الباحث : السيد محمدمهدي السيد حسن الخرسان
اسم المجلة : العقيدة
العدد : 1
السنة : السنة الاولى - شعبان 1435هـ / 2014م
تاريخ إضافة البحث : April / 10 / 2017
عدد زيارات البحث : 2531
حديث.. وأي حديث؟! حديث ترك الأمة تخبط في عشواء إلى يوم القيامة..
حديث وأي حديث؟! حديثٌ فتح باب الفرقة والاختلاف بين الأمة؛ والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدُ بين ظهرانيهم، يدعوهم لما يحييهم فلم يستجيبوا له، بل كايدوه وعاندوه حتى أغمي عليه.
حديث وأيّ حديث بعده يؤمنون؟! حديث ما ذكره حبر الأمة عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) إلاّ وبكى، بكاءٌ وأيّ بكاء؟! بكاءٌ يبلّ دمعه الحصى، بكاءٌ كأنّ دموعه حين تسيل نظام اللؤلؤ..
هكذا يصفه الرواة فلنقرأ ولنبك مع حبر الأمة، ولنندب حظ الأمة العاثر حيث أضاعت تلك الفرصة الثمينة، فرفضت ذلك العرض السخيّ المؤمِّن من الضلالة أبداً.
فلنقرأ ما يرويه ابن عباس (رضي الله عنه):
قال: «يوم الخميس وما يوم الخميس؟! يوم اشتد برسول الله وجعه فقال: (إيتوني بدواة وبياض اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي أبداً). فتنازعوا ـ ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ـ فقال عمر: إنّ النبيّ يهجر ـ وفي حديث آخر: «إنّه ليهجر»، وفي ثالث: «إنّه هجر» ـ ثمّ قال: عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف مَن في البيت، واختصموا فمن قائل يقول: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن قائل يقول: القول ما قال عمر. فلمّا أكثروا اللغط واللغو، وتمادى القوم في نزاعهم، غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (قوموا عني، لا ينبغي عند نبيّ تنازع)، فقاموا.
قال ابن عباس: فجئناه بعد ذلك بصحيفة ودواة، فأبى أن يكتبه لنا، ثمّ سمعناه يقول: (بعد ما قال قائلكم: عدى العَدَوي وسينكث البكري)، ثمّ قال: (ما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه)، ثمّ أوصى بثلاث فقال: احفظوني في أهل بيتي، وأخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم به)(1)».
فكان ابن عباس (رضي الله عنه) بعد ذلك يقول: «الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، لولا مقالته ـ يعني مقالة عمر ـ لكتب لنا كتاباً لم تختلف أمته بعده ولم تفترق».
هذه إحدى صور الحديث الآتية، وأعتقد أنّ القارئ يستفزه مثل هذا الحديث ويتسرّع إلى الحكم بوضعه، لشدة صدمته، وقد تذهب به المذاهب في الحكم على أولئك الصحابة الّذين شاقـّوا الله ورسوله، فنسبوا الهجر إلى نبيّ اصطفاه الله لأداء رسالته إلى الناس كافة، فكان سفيره في خلقه، وأمينه على وحيه، ورسوله المسدّد (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْـهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم:3-4].
لكني أعتقد أيضاً أنّ القارئ سيظهر له من متابعة صور الحديث الآتية، وما يتبعها من أقوال العلماء في توجيهه، اعتذاراً عن المعارضة، أنّ الحديث صحيح وأنهُ حديث رزيّة وأيّ رزيّة، ولم يكن ابن عباس (رضي الله عنه) مبالغاً حين قال ذلك فيه، لأنّ فيه الردّ على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عين الرد على الله تعالى، أوليس الردّ على الله وعلى الرسول من موجبات الكفر فالله سبحانه يقول: (مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر3:].
والمعارضة تردّ على الرسول ما طلب، وتصرّ على الامتناع من تلبية طلبه. والله سبحانه يقول: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْـهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3-4].
والمعارضة تقول: إنّه يهجر. والله سبحانه يقول:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِـمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24]. والمعارضة: تأبى ذلك وترد عليه بعنف وقسوة. والله سبحانه يقول:(وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَـهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)[الأحزاب: 36].
والمعارضة تأبى ذلك. والله سبحانه يقول لنبيّه: (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ)[المائدة: 67].
والمعارضة تشاكسه في التبليغ، وتردّ عليه بعنف وسوء أدب، وكأنّهم لم يسمعوا جميع تلكم الآيات الكريمة ولم يسمعوا الله سبحانه يقول في كتابه: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:13].
أليس هذا هو الضلال البعيد؟ أليس هذا هو الخسران المبين؟ أليس هذا هو الظلم والجفاء؟ أليس هذا هو الغباء والشقاء؟ أيّ غباء فوق هذا يتركون طريق التأمين على السلامة إلى الأبد، ويرتطمون أوحال الجهالة!؟
يا لله لقد سبق أن آذوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفسه وآله، حتى وبّخهم القرآن الكريم في آية (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ الله) [الأحزاب:53]. وآذوه الآن في قدسه وعصمته، منتهكين بذلك حرمته في أداء رسالته.
وهل يعني ذلك غير ردّهم: إنّه يهجر؟
هذه نبذة عن حديث الرزية، بل نفثة حرّى جاش بها الصدر فباحا، وما قدّمتها إلاّ لتنبيه القارئ على استعداده لقراءة ما سيقرأه من حديث الرزية وملابساته، وما تبعه من أعذار واهية، لا تزيد علماً ولا تغني عملاً، سوى كشف صفحات ـ لولا حديث الرزية ـ لسنا بصددها والكشف عنها، ولكنها جناية السلف، وخيانة الخلف، أودت باُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حافة الهاوية والتلف. ولئلا يصدمه عنف الردّ كما صدم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أغمي عليه، فليستعد ويتدرع بالصبر من الآن.
لنقرأ (أوّلاً) صور الحديث في الصحاح والسنن والمسانيد وكتب التاريخ واللغة والأدب، من ثمّ نتابع معه قراءتنا (ثانياً) في مصادر الحديث، و(ثالثاً) مع العلماء في آرائهم حول الحديث.
وليقرأ القارئ كلّ ذلك بروحٍ موضوعية مع التجرد عن العاطفة والابتعاد عن التعصب، ونترك له الحكم في تلك القضية وبالأصح الرزية، فعلى مَن تقع المسؤولية؟
ولا نريد أن نستبق الحكم في ذلك بل له ما سيؤديه نظره إليه من رأي حول رموز المعارضة أياً كانوا ومهما كانوا، فهم أولاً وأخيراً إنّما نكنّ لهم الإحترام، ما داموا في طاعة النبيّ وخدمة الإسلام. أما وقد نبذوا أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكتفوا بذلك حتى نسبوا إليه الهجر (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [الكهف:5]. فنحن في حلٍّ من حسابهم، وهم كسائر الناس في خطأهم وصوابهم. فهم غير معصومين، ولا نحن في حسابهم بملومين.
صور الحديـث:
لقد ورد الحديث بصور متعددة تبلغ الثلاثين أو تزيد، وهذا رقم قد يبعث على الدهشة! حديث واحد عن واقعة واحدة، يرويها أربعة من شهودها وهم:
1- الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
2- الخليفة عمر بن الخطاب بطل المعارضة.
3- جابر بن عبد الله الأنصاري.
4- عبد الله بن عباس.
كيف يبلغ اختلاف الصور في رواياتهم إلى ذلك العدد!!
ولو كان العدد يتساوى فيه الشهود لهان الأمر ولا غرابة، ولكن الغرابة أنّا سنقرأ الحديث عن كلّ من الإمام عليّ (عليه السلام) وعن الخليفة عمر ورد بصورتين، وعن جابر بصورتين.
وباقي الصور كلّها تروى عن ابن عباس لماذا ذلك؟
سؤال يفرض نفسه، ولابدّ من تلمّس الجواب عليه، وهذا ما سنجده عند الوقوف على قائمة الرواة عنه، ثمّ في باقي الطبقات من رجال الأسانيد بعدهم، حتى نصل إلى مدوّنيه من أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن والتاريخ وغيرهم.
وهؤلاء بذلوا جهداً كبيراً في التعتيم على رموز المعارضة، فأحاطوه بهالة من التضبيب الكثيف، تكاد أن تخفي معالمه، حفاظاً على حق الصحبة، وإن تم ذلك على حساب قدس صاحب الرسالة، فانظر ـ أيها القارئ ـ تلكم الصور كما وردت في مصادرها الموثوقة عن أعيان شهودها.
ولنبدأ بما روي عن الإمام عليّ (عليه السلام)، ثمّ بما روي عن الخليفة عمر، ثمّ بما روي عن جابر، وأخيراً بما روي عن ابن عباس.
◘ الصورة الأُولى:
ما روي عن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام):
أخرج ابن سعد في طبقاته قال: «أخبرنا حفص بن عمر الحوضي عن عمر بن الفضل العبدي عن نعيم بن يزيد عن عليّ بن أبي طالب انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا ثقل قال: (يا عليّ إئتني بطبق أكتب فيه ما لا تضلّ أمتي بعدي)، قال: فخشيت أن تسبقني نفسه، فقلت: إنّي أحفظ ذراعاً من الصحيفة.
قال: فكان رأسه بين ذراعي وعضدي، فجعل يوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم.
قال: كذلك حتى فاضت نفسه، وأمر بشهادة أن لا اله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله حتى فاضت نفسه، من شهد بهما حُرّم على النار»(2).
أقول: أخرج هذه الصورة أحمد في مسنده: «عن بكر بن عيسى الراسبي عن عمر بن الفضل وإلى قوله: وما ملكت أيمانكم»(3). ورواها البخاري في الأدب المفرد(4). وهذه الصورة كما تراها مهلهلة الجوانب، تخفق فيها رياح الأهواء، فرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر عليّاً باحضار طبق ليكتب فيه ما لا تضل أمته بعده، وعليّ (عليه السلام) لا يمتثل خشية أن تسبقه نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم، حتى فاضت نفسه؟! وأمر بشهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله حتى فاضت نفسه(5)؟
أيّ نفس هذه بعد أن سبق وأن فاضت نفسه أوّل مرّة ـ كما مرّ ـ فهل عادت إليه ثانياً فجعل يأمر بالشهادتين حتى فاضت نفسه ثانياً؟! الجواب عن ذلك عند الرواة. غير إني أنبّه القارئ إلى أنّ مارواه الإمام (عليه السلام) ليس هذا، بل هو عين ما رواه عبد الله بن عباس كما صرّح بذلك الحسن البصري وهو من سادة التابعين فاقرأ ما يأتي:
◘ الصورة الثانية:
أخرج أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في كتابه سير الصحابة والزهّاد والعلماء العبّاد فقال: «حدّثني محمّد بن عليّ قال: سمعت أبا اسحاق يزيد الفراء عن الصّباح المزني عن أبان بن أبي عياش قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن قال: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ـ ثمّ سمعته بعينه من عبد الله بن عباس بالبصرة وهو عامل عليها، فكأنّما ينطقان بفم واحد، وكأنّما يقرآنه من نسخة واحدة، والّذي عقلته قول ابن عباس، والمعنى واحد غير أنّ حديث ابن عباس أحفظه ـ قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرضه الّذي قبض فيه: (إيتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لاتضلون بعدي أبداً)، فقام بعضهم ليأتي به، فمنعه رجل من قريش(؟) وقال: إنّ رسول الله يهجر.
فسمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فغضب وقال: (إنّكم تختلفون وأنا حيّ! قد أعلمت أهل بيتي بما أخبرني به جبرئيل عن ربّ العالمين، إنّكم ستعملون بهم من بعدي، وأوصيتهم كما أوصاني ربّي، فأصبُر صبراً جميلاً) ».
فبكى ابن عباس حتى بلّ لحيته. ثمّ قال: «لولا مقالته لكتب لنا كتاباً لم تختلف أمته بعده ولم تفترق... اهـ»(6).
◘ الصورة الثالثة:
ما روي عن عمر بن الخطاب:
أخرج ابن سعد في طبقاته قال: «أخبرنا محمّد بن عمر حدّثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: كنا عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبينـنا وبـين النساء حجاب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «اغسلوني بسبع قِرب، وائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً».
فقال النسوة: إئتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاجته. قال عمر: فقلت: اسكتنّ فإنكنّ صواحبه،إذا مرض عصرتنّ أعينكم، وإذا صحّ أخذتنّ بعنقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (هنّ خير منكم) »(7).
وأخرجه عنه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد عن ابن أبي شيبة بتفاوت يسير(8).
◘ الصورة الرابعة:
ما روي عن عمر بن الخطاب، وهي تقرب من الثالثة إلاّ أنّها أتم ولفظها كما يلي:
أخرج النسائي في السنن الكبرى والهيثمي في مجمع الزوائد قال: «وعن عمر بن الخطاب قال: لمّا مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ادعوا لي ـ ائتوني ـ بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي)، فكرهنا ذلك أشد الكراهية ثمّ قال: (ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)، فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: إنّكنّ صواحبات (صواحب) يوسف إذا مرض رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عصرتنّ أعينكنّ، وإذا صحّ ركبتنّ عنقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (دعوهنّ فإنّهنّ خير منكم) »(9).
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمّد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري، قال العقيلي: في حديثه نظر، وبقية رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف...أهـ.
أقول: لا يهمني قول العقيلي في محمّد بن جعفر بن إبراهيم الجعفري ـ وهذا منتظر منه في الرجل وأمثاله ـ ما دام الحديث رواه أصحاب الصحاح ومنهم البخاري، ولا كلام للعقيلي في رجاله.
لكن الّذي يهمّني تنبيه القارئ على ما مرّ في الصورة الثالثة من حذف قول عمر: «فكرهنا ذلك أشدّ الكراهية» لماذا كرهوا ذلك أشدّ الكراهية؟ والجواب: سيأتيك بالأخبار من لم تزوّد. فانتظر ما سوف يأتي من تعقيب على الصور والأسانيد من أقوال علماء التبرير، فستجد هناك من التحوير والتزوير، وعجائب بل وغرائب من التفكير والتصوير.
ثمّ إنّ قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً). فقال النسوة... قد حذف وهذا يكشف عن التواطؤ العملي بين الرواة على تعمية الصورة، بكلّ ما أمكنهم من حول وطول.
فقد حذفوا دعوة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثانياً بإحضار الصحيفة، ممّا يدل على تصميم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) على تنفيذ أمره، كما يدل على إصرار المعارضة على رفضه. وسيأتي في حديث جابر ما يدل عليه.
وقد شوّشوا على تدخل العنصر النسوي في تلك المعركة الكلامية الحادّة بعد دعوة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثانية لهم باحضار الكتاب. ممّا يدل على مدى الصخب والجدال حتى كانت المرأة كالرجل في ذلك اليوم. وسيأتي مزيد إيضاح عن ذلك في حديث طاوس عن ابن عباس (الصورة 14، 15) وحديث عكرمة عن ابن عباس (الصورة 17).
◘ الصورة الخامسة:
ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري:
أخـرج ابن سعـد في الطبقات بسنده عن محمّد بن عبد الأنصاري ، عن قـرّة ابن خالد عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: «لمّا كان في مرض رسـول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الّذي توفي فيـه ، دعـا بصحيفـة ليكتب فيها لأمته كتاباً لا يَضِلـّون ولا يُضِلـّون، قال: فكان في البيت لغط وكلام وتكلم عمر بن الخطاب. قال: فرفضه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)»(10).
وبهذا النص ورد في نهاية الإرب للنويري(11)، ورواه البيهقي في سننه باب كتابة العلم في الصحف وبتره عند قوله: وتكلم عمر فتركه(12).
وأخرج ابن سعد أيضاً بسنده عن محمّد بن عمر عن إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر قال: «دعا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لأمته لايَضِلوا ولا يُضلـوا فلغطوا عنده حتى رفضها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) »(13).
أقول: وأخرج هاتين الروايتين الهيثمي في مجمع الزوائد إلاّ أنّه قال في آخر الأولى: «فرفضها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقال: رواه أبو يعلى. وعنده في رواية: يكتب فيها كتاباً لأمته قال: لا يَظلمون ولا يُظلمون. ثمّ قال: ورجال الجميع رجال الصحيح»(14) ثمّ أخرجها ثانياً وقال: «رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه خلاف»(15).
أقول: وسند أحمد كما في مسنده عن موسى بن داود عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر(16)، ونحن لا يهمنا الخلاف في ابن لهيعة بعد ما مرّ عن ابن سعد بإسنادين ليس فيهما ابن لهيعة ويأتي عن ابن حبّان كذلك، لكن الّذي يهمّـنا هو التحريف عنده في آخر الرواية الأولى!
فعن ابن سعد والنويري: «وتكلم عمر بن الخطاب فرفضه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)»، بينما في روايته الثانية: «فتكلم عمر بن الخطاب، فرفضها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) »، وفي تغيير الضمير في الرفض ما يستحق التأمل فيه.
أمّا عن ابن لهيعة فليس يهمنا فعلاً الدفاع عنه بعد ما روي الحديث بأسانيد ليس فيها ابن لهيعة كما مرّ عن ابن سعد، ورواه أيضاً ابن حبّان في كتابه الثقات بسند ليس فيه ابن لهيعة، فقد روى عن إبراهيم بن خريم عن عبد بن حميد عن عثمان بن عمر عن قرة بن خالد السدوسي عن أبي الزبير عن جابر: «انّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا بصحيفة عند موته فكتب لهم فيها شيئاً لا يَضلـّون ولا يُضلون، وكان في البيت لغط، وتكلم عمر فرفضها... ا هـ»(17).
وبالمقارنة بين رواية ابن حبّان وما سبقها، يدرك القارئ مدى التحريف المتعمد كما هو عند الهيثمي، إلاّ أنّ الجديد في رواية ابن حبّان هي قوله: (فكتب لهم فيها شيئاً...)، فما هو الشيء الّذي كتب لهم؟ ثمّ لماذا كان اللغط؟ وممّن كان؟ وأخيراً لماذا تكلم عمر؟ ثمّ من ذا رفضها؟ أهو عمر؟ أم النبيّ؟
كلّ هذا يجد القارئ الإجابة عليه في قول عمر لابن عباس: «أراده ـ يعني عليّاً ـ للأمر فمنعت من ذلك»، وقوله الآخر وقد مرّ: «فكرهنا ذلك أشد كراهية» (راجع الصورة 4).
ولم يكن ما تقدم من اختلاف في صورة حديث جابر مقتصراً على ما مرّ، بل له صورة أخرى أخرجها البلاذري في جمل أنساب الأشراف من حديث جابر، فقال: «حدّثني روح ثنا الحجاج بن نصير عن قرة بن خالد عن أبي الزبير عن جابر أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) دعا بصحيفة أراد أن يكتب فيها كتاباً لأمته فكان في البيت لغط فرفضها»(18).
والآن وقد انتهينا من عرض خمس صور للحديث بروايتها عن الإمام أمير المؤمنين وعن الخليفة عمر وعن جابر بن عبد الله، فلنعد نقرأ باقي الصور بكلّ أشكالها واختلاف رجالها برواياتهم عن ابن عباس.
◘ الصورة السادسة:
ما رواه عليّ بن عبد الله بن عباس عن أبيه:
قال: «لمّا حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوفاة وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إيتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده)، فقال عمر: كلمة معناها إنّ الوجع قد غلب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ قال: عندنا القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف مَن في البيت واختصموا، فمن قائل يقول القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن قائل يقول: القول ما قال عمر، فلمّا كثر اللغَط َواللغو والاختلاف، غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (قوموا إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يختلف عنده هكذا)، فقاموا. فمات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك اليوم. فكان ابن عباس يقول: الرزية كلّ الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) » يعني الاختلاف واللغط.
أخرج هذه الصورة أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه (السقيفة) عن الحسن بن الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عليّ بن عبد الله بن العباس. ورواها عن كتاب الجوهري ابن أبي الحديد في شرح النهج. ثمّ قال ابن أبي الحديد: «قلت: هذا الحديث قد خرّجه الشيخان محمّد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما، واتفق المحدثون كافة على روايته»(19).
أقول: كلام ابن أبي الحديد في هذا المقام تعوزه الدقة. فإن هذه الصورة من الحديث سنداً ومتناً لم ترد في الصحيحين، ولم يتفق المحدّثون كافةً على روايتها بألفاظها. نعم اتفق المحدثون كافة على رواية مضمونها بألفاظ متفاوتة وأسانيد مختلفة، كما سنقرؤها في الصور الآتية.
◘ الصورة السابعة:
ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في كتابه سير الصحابة والزهاد بسنده عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال: «كان ابن عباس إذا ذكر ليلة الخميس بكى، فقيل له: يابن عباس ما يبكيك؟ قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (يابني عبدالمطلب أجلسوني وسنّدوني أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً)، فقال بعض أصحابه: إنّه يهجر ـ قال: وأبى أن يسمي الرجل ـ فجئنا بعد ذلك، فأبى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكتبه لنا، ثمّ سمعناه يقول: (عدى العدوي وسينكث البكري) »(20).
◘ الصورة الثامنة:
ما رواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن سعد في الطبقات بسنده عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش عن عبيد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «اشتكى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الخميس فجعل ـ ابن عباس ـ يبكي ويقول: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ اشتدّ برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه فقال: (إيتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً؟) قال: فقال بعض من كان عنده: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليهجر، فقال: فقيل له: ألا نأتيك بما طلبت؟ قال: (أو بعد ماذا؟!)، قال: فلم يدع به»(21).
أقول: أخرج هذه الصورة الطبراني في معجمه الكبير بسنده عن عمر بن حفص السدوسي عن عاصم بن عليّ عن قيس بن الربيع عن الأعمش إلى آخر السند كما مرّ عن ابن سعد، ومن دون تفاوت. لكن في المتن إثم واختلاف كبير إذ قال: «لـمّا كان يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى فـقال: قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إيتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)، فقالوا: يا رسول الله ألا نأتيك بعد؟ قال: (بعد ما)... اهـ»(22)
ـ أقول: فلاحظ حذف جملة: (فقال بعض من كان عنده ان نبيّ الله ليهجر)، فمن ابتلعها من رواة السوء حين غصّ بذكرها! ودع عنك من تفاوت دون ذلك.
◘ الصورة التاسعة:
ما رواه سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
ويكاد ينعدم وضوح الرؤية في هذه الصورة، إذ تنبعث منها عدة صور متشابهة مضموناً، متفاوتة سنداً ومتناً، وما ذلك إلاّ لارتعاش أيادي المصورين ودمدمة المتمتمين ـ وهم المحدّثون والرواة طبعاً ـ. فقد روى الحديث عن ابن عيينة خمسة عشر علماً من أعلام المحدّثين ـ فيما أحصيت ـ وربما كانوا أكثر، ولكن لم نجد رواياتهم كلّها متفقة تماماً، وحبذا لو كان الخلاف يسيراً لهان الأمر، ولكن بين مروياتهم من التفاوت مايبعث على الشك والريبة. والآن لنمر عابرين على أسمائهم لنقارن بين مروياتهم، ولندرك كم جنى التالون على ما رواه الأولون، وهم:
1- يحيى بن آدم المتوفى في سنة 203 هـ.
2- عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هـ.
3- قبيصة بن عقبة المتوفى سنة 215 هـ.
4- عبد الله بن الزبير الحَميدي المتوفى سنة 219 هـ.
5- الحسن بن بشر المتوفى سنة 221 هـ(23).
6 ـ محمّد بن سلام المتوفى سنة 225 هـ.
7- سعيد بن منصور المتوفى سنة 227 هـ.
8- محمّد بن سعد المتوفى سنة 230 هـ.
9- عمرو الناقد المتوفى سنة 232 هـ.
10- عليّ بن عبد الله المديني المتوفى سنة 234 هـ.
11- قتيبة بن سعيد المتوفى سنة 240 هـ.
12- أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241 هـ.
13- أبو بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة 235 هـ.
14- الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني سنة 259 أو سنة 260 هـ.
15- أحمد بن حماد الدولابي المتوفى سنة 269 هـ.
وإلى القارئ استعراض رواياتهم:
أمّا رواية يحيى بن آدم ـ أوّل القائمة ـ فهي تتفق مع رواية أحمد بن حماد الدولابي ـ الخامس عشر من القائمة ـ كما أخرجها الطبري، وإليك لفظه: «حدّثنا أبوكريب قال حدّثنا يحيى بن آدم... قال ـ ابن عباس -: يوم الخميس» قال الطبري ـ ثمّ ذكر نحو حديث أحمد بن حماد الدولابي، والحديث المشار إليه كان قد ذكره قبل هذا ولفظه «قال ـ ابن عباس ـ يوم الخميس وما يوم الخميس؟! قال: اشتد برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه فقال: (إيتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي أبداً)، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ أن يتنازع، فقالوا: ما شأنه؟ أهجر استفهموه؟ فذهبوا يعيدون عليه، فقال: (دعوني فما أنا فيه خير ممّا تدعونني إليه)، وأوصى بثلاث قال: (أخرجوا المشـركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة عمداً)، أو قال فنسيتها. قال الطبري: في رواية يحيى بن آدم غير أنّه قال: ولا ينبغي عند نبيّ أن يُنازع... اهـ»(24).
فهذه رواية الطبري كفتنا مؤنة البحث عن مقارنة حديثين لراويين عن سفيان وهما يحيى بن آدم وأحمد بن حماد، وهما أوّل القائمة وآخرها.
وأمّا رواية عبد الرزاق ـ الثاني من القائمة ـ فقد أخرجها في كتابه المصنف عن ابن عيينة بلا واسطة بينهما وهو لا يختلف في حديثه كثيراً عما أخرجه البخاري عن شيخه قبيصة، إلاّ فيما جاء في آخره قال: «فإمّا أن يكون سعيد سكت عن الثالثة عمداً، وإمّا أن يكون قالها فنسيها»(25). وهذا مرّ علينا نحوه في حديث البخاري عن شيخه محمّد بن سلام.
وأمّا رواية قبيصة ـ وهو الثالث من القائمة ـ فقد رواها عنه البخاري في كتاب الجهاد والسير، في باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم(26).
قال: حدّثنا قبيصة حدّثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنّه قال: «يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتى خضب دمعهُ الحصباء فقال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه يوم الخميس فقال: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً)، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع، فقالوا: هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: (دعوني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه)، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة»(27).
ثمّ حكى البخاري تحديد جزيرة العرب، وليس ذلك جزءاً من الحديث!
واعلم بأنّ البخاري لم تقتصر روايته لحديث سفيان على شيخه قبيصة عن سفيان، بل رواه أيضاً عن شيخه الآخر محمّد بن سلام ـ وهو السادس في القائمة ـ في كتاب الجزية في باب اخراج اليهود من جزيرة العرب، ولدى المقارنة بين الروايتين نجد تفاوتاً في اللفظ وزيادة في رواية محمّد بن سلام لم ترد في رواية قبيصة.
وإليك اللفظ برواية محمّد بن سلام قال ـ بعد ذكر السند إلى سعيد بن جبير-: «سمع ابن عباس (رضي الله عنه) يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتى بلّ دمعه الحصى، قلت: يا ابن عباس ما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه فقال: (ائتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع، فقالوا: ما له أهَجَر، استفهموه، فقال: (ذروني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه)، فأمرهم بثلاث: قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، والثالثة خير، إمّا أن سكت عنها، وإمّا أن قالها فنسيتها»(28).
قال سفيان: هذا من قول سليمان.
وثمة رواية ثالثة للبخاري لحديث سفيان عن شيخه قتيبة ـ وهو الحادي عشر في القائمة ـ ذكرها في كتاب المغازي في باب مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته، وهي تتفاوت مع ما مرّ من روايتي قبيصة ومحمّد بن سلام تفاوتاً جزئياً، وفيها: «فقالوا: ما شأنه اهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه»(29).
أقول: ومع ذلك فيبقى العجب من البخاري، إذ هو يروي الحديث عن سفيان برواية ثلاثة من شيوخه وهم سمعوه من شيخهم سفيان، ومع ذلك لم تتفق رواياتهم على نحو الدقة، بل أنّ في بعضها زيادة على الأخرى كما مرّ في رواية محمّد بن سلام، فراجع.
وفوق ذلك أنّ البخاري لم يعقـّب على الإختلاف بشيء ممّا يوهم أنّ ذلك من الرواة، مع انّ المتتبع لأحاديث صحيح البخاري يجد كثيراً من نحو هذا، فمثلاً يحسن بالباحث مراجعة فتح الباري في شرح أوّل حديث للبخاري ليقف على بلبلة العلماء في أوّل حديث في صحيح البخاري وهو (إنّما الأعمال بالنيات) وما فيه من خرم حتى قال ابن العربي: «لا عذر للبخاري في إسقاطه، لأنّ الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام... وقال الداودي الشارح: الإسقاط فيه من البخاري، فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك»(30).
وقال ابن حجر: «ولا يوجد فيه ـ في الصحيح ـ حديث واحد مذكور بتمامه سنداً ومتناً في موضعين أو أكثر إلاّ نادراً»، فقد عنى بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعاً. وقال: «فلا يوجد في كتابه حديث على صورة واحدة في موضعين فصاعداً»(31).
فبعد شهادة هؤلاء لا يسعنا إدانة وسائط النقل بين البخاري وبين ابن عيينة، بل التبعة يتحملها البخاري إذ لم يؤد ما حُمّل من الحديث كما هو.
ثمّ اعلم أنّ الحديث برواية قتيبة رواه عنه أيضاً مسلم في صحيحه في كتاب الوصية في باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه فقال: «عن سعيد بن منصور وقتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ثمّ قال: واللفظ لسعيد». وفي قوله هذا إيماء إلى أنّ في رواياتهم اختلاف فاختار رواية سعيد، وما ذكره يتفق مع ما مرّ عند البخاري عن محمّد بن سلام، ثمّ رواه عن أبي إسحاق إبراهيم عن الحسن بن بشر عن ابن عيينة(32).
وأمّا رواية عبد الله بن الزبير الحَميدي ـ الرابع من القائمة ـ فقد أخرجها في مسنده(33) عن ابن عيينة بلا واسطة، ولفظه مقارب لما مرّ عن عبد الرزاق.
وأمّا رواية الحسن بن بشر ـ الخامس في القائمة ـ فقد أخرجها مسلم في صحيحه(34)، وهي نحو ما مرّ من رواية قتيبة. وكذلك رواية محمّد بن سلام وهو السادس في القائمة.
وأمّا رواية سعيد بن منصور ـ السابع من القائمة ـ فقد أخرجها في سننه، وقد مرّ عن مسلم روايته عنه في صحيحه، كما أخرجها عنه عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في سير الصحابة عن أبي إسحاق عنه(35)، وأخرجها عنه أيضاً أبو داود في سننه مع شرحه عون المعبود في كتاب الخراج والفيء والإمارة في باب اخراج اليهود من جزيرة العرب. إلاّ أنّه طوى أوّل الحديث جملة وتفصيلاً فقال: «حدّثنا سعيد بن منصور نا سفيان بن عينية عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى بثلاثة فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة أو قال: فأنسيتها». (وقال الحميدي عن سفيان قال سليمان: لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها أو سكت عنها)»(36).
أقول: ما علّمت عليه بين قوسين وضع عليه رمز نسخة، يعني لم يرد في جميع نسخ سنن أبي داود.
ونعود إلى ما رواه أبو داود عن سعيد بن منصور، لماذا قطع من الحديث رأسه فلم يذكر أوّله، بل لم يذكر منه إلاّ الوصية مع انّ حديث سعيد بن منصور أخرجه مسلم في صحيحه والخوارزمي في سير الصحابة ولفظهما متقارب، وقد مرّ برواية مسلم في هذه الصورة عند ذكر قتيبة شيخ البخاري، فراجع وقارن لتعرف مدى أمانة أبي داود ولعله هو الآخر يفتري على سعيد بن منصور بأنّه لم يذكر أوّل الحديث، أو ذكره فنسيه هو الآخر، كما في الوصية الثالثة ـ وسيأتي مزيد بيان عنها ـ فقال عنها سليمان: لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها أو سكت عنها. لكن أبا داود افترى على ابن عباس فنسب إليه أنّه قال: «وسكت عن الثالثة، أو قال: فأنسيتها».
وأمّا رواية محمّد بن سعد ـ الثامن في القائمة ـ فقد أخرجها في كتابه، ولفظه كما مرّ إلاّ في قوله: (إئتوني بدواة وصحيفة)، وفي آخر الحديث: «أو سكت عنها عمداً»(37).
وأمّا رواية عليّ المديني ـ العاشر في القائمة ـ فقد أخرجها البيهقي(38) عن عليّ بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن إسماعيل بن إسحاق القاضي عنه عن سفيان، وفي روايته زيادة لم يشاركه فيها أحد ممّن روى عن سفيان سنأتي على ذكرها عند نقل ما قاله البيهقي ضمن علماء التبرير.
وأمّا رواية أحمد بن حنبل ـ الثاني عشر في القائمة ـ فقد أخرجها في مسنده(39) عن ابن عيينة بلا واسطة ويبدو أنّه سمع الحديث من سفيان بن عيينة أكثر من مرة لقوله: «قال مرة كذا». فحدث تفاوت لفظي لتكرر سماعه، وهذا يسوّغ لنا تحميل سفيان عبء الاختلاف إلاّ فيما لا يسع تحميله، نحو صنيع أبي داود الّذي أشرنا إليه.
وأمّا رواية أبي بكر بن أبي شيبة ـ وهو الثالث عشر في القائمة ـ فقد أخرجها عنها مسلم(40) نحو روايته عن سعيد بن منصور.
وأمّا رواية الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني ـ الرابع عشر من القائمة- فقد أخرجها البيهقي في سننه وهذا لفظه: «حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني املاء، انبأ أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد البصـري بمكة ثنا الحسن بن محمّد الزعفراني ثنا سفيان بن عيينة... سمعت ابن عباس (رضي الله عنه) يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثمّ بكى، ثمّ قال: اشتد وجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع، فقال: (ذروني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه)، وأمرهم بثلاث: فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، والثالثة نسيتها»(41) ثمّ قال البيهقي عقب ذلك: رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وغيره عن سفيان، ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة وغيرهما عن سفيان.
وأمّا رواية أحمد بن حماد الدولابي ـ الخامس عشر في القائمة ـ فقد أخرجها الطبري في تاريخه(42) وقد مرّت الإشارة إليها في رواية يحيى بن آدم ـ أوّل القائمة -.
أقول: وعلى القارئ أن يقارن بين ما رواه وبين روايات من أشار إليهم البيهقي وقد مرّت ليرى مدى التفاوت من حذف وتغيير، وأربأ بنفسي معه عن سوء التعبير والتقدير.
والآن ونحن قد طالت مسيرتنا مع الصورة التاسعة الّتي رواها خمسة عشر من أعلام الحفاظ وأئمّة الحديث كلّهم عن سفيان بن عيينة، فقد رأينا الاختلاف بين رواياتهم، ممّا يجعلنا نشك في دقة سلامتها اللفظية وإذا تجوّزنا لهم الحمل على الصحة فنقول: إنّهم تجوزوا النقل بالمعنى، ولكن ليس هذا بجائز دائماً، خصوصاً ما دام يغيّر من بُنية الحديث المعنوية.
ومهما كان الاعتذار عنهم، فكيف الاعتذار عن حديث راو شارك سفيان بن عيينة في سماعه الحديث من سليمان الأحول، وهو شبل بن عباد، فقد روى هذا الشبل عن الأحول الحديث، وأخرجه الطبراني في معجمه بسنده عن عبدان عن هارون عن أبيه زيد بن أبي الزرقاء عن شبل عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «يوم الخميس وما يوم الخميس، يوم اشتد فيه وجع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر الحديث»، هكذا ذكره الطبراني(43).
أقول: وإذ لم يسبق من الطبراني أن ذكر قبله حديثاً مشابهاً، فكيف جاز له أن يقول: وذكر الحديث، أي حديث يشير إليه كما تقتضيه الدلالة العهدية. فمن ذا يا ترى هو الّذي بتر الحديث وأبلس من ذكره. هل هو شبل؟ أم هم بقية الرواة؟ أم هو الطبراني؟ وهو الأقرب لما سيأتي عنه من شاهد آخر يدل على ذلك. ثمّ أخيراً ما بال محقق معجم الطبراني مرّ على الحديث عابراً، فلم يعلّق عليه بشيء، لا تحقيقاً ولا تخريجاً كما هي عادته في سائر أحاديث الكتاب؟
◘ الصورة العاشرة:
ما رواه مالك بن مغول عن طلحة بن مصرّف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقد أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات بسنده عن حجاج بن نصير عن مالك ابن مغول إلى آخر السند عن ابن عباس قال: «كان يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ قال ـ سعيد ـ وكأنّي أنظر إلى دموع ابن عباس على خده كأنّها نظام اللؤلؤ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) قال: فقالوا: إنّما يهجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) »(44).
وأخرج هذه الصورة أيضاً أحمد في مسنده(45) عن وكيع عن مالك بن مغول بتفاوت يسير. وأخرجها الطبري في تاريخه(46) عن أبي كريب وصالح بن سمال عن وكيع عن مالك بن مغول بتفاوت يسير. وأخرجها مسلم في صحيحه(47) عن اسحاق بن إبراهيم عن وكيع عن مالك بن مغول بتفاوت يسير. وأخرجها أبو بكر الخلاّل في كتاب السنّة(48).
وأخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء عن الطبراني عن أحمد بن عليّ البربهاري(49) عن محمّد بن سابق عن مالك بن مغول إلى آخر السند عن ابن عباس ولفظه: قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الّذي توفي فيه: (إيتوني بكتف ودواة لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً). صحيح ثابت من حديث ابن عباس... اهـ»(50).
فانظر إلى ما رواه أبو نعيم بسنده عن مالك بن مغول وقارن ما مرّ من حديثه في المصادر السابقة لنرى كم هو الحذف الّذي طرأ على الحديث، أليس هو جملة: «فقالوا: إنّما يهجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) » كما في طبقات ابن سعد، أو «رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يهجر» كما في مسند أحمد، أو «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يهجر» كما في صحيح مسلم وتاريخ الطبري.
وكان هذا هو المقصود من قولنا بتفاوت في مرويات أولئك الثلاثة: أحمد ومسلم والطبري فهل لنا الآن أن نسأل أبا نعيم عن قوله في تعقيبه: صحيح ثابت من حديث ابن عباس. فإذا كان صحيحاً ثابتاً فلماذا لم يذكره بتمامه؟ وإذا لم يكن صحيحاً وثابتاً لديه فلماذا ذكره في كتابه؟
ولعل الرجل إنّما جاءته الآفة من شيخه سليمان بن أحمد ـ وهو الطبراني- الّذي سبق أن عرفنا فيه تلك الآفة كما مرّت الاشارة في نهاية الصورة التاسعة، فرواه أبو نعيم عن شيخه الطبراني كما سمعه مبتوراً. ولعل في تعقيبه إشارة تنبيه إلى ما في رواية شيخه من خلل.
ثمّ إنّ هذا الحديث أخرجه النويري في نهاية الأرب(51) بلفظ ابن سعد فراجع. كما رواه البلاذري في جمل أنساب الأشراف، قال: «حدّثني أحمد بن إبراهيم ثنا أبو عاصم النبيل ثنا مالك بن مغول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنّه قال يوم الخميس وما يوم الخميس؟ اشتد فيه وجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكى ابن عباس طويلاً ثمّ قال: فلمّا اشتد وجعه قال: (ائتوني بالدواة والكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلون معه بعدي أبداً)، فقالوا: أتراه يهجر وتكلموا ولغطوا، فغمّ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأضجره وقال: (اليكم عني ولم يكتب شيئاً) »(52).
◘ الصورة الحادية عشرة:
ما رواه الأعمش عن عبيد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقد أخرجها ابن سعد في طبقاته بسنده عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش إلى آخر السند عن ابن عباس قال: «اشتكى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الخميس، فجعل ـ ابن عباس ـ يبكي ويقول يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه فقال: (ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً)، قال فقال بعض من كان عنده: انّ نبيّ الله ليهجر، قال: فقيل له: ألا نأتيك بما طلبت؟ قال: (أو بعد ماذا)، قال: فلم يدع به»(53).
إلى هنا تنتهي صور الحديث الّتي تنتهي أسانيدها إلى سعيد بن جبير، وهي خمس صور، وقد رأينا بينها من التفاوت ما رأينا. فهل يعقل أن يكون سعيد بن جبير هو مصدر ذلك كلّه؟ بعد ما قد مرّ بنا من تعمّد التعتيم من أمثال الطبراني والبخاري وغيرهما.
◘ الصورة الثانية عشرة:
ما رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس. وقد روى الحديث عن الزهري ثلاثة وهم: يونس، وأسامة ومعمر.
1 ـ أمّا رواية يونس فقد رواها عنه جرير وعنه ابنه وهب، وعنه أحمد بن حنبل وحديثه في المسند وهذا لفظه بعد ذكر سنده عن ابن عباس قال: «لمّا حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوفاة قال: (هلمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده)، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال عمر: انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله قال: فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو قال: قرّبوا يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف وغـُمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (قوموا عني)، فكان ابن عباس يقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم...ا هـ»(54).
وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عن يونس إلى آخر السند ولفظه قال: «لمّا اشتد بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه قال: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده)، قال عمر: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط قال: (قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع)، فخرج ابن عباس يقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين كتابه...اهـ»(55).
فقارن بين ما أخرجه أحمد في مسنده من رواية يونس، وبين ما أخرجه البخاري في صحيحه من رواية يونس أيضاً لتدرك التفاوت بين الروايتين في الكتابين.
2 ـ وأمّا رواية أسامة ـ بن زيد الليثي ـ عن الزهري فقد رواها الواقدي عنه، وأخرجها عنه ابن سعد في الطبقات قال: «لمّا حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (هلمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده)، فقال عمر: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلمّا كثر اللغط والاختلاف، وغموا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (قوموا عني) »(56). فقال عبيد الله بن عبد الله: فكان ابن عباس يقول: الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
3 ـ وأمّا رواية معمر عن الزهري فقد رواها عنه عبد الرزاق في كتابه المصنف(57)، بنحو ما مرّ من حديث يونس برواية أحمد، وحديث أسامة برواية ابن سعد، إلاّ أنّ المطبوع من كتاب المصنف وردت جملة: (هل أكتب لكم كتاباً)، بينما مرّت في روايتي يونس وأسامة: (هلمّ أكتب لكم كتاباً)، فهذا التفاوت سواء كان من غلط النسخة أو من الرواة، فهو غير مغتفر، لأنّه مغيّر للمعنى كثيراً، فبعد أن كانت جملة (هلمّ) من أدوات النداء والدعوة وتحمل على الأمر، تغيّرت إلى (هل) وهي أداة استفهام، وعليها لا ضير ولا وزر على من امتنع وأبى من الصحابة لأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) استفهم منهم، فأبى بعضهم حسب رأيه فلا مؤاخذة عليه إذن.
والّذي يلفت النظر أنّ رواية عبد الرزاق هذه رواها عنه أحمد في مسنده(58) من دون حرف الاستفهام (هل) فصارت تقرأ (أكتب لكم كتاباً) وهي تقرأ إمّا على نحو الجملة الخبرية وليس لها معنى في المقام، فلابدّ إذن تقرأ على نحو الاستفهام وهذا هو المطلوب لستر العيوب.
وثمة آخرون غير أحمد رووا ذلك عن عبد الرزاق كالبخاري ومسلم وابن حبّان في صحيحه(59) وابن أبي الحديد وابن كثير، وربّما غيرهم. وأخيراً فقد حذف في المصنّف قول ابن عباس: «وغـُمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) » كما مرّ في حديث يونس فراجع.
وهذه الرواية عن طريق عبد الرزاق عن معمر رواها كلّ من البخاري وابن حبّان ومسلم في صحاحهم وأحمد في مسنده وابن أبي الحديد في شرح النهج وابن كثير وربّما غيرهم، ولدى المقارنة بين المصادر المشار إليها نجد التفاوت كبيراً في اللفظ والمعنى، وأكثرها تعتيماً على الحقائق ما كان من البخاري الّذي روى ذلك(60) بسنده عن عليّ بن عبد الله عن عبد الرزاق فحذف اسم عمر من المواضع الثلاثة الّتي ورد ذكره فيها، ففي الموضع الأوّل قال: «وفي البيت رجال» من دون (فيهم عمر بن الخطاب)، وفي الموضع الثاني: «فقال بعضهم قد غلبه الوجع» بدل «فقال عمر إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غلبه الوجع»، وفي الموضع الثالث: «ومنهم من يقول غير ذلك» بدل «ومنهم يقول ما قال عمر».
ثمّ إنّه روى الحديث ثانياً بطريقين: أحدهما عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر(61)، وثانيهما عن عبدالله بن محمّد عن عبدالرزاق عن معمر، وفي هذا المقام لم يحذف اسم عمر، لكنه لم يسلم من الاختلاف في النقل بل فيه تفاوت في اللفظ كثير.
وقد روى ابن كثير في تاريخه(62) هذا الحديث فاختار رواية البخاري الّتي حذف منها اسم عمر في المواضع الثلاثة فذكرها، وأشار عابراً إلى بقية روايات البخاري، ولعله إنّما اختار ذلك تعتيماً على اسم عمر، بينما ورد في الباقيات، ولنا في الباقيات الصالحات خير عملاً وأبقى.
أمّا رواية مسلم في صحيحه(63): فقد رواها عن عبد بن حميد ومحمّد بن رافع عن عبد الرزاق، فهي أقرب إلى ما مرّ عن عبد الرزاق. وأمّا رواية ابن كثير وابن أبي الحديد فقد اعتمدا رواية الشيخين البخاري ومسلم، وقد مرّت الإشارة إلى اختيار ابن كثير قريباً، ورواية ابن أبي الحديد(64) فراجع.
هذه بعض نقاط التفاوت بين الروايات في المصادر الأصلية والفرعية، فمن أين جاء الاختلاف؟ نعم إنّه الستر على رموز الخلاف. ومن راجع شروح الصحيحين يجد الغرائب والعجائب في التحوير والتطوير وفي بعضها التزوير، ممّا لا يترك مجالاً للتشكيك في أنّ كلّ شرح من شروح الصحيح ـ أيّ صحيح كان ـ فيه ثعلبة يصيح: لكلّ منّا وجهة هو مولّيها، وعلى أساس الشيوخ يعلّيها. فلنتركهم الآن وتركاضهم، ولا تسلني إجهاضهم.
◘ الصورة الثالثة عشرة:
وهي ما رواه الحسن بن أبي الحسن البصري عن ابن عباس وقد مرّ ذكرها ـ راجع الصورة الثانية ـ حيث رواها الحسن البصري عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: «سمعت عليّ بن أبي طالب ثمّ سمعته بعينه من عبد الله بن عباس بالبصرة، وهو عامل عليها، فكأنّما ينطقان بفم واحد، وكأنما يقرآنه من نسخة واحدة. والّذي عقلته قول ابن عباس، والمعنى واحد غير أنّ حديث ابن عباس أحفظه»، قال: ثمّ ذكر الحديث كما مرّ.
◘ الصورة الرابعة عشرة:
وهي ما رواه طاوس عن ابن عباس، ورواها عنه ليث، وعن ليث ثلاثة وهم: شيبان وأبو حمزة وهلال بن مقلاص، ولكلّ منـه رواية هي صورة بحد ذاتها. وإليك ما رواه شيبان:
أخرج حديثه أحمد في مسنده عن حسن عن شيبان عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: «لمّا حُضِـر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (ائتوني بكتف أكتب لكم فيه كتاباً لا يختلف منكم رجلان بعدي)، قال: فأقبل القوم في لغطهم، فقالت المرأة: ويحكم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... ا هـ»(65).
والفجوات في هذه الصورة بيّـنة، ولا تحتاج في إثباتها إلى بيّنة، فبعد طيّ كثير من الكلام في الكتمان، نقرأ لأوّل مرّة قول المرأة ويحكم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فيا ترى مَن هي هذه الّتي أنكرت على القوم لغطهم؟
ويكفينا من هذه الصورة معرفة عظم الرزية ـ كما يقول ابن عباس ـ حتى تدخـّل العنصر النسوي في المعركة الكلامية. وسيأتي ما يوضح المستبهم فيها.
◘ الصورة الخامسة عشرة:
ما رواه أبو حمزة عن ليث عن طاوس، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير بسنده فقال: «حدّثنا محمّد بن يحيى بن مالك الضبي الأصبهاني، ثنا محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ثنا عليّ بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتف فقال: (ائتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لاتختلفون بعدي أبداً)، فأخذ من عنده من الناس في لغط، فقالت امرأة ممّن حضر: ويحكم عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليكم، فقال بعض القوم: اسكتي فإنّه لا عقل لكِ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (أنتم لا أحلام لكم)... ا هـ»(66).
أقول: وأخرج هذا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد وعقب عليه بقوله: «قلت: في الصحيح طرف من أوّله، رواه الطبراني، وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلّس وبقية رجاله ثقات»(67).
◘ الصورة السادسة عشرة:
ما رواه هلال بن مقلاص عن ليث عن طاوس أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير بسنده فقال: «حدّثنا الحسين بن اسحاق التستري، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي، ثنا هلال بن مقلاص عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً لا يختلف فيه رجلان)، قال: فأبطأوا بالكتف والدواة، فقبضه الله»(68).
◘ الصورة السابعة عشرة:
ما رواه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج حديثه ابن سعد في الطبقات بسنده فقال: «أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس: إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرضه الّذي مات فيه: (ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً). فقال عمر بن الخطاب: من لفلانة وفلانة ـ مدائن الروم ـ إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بميت حتى نفتتحها، ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى، فقالت زينب زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا تسمعون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يعهد إليكم فلغطوا، فقال: (قوموا)، فلمّا قاموا قبض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مكانه... ا هـ»(69).
في هذه الصورة جديد من الكشف لم يسبق إليه تشويه الرواة، وذلك هو مقالة عمر وهي نحو الّتي قالها بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرعد وتوعّد منتظراً مجيء أبي بكر من السنح. كما فيها جديد من الكشف هو تعيين اسم المرأة الّتي أنكرت على القوم اختلافهم ولغطهم، فلم تعيّنها الصور السابقة الّتي وردت الإشارة إليها، بينما عرفنا الآن اسمها من هذه الصورة وأنّها زينب زوج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي إحدى أمهات المؤمنين.
◘ الصورة الثامنة عشرة:
ما رواه عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج حديثه أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في كتابه سير الصحابة والزهاد، عند استعراضه لموارد خلاف الصحابة فقال: «والخلف الثاني في بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما أخبر به محمّد بن أبي عمر قال: حدّثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال سمعت عبد الله بن عباس يقول: يوم الاثنين وما يوم الاثنين وهملت عيناه، فقيل له: يا بن عباس وما يوم الاثنين؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غمرات الموت فقال: (ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً)، فتنازعوا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يجز عنده التنازع، وقال رجل من القوم: إن الرجل ليهجر، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر بإخراجه وإخراج صاحبه، ثمّ أتوه بالصحيفة والدواة، فقال: (بعد ما قال قائلكم ما قال، ثمّ قال: ما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه)... ا هـ»(70).
أقول: وفي هذه الصورة أيضاً كشف جديد أتانا من عكرمة ـ هو تألم ابن عباس من يوم الاثنين وانّه اليوم الّذي دعا فيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدواة والصحيفة، بينما في كثير ما مرّ من الصور وما سيأتي ذكر فيه يوم الخميس، أوليس ترى أنّ دعوة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدواة والصحيفة كانت مرتين؟ في يوم الخميس ويوم الاثنين؟ وفي كلا اليومين خالف عليه عمر فيكون خلافه أيضاً مرتين؟ وهذا ليس بممتنع عقلاً وقد صح نقلاً كما دلت عليه بعض الأحاديث السابقة واللاحقة، وسيأتي مزيد بيان لذلك.
◘ الصورة التاسعة عشرة:
ما رواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج حديثه أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في سير الصحابة والزهاد بسنده فقال: «حدّثنا عاصم بن عامر عن الحسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الّذي قـُبض فيه: (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً)، فقال المعذول: انّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يهجر كما يهجر المريض، فغضب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (أنتم لا أحلام لكم)، قال: إنّما قلت من الورَم، قال: (إنّكم قوم تجهلون بهذا أخبرني أخي جبرئيل عن ربي، فأخرِجوه) فأخرجناه والله لقد مضى في الحال إلى أبي بكر فأخرجه إلى السقيفة وجمع فيها من جمع، وبايع على ما بايع»(71).
وفي هذه الصورة أيضاً كشف جديد هو اعتذار المعذول ـ كما سمته الرواية وهو من العَذَل بمعنى اللوم والتأنيب ـ بأنّه إنّما قال الّذي قاله من الوَرَم؟ ولا ندري أي وَرَم ذلك، هل كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) متورّماً في بدنه؟ وهذا لم ينقله أحد من الرواة، وإذا كان فهل ثمة ملازمة بين الورم وبين ما قاله المعذول؟ ولعل الوَرَم الّذي يعنيه فدفعه إلى القول هو ما كان في نفسه هو من غضب، من قولهم: فلان ورم أنفه إذا غضب وحنق.
كما أنّ هذه الصورة تؤيد ما قبلها من أنّ الحديث والحادثة كان في يوم وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسيأتي ما يؤيد ذلك أيضاً.
◘ الصورة العشرون:
ما رواه عبد الله بن محمّد عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج حديثه أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في سير الصحابة والزهاد بسنده فقال: «حدّثنا محمّد بن عليّ، قال حدّثني أبو اسحاق بن يزيد عن فضل بن يسار عن عبد الله بن محمّد قال: سمعت عكرمة يقول عن ابن عباس قال: انّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (إئتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي)، فمنعه رجل، فقلت لعكرمة من الرجل؟ فقال: إنّكم لتعرفونه مثلي، هو والله المعذول»(72).
وفي هذه الرواية لم يشأ عكرمة أن يحرم القراء لحديثه من فائدة، كما هو ديدنه في أحاديثه في الصور الثلاث السابقة، أمّا في هذه الصورة فقد أفادنا أنّه كان ممّن يرى التقية وقد استعملها فعلاً في جواب سائله عن الرجل الّذي منع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن موافاته بالكتف والدواة، فقال: إنكم لتعرفونه مثلي، هو والله المعذول. ويعني به عمر فإنه صاحب المقولة النابية.
◘ الصورة الحادية والعشرون:
ما رواه أبان بن عثمان عن بعض أصحابه، وقد أخرج حديثه أبو محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي في سير الصحابة والزهاد بسنده فقال: وحدّثني محمّد ابن مروان قال: «حدّثنا زيد بن معدل عن أبان بن عثمان عن بعض أصحابه: انّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال في المرض الّذي قبض فيه: (ايتوني بصحيفة ودواة لأكتب لكم كتاباً لاتضلون بعدي)، فدعا العباس بصحيفة ودواة، فقال بعض من حضر: إنّ النبيّ يهجر، ثمّ أفاق النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له العباس: هذه صحيفة ودواة قد أتينا بها يا رسول الله فقال: (بعد ما قال قائلكم ما قال)، ثمّ أقبل عليهم وقال: (احفظوني في أهل بيتي، واستوصوا بأهل الذمة خيراً، وأطعموا المساكين وأكثروا من الصلاة، واستوصوا بما ملكت أيمانكم)، وجعل يردّد ذلك (صلى الله عليه وآله وسلم) وإني لأعلم أنّ منكم ناقض عهدي والباغي على أهل بيتي»(73).
أقول: قد يزعم متنطع أنّ في نهاية السند إرسال أو انقطاع وبالتالي ضعف السند (لجهالة بعض أصحابه) ولكن ذلك ليس بضائر بعد أن عرفنا وألفنا الكتمان في أسماء رموز المعارضة في هذا الحديث، ولتكن هذه الصورة من المؤيدات لما سبقها من الصور، على نحو ما يأتي من مرسلات، نأتي على ذكر بعضها.
◘ الصورة الثانية والعشرون:
أخرجها أبو عبيد البكري في كتابه فصل المقال في شرح كتاب الأمثال بلفظ: «وقال ابن عباس: اشتد برسول الله عليه الصلاة والسلام وجعه فقال: (إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي)، فقالوا: ما شأنه أهجر؟...اهـ»(74).
أقول: من المضحك ـ وشرّ البلية ما يضحك ـ أن تطبع الكتاب دار الأمانة، ومؤلف الكتاب في روايته الحديث تعوزه الأمانة.
◘ الصورة الثالثة والعشرون:
أخرجها الذهبي في المنتقى من أخبار المصطفى قال: «عن ابن عباس قال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه يوم الخميس، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة...اهـ»(75) فعقب الذهبي عليه بقوله: متفق عليه، والشك من سليمان الأحول.
أقول: وأخرج هذه الصورة أيضاً الشوكاني في نيل الأوطار(76)، الّذي هو شرح لكتاب المنتقى المتقدم ذكره. ومن الطبيعي أن لا يزيد شيئاً في حيثيات الحديث، ولا في ذكر ما تعمد الذهبي إغفاله من فقرات الحديث فمر عليه عابراً، ولم يعنه من أمره إلاّ شرح جزيرة العرب، وقال في شرح (ونسيت الثالثة) قيل هي تجهيز أسامة، وقيل يحتمل أنّها قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تتخذوا قبري وثناً. وفي الموطأ ما يشير إلى ذلك...اهـ.
◘ الصورة الرابعة والعشرون:
أخرجها ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام قال: «بعد أن أخرج الحديث الّذي أخرجه البخاري على نحو ما مرّ في الصورة الثانية عشرة، وحدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمّد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا محمّد بن منصور عن سفيان الثوري سمعت سليمان ـ هو الأحول ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فذكر هذا الحديث وفيه: (إنّ قوماً قالوا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك اليوم ما شأنه؟ هجر!)... اهـ»(77).
أقول: حيث سبق لابن حزم أن ذكر حديث البخاري المروي في صحيحه في كتاب العلم باب كتابة العلم(78) ـ قد مرّ في الصورة الثانية عشرة كما أشرنا آنفاً ـ فهو الآن يشير إليه بقوله: وحدّثناه عبد الله بن ربيع إلى آخر السند... عن سفيان الثوري، وما ذكره بهذا السند يختلف متناً عما مرّ ولا مؤاخذة عليه لأنّه بسند آخر. ولكن المؤاخذة فيما وقع في السند من وهم خفيّ لم يتنبّه له حتى محقـّق الكتاب ـ الشيخ أحمد محمّد شاكر ـ وذلك أنّ سند ابن حزم هذا ينتهي إلى سفيان الثوري، ولم يذكر أحد غيره ذلك، بل إنّ الأسانيد المنتهية إلى سفيان كلّها تنتهي إلى سفيان بن عيينة ـ كما مرّت في الصورة التاسعة ـ ، ولم نقف على رواية سفيان الثوري للحديث إلاّ عند ابن حزم في هذا المقام، كما لم نقف على راوٍ عن الثوري أو ابن عيينة اسمه محمّد بن منصور، نعم ذكر ابن حجر في التقريب رجلين بهذا الاسم توفي أحدهما سنة 252 والثاني سنة 256. ولم يذكر أنّهما من الرواة عن أحد السفيانَين. لكن الذهبي ذكرهما في الكاشف(79) فلعله أحدهما أو كلاهما يروي عن ابن عيينة فيما ذكر. ثمّ لا يبعد ـ والله العالم- وقوع التصحيف في اسم هذا الراوي، وانّ الصحيح في اسمه هو سعيد بن منصور وهو صاحب السنن، وقد مرّ في الصورة التاسعة أنّه أحد رواة الحديث عن سفيان بن عيينة. وعلى ذلك يكون احتمال تصحيف اسم (سعيد) بـ(محمّد) من سهو القلم، كما يحتمل ذلك أيضاً في تعيين نسبة سفيان، لاشتراك السفيانَين في العَلميَة والشهرة.
◘ الصورة الخامسة والعشرون:
أخرجها المقريزي في كتابه إمتاع الأسماع قال: «واشتد به (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه يوم الخميس فقال: (إئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً)، فتنازعوا فقال بعضهم: ما له؟ أهجر؟ استعيدوه! وقالت زينب بنت جحش وصواحبُها: إئتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاجته، فقال عمر: وقد غلبه الوجع وعندكم القرآن! حسبنا كتاب الله، من لفلانة وفلانة؟ ـ يعني مدائن الروم ـ إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس بميت حتى يفتحها، ولو مات لانتظرته كما انتظرت بنو إسرائيل موسى!! فلمّا لغطوا عنده قال: (دعوني فما أنا فيه خير ممّا تسألوني)! ثمّ أوصاهم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنتم تروني أجيزهم، وأنفذوا جيش أسامة قوموا»(80).
تعقيب عرض الصور وحصيلة ذلك:
هذه هي الصور الّتي وقفت عليها، ولا شك أنّه فاتني كثيرٌ غيرُها، ومهما يكن ما فات فإنّه لا يعدو حصيلة الحاصل ممّا ذكرت. وهي تكفي في اعطاء الصورة القريبة من الصدق أو هي الصدق بعينه، لكنه منبثّ في سطور الصور المتفرقة، تلك الحصيلة ـ تلميحية وتصريحية ـ تكاد تسمعها تجأر بلوعة الرزية كلّ الرزية، الّتي كان ابن عباس حبر الأمة يبكي منها لشدة وقعها حتى يبلّ دمعه الحصى ويقول: الرزية كلّ الرزية ـ وهي فعلاً الرزية وكلّ الرزية ـ ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب.
كما تقرأ في حروف تلك الحصيلة حقيقة حيّة حسية ليست قابلة للإنكار، وهي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد الخير لأمته بأن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً، وأنّ عمر لم يرد ذلك فمنع منه.
ولا تفسير لذلك الحدث المشؤوم في ذلك اليوم الكالح العبوس، غير ما رسمته تلكم الروايات بشتى صورها، وتعدد رواتها، واختلاف أصحابها وكتـّابها. وإن كان ما أحيط بها من ضباب كثيف في التضليل على واقع الحدث والحديث شخوصاً، وزماناً ومكاناً، شوّش على السذّج من القرآء، فساءت عندهم الرؤية لبعدهم عنها زماناً ومكاناً أيضاً. فكادت غياهب المتاهات تلفـّهم، وشكوك الإرتياب تتقاذفهم. لكن من أوتي حظاً من النباهة والفطنة، لا يشوّشه ذلك بل يدهشه، ويبقى خائراً حائراً بين عظمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعصمته، وبين مجابهة عمر وشدّته.
وبالتالي يبقى مفكراً في اختلاف مواقف الحضور من أهل البيت ومن الصحابة، كيف انقسموا على أنفسهم، ونبيّهم بعدُ بين ظهرانيّهم، فمنهم أنصار ومنهم معارضة؟ مع شدّة الجرأة على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بإعلان ردّ أمره وهو في تلك الحال الّتي سيفارقهم عليها عما قريب. أما كانت اللياقة تقضي أن يُمتثل أمره ويُسارع في تنفيذه! لكنّهم ـ المعارضة ـ أكثروا اللغط والاختلاف، فطردهم من بيته ساخطاً عليهم.
ولا خلاف بين المسلمين أنّ من ردّ عليه قوله بعد موته كان مرتداً، فكيف الحال بمن ردّ عليه في حياته!
ولا خلاف بين المسلمين أنّ الله سبحانه قال في كتابه:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الحجرات:2].
ولا خلاف بين المسلمين أنّ الله سبحانه قال في كتابه:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِـمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ الْـمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إليه تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:24-25].
ومهما كان حسن النيّة وسلامة الطويّة عند بعضهم، فهو ما دام ضالعاً مع المعارضة، يعني أنّه رادّ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره، ومشاقق له في دعوته عن سبق إصرار وعمد، فهل ذلك إلاّ التردي في ضلالة الهوى، ومردٍ لغيره فيها أيضاً.
ويبقى العجب آخذاً بالألباب كيف يكون عمر هو رأس المعارضة، ومنه تبدر جفوة الكلمة، ويبقى هو المسيطر على الموقف المعلـَن!؟ وهو هو في صحبته وسابقته، وهو هو الّذي كان إلى الأمس القريب يقول للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «رضيت بالله ربّاً وبالإسلام ديناً، وبك رسولاً»(81).
فقد أخرج أبويعلى وغيره عن عمر وغيره: «قال عمر: انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ثمّ جئت به في أديم ـ جلد ـ فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما هذا الّذي في يدك يا عمر؟) قال قلت: كتاب نسخته لنزداد به علماً إلى علمنا، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى احمرّت وجنتاه، ثمّ نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أُغضب نبيّكم السلاح السلاح، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (يا أيها الناس إنّي قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي اختصاراً، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقيّة فلا تتهوّكوا، ولا يغرنّكم المتهوّكون)(82). قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبك رسولاً، ثمّ نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) »(83).
ثمّ العجب كلّ العجب من عمر وهو الّذي كان يقول نادماً على ما بدر منه يوم صلح الحديبية: «ما زلت أصوم وأتصدّق وأصلّي وأعتق من الّذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الّذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً ـ اُنظر! فستجد أنّه لم يبدر منه سوى أنّه لم يرض بالصلح حمية لدينه حيث أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فقال: يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلامَ نعطي الدنيّة في ديننا؟ فقال: (أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيّعني)، قال عمر: فما زلت أصوم وأتصدّق وأصلّي وأعتق من الّذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الّذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً»(84).
فمن كان بهذه المثابة من الخوف والوجل من كلمة صدرت منه ظاهرها حميّـته للدين، كيف غاب عنه ذلك الشعور بالخوف حتى قال كلمة غمّ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منها لشدة وقعها على قلبه؟
فما بال أبي حفص تتباين مواقفه من أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيناقض نفسه بنفسه؟ فأين الرضا؟ وأين التسليم؟ الّذي قاله يوم جاء هو بالصحيفة، من هذا العناد والاصرار على الخلاف يوم دعا النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدواة والصحيفة، ولماذا ذهب به الاشتطاط فلم يخش ما خشيه من كلمته يوم صلح الحديبية؟ وهي الّتي كانت أخف لهجة وأهون وقعاً، وأقل تأثيراً. مواقف ما كانت لتأخذ الألباب بالحيرة لو صدرت عن غير عمر، من غير أولي السابقة والصحبة والمصاهرة من الأعراب أولي الضـرر، أو البداة من أهل الشعر والوبر.
يقول الدكتور صبحي الصالح ـ أُستاذ الإسلاميات وفقه اللغة في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية -: «وتحليلاً لهذه الحادثة التاريخية الخطيرة، لابدّ لنا من رَجع النظر فيها لنستقي منها بعض العبر، ولابدّ لنا من الاعتراف بأنّه لم يكن من المنتظر أن يقف من بين الصحابة مثل عمر ليقول ما قال، حتى أكبَرَ عبد الله بن عباس، وهو حبر الأمة الإسلامية هذا الأمر، وعدّه أكبرَ رزيّةٍ أصابت المؤمنين، ولم يكن من المتوقـّع إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يختار المؤمنون غير ما يختاره لهم المعصوم، والرسول (عليه السلام) كثيراً ما ألقى على مسامع المسلمين أنّه تركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها!
ومع ذلك يطلب منهم دواة وقرطاساً ليملي عليهم كتاباً لن يضلّوا بعده، فكان المفروض أن يستنتجوا من ذكره هذا الكتاب أشياء غير الجوانب التشريعية والعقدية الّتي ما انفكّ القرآن يتنزل بها حتى آخر لحظة من حياة النبيّ (عليه السلام)، وأن يرجحوا أنّ هذا الكتاب سيحتوي مسائل حساسة تتعلق بتصـرّفهم الاجتماعي. لقد رأى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ منيّـته قد دنت، فأراد ألاّ يفسح أمام المسلمين مجالاً كي يتنازعوا بالقرآن على القرآن، وبالسنّة على السنّة، وبالتشريع على التشريع، وبالقانون على القانون. لذلك ودّ لو يضع لهم الخطـّة الدائمة ليتمسكوا بأمر الله لأنّه أمر الله! ولولا هذا لما قال رجل كابن عباس: «انّ هذه كانت أكبر رزية حاقت بالمسلمين»(85)!
رواة الحديث ومصادره:
إنّ استقصاء جميع ما ورد في كتب الحديث والسنّة، والتاريخ والسيرة، واللغة والأدب، ممّا يتعلق بالحديث لأمرٌ شاق، يصعب معه على الباحث المجدّ في تحقيقه، والوقوف عليه باستقراء واستيعاب، غير أنّ ما وقفت عليه ـ ولا شكّ قد فاتني الكثير الكثير ـ يكفي في التدليل على صحة الحديث وتواتره، بالرغم من محاولات بائسة يائسة في التمويه عليه، حرصاً على رموز المعارضة كما سيأتي في كلام أعلام المحدّثين في ذلك.
أمّا البحث في مصادر الحديث كمّاً وكيفاً ـ وهي فيما اطلعت عليه كثيرة- فهو بحث شائق شائك، إذ يجد القارئ فيها أمهات المراجع في السنّة والحديث، وعيون كتب التاريخ والسيرة، وجوامع اللغة والأدب. ومع ذلك نجدها تختلف اختلافاً شائناً في أدائه ـ كما مرّ في صوره ـ وسواء كان ذلك من الرواة في الأسانيد ـ وما آفة الأخبار إلاّ رواتها ـ أو رجال المسانيد ـ وهم حفاظها وحماتها ـ فهو يبقى مادة للنقاش والإدانة، لتحمّل أصحابه عبء الأمانة، فلم تصل إلينا إلاّ وقد لفـّـتها براقع الخيانة. فعرّضت حَمَلتها إلى كثير من النقد والتجريح، سواء منهم الصحيح وغير الصحيح.
ولا نستبق رجال الصحاح وغيرهم في الخوض حول الكيفية وما لها وما عليها، إذ سيأتي ذلك مفصلاً ولكنا سنعرض أمام القارئ جانباً من أسماء الرواة بدءاً من يوم الحَدَث، وانتهاء بمَن أودع الحديث كتابه. ليكون على بيّنة من أمره أزاء ما ألمّ بالمسلمين من تشرذم، سببّه ذلك الحدَث في ذلك الحديث.
القرن الأوّل:
1- الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، روى الحديث عنه الحسن بن أبي الحسن البصري، وأخرجه أبو محمّد عبدالسلام الخوارزمي في سير الصحابة والزهاد راجع (الصورة 2)، وروى عنه أيضاً نعيم بن يزيد بصورة مهلهلة وحديثه في مسند أحمد(86)، وطبقات ابن سعد كما مرّ في (الصورة 1).
2- الخليفة عمر بن الخطاب، روى الحديث بنفسه، وعنه أسلم وغيره (راجع الصورة 3 و4)، كما اعترف به أيضاً بعد ذلك في حديث له مع ابن عباس، وهو من جملة احتجاج ابن عباس عليه كما سيأتي.
3- الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، روى الحديث عنه ابنه عليّ بن عبد الله كما في (الصورة 6)، وسعيد بن جبير كما في (الصور 7 ـ 11)، ورواه أيضاً عنه عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة كما في (الصورة 12)، ورواه عنه الحسن بن أبي الحسن البصري كما في (الصورة 13)، ورواه عنه طاوس كما في (الصورة 14 و 15 و 16)، ورواه أيضاً عنه عكرمة كما في (الصور 18ـ 20)... إلى غير ذلك ممّا أرسل عنه إرسال المسلّمات.
4- الصحابي الجليل جابر بن عبد الله روى الحديث عنه أبو الزبير كما في (الصورة 5).
5- التابعي الجليل سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس وقائده قتله الحجاج ظلماً وعدواناً سنة 95، روى الحديث عن ابن عباس وعنه ثابت كما في (الصورة 7)، وعبيدالله بن عبد الله كـما في (الصورة 8)، وسليمان الأحـول كـما فـي (الصورة 9)، وطلحة بن مصرّف كما في (الصورة 10)، وقد مرّت أحاديثهم عنه في الصور المشار إليها مع مصادرها، فراجع.
6- التابعي الجليل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أحد الفقهاء السبعة، وكان أعمى وهو معلم عمر بن عبد العزيز توفي سنة 4 ـ 5 ـ 8 ـ 99، روى الحديث عن ابن عباس، وعنه محمّد بن مسلم الزهري كما في (الصورة 12).
7- التابعي أسلم العدوي مولاهم أبو زيد مولى عمر بن الخطاب مات سنة 70هـ أو80هـ عدّه الذهبي من كبار التابعين روى الحديث عن عمر، وعنه ابنه زيد ابن أسلم كما في (الصورة 3).
8- التابعي الجليل نعيم بن يزيد روى الحديث عن الامام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وعنه عمر بن الفضل العبدي، كما في (الصورة 1).
القرن الثاني:
1- عكرمة مولى ابن عباس توفي سنة 105هـ روى الحديث عن مولاه، وعنه داود بن الحصين كما في (الصورة 17) وعمرو بن دينار كما في (الصورة 18) والحكم بن أبان كما في (الصورة 19) وعبد الله بن محمّد كما في (الصورة 20).
2- طاوس اليماني توفي سنة 106هـ روى الحديث عن ابن عباس، وعنه الليث بن سعد كما في (الصور 14و 15و 16).
3- عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود توفي سنة 108هـ روى الحديث عن ابن عباس، وعنه الزهري كما في (الصورة 12).
4- الحسن البصري توفي سنة 110هـ روى الحديث عن الإمام عليّ وعن عبد الله بن عباس، وعنه أبان بن أبي عياش كما في (الصورتين 2 و 13).
5- طلحة بن مصرف اليمامي توفي سنة 112هـ روى الحديث عن سعيد بن جبير، وعنه مالك بن مغول كما في (الصورة 10).
6- عليّ بن عبد الله بن عباس المتوفى سنة 118هـ روى الحديث عن أبيه وعنه الزهري كما في (الصورة 6).
7- محمّد بن مسلم بن شهاب الزهري المتوفى سنة 124هـ روى الحديث عن عليّ بن عبد الله بن عباس كما في (الصورة 6) وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة كما في (الصورة 12).
8- أبان بن عثمان بن عفان الأموي توفي سنة 105هـ، روى الحديث عن بعض أصحابه، وعنه زيد بن معدل كما في (الصورة 21).
9- عمرو بن دينار المتوفى سنة 126هـ روى الحديث عن عكرمة وعنه سفيان بن عيينة كما في (الصورة 18).
10- سليمان الأحول من صغار التابعين روى الحديث عن سعيد بن جبير وعنه سفيان بن عيينة وشبل كما في (الصورة 9).
11- أبو الزبير المكي المتوفى سنة 128هـ روى الحديث عن جابر وعنه إبراهيم بن يزيد وابن لهيعة وقرة بن خالد كما في (الصورة 5).
12- داود بن الحصين الأموي مولاهم توفي سنة 135هـ روى الحديث عن عكرمة، وعنه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة كما في (الصورة 17).
13- زيد بن أسلم توفي سنة 136هـ روى الحديث عن أبيه أسلم، وعنه هشام بن سعد كما في (الصورة 3).
14- يحيى بن سليمان توفي سنة 7 ـ 8 ـ 139، روى الحديث عن ابن وهب وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة 12).
15- أبان بن أبي عياش توفي بعد سنة140هـ روى الحديث عن الحسن البصري وعنه الصّباح المزني كما في (الصورة 2).
16- الفضيل بن يسار توفي قبل سنة 148هـ روى الحديث عن عبد الله بن محمّد، وعنه أبو إسحاق بن يزيد كما في (الصورة 20).
17- سليمان بن مهران الأعمش الثقة الحافظ الورع مات سنة 7 ـ 148هـ روى الحديث عن عبد الله بن عبيد الله بن عتبة، وعنه أبو عوانة الوضاح اليشكري كما في (الصورة 11).
18- شبل بن عباد توفي سنة 148هـ روى الحديث عن سليمان الأحول، وعنه زيد بن أبي الزرقاء كما في (الصورة 9).
19- الليث بن أبي سليم المتوفى سنة 148هـ أو 143هـ روى الحديث عن طاوس، وعنه شيبان وأبو حمزة وهلال بن مقلاص كما في (الصورة 13 و 14 و 15).
20- إبراهيم بن يزيد مولى عمر بن عبد العزيز توفي سنة 151هـ روى الحديث عن أبي الزبير المكي وعنه الواقدي كما في (الصورة 5).
21- معمر بن راشد الصنعاني توفي سنة 3 ـ 154هـ روى الحديث عن الزهري، وعنه عبد الرزاق والواقدي كما في (الصورة 6 و 12).
22- أسامة بن زيد الليثي توفي سنة 153هـ روى الحديث عن الزهري، وعنه الواقدي كما في (الصورة 12).
23- الحكم بن أبان العدني المتوفى سنة 154هـ روى الحديث عن عكرمة، وعنه الحسين بن عيسى كما في (الصورة 19).
24- قرة بن خالد السدوسي توفي سنة 154هـ روى الحديث عن أبي الزبير المكي، وعنه محمّد بن عبد الله الأنصاري وعثمان بن عمر كما في (الصورة 5).
25- مالك بن مغول توفي سنة 159هـ روى الحديث عن طلحة بن مصرف، وعنه وكيع وحجاج بن نصير ومحمّد بن سابق كما في (الصورة 10).
26- يونس بن يزيد بن مشكان مـولى مـعاوية بن أبي سفيان توفـي سنة 159هـ بمصر، روى الحديث عن الزهري، وعنه جرير بن حازم كما في (الصورة 12).
27- هشام بن سعد يقال له يتيم زيد بن أسلم صحبه وأكثر عنه توفي سنة 160 أو قبلها، روى الحديث عن زيد بن أسلم، وعنه الواقدي كما في (الصورة 3).
28- شيبان بن عبد الرحمن النحوي المؤدب توفي سنة 164هـ روى الحديث عن الليث، وعنه الحسن بن موسى كما في (الصورة 14).
29- إبراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة توفي سنة 165هـ روى الحديث عن داود بن الحصين، وعنه الواقدي كما في (الصورة 17).
30- جرير بن حازم بن زيد الأزدي توفي سنة 170هـ، أو قبل سنة 175هـ روى الحديث عن يونس بن يزيد، وعنه ابنه وهب كما في (الصورة 12).
31- ابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة الفقيه توفي سنة 3 ـ 174هـ روى الحديث عن أبي الزبير، وعنه موسى بن داود كما في (الصورة 5).
32- الوضاح بن عبد الله اليشكري الحافظ أبو عوانة توفي سنة 176هـ روى الحديث عن الأعمش، وعنه ختنه يحيى بن حماد الفراء كما في (الصورة 11).
33- زيد بن أبي الزرقاء يزيد الثعلبي الموصلي توفي سنة 194هـ روى الحديث عن شبل بن عباد، وعنه ابنه هارون كما في (الصورة 9).
34- هشام بن يوسف الصنعاني المتوفى سنة 197هـ، روى الحديث عن معمر، وعنه إبراهيم بن موسى كما في (الصورة 12).
35- وكيع بن الجراح الرواسي توفي سنة 192هـ أو سنة 197هـ روى الحديث عن مالك بن مغول، وعنه إسحاق بن إبراهيم أبو كريب، وصالح بن سمال، وأحمد بن حنبل كما في (الصورة 10).
36- عبد الله بن وهب المتوفى سنة 197هـ روى الحديث عن يونس بن شهاب، وعنه يحيى بن سليمان كما في (الصورة 12).
37- سفيان بن عيينة توفي سنة 198هـ روى الحديث عن سليمان الأحول، وعنه ثلاثة عشـر راوياً مرّ ذكرهم كما في (الصورة 9).
38- عمرو بن الفضل العبدي السلمي من صغار التابعين روى الحديث عن نعيم بن يزيد، وعنه حفص بن عمر الحوضي كما في (الصورة 1).
39- محمّد بن عبدالله الأنصاري قال ابن حجر من الطبقة الثامنة ـ أي مات بعد المائة ـ جاوز سنّه المائة روى الحديث عن قرة بن خالد وعنه ابن سعد كما في (الصورة5).
40- ثابت بن هرمز ـ أبو المقدام ـ من صغار التابعين روى الحديث عن سعيد بن جبير، وعنه ابنه عمرو بن ثابت كما في (الصورة 7).
41- عمرو بن ثابت المتوفى سنة 172هـ روى الحديث عن أبيه، وعنه عبد الرحمن بن أبي هاشم كما في (الصورة 7).
42- عبد الله بن عبد الله الهاشمي الرازي قاضي الري قال ابن حجر في التقريب من الرابعة، روى الحديث عن سعيد بن جبير، وعنه الأعمش كما في(الصورة 11).
43- أبو إسحاق بن يزيد روى الحديث عن الفضيل بن يسار المتوفى قبل سنة 148 وعنه محمّد بن عليّ كما في (الصورة 20).
44- قيس بن الربيع المتوفى سنة بضع وستين ومائة روى الحديث عن الأعمش، وعنه عاصم بن عليّ كما في (الصورة 8).
إلى غير هؤلاء.
القرن الثالث:
1- يحيى بن آدم القرشي توفي سنة 203هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه أبو كريب كما في (الصورة 9).
2- بكر بن عيسى الراسبي المتوفى سنة 204هـ روى الحديث عن عمر بن الفضل، وعنه أحمد في مسنده كما في (الصورة 1).
3- وهب بن جرير توفي سنة 206هـ روى الحديث عن أبيه عن جرير بن حازم، وعنه أحمد بن حنبل كما في (الصورة 12).
4- يحيى بن حماد الفراء المتوفى سنة 207هـ روى الحديث عن أبي عوانة وهو ختنه، وعنه ابن سعد كما في (الصورة 8 و 11).
5- محمّد بن عمرو الواقدي المتوفى سنة 207هـ روى الحديث عن أسامة بن زيد، وإبراهيم بن يزيد، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، ومعمر بن راشد، وهشام بن سعد، وعنه روى ذلك كاتبه محمّد بن سعد في الطبقات الكبير كما مرّ في (الصور 3 و 5 و 12 و 17).
وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام، أنّ كتاب المغازي ـ المطبوع في أوربا طبع جامعة أكسفورد، وكذلك طبعة مصر سنة 1367 هـ ـ خلو من هذا الحديث مع ذكره بعث أسامة ومرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!!؟.
6- عثمان بن عمر المتوفى سنة 209هـ روى الحديث عن قرة بن خالد، وعنه عبد بن حميد كما في (الصورة 5).
7- عبد الرزاق بن همَام الصنعاني المتوفى سنة 211هـ روى الحديث عن معمر، وعنه الحسن بن الربيع كما في (الصورة 6) وعن سفيان بن عيينة وأخرجه في مصنفه كما في (الصورة 9) وروى الحديث أيضاً عن معمر، وعنه عبد الله بن محمّد وعليّ بن عبد الله كما في (الصورة 12).
8- عليّ بن الحسن بن شقيق العبدي المتوفى سنة 215هـ روى الحديث عن أبي حمزة السكري، وعنه محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة كما في (الصورة 15).
9- قبيصة بن عقبة السوائي توفي سنة 215هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه البخاري في الصحيح كما في (الصورة 9).
10- يحيى بن حماد الشيباني المتوفى سنة 215هـ روى الحديث عن أبي عوانة، وعنه ابن سعد كما في (الصورة 11).
11- الحجاج بن نصير توفي سنة 214هـ روى الحديث عن مالك بن مغول، وعنه ابن سعد في الطبقات كما في (الصورة 10).
12- موسى بن داود الضبي المتوفى 14 ـ 217هـ روى الحديث عن ابن لهيعة، وعنه أحمد في مسنده كما في (الصورة 5).
13- أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفى سنة 219هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وأخرج الحديث في مسنده كما في (الصورة 9).
14- الحسن بن بشر البجلي توفي سنة 221هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه أبو إسحاق وإبراهيم بن يزيد كما في (الصورة 9).
15- الحسن بن الربيع البوراني مولى خالد القسري المتوفى سنة 221هـ روى الحديث عن الحافظ عبد الرزاق، وعنه الجوهري في السقيفة كما في (الصورة 6).
16- عاصم بن عليّ الواسطي المتوفى سنة 221هـ روى الحديث عن قيس بن الربيع، وعنه عمر بن حفص السدوسي كما في (الصورة 8).
17- محمّد بن سلام المتوفى سنة 225هـ من شيوخ البخاري روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة 9).
18- حفص بن عمر الحوضي المتوفى سنة 225هـ روى الحديث عن عمرو بن الفضل وعنه ابن سعد في طبقاته كما في (الصورة 1).
19- سعيد بن منصور صاحب السنن المتوفى سنة 227هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة 9).
20- عبد الله بن محمّد الجحفي المتوفى سنة 229هـ روى الحديث عن عبد الرزاق، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة 12).
21- محمّد بن سعد كاتب الواقدي المتوفى سنة 230هـ روى الحديث عن ابن عيينة والواقدي ويحيى بن حماد ومحمّد بن عبد الله الأنصاري وحجاج بن نصير وحفص بن عمر الحوضي وأخرج أحاديثهم في طبقاته كما في (الصور1 و 3 و 5 و 8 و 9 و 10 و 11).
22- عمرو بن محمّد الناقد المتوفى سنة 232هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة 9).
23- عليّ بن عبد الله المديني المتوفى سنة 234هـ روى الحديث عن عبد الرزاق، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة 12).
24- أبو بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة 235هـ روى الحديث عن ابن عيينة وأخرجه في مصنفه، ورواه عنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة 9).
25- يحيى بن سليمان الجعفي المتوفى سنة 237هـ روى الحديث عن ابن وهب، وعنه البخاري كما في (الصورة 12).
26- إسحاق بن إبراهيم بن راهويه المتوفى سنة 238هـ من شيوخ البخاري ومسلم، روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة 10).
27- عثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة 239هـ روى الحديث عن يحيى بن زكريا النخعي، وعنه الحسين بن اسحاق التستري كما في (الصورة 16).
28- قتيبة بن سعيد توفي سنة 240هـ من شيوخ البخاري ومسلم، روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه البخاري ومسلم في صحيحيهما كما في (الصورة 9).
29- أحمد بن حنبل توفي سنة 241هـ روى الحديث عن وهب والحسن وبكر بن عيسى الراسبي وعبد الرزاق ووكيع وابن عيينة، وعنه ابنه عبد الله وأخرج أحاديثهم في مسنده كما في (الصور 1 و 9 و 10 و 12 و 14).
30- قتيبة بن سعيد توفي سنة 240هـ من شيوخ البخاري ومسلم، روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه البخاري ومسلم في صحيحهما كما في (الصورة9).
31- محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المتوفى سنة 241هـ روى الحديث عن عليّ بن الحسن بن شقيق، وعنه محمّد بن يحيى بن مالك الضبي الاصبهاني كما في (الصورة 15).
32- محمّد بن رافع توفي سنة 245هـ روى الحديث عن عبد الرزاق، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة 12).
33- محمّد بن العلاء أبو كريب الهمداني توفي سنة 248هـ روى الحديث عن وكيع ويحيى بن آدم، وعنه الطبري في تاريخه وغيره كما في (الصورة 9 و10).
34- عبد بن حميد توفي سنة 249هـ روى الحديث عن عبد الرزاق وعثمان بن عمر، وعنه مسلم في صحيحه وإبراهيم بن خزيم كما في (الصورتين 5 و12).
35- محمّد بن منصور توفي سنة 4 ـ 256هـ روى الحديث عن سفيان الثوري، وعنه النسائي كما في (الصورة 24).
36- محمّد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح توفي سنة 256هـ روى الحديث عن عبد الله بن محمّد وعليّ بن عبد الله ويحيى بن سليمان وقتيبة وإبراهيم بن موسى وقبيصة ومحمّد بن سلام، وأخرج أحاديثهم في سبعة مواضع من صحيحه كما في (الصور 9 و 12).
37- الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني المتوفى سنة 259هـ أو سنة 260هـ أخرج حديثه البيهقي في سننه عن أحمد بن محمّد بن زياد البصري كما في (الصورة 9).
38- هارون بن زيد بن أبي الزرقاء المتوفى بعد سنة 250هـ روى الحديث عن أبيه، وعنه عبدان كما في (الصورة 9).
39- مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح توفي سنة 261هـ روى الحديث عن عبد بن حميد ومحمّد بن رافع وقتيبة وعمرو الناقد وسعيد بن منصور، وأخرج أحاديثهم في صحيحه كما في (الصور 9 و12).
40- أحمد بن حماد الدولابي توفي سنة 269هـ روى الحديث عن ابن عيينة، وعنه الطبري في تاريخه كما في (الصورة 9).
41- أبو داود سليمان بن الأشعث صاحب السنن توفي سنة 275هـ روى الحديث عن سعيد بن منصور كما في (الصورة 9).
42- حمّاد بن شاكر النسوي المتوفى حدود سنة 290هـ من رواة صحيح البخاري(87).
43- إبراهيم بن معقل النسفي المتوفى سنة 294هـ من رواة صحيح البخاري فاته من الجامع أوراق رواها بالإجازة عن البخاري(88).
44- عبدان بن محمّد المروزي سمع منه الطبراني بمكة سنة(89) 287هـ روى الحديث عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، وعنه الطبراني في معجمه الكبير كما في (الصورة 9).
إلى غير هؤلاء، وكان حسبنا أن نكتفي بذكر البخاري الّذي أخرج الحديث في صحيحه في سبعة مواضع وقد سمعه منه تسعون ألفاً، فيما ذكره الفربري وأنّه لم يبق من يرويه غيره(90) غير أنا ذكرنا غيره ممّن روى ذلك سواء من شرّاح صحيحه ومن غيرهم لنخرج الحديث من حيّز الآحاد إلى حظيرة التواتر. وسأقتصـر في رواة القرون التالية بمايغني ويقني، والله الهادي إلى سواء السبيل.
القرن الرابع:
1- أحمد بن شعيب الحافظ النسائي المتوفى سنة 303هـ روى الحديث عن محمّد بن منصور، وعنه محمّد بن معاوية كما في (الصورة 24).
2- محمّد بن جريرالطبري (ت310هـ) روى الحديث عن صالح بن سمال وأبي كريب وأحمد بن حمّاد الدولابي، وأخرج أحاديثهم في تاريخه كما في (الصورة 9 و10).
3- أحمد بن محمّد بن هارون بن يزيد أبو بكر الخلال المتوفى سنة 311هـ في كتاب السنّة(91) ولفظه كما في (الصورة 10).
4- محمّد بن يوسف الفربري المتوفى سنة 320هـ من رواة صحيح البخاري، وتفضل روايته على غيره بالضبط لسماعه الصحيح من مؤلّفه مرتين، مرة بفربر سنة 248هـ، ومرة ببخارى سنة 252هـ. وسيأتي ما يشير إلى ذلك.
5- أبو طلحة منصور بن محمّد بن عليّ بن قرينة البزدوي المتوفى سنة 329هـ وهو آخر من حدّث عن البخاري بصحيحه كما جزم به ابن ماكولا وغيره(92).
6- أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد البصري شيخ الحرم المعروف بابن الأعرابي المتوفى سنة 340هـ روى الحديث عن الحسن بن محمّد الزعفراني، وعنه عبد الله بن يوسف الاصبهاني(93).
7- سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360هـ أخرج الحديث بأسانيده في معجمه الأوسط كما في كنز العمال(94) ومرت بعض الصور عنه وما فيها من تلاعب وسيأتي مزيد في ذلك.
8- عبد بن أحمد بن حمويه السرخسي المتوفى سنة 381هـ راوي صحيح البخاري، وكان مسند خراسان.
9- عبيد الله بن محمّد بن محمّد بن حمدان بن بطة العكبري الحنبلي المتوفى سنة 387هـ، أخرج الحديث عنه ابن شهر آشوب في المناقب.
10- محمّد بن مكي بن ذراع الكشميهني المروزي أبو الهيثم المتوفى سنة 389هـ يوم عرفة راوية الصحيح عن البخاري.
11- أبو حاتم محمّد بن حِبّان بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة 354هـ روى الحديث في كتاب الثقات(95).
إلى غير هؤلاء.
القرن الخامس:
1- أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي مسند خراسان مات سنة 409هـ روى الحديث عن أحمد بن محمّد بن زياد البصري بمكة، وعنه البيهقي في السنن الكبرى.
2- الحافظ أبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة 430هـ أخرج الحديث في كتاب الحلية عن شيخه الطبراني بسنده عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الّذي توفي فيه: (ايتوني بكتف ودواة لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا) ثمّ قال: صحيح ثابت من حديث سعيد عن ابن عباس، غريب من حديث طلحة رواه ادريس الأودي عن طلحة نحوه»(96).
3- أبو ذر الهروي المتوفى سنة 434هـ روى الحديث عن محمّد بن حمويه السرخسي، وعنه أبو الوليد الباجي(97).
4- أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي الشافعي المتوفى سنة 458 هـ أخرج الحديث في كتابه السنن(98) وقد مرّ ذكره في الصورة التاسعة.
5- أبو حفص الاشبيلي الهوزني 460هـ روى الحديث في شرحه.
6- أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف المتوفى سنة 474هـ روى الحديث عن أبي ذر الهروي وعنه أبو عليّ بن سكرة كما في الشفاء للقاضي عياض(99) وهو صاحب التجريح لرجال الصحيح.
7- أبو الاصبع الكواكبي المتوفى سنة 486هـ روى الحديث في شرحه على الصحيح.
إلى غير هؤلاء.
القرن السادس:
1- أبو عليّ بن سكرة الصدفي الأندلسي المتوفى سنة 514هـ روى الحديث عن أبي الوليد الباجي وعنه القاضي عَياض كما في الشفاء.
2- القاضي عَياض المالكي المتوفى سنة 544هـ أخرج الحديث في كتابه الشفاء(100) بروايته عن أبي عليّ بن سكرة.
3- أبو عبد الله محمّد بن حسين بن أحمد بن محمّد الأنصاري المرّي ـ نسبة إلى المرّية ـ المتوفى سنة 582هـ أخرجه في كتابه (الجمع بين الصحيحين).
4- أبو محمّد عبد الحقّ الاشبيلي المتوفى سنة 582هـ صاحب كتاب (الأحكام الشرعية الكبرى) أخرجه في كتابه (الجمع بين الصحيحين).
إلى غير هؤلاء
القرن السابع:
1- الحافظ أبو العباس الاشبيلي المعروف بابن الرومية المتوفى سنة 637هـ روى الحديث في كتابه المعلم بما رواه البخاري على شرط مسلم.
2- ابن أبي حجة الأندلسي المالكي سنة 642هـ روى الحديث في كتابه الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم.
3- الحافظ شرف الدين أبو الحسن عليّ بن تقي الدين اليونيني الحنبلي المتوفى سنة 658هـ فقد روى الحديث ضمن روايته لصحيح البخاري الّتي ضبطها وقابل أصله على أصل مسموع على أبي ذر الهروي وعلى الاصيلي وابن عساكر وأبي الوقت وتعدّ نسخته من أضبط النسخ(101).
4- القاضي ناصر الدين أحمد بن محمّد المالكي المعروف بابن المنير الاسكندراني المتوفى سنة 683هـ روى الحديث في كتابه مناسبات تراجم البخاري.
إلى غير هؤلاء.
القرن الثامن:
1- ابن تيمية الحراني المتوفى سنة 728هـ ذكر الحديث في منهاج السنّة(102)، وسيأتي كلامه في ذلك مع علماء التبرير.
2- شهاب الدين النويري المتوفى سنة 733هـ ذكر الحديث في نهاية الارب كما في الصورة الخامسة.
3- جمال الدين عبد الله بن يوسف الحنفي الزيلعي المتوفى سنة 762هـ أخرج الحديث في كتابه وقال: أخرجه البخاري في الجزية، ومسلم في آخر الوصايا كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «لمّا اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه، قال: (إئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي فتنازعوا) وقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه، فقال: دعوني أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، قال: وسكت عن الثالثة»(103)، انتهى.
4- القريمي المعروف بقاضي قرم المتوفى سنة 783هـ في شرحه لصحيح البخاري.
5- محمّد بن يوسف بن عليّ الكرماني المتوفى سنة 786هـ له الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري وهو مطبوع.
6- إبراهيم بن موسى بن محمّد اللخمي الشاطبي الغرناطي المالكي المتوفى سنة 790هـ أخرج الحديث في كتابه(104).
7- الحافظ علاء الدين مغلطاي الحنفي المتوفى سنة 792هـ في شرحه التلويح.
إلى غير هؤلاء.
القرن التاسع:
1- سراج الدين عمر بن عليّ المعروف بابن الملقـّن الشافعي المتوفى سنة 804هـ في شرحه لصحيح البخاري.
2- المجد الفيروز آبادي المتوفى سنة 817هـ صاحب القاموس في اللغة وله كتاب سفر السعادة وهو كتاب قيّم في خاتمته وله مصنفات عديدة منها (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) كما في التاج المكلل لصدّيق حسن خان(105).
3- شمس الدين البرماوي الشافعي المتوفى سنة 831هـ في شرحه اللامع الصبيح.
4- محمود بن أحمد الحنفي العيني المتوفى سنة 855هـ له عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري وهو كتاب مطبوع متداول.
5- شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر الشافعي العسقلاني في فتح الباري المتوفى سنة 852هـ وهو من خيرة شروح صحيح البخاري في نظري.
6- شهاب الدين أحمد بن أحمد الشرجي اليمني الحنفي سنة 893هـ في كتابه التجريد الصـريح لأحاديث الجامع الصحيح البخاري.
إلى غير هؤلاء.
القرن العاشر:
1- جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ في الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج(106).
2- شهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلاني المتوفى سنة 923هـ في ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري(107).
إلى غير هؤلاء.
لماذا الإطالة مع الإسناد ؟
لم تكن إطالة البحث عن الإسناد مجرّد صيغة أدبية، وترف ولهو يرتاح إليها الباحث في ثبوت الحدَث، بل هي كصمّام أمان يقي الباحث من إصر المسؤولية عن الأمانة الّتي يحملها، فهو حين يذكر الإسناد برواته ومصادره يلقي ـ معذوراً ـ بثقل المسؤولية على الرواة. وهو بقدر ما يبذله من تحقيق في التماس حقيقة الواقع يدفع عنه ذلك الإصر.
لذلك كلّما قرب العهد بالحَدَث كان العناء أقل، وكانت التبعة أخفّ لقصـر الإسناد أوّلاً، وعدم أو قلة تدخّل الشيَع والأهواء في رجاله ثانياً. وتعدد الإسناد كما يكون مدعاة لقوّة الإعتماد حيناً ما كذلك يكون أيضاً مدعاة لزيادة العناء أحياناً كثيرة، لكنه يبقى تعدد الإسناد في الروايات، وتنوع مصادرها مادة غنيّة للباحث يستجلي من خلاله واقع الحَدَث باطمئنان، بشرط أن يكون موضوعياً ودقيقاً في الملاحظة، خصوصاً في مذاهب الرواة وميولهم، ليميز الغثّ من السمين، والتافه من الثمين، وإن استوجب ذلك منه الأناة، بل البطء في المسيرة. حتى يتوصل إلى النتائج المرجوّة القريبة من تصوير واقع الحَدَث إن لم تكن هي الواقع بعينه، وعلى ضوء تلك النتائج سيعلم فلسفة كثير من الأحداث التاريخية الّتي توالت بعد ذلك الحَدَث.
والآن هلمّ بنا لننظر إلى حديث الرزية كلّ الرزية، هل يستحق منّا أن نقف عنده هكذا طويلاً، ونقرأه ملياً، ونستجلي فيه ما تضمّه الكلمات، دون اسراف في التفسير، أو تحميل اللفظ ما لا يعنيه في التعبير؟ أو نمرّ عليه كحَدَث عابر، حدث في الغابر، ورواه لنا الرواة، وفيه اسراف وفيه مغالاة؟
لا أظن إنساناً واعياً لديه مسكة من دين، وأثارة من علم يرضى بأن تمرّ روايات هذا الحديث كما تمر روايات العابثين، في أقاصيص الأغاني وحكايات ألف ليلة وليلة، وحتى تلكم فقد أوليت من العناية قدر ما تستحق.
* هوامش البحث *
(*) سبق وأن نُشر هذا البحث في كتاب موسوعة ابن عباس للمؤلّف. المنشور من قبل مركز الأبحاث العقائدية.
(1) نلفت نظر القارئ إلى أن في الفقرات الثلاث اختلاف في النقل، كما سيجده واضحاً فيما يأتي من ذكر صور الحديث فليلاحظ.
(2) طبقات ابن سعد 2 ق 2/36.
(3) مسند أحمد 1/90.
(4) الأدب المفرد /9.
(5) أخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 3/114.
(6) قال كاتب جلبي في كشف الظنون 2/1013 ط المعارف التركية سير الصحابة والزهاد والعلماء العبّاد، لأبي محمّد عبدالسلام بن محمّد الخوارزمي الأندرسقاني المتوفى سنة... أخذه من مائة مجلد، ووردت ترجمته في هدية العارفين 1/569. (أقول) وطريقنا إليه (غاية المرام في حجة الخصام عن طريق الخاص والعام) للسيد هاشم البحراني طبعة حجرية سنة 1272 هـ والحديث المشار إليه أعلاه في ص 598.
(7) طبقات ابن سعد 2 ق 2/37.
(8) كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد 2/173، و 3/114.
(9) السنن الكبرى 3/433 ط العلمية، ومجمع الزوائد 9/34.
(10) طبقات ابن سعد 2 ق 2/36.
(11) نهاية الإرب 18/375.
(12) سنن البيهقي 3/435 ط بيروت سنة 1411.
(13) طبقات ابن سعد 2 ق 2/37.
(14) مجمع الزوائد 4/214.
(15) نفس المصدر 9/33.
(16) مسند أحمد 1/324.
(17) الثقات 4/212 ط دار الكتب العلمية.
(18) أنساب الأشراف 2/236.
(19) شرح النهج لابن أبي الحديد 6/51 ط دار احياء الكتب العربية، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.
(20) أنظر غاية المرام /598 ط حجرية سنة 1272.
(21) طبقات ابن سعد 2 ق 2/36.
(22) المعجم الكبير 11/352 ط الثانية بالموصل.
(23) كما في صحيح مسلم بشرح النووي وط صبيح، دون ط بولاق فليلاحظ بدقة.
(24) تاريخ الطبري 3/193 ط الحسينية بمصر.
(25) المصنف 6/57 و 10/361 ط المكتب الإسلامي.
(26) عنوان الباب لايدل عليه حديث الباب الّذي لم يذكر البخاري فيه غيره، وقد أربك شراح صحيحه في توجيه ذلك وأكثرهم جهداً ابن حجر في فتح الباري 6/510 ط الحلبي، فراجع.
(27) صحيح البخاري 4/69 ط بولاق.
(28) نفس المصدر 4/99.
(29) نفس المصدر 6/9.
(30) فتح الباري 1/17- 18.
(31) نفس المصدر 1/91.
(32) صحيح مسلم 5/75 ط صبيح بمصر.
(33) مسند الحميدي 1/241 ط بيروت.
(34) صحيح مسلم 5/75 ط محمّد عليّ صبيح وط شرح النووي أيضاً (وهي ممّا سقط من ط بولاق).
(35) أُنظر غاية المرام /598 ط حجرية.
(36) سنن أبي داود 3/128 ط الهند.
(37) طبقات ابن سعد 2 ق 2/36 ط ليدن عن سفيان بلا واسطة.
(38) دلائل النبوة 7/181.
(39) مسند أحمد 1/222.
(40) صحيح مسلم 5/75.
(41) السنن الكبرى 9/207.
(42) تاريخ الطبري 3/193.
(43) المعجم الكبير 12/56 ط الثانية.
(44) طبقات ابن سعد 2 ق 2/37 ط ليدن.
(45) مسند أحمد 1/355.
(46) تاريخ الطبري 3/193 ط الحسينية.
(47) صحيح مسلم 5/75.
(48) كتاب السنّة 1/271 ط دار الراية الرياض سنة 1410 هـ.
(49) كذا في المطبوع من الحلية 5/25، ولكن ورد في المعجم الصغير للطبراني 1/33: (البربهار) ولعله الصواب.
(50) حلية الأولياْء 3/193.
(51) نهاية الأرب 18/374.
(52) أنساب الأشراف 2/236.
(53) طبقات ابن سعد 2 ق 2/36.
(54) مسند أحمد 1/324 ط مصر الاُولى.
(55) صحيح البخاري 1/34.
(56) طبقات ابن سعد 2 ق 2/37.
(57) المصنف 5/438.
(58) مسند أحمد 1/336.
(59) صحيح ابن حبّان 14/562.
(60) اُنظر صحيح البخاري 6/9.
(61) نفس المصدر 7/120، وكذا في 9/111.
(62) البداية والنهاية 5/227.
(63) صحيح مسلم 5/76 ط صبيح.
(64) شرح النهج لابن أبي الحديد 6/51 ط محققة.
(65) مسند أحمد 1/293.
(66) المعجم الكبير 11/30.
(67) مجمع الزوائد 4/215.
(68) المعجم الكبير 11/30.
(69) طبقات ابن سعد 2 ق 2/38.
(70) أنظر غاية المرام /597 ط حجرية سنة 1272.
(71) نفس المصدر /598.
(72) نفس المصدر /598.
(73) نفس المصدر /598.
(74) فصل المقال في شرح كتاب الأمثال /28 ط بيروت دار الأمانة.
(75) المنتقى من أخبار المصطفى /304 ط الهند سنة 1296 هـ.
(76) نيل الأوطار 8/64.
(77) الإحكام في اُصول الأحكام 7/122 تحـ أحمد محمّد شاكر.
(78) صحيح البخاري 1/39 ط بولاق.
(79) الكاشف 3/9 ـ 100.
(80) إمتاع الأسماع /545 تحـ محمود محمّد شاكر.
(81) مجمع الزوائد 1/173، وستأتي مصادر أخرى.
(82) المتهوّكون: المتحيّرون، والتهوّك أيضاً مثل التهوّر، وهو الوقوع في الشيء بقلّة مبالاة، قاله الجوهري.
(83) كذا في مجمع الزوائد للهيثمي 1/173 و 181، وراجع أيضاً جمع الفوائد 1/30، والمصنّف لابن أبي شيبة 10/313 و 11/115، والمعجم الكبير للطبراني برقم 1063ـ 1065، والأسماء المبهمة للخطيب البغدادي 188ـ 189. فستجد عدة محاولات بُذلت لتضييع اسم عمر من صحيفته الّتي أتى بها، على نحو ما بذل من تعتيم وتضبيب حول تضييع أسمه من منعه صحيفة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) .
(84) أنظر تاريخ الطبري 2/280 ط الاستقامة بمصر، وسيرة ابن هشام 3/331 ط الحلبي بمصر.
(85) النظم الإسلامية نشأتها وتطورها /78 ـ 79 تأليف الدكتور صبحي الصالح اُستاذ الإسلاميات وفقه اللغة في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية ط دار العلم للملايين بيروت، الطبعة الأولى سنة 1385هـ سنة1965م.
(86) مسند أحمد 1/90.
(87) أنظر فتح الباري 1/5.
(88) نفس المصدر.
(89) المعجم الصغير للطبراني 1/234.
(90) لقد ناقش ابن حجر العسقلاني في ذلك فقال: وأطلق ذلك بناء على ما في علمه، وقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمّد بن عليّ بن قريبة البزدوي، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ذكر ذلك من كونه روى الجامع الصحيح عن البخاري أبو نصر بن ماكولا وغيره.
(91) كتاب السنّة 1/271 طبع أخيراً طبعته دار الراية الرياض سنة 1410 هـ.
(92) فتح الباري 1/5.
(93) سنن البيهقي 9/207.
(94) كنز العمال 3/ 138، والمعجم الكبير 11/30 و 352 و 12/56.
(95) كتاب الثقات 4/212 ط دار الكتب العلمية بيروت.
(96) حلية الأولياء 5/25.
(97) شرح الشفاء (نسيم الرياض) 4/276.
(98) السنن الكبرى 9/207.
(99) الشفاء 2/185 ط اسلامبول سنة 1304 هـ.
(100) نفس المصدر 2/185- 186.
(101) اُنظر نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني للأبياري /207 ط دار الكتب العلمية.
(102) منهاج السنّة 6/315 ـ 316 تحـ محمّد رشاد سالم ط مؤسسة قرطبة سنة 1406.
(103) نصب الراية لأحاديث الهداية 3/455 ط المجلس العلمي سنة 1357.
(104) الاعتصام 3/12.
(105) التاج المكلل /467.
(106) طبع أخيراً في دار ابن عفان، الخُبَر، السعودية سنة 1416هـ.
(107) وهو كتاب مطبوع متداول.