الباحث : الشيخ د. عبدالإله الشبيبي
اسم المجلة : العقيدة
العدد : 12
السنة : السنة الرابعة - شهر رمضان 1438هـ / 2017م
تاريخ إضافة البحث : August / 13 / 2017
عدد زيارات البحث : 1027
خاتم الأنبياء
في القـــرآن الكــريم
دراسة استكشافية لآليات مواجهة الرسالة الإلهية
الشيخ د. عبدالإله الشبيبي(*)
الخلاصة
يقف هذا البحث مشخصاً موقف القرآن الكريم في عرض معالم المواجهة بين الخط الرسالي الإلهي ممثلاً بالنبي الأعظم 9 وما ذكر من الأنبياء والرّسل السابقين وبين المكذبين لهم والمعارضين لنهجهم، وكان مدار القرآن الكريم وقطب الرحى فيه توضيح وإظهار صورة النبي الأكرم 9 وفي مداراته بيان صور الأنبياء في مواجهتهم عقائد الباطل، وسعيهم في تقرير وترسيخ الخط الرسالي الإلهي على هذه الأرض.
لقد قدّم النصّ القرآني أدق الصور والأمثلة التي واجهها الرسول الأعظم محمد9 ـ والتي فاقت ما تعرّض له الأنبياء والمرسلين السابقين عليه ـ من قومه وهي إشارة حيّة إلى واقعة أهل زمانه بالرسالة والرسول 9 ولعل جزءاً كبيراً من الأمثلة والوسائل والآليات لأهل العقائد الباطلة التي عرضها القرآن كانت ملمحاً لما عاناه في حياته 9 منهم، واستشراف لما سيأتي بعده من نقدٍ على حرمة مقامه النبوي ومكانته الرسالية وما يجري على أوصيائه وأهل بيته.
تمهيد
الظواهر القرآنية التي تضمَّنها الكتاب المجيد كثيرة وقديمة بقدم الرسالات السماوية وأبرزها ظاهرة الوحي القرآني وظاهرة نزوله وظاهرة الإيمان والكفر به وظاهرة الغلو في الانتماء المعاكس عبر التأليه المصطنع للأوثان والأصنام، وظاهرة المواجهة والنضال الدائم بين الكفر والإيمان والأنبياء ومكذِّبيهم إلى غير ذلك من ظواهر تتصل بعقائد الإنسان ومنهجه في الإيمان والعروج إلى الحقّ تعالى. فتجربة الايمان في حياة الانسان التي تعبّر عن النزوع الى المطلق والتطلُّع إليه وراء الحدود مثلا من الظواهر التي لازمت الانسان منذ أبعد العصور وفي كل مراحل التاريخ وعاشت وستعيش معه هكذا. ومنذ أن كانت هذه الظاهرة ملازمة له هذا التلازم الفكري والاجتماعي كانت المواجهة بينها وبين الكفر والوثنية والإلحاد، وقد ظهرت المواجهة من قبل جبهة الإلحاد والشرك بمظهرين هما:
التكذيب.
القتل.
وقد تعمقّت ظاهرة التكذيب عبر ممارستها هذا العمر الطويل للبشرية التي سارت على طريقي الإلحاد والشرك، ولم تقف التجربة الإيمانية والعبادية المرتبطة بالمطلق الحقّ أمام ظاهرة التكذيب وهي تريد القضاء عليها وإماتتها مكتوفة الأيدي، بل انبرت من خلال الوحي الإلهي والرسل الأمناء عليه في الوقوف أمامها بحزم وبذلت كلَّ الجهد في سبيل تطهير الأرض من ألواثها وفتنتها وضلالها. والبحث الذي تناولناه في هذا الفصل يريد أن يفتح ملفّ هذ الظاهرة السلبية ويتعرّف عليها ليتدرَّج من خلاله في معرفة ما هو الجهد الإيماني الذي يمثِّل الموقف الرسالي في علاجها. وأول ما يتناوله الملفّ منها: هو معرفة السبب في كونها ظاهرةً، ومعرفة المبرر في أولوية تناولها بالدراسة القرآنية.
لماذا اعتبرنا التكذيب ظاهرة؟
إنّما انتزعت الظاهرة هذا الاسم لوقوع الشيء الذي تضاف إليه تحت الحواس، وإذا رجعنا الى القرآن الكريم نجده يضع التكذيب تحت الحواس، قال تعالى: ﴿أرأيتَ الذي ينهى. عبدا إذا صلّى. أرأيتَ إن كان على الهدى. أو أَمَرَ بالتقوى. أرأيت إن كَذَّب وَتَولّى﴾([1])، قال تعالى: ﴿أرأيت الذي يُكذِّب بالدين﴾([2])وقال تعالى: ﴿فكذَّبوه فنجَّيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائفَ وأغرقنا الذين كذَّبوا بآياتنا فانظرْ كيفَ كانَ عاقبةُ المُنْذَرينَ. ﴾([3]) وقال تعالى: ﴿قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾([4]) وقال تعالى: ﴿ألم تكن تُتْلى عليكم آياتي فكُنْتم بها تُكَذِّبون﴾([5]) وقال تعالى: ﴿قال موسى أتقولونَ للحقِّ لما جاءكم أسحرٌ هذا ولا يُفلح الساحرونَ. قالوا أجئتَنا لِتلفتَنا عمّا وجدْنا عليه آباءَنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن لكما بمؤمنين﴾([6]).
فالتكذيب بما أنه تتناوله الرؤية المطلقة من حيث البداية كما في آيات سورة العَلَق والماعون، وتناولته الرؤية ذاتها من حيث العاقبة والنتيجة في الدنيا والآخرة كما في الآية الثالثة والرابعة، ووقع على ما تناوله السمع والنطق حيث تتلى الآيات على مسامع المخاطبين الذين يشكِّل المكذِّبون قسماً منهم كما في الآية الخامسة والسادسة. فهو بلحاظ وقوعه تحت ما تدرك به الظواهر يكون ظاهرة بامتياز، بل هو من أبرز الظواهر التي تناولها القرآن لما لها من تكرار ومعايشة مستمرة مع كل الجهود المبذولة من قبل جميع الأنبياء على طول الخط من آدم 7 الى محمد 9. ومن هنا كان من الجدير معرفة هذه الظاهرة القرآنية ومعرفة نظر القرآن فيها ودراستها دراسة موضوعية.
المبرِّر في أولوية دراسة ظاهرة التكذيب:
إنَّ أوّل ما يصلح أن يكون مبرِّراً في أولوية دراسة هذه الظاهرة وما يبرِّر اختيارنا إياها في قوله تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جاءَكُم رَسُولٌ بمَا لا تَهوَى أَنفُسُكُم استَكبَرتُم فَفَريقاً كَذَّبتُم وَفَريقاً تَقتُلونَ﴾([7])هو: البدء بما بَدأ به القرآن الكريم الذي ساير المنطق والواقع في التدرّج بالمواجهة ووقوعها، وهي بداية بلا شكّ منسجمة ومنطبقة مع منهج التدرّج الذي يرى أنّ قضيّة المواجهة الفكرية والعقائدية دائماً إذا لم تصل مبتغاها على يد المعاندين فإنّها سوف لن تنتهي إلاّ الى مرحلة أشدّ وأقسى من سابقتها، وليس في مفروض المواجهة وفي ضوء هذا التفكير سوى القتل (التصفية الجسديّة)، هذا إذا كانت القوى المتصدِّية للمواجهة تنطلق بمنطلقات منطقيّة.
قال تعالى في الإشارة الى هذه الأولوية المنطقية والواقعية: ﴿لقد سمع الله قولَ الذين قالوا إنَّ اللهَ فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتبُ ما قالوا وقتلَهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذُقُوا عذابَ الحريق﴾([8]). حيث ورد ذكر التكذيب بأسلوبه المعبَّر عنه في الآية الكريمة قبل قتل الأنبياء معطوفاً عليه خطورة الثاني. وقال تعالى: ﴿فَكذَّبُوهُ فَعَقرُوهَا فَدَمدَمَ عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها﴾([9])والفاء في لفظة فعقروها للترتيب، لا بل إنّ الانتقال المنطقي الذي تؤكِّده الآيات والواقع الخارجي في الانتقام من المجرمين يتمّ بعد تحقّق الإجرام كما في آية سورة الشمس المتقدِّمة.
وفي تشخيص هذه الأولوية بديهياً نقل المولى محمد صالح المازندراني عن كلٍّ من القاضي وصاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: ﴿وقال بل كذَّبوا بما لم يُحيطوا بعلمِه﴾ ما نصّه: «بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن أوّل ما سمعوه وفي بديهة السماع قبل أن يفقهوا ويتدبَّروا آياته ويعلموا كُنهَ أمره ويفقهوا تأويله ومعانيه، وذلك لفرط نفورهم على مخالفة دينهم ومفارقة دين آبائهم كالناشئ على التقليد إذا أحسَّ بكلمة لا تُوافق ما نشأ عليه وأَلِفَه وإن كانت أشدّ ضوءاً من الشمس في ظهور الصحة وبيان الاستقامة، أنكرها أوَّل وهلة واشمأزَّ منها قبل أن يحسّ إدراكها بحاسة سمعه من غير فكر في صحة أو فساد لأنه لم يشعر قلبه إلا صحَّة مذهبه وفساد ما عداه من المذاهب»([10]).
إذن في ضوء البديهة والتفكير المنطقي والشواهد القرآنية نجد ما يبرر أولوية المسألة في تسلسل المواجهات ضد الأنبياء : ونجد كذلك أولوية وقوعها قبل غيرها كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا تَأتيهِم مِن آيةٍ مِن آياتِ ربِّهم إلاّ كانُوا عَنها مُعرضينَ. فَقَد كَذَّبُوا بالحَقِّ لمَّا جَاءَهُم﴾([11])حيث جَعَلَت الآية الإعراض الذي هو نتاج لسجيَّة الاستكبار نتيجة للتكذيب بالأصل المقصود وهو الحقّ الذي أُرسِلَ به الرسول والذي جاء ذكره متأخِّرا عن الإعراض في النصّ، هذا على حدِّ ما ذهب إليه الطباطبائي في الميزان في تفسير القرآن([12]).
أقول: وسيأتي الكلام في أن الإعراض هو تكذيب آخر وزيادة وأن هذا التسلسل الواقعي هو بلحاظ الزيادة لا بلحاظ أسبقية التكذيب على الإعراض بوصفه إعراضاً.
و أما الشوكاني في فتح القدير فبنى على أسبقيّة التكذيب في الآية المتقدِّمة على الإعراض وقوعاً، فقال:
«﴿فَقَد كَذَّبُوا﴾ جواب شرط مقدَّر: أي إن كانوا مُعرضينَ عنها فقد كذَّبوا بما هو أعظم من ذلك وهو الحقّ»([13]). والتعليق عليه هو نفس التعليق الآنف.
ومما يشهد من الواقع الميداني للمواجهة على وقوع التكذيب القولي والفعلي قبل غيره هو ما وقع من المواجهة مع نبيِّنا محمد 9 حيث وقعت محاولة الاغتيال الفاشلة ـ بفضل تضحية الإمام علي 7 وتفديته بنفسه عند مبيته ليلة الهجرة([14])على فراش رسول الله 9 ـ بعد مضي ثلاثة عشر سنة من الدعوة الى الله وتكذيبهم المستمرّ لدعوته. ومما يشهد لسبق ممارسة التكذيب على كل معصية سواء كانت إعراضا أو تجاوزا بالقول والفعل هو قوله تعالى: ﴿فكذّب وعصى﴾ يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في الأمثل: "يظهر من الآية المباركة فإن التكذيب مقدمة العصيان ومرحلة سابقة له، كما هو حال التصديق الإيمان باعتباره مقدمة للطاعات"([15]).
وأخيراً مما يبرّر تفضيلنا الشقّ الأوّل (ظاهرة التكذيب) لموضوع البحث هنا على الشقّ الثاني (القتل) من المواجهة التي لاقاها الرسل والرسالات هو خطورتها النفسية والروحية والفكرية والعقائدية المحرجة والشاقّة.
يقول الشيخ الطوسي في هذا الصدد عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَد نَعلمُ أنَّك يَضيقُ صدرَك بما يَقولونَ ﴾: ولقد نعلم أنّك "يا محمد" يضيقُ صدرُك " ويشقّ عليك ما يقولون من التكذيب والاستهزاء([16]). وعلى نفس هذه النكتة قوله تعالى: ﴿الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلبِ متكبرٍ جبّار﴾([17])وقوله تعالى: ﴿وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا. ما لهم به من علم ولا لآبائهم كَبُرَت كلمةٌ تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كَذِبا﴾([18])وقوله تعالى: ﴿فَلَعلّكَ تاركٌ بعضَ ما يُوحى إليكَ وضائقٌ به صدرُك أَن يَقولُوا لولا أُنزلَ عليهِ كَنزٌ أو جاءَ مَعَهُ مَلَك إنَّما انتَ نذيرٌ واللهُ على كلِّ شيءٍ وكيلٌ﴾([19]).
نماذج مكثفة من الظاهرة التكذيبية:
لم يسلَم نبيٌّ ولا رسولٌ من هذه المواجهة والظاهرة الكافرة، ومع ذلك لم تتراجع رسالات الله أمام وقعها وتأثيرها رغم كثافتها وتعدد ألوانها في الممارسة والفعل، بل ظلّت تصدع بما أمر الله غير عابئة بهذه المواجهة وأساليبها ولا بمن يقفون وراءها ولا بأهدافهم. يقول تعالى آمراً رسوله 9 بإبلاغ ما بعثه به وإنفاذه والصدع به وهو مواجهة المشركين به حيث قال: ﴿اصدَع بما تُؤمَر﴾([20])وما كان من المشركين إلا أن وقفوا أمام هذا التبليغ وتكذيبه ورفضه وكان الواقع الذي يقف وراء ذلك هو الواقع السياسي فإنهم ـ على ما يعتقدون ـ إذا آمنوا بنبوَّة ابن عبدالمطلب بن هاشم فقد اعترفوا بالقيادة لبني هاشم وصاروا أتباعاً وانتهى الأمر، ولذا كانوا شديدين في تكذيبهم، متَحَدِّينَ في موقفهم، شرسين في مواجهتهم، صريحين في إظهار تخوّفهم، وكان بعض قريش وغير قريش يفاوضون النبي 9 على الإيمان بنبوّته بشرط أن يكون لهم الأمر من بعده([21])، ولم تقبل الرسالة الإلهية منهم ذلك بل ظلّت تنذرهم وتبلّغهم وتخوّفهم الآونة تلوَ الآونة.
فورد ذكر التكذيب في القرآن وذكر الوعيد بالويل لأصحابه المكذِّبين بأنحاء شتّى ترتبط بلا شكّ بأنحائه، ومما يشهد لذلك هذه النماذج الآتية:
1) قال تعالى في سورة المرسلات: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ. فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾([22]). فقد ورد قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ عشر مرات، وعُلِّق كلُّ واحد منها ـ على حدِّ قول الشيخ الطبرسي في مجمع البيان على كل نعمة ورد ذكرها ولا يعدُّ ذلك تكراراً([23]).
2) وورد قوله تعالى: ﴿فبأيِّ آلاءِ ربِّكُما تُكذِّبان﴾ ثلاثين مرّة في سورة الرحمن، وتعني: فبأيّ نِعَم ربِّكما من هذه الأشياء المذكورة تُكذِّبان، لأنَّها كلَّها قد أُنعم عليكم بها، ولا يمكن جَحد شيء من هذه النعم. فأمّا الوجه لتكرار هذه الآية في هذه السورة فإنما هو التقرير بالنعم المعدودة، والتأكيد في التذكير بها. فكلَّما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها قرَّر عليها ووبَّخ على التكذيب بها، كما يقول الرجل لغيره: أما أحسنت إليك حين أطلقتُ لك مالاً ؟ أما أحسنت إليك حين ملّكتك عِقاراً ؟ أما أحسنت إليك حين بنيتُ لك داراً ؟ فيحسن فيه التكرار لاختلاف ما يقرّره به، ومثله كثير من كلام العرب وأشعارهم ([24]).
ويقول القاسمي في محاسن التأويل:
«وأمّا تكريرُ قوله: ﴿ويلٌ يومئذٍ للمكذِّبينَ﴾ فيجوز أن يكون ما عدا الكلمة الأولى تأكيداً لها، وأنْ تتكرّرَ العِدَةِ بالويل على مَن كذّب، بقوله: ﴿إنّما تُوعَدونَ لَواقعٌ﴾ الآية السابعة من سورة المرسلات نفسها، ويجوز أن يريد بكلّ عِدَةٍ من عذابٍ الويلَ لمَن كذّب بما بين عِدَتَي كلِّ ويلٍ»([25]).
3) ما ذكره القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿كَدَأبِ آلِ فرعونَ والذين من قبلهم كذّبوا بآيات ربّهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين﴾ ([26]) حيث قال: «ليس هذا بتكرير؛ لأنّ الأوّل (أي ما في الآية 52 من سورة الأنفال، وهو قوله تعالى: ﴿كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم ... ﴾ للعادة في التكذيب، والثاني (أي ما في الآية 54 من سورة الأنفال) للعادة في التغيير» ([27]). أي: تغيير النعم وتبديلها والكفر بها.
4) ما ذكره الطبرسي في المجمع تحت تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان أكثرهم مؤمنين﴾ الآية الثامنة من سورة الشعراء، حيث قال: وليس هذا بتكرار وإنّما كلّ واحد في قصّة على حدة، فهذا ذكرَ آية في قصّة نوح، وما كان من شأنه، بعد ذكر آية ممّا كان في قصّة إبراهيم، وذكر آية أُخرى في قصّة موسى وفرعون، فبيّن أنّه ذَكرَ كلاًّ من ذلك لما فيه من الآية الباهرة([28]). ومثله أيضاً تكرير قوله: ﴿فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان﴾ في الآيات 13- 18من سورة الرحمن، فيجوز أن تكون مكرّرة على جميع أنعمه ؛ ويجوز أن يراد بكلّ واحدة منهن ما وقع بينها وبين التي قبلها من نعمة ؛ويجوز أن يراد بالأولى ما تقدّمها من النِّعم، وبالثانية ما تقدّمها، وبالثالثة ما تقدّم على الأولى والثانية، وبالرابعة ما تقدّم على الأولى والثانية والثالثة. .. وهكذا الى آخر السورة([29]).
إذن من خلال هذا التكرار الملوّن لممارسة التكذيب المستكشف من تعلّق كلّ ممارسة منه بقضيّة من القضايا يستكشف أيضاً مدى تفنّن الخصوم وابتكارهم في هذا المجال وممارسة منهجه بشكل متداوم. ومن نماذج هذه الممارسات التكذيبية ما جاء في تفسير الآلوسي في تفسير قوله تعالى: ﴿قل أي شيء أكبر شهادة﴾: روى الكلبي أن كفار مكة قالوا لرسول الله 9: يا محمد أما وجد الله تعالى رسولا غيرك ما نرى أحداً يصدِّقك فيما تقول ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر فأرِنا مَن يشهد أنَّك رسول الله فنزلت([30]).
وفي تفسير سليمان بن مقاتل في تفسير قوله تعالى: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها﴾، يعني نبدِّل من آية فنحوِّلها فيها تقديم، يقول: ﴿نأتِ بخيرٍ منها﴾، يقول: نأت من الوحي مكانها أفضل منها لكم وأنفع لكم، ثم قال: ﴿أو مثلها﴾، يقول: أو نأت بمثل ما نسخنا أو ننسها، يقول: أو نتركها كما هي، فلا ننسخها، وذلك أنَّ كفار مكة قالوا للنبي 9: إنما تقولت أنت يا محمد هذا القرآن من تلقاء نفسك، قلتَ كذا وكذا، ثم غيَّرتَ فقلتَ كذا وكذا، فأنزل الله عز وجل يعظِّم نفسه تبارك اسمه: ﴿ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير﴾([31])من الناسخ المنسوخ قدير([32]).
وعلى كلّ حال فظاهرة التكذيب بكافّة وسائل ممارستها إنّما تعدّ عبر نشاطاتها العدوانية والقائمين بها بمثابة وزارة إعلام خطّ الكفر، ولكي نتعرَّف عليها بشكل مفصل نسلِّط الضوء على الاستقراء ودواعيه كأداة ومنهج في الكشف عنها:
الاستقراء و دواعيه:
نعم قبل الدخول في تتبع ممارسات التكذيب يقتضي منهج البحث التعرّف على الاستقراء ودواعيه ما دام هو الأداة في الكشف عنها والإحاطة بها، فنقول:
الاستقراء: هو التفحّص أو التتبّع لغة، وأما في الإصطلاح فهو استخراج العام أو الكلي من الخاص أو التفصيلي، أو الحكم على الكلي بأمر لوجود هذا الأمر في أكثر أجزائه ([33]). أو تتبع الأمور وجمعها لمعرفة خواصها والحكم على الكلي([34]) أو الاستدلال بحال الجزئيات على حال كليٍّ، كما أن حصول العلم عنه قريب من الحدسيات والمتواترات التي هي قسم من البديهيات ([35]). وقال آخرون إن الاستقراء غير مفيد للعلم فلا حجية له([36]) أي في الأحكام الشرعية، ولكنه مما وقع الاستشهاد والحكم به كما في قوله تعالى: ﴿ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً﴾. يقول الشنقيطي: كان بدليل الإستقراء من قومه ([37]). وكما في الرواية التي يعضدها الاستقراء على حدِّ ما ذكره الميرزا النوري في خاتمة مستدركه: أنَّ من عيَّر مؤمنا بذنب لم يمت حتى يرتكبه([38]).
وهنا يكرِّس البحث عملية استقراء قرآنية تتمثَّل في التحرّي عن الآيات القرآنية التي تعرَّضت بالمطابقة([39])والملازمة ([40])لقضايا التكذيب التي مارسها الخصوم المعاندون ضد الأنبياء : ورسالاتهم إيمانا من أن المنهج الذي هو المطلوب بالذات في البحث مرتبط بالأساليب بلحاظ كونها قراءة موجزة للأحداث التي مرَّت بها الرسالة السماوية وهي تواجه التكذيب، وإيماناً من أنَّ البحث يفتِّش عن النظر القرآني في ظاهرة التكذيب وهو لايمكن التوفّر عليه ما لم يتوفَّر على عملية استقراء في ممارسات هذه الظاهرة وأساليبها.
يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر في بيان ضرورة هذا الاستقراء المقدمة: «وعملية الاستقراء للحوادث -كما تعلمون - هي عملية علميّة بطبيعتها تريد أن تفتِّش عن سنّة، عن قانون. وإلاّ فلا معنى للاستقراء من دون افتراض سنّة أو قانون»([41]).
ومن هنا صار من اللازم على البحث أن يمرَّ بِنُبْذَة تاريخية مختصرة يطلّ من خلالها على الظروف التي انطلقت فيها ممارسات المواجهة بالتكذيب ثم يمرّ بعملية استقراء لهذه الأساليب التي تعرَّض لها الأنبياء من قبل خصومهم.
البيئة التاريخية و ظروف ظاهرة التكذيب:
قبل أن يأتي الإسلام وقبل أن يطلّ على ربوع الجزيرة العربية كانت تتحكّم بالناس قوتان قوة القبيلة وكبراؤها، وقوة الأحبار والرهبان، فكانت الأولى تدّعي زعامة الأرض، والثانية تدَّعي زعامة الأرض والسماء، وكان الإنسان بين هاتين القوتين مقهوراً مستغلاً.
ولما جاء الإسلام وأعلن مبادئه وشريعته، ونادى بحرية الناس، وإلغاء التفاضل بينهم إلاّ بالتقوى، وأنّ الله وحده هو الذي يستحقّ العبادة، وانّ الذين ينطقون باسم الله آنذاك ما هم إلاّ طغمة فاسدة لا تعرف غير الكذب على الله وأكل أموال الناس بالباطل، وطرحَ مشروعه العملي في تطبيق أقواله في الوقت ذاته، كان من الطبيعيّ أن يقف هؤلاء المنتفعون أمام صوت الإسلام ونبيّه وشريعته وقد اتَّبعوا في سبيل ذلك منهجين عدائيين اثنين هما:
الأوّل) منهج التكذيب.
الثاني) منهج القتل.
وكانت مساحة المنهج الأول الذي يستهدف كل شيء ما عدا جانب التصفية الجسدية تتّسع في الممارسة الى شخص النبيّ وشريعته وأوصيائه وأَتباعه، بل حتى الى من بعثه بالرسالة، والغرض من ذلك إحداث البلبلة الفكرية والقلق النفسي اللذين يمنعان من الرؤية الواضحة، ومن ثمّ من الاقتناع والاختيار([42]).
وأما الغرض من المنهج الثاني فهو القضاء على الإسلام ونبي الإسلام ودعوته، ولم يقف الإسلام أمام هذه الإعاقات والعراقيل مكتوف اليدين بل شرّع للسير بمنهجه التصديقي أسلوبه أولاً في الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولم يذهب الى الأسلوب الثاني في الجهاد والمقاومة لإزاحة هذه العراقيل والعقبات عن طريقها إلا بعد أن استنفذ جهده في الأسلوب الأول انطلاقاً من أنَّ آخر الدواء الكيّ. والقرآن هو المسرح العريض الطويل الذي رصد كلّ أدوات الصراع والمواجهة وأساليبها بين فريقي الدعوة الى الله والدعوة الى الشرك والكفر.
ظاهرة تكذيب النبيّ الأعظم في ضوء القراءة القرآنية العقدية وأقسامها:
وقد مورست المواجهة بالتكذيب ـ في ضوء القراءة القرآنية للآيات التي تناولتها ـ مع عناوين عدة سنأتي عليها في بحث هذا الفصل، وانقسمت على ضوء ما تقترن به من عدمه الى قسمين هما:
القسم الأول: التكذيب المجرّد عن القتل. وهو ينقسم الى قسمين هما:
الأول: التكذيب الخارجي، وهو الذي ينشأ من خصوم الإسلام الخارجين عن الإسلام واقعاً.
الثاني: التكذيب الداخلي، وهو الذي ينشأ من داخل الساحة الإسلامية.
القسم الثاني: التكذيب المقترن بالقتل
وهو التكذيب الذي يتطرَّف فيه أصحابه الى ارتكاب جريمة القتل مع أصحاب الرسالات الإلهية وأتباعها. وقبل أن تصل النوبة الى التعرّف على العناوين الأساسية المستهدفة بالتكذيب نسلط الضوء على المقصود من التكذيب في كتاب الله وكلمات المفسرين ضمن هذا العنوان.
التكذيب والتصديق في الاستعمال القرآني وكلمات المفسرين
أ) التكذيب و التصديق في كتاب الله:
إنَّ التكذيب أعمّ من نعت الأنبياء بالكذب، بل يشتمل على شتّى الوسائل الفعليّة والقوليّة منَ التي تعبِّر عن كفر الخصوم ونفاقهم، وعدم اعتقادهم بالتوحيد وبنبوّة الأنبياء، وعن شتّى مواجهاتهم لهم.
ويشهد للأول من هذه الوسائل قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى. عَبْدًا إِذَا صَلَّى. أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى. أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾([43]).
ويشهد للثاني منها قوله تعالى: ﴿ إِنْهُ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ * قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ ([44]).
ومن كلمات المفسرين في هذا المقام يقول العلامة الطباطبائي: «والتكذيب ربما كان ظاهراً وباطناً معاً، وهو الكفر، أو باطناً فحسب، وهو النفاق» ([45]).
وورد عن القرطبي مثله في التكذيب المخفي في تفسير قوله تعالى: ﴿ولكن يُؤاخذكم بما كسبت قلوبكم﴾ قال: «وأمّا أهل الشكّ والريب فيخبرهم بما أخفوه من التكذيب، فذلك قوله ﴿يُحاسبكم به الله فيَغفرُ لمن يشاءُ ويُعذّبُ من يَشاءُ﴾» ([46])، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿يُخفونَ في أنفسهم﴾ قال: « أي من الشرك والكفر والتكذيب ﴿ما لا يُبدون لكَ﴾ يُظهرون لك» ([47]).
والتكذيب هو أن يعمل إنسان ما نبيّاً كان أو غير نبيّ عملاً أو يقول قولاً على ضوء تشريع ما يؤمن به ويسير على طبقه، ثم يأتي الطرف الثاني ـ خصمه ـ فيدعي عليه أنه عَمِل خلافَه، أو يقول له: كَذِبْتَ، أو لم تَقُلْ ما قُلتَ، أو لم تفعلْ ما فَعْلَت ومثله على أصحابه وأتباعه ورسالته ومَنْ أرسله، أو نسبة شيء الى غير أهله. وعليه فنسبة الجنون إلى سيِّد العقلاء هو تكذيب له ؛ لأنّه ليس من أهله، وكذلك نسبة السفاهة إلى أهل الرشد والحلم، ونسبة الكفر الى أهل الإيمان، ونسبة الهداية إلى أهل الضلال، هو تكذيب لأهل الإيمان والصراط المستقيم، ونسبة التقوى لأهل الفسوق، تكذيب لأهل التقوى، وعكسه نسبة الصدق لأهل الصدق، ونسبة التقوى لأهل التقوى فهو تصديق لأهل الصدق والتقوى.
والممارسة التي يقوم بها المكذِّب هي التي تكشف عن حقيقة التكذيب، وإذا أردنا أن نثبت أن حقيقة الممارسة التكذيبية التي يقوم بها خصوم الأنبياء ضدَّهم هي: الفسق والإجرام والظلم والعمى. فَلنَلجَأ الى الآيات القرآنية وإلى تفسيرها، وهذه هي:
قال تعالى مبيّناً حقيقة التكذيب على نحوها الأوّل: ﴿وَالَّذِين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾([48])، أي بخروجهم عن التصديق بالآيات إلى تكذيبها بتسميتها سحراً، فالتكذيب الذي ذكرته الآية عُبِّر ِعنه بالفسق الذي يعني في اللغة الخروج، من فَسَقَ التمرة أي أخرج نواتها. فكأن المكذّب خرج من التصديق بالآية إلى تكذيبها بتسميتها سحراً بَدَلَ أن يسمّيها وحيّاً. وعلى نحوه قال الرازي في تفسير قوله تعالى: فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين([49]).
وقال تعالى مبيِّنا حقيقة التكذيب على نحوها الثاني: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ﴾([50]).
قال الطريحي في مجمعه: (المجرم: المنقطع عن الحقّ إلى الباطل)([51])، والمجرمُ: المذنبُ.
وهذا الحقّ قد يكون قضية خارجية وقد يكون قضية ذهنية، والخروج من التصديق بها إلى رفضها وتكذيبها وعدم الإيمان والإقرار بها يُعدّ إجراماً على ما مرّ من المعنى اللغوي السابق.
ولهذا فإنّ تكذيب أنبياء الله يعدّ من الإجرام القطعي ؛ ذلك لأنّ أنبياء الله لا يفعلون شيئاً ولا يخبرون عن شيء إلاّ بوحي من الله وبإذن منه، ولأنّ أفعالهم وأخبارهم مؤيّدة بالأدلة القطعية والعقليّة وغير العقليّة التي لا يمكن تفنيدها وإبطالها بأيّ وجه من الوجوه.
فخروج الخصوم إذن عن الأدلة التي عرّفها الأنبياء لإثبات صدق نبوتهم وحقانيّة رسالاتهم يعدّ انقطاعاً عن الحقّ إلى الباطل وهو معنى الإجرام الذي ذكرته الآية، وهو ينطبق على تكذيبهم للأنبياء مطابقة تامّة، ذلك لأنّ التكذيب يعني نسبة الشيء إلى غير أهله بدون حقّ، أي لفظ تجرمون الوارد في الآية، يعني الإجرام الذي يمثل الخروج والانقطاع عن الحق الى الباطل الذي تبّرأ منه النبيّ9.
يقول السيد الطباطبائي في تفسير الآية:
(وفي قوله: ﴿وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ﴾ إثبات إجرام مستمرّ لهم قد أرسل إرسال المسلَّمات كما في قوله: ﴿فَعَلَي إِجْرَامِي﴾ من إثبات الجرم ؛ وذلك أنّ الذي ذُكر من حُجَج نوح إن كان من الافتراء كان كذباً من حيثُ إنّ نوحاً 7 لم يحتج بهذه الحجج وهي حقّة، لكنّها من حيث إنّها حجج عقلية وقاطعة لا تقبل الكذب، وهي تثبت لهؤلاء الكفار إجراما مستمراً في رفض ما يهديهم إليه من الإيمان والعمل الصالح فهم في خروجهم عن مقتضي هذه الحجج مجرمون قطعاً، والنبيّ 9مجرم لا قطعاً بل على تقدير أن يكون مُفترياً وليس بمفترٍ)([52]).
فالنبيّ إذن بناءً على قوله الأخير لا يثبت له الإجرام قطعاً ؛ لأنّه يثبت بالأدلّة والحجج العقليّة والنقليّة وبالوحي والمعجزة أنّه نبيّ حقاً وصدقاً وأنّ الآيات النازلة عليه هي وحي حقاً وصدقاً. أمّا هؤلاء الخصوم فأمرهم كذلك يدور بين أن يكونوا كذّابين في نسبة النبيّ إلى السحر والشعر والكهانة وغيرها، وفي نسبة الآيات إلى الشعر، وقول البشر، وأضغاث الأحلام وأساطير الأوَّلين وغيرها، وإمّا أن يكونوا صادقين. ولمّا ثبت بالوجدان والنقل والوحي أنّهم كاذبون مفترون فهم إذن بنسبتهم السحر إلى النبيّ الذي هو ليس من أهله أو الشعر والكهانة كذلك يكونون مجرمين قطعاً قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ ([53]).
وقال تعالى مبيّناً التكذيب على نحوه الثالث: ﴿فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ ([54]).
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾([55]).
وقال تعالى: ﴿سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ﴾ ([56]).
قال الشيخ فخرالدين الطريحي في مجمعه في مادة ظلم([57]):
ظَلمَه ظُلْماً من باب ضَرَبَ، والظالِم: من يتعدّى حدود الله تعالى بدليل قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ([58]).
ويقول في مادة كذب:
والكذب: هو الانصراف عن الحقّ، وكذّبتُ الرجلَ: قلت له كَذِبْتَ. وقد مرّ بنا ذكره سابقاً.
وبناءً على المعنى اللغوي للكلّمة يكون الكذب تعدّياً لحدود الله تعالى لأنّه انصراف عن الحقّ. إذ الحقّ في كلّ قضية هو حدُّ الله فيها.
والخلاصة فإنّ الكذب على الله وعلى أنبيائه ورسالاته وعلى المؤمنّين به عزّوجلّ وكذلك تكذيبهم يعدّ في حقيقته ظلماً، بل هو من أعظم الظلم ؛ ذلك لأنّ عظمة الظلم تتناسب تناسباً طردياً مع عظمة المقصود بالظلم. ولما كان الله أعظم من كلّ شيء فإنّ ظلمه أعظم من كلّ ظلم، ولما كان الرسول في كلّ أمّة أعظم مخلوق فيها فظلمه أعظم من ظلم أي فرد فيها، ولما كان الرسول محمّد 9 أعظم الأنبياء ورسالته من أعظم الرسالات السماوية وأكملها فإنّ ظلمه وظلم رسالته يعدّان من أعظم الظلم بالقياس إلى سائر الرسل والرسالات السماوية وإلى سائر الخليقة من آدم إلى آخر يوم من الدنيا.
وإمّا كون التكذيب عمىً فقد قال تعالى مبيّناً ذلك أيضاً: ﴿فَكَذَّبُوهُ فإنّجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ﴾ ([59]).
ومطابقة حقيقة التكذيب على حقيقة العمى يأتي من معرفة حقيقة العمى وهي فقد البصيرة في هذه الآية.
والمكذّب للأنبياء : ورسالاتهم الحقّة الواضحة الأدلّة الساطعة البراهين والحجج إنّما مثله كمثل الأعمى الذي لا يستطع الاهتداء إلى الغاية.
هذا، وقد يعبّر عن التكذيب بالكفر أو بنفي الإيمان، وقد ذكر السيد الطباطبائي شاهداً على التعبير الأول قوله تعالى حكاية عن مخاطبة الشيطان لأتباعه يوم القيامة: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([60])وهو دالّ على ذلك.
وورد في نفحات القرآن للشيخ مكارم الشيرازي شاهد على التعبير الآخر قوله تعالى: ﴿ثمّ بعثنا من بعده رسلاً الى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذَّبوا به من قبل كذلك يطبع الله على قلوب المعتدين﴾([61]). قال في نفحات القرآن: « إنّ جملة ﴿فما كانوا ليؤمنوا بما كذَّبوا به مِن قبلُ﴾ إشارة الى أنّ بعض الرسل جاءوا الى أقوامهم فكذَّبوهم، ثمَّ أرسل إليهم رسلاً آخرين مع أدلّة واضحة فما آمنوا كذلك.
ثم قال: ويقول البعض: إنّ المراد من المكذبين في الآية قوم نوح الذين أُغرقوا بالطوفان، والمراد من القوم الذين لم يؤمنوا الأقوام التي جاءت بعد قوم نوح وقد سلكوا مسلك قوم نوح في الاعتداء على الرسل وتكذيبهم.
ثمَّ قال: ويبدو هذا التفسير بعيداً لأنّ لازمه اختلاف مرجع الضميرين في (كذَّبوا) و(ليؤمنوا )، ولهذا فالأفضل هو التفسير الأول.
ويحتمل أن يكون المراد هو: الأقوام التي جاءت بعد نوح والتي قد نُقلَت لها حقائق عن دعوة الأنبياء السالفين فكذَّبوا تلك الحقائق، ثمَّ جاءتهم رسل فكذَّبوهم كذلك، وعلى هذا فالتكذيب الأول يتعلَّق بما نقل وحكي لهم، والتكذيب الثاني يتعلَّق بالأمور التي شاهدوها من الأنبياء بأمّ أعينهم ويبدو أنّ هذا التفسير مناسب، ولا يبعد الجمع بين التفسيرين » ([62]).
أقول: وعدم الإيمان بمن أرسل إليهم بشكل مباشر بعد تكذيبهم بما وصل إليهم من رسل سابقين عن طريقهم هو تعبير آخر في تكذيب هؤلاء الرسل المباشرين ولكن بلغتين هما:
لغة ذكر منشأ التكذيب وهو عدم الإيمان بهم وبرسالاتهم، قال تعالى في الإشارة الى واحد من مناشئ التكذيب وهو الكفر: ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ ([63])، وهو أسلوب القرآن في كثير من آيات التكذيب، وقد ورد منه مكرراً في سورة واحدة وهي سورة الشعراء ثمانية موارد تخصّ سبعة منها غير الآية الثامنة سبعة أنبياء وهي: الآيات(8) و(67) و( 103) و(121) و(139) و(158) و(174) و(190)، والأنبياء هم موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام على التوالي في النص القرآني.
لغة تكذيب جميع المرسلين سابقاً بتكذيب الواحد منهم، قال تعالى: ﴿ولقد كذَّب أصحاب الحجر المرسلين﴾([64])، وقال تعالى: ﴿كذَّب أصحاب الأيكة المرسلين﴾([65]).
وعليه فلا حاجة الى تعدد الأقوام على التفسير الثاني، ولا الى تعدد إرسال الرسل على التفسير الأول، بل هو تامٌّ مع إرسال واحد ومجيء واحد لأن تكذيب الماضين هو في حقيقته نفسه تكذيب الحاضرين وبالعكس، وليس غيره حتى يشكل باختلاف مرجع الضميرين فتأمّل.
هذا، وإذا كانت من ممارسة أخرى للتكذيب نعرف من خلالها ماهيتَه وحقيقتَه فَلنَرَ ماذا يقول المكذِّب حتى يقال له في منطق القرآن مُكذّباً. لنأخذ بعض الأمثلة من القرآن الكريم.
1- قال تعالى: ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ﴾ ([66]).
فالمكذِّبون هنا قالوا: ما أنزل الرحمن من شيء عليكم لأنّكم بشرٌ مثلنا فأيّ خصوصية وميزة لكم علينا، فدعواكم كاذبة، ولمّا لم يكن لكم غيرها فإن أنتم إلاّ تكذبون.
2-قال تعالى: ﴿قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ﴾([67]). فالمكذبون هنا قالوا: ما نزّل الله من شيء وقالوا: إن أنتم إلاّ في ضلال كبير. والحال إنّهم يعرفون أنّ الله أنزل الشرائع من توراة وانجيل وصحف وزبور وقرآن، وأنّ رسل الله هم هداة ومبشرون ومنذرون ولكن المكذِّبين يعرفون ولا يعترفون في الدنيا ؛لأنّ استكبارهم وأغراضهم الشخصية لا تَدَعُهم يعترفون بالحقّ، ولهذا فإنّ اعترافهم لم يرد إلاّ في يوم القيامة، ذلك لأنّ الحقّ لابدّ من أن ينتصر، ولأنّ الضلال الكبير الذي اتّهموا به الرسل لابدّ من أن تظهر حقيقته ومَن هو المتلبِّس به والمطبوع عليه.
3- قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾ ([68]).
فقول المكذّبين هنا هو: ﴿وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾ أي استطير جنوناً كما عن مجاهد([69])، والحال أنَّ نبيَّ الله نوح 7 ليس بمجنون وإنّما هو عبد من عباد الله الصالحين الذين يريدون الهدى والصلاح لأقوامهم، وإنّ كلامه 7 وحي سماوي وليس من زجر الجنّ له كما يدّعون عليه كذبا.
وبالجملة فالمكذّبون يتصدّون إلى كلّ حقيقة إمّا أن ينفوها وينكروها، وإمّا أن يدّعوا نقيضها أو ضدّها وإمّا أن يبغضوها أو يحرّفوها.
فإن قال النبي 9: إن أنا إلاّ رسول، قالوا له: لست مرسلاً. وإن قال لهم هذا قرآن ووحي من الله، قالوا: ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، وإن قال لهم: هذه الأرزاق من الله، قالوا: لا هي من الأنـواء، وان قـال لهم: هناك جنّة ونار، قالوا: لا جنّة ولا نار. وإن قال لهم: الله واحد، قالوا: ثالث ثلاثة، أو وَلَد الله، أو جعلوا شركاءَ الجنّ له، وهكذا يجعلون لكلّ حقٍّ باطلاً ولكلّ صراطٍ مستقيمٍ عوجاً.
وقد سمّى القرآن هذا النمط من التصدّي العدواني على الحقائق بالتكذيب، وسمّى القرآن أصحابه بالمُكذِّبين من أيٍّ كانوا من الشرق أو من الغرب، من العرب أو غيرهم، فالتسمية إذن لم ترتبط بجهة من جهات الأرض أو بلُغة من لغاتها أو بشعب معيّن من شعوبها، بل ترتبط بهذا المنهج العدائي للحقّ والحقيقة.
ب) التكذيب والتصديق في كلمات المفسرين:
قال تعالى: ﴿فمن أظلم ممن كذب على الله وكذَّب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين. والذي جاء بالصدق وصدَّق به أولئك هم المتقون. لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين﴾([70]).
يقول السيد الطباطبائي في تفسيرها:
« أي افترى عليه بأن ادّعى أنَّ له شركاء، والظلم يعظم بعظم مَن تعلَّق به، وإذا كان هو الله سبحانه كان أعظم من كل ظلم، ومرتكبه أظلم من كلِّ ظالم. وقوله: " وكذَّب بالصدق إذ جاءه " المراد بالصدق الصادق من النبأ وهو الدين الإلهي الذي جاء به الرسول بقرينة قوله: " إذ جاءه ". وقوله: ﴿أليس في جهنم مثوىً للمتكبِّرين﴾ المثوى اسم مكان بمعنى المنزل والمقام، والاستفهام للتقرير أي إنَّ في جهنَّم مقام هؤلاء الظالمين لتكبُّرهم على الحقّ الموجب لافترائهم على الله وتكذيبهم بصادق النبأ الذي جاء به الرسول. والآية خاصّة بمشركي عهد النبي9 أو بمشركي أمَّته بحسب السياق وعامَّة لكل من ابتدع بدعة وترك سنة من سُنَن الدِّين.
قوله تعالى: ﴿والذي جاء بالصدق وصدَّق به أولئك هم المتَّقون﴾ المراد بالمجيء بالصدق الإتيان بالدِّين الحقّ والمراد بالتصديق به الإيمان به والذي جاء به النبي 9.
وقوله: ﴿أولئك هم المتَّقون﴾ لعلَّ الإشارة إلى الذي جاء به بصيغة الجمع لكونه جمعاً بحسب المعنى وهو كل نبي جاء بالدين الحق وآمن بما جاء به بل وكل مؤمن آمن بالدين الحق ودعا إليه فإنَّ الدعوة إلى الحق قولاً وفعلاً من شئون أتباع النبيّ، قال تعالى: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني﴾ يوسف: 108.
قوله تعالى: ﴿لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين﴾ هذا جزاؤهم عند ربهم وهو أنَّ لهم ما تتعلَّق به مشيتهم، فالمشيّة هناك هي السبب التام لحصول ما يشاؤه الانسان أيّاً ما كان، بخلاف ما عليه الأمر في الدنيا فإنَّ حصول شيء من مقاصد الحياة فيها يتوقف - مضافا إلى المشيّة - على عوامل وأسباب كثيرة منها السعي والعمل المستمد من الاجتماع والتعاون. فالآية تدلّ أولاً على إقامتهم في دار القرب وجوار رب العالمين، وثانيا أنَّ لهم ما يشاؤون فهذان جزاء المتقين وهم المحسنون فإحسانهم هو السبب في إيتائهم الأجر المذكور وهذه هي النكتة في إقامة الظاهر مقام الضمير في قوله: ﴿وذلك جزاء المحسنين﴾ وكان مقتضى الظاهر أن يقال: وذلك جزاؤهم. وتوصيفهم بالإحسان وظاهره العمل الصالح أو الاعتقاد الحق والعمل الحسن جميعاً يشهد أنَّ المراد بالتصديق المذكور هو التصديق قولاً وفعلاً. على أن القرآن لا يسمي تاركَ بعض ما أنزله الله من حكم مصدِّقاً به.
قوله تعالى: ﴿ليكفِّر اللهُ عنهم أسوءَ الذي عملوا﴾ إلى آخر الآية ومن المعلوم أنه إذا كفَّر أسوأ أعمالهم كفَّر ما دون ذلك، والمراد بـ(أسوأ) الذي عملوا ما هو كالشرك والكبائر.
قال في مجمع البيان في الآية: أي أسقط الله عنهم عقاب الشرك والمعاصي التي فعلوها قبل ذلك بإيمانهم وإحسانهم ورجوعهم إلى الله تعالى انتهى. وهو حَسَن من جهة تعميم الأعمال السيِّئة، ومن جهة تقييد التكفير بكونه قبل ذلك بالإيمان والإحسان والتوبة فإنَّ الآية تبيِّن أثر تصديق الصدق الذي أتاهم وهو تكفير السيِّئات بالتصديق والجزاء الحسن في الآخرة» ([71]).
وعن ابن كثير في تفسيره:
«وقال عزَّوجلَّ مخاطباً المشركين الذين افتروا على الله وجعلوا معه آلهة أخرى وادَّعوا أنَّ الملائكة بنات الله وجعلوا لله ولداً تعالى الله عن قولهم عُلواً كبيراً، ومع هذا كذَّبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولهذا قال عزَّوجلَّ ﴿فمن أظلم ممن كذَّب على الله وكذَّب بالصدق إذ جاءه﴾ أي لا أحد أظلم من هذا لأنّه جمع بين طرفي الباطل كذَّب على الله وكذَّب رسول الله 9، قالوا الباطلَ ورَدُّوا الحقَّ، ولهذا قال جلَّت عظمته متوعداً لهم: ﴿أليس في جهنم مثوىً للكافرين﴾ وهم الجاحدون المكذِّبون، ثم قال جلَّ وعلا ﴿والذي جاء بالصدق وصدَّق به﴾ قال مجاهد وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو رسول الله 9، وقال السدي هو جبريل 7 "وصدَّق به" يعني محمداً وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " والذي جاء بالصدق " قال من جاء بلا إله إلا الله " وصدَّق به " يعني رسول الله 9 وقرأ الربيع بن أنس "الذين جاءوا بالصدق" يعني الأنبياء "وصدَّقوا به" يعني الأتباع. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد " والذي جاء بالصدق وصدَّق به " قال أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة فيقولون هذا ما أعطيتمونا فعملنا فيه بما أمرتمونا. وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين فإنَّ المؤمنين يقولون الحقّ ويعملون به والرسول 9 أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير فإنَّه جاء بالصدق وصدَّق المرسلين وآمن بما أنزل إليه من ربِّه والمؤمنون كلٌّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ﴿والذي جاء بالصدق﴾ هو رسول الله9 ﴿وصدَّق به﴾ قال المسلمون ﴿أولئك هم المتَّقون﴾ قال ابن عباس اتَّقوا الشرك " لهم ما يشاءون عند ربهم " يعني في الجنة مهما طلبوا وجدوا " ذلك جزاء المحسنين ليكفِّر الله عنهم أسوأَ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون " كما قال عزَّوجلَّ في الآية الأخرى ﴿أولئك الذين نتقبَّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يُوعدون﴾([72]).
وبعد هذه الوقفة الممهدة يقف البحث ليظهر كيف عرض القرآن الكريم موقف المواجهة بين الأنبياء والرسل ولاسيما الرسول الأعظم 9 وكيف كان ذكر الأنبياء السابقين وما تعرّضوا له يمثّل خطاً رسالياً واحداً كان ختامه بنبوة ورسالة المصطفى 9 معلماً فاق جميع من سبقه حتّى ورد عنه 9 أنّه قال: «ما أُوذي نبيٌّ مثلما أُوذيت».
وسائل مواجهة الرسول الأعظم 9
والأنبياء في ضوء آيات القرآن
الإتِّهام بالكذب:
قال تعالى: ﴿واضرب لهم مثلاً أصحابَ القرية إذ جاءها المرسلونَ. إذ أرسلنا إليهم إثنينِ فَكذَّبوهما فعزَّزنا بثالثٍ فقالُوا إنّا إليكم مُرسَلون. قالُوا ما أنتُم إلاّ بشرٌ مثلَنا وما أنزلَ الرحمنُ مِن شيءٍ إن أنتُم إلا تَكذبُونَ﴾([73]). قال تعالى: ﴿أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾([74])
الإعراض:
قال تعالى: ﴿وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ.. . ﴾([75]).
السُّخرية والاستهزاء:
الاستهزاء: طلب الهزء، والهزء إظهار خلاف الإضمار للاستصغار([76]).
قال تعالى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾([77]).
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾([78]).
الإتّهام بالجُنُون:
قال تعالى: ﴿وَقالوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنّك لَمَجْنُونٌ﴾([79]).
اتِّهامُه بأنّه مُعَلَّم
أي يتعلّم ويحفظ بعض الكلمات وينطق بها من غير فهم وشعور([80])، قال تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّوْاعَنْهُ وَقالوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ﴾([81]).
اتّهامُه بأنّه أذُن:
أي أنّه يصغي لكلِّ ما قيل له، ويستمع إلى كلِّ ما يُذكَر له.
قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَأُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خيرٌ لَكُم﴾([82]).
اتّهامه بالإفتراء:
أي الوضع من عنده وما شابه ذلك.
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قالوا إنّما أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾([83]).
اتِّهامه بالتقوِّل على الله:
أي اختلق القرآن من تلقائه. قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُون تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾([84])
الإتّهام بالسِّحر:
قال تعالى: ﴿فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّسِحْرٌ مُّبِينٌ﴾([85])، أي: إنّهم اتهموا شخصه 7 بأنّه ذو سحر، ويمكن أن تقع التهمة على حديثه وهو اختيار الطبرسي في مجمعه([86]). وعند السيوطي في المحلّى في تفسير قوله تعالى: ﴿ولئن قلتَ إنَّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الذين كفروا إن هذا إلاّ سحرٌ مبين﴾بيِّن، وفي قراءة ساحر، والمشار إليه النبيّ 9 ([87]).
الإتّهام بإنّه مُسَحَّر:
أي غلب السحر على عقله من كثرة تعاطيه للسحر والعمل به، قال تعالى: ﴿قالوا إنّما أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾([88])، أي صار فاسد العقل بالسِّحر.
الإتّهام بإنّه مَسحور:
أي سَحَرَه بعض السحرة فصار يخيّل إليه أنّه رسول ويأتيه ملك الوحي بالرسالة والكتاب أو « يرى الشيء بخلاف ما هو به من أثر السحر »([89]).
قال تعالى: ﴿إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا﴾([90])، وفي مجمع البيان: «أنّه مَن وصف أنّه مسحوراً فكأنه قد خبل عقله، وقد أبى الله سبحانه ذلك»([91]) بقوله: ﴿إذ يقول الظالمون أن تتبعون إلاّ رجلاً مسحوراً انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلاً﴾([92]).
الإتّهام بإنّه ساحر :
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾([93])بل قال أهل مكة يوم ألقى الأصنام من جدار الكعبة وهم يرونها تنكب على وجوهها وهو يتلو قوله تعالى: وقل جاء الحقّ وزهق الباطل، قالوا: ما رأينا رجلا أسحر من محمد([94]). وقال صاحب عمدة القاري - العيني في (ج 1 - ص 63) وحين نزلت بسم الله الرحمن الرحيم سبحت الجبال فقالت قريش سحر محمد الجبال ([95]).
قالوا: بأنّ السحرة يتعاونون معه :
وذلك حين بعثوا الرهط إلى رؤساء اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد 9 فأخبروهم أنه نعته وصفته وأنه في كتابهم، فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بقول اليهود، فقالوا عند ذلك: ﴿سحران تظاهرا﴾([96]).
قالوا: بإنّه كبير السحرة وهو الذي يعلِّمهم السحر:
قال تعالى في بيان ذلك حكاية عن قول فرعون، وهو يبهت موسى ليصرف به قلوب قومه، وخاصّة ملأهم عنه: ﴿قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إنّه لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْر فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾([97]).
قالوا: إنّه سحرهم فكانوا مسحورين:
قال تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾([98]).
الإتّهام بأنّ الذي يعلِّمه بشرٌ أو متأثرٌ بغيره:
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ إنّهمْ يَقُولُونَ إنّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾([99]). وقال تعالى: ﴿وليَقُولُوا دَرَستَ﴾([100]) وقال تعالى: ﴿وأعانَه عليه قومٌ آخرون﴾ أي أعان اليهودُ النبيَّ 9 على القرآن وذاكروه فيه، وهذا كلّه قول المشركين([101]) وفي التفسير الصافي: أي (وليقولوا درست) والدرس: القراءة والتعلم، وقرئ (دارست) أي دارست أهل الكتاب وذاكرتهم، ودرست: من الدروس أي: قَدُمَت هذه الآيات، وعفت كقولهم: (أساطير الأولين)([102]) وعلى المعنى الاخير تكون التهمة للآيات.
الإتّهام بإنّه اعتراه بعض الآلهة بسوء:
قال تعالى: ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾([103]).
الإتّهام بإنّه كثير الجدل:
قال تعالى: ﴿قالوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾([104]).
الإتّهام بالإضلال والضلال والغِواية:
قال تعالى : ﴿ قَــالَ يَا قَـوْمِ لَيْسَ بِي ضَـلاَلَةٌ ولكنّي رَسُــولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾([105]).
وقال تعالى: ﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾([106]).
وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾([107]).
الإتّهام بأنّه شاعر:
قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾([108])
الإتّهام بالكهانة:
أي الإخبار عن الأمور الغيبية بلا وحي، قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ﴾([109]).
الإتّهام بالبَطَر والتكبّر والتّطاول:
قال تعالى: ﴿ أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَكَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾([110]) والأشِر هو شديد البَطَر المتكبّر([111])، والبَطِرُ: المتكبِّر الذي يريد أن يتعظّم عليهم بادّعاء النبوة، و الأَشِر: هو الذي لا يبالي ما قال([112]). والأشِر: المَرِح، والأشِر البَطِر([113]).
وقال تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ﴾([114])، أي سيعلمون غداً إنّهم هم المفترون والمتطاولون([115]).
الإرصاد لِمَن حاربَ اللَّه ورسوله:
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدً اضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمنينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنّهمْ لَكَاذِبُونَ﴾([116]).
فقد أنيطت بهذا الوكر النفاقي الذي سمّاه القرآن مسجداً بناءً على التسمية العرفيّة أربع مهمات: الإضرار، وبثّ الكفر، وبثّ الفرقة، ورصد العناصر المخرِّبة التي تبتغي محاربة الله ورسوله وجذبها، فهذه الفئة إذا لاحظناها عبر ما تكفّلته من مهام يمكن ان تحتل مكان أربع أساليب في المواجهة كلّها تصبّ في التكذيب ومنهجه العدواني.
ثني الصدور لأجل الاستخفاء منه 9:
قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾([117]). عن ابن عباس: أي بما في قلوبهم من المضمرات([118]) من قبيل العداوة والتكذيب والكفر.
الإتّهام بالتغرير والوعود الباطلة:
أي الخِداع والغشّ والوعد الباطل، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُه ﴾([119]) والآية حكاية لقول المنافقين الذين قالوا للمؤمنين عند حفر الخندق وبعد أن رأوا ما رأوا في ضربة رسول الله 9 وسمعوا مقالته فيها قالوا لهم: ألا تعجبون ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنَّما تحفرون الخندق من الفَرَق لا تستطيعون أن تبرزوا للقتال فأنزل الله تعالى القرآن([120]).
قالوا: إنّه خَدّاع :
وهو قول شيبة وعتبة لعداس غلامهما حينما رَأَيا من شأنه مع رسول الله وتقبيله لقدميه بعد أن أخبره عن يونس بن متّى حيث قالا له: لا يفتنك عن نصرانيتك فإنّه رجل خَدّاع([121])، قال تعالى في بيان حال الكفّار والمشركين الذين اتّهموا رسوله بأنّه خدّاع: ﴿ يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون ﴾حيث نسب عزّ وجلّ المخادعة إليهم.
قالوا: إنّه حاسد:
قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾([122]).
وقال تعالى: ﴿ بَلْ يُرِيدُ كلّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً﴾([123]) فقد أراد كلّ واحد منهم ان يُخَصّ بالوحي والرسالة حَسَداً لمحمّد 9على ما أعطاه اللَّه عزّوجلّ، قال الوليد بن المغيرة: (واللَّه لوكانت النبوّة حقّاً لَكُنْتُ أنا أحقّ بها من محمّد فإنّي أكثر منه مالاً وولدا )([124]).
الإتّهام بالسرقة أو الغُلول:
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كلّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾([125])، الغُلول: أخذ الشيء خفية أو الخيانة.
عن الإمّام الصادق 7 لعلقمة: «إن رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط.. . ألم ينسبوه ـ يعني النبي 9 ـ يوم بدر إلى أنّه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء، حتى أظهره الله عزّوجلّ على القطيفة وبرّأ نبيّه 9 من الخيانة، وأنزل بذلك في كتابه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ.. . ﴾»([126]).
وقال تعالى: ﴿قالوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾([127]).
قالوا: يتكلّم بلا دليل وبيِّنة:
قال تعالى: ﴿ قالوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمنّينَ﴾([128]).
ورد عن ابن عباس: « أنّ ابن صوريا قال لرسول الله 9: يا محمّد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بيّنة فنتّبعك لها، فأنزل الله هذه الآية»([129]): ﴿ولقد أنزلنا إليك ءايات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون﴾([130]).
قالوا: تتنزّل عليه الشياطين:
قال تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾([131])، أي كذّاب فاجر.
نسبتهم إلى الكفر والشرك :
قال تعالى حكاية عن قول فرعون في موسى 7: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾([132]) قيل في معناه قولان: ابن زيد قال: من الجاحدين لنعمتنا، والسديّ قال: كنتَ على ديننا الذي تعيبُه كافراً بالله([133]).
وقال تعالى مبرِّءاً سليمان 7: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ﴾([134])وهو صريح في أنّ الذي برّأه منه لاصق بغيره، إنّهم نسبوا الكفر لسليمان؛ لأنّهم اتّهموه بالسّحر والسّحر كفر، والحال إنّ سليمان لم يكن ساحراً، بل كان نبيّاً ولهذا برّأه الله مما نسبوه إليه من الكفر.
ونسب السامريّ الشرك الى موسى 7 كذباً وافتراءً عليه في حال غيابه وذهابه الى لقاء ربّه حيث حكى القرآن ذلك بقوله تعالى: ﴿فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا هذا إلهكم وإلهُ موسى فَنَسي﴾([135]).
قالوا: يُريد أجراً:
أي: الأجر الدنيويّ من مال أو جاه. فقد اتّهمت قريش محمداً (9) بأنه طالب مال وعرضت عليه ثرواتها، لكنه أعلن عن دعوته فصاح: « والله لو وضعوا الشمس بيميني والقمر في شمالي ما تركت هذا الأمر.. . »([136]). قال تعالى: ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾([137]).
قالوا: يُريد مُلكاً وجاهاً:
قال تعالى: ﴿ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ﴾([138])، أي: يترفّع ويكون له الملك عليكم، وهو قول الملأ الذين كفروا.
قالوا: يتكلّم برأيه وعن هوى نفسه:
قال تعالى في نفي ما يقولونه: ﴿ ومَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْهُ وَإِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾([139]).
قالوا: يتلاعب بالغيب والوحي حسب ما يشاء:
قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ. وَمَا هُوَعَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾([140]) أي: غير بخيل بما يوحى إليه فلا يُخفي منه ولايُبعّضه ولايغيّره.
قالوا: إنّه أبتر:
أي مقطوع الذكر والعقب، وهو قول العاص بن وائل حيث عاب النبي 9 وشمت به حينما مات ابنه عبدالله فقال تعالى حاكيا شماتته وتعييبه: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾([141]).
قالوا: إنّه مفسد ويريد إخراج الناس من وطنهم:
قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ﴾([142]). أي أتتركهم أحياء ليظهروا خلافك ؟ويَدعُوا الناس الى مخالفتك، ليغلبوا عليك، فيفسد به ملكك وأمرك([143])، وهو ما يعبّر به اليوم بالفساد السياسي، وفي هذه المواجهة شحن سياسي لتصفية الحساب معه 7.
قالوا: إنّه يريد أن يبدّل دين الناس:
وقال تعالى: ﴿وَ قَال َفِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُم أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ﴾([144]).
قالوا: يريد أن يخرج الناس من أرضهم:
قال تعالى: ﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾([145]).
قالوا: إنّه يعادي الحرية والاستقلال في العقيدة والإرادة:
قال تعالى: ﴿ قالوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُك َأَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَل فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إنّك لأنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ ([146])أي: أطريقتك ودينك الذي جئت به يأمرك أن نترك معتقداتنا التي تتمثّل باتّباع الآباء والسَّير على عقائدهم ؟ أطريقتك ودينك يأمرانك أن نرفع أيدينا عن أموالنا وتكون إرادتنا في التّصرف فيها وفق ما يشتهي دينك ويطلب ؟ ([147]).
قالوا: إنّ إتباعه يُسبّب الخسران:
قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إنّكم إِذاً لَّخَاسِرُونَ﴾([148]).
قالوا: إنّه يعادي الحضارات الدينية القديمة :
قال تعالى: ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى. قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كلّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأولى﴾([149])، أي: ما بال وما شأن وما حال الأمم الماضية، فإنّها لم تقرّ بالله كقوم عاد وثمود وأصحاب الأيكة وغيرهم كثير.
قال تعالى: ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى﴾([150])
فموسى 7 بقوله الأول ألغى جميع الحضارات الدينية التي لاتلتقي مع معتقده، ثم احتجوا عليه بالأمم السابقة وتاريخها وواقعها الذي لايتّفق مع معتقده فقال 7: نحن لسنا مسؤولين عنها فأَمرُها إلى اللَه عزّوجلّ فهو لا يضلّ ولا ينسى([151]).
قالوا: إنّه متكلّف:
أي: متصنِّع ومُتَحَلٍّ بما ليس له، ومدَّعٍ للنبوّة كِذباً، قال تعالى: ﴿قُلْ ما كُنْتَ بدعاً مِنْ الرسلِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكلّفِينَ﴾([152]). وعن رسول الله 9: للمتكلّف ثلاث علامات: يُنازِع مَن فوقَه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم([153]).
قالوا: إنّه بدع:
أي على غير طريقة الرسل السابقين. قال تعالى: ﴿ قل ما کنت بدعا من الرسل وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُم إن أتَّبع إلاّ ما يُوحى إليَّ وَما أَنا إلاّ نَذيرٌ مُبينٌ﴾([154]).
قالوا: إنّه في سفاهة:
قال تعالى: ﴿ قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾([155])، في سفاهة، أي: جهالة وخِفّة حِلم
قالوا: إنّ ما يأتي به أضغاث أحلام:
أي إنّه واقع تحت تأثير تخاليط الأحلام التي يراها في المنام.
قال تعالى: ﴿ بَلْ قالوا أضغاث أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَشَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأوّلونَ ﴾([156]).
قالوا: إنّه مغرور:
أي: مغتّر بما عنده من دين، قال تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاء دِينُهُمْ﴾([157])، أو مخدوع، وقد نقل التاريخ موقف عبد الله بن أبي سلول منه حينما وصلت ناقة رسول الله إلى بيت بن أبي سلول، وضع هذا الأخير لباسه على أنفه، وقال لرسول الله: «يا هذا اذهب إلى الذين غرّوك وخدعوك وأتوا بك، فأنزل عليهم ولا تغشانا في ديارنا»([158]).
قالوا: يريد أن يُعبد من دون اللَّه وأن يَستعبِدَ الناس:
قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍأَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾([159]).
وفي الدر المنثور، قال أبو رافع القرظي (من يهود بني قريظة): أتريد منّا يامحمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران أذلك تريد يا محمد ؟ فقال رسول الله 9: معاذ الله أن أعبُدَ غير الله، أو آمرَ بعبادة غيره، ما بذلك بعثني ولا أمرني فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَ الْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّه وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾([160]).
قالوا: لم ينزل عليه شيء:
قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍمِّن شَيْءٍ﴾([161]) وفي هذه المواجهة للنبي 9تجاهل لحقِّ اللَّه أيّ تجاهل.
قالوا: لم يُنزّل عليه آية
جاء في مجمع البيان: لمّا أنزل الله قوله: ﴿وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربّه قل إنّ الله قادر على أن ينزل آية ولكنّ أكثرهم لا يعلمون ﴾([162]) اعترضت الملحدة على المسلمين بهذه الآية فقالوا: إنّها تدلّ على أنّ الله تعالى لم ينزّل على محمّد آية إذ لو نزّلها لذكرها عند سؤال المشركين إيّاها([163]).
التهديد بالإخراج أو الأمر بإخراجهم:
قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلكنّ الظَّالِمِينَ﴾([164]).
الإصرار على الكفر والاستمرار عليه:
قال تعالى: ﴿وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾([165])، أي: إنّ الذي يدعو إليه 9 بحد زعمهم شيء يراد بالطبع، وهو السيادة والرئاسة، وإنّما جعل الدعوة ذريعة إليه([166])
العصيان:
قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا﴾([167]). وهي مواجهة حسب نصّ الآية للرسالة والرسل.
نهيُ الناس عن اتّباعهم والإيمان بهم:
ينهون عنه وهم الكفّار ينهون عن إتِّباع القرآن وقبوله والتصديق بنبوّة نبيّه، وينأون عنه: يتباعدون عنه، أو يَبعدون الى حيث لا يسمعونه خوفاً من أن يسبق الى قلوبهم الإيمان به والعلم بصحته([168]).
قال تعالى: ﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّأَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾([169]).
الدعوة إلى التبطئة :
قال تعالى: ﴿وإنَّ منكم لَيُبطئن فإن أصابتكُم مُصيبةٌ قال. .. . ﴾([170])، وهي دعوة المنافقين الى التثاقل والتخلف عن الجهاد والمساهمة فيه، وأسلوب العدو الداخلي الذي قال عنه القرآن: ﴿هُمُ العدوُّ فَاحذرهُم﴾.
المجابهة بسوء الظن والتشكيك:
قال تعالى: ﴿ قالوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّ ٍمِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾([171]).
ممارسة الاستخفاف :
أي: حمله على الخفّة والضجر، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾([172]). قال الزّجاج: (لا يستفزّنك عن دينك )، أي: لا يخرجنّك الذين لا يوقنون ؛ لأنّهم يشاكسون، ولا يستخفنّك: لا يستفزنّك ولا يستجهلنّك؛ وفيه: فاستخفّ قومه فأطاعوه، أي: حملتهم على الخفة والجهل، ويقالك استخفنّه عن رأيه واستفزّه عن رأيه إذا حمله على الجهل وأزاله عمّا كان عليه من الصواب، واستخفنّ به: أهانه([173])
اللمز في الصدقات:
أي: يعيبون الرسول 9ويطعنون به في اعطائها وتوزيعها، قال تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فإنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخطونَ﴾([174]).
المشاققة:
أي: المحاربة بأن يقف عند الشق المخالف للَّه ورسوله وممارسة العداء تجاهه، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنّهمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فإنّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾([175]).
جرح مشاعرهم وكرامتهم والعدوان على قيمهم وأعراضهم:
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ﴾([176])، أرادوا الفاحشة التي ما فعلها قبلهم أحد.
ومراجعة ألسنة الآيات التي تعرضت لقصة لوط، وقصة مريم تظهر أسلوب جرح المشاعر والكرامة بشكل جليّ، قال تعالى: ﴿وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً﴾.
نهوه عن التدخّل في شؤون الغير:
قال تعالى في بيان هذه المواجهة في قصة قوم لوط مع نبيهم: ﴿قالوا أَوَ لم نَنهَكَ عنِ العالمين﴾([177])
الهَمز و اللمز:
قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّكلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾([178]). والهمزة: الذي يهمز أخاه في قفاه من خلفه، واللمز في الاستقبال([179]). ونزول السورة في أمية بن خلف أحد أثرياء قريش الذي كان كلّما يرى رسول الله 9 يهمزه ويلمزه. ([180])
المجادلة بالباطل:
قال تعالى: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِا لحقّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾([181])، وقال تعالى: ﴿وَ إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ ([182])، كانوا يعلّمون بعض أذنابهم أن يقولوا للمسلمين: كيف تأكلون الحيوان الذي ذبحتموه بأيديكم، ولا تأكلون الحيوان الذي ذبحه الله، أليس الله أولى بالأكل من قتيلكم، فقال سبحانه لضعاف العقول من المسلمين: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ أي: من أكل الميتة كما أحلّها المشركون، فهو في حكمهم ([183]).
الاستفزاز:
قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا.. .. ﴾([184]) قال الحسن ليستفزونك: ليقتلونك، وقال غيره الاستخفاف بالانزعاج أو إحداث ما يخرجه ([185]).
الفتنة:
قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ﴾([186])، وللفتنة ممارسات أخرى على جميع أبعاد الحياة، وقد عدّها القرآن الكريم أكبر من القتل تارة، وأشدّ منه تارة أخرى.
المقاطعة الإقتصادية :
ذكر بن شهر آشوب في المناقب عن «شرف المصطفى» للخركوشي: أنّ الآية ﴿ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾ نزلت على النبي 9 في آخر أيام الحصار في شعب أبي طالب فقال 9: كيف أدعوهم وقد صالحوا على تركي الدعوة ؟ فنزل جبرئيل فأخبر النبي: أنّ الله بعث على صحيفتهم الأرضة.. . الخ الخبر([187]).
الكيد:
وهو التدبير بباطل وحقّ لغة، ومواجهة الكفار به تعني المخالفة وإظهار ما هم على خلافه على قول الزجاج([188]).
قال تعالى: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾([189]).
وقال تعالى: ﴿إنّهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمهّل الكافرين أمهلهم رويداً﴾ قال الزّجاج: كيد استدراجهم من حيث لا يعلمون ([190]).
اتّهامهم باللعب واستبعاد جدّيته :
قال تعالى: ﴿قالوا أَجِئْتَنَا بِالحقّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ﴾ ([191]) سؤال تعجّب و استبعاد، أي أتقول ما تقولُه جدّاً أم تلعب به ؟([192])
الإرجاف:
وهو الأخبار الكاذبة التي يكون معها اضطراب في الناس، الجوهري: والإرجاف واحد أراجيف الأخبار([193]).
أي: إذا خرج رسول اللَّه 9في بعض غزواته فقالوا: قُتِلَ وأُسِر، ليغتم المسلمون لذلك، وأرجف خاص في الأخبار السيّئة قصد أن يهيّج النّاس([194]).
قال تعالى: ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً﴾([195]).
الإشاعة الكاذبة أو الإفك:
والإفك: هو الكذب العظيم الذي قلب فيه الأمر عن وجهه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكلّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ.. . ﴾([196]).
الإدّعاءات:
وواحدة من الإدعاءات التي ووجه بها النبيّ 9هي أنّ الله تركه وأبغضه، قال تعالى في دفع هذا الإدعاء: ﴿وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾([197])، أي: ما قطع عنك الوحي وما أبغضك كما يدعّون.
المكر:
قال تعالى: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا ْمَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾. ومن هذا المكر قول المنافقين كما في القرآن: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُم ْغَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾، فهم يظهرون الطاعة ويضمرون المكر والكيد، وبعبارة أخرى «وصفهم دواء، وقولهم شفاء، وفعلهم الداء العَياء. »([198]).
نسبة السيّئات إليهم:
قال تعالى: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ﴾([199]).
المراد بالسيّئة ههنا الأمراض والمصائب والقحط، لأنّ قريشاً كانت إذا نزل بها خصب و خفض قالوا: هذا من عند الله، وإذا نزلت بهم شدّة ومجاعة قالوا: هذا شؤم محمّد حاشا له من ذلك فبيّن تعالى أنّ ذلك كلّه من الله تعالى([200]). وقد ذكر الشيخ السبحاني انّ هذه مقولة المنافقين قالوها تطيّراً بوجود النبي، كما تطيّروا بغيره في الأمم السالفة. وهناك نظرية فرعونية ينسبون الحسنات فيها الى أنفسهم والسيّئات الى موسى 7. ([201]) قال تعالى: ﴿فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيّئة يطّيروا بموسى ومن معه﴾([202]).
النجوى:
قال تعالى: ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا﴾([203])، فجَعَلَهم هُمُ النجوى وإنّما النجوى فعلهم كما تقول: قومٌ رضاً، وإنّما (رضاً) فعلُهم عن ابن الأعرابي([204])، و النجوى هي المساررة بانفراد عن النبي لإساءته([205])، وقال الشعبي: هذا في معنى المصدر وإذ هم ذوو نجوى([206]).
خلق المضايقات له:
قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنـزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ﴾([207])، أي هل تَحذف بعض ما يوحى اليك يا محمّد لأنّ ذلك لايعجب الكفار والمشركين ؟ طبعاً لا.
إذن فلا يضيق صدرك مما يقترحون عليك وما يتعنّتون به أمامك.
الإتّهام بالسوء والفحشاء:
قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾([208])، قال الزجاج السوء خيانة صاحبته، والفحشاء: ركوب الفاحشة([209]).
الإنكار والعبوس والسطوة بمن يتلو آيات اللَّه تعالى:
قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِين َيَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾([210])، والمنكر من الأمر: خلاف المعروف، وقد تكرّر في الحديث الإنكار والمنكر، وهو ضدّ المعروف، وكلّ ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرهه، فهو منكر([211]).
تضعيف المعنويات:
قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا* وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِي َبِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيرًا﴾([212]).
وقصّة قتل عليّ لعمرو بن ود ّفي هذا المورد كانت من أعجب المفاجئات التي قلبت هذا الجوّ المهزوز معنوياً إلى جوٍ مليءٍ بالثقة والنصر والمعنويات العالية في جانب المؤمنين بالله، والى فرارٍ في جانب المشركين.
التحريض على إيقاف الدعم المالي والدعم المعنوي :
قال تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا﴾([213]).
وهو قول المنافقين للأغنياء من الأنصار الذين كانوا يُنفقون أموالهم لإعانة فقراء المهاجرين في سبيل اللَّه لكي يتفرّق الجمع عن رسول الله ويسقط كيان دولته ([214]). ولم يقتصروا على ذلك بل كانوا المطبقين الأُوَل في إيقاف الدعم المالي ومحاولة تجفيف منابعه، وقد أخبر القرآن بذلك حيث قال تعالى في وصفهم: ﴿ويَقبضون أيديَهم﴾([215]). وقال مجاهد: أي لا يبسطونها في حقٍّ ولا فيما يجب([216]).
نفي كونه رسولاً:
قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً﴾([217])من جهة الله، وهو واحد من أساليب تكذيب الكفّار المعاندين للنبی 6.
التوهين والتصغير
قال تعالى: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ* أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ﴾([218]).
وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾([219]).
التوعّد بالسوء والصدّ عن سبيل الله
قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾([220]). جاء في التفسير الأصفى: ﴿ولا تقعدوا بكل صراط﴾: بكلّ منهج من مناهج الدين مقتدين بالشيطان في قوله: ﴿لأقعدن لهم صراطك المستقيم﴾. ﴿توعدون﴾: تتوعدون ﴿وتصدون عن سبيل الله من ءامن به﴾. قيل: كانوا يجلسون على الطرق فيقولون لمن يمر بها: إن شعيبا كذاب فلا يفتننكم عن دينكم، كما كان يفعل قريش بمكة([221]). (وتبغونها عوجا): تطلبون لسبيل الله عوجا، يعني: تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة بإلقاء الشبه، لتصدوهم عن سلوكها والدخول فيها([222]).
التيئيس:
قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾([223]).
التحريف:
قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾([224]).
وقال تعالى: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا ﴾([225])، «وكانت لفظة (راعنا) في لغة اليهود تفيد معنى الشتم، فاغتنم اليهود ذلك فقالوا يخاطبون النبي 6 يظهرون التّأدب معه وهم يريدون الشتم ومعناه عندهم السمع لا اسمعت، فنـزل قوله تعالى: من الذين هادوا يحّرفون الكلم.. . »([226]).
الكذب عليهم :
قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاس ِاتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ﴾([227])، والكذب عليهم :من أساليب تكذيبهم التي لا زلنا نتعرّض لجمعها وترقيمها أو ذكر أبرز مصاديقها.
العروض المالية (المداهنة) :
قال تعالى: ﴿فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ* وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾([228])، والمداهنة والإدهان كالمصانعة، وذكر ذلك الجوهري في معنى الآية، وقال الفراء في معناها: « ودّوا لو تكفروا فيكفرون، وقال في قوله تعالى: ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ﴾، أي: مكذّبون، ويقال: كافرون، قوله: ودّوا لو تدهن فيدهنون، ودّوا لو تلين في دينك فيلينون»، وقال ابن الهيثم: الإدهان المقاربة في الكلام والتلبيس في القول، من ذلك قوله لو تُدهن فيُدهنون، أي ودّوا لو تصانعهم في الدين فيصانعوك([229]). وفي مجمع البحرين للطريحي: المداهنة: المساهلة ([230]). والعروض المالية التي عنونّا بها المواجهة هي واحدة من أساليب المصانعة في الدين.
التطيّر أو التشاؤم بهم وبمن معهم :
قال تعالى: ﴿ قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذاب أليم. قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾([231]).
( تطيرنا بكم) تشاءمنا بكم، وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منهم نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه واشتهوه وآثروه وقبلته طباعهم ويتشاءموا بما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم نعمة أو بلاء قالوا ببركة هذا وبشؤم هذا كما حكى الله عن القبط - وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه - وعن مشركي مكة - وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك - وقيل حبس عنهم القطر فقالوا ذلك. وعن قتادة: إن أصابنا شيء كان من أجلكم (طائركم معكم) وقرئ طيركم: أي سبب شؤمكم معكم وهو كفرهم، أو أسباب شؤمكم معكم وهي كفرهم ومعاصيهم. وقرأ الحسن أطيركم: أي تطيركم. وقرئ أئن ذكرتم بهمزة الاستفهام وأن الناصبة: يعني أتطيركم لان ذكرتم. وقرئ أن وإن بغير استفهام لمعنى الاخبار: أي تطيرتم لان ذكرتم أو إن ذكرتم تطيرتم، وقرئ أين ذكرتم على التخفيف: أي شؤمكم معكم حيث جرى ذكركم وإذا شئم المكان بذكرهم، كان بحلولهم فيه أشأم (بل أنتم قوم مسرفون) في العصيان ومن ثم أتاكم الشؤم لا من قبل رسل الله وتذكيرهم أو بل أنتم قوم مسرفون في ضلالكم متمادون في غيكم حيث تتشاءمون بمن يجب التبرك به من رسل الله. ([232])
التفريق:
قال تعالى: ﴿وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُون َنُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾([233])، والتفرقة كالفتنة لها ممارسات كثيرة وفي الأصعدة كافة أيضاً.
التعجيز:
قال تعالى: ﴿قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَمَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ﴾([234]).
الضحك على أقوالهم وأفعالهم:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواكَانُوا ْمِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴾([235]).
منعهم من الصلاة:
قال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾([236]). نزلت في أبي جهل حيث نهى النبي 9عن الصلاة([237]).
و في الدر المنثور، أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن سعيد بن جبير رض قال: كانت قريش تعارض النبي 9 في الطواف يستهزءون و يصفرون و يصفقون فنزلت: ﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء و تصدية﴾. و فيه، أخرج أبو الشيخ عن نبيط و كان من الصحابة رض: في قوله: "و ما كان صلاتهم عند البيت" الآية قال: كانوا يطوفون بالبيت الحرام و هم يصفرون. و فيه، أخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز و جل: ﴿إلا مكاء و تصدية﴾ قال: المكاء صوت القنبرة والتصدية صوت العصافير و هو التصفيق، و ذلك أن رسول الله 9 كان إذا قام إلى الصلاة و هو بمكة كان يصلي قائما بين الحجر و الركن اليماني فيجيء رجلان من بني سهم يقوم أحدهما عن يمينه و الآخر عن شماله، و يصيح أحدهما كما يصيح المكاء، و الآخر يصفق بيده تصدية العصافير ليفسد عليه صلاته.
منعهم من الأمر بالتقوى وزجرهم عن التبليغ:
قال تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى* أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾([238])، أي: أخبرني عن حال الناهي لو كان هذا العبد يأمر بالتقوى وهو يعلم بأنَّ اللَّه يرى.
تخويفهم بآلهتهم:
قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ* وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ﴾([239]).
جمع الأعوان للوقوف أمامهم(مظاهرة المشركين) :
قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُ وهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾([240]) ظاهروهم: أي عاونوا المشركين وهم بنو قريظة (من أهل الكتاب) وهم اليهود وصياصيهم: حصونهم.
التسلّل من مجلس النبي 9 بدون إذن:
قال تعالى: ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([241])لإظهار عدم المبالاة، وتضعيف معنويته ومعنوية من معه.
الإعلام التّجاري المضادّ:
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِعِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾([242]). كان النضر بن الحرث يتّجر فيخرج الى فارس فيشتري أخبار الأعاجم ويحدّث بها قريشاً ويقول لهم: إنّ محمّداً يحدّثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدّثكم بحديث اسفنديار ورستم فيستَملحونَ حديثه ويتركون استماع القرآن، فنزل ﴿ومن الناس من يشتري لهو الحديث﴾ ([243])
الصدّ عن المسجد الحرام وإدّعاء ولايته بغير علم :
قال تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ([244]). فقد نفى عزّوجلّ ولايتهم على بيته التي يدّعونها لأنفسهم بدون علم دون غيرهم.
طلب تغيير القرآن أو تبديله :
قال تعالى: ﴿وَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِهَـذَا أَوْ بَدِّلْه.. . ﴾([245]). قوله: ﴿بقرآن غير هذا﴾ فإن قريشاً قالت لرسول الله 9 ﴿ائتنا بقرآن غير هذا﴾ فإن هذا شيء تعلمتَه من اليهود والنصارى ([246]). ويقول الرازي إنّ إقدام الكفار على هذا الالتماس يحتمل وجهين: إمّا السخرية والاستهزاء، وإمّا على سبيل التجربة والامتحان لتكذيبه لو فعل ذلك، وبدّله أن يأتي بقرآن آخر مع وجود هذا القرآن وهو أن يبدّل بعض آياته بغيرها([247]).
نقض العهود والمواثيق :
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ﴾([248]).
وقال تعالى: ﴿فلمّا كشفنا عنهم الرجز الى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ﴾ ([249])النكث: نقض العهد
إثارة الفتن وتقليب الأمور عليه 9:
قال تعالى: ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً ﴾([250]). أي من إثارة الفتن والإرجاف بالمؤمنين في الساعات المصيريّة.
القيام بالتظاهرات عليه وعمليات المداهمة والتطويق المكثف :
قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾([251])، أي حين دعا رسول الله الخلق إلى الحقّ تظاهرت عليه أحزاب الضلال وكادوا من كثرتهم يكونون كالشعر والصوف الذي تلبّد بعضه فوق بعض([252]).
إنفاق أموالهم للصدّ عن سبيل اللَّه:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمّ َتَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾([253]). و في الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله: ﴿إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله﴾ قال نزلت في أبي سفيان بن حرب.
قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا﴾([254])، فقد جاء في تفسير الآية وسبب نزولها: أنّ اليهود سألوا محمداً 9 عن أخبار ذي القرنين لمجرد الإحراج، وما دروا أن الله يسانده ويمدّه بالجواب المفحم المخرس([255]).
الاستعانة بما يلوح لهم من أدلّة:
قال تعالى: ﴿فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾([256]).
عدم السماع واللغو:
واللغو: هو ما لا يعتدّ به، وهو الذي يورِد لا عن روية وفكرة([257])، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾([258])، وهما ممارستان متّحدتان في مورد الآية؛ لأنّ من يلغو في أثناء قراءة القرآن لا يسمع القرآن.
إحداث الضجيج والضوضاء :
قال تعالى: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾([259]).
يصدّون: يضجّون ويضحكون تهكّما وسخرية بالمَثَل الحقّ الذي ضربه القرآن لعيسى 7. وقال ابن عاشور في القراءات -التي لا حجيّة ولا تواتر لها عندنا لأنّها كما يقول السيد الخوئي: إمّا منقولة بخبر الواحد أو اجتهاد من القارئ([260])بعد تقسيمها من قبله الى ما له تعلّق بالتفسير، وما لا تعلّق له به في تفسير هذه الآية: «قرأ نافع بضم الصاد وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم وهي من هذه الجهة لها مزيد تعلّق بالتفسير لأنّ ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبيّن المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره.. . »([261]).
التأكيد على المِثلية من دون فَرق:
قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً﴾([262]). ومثلها في الدلالة الآية (26) من سورة هود.
مثّلوه بالمحتاج المتروك :
قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا﴾([263]). فإنّهم تارة قالوا إنّه مسحور، وتارة مثّلوه بالمحتاج المتروك، حتى تمنّوا له الكنز، وتارة بأنّه ناقص عن القيام بالأمور ([264]). معتقدين أنّ الكرامة بالمال وحطام الدنيا، فطعنوا فيه بفقره ويُتمه، حتى قيل: كيف ينـزل القرآن على يتيم أبي طالب؟أَما نزل على رجل من القريتين عظيم ؟
فقال تعالى في بيان ما سلكوه من طرق في مواجهته: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ.. ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾([265]).
النميمة عليهم:
قال تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾([266]).
وقد عنى القرآن أم جميل زوجة أبي لهب التي قالت في رسول اللَّه 9بعدما نزلت﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾: مُذمّماً أتينا.. .. . ودينه قَلَينا.. .. وأمرَه عصينا([267])
ومُذمّمٌ هو خلاف ما يدلّ عليه لفظ اسم محمّد 9، بل وصل الأمر إلى تجريد الرسول 9 من اسمه زاعمين إنّه لم يُدعَ محمّدا قط، وإنّ حقيقة اسمه ستظلّ من الألغاز التي لا حلّ لها، وحجتهم أن كلّمة محمّد لفظ ذو معنى خاص، لذلك يؤكّدون أنّه لقب ذو معنى خاص([268]).
الإتّهام بإنّهمF مبطلون :
قال تعالى: ﴿وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ﴾([269])، أي: آتون بالباطل، وهي صياغة إعلامية من صياغات تكذيب الخصوم لأنبيائهم. وقد رمى المستشرقون النبي محمّداً 9بالتحريف بأنّ عَرْضَه للوقائع والشرائع التي جاءت في التوراة انطوى على ادراك خاطيء أثار عليه النقد والسخرية من جانب اليهود فكان في نظرهم مُبطلاً([270]).
أنّه يجيب عن غير ما يسأل عنه :
قال تعالى حكاية لقول فرعون في موسى 7: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ* قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ* قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ﴾([271]).
إسكات الأنبياء وإجبارهم على الكفّ عن التكلم بالحقّ
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لا َيَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ ([272]). فردّوا أيديهم في أفواههم، وقيل في معناه خمسة أقوال ثانيها: قال الحسن: جعلوا أيديهم في أفواه الأنبياء تكذيبا لهم وردّاً لما جاءوا به.
إثارة الشبهات الباطلة حولهم :
أي: (المجادلة بالباطل ليدحضوا به الحقّ ).
قال تعالى: ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقّ َفَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَان َعِقَابِ﴾([273])، أي: يحاولون توهين الحقّ بالشبهات الباطلة والأقوال الكاذبة. والرّسُل مصداقٌ من مصاديق الحقّ.
التحريض عليهم:
قال تعالى: ﴿ما جزاءُ من أراد بأهلك سوءأً﴾ إلاّ أنّ في تعييرها بقولها (بأهلك )نوعاً من التحريض عليه وتهييجه على مؤاخذته([274]).
محاججتهم في الله:
وقال تعالى: ﴿قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ ([275]). وفي هذه المحاججة وردت أقوال عدّة ذكرها الطوسي في التبيان([276])
ادعاؤهم أنّ الأنبياء أبناء الله:
قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾([277])، وهو ردّ على اليهود وغيرهم من أهل الكتاب فقد حاججوه 9 في أن الله لماذا اختار النبيّ في العرب، وهم عبدة أوثان ولم يختره من أهل الكتاب، وهم ليسوا كذلك([278]).
التأكيد على خصوصيته بالعرب فقط (قومي) :
وهي من مقولات المكذّبين من أهل الكتاب([279])، قال تعالى نافياً ذلك عنه وعن رسالته: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ ([280])، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ* وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ فهي عامّة لمن أَرسَل، وهكذا في أُسلوب ومحاولات من لم يلحق بهم وليس كما هي هوى بعض أهل الكتاب والكفار من أنّها خاصّة بعرب الجزيرة وبقريش بالذات.
قالوا: لن يبعث الله أحداً (نفوا بعثة الأنبياء :
قال تعالى: ﴿وأنّهم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً﴾.
قالوا: إنهم يتجسّسون على الغير:
قال تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم﴾([281]). يقول السيّد الطباطبائي في الميزان: (إنّ المنافقين لا يؤمنون بأنه وحي نزل به الروح الأمين على رسول الله 9ويعدّون ذلك مما يتجسسه المؤمنون فيخبرون به النبي، فيخرجه لهم في صورة كتاب سماوي نازل عليهم)([282]).
قالوا: إنّه أذلّ:
قال تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾([283])
قالوا: لا نعي ما يقول:
قال تعالى مبيّناً هذا اللون من المواجهة الكافرة: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ﴾([284]). وقال تعالى: ﴿قَالُوا ْيَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ﴾([285])في القاموس المحيط: الفقه (بالكسر): العلم بالشئ والفهم له والفطنة، غلب على علم الدين لشرفه([286]). وفي لسان العرب: الفقه: العلم بالشئ والفهم له، والفقه الفطنة([287]). وإلى هذا المعنى أشار قوله تعالى في كتابه الكريم ﴿قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول﴾ ([288]) أي لا نعلم ولا نفهم حقيقة كثير ممّا تقول ([289])، وقال ابن عباس: «إن ابن صوريا قال لرسول الله 9: يامحمد ما جئتنا بشيئ نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك لها، فأنزل الله هذه الآية»([290]) أي قوله تعالى: ولقد أنزلنا عليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون.
قالوا: إنّهم جبناء:
قال تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم﴾([291]). وفي مورد نزول هذه الآية جاء في( الميزان في تفسير القرآن) ما هذا لفظه: وقيل: «ان رجلاً قال في غزوة تبوك: ما رأيت أكذب لساناً ولا أجبن عند اللقاء من هؤلاء يعني رسول الله 6وأصحابه، فقال له عوف بن مالك: كذبتَ ولكنّك منافق، وأراد أن يخبر رسول الله 9بذلك فجاءه، وقد سبقه الوحي فجاء الرجل معتذراً، وقال: إنّما كنّا نخوض ونلعب، ففيه نزلت الآية، عن ابن عمر وزيد ابن أسلم ومحمد بن كعب»([292]).
قالوا: إنّه يتهوّس ويلعب:
فرموه بالاستهزاء والسَّفَه والجهالة([293])، وإشارة إلى هذا قال تعالى: ﴿ قالوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾([294]).
نفوا عدالته :
قال تعالى: ﴿إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾ ([295])، إذ وردت هذه المواجهة من قبل جملة من المنافقين حضروا مجلسه 9 كما في رواية المقاتلين التي يرويها الطبرسي في مجمع البيان، ملخصها: أنّه أقام جماعة من المهاجرين من مجلسهم، وأقعد آخرين من أهل بدر مكانهم إكراماً لأهل بدر، فقال المنافقون ألستم تزعمون أنّه يعدل بين الناس فوالله ما عدل على هؤلاء.. . ([296])، وهناك آيات أخرى بصدد هذه المواجهة.
قالوا: أنت تابع لنا :
لأنّه كان يصلّي تجاه بيت المقدس، وهي قبلتهم، فاغتمّ رسول الله من ذلك غمّاً شديداً، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء، ينتظر من الله أمراً، قال تعالى: ﴿قَدْ نرى تَقَّلبُ وَجهَكَ في السّماءِ فَلَنْوَلِينَكَ قِبلَة تَرضاها فولِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسجدالحرام ﴾ ([297]). فحُوِّل إلى الكعبة.
الإلقاءات الشيطانية :
قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾([298])، أي: المداخلات الشيطانية وشبهاتها من خلال الوسوسة في قلوب الناس، وتهييج الظالمين، وإغراء المفسدين لإفساد الأمر على الرسول أو النبيّ وإبطال سعيه([299]).
زعموا أنّه مخرّب :
ونزول قوله تعالى الآتي في بيان ذلك وبيان علّته ﴿ مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾([300]). حيث أمر النبي 9 أن تقطع بعض نخيل بني النظير ليغيظهم بذلك.. . ، فظنّ بعضهم أنّ هذا نوع من التخريب، فبيّن سبحانه أنّ كلّ ما وقع من قطع النخيل، وما ترك منه بغير قطع فهو بأمر الله، وليس من عند رسول الله 9، والقصد منه غيظ الكفّار من أجل ما قطع، وأيضاً غيظهم من أجل ما بقي قائماً من غير قطع، حيث ينتفع به أعداؤهم ([301]). ورَوَوا أن النبي 9 أمر بقطع نخيلهم، فلمّا قطع بعضها، نادوه: يا محمّد قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض، فما بال النخيل تُقطع؟ فنـزلت الآية، فأجيب عن قولهم بأنّ ما قطعوا من نخلة أو تركوها قائمة على أصولها، فبإذن الله، ولله في حكمه هذا غايات حقّة وحِكَمٌ بالغة منها: إخزاء الفاسقين، وهم بنو النضير ([302]).
قالوا: إنهم شِرذِمة مُزعجون ويخلقون المشاكل (الإتهام بالغوغائية):
قال تعالى مبيّناً هذه القضية التي جاءت على لسان فرعون بإزاء موسى وأنصاره، ﴿إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ* وإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ﴾([303])، والشِّرذِمة: القليل والجماعة المنقطعة عن المجتمع([304]).
إتهامهم بأنّهم يقابلون الإحسان بالإساءة :
وقد ورد ذلك على ضوء تفسير بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾([305])، أي: لنعمتي وحقّ تربيتي بقتل من ينسب إليّ ([306]) ؟
قالوا: إنّهم نُزَلاء :
قال تعالى: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾([307])، قال صاحب تفسير الميزان: (أي أنّ القرية، أي البلدة لكم وهم(أي آل لوط) نزلاء ليسوا منها، وهم يتنـزّهون عما تأتونه ويتطهّرون ولا يهمنّكم أمرهم فليسوا إلاّ أُناساً لا عدّة لهم ولا شدّة)([308])، وهذه المواجهة من عجيب المواجهات وهي أن يُتَّهم صاحب الطُّهر والنزاهة- حينما تنقلب المقاييس- بطهره ونزاهته.
رموه بفضول القول ولغو الكلام:
قال تعالى: ﴿قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾([309])، وهذا يعني أنّ كلامه السابق كان فضولاً.
قالوا: إنّه لأحمق :
قال تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾([310])، قالها ثلاثة من قريش، وهم في خباء عند التبليغ لعليّ 7 بالولاية في رواية طويلة ينقلها العياشي في تفسيره، والحويزي في نور الثقلين([311])، وهي مواجهة من الطابور الخامس للخصوم.
اتهمّوهم بالأُلوهيّة، و قالوا: آلهتنا خيرٌ منه:
قال تعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾([312]).
الظاهر في تفضيلهم آلهتهم في ألوهيتها على المسيح في ألوهيته على حدّ زعمهم، وهو عبد كما هو نصّ القرآن، ولم يكن إلهاً.
قالوا: يأكل الطعام ويمشي في الأسواق :
قال تعالى: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾([313])، ظنّاً منهم أن الرسول لا يكون إلاّ ملكاً منـزّهاً عن هذه الأمور، وأنّه هو القادر فقط على الاتصال بالغيب والإتيان برسالة.
قالوا: لم يُلْقَ عليه كنزٌ، وليس له جَنّةٌ يأكلُ منها :
قال تعالى: ﴿ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنـزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾([314]).
قالوا: ليس معه مَلَكٌ من الملائكة :
قال تعالى: ﴿وَ قَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ﴾([315]).
قالوا يُعذّبُّه ربّه:
قال المشركون: فَلِمَ يُعذّبه ربّه ألا يُنزل عليه القرآن جملة واحدة، يُنزل عليه الآية والآيتين والسورة والسورتين؟ فأنزل الله على نبيّه جواب ما قالوا: ﴿وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة.. .. ﴾([316])
قالوا: لا نجد في أنفسنا ما يدّعيه الرسول من نزول الملائكة ورؤية الربّ
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا﴾([317]). وهذه الاحتجاجات الأربعة يمكن أن تكون أساليب نابعة من اعتقادهم من أنّه بشر ليس إلاّ، والنبيّ أو الرسول له صفات وأحوال أخرى على زعمهم.
قالوا: إنّهم شرّ خلق الله :
وقد كنّى الله عن قولتهم هذه وأمثالها صوناً لنبيّه بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾([318])، قال: (إنّما يحملكم على هذه الأسئلة أنّكم تضلّلون سبيله وتحقّرون مكانه ومنـزلته، فإذا سُحبتُم على وجوهكم إلى جهنم علمتم أنّ مكانكم شرّ من مكانه وسبيلكم أضل من سبيله) ([319]).
قالوا: إنّ لهم أزواجاً وذريّة:
قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾([320])، وتردّ هذه الآية على من أنكر نبوّة محمد 9 ؛ لأنّه بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويأتي الزوجات ويولد له.
ووجه الردّ: ثم ماذا ؟ إنّ محمّداً رسول قبله الرسل، وكلهم كانوا يفعلون كفعله تماماً كسائر النّاس ([321]).
استبعاد أقوالهم وإنكارها :
قال تعالى: ﴿ وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا، قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا، أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾([322])، فسينغضون إليك رؤوسهم، أي يحرّكونها استبعاداً وإنكاراً.
قالوا: إنّه يحلِّل ما حرّمته الأنبياء :
قال تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾([323])، وقصة هذه الإشاعة تتلّخص بأن اليهود كانوا يعتقدون جهلاً بأن لحوم الإبل وألبانها كانت محرّمة في دين إبراهيم 7 ومن جاء بعده من أنبياء بني إسرائيل، ولمّا رأوْا محمداً 9 يحلّلها أذاعوا وأشاعوا أنّ محمداً يحلّل ما حرّمته الأنبياء، فردّ الله بقوله: كلّ الطعام ومنه لحوم الإبل وألبانها ﴿كان حلاًّ لبني إسرائيل﴾([324]).
قالوا: إنّه جبّار مُحتال :
قال تعالى مشيراً إلى تفنيد قول اليهود في عيسى 7 بأنه جبّار محتال([325]): ﴿وَ بَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾([326]).
التعييب :
قال تعالى: ﴿قل أرءيتم إن أهلكني الله ومَن معي أو رحمنا فمن يُجير الكافرين من عذاب أليم﴾ ([327])، وقد جاء عن ابن عباس في قوله هذا أنّها نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب، ومالك بن دخشم، كانا إذا تكلم رسول الله 9 لَوَيا بلسانهما وعاباه([328]).
إخفاء البشارة بنبوّته 9:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِين َيَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لاَ يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، فقد كتموا صفة محمد 9 والبشارة، عن ابن عباس وقتادة والسدي والأصم، وأبي علي بن مسلم، وقد ذكر هذا الإخفاء للبشارة من قبل أهل الكتاب اليهود والنصارى أبو ريحان البيروني في الآثار الباقية.
انقطاع النبوّة بعد موسى 7:
وردت هذه المقولة في رواية الدّر المنثور في سبب نزول قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ﴾ ([329])، هذا فضلاً عن ادّعاء نصوص التوراة قتل من يدّعي النبوّة بعد موسى؛ وبطلان هذه الدعوة ظاهر في نصوص التوراة أيضاً ([330])، وقد ختم الله النبوة بمحمد 9 وصرَّح بذلك في كتابه المجيد بقوله تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ ([331]).
ادّعاء اليهودية والنصرانية على الأنبياء :
قال تعالى: ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ([332])، ومثل هذا الإدعاء أيضاً إدعاء اليهود بقولهم: أنّه ما من نبيٌّ إلاّ على اليهوديّة([333]).
رغب عن ملة آبائه ثم رجع إليها وليرجعنّ إلى دينهم :
وقيل: إنّ المشركين قالوا ذلك وقد حكى الله ذلك([334]) عنهم بقوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾([335]).
إحتناك الأجيال :
لمّا يئس الشيطان من النيل من الأنبياء والرسل لصبرهم في ذات الله وثباتهم جاءهم من جهة ذراريهم ليفسدها ويضلّها ويخرّبها. قال تعالى مبيّناً هذا النمط من المواجهة: ﴿لَئِن أَخَّرتَنِِ الى يوم القيامة لأحتَنِكَنَّ ذريَّتَه إلاّ قليلاَ﴾([336]) وعلى هذا المنوال عمل أولياء الشيطان في كلّ زمان ومكان.
تلبيس النـزاع السياسي بلباس الدين :
قال تعالى: ﴿قالوا أجئتنا لِتَلفِتَنا عمّا وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين﴾ ([337]).
وقال تعالى: ﴿إنّ الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أُوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم﴾ ([338]).
الإجتهاد المطّرد في إيجاد وسائل الصراع والمواجهة :
وقد عبّر القرآن عن طريقة الإنتاج هذه بطريقة ضرب الأمثال. قال تعالى: ﴿ ولا يأتونك بمثل إلاّ جئناك بالحقّ وأحسن تفسيراً﴾ ([339]).
وقال تعالى﴿: أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا﴾ شبّهوك بمسحور وساحر وشاعر وكاهن ومجنون فضلّوا بذلك عن الحقّ.
إستحداث ما يسمّى بالتيّارات والكيانات والحكومات المعتدلة:
قال تعالى: ﴿إنّ الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتّخذوا بين ذلك سبيلا﴾([340]).
إستبدال المرجعية الدينية أو رفضها، أي: إسقاط مرجعيّة النصّ الديني
قال تعالى: ﴿ألم تر الى الذين أُتوا نصيباً من الكتاب يُدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثمّ يتولّى فريق منهم وهم معرضون﴾ ([341]).
الكفر بالله والإيمان بالشرك :
قال تعالى:﴿ذلكم بأنّه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا ﴾([342]).
التقلّب في المواقف :
﴿إنّ الذين كفروا بعد إيمانهم ثمّ ازدادوا كفراً لن تُقبل توبتهم وأولئك هم الضالّون﴾([343]).
التشكيك في قطعيّة الفكر الديني والحقائق الدينية:
قال تعالى: ﴿قالت رسلهم أفي الله شكّ فاطر السموات والأرض﴾ ([344]).
وقال تعالى: ﴿وفي الأرض آيات للموقنين﴾ ([345]).
وقال تعالى: ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون. فو ربِّ السماء والأرض إنّه لحقّ ٌ مثلما أنّكم تنطقون﴾([346]). والمعنى: أقسم برب السماء والأرض إن ما ذكرناه من كون رزقكم وما توعدونه من الجنة وغير ذلك في السماء لثابت مقضي مثل نطقكم وتكلمكم الذي هوحق لا ترتابون فيه([347])
الشكّ في البيّنات:
﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات فما زلتم في شكّ ممّا جاءكم به﴾([348]).
يدعو إلهين وينهانا أن نعبد إلهين:
قال تعالى: ﴿قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيّاًما تدعو فله الأسماء الحسنى﴾([349]).
التشكيك في روحانيّة الدين الإسلامي وإنسانيته وعقلانيته:
بدعوى أنّ الإسلام ليس لديه في نصوصه كافّة ـ المنقولة والمسموعة ـ إلاّ أحاديث ماديّة، وحتّى ما يتحدّث فيه عن الآخرة فليس فيها إلاّ أوصاف لحياة ماديّة أُخرى لا غير، ومثل هذا التشكيك في إنسانيته وعقلانيته ([350]). قال تعالى مبيّنا شموليّة الفكر الدينيّ لما هو روحانيّ وماديّ وما هو إنسانيّ وعقلانيّ: ﴿ قال وما ربّ العالمين قال ربّ السموات والأرض وما بينهما﴾يعني جميع ما سوى الله تعالى مجرّداً أو ماديّاً فلكيّاً أو عنصريّاً ([351])وقوله تعالى: ﴿ إن كنتم تعقلون﴾ ظاهر في عقلانيّة الفكر الديني.
إنّ هذا كلام يوشك أن ينفد و ينقطع:
فنزلت: ﴿ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ﴾، ردّاً على المشركين أصحاب هذه المقولة([352]).
إقصاء الدين عن مسرح الحياة :
أي عزل المحاور والوجوه والمرجعيات الدينية الأصيلة عن واقع الأمّة وعزل الأمّة عنها.
روى الثعلبي بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال: مرّ الملاء من قريش على رسول الله 9 وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقال: يا محمد أرضيتَ بهؤلاء من قومك أفنحن نكون تَبَعاً لهم، أهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلّك إن طردتهم اتّبعناك، فأنزل الله: ﴿ولا تطردِ الذينَ﴾. ([353])
نزع القدسيّة منهم عليهم السلام:
قال تعالى في بيان ما ينتهي الى هذه المواجهة: ﴿ قالوا إن انتم إلاّ بشرٌ مثلنا﴾ ([354]) وقال تعالى: ﴿ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنّكم إذاً لخاسرون﴾ ([355]). وقال الصابئة الذين صبأوا الى تعطيل الإنبياء والرسل: إنّ البشر لا زكاء ولا روحانيّة ولا طهر ولا قرب له من ربّ الأرباب، ولذا يجب أن يكون هذا المتوسط روحانيّاً لا جسمانيّاً([356]).
يقول السيّد الطباطبائي في تفسير الميزان: (وقد انحرف جماعة من الباحثين من أهل العصر فراموا بناء المعارف الإلهيّة والحقائق الدينيّة على ما وصفته العلوم الطبيعيّة من أصالة المادة المتحوّلة المتكاملة فقد رأوا أنّ الإدراكات الإنسانيّة خواصّ ماديّة مترشّحة من الدماغ وأنّ الغايات الوجودية وجميع الكمالات الحقيقيّة استكمالات فرديّة أو اجتماعيّة ماديّة فذكروا أنّ النبوّة نوع نبوغ فكريّ وصفاء ذهني يستحضر به الإنسان المسمّى نبيّاً كمال قومه الاجتماعي ويريد به أن يخلصهم من ورطة الوحشية والبربرية الى ساحة الحضارة والمدنية فيستحضر ما ورثه من العقائد والآراء ويطبّقها على مقتضيات عصره ومحيط حياته، فيقنّن لهم أُصولاً اجتماعية وكلّيات عمليّة يستصلح بها أفعالهم الحيويّة ثمّ يتمّم ذلك بأحكام وأمور عباديّة ليستحفظ بها خواصّهم الروحيّة لافتقار الجامعة الصالحة والمدنيّة الفاضلة الى ذلك) ([357]).
ابتغاء الفتنة :
قال تعالى: ﴿يتَّبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله..﴾ وابتغاء الفتنة يتحرك من قبل مريدي الفتنة والضلال في مساحات واسعة من الآيات القرآنية، فالفتنة تتحرّك حسب ما يبتغون إنّ في آيات الصفات وإن في آيات القيامة، وإن في آيات الأحكام أو في القصص وغيرها بلا فرق كأن يقول القائل (وقد قيل): إنّ المراد من تشريع الأحكام إحياء الاجتماع الإنساني بإصلاح شأنه بما ينطبق على الصلاح، فلو فرض انّ صلاح المجتمع في غير الحكم المشرع، أو أنّه لا ينطبق على صلاح الوقت وجب اتباعه وإلغاء الحكم الديني المشرع. وكان يقول القائل (وقد قيل ): إنّ المراد من كرامات الأنبياء المنقولة في القرآن أمور اعتيادية، وإنّما نقل بألفاظ ظاهرها خلاف العادة لصلاح استمالة قلوب العامة لإنجذاب نفوسهم وخضوع قلوبهم لما يتخيَّلونه خارقاً للعادة قاهراً لقوانين الطبيعة ([358]). يقول السيد الطباطبائي: ويوجد في المذاهب المنشعبة المحدثة في الإسلام شيء كثير من هذه الأقاويل، وجميعها من التأويل في القرآن ابتغاء للفتنة بلا شك، فلا وجه لقصر المتشابه على آيات الصفات وآيات القيامة ([359]).
تخطئتهم في الدنيا والآخرة:
قال تعالى في تبيين هذه المواجهة على ما جاء في سبب النزول: ﴿قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أُُنزل إلينا وما أُنزل من قبلُ وإنَّ أكثركم فاسقون﴾([360]) قيل إنّ اليهود أتَوا رسول الله 9فسألوه عمّن يُؤمن بهم من الرسل فقال: أؤمن بالله (وما أنزل إلينا) وما أنزل الى إبراهيم واسماعيل واسحق الى قوله ونحن له مسلمون فلمّا ذكر عيسى جحدوا نبوّته وقالوا: والله ما نعلم أهل دين قطّ أخطأَ في الدنيا والآخرة منكم، ولا ديناً شرّاً من دينكم، فأنزل الله الآية وما بعدها([361]).
أرادوا صرف النبوّة عنه الى من يحبّون:
وقيل إنّ أهل الكتاب لمّا حسدوا المؤمنين بما وعدوا وأرادوا صرف النبوة عن رسول الله 9 الى من يحبّون وأن يزيلوا هذا الفضل الإلهي عن صاحبه أجابهم المولى عزّ وجلّ بقوله تعالى: ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيء من فضل الله وأنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾([362]) أي إنّ ذلك ليس بأيديهم وانّما هو بيد الله تعالى([363]).
قالوا إنّ عمله يثير العجب والغرابة أي أنّه غير مسموع به:
قال تعالى: ﴿ أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب. ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق﴾([364]) والآية ابتدأت باستفهام التعجّب وفيها خبر عن العجب بصيغة المبالغة([365]).
قالوا لولا اجتبيت الآيات :
أي لولا جمعتها من هنا وهناك وأتيت بها قال تعالى:
" وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها " إلى آخر الآية. جاء في تفسير الميزان: «الاجتباء افتعال من الجباية، وقولهم: " لو لا اجتبيتها " كلام منهم جار مجرى التهكم والسخرية والمعنى على ما يعطيه السياق: أنك إذا آتيتهم بآية كذبوا بها وإذا لم تأتهم بآية كما لو أبطأت فيها قالوا: لو لا اجتبيت ما تسميه آية وجمعتها من هنا وهناك فأتيت بها. »([366])
قالوا إنّه لمن الظالمين :
قال تعالى: ﴿قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الظالمين﴾([367]) حيث اتهموا إبراهيم 7 وعدّوه مرتكبا للظلم بكل أصعدته: على المقدسات، وعلى حقوق الناس، وعلى نفسه([368]).
تحميله مسؤولية الهزيمة وقيادة الحرب بمفرده:
قال تعالى: ﴿يُخفون في أنفسهم ما لا يُبدون لك يَقولون لو كان لنا من الأمر من شيء ما قُتلنا ههُنا﴾ وقصدهم بقولهم: ﴿ما قُتلنا ههُنا﴾، أي: ما قتل من قتل من المسلمين في أحد، وهي محاولة خبيثة لتحريك المسلمين ضد النبي وتحميله مسؤولية هزيمة أحد وقتلِ مَن قُتل فيها، ومطلبُهم أن يكون لهم من الأمر شيء فلا يتصرَّف النبي في المواجهات القادمة بمفرده، بل تكون القيادة جماعية تناغماً مع منطق بن سلول وحزبه([369]).
أنكروا عليه الزواج والذرية:
وقد رد الله عليهم هذا الإنكار فقال تعالى: ﴿ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا﴾ وذرية أي إنّ الرسل الذين أرسلناهم قبلك هم من جنس البشر لهم أزواج من النساء ولهم ذرية توالدوا منهم ومن أزواجهم، ولم نرسل الرسل من الملائكة الذين لا يتزوجون ولا يكون لهم ذرية([370]).
أرادوا تسليمه إلى قريش :
قال تعالى مبينا هذا الأمر: ﴿قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا﴾ ([371]) وهو حكاية قول رجل من المنافقين من قريش لبعض إخوانه: إن قريشاً لا يريدون إلا محمداً فهلموا نأخذه فندفعه في أيديهم ونسلم نحن بأنفسنا. فأخبر جبرئيل رسول الله فتبسم، وأنزل الله عليه هذه الآيات ﴿قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا.. ﴾ ([372]) الآية.
تشكيل الجلسات السرية ضد الرسول 9:
قال تعالى في الإشارة الى هذه الجلسات: ﴿يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما تعملون محيطا﴾([373])
معارضته وعدم الإستسلام لقيادته 9:
قال تعالى بشأن أهل الكتاب الذين كانوا يعارضون رسول الله 9 ولا يستسلمون لقيادته: ﴿ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنّه فعلوا ما يوعظون لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتا ﴾([374]).
170- نسبوا اليهم الإستقسام بالأزلام:
ثبت عنه 9 يوم فتح مكة أنه كان يهوي بالقضيب الذي في يده إلى كل صنم فيخر لوجهه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل حتى مر على ثلاثمائة وستين صنما. وأخرج البخاري من حديث ابن عباس قال: لما رأى النبي 9 الصور التي في البيت لم يدخل حتى أمر فمحيت، ورأى صورة إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام فقال: قاتلهم الله والله إن استقسما بالأزلام قط([375]).
171 ـ عدوه باغيا للحرب والقتال ومثيرا لنار الفتنة معتدا بنفسه لا يقبل التفاهم وما إلى ذلك:
قال تعالى في إشارة لهذه الذنوب التي نسبوها اليه ولم يكن لها واقع في سلوكه ولا في حياته: "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما، وينصرك الله نصرا عزيزا "
اتهموه بالحسد:
قال تعالى: ﴿فسيقولون بل تحسدوننا﴾.
يقول صاحب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل في بيان هذه الاية: " ان أمر الله أن تكون غنائم خيبر خاصة بأهل الحديبية ولن يشاركهم في ذلك أحد. لكن هؤلاء المخلفين الصلفين استمروا في تبجحهم واتهموا النبي ومن معه بالحسد كما صرح القرآن بذلك وهكذا فإنهم بهذا القول يكذبون حتى النبي9 ويعدون أساس منعهم من الاشتراك في معركة خيبر الحسد فحسب. وفي ذيل الآية يصرح القرآن عن حالهم فيقول: بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا.
أجل إن أساس جميع شقائهم وسوء حظهم هو جهلهم وعدم فقاهتهم، فالجهل ملازم لهم أبدا، جهلهم بالله سبحانه وعدم معرفة مقام النبي 9 وجهلهم عن مصير الإنسان وعدم توجههم إلى أن الثروة في الدنيا لا قرار فيها، فهي زائلة لا محالة !. صحيح أنهم أذكياء في المسائل المادية والمنافع الشخصية، ولكن أي جهل أعظم من أن يبيع الإنسان جميع كيانه وكل شيء منه بالثروة !
وأخيرا وطبقا لما نقلته التواريخ فإن النبي الأكرم وزع غنائم خيبر على أهل الحديبية فحسب، حتى الذين لم يشتركوا في خيبر وكانوا في الحديبية جعل لهم النبي سهما من غنائم خيبر، وبالطبع لم يكن لهذا المورد أكثر من مصداق واحد وهو " جابر بن عبد الله الأنصاري. " ([376]).
اتهموهم بالقتل :
جاء في تفسير الثعلبي في وفاة هارون : "قال عمرو بن ميمون: كان وفاة موسى وهارون في التيه، ومات هارون قبل موسى. فكانا خرجا في التيه إلى بعض الكهوف، فمات هارون ودفنه موسى، وانصرف إلى بني إسرائيل، فقالوا: ما فعل هارون ؟ قال: مات، قالوا: كذبت ولكنك قتلته لمحبتنا إياه، وكان محببا في بني إسرائيل. فتضرع موسى إلى ربه وشكى ما لقي من بني إسرائيل فأوحى الله عز وجل إليه أن انطلق بهم إلى قبر هارون حتى تخبرهم أنه مات موتا ولم تقتله، وانطلق بهم إلى قبر هارون فنادى: يا هارون فخرج من قبره ينفض من رأسه فقال: أنا قتلتك ؟ قال: لا والله ولكني مت قال: فعد إلى مضجعك، وانصرفوا. " ([377]).
أقسموا أن يتزوجوا نساءه من بعد وفاته:
قال تعالى في بيان هذا النوع من الاذى: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله. .. )فقد ورد في روايات سبب النزول أن بعض المنافقين كانوا قد أقسموا على أن يتزوجوا نساء النبي من بعده، وقد آلم ذلك رسول الله 9. ولكن معنى الآية عام على كل حال، فهو يشمل كل نوع من الأنواع.
أدعوا انهم أفهم من محمد 9:
جاء في تفسير قوله تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه). أنه ذكر جمع من المفسرين في سبب نزول هذا القسم من الآية: أن رجلا في الجاهلية يدعى " جميل بن معمر " كان عجيب الحفظ، وكان يدعي أن في جوفه قلبين كل منهما أفهم من محمد 9، ولذلك كان مشركو قريش يسمونه: ذا القلبين ! فلما كان يوم بدر وهزم المشركون، وفيهم جميل بن معمر، تلقاه أبو سفيان وهو آخذ بيده إحدى نعليه، والاخرى في رجله، فقال له: يا أبا معمر، ما حال الناس ؟ قال: انهزموا، قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك، والاخرى في رجلك ؟ فقال أبو معمر: ما شعرت بذلك، وكنت أظنهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنه لم يكن له إلا قلب واحد لما نسي نعله في يده([378]).
اعترف بآلهة الكعبة الثلاث الاول:
يقول السيد مرتضى العسكري في كتابه احاديث ام المؤمنين عائشة أن كارل بروكلمن في كتابه تاريخ الشعوب الاسلامية قال: وأغلب الظن أن محمدا قد انصرف إلى التفكير في المسائل الدينية في فترة مبكرة جدا. وهو أمر لم يكن مستغربا عند أصحاب النفوس الصافية من معاصريه الذين قصرت العبادة الوثنية عن إرواء ظمئهم الروحي. وتذهب الروايات إلى أنه اتصل في رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما في مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد. ومع الأيام أخذ الايمان بالله يعمر قلبه ويملك عليه نفسه، فيتجلى له فراغ الآلهة الأخرى. ولكنه على ما يظهر اعترف في السنوات الأولى من بعثته بآلهة الكعبة الثلاث اللواتي كان مواطنوه يعدّونها بنات الله ولقد أشار إليهن في إحدى الآيات الموحاة إليه بقوله: "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتضى". أما بعد ذلك حين قوي شعور النبي بالوحدانية فلم يعترف بغير الملائكة شفعاء عند الله، وجاءت السورة الثالثة والخمسون وفيها انكار لان تكون الآلهة بنات الله. ولم يستطع التقليد المتأخر أن يعدّ ذلك التسليم إلا تحولا أغراه به الشيطان، ولذلك أرجئت حوادثه إلى أشد أوقات النبي ضيقا في مكة، ثم ما لبث أن أنكره وتبرأ منه في اليوم التالي. .
وقال: ف. بوهل في دائره المعارف الاسلامية قال: ويشير المستشرق الدنماركي ف. بوهل (1260 - 1351) الأستاذ في جامعة لايبزك، إلى هذه القصة الخرافية المختلقة في دائرة المعارف الاسلامية بعد تقديم ما يلزمه من مقدمة ويقول كان النبي مستعدا لتفهم الكلمات التي كانت تلقى إليه من ايحاءاته اللاشعورية، وكان عليه أن يحارب همسات الشيطان، كما تشير إليه الآية 200 من سورة الأعراف، والآية 97 من سورة المؤمنون، ولكنه بين حين وآخر يحاول أن يمزج بين الوحي، وهذه النداءات الشيطانية الخفية، وان هذا ملحوظ تماما في الآية 98 من سورة النحل، ولكي يصون نفسه من هذه النداءات، كان يدعو الله ليصونه من ذلك. لكن تشير الروايات الموثوقة المعتمد عليها انه سمح لنفسه أن تغوى بواسطة الشيطان لمدح اللات والعزى ومناة إلى حد ما لكنه اكتشف زلته فيما بعد ثم أوحيت إليه الآية 19 من سورة النجم. وأما يوسف شاخت في دائرة المعارف الاسلامية فقد قال: ويشير أيضا إلى أسطورة الغرانيق الخرافية المختلقة وتدخل الشيطان في القرآن (على ما يزعم) المستشرق الهولندي يوسف شاخت. أستاذ اللغة العربية في جامعة ليدن وأستاذ جامعة القاهرة واكسفورد في لندن وأستاذ جامعة في يبرك السويسرية وكولومبيا في أميركا في مادة " أصول " من (دائرة المعارف الاسلامية ). ويقول في القرآن: وليس هناك من شك في قطعية ثبوته وتنزيهه عن الخطأ على الرغم من امكان سعي الشيطان لتخليطه.
أنتجت الروايات السابقة ما قاله الأستاذ جارودي روجيه مرشح الحزب الشيوعي - سابقا - لمنصب رئيس الجمهورية الفرنسية بعد أن أسلم في حوار له مع الأستاذ سعد الدين كالآتي: قرأت القرآن الكريم وأعدت قراءته مرات كثيرة ولا أدرى ان كنت قد فهمته جيدا بالطريقة التي يجب على الانسان أن يفهمه بها أم لا فقد بدا لي ان الرسول عليه الصلاة والسلام جاء بدين عظيم هو أساس الأديان، لم ينكر فيه الأنبياء السابقين بل جاءت رسالته متممة ومكملة للرسالات السابقة، ثم شرعت في قراءة الأحاديث النبوية وعندما أتيح لي السفر إلى المدينة المنورة قمت بشراء واقتناء مجموعة الأحاديث في كتب البخاري ومسلم فرأيت شيئا آخر أعبر عنه بهذه العبارة الصريحة رأيتني وكأنني أمام دين آخر ونشأ في نفسي انطباع من قراءاتي للحديث الشريف انني أمام دين تقليدي. فكل ما وجدته في كتب الأحاديث وكل ما رأيت للرسول عليه الصلاة والسلام يتحدث عنه أو يشير إلى فعله يتعلق بلبس الثياب أو كيفية الدخول للمكان والخروج منه وأشياء أخرى من هذا القبيل. لا كما رأيت في القرآن الكريم عن.. الأساسيات التي تدل على كمال الدين الاسلامي. ([379])
التعيير بكثرة الازواج والتزويج
قال ابن عباس: عيروا رسول الله 9، بكثرة تزويج النساء، وقالوا: لو كان نبيا لشغلته النبوة عن تزويج النساء، فنزلت الآية * ﴿ولقد أرسلنا رسلا من قبلك﴾ *. المعنى: * ﴿ولقد أرسلنا رسلا من قبلك﴾ يا محمد ﴿وجعلنا لهم أزواجا وذرية﴾ أي: نساءً وأولاداً أكثر من نسائك وأولادك، وكان لسليمان 7 ثلاث مائة امرأة مهيرة، وسبعمائة سرية، ولداود 7 مائة امرأة، عن ابن عباس، أي فلا ينبغي أن يستنكر منك أن تتزوج، ويولد لك، وروي أن أبا عبدالله 7 قرأ هذه الآية، ثم أومأ إلى صدره فقال: نحن والله ذرية رسول الله 9([380]).
* هوامش البحث *
(*) كلية الفقه، قسم العقيدة والفكر الإسلامي.
([1]) العلق: 9-13.
([2]) الماعون: 1.
([3]) يونس: 39.
([4]) الأنعام: 11.
([5]) المؤمنون: 105.
([6]) يونس: 77-78.
([7]) البقرة: 87.
([8]) آل عمران: 181.
([9]) الشمس: 14.
([10]) المولى محمد صالح، المازندراني، شرح أصول الكافي: ج 1 - ص 50.
([11]) الأنعام: 5.
([12]) راجع: محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج7 ص16.
([13]) راجع: الشوكاني، فتح القدير: ج2 ص100.
([14])- راجع: محمد بن جرير بن رستم، الطبري (الشيعي )، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين (ع): ص434.
([15]) الشيرازي ناصر مكارم الامثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج 19 - ص 386.
([16]) محمد بن الحسن، الطوسي، التبيان: ج 6 ص 354 - 356.
([17]) غافر: 35.
([18]) الكهف: 4-5.
([19]) هود: 12.
([20]) ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج2 ص360.
([21]) مكتبة أهل البيت (عليهم السلام )، مركز المصطفى /العقائد الإسلامية، حساسية قريش من أسرة النبي9: ج3 ص275
([22]) المرسلات: 1- 50..
([23]) راجع: أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج10 ص232.
([24]) راجع: نفس المصدر: ج9 ص232.
([25]) راجع: القاسمي، محاسن التأويل: ج1 ص257- 260 و264- 265، وراجع: علوم القرآن عند المفسرين: ص397.
([26]) الأنفال: 54.
([27]) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج، القرطبي، تفسير القرطبي: ج8 ص29.
([28]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج7 ص342
([29]) راجع: القاسمي، محاسن التأويل: ج1 ص257 - 260 و264و 265 وراجع: علوم القرآن عند المفسرين: ج3 ص397
([30]) الآلوسي، تفسير الآلوسي: ج 7 ص 117.
([31]) البقرة: 106.
([32]) مقاتل بن سليمان، تفسير مقاتل بن سليمان: ج1 ص70.
([33]) د. أحمد، فتح الله، معجم ألفاظ الفقه الجعفري: ص50.
([34]) محمد، قلعجي، معجم لغة الفقهاء: ص64.
([35]) الشهيد الثاني، حقائق الإيمان: ص181.
([36]) ابن العلامة، الشرح على الإيضاح: ج4 ص251.
([37]) الشنقيطي، أضواء البيان: ص313.
([38]) راجع: الميرزا النوري، خاتمة المستدرك: ج1 ص312.
(39) كما في قولهم بل يداه مبسوطتان أي نعمه مبسوطة الذي هو تكذيب لقولهم يد الله مغلولة أي مقبوضة من العطاء على وجه الصفة له بالبخل. الطوسي، التبيان: ج3 ص58.
(40) كما في قولهم (ما أنزل الله على بشر من شئ) يعنون الوحي والملائكة لا ينزلون على البشر ويلزم منه تكذيب جميع الأنبياء في النبوة، الجزائري، نعمة الله، نور البراهين: ج 1 شرح ص 408. وكما في قوله تعالى: ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير ففيها تكذيب لمن قال إن الله فقير ونحن أغنياء لأن من ملك ما في السموات والأرض لا يكون فقيرا. الطوسي، التبيان: ج3 ص77[40]
(41) الصدر، محمد باقر، المدرسة القرآنية: ص54.
([42]) راجع: محمد جعفر، شمس الدين، في ظلال سورة الأنفال: ص75-77 بتصرف.
([43]) العلق: 9- 14.
([44]) المؤمنون: 25 - 26.
([45]) محمّد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج9 ص350.
([46]) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج، القرطبي، تفسير القرطبي: ج3 ص421.
([47]) نفس المصدر: ج4 ص243.
([48]) الأنعام: 49.
([49]) الرازي، تفسير الرازي: ج24 ص183.
([50]) هود: 35.
([51]) الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج 6 ص 28.
([52]) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج 10 ص 219) 220.
([53]) الأعراف: 40.
([54]) آل عمران: 94.
([55]) الأنعام: 21.
([56]) الأعراف: 177.
([57]) فخر الدين، الطريحي، مجمع البحرين: ج 5 ـ 6 ص 109.
([58]) البقرة: 229.
([59]) الأعراف: 64.
([60]) إبراهيم: 22.
([61]) يونس: 74
([62]) ناصر مكارم، الشيرازي، نفحات القرآن: ج1 ص369-370
([63]) ص: 4.
([64]) الحجر: 80
([65]) الشعراء: 176
([66]) يس: 15.
([67]) الملك: 9.
([68]) القمر: 9.
([69]) راجع: مجاهد بن جبر، تفسير مجاهد: ج2 ص636
([70]) الزمر: 32-34
([71]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج17 ص259-261
([72]) ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج4 ص58-59
([73]) يس: 14-15
([74]) القمر: 25.
([75]) الأنعام: 35
([76]) الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج6 ص43.
([77]) الرعد: 32.
([78]) الأنبياء: 41.
([79]) الحجر: 6.
([80]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص657.
([81]) الدخان: 14.
([82]) التوبة: 61.
([83]) النحل: 101.
([84]) الطور: 33.
([85]) المائدة: 110.
([86]) راجع: أبو علي الفضل بن الحسنن الطبرسي، مجمع البيان، ج2 ص231.
([87]) راجع: جلال الدين، السيوطي، تفسير الجلالين: ص284-285
([88]) الشعراء: 153.
([89]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج4 ص493.
([90]) الأسراء: 47.
([91]) الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج10 ص492.
([92]) الإسراء: 47 ـ 48[92]
([93]) ص: 4
([94]) راجع: أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج6 ص434-435
([95]) العيني، عمدة القاري: ج1 ص، 63
([96]) أبو القاسم جار الله محمود بن عمر، الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل: ج 3 - شرح ص 186، القصص: 48
([97]) الشعراء: 49.
([98]) الحجر: 14-15.
([99]) النحل: 103.
([100]) الأنعام: 105.
([101]) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج، القرطبي، تفسير القرطبي: ج7 ص58
([102]) الفيض الكاشاني، التفسير الصافي: ج 2 - ص 14
([103]) هود: 54.
([104]) هود: 32.
([105]) الأعراف: 61.
([106]) الفرقان: 42.
([107]) النجم: 1-2.
([108]) الطور: 30.
([109]) الطور: 29.
([110]) القمر: 25.
([111]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج19 ص80.
([112]) عبدالرحمن بن محمّد بن مخلوف، الثعالبي، تفسير الثعالبي (الكشف والبيان ): ج9 ص167.
([113]) ابن منظور، لسان العرب: مادة: (أشر) ج4 ص20.
([114]) القمر: 26.
([115]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص706.
(116) التوبة: 107.
([117]) هود: 5
([118]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج5-6 ص216
([119]) الأحزاب: 12، شهاب الدين محمود بن عبدالله الحسيني، الآلوسي، تفسير الآلوسي: ج3 ص113
(120) الفضل بن الحسن، الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ص35-40، ومحمد باقر، المجلسي، بحار الأنوار، ج19، ص7.
(121) هاشم، البحراني، حلية الأبرار: ج1 ص131
([122]) الفتح: 15.
([123]) المدَّثِّر: 52.
([124]) الرازي، التفسير الكبير: ج13: ص 175.
([125]) آل عمران: 161.
([126]) محمد بن الحسين، الصدوق، الأمالي: ص164.
([127]) يوسف: 77.
([128]) هود: 53.
([129]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج1 ص327.
([130]) البقرة: 99.
([131]) الشعراء: 221-222.
([132]) الشعراء: 19
([133]) راجع: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج8 ص12.
([134]) البقرة: 102.
([135]) طه: 88.
([136]) باقر شريف، القرشي، حياة الإمام الحسين 7: ج1 ص112، و محمد هادي، اليوسفي، موسوعة التاريخ الإسلامي: ص469.
(137) سورة ص: 86-88.
(138) المؤمنون: 24.
([139]) النجم: 3-4.
([140]) التكوير23-24.
([141]) الكوثر: 3.
([142]) الأعراف: 127.
([143]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج4 ص334
([144]) غافر: 26.
([145]) طه: 57.
([146]) هود: 87.
([147]) راجع: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج10 ص365 بتصرف
([148]) الأعراف: 90.
([149]) طه 49-51.
([150]) طه: 52
([151]) راجع: محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: تفسير الآية 52 من سورة طه
([152]) ص: 86.
([153]) القرطبي، تفسير القرطبي: ج15 ص231.
([154]) الأحقاف: 9.
([155]) الأعراف: 66.
([156]) الأنبياء: 5.
([157]) الآنفال: 49.
[158] -الطبرسي، الفضل بن الحسن، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج1 ص154.
([159]) آل عمران: 79.
([160]) آل عمران: 89 ـ 90، راجع: محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج3 ص268-269؛ ص278 نقلاً عن الدر المنثور لجلال الدين السيوطي، والرواية أوفق سياقاً وأسهل انطباقاً على عيسى 7 من رسول الله، فلعل ما في الرواية من نزول الآيات في حقِّ رسول الله 9 استنباط وتطبيق.
([161]) الأنعام: 91.
([162]) الأنعام: 37
[163] -راجع: أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج3-4 ص459
([164]) إبراهيم: 13.
([165]) ص: 6.
([166]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج17 ص183.
([167]) الطلاق: 8.
([168]) محمد بن الحسن، الطوسي، التبيان: ج4 ص107.
([169]) الأنعام: 26. واليوم يأمرون أتباعهم عبر قنواتهم الإعلامية المسموعة والمرئية الكثيرة أن ينهوا الناس مثلاً عن الحضور أو إعطاء أصواتهم الى كلّ ما يشمّ منه رائحة الإسلام المحمدي الأصيل، أو أن يسلّطوا الضوء على كلّ المساحات الفارغة من الحضور الإسلامي ليوحوا الى أتباع المشروع الإسلامي أنّ مشرعهم لا يحظى بالقبول المناسب للطرح وأنّ الأولى للأصوات أن تتَّجه الى مشروع آخر ومساحة أخرى غير المساحة التي يقف فيها المشروع الإسلامي هكذا اليوم ينهون وينأون.
([170]) النساء: 72.
([171]) هود: 62.
([172]) الروم: 60.
([173]) ابن منظور الأفريقي، لسان العرب: مادة (خفّ).
([174]) التوبة: 58.
([175]) الأنفال: 13.
-[176] القمر: 37.
-[177] الحجر: 70
([178]) الهمزة: 1.
([179]) ابن منظور الأفريقي، لسان العرب: مادة (همز).
([180]) راجع: ابن هشام، سيرة ابن هشام: ج1 ص238
([181]) غافر: 5.
([182]) الأنعام: 121.
([183]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص182.
([184]) الإسراء: 76.
([185]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان: ج6 ص507
([186]) الإسراء: 73.
([187]) محمد هادي، اليوسفي، موسوعة التاريخ الإسلامي: ج1 ص625
([188]) راجع: ابن منظور لسان العرب: مادة (كَيَدَ).
([189]) راجع: نفس المصدر: مادة (كَيَدَ).
([190]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص539.
([191]) الأنبياء: 55.
([192]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج14 ص298
([193]) إبن منظور، لسان العرب: ج9 ص114
([194]) راجع: محمد باقر، المجلسي، بحار الأنوار: ج18: ص207.
([195]) الأحزاب: 60.
([196]) النور: 11.
([197]) الضحى: 1-3.
([198]) محمد، عبدة، شرح وتحقيق نهج البلاغة: ج2 ص166
([199]) النساء: 78.
([200]) الشريف المرتضى، رسائل المرتضى: ج3 ص194
([201]) راجع: جعفر، السبحاني، الإلهيات: ج1 ص707
([202]) الأعراف: 131
([203]) الإسراء: 47.
([204]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (نجا).
([205]) راجع: نفس المصدر مادة (نجا).
([206]) راجع: نفس المصدر مادة (نجا)
([207]) هود: 12.
([208]) يوسف: 24.
([209]) ابن منظور، لسان العرب: مادة (سوأ).
([210]) الحج: 72.
([211]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (نكر).
([212]) الأحزاب: 12-14.
([213]) المنافقون: 7. 263
([214]) محمد جواد، مغنية، التفسير الكاشف: ج7 ص333، بتصرف.
([215]) راجع: مجاهد بن جبير، تفسير مجاهد: ج1 ص283، محمد باقر سعيدي، وروشن، تحليل زبان قرآن: ص261، ابن جرير، الطبري، البيان: ج10 ص222-223، المنافقون: 7.
([216]) أبو جعفر، النحاس، معاني القرآن: ج3 ص231 (ولا فيما يجب) لا توجد في تفسير مجاهد
([217]) الرعد: 43.
([218]) الزخرف: 51-52.
([219]) الشعراء: 54.
([220]) الأعراف: 86.
([221]) راجع: البيضاوي، تفسير البيضاوي: ج 3 ص 18، والكشاف 2: 94. 6
«[222]) محسن، الفيض الكاشاني، الأصفى في تفسير القرآن: ج 1 ص 386) 387
([223]) الأعراف: 132.
([224]) المجادلة: 8.
([225]) النساء: 46.
([226]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج1 ص248.
([227]) المائدة: 116 ـ 117.
-[228] القلم: 8-9.
-[229] ابن منظور، لسان العرب: مادة: (دهن )
-[230] فخر الدين، الطريحي، مجمع البحرين: مادة (دهن )
«[231]) يس: 18) 19
([232]) الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل عيون الأقاويل: ج 3 شرح ص 317
([233]) النساء: 150.
([234]) الأنعام: 124.
([235]) المطففين: 29.
([236]) العلق: 9-10.
([237]) إبن جرير، الطبري، جامع البيان: ج30/ 321وتفسير ابن كثير: ج4 /565، و أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء، البغوي، تفسير البغوي: ج8 ص479
([238]) العلق: 11-12.
([239]) الزمر: 36-37.
([240]) الأحزاب: 26.
([241]) النور: 63.
([242]) لقمان: 6.
([243]) ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1 ص48
([244]) الأنفال: 34.
[245] -يونس: 15.
[246] -المجلسي، بحار الأنوار: ج17 ص205
[247] -راجع: أبو الحسن علي بن محمد بن ابراهيم بن عمر الشيحي، الخازن، تفسير الخازن: ج3 ص383
([248]) الأنفال: 56.
([249]) الأعراف: 135
([250]) الأحزاب: 60-61.
([251]) الجن: 19.
[252] -راجع: محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص722.
([253]) الأنفال: 36.
([254]) الكهف: 83.
([255]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص392.
([256]) هود: 27.
([257]) الراغب الإصفهاني، المفردات في غريب القرآن: ص451، مادة (لغا).
([258]) فصلت: 26.
([259]) الزخرف: 57.
([260]) راجع: أبو القاسم، الخوئي، البيان في تفسير القرآن: ص137
([261]) محمد طاهر، ابن عاشور، التحرير والتنوير: ج1 ص51
([262]) الإسراء: 94.
([263]) الفرقان: 10.
([264]) محمد بن الحسن، الطوسي، التبيان: ج7 ص474
([265]) في الآيات (7) و (8) من سورة الفرقان عيّر بالفقر، وفي الآية (10) دفاع الله عزّ وجلّ وردّه عنه.
([266]) المسدثر: 4.
[267] -راجع: ابن هشام، سيرة ابن هشام: ج1 ص381
([268]) عبدالحليم، محمود، أوربا والإسلام، عن تاريخ العالم ج1 ص90.
([269]) الروم: 58.
([270]) محمد حسين، الصغير، دراسات قرآنية/ المستشرقون والدراسات القرآنية: ص 39.
([271]) الشعراء: 23) 25.
([272]) إبراهيم: 9.
([273]) غافر: 5.
([274]) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج11 ص141
([275]) البقرة: 139.
([276]) الطوسي، التبيان: ج1 ص486
([277]) التوبة: 30.
([278]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، جوامع الجامع: ص27.
([279]) ومن امثالهم هذا اليوم وليم موير وجيتاني وغيرهم كثير.
([280]) الاعراف: 158.
([281]) التوبة: 64.
([282]) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج 9 ص 326.
([283]) المنافقون: 8.
([284]) البقرة: 88.
([285]) هود: 91.
([286]) مجد الدين محمد بن يعقوب، الفيروز آبادي، القاموس المحيط: ج4 ص289
([287]) ابن منظور، لسان العرب: ج13 ص522
([288]) هود: 91
([289]) إبن جرير، الطبري، تفسير الطبري( البيان ): ج12 ص64
([290]) لجنة من المحققين في مركز تفسير القرآن في الحوزة العلمية، نخبة التفاسير: ج1 ص305
([291]) التوبة: 64.
([292]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج 9 ص 343.
[293] -نفس المصدر: ج9 ص343
([294]) البقرة: 67.
[295] المجادلة: 11.
([296]) أبو علي الفضل بن الحسن، الطبرسي، مجمع البيان: ج9 ص417.
([297]) البقرة: 144.
([298]) الحج: 52.
([299]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج14 ص391.
([300]) الحشر: 5.
([301]) محمد جواد، مغنية، الكاشف: ج7: ص284.
([302]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج19: ص203.
([303]) الشعراء: 54-55.
([304]) راجع: ابن منظور، لسان العرب، مادة (شرذم).
([305]) الشعراء: 19.
([306]) راجع: إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر، البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: ج6 ص57
([307]) النمل: 56.
([308]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج8 ص184.
([309]) البقرة: 71.
([310]) التوبة: 74.
([311]) ابن مسعود، العياشي، تفسير العياشي: ج2 ص98، وعبد الأعلى بن جمعة، الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج2 ص243
([312]) آل عمران: 59.
([313]) الفرقان: 7.
([314]) الفرقان: 8.
([315]) الأنعام: 8.
([316]) الفرقان: 32
([317]) الفرقان: 21.
([318]) الفرقان: 34.
([319]) الطبرسي، جوامع الجامع: ص323.
([320]) الرعد: 38.
([321]) محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص328.
([322]) الإسراء: 49) 51.
([323]) آل عمران: 93.
([324]) راجع: محمد جواد، مغنية، التفسير المبين: ص78.
([325]) نفس المصدر: ص399.
( ([326]مريم: 32.
([327]) الملك: 28.
([328]) محمد باقر، المجلسي، بحار الأنوار،: ج9 ص74، ب1.
([329]) جلال الدين، السيوطي، الدّر المنثور: ج2 ص269، الآية 19 من سورة المائدة.
([330]) راجع: أبو ريحان، البيروني، الآثار الباقية: ص26.
([331]) الأحزاب: 40.
([332]) البقرة: 140.
([333]) الطبرسي، جوامع الجامع: ص27.
([334]) المصدر السابق: ص27.
([335]) البقرة: 142.
([336]) الإسراء: 62.
([337]) يونس: 78.
([338]) آل عمران: 19 .
([339]) الفرقان: 33.
([340]) النساء: 150 .
([341]) آل عمران: 23 .
([342]) غافر: 12.
([343]) آل عمران: 90.
([344]) إبراهيم: 10 .
([345]) الذاريات: 20 .
([346]) الذاريات: 22-23 .
([347]) راجع: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج18 ص375-376.
([348]) المؤمن: 34 .
([349]) الإسراء: 110.
([350]) وهي مقولات إتّهامية معاصرة جاء بعضها على لسان البابا المسيحي الحالي قبل أقلّ من سنتين، نقلاً عن محاضرة أحد المسيحيين الذين أسلموا وأعلنوا إيمانهم/ألقيت في قم المقدسة.
([351]) بهاء الدين، البهائي العاملي، مشرق الشمسين: ص399.
([352]) راجع: الطبري، جامع البيان: ج21 ص97، السيوطي، الدرّ المنثور، ج5 ص 168، ابن منظور، لسان العرب: مادة (نفد) .
([353]) الأنعام: 52، الحويزي، تفسير نور الثقلين: ج 1 ص720 .
([354]) إبراهيم: 10 .
([355]) المؤمنون: 34 .
([356]) محمد بن عبدالكريم، الشهرستاني، الملل والنحل: ج1 ص210 .
([357]) محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج1 ص87.
([358]) راجع: نفس المصدر: ج1 ص48-49.
([359]) راجع: نفس المصدر: ج1 ص48-49.
([360]) المائدة: 59.
([361]) الطبرسي، مجمع البيان: ج3-4 ص330.
([362]) الحديد: 29 .
([363]) راجع: الطوسي، التبيان: ج9 ص538.
([364]) ص: 5.
([365]) راجع: محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج17 ص182.
([366]) نفس المصدر : ج 8 ص 382.
([367]) الأنبياء: 59.
([368]) راجع: محمد حسين، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: ج13-14ص300.
([369]) راجع: علي، الكوراني، جواهر التاريخ: ص35.
([370]) محمّد بن علي بن محمّد، الشوكاني، فتح القدير: ج3 ص87.
([371]) الأحزاب / 18.
([372]) محمد باقر، المجلسي، بحار الأنوار: ج89 ص73.
([373]) النساء: 108.
([374]) النساء: 66[374].
([375]) نيل الأوطار) الشوكاني، ج 2، ص 97 -98.
(377) نفس المصدر: ج16 ص453[376] .
(378) الثعلبي، تفسير الثعلبي: ج4 ص45[377] .
([378]) شيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج13 ص160.
([379]) العسكري، مرتضى، أحاديث أم المؤمنين عائشة: ج 2، ص 379) 382.
([380]) تفسير مجمع البيان) الشيخ الطبرسي) ج 6، ص 47 –48.