها وضياها
لزوّاره ثالثاً من وراها
ليخبر في القلعة أولياها
ويفتح لهم حين ذا برضاها
بدت معجزات له ما عداها
أصمّاً خلت عينه من ضياها
أُصيب بها كي تروم شفاها
ويضحك منها ويبغي أذاها
على عكسها قائماً في عناها
وقد أوثقت بالضريح فتاها
وأسقامه في الزمان نفاها
أبوه بمعجزه كهداها
من الناصبين إذا ماراها
وفي ردّه بالغت أشقياها
يفتح يديك إذاً مرتضاها
فتوحاته الباب صدقاً تراها
إلى الحضرة ناظرين وراها
لنبغي شفاها فقام حذاها
وكسّـر أغلاله ورماها
وراموا الخروج إلى كربلاها
سلاح لحربٍ بغير بكاها
على سلبهم ظامئين دماها
يطعهم سلاح فزلّ عراها
تفوتنّكم بعد ذا أشقياها
وغلّوا أياديهم في قفاها
سقيم أتى فالسقام نفاها
بدت في غريّ ونحن نراها
من المرتضى حيدر من وراها
عمى عينها كلّ شخص يراها
وتبكي كثيراً وتدعو دعاها
جرت في غريّ فزاد بكاها
أغثني أغثني، ونومٌ عراها
بطيفٍ عليّاً فمنها شفاها
بعام الخوارق من صنو طه
* مصادر الترجمة *
1ـ طبقات أعلام الشيعة للشيخ الطهراني.
2ـ مجلة المرشد، المجلد الرابع.
3ـ فهرس التراث للسيد محمد حسين الجلالي.
4ـ الذريعة للشيخ الطهراني.