البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

العقيدة المهدوية في عصر الإمام موسى الكاظم (ع) (تأصيل ومواجهة)

الباحث :  السيد محمد القبانجي
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  1
السنة :  السنة الاولى - شعبان 1435هـ / 2014م
تاريخ إضافة البحث :  April / 10 / 2017
عدد زيارات البحث :  1026
تحميل  ( 587.667 KB )
تمهيد:
منذ أن صدح القرآن الكريم بالبشارة الكبرىٰ للأُمَّة الإسلاميّة جمعاء ومستضعفي العالم ـ بعد أن رزحت لقرون من الزمن تحت نيّر الطغاة والمستكبرين ـ من أنَّ الأرض يرثها العباد الصالحون، وأنَّ الحاكمية ستكون للمستضعفين، حيث قال تعالىٰ: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَىٰ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (القصص: 5)، وهكذا جاءت بشارات سيّد المرسلين محمّد  موضِّحة ومبيّنة لتلك الخلافة العظمىٰ والتي ستهنئ بها النفوس وتطمئنُّ إليها القلوب، وذلك علىٰ يد مهدي الأُمم ومنقذ البشـر ومحقِّق العدل الإلهي ومبيد العتاة والمردة وجامع الكلمة علىٰ التقوىٰ، فها هي أحاديثه وتصـريحاته وبشاراته  التي تناقلتها جموع الصحابة ووصلت إلينا جيلاً بعد جيل بأعداد كبيرة جدَّاً فاقت (500) رواية عنه.
ومنذ ذلك الحين ومحاولات الاستحواذ تترىٰ حول تقمّص شخصية هذه البشارة لما لها من بريق خاصّ وعظمة فريدة في قلوب المسلمين، فهناك الكثير الكثير ممَّن ادَّعوا المهدوية أو ادّعيت لهم كالكيسانية والناووسية وبني أُميّة وبني العبّاس وغيرهم وإلىٰ يومنا هذا.
فكانت إحدىٰ أهمّ المسؤوليات الكبرىٰ الملقاة علىٰ عاتق أهل البيت  هي بيان وتأصيل العقيدة المهدوية الصحيحة من جهة، والتأكيد علىٰ مرادات رسول الله ومن قبله القرآن الكريم حول منهاج هذه العقيدة ومصداق هذه الشخصية، والوقوف بحزم ضدّ كلّ من يريد تحريف هذه العقيدة وتقمّص شخصيتها المقدَّسة من جهة أُخرىٰ، وقد حفل عصـر الإمام موسىٰ الكاظم  بهذه الظاهرة بشكل استثنائي ومميَّز وإن كان جذور بعضها في عصـر أبيه الإمام جعفر الصادق  ولكنَّها استفحلت وشكَّلت ظاهرة في عصـره كما في الناووسية والإسماعيلية، والبعض الآخر تشكَّل قبيل شهادته وفي عصـر ولده الإمام علي الرضا  كما في الواقفة.
من هنا كان علىٰ الإمام موسىٰ الكاظم  العمل علىٰ ثلاثة محاور رئيسة هي: تأصيل العقيدة المهدوية نهجاً ومصداقاً من جهة، والتصدّي لأمثال هذه الدعاوي التي انتشرت في زمانه وعصـره من جهة أُخرىٰ، مضافاً إلىٰ العمل بدقَّة متناهية مستشـرفاً لما يحدث بعد شهادته من دعاوىٰ مهدوية زائفة ليكون معيناً لولده علي الرضا  في دحضها وبيان بطلانها، وتحفيز الأُمَّة علىٰ الجانب الروحي والارتباط العاطفي مع هذه العقيدة ومع مصداقها الأوحد الإمام المهدي  ثالثاً.
وسوف نستعرض هذه المحاور الثلاثة من خلال هذه الدراسة المختصـرة من حياة الإمام موسىٰ الكاظم  المليئة بالإنجازات العظيمة رغم كلّ ما عاناه  من آلام ومحن وسجون وعنف من طواغيت عصـره.
***

المحور الأوَّل
العمل على تأصيل العقيدة المهدوية
وفي هذا المحور نلاحظ أنَّ الإمام موسىٰ الكاظم  ـ مشاركاً آباءه الكرام وأبناءه الأطهار  ـ بذل جهداً ملحوظاً مؤطِّراً ومسوِّراً للعقيدة المهدوية بحيث لايبقىٰ هناك خلل في معرفة المنهج وتشخيص المصداق بتعريف جامع مانع، وتمثَّل هذا الجهد والتحرّك من خلال عدَّة أبعاد:
البعد الأوَّل: التركيز على وحدة الإمامة في العقيدة المهدوية:
يتمثَّل هذا البعد في تركيز الإمام موسىٰ الكاظم  علىٰ إعطاء صورة كلّية للعقيدة المهدوية ولشخص الإمام المهدي  ترتبط بكلّي الإمامة والرسالة وأنَّه حلقة ضمن سلسلة متلاحمة ومتَّصلة لا يمكن معرفة هويَّتها وسبر غورها إلَّا من خلال التحرّك لمعرفة جميع أطراف السلسلة والتي تبدأ من رسول الله  وتنتهي بالمهدي ، وبدون هذه الحركة المعرفية الكلّية تكون المعرفة بتراء مشوَّهة بل منحرفة، وبالفعل فقد ساعدت هذه المعرفة الشوهاء والمنفصلة عن كلّي الهرم الإمامي العقائدي إلىٰ الانحراف المعرفي عن المنهج والشخص في العقيدة المهدوية، فظهرت لدينا مهدويات مدعاة تبتعد كلّ البعد عن الأُطر التي وضعها وأسَّس لها أهل البيت من جهة المنهج، كما أنَّها لاتنسجم ولا تتشابه مع الشخصيات التي تُمثّل الشجرة العلوية والدوحة المحمّدية من جهة النسب، ولذلك نجد الإمام موسىٰ الكاظم  ركَّز علىٰ الوحدة المهدوية مع سائر الشجرة النبوية حيث لا يمكن لها أن تنفصل أو تختلف، فجاء تصـريحه الشـريف كما يرويه الشيخ المفيد : «إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعلي والحسن، فالرابع هو القائم صلوات الله عليه وعليهم»(1)، ليقول بوضوح: إنَّ الإمام المهدي  هو فرع من آبائه الكرام  ومن هذه السلسلة الذهبية لا يشذُّ عنها نسباً ومنهجاً.
البعد الثاني: تعريف وتعيين الإمام المهدي :
يتمحور هذا البعد في إعطاء البعد المعرفي للشخصية المهدوية الحقّة، وذلك بعدَّة أساليب:
الأُسلوب الأوَّل: التعريف النسبي له :
حيث أكَّد الإمام موسىٰ الكاظم  بصورة لا يمكن تزييفها وحقيقة لا يمكن تحريفها انتماء المهدي الموعود إلىٰ رسول الله  عبر سلسلة نسبية محدَّدة تبدأ بالنبيّ الفاتح وتنتهي بالوصيّ الخاتم، كما عبّر عن لسانهم : «بنا فتح الله جلَّ وعزَّ، وبنا يختم الله»(2).
وقد تجلّىٰ هذا الأُسلوب بكتابه  إلىٰ عبد الله بن جندب حينما قال: «إذا سجدت فقل: اللّهمّ إنّي أُشهدك، وأُشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك بأنَّك أنت الله ربّي، والإسلام ديني، ومحمّد نبيّي، وعلي وليّي، والحسن والحسين وعلي ابن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسىٰ بن جعفر وعلي بن موسىٰ ومحمّد ابن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي والخلف الصالح صلواتك عليهم أئمّتي، بهم أتولّىٰ ومن عدوّهم أتبرَّأ»(3).
الأُسلوب الثاني: التعريف العددي للإمام المهدي :
بذل أهل البيت  جهداً بالغاً وعناية خاصّة بلغة الأرقام في تعيين مهدي الأُمم وبأشكال مختلفة ومتنوّعة، فطائفة من الروايات تقول: الثاني عشـر، وأُخرىٰ تقول: التاسع من ذرّية الحسين، وثالثة تقول: الرابع من ولدي، وغيرها. ولذا فقد جاءت تصـريحات الإمام موسىٰ الكاظم  ضمن هذا النسق أيضاً في تعيين الإمام المهدي ، فقد روىٰ ابن بابويه  بسنده عنه  أنَّه قال: «إذا فقد الخامس من ولد السابع، فالله الله في أديانكم لا يزيلنَّكم أحد عنها...»(4).
وروىٰ الصدوق  بسنده عن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت علىٰ موسىٰ بن جعفر  فقلت له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحقّ؟ فقال: «أنا القائم بالحقّ ولكن القائم الذي يطهِّر الأرض من أعداء الله  ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفاً علىٰ نفسه، يرتدُّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون...»(5).
وقد مرَّ ما رواه المفيد  عنه  أنَّه قال : «إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعلي والحسن، فالرابع هو القائم صلوات الله عليه وعليهم».
والتعريف العدد حقيقة ينبغي التأمّل فيها والتوقّف عندها، فلماذا انتهج أهل البيت  هذه الوسيلة لتشخيص الإمام المهدي وتعيينه؟
والجواب: يمكن الإشارة إلىٰ عدَّة احتمالات قد يكون بعضها صالحاً للإجابة وقد تكون كلّها كذلك، ولعلَّ هناك إجابة لم نتوفَّر عليها لقلَّة الزاد والبضاعة المزجاة.
ولعلَّ من الأوجه هو: أنَّ استعمال اللغة العددية والرياضية لا يمكن أن تخطأ أو تنحرف عن الصواب أو تلتبس علىٰ المخاطب بعكس لغة التشبيه والمثال والمقاربة ممَّا يعكس اهتماماً فائقاً عند أهل البيت  في إيضاح الشخصية بأجلىٰ صورها وبشكل لا يمكن أن يتخلَّله الاشتباه بالمصاديق والإجمال بين الأفراد.
وربَّما يكون الهدف من اللغة العددية هو إحاطة الإمام المهدي  بمزيد من السـرّية والتكتّم ـ في عين الجلاء والوضوح لمن كان له قلب أو ألقىٰ السمع وهو شهيد _، فهي تتناسق وتتماهىٰ مع عقيدة الغيبة في مدرسة أهل البيت ومبدأ التقيّة عندهم  والتي تعني في إحدىٰ جنباتها إيصال الفكرة مع تغليفها بأُطر يعجز عن إدراكها البعيد عن مفاهيم هذه المدرسة الإلهية ولا ينالها إلَّا ذو حظّ عظيم، ولذا نلاحظ أنَّه وبالرغم من أنَّ الإمام موسىٰ الكاظم  عرَّف المهدي  تعريفاً عددياً لا يمكن أن يخطأ إلَّا أنَّه وبالوقت نفسه قال: «عقولكم تصغر عن هذا»، وذلك حينما سأله أخوه علي بن جعفر: يا سيّدي، من الخامس من ولد السابع؟ فقال: «يا بني، عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه»(6).
وفي خصوص هذه المفردة العددية التي تحدَّثت عنها الرواية المهدوية الكاظمية يمكن أن يكون المراد هو الإشارة إلىٰ تلبيس مفهوم المهدوية من قِبَل البعض علىٰ الولد السابع والذي يعني نفسه القدسية، والابتعاد عن المصداق الحقيقي والوحيد لهذا المفهوم، لذا اقتضـىٰ التنويه من قِبَله  لهذا الأمر حتَّىٰ لا تنحرف المسيرة المهدوية بإيجاد مصاديق أُخرىٰ لها غير ما اختاره الله ورسمه وأكَّد عليه أهل البيت .
الأُسلوب الثالث: التعريف بالعلامات:
ولسنا في صدد الحديث عن العلامات وماهيتها ومفرداتها بقدر ما نريد القول: إنَّ أهل البيت  اهتمّوا في بيان العلامات وجعلوها بمثابة إشارات ودلالات للاسترشاد علىٰ الطريق المهدوي الصحيح أوَّلاً، وعلىٰ وقت ظهوره ثانياً، وهكذا فهي تدلُّ علىٰ صدقهم فيما يخبرون ليحصل الاطمئنان لدىٰ أتباعهم بحتمية العقيدة المهدوية وتحقّقها ثالثاً، مضافاً إلىٰ إظهارهم لعلامات تعيّن شخصه المبارك ممَّا لا يدع مجالاً لتغييب الحقّ والتباسه بالباطل وتشويش الواقع أمام المنتظِر، ولذلك جاء في الرواية الشـريفة عن المفضَّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله  يقول: «إيّاكم والتنويه، أمَا والله ليغيبنَّ إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحّصنَّ حتَّىٰ يقال: مات، قُتِلَ، هلك، بأيّ وادٍ سلك؟ ولتدمعنَّ عليه عيون المؤمنين، ولتكفأنَّ كما تكفأ السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلَّا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيَّده بروح منه، ولترفعنَّ اثنتا عشـرة راية مشتبهة، لا يُدرىٰ أيّ من أيّ»، قال: فبكيت، ثمّ قلت: فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلىٰ شمس داخلة في الصفة، فقال: «يا أبا عبد الله، ترىٰ هذه الشمس؟»، قلت: نعم، فقال: «والله لأمرنا أبين من هذه الشمس»(7).
وهذا الوضوح والظهور والحقيقة المتجلّية والناصعة مع كلّ هذا التشويش الإعلامي الهائل والأبواق المأجورة إنَّما جاء بسبب أنَّ أهل البيت  رسموا خارطة طريق واضحة وجليّة لا يعتريها الريب والشكّ والغموض، وذلك من خلال العلامات الدالّة، وليس من الضـروري أن يتحدَّث كلّ إمام بجميع العلامات أو تفاصيلها، بل ربَّما يتحدَّث ابتداءً بما يراه مهمَّاً وضرورياً وممَّا يجب التركيز عليه، كما في رواية علي بن أبي حمزة، قال: رافقت أبا الحسن موسىٰ بن جعفر  بين مكّة والمدينة، فقال لي يوماً: «يا علي، لو أنَّ أهل السماوات والأرض خرجوا علىٰ بني العبّاس لسقيت الأرض دماءهم حتَّىٰ يخرج السفياني»، قلت له: يا سيّدي، أمره من المحتوم؟ قال: نعم، ثمّ أطرق هنيئة، ثمّ رفع رأسه، وقال: «ملك بني العبّاس مكر وخداع، يذهب حتَّىٰ يقال: لم يبقَ منه شيء، ثمّ يتجدَّد حتَّىٰ يقال: ما مرَّ به شيء»(8)، حيث يعتبر السفياني علامة فارقة محتومة خلافاً لكثير من العلامات التي قد يحصل فيها البداء، ولهذا نجد التأكيد المستمرّ من قِبَل أهل البيت  علىٰ هذه العلامة إذ أنَّها بالإضافة إلىٰ علاميتها توضّح لنا المنهج المعادي لحركة أهل البيت  عموماً والإمام المهدي بشكل خاصّ.
وقد لا يتناول الإمام  بعض العلامات بشكل ابتدائي ومبادر، بل يحاول الإجابة علىٰ سؤال طُرِحَ عليه بما يراه من تشخيص للفائدة، كما في رواية الحسن بن الجهم، قال: سأل رجل أبا الحسن  عن الفرج فقال: «تريد الإكثار أم أُجمل لك؟»، قال: بل تجمل لي، قال: «إذا ركزت رايات قيس بمصـر، ورايات كندة بخراسان»(9).
ولا بدَّ من الالتفات إلىٰ أنَّ الحديث عن عصـر الإمام المهدي  ومجريات الأُمور فيه ـ كما سيأتي لاحقاً ـ يمكن اعتباره حديثاً عن علامات ودلالات يستطيع الباحث عن الحقيقة والمنتظِر للفرج أن يستشف منها مطالع الظهور المقدَّس ويستوحي ملامح القيام العالمي ويستشـرف الطريق لتحقيق الوعد الإلهي.
الأُسلوب الرابع: التعريف بعصره :
والمقصود من عصـره  أعمّ من الظهور والغيبة فقد يلفت الإمام  أنظار مخاطبيه إلىٰ جانب من جوانب عصـره وهو ما يخصُّ حال المجتمع في غيبته  والتجاذبات التي تعتري الساحة آنذاك ـ كما نعيش نحن اليوم ـ والفتن التي تأتي كقطع الليل المظلم، فهو في الوقت الذي يصوِّر لنا المجتمع في ذلك الزمن كاستشـراف للمستقبل يحاول أيضاً أن يفيد ـ من خلال هذا السـرد ـ مخاطبيه والأجيال بعدهم إلىٰ ضرورة توخّي الحذر ومعرفة مواطئ القدم وعدم الإنزلاق في تيه الفتن والعياذ بالله، ولذلك جاء قوله  لإبراهيم بن هلال: «أنت تعجل»، حينما سأله عن الفرج بقوله: جُعلت فداك، مات أبي علىٰ هذا الأمر، وقد بلغت من السنين ما قد ترىٰ أموت ولا تخبرني بشـيء؟ فأجاب إبراهيم: إي والله أعجل، وما لي لا أعجل وقد كبر سنّي وبلغت أنا من السنّ ما قد ترىٰ. فقال: «أمَا والله يا أبا إسحاق ما يكون ذلك حتَّىٰ تميّزوا وتمحّصوا، وحتَّىٰ لا يبقىٰ منكم إلَّا الأقلّ ـ ثمّ صعَّر كفّه(10)ـ»(11).
وتارةً أُخرىٰ يحدِّثنا الإمام موسىٰ الكاظم  عن عظم المسؤولية الملقاة علىٰ عاتق مهدي الأُمم والهدف الذي سوف يتحقَّق علىٰ يديه الكريمتين نافياً في الوقت عينه المهدوية عن نفسه القدسية كما جاء في سؤال يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت علىٰ موسىٰ بن جعفر  فقلت له: يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحقّ؟ فقال: «أنا القائم بالحقّ ولكن القائم الذي يطهِّر الأرض من أعداء الله  ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفاً علىٰ نفسه، يرتدُّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون»، ثمّ قال: «طوبىٰ لشيعتنا، المتمسّكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين علىٰ موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أُولئك منّا ونحن منهم، قد رضوا بنا أئمّة، ورضينا بهم شيعة، فطوبىٰ لهم، ثمّ طوبىٰ لهم، وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة»(12).
وتارةً ثالثة يحدِّثنا الإمام موسىٰ الكاظم  عن أُمور تفصيلية في بيان عدل الإمام المهدي  وطريقته في سياسة الناس لتشكيل صورة نادرة التحقّق في الواقع المعاش، فكثير هو التصوّر والتنظير وما أكثر القوانين لكن المهمّ في تقنين القوانين هو القدرة علىٰ تطبيقها والتمكّن من إجرائها بحذافيرها من دون مدخلية للهوىٰ والعصبية والمحاباة والكيل بمكيالين، فيعطف الهوىٰ علىٰ الهدىٰ إذا عطفوا الهدىٰ علىٰ الهوىٰ، وكمثال تفصيلي لبيان الحقوق الاجتماعية في عصـره يقول الإمام موسىٰ الكاظم : «إذا قام قائمنا  قال: يا معشـر الفرسان سيروا في وسط الطريق، يا معشـر الرجال سيروا علىٰ جنبي الطريق، فأيّما فارس أخذ علىٰ جنبي الطريق فأصاب رجلاً عيب ألزمناه الدية، وأيّما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له»(13).
البعد الثالث: التجسيد العملي للغيبة:
لم يكتف الإمام موسىٰ الكاظم  بالأقوال المؤكّدة للعقيدة المهدوية، بل مارس عملياً الغيبة واستخدم نفس الطرق التي استخدمها الإمام المهدي  أثناء غيبته الصغرىٰ، فقد غاب الإمام موسىٰ الكاظم  في بداية إمامته عن أعين الناس متخفّياً عن السلاطين والجلاوزة، كما يذكر ذلك ابن شهر آشوب في مناقبه حينما قال: دخل موسىٰ بن جعفر  بعض قرىٰ الشام متنكّراً هارباً فوقع في غار وفيه راهب يعظ في كلّ سنة يوماً، فلمَّا رآه الراهب دخله منه هيبة، فقال: يا هذا، أنت غريب؟ قال: «نعم»، قال: منّا أو علينا؟ قال: «لست منكم»، قال: أنت من الأُمَّة المرحومة؟ قال: «نعم»، قال: أفمن علمائهم أنت أم من جهّالهم؟ قال: «لست من جهّالهم»، فقال: كيف طوبىٰ أصلها في دار عيسىٰ وعندكم في دار محمّد وأغصانها في كلّ دار؟ فقال: «الشمس قد وصل ضوؤها إلىٰ كلّ مكان وكلّ موضع وهي في السماء»، قال: وفي الجنَّة لا ينفد طعامها وإن أكلوا منه ولا ينقص منه شيء؟ قال: «السـراج في الدنيا يُقتَبس منه ولا ينقص منه شيء»، قال: وفي الجنَّة ظلّ ممدود؟ فقال : «الوقت الذي قبل طلوع الشمس كلّها ظلّ ممدود، ألم ترَ إلىٰ ربّك كيف مدَّ الظلّ»، قال: ما يؤكل ويشـرب في الجنَّة لا يكون بولاً ولا غائطاً؟ قال : «الجنين في بطن أُمّه»، قال: أهل الجنَّة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟ فقال : «إذا احتاج الإنسان إلىٰ شيء عرفت أعضاؤه ذلك ويفعلون بمراده من غير أمر»، قال: مفاتيح الجنَّة من ذهب أو فضَّة؟ قال: «مفتاح الجنَّة لسان العبد لا إله إلَّا الله»، قال: صدقت وأسلم والجماعة معه(14).
أمَّا حبسه وسجنه  فهو ابتعاد عن الناس بشكل قهري وهو غيبة عنهم بشكل من الأشكال، وقد امتدَّت لسنوات عدَّة ولكنَّه  لم ينقطع عن جمهوره وأتباعه، بل كان يراسلهم بشكل دائم، فقد أوصل لنا التراث الكثير من التواقيع الشـريفة وبمواضيع متنوّعة كانت تخرج من الحبس تشمل العقائد وفروع الدين حتَّىٰ النصّ علىٰ ولده الإمام عليٰ الرضا .
بل إنَّه  استعمل آلية الوكلاء أيضاً لزيادة التواصل مع الأتباع، يذكر الشيخ القرشي  في كتابه حياة الإمام موسىٰ بن جعفر : (أقام  جماعة من تلامذته وأصحابه، فجعلهم وكلاء له في بعض المناطق الإسلاميّة، وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الدينية منهم، كما وكَّلهم في قبض الحقوق الشـرعية لصـرفها علىٰ الفقراء والبائسين من الشيعة، وإنفاقها في وجوه البرّ والخير.
فقد نصَّب المفضَّل بن عمر(15) وكيلاً له في قبض الحقوق، وأذن له في صرفها علىٰ مستحقّيها.
وكذلك أقام له كلَّاً من حبّان السـرّاج(16)، وزياد بن مروان القندي(17)، وعلي بن أبي حمزة(18)، وغيرهم. وقد وصلت لهؤلاء أموال ضخمة من الشيعة، إلَّا أنَّهم خانوا الله ورسوله، فاشتروا بها الضياع والقصور، وذهبوا إلىٰ الوقف، وأنكروا إمامة الرضا )(19).
وروىٰ الطوسي  بسنده عن يونس بن عبد الرحمن، قال: (مات أبو إبراهيم وليس من قوّامه أحد إلَّا وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته، طمعاً في الأموال، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار...)(20).
ولعلَّ انحراف بعضهم طمعاً في الأموال التي عندهم فادَّعوا غيبته وعدم موته هو مرآة عاكسة لما سوف يحدث في عصـر الغيبة الصغرىٰ من ادّعاء بعضهم للنيابة لمصالح دنيوية ولتكون للأُمَّة تجربة سابقة يمكن الاستفادة منها لتصحيح المسارات.
***

المحور الثاني
دوره  في مواجهة الانحراف والشبهات
المتأمّل في حياة الإمام موسىٰ الكاظم  يجد وبوضوح أنَّه  لم يكتف بتأصيل وتثبيت العقيدة المهدوية في قلوب المؤمنين من خلال التصـريح بشخص الإمام المهدي  وبيان علاماته والتعريف بعصـره كما مرَّ سابقاً، بل تصدّىٰ  لمحاولات التحريف في الحقيقة المهدوية من خلال عدَّة طرق سار عليها تتمثَّل في:
1 ـ التصريح والإخبار بإمامة نفسه القدسية:
بالرغم من الظرف القاهر الذي كان يعيشه الإمام موسىٰ الكاظم  والتقيّة المكثَّفة التي كانت تحيط به وكان طاغوت عصـره يتربَّص به لقتله كما جاء في رواية أبي أيّوب النحوي، قال: بعث إليَّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فأتيته فدخلت عليه وهو جالس علىٰ كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلمَّا سلَّمت عليه رمىٰ بالكتاب إليَّ وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمّد بن سليمان يخبرنا أنَّ جعفر بن محمّد قد مات، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ـ ثلاثاً _، وأين مثل جعفر؟ ثمّ قال لي: أُكتب، قال: فكتبت صدر الكتاب، ثمّ قال: أُكتب إن كان أوصىٰ إلىٰ رجل واحد بعينه فقدّمه واضرب عنقه، قال: فرجع إليه الجواب أنَّه قد أوصىٰ إلىٰ خمسة واحدهم أبو جعفر المنصور ومحمّد بن سليمان وعبد الله وموسىٰ وحميدة(21).
ولم يكن يصـرّح  بإمامته بعد شهادة أبيه الإمام جعفر الصادق  إلَّا من خلال الكناية والتلميح، كما ذكر في رواية هشام بن سالم أنَّه قال : «لا إلىٰ المرجئة، ولا إلىٰ القدرية، ولا إلىٰ الزيدية، ولا إلىٰ المعتزلة، ولا إلىٰ الخوارج، إليَّ إليَّ»، فقلت: جُعلت فداك مضـىٰ أبوك؟ قال: «نعم»، قلت: مضـىٰ موتاً؟ قال: «نعم»، قلت: فمن لنا من بعده؟ فقال: «إن شاء الله أن يهديك هداك»، قلت: جُعلت فداك، إنَّ عبد الله يزعم أنَّه من بعد أبيه، قال: «يريد عبد الله أن لا يعبد الله»، قال: قلت: جُعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال: «إن شاء الله أن يهديك هداك»، قال: قلت: جُعلت فداك، فأنت هو؟ قال: «لا، ما أقول ذلك»، قال: فقلت في نفسـي لم أصب طريق المسألة، ثمّ قلت له: جُعلت فداك، عليك إمام؟ قال: «لا...»(22).
ولكن بعد اشتهار أمره صـرَّح  أكثر من مرَّة بخلافته وإمامته للأُمَّة كما جاء في رواية أبي بصير، قال: سمعت العبد الصالح  يقول: «لـمَّا حضـر أبي الموت قال: يا بني لا يلي غسلي غيرك، فإنّي غسَّلت أبي، وغسَّل أبي أباه، والحجَّة يغسِّل الحجَّة»، قال: «فكنت أنا الذي غمَّضت أبي، وكفَّنته، ودفنته بيدي، وقال: يا بني، إنَّ عبد الله أخاك يدَّعي الإمامة بعدي، فدعه، وهو أوَّل من يلحق بي من أهلي»، فلمَّا مضـىٰ أبو عبد الله  أرخىٰ أبو الحسن ستره، ودعا عبد الله إلىٰ نفسه. قال أبو بصير: جُعلت فداك، ما بالك حججت العام، ونحر عبد الله جزوراً؟ قال: «إنَّ نوحاً لـمَّا ركب السفينة وحمل فيها من كلّ زوجين اثنين، حمل كلّ شيء إلَّا ولد الزنا فإنَّه لم يحمله، وقد كانت السفينة مأمورة، فحجَّ نوح فيها، وقضـىٰ مناسكه»، قال أبو بصير: فظننت أنَّه عرَّض بنفسه، وقال: «أمَا إنَّ عبد الله لا يعيش أكثر من سنة»، فذهب أصحابه حتَّىٰ انقضت السنة، قال: «فهذه فيما23 يموت»، قال: فمات في تلك السنة(24).
فالاستدلال علىٰ إمامته وإظهار المعاجز علىٰ يديه  خير دليل علىٰ نفيها عن غيره من إخوته مثل إسماعيل وعبد الله الأفطح.
2 ـ شبهة التوقيت والجواب عنها:
سؤال: (متىٰ الفرج؟) أو (هل أنت المهدي أو القائم يا ابن رسول الله؟) طالما طُرِحَ علىٰ مسامع أهل البيت  عموماً وليس الإمام موسىٰ الكاظم  خلواً من التعرّض لمثل هذا السؤال، فقد مرَّ نفيه  عن نفسه القدسية القائم الذي يملأها قسطاً وعدلاً حينما سأله يونس بن عبد الرحمن: (يا ابن رسول الله، أنت القائم بالحقّ؟...)(25).
وكما نفىٰ  شبهة التطبيق المهدوي عليه، فكذا نفىٰ  التوقيت، ففي رواية علي بن يقطين وهي رواية مهمّة تدلّل علىٰ الحكمة من عدم التوقيت لئلَّا ييأس الناس وتقسو قلوبهم، قال: قال لي أبو الحسن : «الشيعة تربىٰ بالأماني منذ مائتي سنة»، قال: وقال يقطين لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ قال: فقال له علي: إنَّ الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أنَّ أمركم حضـر، فأعطيتم محضه، فكان كما قيل لكم، وإنَّ أمرنا لم يحضـر، فعلَّلنا بالأماني، فلو قيل لنا: إنَّ هذا الأمر لا يكون إلَّا إلىٰ مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامّة الناس من الإسلام ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألّفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج»(26).
وجعل  الركيزة الأساس في العقيدة المهدوية هي انتظار الفرج وعدم الاستعجال في التطبيق والتوقيت، فقال: «... وأفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج»(27).
3 ـ مواجهة أدعياء المهدوية:
يمكن حصـر التيّارات المنحرفة التي ادَّعت المهدوية في زمان الإمام موسىٰ الكاظم  في ثلاث فِرَق تختلف بعضها عن البعض الآخر في سعة الانتشار وضيقه وعمق الشبهة وسطحيتها، وكلّها قد واجهها الإمام  وبيَّن زيفها وضلالها، فانقرض البعض وبقي الآخر ليومنا هذا، ولنستعرض هذه الفِرَق بشكل مختصر:
1) الناووسية:
وهي الفرقة التي تبنَّت مهدوية الإمام جعفر الصادق ، قال النوبختي في فِرَق الشيعة: (ففرقة منها قالت: إنَّ جعفر بن محمّد حيّ لم يمت ولا يموت حتَّىٰ يظهر ويلي أمر الناس وأنَّه هو المهدي، وزعموا أنَّهم رووا عنه أنَّه قال: إنَّ رأيتم رأسي قد أهوىٰ عليكم من جبل فلا تصدّقوه فإنّي أنا صاحبكم، وأنَّه قال لهم: إن جاءكم من يخبركم عنّي أنَّه مرَّضني وغسَّلني وكفَّنني فلا تصدّقوه فإنّي صاحبكم صاحب السيف، وهذه الفرقة تسمّىٰ الناووسية، وسُمّيت بذلك لرئيس لهم من أهل البصـرة يقال له: فلان بن فلان الناووس)‏(28).
وقال الشهرستاني في الملل والنحل: (الناووسية أتباع رجل يقال له: ناووس، وقيل: نُسبوا إلىٰ قرية ناووسا، قالت: إنَّ الصادق حيّ بعد ولن يموت حتَّىٰ يظهر فيظهر أمره، وهو القائم المهدي، ورووا عنه أنَّه قال: لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من الجبل فلا تصدّقوا فإنّي صاحبكم صاحب السيف)(29).
2) الإسماعيلية:
وهي الفرقة الشيعية التي ادَّعت إمامة إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق  في حياة أبيه، وزعمت غيبته وعدم وفاته رغم كلّ المشاهدات والتصـريحات والإخبارات بموته في حياة الصادق ، قال النوبختي في فِرَق الشيعة: (وفرقة زعمت أنَّ الإمام بعد جعفر بن محمّد ابنه إسماعيل بن جعفر وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه وقالوا: كان ذلك علىٰ جهة التلبيس من أبيه علىٰ الناس لأنَّه خاف فغيَّبه عنهم، وزعموا أنَّ إسماعيل لا يموت حتَّىٰ يملك الأرض يقوم بأمر الناس وأنَّه هو القائم‏ لأنَّ أباه أشار إليه بالإمامة بعده وقلَّدهم ذلك له وأخبرهم أنَّه صاحبه والإمام لا يقول إلَّا الحقّ فلمَّا ظهر موته علمنا أنَّه قد صدق وأنَّه القائم وأنَّه لم يمت، وهذه الفرقة هي الإسماعيلية الخالصة)(30).
وقال الشهرستاني في الملل والنحل: (الإسماعيلية قالوا إنَّ الإمام بعد جعفر إسماعيل نصَّاً عليه باتّفاق من أولاده، إلَّا أنَّهم اختلفوا في موته في حال حياة أبيه، فمنهم من قال: لم يمت إلَّا أنَّه أظهر موته تقيَّة من خلفاء بني العبّاس، وأنَّه عقد محضـراً وأشهد عليه عامل المنصور بالمدينة، ومنهم من قال: موته صحيح والنصّ لا يرجع قهقرىٰ والفائدة في النصّ بقاء الإمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيرهم، فالإمام بعد إسماعيل محمّد بن إسماعيل، وهؤلاء يقال لهم: المباركية، ثمّ منهم من وقف علىٰ محمّد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته، ومنهم من ساق الإمامة في المستورين منهم ثمّ في الظاهرين القائمين من بعدهم وهم الباطنية، وسنذكر مذاهبهم علىٰ الإنفراد، وإنَّما مذهب هذه الفرقة الوقف علىٰ إسماعيل بن جعفر أو محمّد بن إسماعيل)(31).
3) الواقفة:
وهي الفرقة التي وقفت علىٰ إمامة الإمام موسىٰ الكاظم  ولم تعترف وتقرّ بإمامة الإمام على الرضا ، وادَّعت غيبة الإمام موسىٰ الكاظم  وأنَّه حيّ لم يمت، قال النوبختي في فِرَق الشيعة: (وقالت الفرقة الثانية: إنَّ موسىٰ بن جعفر لم يمت وأنَّه حيّ ولا يموت حتَّىٰ يملك شرق الأرض وغربها ويملأها كلّها عدلاً كما ملئت جوراً وأنَّه القائم المهدي، وزعموا أنَّه خرج من الحبس ولم يرَه أحد نهاراً ولم يعلم به وأنَّ السلطان وأصحابه ادَّعوا موته وموَّهوا علىٰ الناس وكذبوا وأنَّه غاب عن الناس واختفىٰ ورووا في ذلك روايات عن أبيه جعفر بن محمّد أنَّه قال: هو القائم المهدي فإن يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدّقوا فإنَّه القائم‏)(32).
ومن الملفت للنظر أنَّ بداية نشوء هذه الفرقة وبداية تشكّلها كان في عصـر الإمام موسىٰ الكاظم  وفي أواخر حياته، فليس من الصحيح القول أنَّها نشأت وتشكَّلت بعد شهادته ، ولذلك نتحفَّظ علىٰ ما جاء في كتاب الغيبة للطوسي : (... ثمّ دُفِنَ  ورجع الناس، فافترقوا فرقتين: فرقة تقول: مات، وفرقة تقول: لم يمت)(33)، فإنَّ الملاحِظ في تأريخ هذه الفرقة يرىٰ وبوضوح أنَّها نشأت في أيّام حبس الإمام ، ولذلك حينما عرض جثمانه الشـريف علىٰ جمهور الناس نودي عليه: (هذا موسىٰ بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنَّه لا يموت، فانظروا إليه)(34).
ومع كلّ هذه التيّارات المدَّعية للمهدوية الضاغطة في الساحة الإمامية وغيرها من دعاوىٰ الإمامة كالفطحية(35)، فإنَّ الإمام  عمل بشكل مدروس لمواجهتها والتصدّي لها وبيان زيفها وبطلانها، وذلك من خلال عدَّة خطوات قام بها، وقد مهَّد له أبوه الإمام جعفر الصادق  في بعضها كما في الإسماعيلية، حيث أكَّد  وفاة إسماعيل ابنه ليقطع دابر المرجفين والمشكّكين، كما جاء في الغيبة للنعماني عن زرارة بن أعين، أنَّه قال: دخلت علىٰ أبي عبد الله  وعن يمينه سيّد ولده موسىٰ  وقدّامه مرقد مغطّىٰ، فقال لي: «يا زرارة، جئني بداود بن كثير الرقّي وحمران وأبي بصير»، ودخل عليه المفضَّل بن عمر، فخرجت فأحضـرته من أمرني بإحضاره، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثر واحد حتَّىٰ صـرنا في البيت ثلاثين رجلاً، فلمَّا حشد المجلس قال: «يا داود، اكشف لي عن وجه إسماعيل»، فكشف عن وجهه. فقال أبو عبد الله : «يا داود ، أحيٌّ هو أم ميّت؟»، قال داود: يا مولاي، هو ميّت، فجعل يعرض ذلك علىٰ رجل رجل حتَّىٰ أتىٰ علىٰ آخر من في المجلس وانتهىٰ عليهم بأسرهم، كلّ يقول: هو ميّت، يا مولاي. فقال: «اللّهمّ اشهد»، ثمّ أمر بغسله وحنوطه وإدراجه في أثوابه، فلمَّا فرغ منه قال للمفضَّل: «يا مفَّضل، احسـر عن وجهه»، فحسـر عن وجهه، فقال: «أحيٌّ هو أم ميّت؟»، فقال: ميّت. قال: «اللّهمّ اشهد عليهم»، ثمّ حُمِلَ إلىٰ قبره، فلمَّا وُضِعَ في لحده، قال: «يا مفضَّل، اكشف عن وجهه»، وقال للجماعة: أحيٌّ هو أم ميّت؟»، قلنا له: ميّت. فقال: «اللّهمّ اشهد، واشهدوا فإنَّه سيرتاب المبطلون، يريدون إطفاء نور الله بأفواههم ـ ثمّ أومأ إلىٰ موسىٰ  ـ والله متمّ نوره ولو كره المشـركون»، ثمّ حثونا عليه التراب، ثمّ أعاد علينا القول، فقال: «الميّت المحنَّط المكفَّن المدفون في هذا اللحد من هو؟»، قلنا: إسماعيل. قال: «اللّهمّ اشهد»، ثمّ أخذ بيد موسىٰ ، وقال: «هو حقّ والحقّ منه إلىٰ أن يرث الله الأرض ومن عليها»(36).
وعن إسحاق بن عمّار الصيرفي، قال: وصف إسماعيل بن عمّار أخي لأبي عبد الله  دينه واعتقاده، فقال: إنّي أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمّداً رسول الله، وأنَّكم ووصفهم ـ يعني الأئمّة ـ واحداً واحداً حتَّىٰ انتهىٰ إلىٰ أبي عبد الله ، ثمّ قال: وإسماعيل من بعدك؟ قال: «أمَّا إسماعيل فلا»(37).
وجاء في الإرشاد أنَّه جزع أبو عبد الله  علىٰ إسماعيل جزعاً شديداً، وحزن عليه حزناً عظيماً، وتقدَّم سريره بلا حذاء ولا رداء، وأمر بوضع سريره علىٰ الأرض قبل دفنه مراراً كثيرة، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد  بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانّين خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنهم في حياته(38).
هذا مضافاً إلىٰ نصّ الإمام جعفر الصادق  علىٰ ولده الإمام موسىٰ الكاظم بالخلافة والإمامة من بعده في عشـرات المواقف والأزمنة، منها ما رواه الصدوق  في كمال الدين عن المفضَّل بن عمر، قال: دخلت علىٰ سيّدي جعفر بن محمّد ، فقلت: يا سيّدي، لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي: «يا مفضَّل، الإمام من بعدي ابني موسىٰ، والخلف المأمول المنتظر (م ح م د) ابن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسىٰ»(39).
ومنها ما رواه الكليني  عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله ، قال: قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وأُمّي إنَّ الأنفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمن؟ فقال أبو عبد الله : «إذا كان ذلك فهو صاحبكم»، وضرب بيده علىٰ منكب أبي الحسن  الأيمن في ما أعلم، وهو يومئذٍ خماسي، وعبد الله بن جعفر جالس معنا(40).
حتَّىٰ أنَّ الطبرسي  ذكر في كتابه إعلام الورىٰ أنَّ الجماعة التي نقلت النصّ عليه من أبيه وجدّه وآبائه  قد بلغوا من الكثرة إلىٰ حدٍّ يمتنع معه منهم التواطؤ علىٰ الكذب، إذ لا يحصـرهم بلد ومكان، ولا يضمّهم صقع، ولا يحصيهم إنسان(41).
ويمكن استعراض تحرّك الإمام موسىٰ الكاظم في عدَّة خطوات قام بها:
■ الخطوة الأولى: النصّ على ولده الإمام علي الرضا :
حيث تنوَّع النصّ عنه  لولده في أكثر من مورد ومحفل، منها ما رواه الكليني  بسنده عن داود الرقّي، قال: قلت لأبي إبراهيم : جُعلت فداك، إنّي قد كبر سنّي، فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلىٰ ابنه أبي الحسن  فقال: «هذا صاحبكم من بعدي»(42).
ومنها ما رواه الصدوق  بسنده عن حيدر بن أيّوب، قال: كنّا بالمدينة في موضع يُعرَف بالقبا فيه ابن زيد بن علي، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا، فقلنا له: جعلنا الله فداك، ما حبسك؟ قال: دعانا أبو إبراهيم  اليوم سبعه عشـر رجلاً من ولد علىٰ وفاطمة  فأشهدنا لعلي ابنه بالوصيّة والوكالة في حياته وبعد موته، وأنَّ أمره جايز عليه وله...(43).
ومنها ما رواه الصدوق  أيضاً بسنده عن عبد الله بن الحرث، قال: بعث إلينا أبو إبراهيم  فجمعنا ثمّ قال: «أتدرون لِـمَ جمعتكم؟»، قلنا: لا، قال: «اشهدوا أنَّ عليَّاً ابني هذا وصيّي والقيّم بأمري وخليفتي من بعدي...»(44).
ومنها ما رواه الطوسي  بسنده عن محمّد بن عمر بن يزيد وعلي بن أسباط جميعاً، قالا: قال لنا عثمان بن عيسىٰ الرواسي: حدَّثني زياد القندي وابن مسكان، قالا: كنّا عند أبي إبراهيم  إذ قال: «يدخل عليكم الساعة خير أهل الأرض»، فدخل أبو الحسن الرضا  ـ وهو صبي _. فقلنا: خير أهل الأرض! ثمّ دنا فضمَّه إليه فقبَّله، وقال: «يا بني تدري ما قال ذان؟»، قال: «نعم يا سيّدي، هذان يشكّان فيَّ». قال علي بن أسباط : فحدَّثت بهذا الحديث الحسن بن محبوب، فقال: بتر الحديث، لا ولكن حدَّثني علي بن رئاب أنَّ أبا إبراهيم  قال لهما: «إن جحدتماه حقّه أو خنتماه فعليكما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، يا زياد لا تنجب أنت وأصحابك أبداً»، قال علي بن رئاب: فلقيت زياد القندي، فقلت له: بلغني أنَّ أبا إبراهيم  قال لك كذا وكذا، فقال: أحسبك قد خولطت، فمرَّ وتركني فلم أُكلّمه ولا مررت به. قال الحسن بن محبوب: فلم نزل نتوقَّع لزياد دعوة أبي إبراهيم  حتَّىٰ ظهر منه أيّام الرضا  ما ظهر، ومات زنديقاً(45).
وقد أثبت لنا التراث الروائي (49) رواية عن الإمام موسىٰ الكاظم  في النصّ علىٰ ولده الإمام علي الرضا .
■ الخطوة الثانية: الإخبار عن وفاته زماناً ومكاناً وكيفيةً:
فقد أخبر  عن تحقّق موته في أمكنة عدَّة ولأشخاص مختلفين ممَّا يقطع كلّ أسباب الشكّ والريب ويمنع كلّ من يريد التصيّد وإلقاء الشبهات بحياته وعينه، وهذا ما نجده جليَّاً فيما رواه الصدوق  بسنده عن عمر بن واقد في حديث طويل، قال: ثمّ إنَّ سيّدنا موسىٰ  دعا بالمسيّب وذلك قبل وفاته بثلاثة أيّام وكان موكَّلاً به، فقال له: «... ارفع رأسك يا مسيّب واعلم أنّي راحل إلىٰ الله  في ثالث هذا اليوم»، قال: فبكيت فقال لي: لا تبكِ يا مسيّب، فإنَّ عليَّاً ابني هو إمامك ومولاك بعدي فاستمسك بولايته فإنَّك لن تضلّ ما لزمته...»(46).
ونرىٰ هذا المعنىٰ واضحاً فيما رواه الطوسي  في الغيبة بسنده عن محمّد بن عبّاد: فأخبرني موسىٰ بن يحيىٰ بن خالد: أنَّ أبا إبراهيم  قال ليحيىٰ: «يا أبا علي، أنا ميّت، وإنَّما بقي من أجلي أُسبوع، أُكتم موتي وائتني يوم الجمعة عند الزوال، وصلِّ عليَّ أنت وأوليائي فرادىٰ، وانظر إذا سار هذا الطاغية إلىٰ الرقَّة، وعاد إلىٰ العراق لا يراك ولا تراه لنفسك، فإنّي رأيت في نجمك ونجم ولدك ونجمه أنَّه يأتي عليكم فاحذروه»، ثمّ قال: «يا أبا علي، أبلغه عنّي يقول لك موسىٰ بن جعفر: رسولي يأتيك يوم الجمعة فيخبرك بما ترىٰ، وستعلم غداً إذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدي علىٰ صاحبه، والسلام»، فخرج يحيىٰ من عنده، واحمرَّت عيناه من البكاء حتَّىٰ دخل علىٰ هارون فأخبره بقصَّته وما ردَّ عليه، فقال [له] هارون: إن لم يدَّع النبوَّة بعد أيّام فما أحسن حالنا. فلمَّا كان يوم الجمعة توفّي أبو إبراهيم ، وقد خرج هارون إلىٰ المدائن قبل ذلك، فأخرج إلىٰ الناس حتَّىٰ نظروا إليه، ثمّ دُفِنَ  ورجع الناس، فافترقوا فرقتين: فرقة تقول: مات، وفرقة تقول: لم يمت)(47).
فالإعداد لهذه التظاهرة الكبرىٰ كان أحد أهمّ أسبابها هو إشهار موته والإعلان عن وفاته  ليقطع كلّ سبيل علىٰ المدَّعين والمنتحلين والذين في قلوبهم مرض ممَّن يذهب إلىٰ غيبته وعدم وفاته وأنَّه هو المهدي المنقذ.
■ الخطوة الثالثة: نفيه المباشر أن يكون هو المهدي:
وذلك من خلال تصـريحه علىٰ أنَّ مهدي الأُمَّة يأتي بعده بسنين في قوله: «أمَا إنَّهم يفتنون بعد موتي، فيقولون: هو القائم، وما القائم إلَّا بعدي بسنين»(48).
وكذا تصـريحه  الذي يقول فيه: «أنا القائم بالحقّ ولكن القائم الذي يطهِّر الأرض من أعداء الله  ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفاً علىٰ نفسه، يرتدُّ فيها أقوام ويثبت فيها آخرون...»(49)، وغيرها من الإخبارات المتوحّدة في المضمون والمختلفة في الكيفية.
***

المحور الثالث
الاهتمام بالجانب الروحي والارتباط العاطفي
لم يغفل الإمام موسىٰ الكاظم  الجانب الروحي في العقيدة المهدوية وضرورة الارتباط القلبي مع مهدي الأُمم، وذلك من خلال الدعاء له والتوجّه إلىٰ الله بحفظه، لذلك نجد ورود أدعية كثيرة عنه  تربط الإنسان المنتظِر بإمامة الغائب ليزيد من البعد المعرفي عنده، فالإيمان ليس مجرَّد معلومات ما لم تتركَّز في القلب وتؤمن به الجوانح ويعيش المنتظِر حلاوة الانتظار ومرارة الفراق ليعطيه دافعاً قويَّاً علىٰ الصمود أمام البلاءات والمحن.
كما لم يغفل الإمام موسىٰ الكاظم  ربط العقيدة المهدوية ـ وكما ذكرنا سابقاً ـ بالمحورية العقائدية الكلّية والتي تشمل أهل البيت  ككلّ لا يمكن أن يتجزَّأ، وأوضح مثال علىٰ ذلك رواية علي بن مهزيار، قال: سمعت مولاي موسىٰ بن جعفر صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء: «اللّهمّ وقد أصبحت في يومي هذا لا ثقة لي ولا ملجأ ولا ملتجأ غير من توسَّلت بهم إليك من آل رسولك صلّىٰ الله عليه وعلىٰ أمير المؤمنين وعلىٰ سيّدتي فاطمة الزهراء والحسن والحسين والأئمّة من ولدهم والحجَّة المستورة من ذرّيتهم المرجو للأُمَّة من بعدهم وخيرتك عليه وعليهم السلام...»(50).
وكان من دعائه له، قوله : «... أسألك باسمك المخزون المكنون الحيّ القيّوم الذي لا يخيب من سألك به أن تُصلّي علىٰ محمّد وآله وأن تعجِّل فرج المنتقم لك من أعدائك وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام. اللّهمّ عجِّل فرج قائمهم بأمرك، بهم أتولّىٰ ومن أعدائهم أتبرأ»(51).
وقوله : «... اللّهمّ فإنّا قد تمسَّكنا بهم فارزقنا شفاعتهم حين يقول الخائبون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم، واجعلنا من الصادقين المصدَّقين لهم المنتظرين لأيّامهم الناظرين إلىٰ شفاعتهم، ولا تضلّنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنَّك أنت الوهاب آمين رب العالمين»(52) .
فمن خلال هذه المحاور الثلاثة أرسىٰ الإمام الكاظم  أُسس الإمامة الاثني عشـرية، ورسَّخ العقيدة المهدوية في القلوب وبوضوح تامّ لمن كان له قلب أو ألقىٰ السمع وهو شهيد.
***

* المصادر والمراجع *
القرآن الكريم.
1 ـ اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي/ مط بعثت/ قم/ مؤسّسة آل البيت/ 1404هـ .
2 ـ الإرشاد: الشيخ المفيد/ ت مؤسّسة آل البيت/ ط 2/ 1414هـ/ دار المفيد/ بيروت.
3 ـ إعلام الورىٰ: الطبرسي/ ط1/ 1417هـ/ مط ستارة/ مؤسّسة آل البيت/ قم.
4 ـ الإمامة والتبصـرة: ابن بابويه/ ط1/ 1404هـ/ مدرسة الإمام الهادي/ قم.
5 ـ تحف العقول: ابن شعبة الحرّاني/ ت علي أكبر الغفاري/ ط 2/ 1404هـ/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ قم.
6 ـ تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ ت حسن الخرسان/ ط 3/ 1364ش/ مط خورشيد/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.
7 ـ حياة الإمام موسىٰ بن جعفر : باقر شريف القرشي/ ت مهدي باقر القرشي/ قسم الثقافة والإعلام في العتبة الكاظمية المقدَّسة.
8 ـ دلائل الإمامة: الطبري (الشيعي)/ ط1/ 1413هـ/ مؤسّسة البعثة/ قم.
9 ـ رسائل في الغيبة: الشيخ المفيد/ ط2/ 1414هـ/ دار المفيد.
10 ـ عيون أخبار الرضا : الشيخ الصدوق/ ت حسين الأعلمي/ 1404هـ/ مؤسّسة الأعلمي/ بيروت.
11 ـ الغيبة: النعماني/ ط1/ 1422هـ/ مط مهر/ أنوار الهدىٰ.
12 ـ الغيبة: الشيخ الطوسي/ ت عبد الله الطهراني، علي أحمد ناصح/ ط1/ 1411هـ/ مط بهمن/ مؤسّسة المعارف الإسلاميّة/ قم.
13 ـ الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق: عبد الحسين الشبستري/ ط1/ 1418هـ/ مؤسّسة النشر الإسلامي.
14 ـ الكافي: الشيخ الكليني/ ت علي أكبر الغفاري/ ط5/ 1363ش/ مط حيدري/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.
15 ـ كمال الدين: الشيخ الصدوق/ ت علي أكبر الغفاري/ 1405هـ/ مؤسّسة النشر الإسلامي/ قم.
16 ـ مصباح المتهجّد: الشيخ الطوسي/ ط1/ 1411هـ/ مؤسّسة فقه الشيعة/ بيروت.
17 ـ الملل والنحل: الشهرستاني/ دار المعرفة/ بيروت.
18 ـ مناقب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب/ ت لجنة من أساتذة النجف/ 1376هـ/ المكتبة الحيدرية/ النجف.
19 ـ مهج الدعوات ومنهج العبادات: ابن طاووس/ كتابخانه سنائي.

* هوامش البحث *
(1) رسائل في الغيبة 2: 13.
(2) تحف العقول: 115.
(3) مصباح المتهجّد: 238 و239/ ح (346/84).
(4) الإمامة والتبصـرة: 113/ ح 100.
(5) كمال الدين: 361/ باب 34/ ح 5.
(6) الكافي 1: 336/ باب في الغيبة/ ح 2.
(7) الكافي 1: 336/ باب في الغيبة/ ح 3.
(8) الغيبة للنعماني: 314/ باب 18/ ح 9.
(9) الإرشاد 2: 376 و377.
(10) أي أمالها تهاوناً بالناس.
(11) الغيبة للنعماني: 216/ باب 12/ ح 14.
(12) كمال الدين: 361/ باب 34/ ح 5.
(13) تهذيب الأحكام 10: 314/ ح (1169/10).
(14) مناقب آل أبي طالب 3: 427.
(15) محدِّث إمامي، اختلف أصحابنا فيه، فقال جماعة بأنَّه كان من شيعة الإمام الصادق  وبطانته وخاصَّته وثقاته وأحد الفقهاء الصالحين، وكان وكيلاً عن الصادق  بالكوفة، وروىٰ عن الإمام الكاظم  أيضاً وكان بابه، وكان من الذين رووا النصّ عن الإمام الصادق  علىٰ إمامة ابنه الإمام الكاظم ، وكان محموداً عند الأئمّة . وذهب جماعة من علمائنا - ولعلَّ لأسباب - إلىٰ القول بضعفه وذمّه فقالوا: كان خطّابياً، متهافتاً، مرتفع القول، ولا يجوز أن يكتب حديثه، وكان فاسد المذهب لا يعبأ به، مضطرب الحديث لا يعوَّل عليه، وغير ذلك من الذمّ والطعن مع جلالة قدره ومكانته المرموقة عند الأئمّة . (الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق 3: 290/ الرقم 3379).
(16) من ضعفاء المحدِّثين، كيساني العقيدة، قائل بإمامة محمّد بن الحنفية وبأنَّه حيٌّ لم يمت، وكان متعصّباً يصدف عن آيات الله. (الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق 1: 491/ الرقم 1007).
(17) من ثقات محدّثي وفقهاء الواقفة، وقيل: من الضعفاء، وله كتاب. كان من أحد أركان الواقفة الذين وقفوا في الإمام الرضا . (الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق 1: 621/ الرقم 1273).
(18) محدِّث واقفي المذهب، ومن أوائل الذين أظهروا الوقف، وكان كذَّاباً، ملعوناً، ولسوء حظّه كان من أشدّ خصوم الإمام الرضا ، فلعنه الرضا . (الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق 2: 402/ الرقم 2218).
(19) حياة الإمام موسىٰ بن جعفر  2: 492.
(20) الغيبة للطوسي: 64/ ح 66.
(21) الكافي 1: 310/ باب الإشارة والنصّ علىٰ أبي الحسن موسىٰ / ح 13.
(22) الكافي 1: 351/ باب ما يفصل به بين دعوىٰ المحقّ والمبطل.../ ح 7.
(23) في بعض الكتب (فيها وليس فيما).
(24) دلائل الإمامة: 328 و329/ ح (285/28).
(25) راجع (ص 10).
(26) الكافي 1: 369/ باب كراهية التوقيت/ ح 6.
(27) تحف العقول: 403.
(28) فِرَق الشيعة: 67.
(29) الملل والنحل 1: 166 و167.
(30) فِرَق الشيعة: 67 و68.
(31) الملل والنحل 1: 167 و168.
(32) فِرَق الشيعة: 80.
(33) الغيبة للطوسي: 25/ ح 5.
(34) الإرشاد 2: 243.
(35) وهم الذين قالوا: إنَّ الإمامة بعد جعفر في ابنه عبد الله بن جعفر الأفطح، وذلك أنَّه كان عند مضـيّ جعفر أكبر ولده سنَّاً وجلس مجلس أبيه وادَّعىٰ الإمامة ووصيّة أبيه، واعتلّوا بحديث يروونه عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد أنَّه قال: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام، فمال إلىٰ عبد الله والقول بإمامته جلّ من قال بإمامة أبيه جعفر بن محمّد غير نفر يسير عرفوا الحقّ فامتحنوا عبد الله بمسائل في الحلال والحرام من الصلاة والزكاة وغير ذلك فلم يجدوا عنده علماً. (فِرَق الشيعة: 77 و78).
(36) الغيبة للنعماني: 347 و348/ باب 24/ ح 8.
(37) الغيبة للنعماني: 343/ باب 24/ ح 1.
(38) الإرشاد 2: 209 و210.
(39) كمال الدين: 334/ باب 33/ ح 4.
(40) الكافي 1: 309/ باب الإشارة والنصّ علىٰ أبي الحسن موسىٰ / ح 6.
(41) إعلام الورىٰ 2: 9.
(42) الكافي 1: 312/ باب الإشارة والنصّ علىٰ أبي الحسن الرضا / ح 3.
(43) عيون أخبار الرضا  1: 37/ ح 16.
(44) عيون أخبار الرضا  1: 36/ ح 14.
(45) الغيبة للطوسي: 68/ ح 71.
(46) عيون أخبار الرضا  1: 95/ ح 6.
(47) الغيبة للطوسي: 25/ ح 5.
(48) اختيار معرفة الرجال 2: 760/ ح 870.
(49) كمال الدين: 361/ باب 34/ ح 5.
(50) مهج الدعوات: 235.
(51) مصباح المتهجّد: 73 و74/ ح (119/92).
(52) مصباح المتهجّد: 764/ ح (845/114).