الباحث : الشيخ محمد تقي السبحاني ، الشيخ محمد جعفر رضائي
اسم المجلة : العقيدة
العدد : 33
السنة : شتاء 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : January / 26 / 2025
عدد زيارات البحث : 41
الملخّص
لقد تأسّست مدرسة أصفهان مع ظهور الصفوية ودعم الملوك الصفويين للتشيّع، ودعوتهم علماء الشيعة إلى الإقامة في أصفهان. إنّ الفضاء الفكري الملائم الذي أوجده الصفويون في هذه المدينة، صار سببًا في وجود واستقرار وترسيخ أقدام جميع التيارات الكلامية في هذه المدينة. وسوف نعمل في هذا المقال على التعريف بالمدرسة الكلامية في أصفهان، من خلال البحث والتعريف بثلاثة تياراتٍ كلامية، هي ما يأتي:
1 ـ تيار الكلام الروائي، وله منشآن فكريان؛ فهو من جهةٍ متأثّرٌ بالتيار الروائي لجبل عامل، ومن جهةٍ أخرى متأثّرٌ بالتيار الأخباري.
2 ـ تيار الكلام العقلي الفلسفي، الذي هو في الحقيقة امتدادٌ للمدرسة الفلسفية في شيراز.
3 ـ تيار الكلام العقلي غير الفلسفي، الذي هو امتدادٌ للتيار الكلامي للإمامية في الحلة. وإنّ هذا التيار ـ خلافًا للتيار الثاني الذي أدخل تعاليم الفلاسفة إلى حقل الكلام ـ قد اكتفى بمجرد الاستعانة بالأدبيات الفلسفية فقط، وعمد في بيان المفاهيم الاعتقادية إلى نقد آراء الفلاسفة.
الكلمات المفتاحية: المدرسة الكلامية – أصفهان - الكلام الروائي- الكلام العقلي الفلسفي - الكلام العقلي غير الفلسفي.
تمهيد
لقد شهد الكلام عند الإمامية كثيرًا من التحوّلات، وأنشأ بعض التيارات في صلبه. وعلى نحو الإجمال يمكن الإشارة إلى تيارين، وهما: الكلام النصّي، والكلام العقلي عند الإمامية. يمكن مشاهدة التقابل بين هذين التيارين في مدرسة قم وبغداد[1]. لقد كانت مدرسة قم منذ القدم معقلًا لإنتاج المعارف الروائية للإمامية ونشرها، وقد بلغ هذا الأمر المهم في القرن الثالث والرابع ذروته مع ظهور شخصيات، من أمثال: أحمد بن محمد بن عيسى، وإبراهيم بن هاشم، وسعد بن عبد الله الأشعري، ومحمد بن الوليد، ومحمد بن يعقوب الكليني، والشيخ الصدوق.
كما حظيت بغداد ـ بوصفها عاصمة العالم الإسلامي ـ منذ بداية تأسيسها باهتمامٍ من قبل علماء الشيعة، وبعد هجرة كثيرٍ من الشيعة إلى هذه المدينة، تحوّلت بالتدريج إلى واحدةٍ من المعاقل الرسمية للإمامية. بيد أنّ ازدهار العلوم الشيعية ـ ولا سيّما في حقل علم الكلام ـ في هذه البقعة، كان مدينًا إلى حدٍّ كبيرٍ لظهور الدولة البويهيّة في إيران واتساع رقعتها ووصولها إلى بغداد. ففي هذه المرحلة التاريخية ـ التي تعود بنحوٍ رئيسٍ إلى أواخر القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس للهجرة ـ تحوّل علم الكلام لدى الشيعة على يد شخصياتٍ شهيرة، من أمثال الشيخ المفيد (ت: 413 هـ)، والسيد المرتضى (ت: 436 هـ)، وتلاميذهما، ولا سيّما منهم الشيخ الطوسي (ت: 460 هـ) ـ إلى منظومةٍ معرفيةٍ جامعةٍ ومعاصرة، لم تكن مسبوقةً قبل ذلك.
وعلى الرغم من أن تيار الكلام العقلي قد اكتسب قدرةً أكبر، وأصبح هو الممثّل للأمامية في علم الكلام على المستوى الرسمي والعملي طوال القرون اللاحقة، بيد أنّ التيار الروائي واصل مساره بين الإمامية ـ وإنْ على نطاقٍ محدود ـ أيضًا. ومن ذلك على سبيل المثال، يمكن الادعاء بأنّ هذين التيارين الكلاميين قد واصلا مسارهما في مدرسة الريّ أيضًا[2]. وفي مدرسة الريّ تعدّ بعض الشخصيات ـ من أمثال: قطب الدين الراوندي (ت: 573 هـ)، وابن شهر آشوب (ت: 588 هـ) ـ من بين المنتسبين إلى تيار الكلام الروائي. ويمكن أنْ نشير إلى شخصياتٍ أخرى، من أمثال: سديد الدين الحمّصي (أوائل القرن السابع للهجرة)، والمقري النيسابوري (القرن السادس للهجرة)، والشيخ المفيد (ت: 510 هـ)، والطبرسي (ت: 548 هـ) صاحب تفسير (مجمع البيان)، وأبي الفتوح الرازي (أوائل القرن السادس للهجرة)، أيضًا[3].
وبعد الريّ واصل هذان التياران حضورهما في مدرسة الحلة أيضًا. وعلى الرغم من أنّ مدينة الحلّة كانت في بادئ الأمر مهدًا لحضور فقهاء الإمامية، فإنّها بعد مدّةٍ ولأسبابٍ مختلفةٍ أضحت موئلًا لكبار المتكلّمين من الإمامية الذين تمّت دعوتهم إلى الحضور في هذه المدينة ليعملوا على تعليم الكلام. يقول الشيخ سديد الدين الحمّصي الرازي إنّه عند العودة من مكة، مارس تدريس علم الكلام في الحلّة بطلبٍ من بعض علمائها، وأملى كتاب (المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد) أو (التعليق العراقي) على مجموعةٍ من طلّاب هذا العلم[4].
وبعد ذلك جاء إلى الحلّة بعض كبار المتكلّمين من أمثال: سديد الدين ابن وشاح الحِلِّي ـ وهو من أساتذة المحقّق الحِلِّي (ت: 676 هـ) في علم الكلام ـ والسيد ابن طاوس (م: 664 هـ)[5]، أو مفيد الدين محمد بن جهيم الأسدي (ت: 680 هـ)، ووالد العلامة الحِلِّي يوسف بن المطهّر الحِلِّي، وهما من المعاصرين للمحقّق الحِلِّي، وإنّ المحقّق الحِلِّي قد عرّف الخواجة نصير الدين الطوسي بهما في أوّل زيارةٍ له بعبارة: " أعلمهم بالأصولَين "[6].
إنّ التحوّل الأهم في علم الكلام العقلي لدى الإمامية في الحِلّة من خلال الاستفادة من أدبيات الفلسفة المشائية، قد اقترن بحضور شخصيّتين كبيرتين من الشيعة، وهما: الشيخ نصير الدين الطوسي وعلي بن ميثم البحراني. إنّ الشيخ الطوسي من خلال تأليفه لكتاب (تجريد الاعتقاد)، وابن ميثم البحراني من خلال تأليفه لكتاب (قواعد المرام)، قد عمدا في الحقيقة إلى تأسيس إطار الكلام للمتأخّرين من الكلامية. وبطبيعة الحال فإنّ العلّامة الحِلّي (ت: 726 هـ) هو الذي قام من خلال تتلمذه على يد هذين العلمين بشرح أفكارهما وبسطها، وعمل بوساطة قدرته وتأثيره الفقهي والسياسي على تسليط هذه المدرسة الفكرية على المحافل العلمية لدى الشيعة.
وكما سبق أنْ ذكرنا فإنّ التيار الروائي بدوره قد نشط في مدرسة الحِلّة إلى جوار هذا التيار. إنّ هؤلاء الأشخاص لم يكونوا يخالفون الاتجاه الكلامي العقلي فحسب، بل وكانوا في بعض الأحيان يجابهون مدعياته بقوّة. ويمكن القول بمعنى من المعاني إنّ كبار المحدّثين في الحِلّة والذين كان أغلبهم يعودون بجذورهم إلى مشايخ قم والري، يتمّ تصنيفهم ضمن هذه الطائفة الأخيرة. ومن بين هذه الطائفة يمكن لنا أنْ نذكر بشكلٍ خاصٍّ آل ابن طاوس ـ ولا سيّما منهم الشخصية البارزة وواسعة النفوذ والتأثر، ونعني به جمال الدين السيد علي بن طاوس ـ حيث قاموا بالهجوم على الأسلوب والمنهج الكلامي بشكلٍ أوضح من غيرهم. وقد تأثّر السيّد علي بن طاوس في هذا الاتّجاه أكثر من الآخرين بجدّه لأمّه ورّام بن أبي فراس (ت: 605 هـ)[7]. إن مخالفة السيد ابن طاوس واعتراضه على علم الكلام تتجلى بوضوح في كتابه (كشف المحجّة لثمرة المهجة)، الذي ألّفه على شكل نصائح أو وصيّة لنجليه. وفي المجموع يمكن أنْ نستنتج من كلماته أنّ الأساليب الكلامية وإنْ كانت جائزةً في حدّ ذاتها، ولكنّها أساليب طويلةٌ وزاخرةٌ بالمخاطر، ولا يمكن الخروج منها في المجموع بسلام[8]. وبالإضافة إلى السيد ابن طاوس يمكن أنْ نشير إلى الحسن بن سليمان الحلي (القرن السادس للهجرة) مؤلّف كتاب (مختصر البصائر). فإنّه في تأليف هذا الكتاب قد عمد في الحقيقة إلى إحياء كتاب (بصائر الدرجات) لسعد بن عبد الله الأشعري. وتتضح توجّهاته الروائية والحديثية وتقابلها مع توجّهات مذهب المتكلّمين في هذا الكتاب إلى حدٍّ ما[9].
وبعد الحلّة، استمرّ هذان الاتجاهان في مدرسة جبل عامل أيضًا. فإنّ الكلام العقلي للإمامية، انتقل بوساطة تلاميذ العلّامة الحِلّي ـ ولا سيّما منهم فخر المحققين (ت: 771 هـ)، وقطب الدين الرازي (ت: 766 هـ) ـ إلى شمس الدين محمد بن مكي المعروف (م: 786 هـ) بـ (الشهيد الأول)[10].
وربما أمكن القول إنّ أهم تلميذ للشهيد الأول في حقل الكلام، هو جمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري (ت: 826 هـ)، وهو المعروف بـ (الفاضل المقداد)[11]. وقد استمرّت أفكار الفاضل المقداد بعده من قبل أشخاص من أمثال: علي بن هلال الجزائري[12]، وبعده المحقّق الكركي[13]؛ رغم أنّه لا يوجد لأيّ واحدٍ منهما أثرٌ يذكر في علم الكلام.
وبالإضافة إلى التيار العقلي، كان هناك حضورٌ للتيار الروائي في مدرسة جبل عامل أيضًا. وكان الشهيد الثاني من أكبر شخصيات هذه المدرسة؛ فهو في بداية الأمر وإنْ كان يميل إلى الاتجاه الكلامي، ولكنّه التحق في نهاية المطاف بالتيار الروائي والحديثي[14]. وبعد الشهيد الثاني يمكن أنْ نشير إلى تلاميذه من أمثال: محمد بن الحسن العاملي، المعروف بـ (كمال الدين درويش) (بعد عام 939 هـ)، وحسين بن عبد الصمد ـ والد الشيخ البهائي ـ وذرية الشهيد الثاني نفسه، من أمثال: الشيخ حسن بن زين الدين ـ صاحب كتاب (معالم الدين وملاذ المجتهدين) ـ ونجله الشيخ محمد، وحفيده الشيخ علي صاحب كتاب (الدرّ المنثور والدرّ المنظوم). إنّ هؤلاء الأشخاص وإنْ كانوا يحملون توجّهاتٍ حديثيةً وروائية، إلا أنّهم لم يكونوا يكفّرون أو يفسّقون العلماء المتقدّمين ـ كما حدث لاحقًا في تيار الأخباريين الذي تبلور في هذه المرحلة على يد الملا محمد أمين الأسترآبادي ـ ولم يكونوا يواجهون أو يعارضون أصول الفقه بشكلٍ صارخ. وبعبارةٍ أخرى: إنّ هؤلاء الأشخاص لا يمكن عدّهم من الأخباريين[15].
هذا وقد كان للتيار الأخباري ـ بدوره ـ في هذه المرحلة تأثيرٌ كبيرٌ على وصول الكلام الروائي إلى ذروته. وبالإضافة إلى الملا محمد أمين الأسترآبادي يمكن الإشارة من بين الأخباريين في هذه المرحلة إلى كلٍّ من الشيخ يوسف البحراني، والسيد ماجد البحراني، والملا خليل القزويني، والشيخ الحرّ العاملي وآخرين أيضًا. وقد كان لهذين التيارين (التيار الروائي في جبل عامل والأخباريين) تأثيرٌ واضحٌ وملحوظٌ في تبلور الكلام الروائي في أصفهان.
وقبل تأسيس مدرسة أصفهان وتبلورها، لا بدّ من الإشارة إلى بداية الكلام الفلسفي لدى الإمامية أيضًا. خلافًا للفهم العام فإنّ كلام الإمامية ـ حتى القرن التاسع للهجرة ـ لم يتقبّل أفكار الفلاسفة. فلم يكن الشيخ نصير الدين الطوسي وتلاميذه في الحلة يستفيدون إلّا من بعض المفاهيم والأدبيات الفلسفية لإثبات أفكارهم الكلامية. وعلى هذا الأساس لا يكون استعمال مصطلح (الكلام الفلسفي) بالنسبة إلى مرحلة مدرسة الحِلّة وأتباع الشيخ نصير الدين الطوسي مناسبًا؛ إذ إنّ اختلاط الكلام والفلسفة في مدرسة الحلّة إنّما كان ناظرًا إلى المفاهيم والأدبيات الفلسفية فقط، دون الأفكار والعقائد الجوهرية والأساسية.
يمكن الإشارة إلى نقطتين مهمّتين في بداية الكلام الفلسفي في المرحلة السابقة على أصفهان؛ إحداهما تتمثّل في ابن أبي جمهور الأحسائي (في بداية القرن العاشر للهجرة). فقد بذل ابن أبي جمهور كلّ ما بوسعه من أجل التلفيق بين الفلسفة والكلام والتصوّف. وإنّ كتابه (مجلي مرآة المنجي) الذي يُسمى أيضًا بـ (جمع الجمع) أو (جامع الجامع في الكلام والحكمتين والتصوّف) أيضًا، يُعدّ نموذجًا بارزًا لهذا المنهج والأسلوب. وفي موارد الاختلاف بين الكلام والفلسفة، ينحاز ابن أبي جمهور في الغالب إلى الفلسفة[16].
وكانت نقطة البداية الأخرى في اتجاه الكلام الفلسفي، قد تمثّلت في مدرسة فارس. فقد كانت فارس [شيراز] هي المعقل الرئيس للفلسفة الإسلامية على مدى القرن الثامن والتاسع والعاشر للهجرة. فقد كان الاتّجاه الفلسفي في شيراز قد بدأ بالمتكلّمين الفلاسفة، من أمثال: عضد الدين الإيجي، والمير سيد شريف (من السُنة الأشاعرة)، لينتقل بعد ذلك إلى فلاسفة من أمثال جلال الدين الدوّاني (ذي الميول الشيعية)، وسلالة الدشتكي (من ذوي الميول الشيعية الكاملة). لا يذكر هنري كوربان من مدرسة شيراز غير آل الدشتكي فقط، في حين يذهب آخرون ـ بالنظر إلى أسلوب النشاط ونوع المؤلّفات والزمان والمكان المشترك ـ إلى القول بأنّ جلال الدين الدوّاني يمكن عدّه واحدًا من المنتسبين إلى مدرسة شيراز أيضًا[17]. ويقول الأستاذ الشهيد مرتضى المطهري إنّ آل الدشتكي كانوا واسطة في انتقال الفلسفة إلى مدرسة أصفهان[18].
إنّ الشخص الأهمّ في آل الدشتكي هو المير سيد صدر الدين الدشتكي (ت: 903 هـ) المعروف بـ (السيّد السند). وقد رأى بعضهم أنّه تلميذ بالوساطة للمير سيّد شريف الجرجاني (السُني الأشعري). في حين ذهب نجله غياث الدين منصور (ت: 958 هـ) إلى القول بأنّ والده قد درس الحكمة على يد السيّد مسلم الفارسي، وإنّ سلسلته تصل من طريق السيّد قطب الدين الشيرازي إلى الخواجة نصير الدين الطوسي، ومنه إلى اللوكري، وبهمنيار، وأبي علي بن سينا[19].
وإنّ الخصم والناقد الأهم لأفكار السيّد السند، هو المحقّق جلال الدين الدواني[20]. وإنّ الشروح المتقابلة لهما على شرح التجريد، تعدّ من الأمثلة على هذا التقابل بينهما. وفيما بعد كان للأفكار الفلسفية للسيّد السند تأثيرٌ كبيرٌ على بلورة المدرسة الفلسفية لصدر المتألّهين. فقد تعرّض في مختلف الموارد إلى نقل الاختلافات الموجودة بين السيّد السند وجلال الدين الدوّاني، وقد انحاز في جميع الموارد إلى جهة السيّد السند، وأجاب في هذا السياق عن إشكالات جلال الدين الدواني[21]. وبعد السيّد السند يمكن لنا الإشارة إلى نجله غياث الدين منصور الدشتكي. فقد بذل جهودًا كثيرةً من أجل التقريب والمزج بين المشارب والمسالك المختلفة، من قبيل: الفلسفة المشائية، والفلسفة الإشراقية، والكلام والآيات والروايات[22].
الشخص الآخر في هذه المدرسة هو المحقّق الخفري (النصف الأول من القرن العاشر للهجرة). كان من تلاميذ المير صدر الدين الدشتكي، وكان له التأثير الأكبر في بلورة الحكمة المتعالية وأفكار صدر المتألّهين. وفي الحقيقة فإنّه قد قرّب مدرسة شيراز خطوةً نحو الحكمة المتعالية. وبشكلٍ خاصّ فإنّ نقطة انطلاق تلفيق الحكمة والعرفان قد تبلورت في كلماته. وقد عدَّ مآل البرهان والشهود واحدًا. وإنّ أبحاثًا من قبيل: أصالة الوجود واعتبارية الماهية، ووحدة الوجود وبيانها البرهاني، وعلم الله سبحانه وتعالى، وما إلى ذلك من المفاهيم الأخرى، كانت هي الأساس لتأسيس الحكمة المتعالية. كما أنّ له كتابًا بعنوان (في وحدة الوجود)، ورسالة بعنوان (الأسفار الأربعة). إنّ للمحقق الخفري العديد من الكتب الفلسفية والكلامية، وإنّ حاشيته على شرح القوشجي من تجريد الشيخ نصير الدين الطوسي، قد شُرحت من قبل كثيرٍ من حكماء أصفهان[23].
وبالإضافة إلى تيار الكلام الفلسفي في مدرسة شيراز، يمكن الإشارة إلى تيار الكلام الروائي ايضًا. وقد أدّى هذا التيار بدوره إلى تمهيد الأرضية لأفكار بعض الاتّجاهات الروائية في مدرسة أصفهان أيضًا. وإنّ الشخصية الأهم في هذا التيار هو السيّد ماجد بن هاشم البحراني. وقد قيل إنّه أوّل من قام بتنظيم حقل نشر الحديث في شيراز. وقد أصبح مرجع الفقه والحديث وحتى حل وفصل الأمور الشرعية والاجتماعية بين الناس، وظلّ إلى آخر حياته في منصب إمامة الجمعة، كما تولّى منصب القضاء في شيراز أيضًا. وقد التقى الشيخ البحراني بالشيخ البهائي في شيراز، وحصل منه على إجازةٍ في رواية الحديث. وقد كانت أهمية درس الشيخ البحراني في الحديث، بحيث دفعت الفيض الكاشاني إلى شدّ الرحال والإقامة مدّةً في شيراز للاستفادة منه[24].
مدرسة أصفهان؛ معقل التيارات الكلامية السابقة
لقد تأسست مدرسة أصفهان مع ظهور الصفوية ودعم الملوك الصفويين للتشيّع ودعوتهم علماء الشيعة إلى الإقامة في أصفهان. إنّ الفضاء الفكري الملائم الذي أوجده الصفويون في هذه المدينة، صار سببًا في تواجد واستقرار وترسيخ أقدام جميع التيارات الكلامية في هذه المدينة. إنّ هذه المدرسة وإنْ كانت عبارةً عن امتدادٍ للتيارات الكلامية السابقة لدى الإمامية، فإنّها في الحقيقة تمثّل ترسيخًا وتعميقًا لتيارَي الكلام الفلسفي والكلام الروائي في أصفهان. ومع ذلك فإنّ هذه المرسة لم تخلُ من تيار الكلام العقلي غير الفلسفي أيضًا؛ وعلى هذا الأساس سوف نعمل في هذا المقال على التعريف بالمدرسة الكلامية لأصفهان من خلال بحث التيارات الثلاثة الآنف ذكرها، وهي: تيار الكلام الروائي، وتيار الكلام العقلي الفلسفي، وتيار الكلام العقلي غير الفلسفي (امتداد مدرسة الحلة).
أولاً:- التيار الروائي في مدرسة أصفهان
لقد كان جزءٌ من مرحلة مدرسة أصفهان قد تزامن مع بلوغ التيار الأخباري ذروته بين الإمامية. إنّ هذه المدرسة وإنْ تأثّرت بالأخباريين أيضًا، لكنّها لم تخضع لسلطة هذا التيار. وبنحوٍ عامّ يمكن العثور على منشأين فكريين للتيار الروائي في أصفهان، وهما:
أ ـ التيار الروائي لجبل عامل، من طريق بعض العلماء من أمثال: محمد بن الحسن العاملي، المعروف بـ (كمال الدين درويش) (بعد عام 939 هـ)، وحسين عبد الصمد العاملي (ت: 984 هـ)، وبعد ذلك بقليل، على يد بعض أعقاب الشهيد الثاني، من أمثال: الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم، ونجله الشيخ محمد، وحفيده الشيخ علي صاحب كتاب (الدرّ المنثور والدرّ المنظوم).
ب ـ التيار الأخباري وبنحوٍ خاصّ الملّا محمد أمين الأسترآبادي في الحجاز، والسيد ماجد البحراني في شيراز. إنّ التيار المتأثّر بجبل عامل، رغم نزعته الكبيرة إلى الحديث، فإنّه ـ خلافًا للأخباريين ـ لم ينكر أصول الفقه، ولم يتطرّف في انتقاده للمتقدّمين، ولم يكفرهم ولم يقل بتفسيقهم.
وربما أمكن القول بأنّ أهمّ شخص في نشر التيار الروائي في أصفهان، كان هو محمد بن الحسن العاملي، المعروف بـ (كمال الدين درويش)، وهو تلميذ الشهيد الثاني، والمحقّق الكركي[25]. وقد صرّح المحدّث البحراني في إجازته إلى بحر العلوم بأنّه هو أول من عمل على إشاعة الرواية والحديث في العصر الصفوي في أصفهان[26].
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين أدّوا دورًا مهمًا في تأسيس التيار الروائي في أصفهان، هو حسين بن عبد الصمد (ت: 984 هـ)، وهو والد الشيخ البهائي[27]. وقد كان هو الآخر من بين تلاميذ الشهيد الثاني الذين هاجروا من جبل عامل إلى أصفهان[28]. وكان يشكو من عدم الاهتمام بالحديث في عصره؛ ولذلك كان يقضي أغلب أوقاته في تدريس الحديث[29]. وقد صرّح في مقدمة كتاب (وصول الأخيار إلى أصول الأخبار) بأنّ التفقّه في الدين ـ بحكم العقل والنقل ـ رهنٌ بالمعرفة الكافية للأحاديث المأثورة عن النبي الأكرمJ والأئمّة الأطهار (عليهم السلام)؛ ولذلك فإنّه يقول: «الفحص عن أحاديثهم الواردة عنهم (عليهم السلام) في المعارف والحلال والحرام من أعظم المهمات، وإهمال ذلك ـ خصوصًا في زماننا ـ من أكبر الملمات»[30]. وعليه فإنّ كلامه هذا يُشير إلى نزعته الروائية في الفقه والكلام.
ومن بين علماء الحديث في هذه المرحلة يمكن لنا أنْ نشير إلى محمد تقي المجلسي [الأول] (ت: 1070 هـ). وقد درس عند كبار العلماء، من أمثال: الشيخ البهائي، والمحقق الكركي، والشيخ عبد الله التستري[31]. كما كان له اهتمامٌ كبيرٌ بعلم الحديث، ويراه من أشرف العلوم الحقيقية وأرفع السعادات الأبدية، وقد ذكر أنّ سبب اهتمامه الكبير بعلم الحديث يعود إلى غربة هذا العلم بفعل تسلّط حكام الجور، وعدم الاهتمام الكافي به من قبل العلماء المتقدمين[32]. وقد كان يُثني على الملّا محمد أمين الأسترآبادي وكتابه (الفوائد المدنية). ومع ذلك كان يرى أنّ منهجه وأسلوبه هو الابتعاد عن الإفراط والتفريط، ويقول:" إلى أنْ حدث بعد ذلك بثلاثين سنةٍ تقريبًا أنْ اهتمّ الفاضل المتبحّر مولانا محمد أمين الأسترآبادي w بمقابلة ودراسة أخبار الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ووقف على ذم الآراء والمقاييس وطريقة أصحاب الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فألّف كتاب الفوائد المدنية وأرسله إلى هذه البلاد، واستحسن طريقته أغلب أهل النجف والعتبات العاليات، ورجعوا إلى الأخبار، والحقّ أنّ أكثر ما قاله مولانا محمد أمين الأسترآبادي حقّ. وأقول على نحو الإجمال إنّ طريقتي هي وسطٌ ما بين الإفراط والتفريط، وقد برهنت على هذه الطريقة في كتابي (روضة المتقين)"[33].
ومن بين كتبه الروائية يمكن الإشارة إلى (إحياء الأحاديث في شرح تهذيب الحديث)، و(الأربعون حديثًا)، و(الحاشية على الصحيفة السجادية)، و(روضة المتقين في شرح أخبار الأئمّة المعصومين)، و(رياض المؤمنين وحدائق المتقين)، و(شرح خطبه هَمّام)، و(شرح الصحيفة السجادية)، و(شرح مشيخة الفقيه)، و(اللوامع القدسية)، أو (لوامع صاحبقراني)[34].
وعلى الرغم من أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا مؤثّرين في تأسيس تيار الإمامية، ولكن لا شكّ في أنّ الشخص الأهم في هذا التيار هو العلّامة محمد باقر المجلسي. كما لا يمكن عد الأشخاص السابقين عليه من الأخباريين بالمعنى المصطلح. وهذا بخلاف ذلك الشيء الذي يمكن مشاهدته في شخص مثل الشيخ الحرّ العاملي.
إنّ الشيخ الحرّ العاملي عالم أخباري، بمعنى أنّه في الاستنباطات الفقهية لا يستفيد من الأساليب الاجتهادية والأصول العملية[35]. رغم أنّ له اتّجاهًا روائيًا حتى في الكلام[36]. وقد قرّر محمد معصوم الشيرازي، أسلوب العلّامة المجلسي نقلًا عنه على النحو الآتي: "منهجي في هذا الباب وسط؛ فإنّ الإفراط والتفريط في جميع الأمور مذموم، وأرى أنّ منهج الذين يسيئون الظنّ بفقهاء الإمامية ويتهمونهم بقلّة التديّن، خاطئ؛ فهم أكابر الدين، وأرى مساعيهم مشكورةً وزلّاتهم مغفورة. وكذلك لا أرى صوابية أولئك الذين يعتبرونهم أئمّةً، ولا يجيزون مخالفتهم في كلّ أمرٍ، ويقلّدونهم على كل حال"[37].
لقد أسّس العلّامة المجلسي في أصفهان مدرسةً كبيرةً للرواية والحديث، وإنّ موسوعته بحار الأنوار من أكبر المصادر الروائية الجامعة عند الشيعة. كما أنّه من ناحيةٍ يرتبط من طريق والده بالتيار الروائي لجبل عامل، ومن ناحيةٍ أخرى يستفيد بالوساطة من الأخباريين أيضًا. ومن ذلك يمكن الإشارة ـ على سبيل المثال ـ إلى أمير محمد مؤمن بن دوست محمد الأسترآبادي ـ صهر وتلميذ الملّا محمد أمين الأسترآبادي ـ إذ كان العلّامة محمد باقر المجلسي من تلاميذه[38]. وبالإضافة إلى هذا الطريق فإنّ العلّامة المجلسي قد استفاد من كتب الملّا محمد أمين الأسترآبادي أيضًا، حيث نرى انعكاس ذلك في كتبه بشكلٍ واضح؛ ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنّ العلامة المجلسي يرى في بحث فطرية معرفة الله مكانةً خاصّةً لآراء الأسترآبادي[39]. ومع ذلك ـ كما سبق أنْ ذكرنا ـ فإنّ أتباع التيار الروائي لا يندرجون ضمن دائرة الأخباريين. إنّ العلامة محمد باقر المجلسي على الرغم من الاتجاه الروائي الذي ينزع إليه، لم يكن ينكر الاجتهاد ولا يتحدّث عن المجتهدين بسوء، بل كان مثل المتكلّمين يعمل على التنظير في الأبحاث الاعتقادية، ويخوض في نقدها ومناقشتها.
إنّ للعلّامة المجلسي ثلاثة أنواع من الأعمال في حقل الكلام، وهي على النحو الآتي:
1 ـ الكتب العقائدية الجامعة، من قبيل: حقّ اليقين، أو رسالته الاعتقادية، وهي دورة كاملة في الاعتقادات.
2 ـ الرسائل الاعتقادية في بعض المسائل الكلامية مورد البحث والاختلاف، مثل رسالته في صفات الذات وصفات الفعل، أو رسالته في البداء، أو رسالته في بحث الجبر والتفويض التي طبعت بعنوان (الجبر والاختيار). إنّ مواقفه في هذه الكتب تأتي في امتداد مواقف الشيخ الصدوق.
3 ـ شروحه وتوضيحاته في كتب الحديث، كما في بحار الأنوار أو مرآة العقول.
وفي أصفهان يمكن الإشارة إلى بعض الأشخاص الذين كان لهم توجّهٌ أكبر نحو الحديث. ومن بين هؤلاء يمكن لنا الإشارة إلى الشيخ علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين العاملي (م: 1103 أو 1104 هـ)، حيث أقام في أصفهان مدّةً من الزمن، وانشغل خلال هذه المدّة بتدريس الحديث والعلوم الأخرى. وكان يعارض فلاسفة الشيعة والصوفية بشدّة، كما يتضح ذلك من آثاره. فله كتاب بعنوان (السهام المارقة من أغراض الزنادقة) في الردّ على الصوفية، وقد قيل فيه: «أساء فيها التعبير بما لا يليق على فلاسفة الشيعة وعلمائها من مدرستي شيراز وكاشان، دفاعًا عن الأخباريين وشيوخ الإسلام»[40]. كما إنّه في كتابه (تنبيه الغافلين وتذكير العاقلين) ـ الذي ألّفه في تحريم الغناء ـ قد هاجم المحقّق السبزواري والفيض الكاشاني بقسوة، حتى قيل بشأن هذا الكتاب: «أتى فيه من الطعن والتهجين بما يقبح كلّ القبح، نسأل الله العفو عنه»[41].
إنّه في الوقت الذي يتماهى في كتبه مع بعض مباني الأخباريين[42]، إلا أنّه مع ذلك يوجّه بعض الانتقادات إلى هذا التيار أيضًا؛ ومن ذلك مثلًا أنه ينتقد الملّا محمد أمين الأسترآبادي بشأن إنكار الاجتهاد وذمّ المجتهدين[43]. كما إنّه في بعض المناسبات قد تحدّث في كتاب (الدرّ المنظوم) في هذا الشأن بالتفصيل، ودافع عن الاجتهاد وأسلوب المجتهدين[44]. وقد ألّف كثيرًا من الكتب في حقل الحديث، ويمكن أنْ نشير من بينها إلى: (الدرّ المنثور من الخبر المأثور وغير المأثور)، و(الدرّ المنظوم من كلام المعصوم) وهو في شرح كتاب الكافي للشيخ الكليني، و(الأحاديث النافعة)، و(الحاشية على شرائع الإسلام)، و(الحاشية على الفوائد المدنية)، و(الحاشية على من لا يحضره الفقيه)[45].
كما سبق أنْ ذكرنا فإنّ التيار الروائي في مدرسة أصفهان، كان متأثّرًا بجبل عامل من جهة، ومتأثّرًا من جهةٍ أخرى بتيار الأخباريين. ومن بين الأخباريين المتطرفين في أصفهان، يمكن الإشارة إلى الشيخ عبد الله السماهيجي (م: 1135 هـ) الذي جاء من البحرين وأقام في أصفهان. وله كتاب في الكلام بعنوان (الرسالة العلوية في ثلاث مسائل كلامية). وقد أثبت في موضع من هذا الكتاب أنّ معرفة الله لا تكون من قبل العباد، وتعرّض في موضعٍ آخر منها إلى بحث وجوب تحصيل العلم واليقين في أصول الدين، وإنْ لم يكن هذا العلم حاصلًا من طريق الأدلة والبراهين العقلية[46].
ثانياً :- تيار الكلام الفلسفي
كما سبق أنْ ذكرنا، فإنّ كلام الإمامية منذ عصر الشيخ نصير الدين الطوسي ـ خلافًا للفهم الشائع ـ لم يصبح فلسفيًا من حيث المضمون والمحتوى، بل إنّ المتكلّمين في تلك المرحلة إنّما عملوا على توظيف بعض المفاهيم والأدبيات الفلسفية؛ لإثبات أفكارهم وآرائهم الكلامية فقط. وفي الحقيقة فإنّ مدرسة شيراز وأصفهان شكّلت نقطة الانطلاق في تحوّل كلام الإمامية ليصبح كلامًا فلسفيًا. وعلى هذا الأساس فإنّ استعمال مفردة الكلام الفلسفي لمرحلة مدرسة الحِلّة، وأتباع الشيخ نصير الدين الطوسي ليس مناسبًا، وإنّ الكلام الفلسفي إنّما يليق بالمدرسة الكلامية لشيراز وأصفهان؛ وذلك لأنّ امتزاج الكلام والفلسفة في مدرسة الحِلّة إنّما كان ناظرًا إلى بعض المفاهيم والأدبيات الفلسفية / الكلامية، دون الأفكار والعقائد الجوهرية. في حين أنّ هذا التأثّر في مدرسة شيراز وأصفهان قد انسحب حتى على الأفكار والمعتقدات الجوهرية أيضًا. ومنذ القرن التاسع للهجرة، قامت جماعةٌ من متكلّمي الإمامية في مدرسة شيراز، ولاحقًا في مدرسة أصفهان، بتقبّل الآراء والأفكار الفلسفية، وأخذوا يعملون على توظيفها من أجل بيان الأفكار الدينية.
وفي مدرسة الحِلّة كان سائر المتكلّمين من الإمامية ـ إذا ما استثنينا الشيخ نصير الدين الطوسي الذي كان يميل إلى الاتجاهات الفلسفية بشكل أكبر[47] ـ بما في ذلك تلاميذ الشيخ نصير الدين الطوسي، من أمثال: العلّامة الحِلّي، وفخر المحقّقين، والشهيد الأول وصولًا إلى الفاضل المقداد السيوري، لم ينفعلوا بمضمون الأفكار الفلسفية أبدًا، وحافظوا على المسافة الفاصلة بينهم وبين الفلسفة من الناحية المضمونية. لقد قام هؤلاء العلماء بنقد الأفكار الأصلية من قبيل: حدوث أو قدم العالم[48]، وارتباط الله بالعالم ونفي الوساطة في خلق العالم[49]، وبنحوٍ خاصّ إنكار العقول العشرة[50]، وقاعدة الواحد[51]، وتعريف صفة القدرة (قدرة الله) بصحّة الفعل والترك في قبال الفلاسفة[52]، والجبر والاختيار، وتقرير القضاء والقدر[53]، والتقرير عن بحث ضرورة إرسال الرسل[54]، وإنكار تجرّد الروح، وتعريف الإنسان[55]، والمعاد[56]، ولا سيّما المعاد الجسماني[57]، وما إلى ذلك؛ إذ قاموا بنقد الأفكار الفلسفية، وأصرّوا على المواقف السابقة لكلام الإمامية[58].
وعلى هذا الأساس فلو كانت تتمّ الاستفادة في كلام هؤلاء الأشخاص من المصطلحات الفلسفية خلافًا للمتقدّمين، فهذا لا يعني قبول المباني الفلسفية؛ من ذلك ـ على سبيل المثال ـ لو تمّت الاستفادة من مصطلح واجب الوجود لإثبات وجود الله سبحانه وتعالى، فهذا لم يكن يعني منهم الالتزام بتبعات هذا المصطلح. لقد كان المتكلّمون في هذه المرحلة ـ خلافًا للحكماء ـ يواصلون إصرارهم على حدوث العالم، وكانوا يستفيدون حتى من تقسيم الوجود إلى الممكن والواجب لإثبات حدوث العالم، وقِدَم الله سبحانه وتعالى: (العالم حادث؛ لأنه ممكن)[59].
وبالإضافة إلى التلفيق بين الكلام والفلسفة، فإنّ الاهتمام بالآيات والروايات في هذه المرحلة كبيرٌ جدًا. وكما سبق أنْ ذكرنا يمكن أنْ نذكر ثلاث نقاطٍ أولى للجمع بين الكلام والفلسفة والآيات والروايات في كلام الإمامية، حيث تعدّ مدرسة أصفهان واحدةً من أهمها.
التيّارات الداخليّة للاتّجاهات الفلسفيّة
في المدرسة الفلسفية لأصفهان، يمكن أنْ نشير في بادئ الأمر إلى تيارين فلسفيين، وهما:
1 ـ التيار الفلسفي للميرداماد: لقد انتقلت الأفكار الفلسفية للميرداماد إلى بعض تلاميذه، وقد ظلّوا محافظين ومتشبّثين بآرائه. وقد كان صدر المتألّهين (ت: 1050 هـ) بنفسه من تلاميذ المدرسة الفلسفية للميرداماد، إلّا أنّه بعد تأسيس مدرسته ومسلكه الفلسفي الجديد شقّ لنفسه طريقًا مختلفًا عن أستاذه. ومن ثَمّ فإنّ المدرسة الفلسفية للميرداماد لم تستمر على المستوى الزمني والتاريخي إلّا بين عددٍ قليلٍ من تلاميذه. ومن بين تلاميذ الميرداماد يمكن الإشارة إلى السيّد أحمد بن زين العابدين العلوي (ت: 1054 هـ)، وقطب الدين محمد الأشكوري (ت: 1075 هـ) المعروف بالشريف اللاهيجي، والملا شمسا الجيلاني. ولهؤلاء الأشخاص بعض المؤلّفات والكتب، وفي هذا الشأن يمكن الرجوع إلى الكتب التفصيلية[60].
2 ـ التيار الفلسفي للميرفندرسكي: لقد قام المير أبو القاسم الميرفندرسكي (ت: 1050 هـ) بتخريج عدّة أجيالٍ في أصفهان، حيث كان يدرّس الفلسفة والكلام. وعلى الرغم من ذلك ما تزال شخصيته محاطةً بهالةٍ من الغموض والإبهام. فقد قيل إنّ الميرفندرسكي كان مشائيًا وكان تلاميذه يميلون في الغالب إلى هذه المدرسة الفلسفية[61]. ويمكن الإشارة من بين تلاميذه إلى الملّا رجب علي التبريزي، والآغا حسين الخونساري (ت: 1098 هـ). أمّا الملّا رجب علي التبريزي؛ فإنّه لمّا تبنى منهجًا فكريًا متميّزًا؛ فقد أسس لنفسه تيارًا مستقلًا سوف نتعرّض إلى البحث عنه لاحقًا. ومع ذلك فقد كان لدى الآغا حسين الخونساري كثيرٌ من التلاميذ، ويمكن الإشارة من بينهم إلى نجليه، وهما: الآغا جمال الدين الخونساري (ت: 1121 هـ)، والآغا رضي الخونساري، والملّا مسيحا الفسائي الشيرازي (ت: 1130 هـ)، والميرزا رفيعا النائيني (م: 1080 هـ). وقد ترك كلّ واحدٍ من هؤلاء الأعلام كثيرًا من المؤلّفات[62].
وقد عمد تلاميذ كلا هذين التيارين الفكريين ـ أي: تيار صدر المتألّهين، وتيار الملّا رجب علي ـ إلى طرح أفكارٍ وأنظمةٍ فكريةٍ متمايزةٍ نسبيًا عن أستاذيهما، ومن هنا يمكن عدّهما تيارين منفصلين عن أستاذيهما.
أ ـ التيار الفلسفي للملّا رجب علي التبريزي
لقد كانت أفكاره في عصره، بل حتى بعد قرنٍ أو قرنين من رحيله، هي الأفكار الغالبة والمهيمنة على الحقل الفلسفي في أصفهان. وقد كان بدوره يفكر ضمن إطار الفلسفة المشائية، وكان مخالفًا لفلسفة صدر المتألّهين. وعلى الرغم من ذلك كانت له بعض الآراء التي تركت تأثيراتٍ كبيرةً في الأفكار الكلامية لتلاميذه. ومن بين أهمّ آرائه، يمكن الإشارة إلى أصالة الماهية، وكذلك رؤيته التنزيهية (السلبية) في بحث الصفات الإلهية. وإنّ هذا التفكير التنزيهي للملّا رجب علي التبريزي هو الذي دعاه إلى رفض الاعتقاد بالاشتراك المعنوي للوجود بين الواجب والممكن والتشكيك في الوجود. فهو يرى أنّ لازم القول باتّحاد مفهوم الوجود بين الواجب والممكن هو أنْ يكون الله مخلوقًا، في حين لا يمكن أنْ يكون هناك أيّ شبهٍ بين وجود الخالق ووجود المخلوق؛ ولذلك فإنّه يرى ـ استنادًا إلى بعض الروايات والآيات ـ أنّ القول بالاشتراك المعنوي للوجود يؤدّي إلى الشرك[63]. كما أنّه بسبب هذه الرؤية التنزيهية بالتحديد ذهب إلى إنكار عينيّة صفات الله وذاته سبحانه وتعالى، وقال بنفي الصفات الإلهية[64].
إنّ مؤلّفات الملّا رجب علي التبريزي في غاية الندرة، وإنّ أكثر ما وصلنا عنه في الحقيقة هو تقريرات درسه. ومن بين مؤلّفاته القليلة يمكن الإشارة إلى (رسالة في إثبات الواجب)[65]، و(الأصول الآصفية)[66]، و(رسالة في الاشتراك اللفظي)[67]، و(رسالة أصول الفوائد)[68]. كما أنّ كتاب (المعارف الإلهية) هو تقرير تلميذه محمد رفيع بير زاده لأبحاثه[69].
ومن بين تلاميذ الحكيم التبريزي، يمكن لنا الإشارة إلى بعض الشخصيات الكبيرة، من أمثال: الفاضل السرابي، والملّا محمد رفيع بير زاده، والقاضي سعيد القمّي، والمير قوام الدين محمد الأصفهاني، وعلي قلي القرجغائي خان[70]. ومن بين هؤلاء الأشخاص هناك منزلةٌ خاصّةٌ يتمتّع بها القاضي سعيد القمّي في تاريخ الكلام. فقد درس القاضي سعيد من جهةٍ على يد الفيض الكاشاني والفياض اللاهيجي، ومن ناحيةٍ أخرى درس على يد الملّا رجب علي التبريزي أيضًا[71]. ومع ذلك فإنّ اتّجاهه الكلامي منفصلٌ عن الفياض اللاهيجي، أي: المنهج الكلامي الفلسفي المشائي. وعلى هذا الأساس فإنّه في ضوء المقارنة بين الفيض والفياض، يميل إلى الفيض بشكلٍ أكبر.
وعلى الرغم من ذلك فإنّ القاضي سعيد القمي هو الأشدّ قربًا من أفكار الملّا رجب علي التبريزي. وإنّه في كثيرٍ من الموارد يقف إلى الضدّ من أفكار صدر المتألّهين. وفي الحقيقة فإنّ القاضي سعيد يقدّم تفسيرًا عرفانيًا فلسفيًا لأفكار وآراء الملّا رجب علي التبريزي، وهي من وجهة نظره منسجمةٌ مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) أيضًا. وإنّه من خلال تطبيق آراء الملّا رجب علي التبريزي على روايات أهل البيت (عليهم السلام)، يسعى إلى نقد الأفكار المشائية، بل ويسعى حتى إلى نقد أفكار صدر المتألّهين أيضًا. إنّ مقارنة بين كتاب شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمّي، وشرح روايات التوحيد من كتاب أصول الكافي بقلم صدر المتألّهين، يمكن لها أنْ تبيّن هذا التقابل بشكلٍ واضح. إنّ القاضي سعيد القمّي في تأليف العناصر الاعتقادية للإمامية والمعارف الموجودة في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، قد سلك طريقًا مختلفًا عن طريقة صدر المتألّهين، بل وقام بمناقشة أفكاره في بعض الموارد والردّ عليها أيضًا. ولكن هذا لا يعني ـ بطبيعة الحال ـ أنّ القاضي سعيد القمّي لا يقف في وجه التيار العقلي الفلسفي عند الإمامية، بل إنّه في الوقت الذي يميل إلى الاتجاه الفلسفي العرفاني، إلا أنّه من الناحية الفكرية أقرب إلى الملّا رجب علي التبريزي. إنّ الكتاب الأهم الذي يمكنه بيان اختلافات القاضي سعيد القمّي عن سائر التيارات الفلسفية المعاصرة له، هو كتاب (شرح توحيد الصدوق)[72]. وقد سعى بعضهم إلى عدّ هذا التيار الفكري متماهيًا مع الإسماعيلية والشيخ أحمد الأحسائي (ولا سيّما في بحث التوحيد والصفات الإلهية)[73].
ب ـ التيار الفلسفي لصدر المتألّهين
لقد كانت فلسفة صدر المتألّهين ـ التي عرفت لاحقًا بـ (الحكمة المتعالية) ـ تمثّل الندّ والمنافس الأهمّ لأفكار الملّا رجب علي التبريزي. ومن ذلك بشكلٍ خاصّ كانت بعض المسائل التي ذهب إليها صدر المتألّهين ـ من قبيل: أصالة الوجود، وتشكيكية الوجود، وكذلك بحث الصفات الإلهية ـ تختلف عن الاتجاه الفلسفي للملّا رجب علي التبريزي بشكلٍ كبير. إنّ امتداد أفكار صدر المتألّهين في تلاميذه سؤال في غاية الأهمية. فإنّ تلميذيه الرئيسين ـ وهما الملّا عبد الرزاق اللاهيجي والفيض الكاشاني ـ هما من بين الذين يمكن اكتشاف تأثير فلسفة صدر المتألّهين في كلامهم. فإنّهما وإنٍ كانا تلميذين لصدر المتألهين، بل وكانا صهرين له، إلّا أنّه للبحث في أفكارهما وآرائهما يجب الالتفات إلى الخلفيات الفكرية لهما. ويبدو أنّ تأثير الأفكار السابقة والمناشئ المعرفية لهما على آرائهما كان كبيرًا جدًا.
إنّ هذا الاحتمال والتساؤل بشأن الملّا عبد الرزاق اللاهيجي، يزداد أهميةً عندما نعلم أنّ آراءه الكلامية لا تتناسب مع آراء صدر المتألّهين وأفكاره كثيرًا. وبعبارةٍ أخرى: إنّه قام في بعض كتبه الكلامية بالردّ على آراء صدر المتألّهين أحيانًا. وقال بعضهم من أمثال الآشتياني: إنّه كان بسبب الظروف التاريخية لعصره يمارس التقيّة. وبطبيعة الحال فإنّ هذا الاحتمال إنّما يصح إذا كان في بعض آثاره يظهر بوصفه مؤيّدًا لأفكار صدر المتألّهين. وعليه يبدو أنّ آراء صدر المتألّهين وأفكاره لم تصل في عصره إلى تلك السطوة والهيمنة، بحيث يخضع لها شخصٌ مثل عبد الرزاق اللاهيجي. ومع ذلك كان اللاهيجي في نظامه الكلامي متأثّرًا بالمدرسة الفلسفية لأصفهان، ولو عمل شخصٌ على مقارنة آثاره بآثار مدرسة الحِلّة (من قبيل: آثار العلّامة الحِلّي أو الفاضل المقداد السيوري) سوف يدرك هذا الاختلاف بوضوح. إنّ المقارنة بين سواد آراء مدرسة الحِلّة وآراء عبد الرزاق اللاهيجي، سوف تكشف عن تغيير في الفكر الكلامي لدى الإمامية في هذه المرحلة. وإن كتابه (شوارق الإلهام في شرح تجريد الاعتقاد)[74] للخواجة نصير الدين الطوسي، يمثّل مصدرًا مهمًا لاستخراج هذه الاختلافات. إنّه في موارد الاختلاف بين الفلاسفة والمتكلمين، كان يعمل تمامًا على ترجيح آراء الفلاسفة[75]. وقد وصلنا عنه عددٌ من الكتب الكلامية التي تشير إلى اتجاهه الفلسفي في الكلام بشكلٍ واضح. ويمكن الإشارة من بين هذه الكتب إلى تعليقته على حاشية الخفري على تجريد الاعتقاد، وسرمايه إيمان[76]، وگوهر مراد[77] (والكتابان الأخيران باللغة الفارسية). ومن بين هذه الكتب يعدّ كتاب (گوهر مراد) من أهم كتبه الكلاميه؛ لأنّه قد تعرّض في هذا الكتاب إلى بيان آرائه التفصيلية في جميع الأبحاث الكلامية.
وقد سار نجله الأكبر ـ وهو حسن بن عبد الرزاق ـ في ذات هذا المنهج الكلامي. فإنّ الآراء الكلامية له لا تختلف بشكلٍ جوهري عن آراء والده، ولكن بعض الأبحاث قد تمّ بيانها في كلمات نجل اللاهجي بتفصيلٍ أكبر وبشكلٍ أوضح. ومن بين كتبه الكلامية يمكن الإشارة إلى كتاب (شمع اليقين في معرفة حقّ اليقين)[78] باللغة العربية، وكتاب (آيينه حكمت)[79] باللغة الفارسية، حيث إنّ أكثر مسائله تدور حول بحث الإمامة. ومن بين كتبه الفلسفية يمكن الإشارة إلى كتاب (زواهر الحكم الزاهر نجومها في غياهب الظلَم)، و(مصابيح الهدى ومفاتيح المُنى). وقد تمّ طبع مجموع رسائله ضمن مجلّدٍ واحد[80].
وبالإضافة إلى الملّا عبد الرزاق اللاهيجي، لا بدّ من الإشارة إلى الملّا محسن الفيض الكاشاني، وهو الآخر تلميذ صدر المتألّهين وصهره أيضًا. إنّ الشخصية العلمية للفيض الكاشاني ـ خلافًا لعبد الرزاق اللاهيجي ـ شديدة الاضطراب وعدم الاستقرار. فقد كان دائم التحقيق والبحث عن الحقيقة. وربما أمكن عدّه من هذه الناحية مثل الغزالي في أهل السُنّة. بل إنّ الفيض الكاشاني يبدو في بعض الموارد أكثر تعقيدًا من الغزالي؛ وذلك لأنّ الغزالي يجد لنفسه في نهاية المطاف محطةً وشاطئًا هادئًا لأفكاره، بيد أنّنا لا نرى مثل هذا الشاطئ الفكري الآمن والهادئ عند الفيض الكاشاني. وبشكلٍ عامٍّ فقد كان للفيض الكاشاني ثلاثة مصادر فكرية، ويمكن بيان هذه المصادر الثلاثة ضمن العناوين الآتية:
1 ـ الاتّجاهات الروائيّة والأخباريّة: إنّ كتابه (الأصول الأصلية) عبارةٌ عن دورة في المنطق الأخباري، ويعكس مواجهة وتقابل الفيض الكاشاني مع النزعة الأصولية بلحاظ المنهج الفكري. وقد عمد بنفسه إلى تلخيص هذا الكتاب مرّتين؛ مرّةً بعنوان (طريق الثواب)، ومرّة أخرى بعنوان (شرائط الإيمان وسفينة النجاة). إنّ هذه الكتب تعكس المنطق الاستنباطي للفيض الكاشاني. وعلى هذا الأساس فإنّ الفيض الكاشاني بلحاظ المنطق الاستنباطي ليس أصوليًا، بل هو أخباري بالكامل.
كما أنّ مؤلّفاته الروائية تعكس اتجاهه الروائي بشكلٍ وآخر. إنّ الفيض الكاشاني هو أوّل من ألف كتابًا روائيًا جامعًا بعد الشيخ الكليني في القرن الرابع للهجرة. فربما كان كتاب الوافي للفيض الكاشاني هو أوّل كتابٍ يجمع روايات الإمامية بالكامل بعد القرن الرابع للهجرة. كما أنّ كتابه (الشافي) هو في الحقيقة تلخيصٌ لهذا الكتاب أيضًا. وإنّ (رسالة الإنصاف) التي ألّفها قبل وفاته بثمان سنوات، تمثّل بدورها نموذجًا بارزًا لأفكاره الروائية أيضًا. إنّه في هذه الرسالة قد هاجم الفلسفة والتصوّف والكلام بشدّة، ويعدّ مؤلّفاته السابقة بمنزلة حقل التدريب في هذا المضمار.
يسعى الفيض الكاشاني في بعض كتبه إلى الحصول على المعارف والمفاهيم من الآيات والروايات. إنّه في هذه الكتب يحتوي على اتجاهٍ تحقيقيّ في الآيات والروايات. وعلى الرغم ممّا يبدو من ظاهر هذه الكتب أنّها تختلف عن كتاباته الفلسفية، فإننا لا نشاهد اختلافًا جوهريًا بين هذه الكتب وكتاباته الفلسفية. وإنّ كتاب (علم اليقين)، و(أنوار الحكمة) من هذا النوع.
2 ـ فلسفة وحكمة صدر المتألّهين: بالإضافة إلى دراسته على يد صدر المتألّهين، يمكن عدّ كتابه (عين اليقين) نموذجًا عن تفكيره الفلسفي. وإنّه في الفلسفة ـ خلافًا لعبد الرزاق اللاهيجي الذي انفصل عن صدر المتألّهين ومال إلى الفكر المشائي ـ حافظ على وفائه لصدر المتألّهين. وفي فلسفة الفيض الكاشاني لا نرى أيّ أثرٍ للاتجاه المشائي. وإنّه حيثما ابتعد عن صدر المتألّهين، لجأ إلى أحضان العرفان أو النصوص الروائية. إنّ أهمّ كتابٍ فلسفيّ له هو كتاب (عين اليقين)، وقد لخّصه الفيض الكاشاني نفسه في كتاب (أصول المعارف). ولو أجرينا مقارنةً بين كتابه (أصول المعارف) وبين كتاب (الشواهد الربوبية) لصدر المتألّهين، يتّضح أنّه يشترك مع صدر المتألّهين في الإطار العام ومجمل الأبحاث، ولا يحتوي إلّا على توضيحاتٍ وتعليقاتٍ على آراء صدر المتألّهين.
3 ـ الأفكار الباطنية والصوفية: على الرغم من عدم وجود ذكرٍ لأيّ أستاذ للفيض الكاشاني في العرفان والتصوّف، فإنّه كان من طريق أسرته (والده وخاله)[81]، وكذلك من طريق قراءته لآثار التصوّف، على اطلاع وصلة بالأفكار الصوفية، ومتأثرًا بها. إنّ رسالة (الكلمات المكنونة) للفيض الكاشاني تمثّل تبلورًا لهذا الاتجاه منه. إنّ هذا الكتاب عبارةٌ عن مجموعةٍ من مئة مقولةٍ عرفانيةٍ تمّ تجميعها من مختلف الآثار[82].
ممّا تقدّم ذكره حتى الآن بشأن الفيض الكاشاني، يرد هذا السؤال المهم، وهو: كيف تناغمت الأفكار الفلسفية لصدر المتألّهين مع الاتجاه الأخباري؟ إنّ كلمات الفيض الكاشاني في كتابه (الإنصاف) يطرح هذا السؤال بجديّةٍ أكبر، ويطرح هذه الفرضية القائلة بأنّ الفيض الكاشاني قد تاب من العرفان والتصوّف، وأنّه عاد إلى الآيات والروايات. وقد أكّد في هذه الرسالة أنّ جميع كتاباته السابقة في العرفان والفلسفة كانت على سبيل التدريب.
ولهذا السبب فقد ذهب بعضهم إلى الظنّ بأنّ الفيض الكاشاني قد تكامل بالتدريج طوال حياته. ففي البداية بدأ من الفلسفة، ثم اتجه إلى العرفان، ثم انتهى به المطاف ليتخلّى عن جميع توجهاته السابقة ويتمسّك بالآيات والروايات. إنّ هذه الرواية لا تتطابق مع الواقعية التاريخية، وإنّ المتابعة التاريخية لمؤلّفات الفيض الكاشاني لا تؤيّد هذا التحليل؛ فإنّ الفيض الكاشاني وإنْ ألّف كتاب (الإنصاف) سنة 1083 للهجرة، أي: قبل ثمان سنواتٍ من وفاته، إلّا أنّه قد كتب بعض كتبه الفلسفية بعد هذا التاريخ؛ فإنّه ـ على سبيل المثال ـ قد ألّف كتاب (أصول المعارف) بعد تأليف (الإنصاف)؛ إذ يعود تاريخ تأليفه إلى عام 1089 للهجرة، أو إنّه ألّف كتابه العرفاني (الكلمات المخزونة) ـ الذي هو تلخيص لكتابه (الكلمات المكنونة) ـ في السنة ذاتها[83].
الفرضية الأخرى هي أنّ الفيض الكاشاني كان منذ بداية حياته إلى آخر عمره يسعى إلى الجمع بين الفلسفة والعرفان والقرآن الكريم والروايات. وبالإضافة إلى ذلك فإنّه في الفقه وإنْ كان أخباريًا، إلا أنّه في العقائد والكلام كان يمتلك اتجاهًا فلسفيًا. بل إنّ مصطلح الأخباري إنّما يرتبط أساسًا بالفقه، ولا صله له بالكلام. وقيل بشأن صدر المتألّهين إنّ له في الفقه اتجاهًا أخباريًا أيضًا. وهذا الأمر مخالفٌ تمامًا لما نراه عند الشيخ الحرّ العاملي. وبطبيعة الحال فقد كان لبعض الأخباريين اتجاهٌ روائي في الكلام أيضًا؛ فإنّ الشيخ الحر العاملي ـ على سبيل المثال ـ كان له في الفقه اتجاهٌ أخباري، بينما كان له في الكلام اتجاهٌ روائي.
يُضاف إلى ذلك أنّ الفيض الكاشاني في تحليل الآيات والروايات ـ (ولا سيّما في حواشيه على الروايات) ـ لا يتخلّى عن مبانيه الفلسفية. وهذا تمامًا من قبيل ما قام به صدر المتألّهين بالنسبة إلى الروايات في شرح أصول الكافي. إنّه في كتابه (علم اليقين في أصول الدين) على الرغم من قوله بأنّه يريد المضيّ قدمًا على أساس القرآن والروايات، فإنّ جوهر الفكر الفلسفي ولا سيما المنهج الفلسفي لصدر المتألّهين كان واضحًا في مجموع كتابه. وعلى الرغم من امتلاكه لنقاطٍ مضافةٍ إلى تفكير صدر المتألّهين، فإنّه لا يخرج عن الحدود الفكرية لصدر المتألّهين، ويظلّ محافظًا على الأطر المبنائية له. كما أنّ الأبحاث العرفانية للفيض الكاشاني بدورها لا تتعارض مع توجهاته المتماهية مع صدر المتألّهين. كما أنّ صدر المتألّهين نفسه كان بصدد الجمع بين الفلسفة والعرفان. وبطبيعة الحال وكما سبق أنْ ذكرنا فإنّ له جذورًا عرفانيةً أكثر عمقًا.
إنّ السؤال الجاد الوحيد في قبال الفرضية الثانية، هو كلام الفيض الكاشاني في كتابه (الإنصاف). ولحلّ هذه المشكلة لا بدّ من الالتفات إلى عددٍ من النقاط:
أولًا: إنّ الفيض الكاشاني ـ كما سبق أنْ ذكرنا ـ قد ألّف كتبًا فلسفيةً وعرفانيةً حتى بعد تأليفه لكتاب الإنصاف. يضاف إلى ذلك أنّه بعد تأليفه لكتاب الإنصاف لم يقم بتأليف أيّ كتابٍ روائي آخر. وعلى هذا الأساس فلو أنّه كان قد تاب حقيقة من العرفان والفلسفة، وتمحّض للآيات والروايات، ما كان ينبغي له أنْ يتصرّف على هذه الشاكلة.
وثانيًا: إنّ عودته وتوبته من الفلسفة والعرفان ليست بمعنى عودته من العرفان والفلسفة التي كان يتبعها بنفسه، بل بمعنى نقده للعرفان والفلسفة التي كانت سائدةً في المجتمع آنذاك. إنّ ما يشبه هذه العودة عن الفلسفة والعرفان نجده في كلمات صدر المتألّهين أيضًا. وبعبارةٍ أخرى: إنّ نقد الفلسفة والعرفان في كلماتهم، يعني نقد الفلسفات وأنواع العرفان الأخرى.
يبدو أنّ الفيض الكاشاني لم يرجع عن الفلسفة والعرفان طوال عمره. وبعبارةٍ أخرى: إنّه طوال مسيرته العلمية كان يسعى ـ مثل أستاذه صدر المتألّهين ـ إلى الجمع بشكلٍ وآخر بين الآيات والروايات والعرفان والفلسفة. وحتى في دائرة الأفكار كان الفيض الكاشاني يفكر ـ إلى حدٍّ كبيرٍ ـ ضمن الإطار الفكري لصدر المتألّهين. وربما أمكن عدّه نسخةً مضطربةً عن صدر المتألّهين؛ ولذلك فإنّه ـ خلافًا لصدر المتألّهين ـ لم يكن يمتلك مرفأً لسفينة أفكاره.
إنّ فلسفة صدر المتألّهين ظلّت لما يقرب من قرنين من الزمن بعد وفاته مفتقرةً إلى ظهيرٍ معتبر، ويمكن الادعاء بأنّ الفلسفة المشائية ظلّت هي السائدة طوال هذه المدّة. وكان الشخص الأوّل الذي قام بالترويج لهذا التيار الفلسفي في أصفهان هو الملّا علي النوري. وقال جلال الدين الآشتياني في هذا الشأن: «إن الملا صادق الأردستاني قد تعرّض لآراء صدر المتألّهين، وقبل ببعض مبانيه ورفض بعضها الآخر. وإنّ الملّا نعيما في مبحث الوجود وأبحاث البرزخ قد قبل بآراء الآخوند، ولم يقبل بالكثير من مبانيه، بيد أنّ التأثّر بمباني صدر المتألّهين واضحٌ وجليٌّ في آثار النراقي، وإنّ الآغا محمد البيدآبادي قد درّس بعض آثار صدر المتألّهين، كما نرى بعض الحواشي والتهميشات له على الأسفار. لقد عمد الملّا علي النوري إلى نشر آراء الأخوند وعقائده، وإنْ كنت حتى الآن لم أقف على شخصٍ قام الآخوند الملّا علي بأخذ آراء صدر المتألّهين منه»[84].
3 ـ تيار الكلام العقلي غير الفلسفي
على الرغم من أنّ التيار الفلسفي للكلام كان هو المسيطر في مدرسة أصفهان، فإنّ هذا لم يكن يعني عدم حضور كلام مرحلة الحِلّة ـ التي كان يُستفاد فيها من الأدبيات الفلسفية، ولكن يتمّ انتقاد الآراء الفلسفية في أغلب الموارد، ويكون هناك إصرار على آراء المتكلّمين ـ في هذه المدرسة. إنّ الشخص الأهم الذي أخذ يتعرّض في هذه المرحلة إلى نقد رؤية الفلاسفة، ويقترب جدًّا من الكلام في مرحلة مدرسة الحِلّة، هو الآغا جمال الخونساري. وإنّه على الرغم من تعلّم الفلسفة وتأليفه لبعض الكتب في هذا المجال، فإنّه في أغلب الموارد، من قبيل: حدوث العالم[85]، وقاعدة الواحد[86]، والجبر والتفويض، وتفسير الأمر بين الأمرين[87]، وبحث القضاء والقدر[88]، وتفسير الصفات الإلهية ولا سيّما صفة الإرادة[89]، كان يميل إلى الكلام ويتعرّض بالنقد للأفكار الفلسفية. وبطبيعة الحال فإنّه يتّخذ في بعض الأحيان اتجاهًا روائيًا، ومن ذلك يمكن الإشارة إلى رأيه في بحث أخبار الطينة والقبول بعالم الذر[90]، على سبيل المثال[91].
والشخص الآخر الموجود في هذا التيار هو الملّا إسماعيل الخواجوي. إنّ الملا إسماعيل بدوره قد عمد في أبحاث من قبيل: حدوث العالم[92]، وبحث وحدة الوجود[93]، والعقول العشرة، والاعتقاد بحياة الأفلاك[94]، إلى نقد الآراء الفلسفية وتأييد المواقف الكلامية السابقة. هذا في حين أنّه كان بنفسه مدرّسًا للفلسفة المشائية في أصفهان، وإنّ كتبه تشهد على معرفته بالمباني العرفانية والفلسفية. إنّ معرفته بالأفكار الفلسفية والعرفانية قد مكّنته من عدم التطرّف في انتقاداته للمباني الفلسفية والعرفانية، وأنْ يسلك طريق الوسطية والاعتدال في هذا الشأن[95]. إنّ آراءه الخاصة في مباحث الإمامة ومنزلة الأئمة (عليهم السلام) لا تنسجم مع موقف التيار الفلسفي والعرفاني وحتى التيار الروائي في هذا الشأن، الأمر الذي أثار عليه كثيرًا من الانتقادات؛ ومن ذلك أنّه يعتقد ـ على سبيل المثال ـ أنّ الذي يراه العقل واجبًا ولازمًا هو أنّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يجب أنْ يكونوا بعد إمامتهم هم أعلم أهل زمانهم، وأمّا قبل بلوغ مقام الإمامة، فمن الممكن أنْ يتعلّم الإمام بعض العلوم من غيره من الأشخاص العاديين؛ إذ يرى أنّ العلوم التي يهبها الله إلى الأئمّة (عليهم السلام) إنّما تختصّ بمرحلة ما بعد بلوغ مقام الإمامة[96]. كما أنّه بالنسبة إلى سهو النبيّ يذهب إلى الاعتقاد بأنّه يعني الإسهاء من قبل الله سبحانه وتعالى، وقد ألّف رسالةً في هذا الشأن أيضًا[97]. كما أنّ له رسالة عدّ فيها القرآن الكريم هو الثقل الأكبر، وأنّ العترة الأطهار من أهل البيت (عليهم السلام) هم الثقل الأصغر[98].
ومع ذلك فإنّه لا يندرج ضمن إطار كلام الحِلّة بشكلٍ كاملٍ أيضًا، وفي بعض الأحيان ـ من خلال انتقاده للأفكار الكلامية يقترب من الاتجاه الروائي (كما في قبوله للمعرفة الفطرية وعالم الذر)[99]. وفي المجموع يمكن عدّ الخواجوي من العلماء الذين قاموا بالاجتهاد في النصوص، وأنّه في أكثر الموارد مال إلى التيار الكلامي، ومال في بعض الموارد إلى التيار الروائي.
وبذلك فقد توصّلنا ـ من خلال التعرّف على التيارات الكلامية الثلاثة في مدرسة أصفهان ـ إلى الآثار التي تركها كلّ واحدٍ من هذه التيارات على المفكّرين المسلمين في المراحل المختلفة، وما هي الآثار القيّمة التي أبدعوها والتي شكّلت مادّةً لتفكير المحقّقين والباحثين عندنا.
( المصادر )
الآشتياني، السيد جلال الدين، منتخباتي از آثار حكماي إلهي إيران از عصر ميرداماد و ميرفندرسكي تا زمان حاضر (مختارات من آثار الحكماء الإلهيين في إيران منذ عصر الميرداماد والميرفندرسكي وصولًا إلى العصر الراهن)، مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي للحوزة العلمية في قم المقدسة، قم، 1378 هـ ش.
جعفريان، رسول، تاريخ تشيّع در إيران (تاريخ التشيّع في إيران)، 1390 هـ ش.
الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، دار الكتاب الإسلامي، قم، 1362 هـ ش.
الشيخ الحر العاملي، محمد بن الحسن، إثبات الهداة، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1422 هـ.
اللاهيجي، حسن بن عبد الرزاق، رسائل (الرسائل)، تصحيح وتحقيق: علي صدرائي خوئي، نشر قبلة، طهران، 1375 هـ ش.
اللاهيجي، حسن بن عبد الرزاق، شمع اليقين وآيينه دين (شمع اليقين ومرآة الدين)، تحقيق: جعفر بجوم سعيدي، تقديم: جعفر السبحاني، نشر سايه، طهران، 1387 هـ ش.
ابن عبد الصمد، حسين، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار، مجمع الذخائر الإسلامية، قم، 1401 هـ.
الحِلّي، الحسن بن سليمان، مختصر البصائر، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1421 هـ.
الحمصي الرازي، سديد الدين، المنقذ من التقليد، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1412 هـ.
خداياري، علي نقي؛ پور أكبر، إلياس، تاريخ حديث شيعه در سده هاي هشتم تا يازدهم (تاريخ أحاديث الشيعة في القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر للهجرة)، دار الحديث، قم، 1385 هـ ش.
الخواجوي، محمد إسماعيل، الرسائل الاعتقادية، تحقيق: مهدي الرجائي، دار الكتب الإسلامية، قم، 1411 هـ.
ديباجي، إبراهيم، (بحراني، ماجد بن هاشم)، دانشنامه جهان اسلام (موسوعة عالم الإسلام، مدخل: البحراني، ماجد بن هاشم)، بإشراف: د. غلام علي حداد عادل، 1386 هـ ش.
الخواجوي، محمد إسماعيل، مفتاح الفلاح ومصباح النجاح، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد، 1414 هـ.
الخواجوي، محمد إسماعيل، رسالة وحدة الوجود، تحقيق: مهدي الرجائي، انتشارات الزهراء، أصفهان، 1383 هـ ش.
الخواجوي، محمد إسماعيل، مفتاح الفلاح ومصباح النجاح، تحقيق: مهدي الرجائي، آستان قدس رضوي، مشهد، 1414 هـ؛
الخواجوي، محمد إسماعيل، جامع الشتات، تحقيق: مهدي الرجائي، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، 1418 هـ.
الخواجوي، محمد إسماعيل، رسالة سهو النبي، في ميراث حوزة أصفهان، تحقيق: مهدي الرجائي، مؤسسة الزهراء، أصفهان، 1383 هـ ش.
الخونساري، آغا جمال، رسائل (الرسائل)، إعداد: علي أكبر زماني نژاد، مؤتمر الآغا حسين الخونساري، قم، 1378 هـ ش.
دانش پژوه، محمد تقي، «رسالة في إثبات الواجب (المحقق الخفري)»، مجلة جاويدان خرد، 1354 هـ ش.
ساعتچيان، فيروزه، (خفري، شمس الدين محمد بن أحمد)، المطبوع في دانشنامه جهان اسلام، بإشراف الدكتور: غلام علي حداد عادل، 1390 هـ ش.
سبحاني، محمد تقي، «شهيدين در كشاكش دو جريان كلامي مدرسه حله» (الشهيدان في تجاذب تيارين كلاميين في مدرسة الحلة)، مجلة نقد ونظر الفصلية، السنة الرابعة، العدد: 56، سنة 1388 هـ ش.
سبحاني، محمد تقي، «عقل گرائي و نص گرائي در كلام اماميه»، (العقلانية والنصّية في كلام الإمامية)، انتشارات سرچشمه حكمت، إعداد: علي نقي خداياري، انتشارات نبأ، 1388 هـ ش.
إبراهيمي ديناني، غلام حسين، أسماء و صفات حق (أسماء وصفات الحق)، نشر أهل قلم، طهران، 1375 هـ ش.
السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1406 هـ.
الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، دفتر تبليغات إسلامي، قم، 1422 هـ.
الشيرازي، محمد معصوم، طرائق الحقائق، تصحيح: محمد جعفر محجوب، كتابخانه سنائي، طهران، 1316 هـ ش.
الصدر، السيد حسن، تكملة أمل الآمل، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1406 هـ.
ابن طاوس، الحسني الحسيني، رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى، كشف المحجّة لثمرة المهجة، منشورات المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف، 1370 هـ / 1950 م.
العاملي، علي بن محمد، الدر المنظوم من كلام المعصوم، دار الحديث، قم، 1384 هـ ش.
العاملي، علي بن محمد، الدرّ المنثور من المأثور وغير المأثور، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1398 هـ.
العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، تصحيح: جعفر السبحاني، مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، قم، 1382 هـ.
الفيض الكاشاني، محمد محسن، علم اليقين في أصول الدين، تقديم وتعليق: محسن بيدار فر، انتشارات بيدار، قم، 1377 هـ ش.
قلي زاده برندق، أحد، «اعتقادات شيعه در كلام فيض كاشاني: كاوشي بر محور أنوار الحكمة» (رأي الشيعة في كلام الفيض الكاشاني: بحث حول محور كتاب أنوار الحكمة)، مجلة: هفت آسمان، العدد: 52، 1390 هـ ش.
إبراهيمي ديناني، غلام حسين، ماجراي فكر فلسفي در جهان اسلام (قصة الفكر الفلسفي في العالم الإسلامي)، نشر طرح نو، طهران، 1376 ـ 1379 هـ ش.
كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز» (المدخل إلى مدرسة شيراز)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 3، 1375 هـ ش.
كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز: محقق خفري» (المدخل إلى مدرسة شيراز: المحقق الخفري)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 3، 1375 هـ ش.
كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز: مير غياث الدين منصور دشتكي» (القسم الأول) (المدخل إلى مدرسة شيراز: المير غياث الدين الدشتكي)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 5 ـ 6، 1375 هـ ش.
كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز: مير غياث الدين منصور دشتكي» (القسم الثاني) (المدخل إلى مدرسة شيراز: المير غياث الدين الدشتكي)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 7، 1375 هـ ش.
كوربان، هنري، تاريخ فلسفه اسلامي (تاريخ الفلسفة الإسلامية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: جواد الطباطبائي، انتشارات كوير، طهران، 1377 هـ ش.
اللاهيجي، عبد الرزاق، شوارق الإلهام، انتشارات مهدوي، أصفهان.
اللاهيجي، الملا محمد جعفر بن محمد صادق، شرح مشاعر ملا صدرا (شرح المشاعر لصدر المتألّهين)، تقديم وتصحيح: السيد جلال الدين الآشتياني، مكتب الإعلام الإسلامي، قم.
اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، موسوعة طبقات الفقهاء، بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، 1418 هـ.
مادلونغ، ويلفرد، «تركيب كلام فلسفه و عرفان در مسلك ابن أبي جمهور: در مكتبها و فرقه هاي اسلامي در سده هاي ميانه» (مزج الكلام والفلسفة والعرفان في منهج ابن أبي جمهور الأحسائي: في المدارس والفرق الإسلامي في القرون الوسيطة)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: جواد قاسمي، انتشارات آستان قدس، مشهد، 1387 هـ ش.
العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1362 هـ.
إبراهيمي ديناني، غلام حسين، جلال الدين دواني: فلسوف ذوق التأله، نشر هرمس، طهران، 1390 هـ ش.
العلامة المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار الرسول، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1404 هـ..
المجلسي (الأول)، محمد تقي، لوامع صاحبقراني، مؤسسة إسماعيليان، قم، 1414 هـ.
المطّهري، مرتضى، شرح مبسوط منظومة (الشرح التفصيلي للمنظومة)، انتشارات حكمت، طهران، 1362 هـ ش.
صدر المتألّهين الشيرازي، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1981 م.
ملكي ميانجي، علي، علامه مجلسي أخباري يا أصولي؟ (العلامة المجلسي أخباري أم أصولي؟)، انتشارات دليل ما، قم، 1385 هـ ش.
الأفندي الأصفهاني، عبد الله، تعليقة أمل الآمل، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1410 هـ.
أوجبي، علي، ميرداماد بنيانگذار حكمت يماني (الميرداماد مؤسس الحكمة اليمانية)، نشر ساحت، طهران، 1382 هـ ش.
البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، 1406 هـ
الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، انتشارات إسماعيليان، قم، والمكتبة الإسلامية، طهران، 1408 هـ.
-----------------------------------------------
[1] انظر: سبحاني، محمد تقي، عقل گرائي و نص گرائي در كلام اماميه = (العقلانية والنصّية في كلام الإمامية)، ص 92 ـ 107، انتشارات سرچشمه حكمت، إعداد: علي نقي خداياري، انتشارات نبأ، 1388 هـ ش. (مصدر فارسي).
[2] انظر: سبحاني، محمد تقي، شهيدين در كشاكش دو جريان كلامي مدرسه حله =(الشهيدان في تجاذب تيارين كلاميين في مدرسة الحلة)، مجلة نقد ونظر الفصلية، السنة الرابعة، العدد: 56، سنة 1388 هـ ش. (مصدر فارسي).
[3] فيما يتعلق بعلماء مدرسة الري، وتأثير مدرسة بغداد عليهم، انظر: جعفريان، رسول، تاريخ تشيّع در إيران (تاريخ التشيّع في إيران)، ص 475 ـ 487، 1390 هـ ش. (مصدر فارسي).
[4] انظر: الحمصي الرازي، سديد الدين، المنقذ من التقليد، ج 1/ 17 ـ 18.
[5] انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، ج 7/ 180؛ الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 23/ 154.
[6] انظر: العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 107/ 60 ؛ الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، ج 2، ص 348.
[7] على الرغم من عدم توفّر كثير من آثار ورّام، فإنّ كتابه (تنبيه الخواطر ونزهة الناظر) أو (مجموعة ورّام)، يعبّر إلى حدٍّ ما عن توجّهاته.
[8] انظر في هذا الشأن: ابن طاوس، الحسني الحسيني، رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى، كشف المحجّة لثمرة المهجة، ص 48 ـ 55، وص 64 ـ 68.
[9] من ذلك ـ على سبيل المثال ـ يمكن الإشارة إلى نقل كثيرٍ من الروايات في عالم الذر والمعرفة الفطرية، حيث تواجه مباني المتكلمين في مدرسة بغداد بقوّة. انظر: الحِلّي، الحسن بن سليمان، مختصر البصائر، ص 381 ـ 429، وص 499 ـ 521. وقد عمد في بعض الموارد إلى بيان رأيه التفسيري بشأن الروايات؛ الأمر الذي يبين تقابله الواضح مع المتكلمين في بغداد.
[10] فيما يتعلّق بدراسته على يد فخر المحققين، انظر: العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 107، ص 177 ـ 178، 1406 هـ، وفيما يتعلّق بدراسته على يد قطب الدين الرازي، انظر: المصدر ذاته، ص 188.
[11] انظر: الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، ج 2، ص 325، 1362 هـ ش.
[12] فيما يتعلّق بدراسة علي بن هلال على يديه، انظر: الأفندي الإصفهاني، عبد الله، تعليقة أمل الآمل، ص 320، .
[13] لقد استفاد المحقق الكركي منه بوساطة على بن هلال. انظر: الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 1، ص 133، 1408 هـ.
[14] فيما يتعلّق بالتوجّهات الكلامي للشهيد الأوّل والشهيد الثاني واختلافاتهما، انظر: سبحاني، محمد تقي، «شهيدين در كشاكش دو جريان كلامي مدرسه حله» (الشهيدان في تجاذب تيارين كلاميين في مدرسة الحلة)، مجلة نقد ونظر الفصلية، السنة الرابعة، العدد: 56، ص 183 ـ 212، سنة 1388 هـ ش. (مصدر فارسي).
[15] قد يكون لشخصٍ اتّجاهٌ روائي في الكلام، ولكنّه مع ذلك لا يكون أخباريًّا في الفقه. كما أنّ بعض الفلاسفة والحكماء كان له توجّه أخباري. من ذلك أنّ الفيض الكاشاني ـ على سبيل المثال ـ في الوقت الذي كان له توجّه حكمي وعرفاني في الكلام، ولكنّه كان في الفقه أخباريًا.
[16] انظر بشأنه وأفكاره الكلامية: مادلونغ، ويلفرد، تركيب كلام فلسفه و عرفان در مسلك ابن أبي جمهور: در مكتبها و فرقه هاي اسلامي در سده هاي ميانه (مزج الكلام والفلسفة والعرفان في منهج ابن أبي جمهور الأحسائي: في المدارس والفرق الإسلامي في القرون الوسيطة).
[17] انظر: كاكائي، قاسم، آشنائي با مكتب شيراز: مير سيد صدر الدين دشتكي (سيد سند) =(المدخل إلى مدرسة شيراز: المير سيد صدر الدين الدشتكي «السيد السند»)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 3، ص 82، 1375 هـ ش. (مصدر فارسي).
[18] انظر: المطهري، مرتضى، شرح مبسوط منظومة (الشرح التفصيلي للمنظومة)، ح 1/276.
[19] انظر: المصدر أعلاه، ص 84، نقلًا عن: كشف الحقائق المحمدية، لغياث الدين منصور (مخطوطة).
[20] انظر بشأنه: إبراهيمي ديناني، غلام حسين، جلال الدين دواني: فيلسوف ذوق التألّه، نشر هرمس، طهران، 1390 هـ ش. (مصدر فارسي).
[21] من أجل الوقوف على موافقة صدر المتألّهين الشيرازي للسيّد السند في بحث أصالة الوجود، انظر: الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، ح 1/ 59. وفي بحث الوجود الذهني، انظر: المصدر ذاته، ص 315؛ وفي بحث مجعولية الوجود، انظر: المصدر ذاته، ص 415؛ وفي القول بالتركيب الاتحادي بين المادة والصورة، انظر: المصدر ذاته، ص 282؛ وفي بحث التوحيد وبرهان الصديقين، انظر: المصدر ذاته، ج 6، ص 81. وفي المقابل فإنّ صدر المتألّهين حيثما تكلّم عن جلال الدين الدواني، فإنّه يبادر إلى نقد كلامه. من ذلك أنّه في بحث الوجود الذهني ـ على سبيل المثال ـ يتهمه بالتوهّم (المصدر ذاته، ح 1، ص 309 ـ 318)، ويرى أنّه لم يفهم معتقد أو مذهب الإشراقيين (المصدر ذاته، ص 399). أو أنّه يرى رأيه في التوحيد الذي عُرف بذوق التألّه، واهيًا وضعيفًا (المصدر ذاته، ص 68). وكذلك للمزيد من الاطلاع، انظر: كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز: مير سيد صدر الدين دشتكي (سيد سند)» (المدخل إلى مدرسة شيراز: المير سيد صدر الدين الدشتكي «السيّد السند»)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 3، 1375 هـ ش. (مصدر فارسي).
[22] انظر: كاكائي، قاسم، «آشنائي با مكتب شيراز: مير سيد صدر الدين دشتكي (سيد سند)» (المدخل إلى مدرسة شيراز: المير سيد صدر الدين الدشتكي «السيّد السند»)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 5 ـ 7، 1375 هـ ش. (مصدر فارسي).
[23] انظر: كاكائي، قاسم، آشنائي با مكتب شيراز: محقق خفري= (المدخل إلى مدرسة شيراز: المحقق الخفري)، مجلة: خردنامه صدرا، العدد: 4، 1375 هـ ش. وانظر أيضاً: دانش پژوه، محمد تقي، رسالة في إثبات الواجب (المحقق الخفري)، مجلة جاويدان خرد، 1354 هـ ش. وانظر بشأن سيرته الذاتية: ساعتچيان، فيروزه، «خفري، شمس الدين محمد بن أحمد»، المطبوع في دانشنامه جهان اسلام، بإشراف الدكتور: غلام علي حداد عادل، ج 15، ص 756 ـ 758، 1390 هـ ش. إنّ هذا المدخل لم يُشر إلى آرائه الفلسفية أبدًا، وإنما اكتفى بمجرّد سرد سيرته الذاتية والإشارة إلى بعض آثاره فقط.
[24] انظر بشأنه: ديباجي، إبراهيم، «بحراني، ماجد بن هاشم»، دانشنامه جهان اسلام (موسوعة عالم الإسلام، مدخل: البحراني، ماجد بن هاشم)، بإشراف: د. غلام علي حداد عادل، ح 2، ص 313 ـ 314، 1386 هـ ش. (مصدر فارسي).
[25] انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، ج 6، ص 396، 1406 هـ؛ موسوعة طبقات الفقهاء، بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، ج 10، ص 165.
[26] انظر: الصدر، السيد حسن، تكملة أمل الآمل، ص 203.
[27] انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، 6/56 ـ 66، 1406 هـ.
[28] انظر: المصدر أعلاه، 6/63.
[29] انظر في هذا الشأن، وكذلك حول اهتمامه بعلم الحديث برواية نظام الدين القريشي ـ تلميذ الشيخ البهائي ـ عنه: المصدر أعلاه، ج 6، ص 57.
[30] انظر: ابن عبد الصمد، حسين، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار، ص 28.
[31] انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، ج 6، ص 193.
[32] انظر: المجلسي (الأول)، محمد تقي، لوامع صاحبقراني، 1/9.
[33] المصدر أعلاه، ص 47.
[34] انظر بشأن هذه الفهرسة: خداياري، علي نقي؛ پور أكبر، إلياس، تاريخ حديث شيعه در سده هاي هشتم تا يازدهم (تاريخ أحاديث الشيعة في القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر= =للهجرة)، ص 331.
[35] انظر بشأن الأسلوب الفقهي واتجاه العلّامة المجلسي: ملكي ميانجي، علي، علامه مجلسي أخباري يا أصولي؟ (العلامة المجلسي أخباري أم أصولي؟).
[36] يمكن الرجوع في هذا الشأن إلى: أبواب المعرفة الإجمالية ضرورية موهوبة فطرية لا كسبية، وجوب الرجوع إلى الأدلة النقلية في تحصيل المعارف التفصيلية، وعدم جواز العمل في الإيقاعات بالظنون والأهواء والعقول الناقصة. انظر: الشيخ الحر العاملي، محمد بن الحسن، إثبات الهداة، 1/64 ـ 97.
[37] انظر: الشيرازي، محمد معصوم، طرائق الحقائق، 1/281.
[38] انظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، 102/79، 1406 هـ.
[39] انظر: المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار الرسول، 2/222.
[40] انظر: الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 12/260، 1408 هـ.
[41] المصدر أعلاه، 11/138 ـ 139.
[42] انظر: العاملي، علي بن محمد، الدر المنظوم من كلام المعصوم، ص 434 ـ 439، وص 464 ـ 465.
[43] وقد أشار إلى كتابه هذا في كتاب الدر المنثور. انظر: العاملي، علي بن محمد، الدرّ المنثور من المأثور وغير المأثور، 2/245.
[44] انظر: العاملي، علي بن محمد، الدر المنظوم من كلام المعصوم، ص 384 ـ 394. بل إنّه يؤيّد حتى الشروط التي ذكرها المجتهدون المتأخرون للاجتهاد أيضًا. (انظر: المصدر ذاته، ص 393).
[45] انظر بشأن فهرسة كتبه ومؤلفاته: مقدمة كتاب الدر المنظوم، لمؤلفه: محمد حسين درايتي. (المصدر ذاته، ص 24 ـ 30).
[46] انظر: الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة،11/210، 1408 هـ.
[47] رغم أنّ الشيخ نصير الدين الطوسي نفسه، يعمل على ترجيح آراء المتكلّمين في آثاره الكلامية، من قبيل: (التجريد).
[48] كان جميع المتكلمين في الحلة يعتقدون بقدم العالم، وينتقدون بشكلٍ خاصّ كلام الفلاسفة في بحث قدم العالم. انظر في هذا الشأن: البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، ص 51 ـ 63؛ العلامة الحلي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، تصحيح: جعفر السبحاني، ص 10 ـ 11؛ الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 415.
[49] انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، تصحيح: جعفر السبحاني، ص 12.
[50] انظر: الفاضل السيوري، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 315 ـ 316.
[51] انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 16؛ الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 107 ـ 108.
[52] إنّ المتكلّمين كانوا يعرّفون القدرة بحيث لا تتنافى مع اختيار الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فإنّ تعريف الفلاسفة للقدرة لم يكن ينطوي على هذه النتيجة، بل وإنّ الفلاسفة لم يكونوا يرون إشكالًا في ذلك أصلًا. وعلى حدّ تعبير اللاهيجي ـ الذي ينحاز إلى رأي الفلاسفة ـ «الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار». كما أنّ لهذا البحث جذورًا في حدوث وقدم العالم.= =فيما يتعلّق برأي المتكلمين، انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 11؛ الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 196؛ البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، ص 82 ـ 85. وفيما يتعلق برأي اللاهيجي وشرحه التفصيلي لهذا البحث والاختلاف بين المتكلمين والفلاسفة، انظر: اللاهيجي، عبد الرزاق، شوارق الإلهام، ص 500 ـ 508.
[53] انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد (قسم الإلهيات)، ص 87 ـ 88.
[54] إن تقرير الفاضل المقداد للاختلاف بين المتكلّمين والفلاسفة ونقده لرؤية الفلاسفية فريد من نوعه. انظر في هذا الشأن: الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 241 ـ 243.
[55] كان المتكلّمون في هذه المرحلة ينكرون تجرّد الروح، وكانوا يرون حقيقة الإنسان عبارة عن أجزاء بدنه. انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 258 ـ 259؛ الفاضل السيوري، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 418 ـ 420.
[56] من ذلك أنّ للفاضل المقداد السيوري ـ على سبيل المثال ـ فصلًا بهذا العنوان: (باب يجوز خلق عالم آخر لهذا العالم خلافًا للحكماء). انظر: الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 413 ـ 418. وللوقوف على بحث مشابه، انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 243 ـ 244.
[57] فيما يتعلّق باعتقاد الحكماء في بحث المعاد الجسماني، ونقد أدلتهم ومبانيهم، انظر: العلّامة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 258 ـ 259؛ الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 428 ـ 433.
[58] إنّ هذه المواجهات يمكن مشاهدتها في جميع كتب مدرسة الحِلّة بوضوح. ويمكن الرجوع للوقوف على النموذج والمثال الأفضل إلى كتاب اللوامع الإلهية للفاضل المقداد، الذي يمثل خلاصة ونتيجة آراء هذه المدرسة.
[59] انظر على سبيل المثال: البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، ص 59؛ العلامة الحلي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات)، ص 82؛ الفاضل السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المعارف الإلهية، ص 415.
[60] انظر: أوجبي، علي، ميرداماد بنيانگذار حكمت يماني= (الميرداماد مؤسس الحكمة اليمانية) وانظر: كوربان، هنري، تاريخ فلسفه اسلامي =(تاريخ الفلسفة الإسلامية)، ص 478 ـ 479.
[61] وبطبيعة الحال فقد ذهب الأستاذ همائي إلى الاعتقاد بأنّ الميرفندرسكي كان ـ خلافًا للميرداماد ـ متبحّرًا في فلسفة الإشراق والعرفان. انظر: اللاهيجي، الملّا محمد جعفر بن محمد صادق، شرح مشاعر ملا صدرا (شرح المشاعر لصدر المتألّهين)، تقديم وتصحيح: السيد جلال الدين الآشتياني، ص 19.
[62] انظر: المصدر أعلاه، ص 480 ـ 481.
[63] انظر: الآشتياني، السيّد جلال الدين، منتخباتي از آثار حكماي إلهي إيران از عصر ميرداماد و ميرفندرسكي تا زمان حاضر (مختارات من آثار الحكماء الإلهيين في إيران منذ عصر الميرداماد والميرفندرسكي وصولًا إلى العصر الراهن)، 1/ 221 ـ 223.
[64] انظر: إبراهيمي ديناني، غلام حسين(أسماء وصفات الحق)، 81 ـ 96.
[65] انظر: الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 1/104، 1408 هـ.
[66] انظر: المصدر نفسه، 2/177.
[67] انظر: المصدر نفسه، 11/78.
[68] انظر: المصدر نفسه،ج 11/90.
[69] انظر: المصدر نفسه، 21/190.
[70] انظر: إبراهيمي ديناني، غلام حسين، ماجراي فكر فلسفي در جهان اسلام (قصة الفكر الفلسفي في العالم الإسلامي)، ص 331 ـ 332، نشر طرح نو، طهران، 1376 ـ 1379 هـ ش. (مصدر فارسي).
[71] انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، 9/344، 1406 هـ.
[72] كما كانت له رسائل أخرى، ومن بينها يمكن الإشارة إلى كتاب «كليد بهشت» (مفتاح الجنة)، و«شرح الأربعين». وقد عمد في آخر عمره إلى جمع كتبه كلها ضمن (الأربعينيات). انظر بشأن التعرّف على هذا الكتاب: الطهراني، الآغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 1/436 ـ 437، 1408 هـ.
[73] كوربان، هنري، تاريخ فلسفه اسلامي (تاريخ الفلسفة الإسلامية)، ص 487.
[74] إنّ ظاهرة اقتصار المتكلّمين في هذه المرحلة من إصفهان ـ وحتى في المراحل اللاحقة ـ على شرحهم لكتاب تجريد الاعتقاد للخواجة نصير الدين الطوسي فقط، أمرٌ في غاية الأهمية. إنّ الشيخ نصير الدين الطوسي يمثل استثناء في المرحلة الكلامية في مدرسة الحِلّة. فعلى الرغم من أنّ الشيخ الطوسي كان ما يزال مخالفًا للفلسفة في المسائل الكلامية الجوهرية، إلا أنّ اتجاهاته الفلسفية أكبر من سائرالمتكلّمين في مدرسة الحلة، كما أنّه قلما يشكل على الآراء الفلسفية إذا ما قيس إلى تلاميذه.
[75] انظر: اللاهيجي، عبد الرزاق، شوارق الإلهام، 2/494 ـ 500، وص 550 ـ 551.
[76] (كنز الإيمان).
[77] (الجوهر المطلوب).
[78] طبعت هذه الرسالته ضمن كتاب (آيينه دين) في سلسلةٍ واحدة. انظر: اللاهيجي، حسن بن عبد الرزاق، شمع اليقين وآيينه دين (شمع اليقين ومرآة الدين)، تحقيق: جعفر بجوم سعيدي، تقديم: جعفر السبحاني، نشر سايه، طهران، 1387 هـ ش. (مصدر فارسي).
[79] طبع هذا الكتاب مع بعض رسائله الفارسية الأخرى ضمن مجموعةٍ واحدة. انظر: اللاهيجي، حسن بن عبد الرزاق، رسائل (الرسائل)، تصحيح وتحقيق: علي صدرائي خوئي، نشر قبلة، طهران، 1375 هـ ش. (مصدر فارسي).
[80] للتعرّف على كتبه، انظر: السيد محسن، الأمين، أعيان الشيعة، 5/133، 1406 هـ.
[81] انظر: بيدار فر، محسن، مقدمة علم اليقين في أصول الدين، ص 9، نقلاً عن: رسالة شرح الصدر للفيض الكاشاني.
[82] تم اقتباس بعض هذه المقولات من الجامي، وبعضها من القيصري، وبعضها الآخر من غيرهما. إنّ اكتشاف مصادر هذه الكلمات يدلنا على ما إذا كان الفيض الكاشاني يميل ـ مثل صدر المتألّهين ـ إلى مجرد مسلك ابن عربي في التصوّف، أم كان بالإضافة إلى ذلك مرتبطًا بالتيارات الصوفية الأخرى أيضًا؟
[83] لقد دأب الفيض الكاشاني على تدوين تاريخ الفراغ من تأليف كلّ كتابٍ في نهايته، كما قام بفهرسة سلسلة مؤلّفاته بنفسه. وهذه النقطة من شأنها أنْ تساعدنا على فهم تحوّلاته الفكرية. وفيما يتعلّق باتجاهاته الفكرية وتدوين تواريخ كتبه، انظر: بيدار فر، محسن، مقدمة علم اليقين في أصول الدين، ص 20 ـ 28. وانظر أيضًا: قلي زاده برندق، أحد، «اعتقادات شيعه در كلام فيض كاشاني: كاوشي بر محور أنوار الحكمة» (رأي الشيعة في كلام الفيض الكاشاني: بحث حول محور كتاب أنوار الحكمة)، مجلة: هفت آسمان، العدد: 52، ص 59 ـ 87، 1390 هـ ش. (مصدران فارسيان).
[84] انظر: الآشتياني، السيد جلال الدين، منتخباتي از آثار حكما وعرفا از عصر ميرداماد و ميرفندرسكي تا زمان حاضر (مختارات من آثار الحكماء والعرفاء منذ عصر الميرداماد والميرفندرسكي وصولًا إلى العصر الراهن)، 4/225.
[85] انظر: الخونساري، آغا جمال، رسائل (الرسائل)، إعداد: علي أكبر زماني نژاد، ص 190، مؤتمر الآغا حسين الخونساري.
[86] انظر: المصدر نفسه، ص 283 ـ 288.
[87] انظر: المصدر نفسه، ص 178 ـ 181.
[88] انظر: المصدر نفسه، ص 183 ـ 184.
[89] انظر: المصدر نفسه، ص 167 ـ 169.
[90] انظر: الخونساري، آغا جمال، رساله شرح اخبار طينت (رسالة شرح أخبار الطينة).
[91] تأتي هذه الآراء منه، والحال أنّ والده الآغا حسين الخونساري كان يُعدّ من الفلاسفة المشائين في إصفهان.
[92] انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، الرسائل الاعتقادية، تحقيق: مهدي الرجائي، 2/500 ـ 501.
[93] لقد انتقد وحدة الوجود عند العرفاء والصوفية، وقبل بوحدة الشهود. انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، رسالة وحدة الوجود، تحقيق: مهدي الرجائي، انتشارات الزهراء، إصفهان، 1383 هـ ش. حيث كتبت هذه الرسالة في الردّ على القول بوحدة الوجود.
[94] انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، جامع الشتات، ص 57 ـ 60، إنه في هذه العبارة قد انتقد الشيخ البهائي والفيض الكاشاني بسبب قبول هذه المسألة بشدّة. كما أشكل في هذا القسم بشدة على تأويلات الفلاسفة والحكماء.
[95] من ذلك على سبيل المثال أنّ تقريره عن وحدة الوجود بالشكل الذي يعود إلى وحدة الشهود، ونقده للتقريرات الفلسفية والعرفانية في هذا الشأن جديرة بالقراءة. انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، رسالة وحدة الوجود
[96] انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، جامع الشتات، تحقيق: ص 179.
[97] إنّه في هذا البحث يتفق مع الشيخ الصدوق، وأبو الوليد، والشيخ الكليني. انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، رسالة سهو النبي، في ميراث حوزة إصفهان، ج 1
[98] انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، تبصرة الإخوان في معرفة أكبرية القرآن (مخطوط)، تحقيق: مهدي الرجائي. لقد تمّ نقد هذا الكتاب من قبل بعض العلماء في المراحل اللاحقة. من ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن كتاب (روح الإيمان والإسلام)، لمؤلفه الميرزا يحيى البيدآبادي المستوفي (وهو مخطوط)، قد تمّ تأليفه في نقد هذا الكتاب.
[99] إنّه يجيب في هذا البحث عن إشكالات المتكلّمين، من قبيل: التناسخ وما إلى ذلك. ويرى أنّ المعرفة في الأساس من (صنع الله). انظر بشأن المعرفة الفطرية على سبيل المثال: الخواجوي، محمد إسماعيل، مفتاح الفلاح ومصباح النجاح، ص 43، آستان قدس رضوي، مشهد، 1414 هـ؛ الخواجوي، محمد إسماعيل، مفتاح الفلاح ومصباح النجاح، وبشأن عالم الذر، انظر: الخواجوي، محمد إسماعيل، جامع الشتات، ص 71، 1418 هـ.