الباحث : الشيخ حسن تركاشوند
اسم المجلة : العقيدة
العدد : 34
السنة : ربيع 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : April / 30 / 2025
عدد زيارات البحث : 175
الملخّص
إنّ التوحيد الأفعالي من أقسام التوحيد النظري، وقد قدّم المتكلّمون المسلمون آراءً مختلفةً بشأن حقيقة هذا التوحيد وأدلّته. فقد ذهب الأشاعرة تحت شعار (لا مؤثّر في الوجود إلّا الله)، إلى نسبة جميع الموجودات مباشرةً إلى الله سبحانه وتعالى، فيرون أنّ التوحيد الأفعالي يعني صدور جميع الأفعال من الله مباشرة. من وجهة نظر الأشاعرة لا وجود لنظام العلّيّة بين المخلوقات، ويقولون إنّ النسب بين الأشياء تقوم على أساس العادة الإلهيّة أو الاتفاق الدائم أو على النحو الأكثر.
وأمّا المفوّضة فينسبون سائر أفعال المخلوقات إليها، ولا يرون لله يدًّا فيها. إنّهم من خلال القول بأصل العلّيّة في العالم، وردّ إمكان انتساب فعلٍ واحدٍ إلى فاعلين، لا يرون حاجةً إلى بيان علاقة العلّيّة بالتوحيد الأفعالي. أمّا المتكلّمون الإماميّة فإنّهم من خلال الاستعانة بالروايات المأثورة عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) وقولهم بنظام الأسباب والمسبَّبات، يقولون بالتوحيد الأفعالي بمعنى استقلال الله في أفعاله، واستناد الظواهر إلى السبب المباشر، في عين استنادها إلى الله سبحانه وتعالى. فهم يرون أنّ الله يقف على رأس سلسلة العلل، وأنّ فاعلية جميع الأفعال تنتسب إليه على نحوٍ طوليّ، أو من خلال تقسيم العلل إلى عللٍ حقيقيةٍ وعللٍ إعدادية، واعتبار تأثير العلل الطبيعية في مجرّد حدود الإعداد لوجود المعلول، خلافًا للعلّة الحقيقيّة التي تمنح الوجود للمعلول، ونتيجة لذلك فإنّ المعلول ينتسب إلى الله سبحانه وتعالى وإلى علله الطبيعية أيضًا، أو من خلال إرجاع العلّيّة إلى التجلّي والتشأن، يذهبون إلى الاعتقاد بأنّ كلّ موجودٍ يكتسب بما يتناسب مع ظرفيته الوجوديّة في مقام الفعل شأنًا ومقامًا من شؤون ومقامات الله (عزّ وجلّ).
أمّا ما يتعلّق بالتوحيد الأفعالي واختيار الإنسان فذهب الأشاعرة بهدف الدفاع عن التوحيد الأفعالي إلى إنكار اختيار الإنسان، وفي المقابل ذهب المعتزلة بهدف الدفاع عن العدل الإلهي وتنزيه مقام الربوبيّة من القبائح والنقص إلى الدفاع عن حرية الإنسان وتفويض أفعاله إليه. وأمّا الإماميّة فقد ذهبوا من خلال رفضهم القول بالجبر والتفويض، إلى القول بنظريّة الأمر بين الأمرين.
الكلمات المفتاحية: التوحيد الأفعالي، العلّيّة، الأمر بين الأمرين، التفويض، الجبر، الاختيار.
المقدّمة
يذهب المفكّرون المسلمون إلى الاعتقاد بأنّ الله سبحانه وتعالى كما يتّصف بالصفات الكماليّة، هو مبدأٌ لوقوع الأفعال أيضًا. وعلى هذا الأساس فإنّ الخلق والرزق وتدبير أمور المخلوقات وما إلى ذلك، تندرج ضمن مجموع الأفعال الإلهيّة. ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ عالم الوجود يُعدّ مساحة لوقوع الأفعال والآثار المتنوّعة، والتي يبدو أنّ مبدءها في النظرة الأولى هي المخلوقات، وأمّا في النظرة التوحيديّة للإسلام فيكون المؤثّر الوحيد والفاعل المستقلّ في العالم، هي الذات المقدّسة لله (عزّ وجل)، وليس لأيّ موجودٍ غيره فاعليةٌ تامّةٌ ومستقلّة. وهذا هو جوهر التوحيد الأفعالي. إنّ التوحيد الأفعالي ونفي الكثرة عن مقام الفعل، يمكن تصوّره على نحوين:
أ ـ توحيد الله في الأسماء والصفات الفعلية: لا يمكن أنْ نتصوّر لله شريكًا ومساعدًا ومثيلًا ونظيرًا وما إلى ذلك من الأمور في مرتبة الفعل. وعلى هذا الأساس فإنّ التوحيد الأفعالي يعني أنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق المخلوقات من دون مساعدةٍ، ومن دون الاستعانة بأيّ وسيلةٍ وأداة.
ب ـ انحصار الفاعليّة الاستقلاليّة في الله، وتبعيّة جميع الكائنات والمخلوقات في فاعليتها إلى الله سبحانه وتعالى: إنّ الفاعل المستقلّ الوحيد في الوجود هو الله (عزّ وجل)، وأمّا سائر الفاعلين الآخرين فلا تأثير ولا فاعليّة لهم على نحو الاستقلال، وإنّما هم تابعون له.
سوف نقدّم في هذه المقالة تقريرًا إجماليًا عن رؤية المذاهب الكلامية بشأن التوحيد الأفعالي والأبحاث ذات الصلة بهذه المسألة.
آراء المتكلّمين المسلمين في باب التوحيد الأفعاليّ
1 ـ المتكلّمون الإماميّة
إنّ المفكّرين وكبار العلماء من الشيعة في ضوء تعاليم القرآن الكريم والأحاديث المأثورة عن الأئمة الأطهار(عليهم السلام) يعدّون التوحيد الأفعالي بمعنى انحصار الفاعليّة الاستقلاليّة في الله سبحانه وتعالى، وتبعية جميع المخلوقات في فاعليتها إلى الله (عزّ وجل)، ووحدانية وعدم افتقار الله في أفعاله.
لا نرى في المصادر الكلاميّة للمتقدّمين والمتأخّرين من الإماميّة عنواناتٍ من قبيل: التوحيد في الخالقيّة، والتوحيد في الربوبيّة، وإنّما قد بحثوا بشأن التوحيد الأفعالي ضمن عنوانات، من قبيل: (خلق الأعمال)[1]، و(صانع العالم)[2]، و(في الأفعال وأقسامها وأحكامها)[3]، و(القادر المريد)[4]. وأمّا في بعض الكتب الكلاميّة للمعاصرين، فقد تمّ بيان التوحيد الأفعالي بالإضافة إلى التوحيد الذاتي والصفاتي[5]. كما عمد آخرون بدورهم إلى بحث هذه المسألة ضمن التوحيد في الخالقيّة الربوبيّة والحاكميّة والتشريع وما إلى ذلك أيضًا[6].
إنّ هذا الموضوع في الآثار الكلامية للمتقدّمين من الإمامية كان يتمّ بيانه في الغالب ضمن بحث القدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى[7]. وعلى هذا الأساس يمكن القول بأنّ هؤلاء بدورهم قد عدّوا التوحيد الأفعالي بمعنى الخالقيّة الإلهيّة الشاملة، ونسبة جميع الموجودات إلى الله سبحانه وتعالى. وبطبيعة الحال فإنّهم لم يبيّنوا في كلامهم كيفيّة انتساب المخلوقات والممكنات إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن بالنظر إلى أنّ المتكلّمين يخالفون القول بالجبر ونسبة الأفعال الاختيارية للإنسان إلى الله مباشرة، يمكن أنْ نستنتج من ذلك أنّ مرادهم ليس هو تعلّق الإرادة المباشرة لله سبحانه وتعالى بالمقدورات والممكنات.
بيد أنّ بعض المتكلّمين المعاصرين ضمن تصريحهم بالتوحيد الأفعالي، يرونه بمعنى أنّ الله سبحانه وتعالى في الخالقية والقيام بالأفعال مستقلٌّ وغير محتاجٍ إلى الآخرين، وأنّ الموجودات الأخرى بسبب القدرة الممنوحة لهم من الله إنّما تقوم بالأفعال بإذنه وإرادته، وإنْ كان واحدًا من هذه الموجودات الإمكانية إنّما يكون مؤثّرًا في آثاره وأفعاله بتقديرٍ من الله ومشيئته وإذنه. وعلى هذا الأساس فإنّ جميع الموجودات في ذاتها وخصوصياتها وجميع الأفعال الناشئة عن هذه الخصوصيات تنتهي إلى الخالقيّة الإلهيّة، وفي ضوء نظام الأسباب والمسبَّبات تكون بأجمعها منسوبةً إلى الله (سبحانه وتعالى). والنتيجة هي أنّه لا يوجد خالقٌ ومدبّرٌ حقيقيٌّ وبالأصالة غير الله (عزّ وجل)[8].
يذهب المتكّلمون من الإمامية ـ في المجموع ـ إلى القول بأنّ التوحيد الأفعالي يعني أنّ الله في أفعاله غنيٌّ عن جميع الأشخاص والأشياء، وأنّه واحدٌ ومستقلٌّ في أفعاله[9]، وأنّ جميع الأفعال بما فيها أفعال الإنسان تستند إلى مشيئة الله وإرادته[10]، إنّهم يؤمنون بأصل العليّة في العالم، ويعملون على تفسير التوحيد الأفعالي على هذا الأساس؛ بمعنى أنّ كلّ أثرٍ في عين استناده إلى سببه القريب، يستند إلى الحقّ تعالى أيضًا، وإنّ هذين الأمرين يقعان في طول بعضهما، لا في عرض بعضهما[11]. إنّ الله سبحانه وتعالى هو الفاعل البعيد ومسبّب الأسباب، وإنْ العلل الطبيعية والبشرية هي الفاعل القريب والسبب المباشر. وبطبيعة الحال فإنّ القول بأنّ الله فاعلٌ بعيد لا يعني عدم حضوره في مرتبة الفاعل القريب، بل إنّ الله سبحانه وتعالى مع حفظ العلل والأسباب الطبيعية والبشرية، فاعلٌ في جميع المراحل والمراتب حقيقة؛ وذلك لأنّه فاعلٌ وموجِدٌ لكلّ شيء، ومن هنا لا يلزم من ذلك الجبر ولا التفويض[12].
قد يُفهم من عبارات بعض المتكلّمين الإمامية أنّهم لا يؤمنون بالتوحيد الأفعالي، وأنّهم يذهبون إلى الاعتقاد بالتفويض[13]. ولكن يبدو أنّهم إنّما ينكرون الخالقيّة المباشرة ومن دون وساطة لله سبحانه وتعالى في باب الأفعال الاختيارية للإنسان، وأمّا الفاعلية بالوساطة فيقبلون بها؛ وذلك لأنّهم يرون جميع الموجودات الإمكانيّة في وجودها وتأثيرها تابعةً ومحتاجةً إلى الله (عزّ وجل)، وهذا في الواقع هو التوحيد الأفعالي. وعليه لا شك في أنّ مرادهم من أنّ الإنسان يقوم بفعله الاختياري بنحوٍ مستقلٍّ، ليس أنّه غير محتاجٍ إلى القدرة الإلهية؛ بل إنّ مرادهم من الاستقلال هو أنّ الأفعال الاختيارية للإنسان، ليس لها فاعلٌ آخر في عرض فاعليّة الإنسان نفسه.
وبطبيعة الحال هناك رأيان بشأن ما إذا كان بالإمكان تسمية الإنسان بوصفه خالقًا لأفعاله الاختيارية، أو عدم صوابية هذا التعبير والاستعمال في مورد الإنسان، وأنّه يجب استعمال مفردات أخرى في هذا الشأن من قبيل: الفاعل، والمحدث، والمخترع، والصانع، والمكتسب. لقد ذهب الشيخ المفيد إلى القول بعدم جواز استعمال مفردة الخالق بالنسبة إلى الإنسان فيما يتعلّق بأفعاله الاختياريّة، ونسب هذا الرأي إلى الإماميّة والزيديّة والمعتزلة في بغداد، وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث، وقال بأنّ معتزلة البصرة يقولون بجواز إطلاق لفظ الخالق على الإنسان[14].
2 ـ القدرية الأوائل
ذهبت جماعةٌ من المسلمين ـ عُرفت في تاريخ علم الكلام وفي الروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) بـ (القدريّة)[15] ـ من أجل التخلّص من محذور القول بالجبر وما يترتب على ذلك من اللوازم الفاسدة، إلى الاعتقاد بأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان وفوّض إليه أفعاله، وأنّ الله (عزّ وجل) ليس له من دورٍ سوى خلق الإنسان دون التدخّل في أفعاله. إنّهم في إطار الدفاع عن اختيار الإنسان والعدل الإلهي عمدوا إلى إخراج الأفعال الاختياريّة للإنسان من دائرة القدَر الإلهيّ السابق، وأنكروا القدَر الإلهي فيما يتعلّق بالأفعال الاختياريّة للإنسان[16].
ويبدو أنّ طلائع القدرية من أمثال: معبّد الجهني (ت:80 هـ)، وغيلان الدمشقي (ت:112هـ)، وجعد بن درهم (ت:124هـ)[17]، لم يكونوا يعتقدون بالتفويض والاختيار المطلق والاستقلال التام بالنسبة إلى الإنسان، بل إنّ مفهوم التفويض قد ظهر بعدهم بين بعض المعتزلة. ولهذا السبب قام بعض الكتّاب من أصحاب الحديث والأشاعرة المؤيّدين لنظريّة الجبر بنسبة هذا الاعتقاد إليهم أيضًا، في حين أنّ طلائع القدريّة ـ في ضوء بعض الشواهد[18] ـ إنّما كانوا بصدد إنكار التقدير الذي لا يبقي موضعًا لحرية الإنسان واختياره، لا أنّهم قد انكروا جميع أنواع التقدير الإلهي في أفعال الإنسان، وإثبات التفويض من هذه الناحية[19].
وعلى هذا الأساس فإنّ القدرية الأوائل ـ بناءً على القول المشهور ـ في مخالفتهم لعقيدة الجبر والدفاع عن اختيار الإنسان والعدل الإلهي، قد سلكوا الطريق الصائب؛ ولكنّهم أخطأوا في باب إنكار القدَر الإلهيّ في الأفعال الاختياريّة للإنسان؛ إذ إنّ لازم هذا القول هو استقلال الإنسان عن المشيئة والقدرة الإلهية، وتحديد القدرة الإلهية، والشرك في مقام الخلق والتدبير. ومن هنا ورد ذمّ القائلين بهذه العقيدة في الروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام)[20]. وعلى هذا الأساس فإنّ القول بالتفويض واستغناء الإنسان عن الواجب في إيجاد الأفعال، يتنافى مع التوحيد الأفعالي.
3 ـ المعتزلة
المشهور في كتب الملل والنحل أنّ المعتزلة قد ذهبوا ـ في مواجهة الرأي القائل بالجبر ـ إلى القول بالتفويض[21]؛ بمعنى أنّ الله قد أعطى الإنسان استقلالًا تامًا، وفوّض إليه القيام بالأفعال الاختيارية بنحوٍ كامل. إذ يُفهم هذا الأمر من بعض كلمات القاضي عبد الجبار ـ وهو من كبار المعتزلة ـ أيضًا[22]. فقد تحدّث في موضع بعد ذكر قوله تعالى: Nفَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْM[23]، قائلًا: «فقد فوّض الأمر في ذلك إلى اختيارنا»[24]، إذ تدلّ هذه العبارة منه على نظرية التفويض. وعلى هذا الأساس يجب على المعتزلة ألّا يؤمنوا بالتوحيد الأفعالي؛ لأنّهم قد حصروا فاعلية الله في الخلق الابتدائي، وأنّ الأشياء إنّما تحتاج إلى العلّة في الحدوث فقط، وأنكروا احتياجها إلى العلّة في البقاء والقيام بالأفعال.
إنّ التوحيد الأفعالي من وجهة نظرهم يعني أنّ الله سبحانه وتعالى واحدٌ في القيام بأفعاله، وليس له أيّ شريكٍ أو ظهيرٍ فيها. وأمّا في الأفعال الأخرى للمخلوقات، فليس له أيّ تدخّلٍ فيها؛ فهي مستقلةٌ في أفعالها[25]. إنّ المعتزلة في الدفاع عن العدل الإلهي وتنزيه ساحته عن نسبة القبائح إليها، والتمسّك بأصل الحُسن والقبح، عمدوا إلى تعريف الله بوصفه موجودًا مستغرقًا في ذاته ومنحصرًا ومقيّدًا في ساحة كبريائه؛ قد خلق العالم مرّةً واحدةً، وفوّض إلى الإنسان وسائر المخلوقات الأخرى القدرة والاختيار في كلّ شيء، ولم يعد له شأنٌ في خير العالم وشرّه؛ وقد غفلوا عن أنّ هذا الكلام يتنافى مع التوحيد الأفعالي أو شمولية القدرة والمالكية الإلهية المطلقة.
وفي ضوء رؤيةٍ أخرى بشأن المعتزلة لا يمكن عدّهم ببساطة جزءًا من المفوّضة والمعتقدين باستقلال الإنسان في أفعاله وعدم حاجته إلى الله فيها؛ لأنّ كلام المعتزلة ناظرٌ بمجموعه إلى نفي الجبر ونقد نظرية أصحاب الحديث والأشاعرة. ولم يكونوا ينظرون فيه إلى إثبات التفويض والاستقلال التامّ للإنسان في أفعاله. وقد ذهب صاحب هذا الرأي في تأييد كلامه إلى الاستشهاد بكلام الشيخ المفيد الذي قال بأنّ المعتزلة على رأي الإماميّة في مسألة (أفعال العباد)، قائلًا: «على هذا القول جمهور أهل الإمامية ... وإليه يذهب المعتزلة بأسرها إلّا ضرارًا منها وأتباعه»[26].
إنّ ضمّ المعتزلة إلى الإمامية وعدّهم على عقيدةٍ واحدة، دليلٌ على تموضعهم في خندقٍ واحد، وإلّا فلو كان المعتزلة يدافعون عن أنفسهم في خندق التفويض، لما كان من المناسب التعريف بهم بوصفهم متّحدين مع الإمامية في نقطة مشتركةٍ واحدةٍ، ونعني بها إنكار الجبر فقط، إلّا إذا قلنا بأنّ كلا الفريقين في مسألة أفعال العباد يدافع عن حرية الإنسان في اختيار الفعل، غاية ما هنالك أنّ أحدهما يعتقد بالتفويض، بينما يذهب الآخر إلى القول بالأمر بين الأمرين. وفي هذه الحالة لا يعود بمقدورنا تبرئة المعتزلة من القول بالتفويض[27]. وبطبيعة الحال فإنّ البحث في كتاب شرح الأصول الخمسة، وكذلك كتاب المغني للقاضي عبد الجبار، يؤيّد هذا الرأي القائل بأنّ نسبة القول بالتفويض إلى المعتزلة لا ينسجم مع الحقائق الخارجية. ومن هنا يجب القول في الحدّ الأدنى إنّ بعض المعتزلة فقط يذهبون إلى الاعتقاد بالتفويض، وليس أكثرهم. وإنّ بعض الشواهد الأخرى على هذا المدّعى على النحو الآتي: إنّ المعتزلة يرون أنّ قدرة الإنسان على أفعاله قدرةٌ ممنوحةٌ من عند الله سبحانه وتعالى[28]، وبالإضافة إلى القول بالقدرة الممنوحة من الله إلى الإنسان في المرحلة الأولى من الخلق، بمعنى الحدوث، فإنّهم يسندون قدرة الإنسان على اختيار الطريق في كلّ لحظةٍ إلى الله أيضًا[29]. كما أنّهم يذهبون إلى القول بأنّ القدرة الإلهية متقدمةٌ على قدرة الإنسان دائمًا، وقالوا في الجواب عن شبهة التعارض بين نظريّة قدرة الإنسان على أفعاله وبين القول بالقضاء والتدبير الإلهي، بأنّ قدرة الإنسان على الدوام وبنحوٍ مستمرٍّ تنشأ من الله سبحانه وتعالى، وإذا تعلّقت إرادة الله بما يخالف إرادة الإنسان، سوف تكون الإرادة الإلهية هي المتعيّنة. وعليه فإنّ كلّ ما يريده الله سوف يكون وجوده واجبًا؛ سواء كان الإنسان قادرًا على خلافه أم لم يكن قادرًا عليها[30]. إنّهم ضمن قولهم بأصل القضاء والقدر واللوح المحفوظ والعلم الإلهي الأزلي، قالوا بعدم صوابيّة تفسير القضاء والقدَر بمعنى خلق أفعال الإنسان، وأرجعوه إلى العلم الإلهي السابق[31]. وعلى هذا الأساس فإنّ التفويض الذي ينسبه الأشاعرة إلى المعتزلة، لا يتطابق مع مصادر المعتزلة أنفسهم، ولا يمكن نسبته إلى جميع المعتزلة. كما يمكن جمع وتفسير تلك العبارات من المعتزلة التي توهم تحديد القدرة الإلهي من خلال ضمّها إلى تلك العبارات الصريحة منهم في القول بالقدرة الإلهية المطلقة وشمولها لأفعال العباد أيضًا. وباختصار لا يمكن عدّ المعتزلة بسهولة من المنكرين للتوحيد الأفعالي.
4 ـ الأشاعرة
لقد حظيت مسألة التوحيد الأفعالي باهتمامٍ خاصٍّ من قبل الأشاعرة، وقد بحثوها في كتبهم ومصادرهم تحت عنوانات، من قبيل: (في الأفعال)[32]، و(خلق الأعمال)[33]، و(أفعال واجب الوجود)[34]، و(حدوث الكائنات)[35]، و(خلق أفعال العباد)[36]. إنّهم يعتقدون أنّ كلّ ما يتّصف بالوجود، يكون في ذاته وصفته وفعله مستندًا إلى إرادة الله سبحانه وتعالى، مخلوقًا من قبل الله مباشرة، ومن دون وساطة[37]. إنّ الأشاعرة في ضوء شعارهم القائل: (لا مؤثّر في الوجود إلا الله) يعتقدون بأنّ العلّيّة الحقيقية إنّما تقوم بين الله والمعلولات، وإنّ النسب التي تبدو بين الأشياء ليست سوى عادة الله أو الاتفاق الدائم، إلّا في الموارد الخاصة من قبيل المعجزات[38]. لقد أقام الأشاعرة بعض الأدلة على إثبات مدعاهم، ومن بينها أنّ فعل العبد ممكن الوجود، وكلّ ممكن مقدور لله، وعليه فإنّ فعل العبد مقدورٌ لله. وعليه لو كان ذات هذا الفعل مقدورًا للعبد أيضًا، بحيث يكون العبد مؤثرًا في وجوده وظهوره، فسوف يستلزم ذلك اجتماع مؤثّرينِ في أثرٍ واحدٍ، بيد أنّ هذا أمرٌ ممتنع[39].
كما أنّهم قد تمسكوا بآياتٍ من القرآن الكريم، وكانوا بصدد إنكار مطلق التأثير لغير الله، من قبيل الآيات التي تصف الله بأنّه الخالق الوحيد[40]، والتي تصفه بأنّه خالق كلّ شيء[41]، والآيات التي تصف أفعال البشر بأنّها مخلوقة لله[42]. إنّهم يرون تلك الطائفة من الآيات التي تتحدّث عن الفعل والتأثير في عالم الوجود، والتي تصف الله بأنّه فعّال لما يشاء وخالق جميع الأشياء والمدبّر لكافة شؤون العالم، متعارضة مع الآيات الأخرى التي قالت بتأثير سائر الموجودات في بعضها، ونسبت أفعال العباد إلى أنفسهم، وتبعًا للقول بتعارض هاتين الطائفتين قالت بعدم قابلية الاستناد إلى أيّ واحدةٍ منهما.
ثم استنتجت من ذلك وجوب الرجوع إلى العقل، والأدلة العقلية تقوم بحصر التأثير في الله سبحانه وتعالى. وعليه يكون إسناد الفعل إلى الله في الطائفة الأولى من الآيات حقيقيًا، ويكون إسناد الفعل إلى الأسباب والعلل في الطائفة الثانية من الآيات بقرينة العقل مجازيًا[43]. وبالتالي فإنّ جميع الأفعال من وجهة نظر الأشاعرة في التوحيد الأفعالي مخلوقةٌ من قبل الله حصرًا، وليس هناك لغير الله أيّ دورٍ لأيّ شخصٍ أو شيء ـ الأعم من الموجودات المادية والمجرّدة ـ في الفاعليّة والعلّيّة في عالم الوجود.
إنّ التوحيد الأفعالي يتمّ بيانه في كتب الوهابيّة تحت عنوان (التوحيد الربوبي)[44]. يُفهم من عبارات بعضهم أنّهم مثل الأشاعرة يعدّون التوحيد الأفعالي بمعنى خالقية الله لكلّ شيء، وينسبون جميع أفعال وظواهر العالم إلى الله مباشرة ومن دون وساطة[45]، بيد أنّ بعضهم الآخر فسّر التوحيد الأفعالي بمعنى تفرّد الله سبحانه وتعالى في بعض الأفعال الخاصّة، من قبيل: الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، وتدبير الأمور[46]. إنّ هذا الرأي يستلزم القول بفاعلية غير الله في الأفعال الأخرى. وعليه فإنّ هذه المجموعة من الوهابيين تعدّ التوحيد الأفعالي بمعنى تفرّد الله في أفعالٍ خاصّة، من قبيل: الخالقية والتصرّف المطلق في أمور المخلوقات، وإنّ إنكار هذا القول أو الاعتقاد بتحقق هذه الأفعال من قبل غير الله سواء على نحو الاستقلال أم بإذنٍ من قبل الله سبحانه وتعالى، يعدّ شركًا.
يذهب الوهابيّون إلى القول بأنّ الإقرار بالتوحيد الأفعالي أمرٌ فطري[47]؛ ولكنّهم لإثبات ذلك استعانوا ببرهان التمانع أيضًا، وقالوا بأنّ انتظام واستحكام أمور العالم خير دليلٍ على وحدانية الله سبحانه وتعالى في خلق العالم وتدبيره ومالكيته[48]. كما أنّهم يعدّون المعجزة بدورها دليلًا على إثبات التوحيد الربوبي أيضًا[49]. كما أنّهم يعدّون كثيرًا من الآيات مبيّنةً لهذا التوحيد، وعنصرًا لتذكير الإنسان به[50]، ولا يرون خلوّ أيّ سورةٍ من بيان هذا النوع من التوحيد[51].
مظاهر التوحيد الأفعالي
لقد ذكر القائلون بالتوحيد الأفعالي أقسامًا ومظاهر متعدّدةً لهذا النوع من التوحيد، حيث الإيمان بها ضروري:
1 ـ التوحيد في الخالقيّة: الاعتقاد بأنّ الخالق الحقيقي وحده هو الله دون سواه، وأنّ جميع ما في الوجود مخلوقٌ له، وأنّ الكائنات الأخرى ليس لها صفة الخالقيّة الاستقلاليّة، وأنّها تابعةٌ في ذلك لإرادة الله ومشيئته[52].
2 ـ التوحيد في المالكيّة: الاعتقاد بأنّ المالك الحقيقي لكلّ شيءٍ في الوجود هو الله، وأنّ جميع الأشياء مملوكةٌ له. وفي الحقيقة فإنّ التوحيد في المالكيّة يُعد واحدًا من نتائج التوحيد في الخالقية؛ وذلك لأنّ المالكيّة الحقيقية أمرٌ تكوينيٌّ وواقعيٌّ متفرّعٌ عن الخالقيّة. وفي الحقيقة فإنّ الخالق هو وحده الذي يمتلك حقّ المالكيّة، كما أنّ الخالق وحده هو المفيض الحقيقيّ للوجود على جميع الكائنات. وعليه يكون هو وحده المالك الحقيقي، وهذه هي حقيقةٌ وجوهر التوحيد في المالكيّة، حيث يجب على الإنسان الموحّد أنْ يعتقد به. لقد تمّ تناول مسألة المالكيّة والتوحيد في المالكيّة تارةً من خلال حصر المالكيّة الحقيقيّة في الله، وتارةً في نفي وإنكار المالكيّة عن غير الله، وتارةً أخرى من خلال القول بخالقيّة سائر الموجودات أيضًا، حيث إنّ وجه الجمع بين هذه الآيات، عبارةٌ عن حصر المالكيّة الحقيقيّة بالله سبحانه وتعالى، والقول بالمالكيّة الاعتباريّة لسائر الموجودات[53].
3 ـ التوحيد في الربوبيّة: الاعتقاد بأنّ المدير والمدبّر الوحيد للوجود هو الله سبحانه وتعالى. هناك مدبّرٌ واحدٌ أصيل ومستقلٌّ للوجود، وأنّ تدبير الآخرين يفتقر إلى الأصالة والاستقلال، بل إنّ الجميع خاضعٌ لإرادة الله ومشيئته[54].
4 ـ التوحيد في الولاية: الاعتقاد بأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي له الولاية على جميع الوجود، وأنّ كلّ شيءٍ في الكون يقع تحت ولايته. وإنّ هذه الولاية تقع في حقل التوحيد وفي حقل التشريع أيضًا[55]. إنّ الولاية بالأصالة من مختصّات الله سبحانه وتعالى، وليس لغيره أيّ حظٍّ من هذه الولاية حقيقة؛ وذلك لأنّ الولاية والربوبية تعدّ نوعًا من التربيّة التي تتوقّف على العلم والقدرة والمالكيّة التكوينيّة للولي فيما يتعلّق بحقل ولايته، وإنّ هذه الخصائص في الحقيقة والأصالة مختصّةٌ بالله (عزّ وجلّ). وذلك لأنّ هذا هو المعنى الدقيق لولاية الأنبياء والأولياء، حيث تكون ولايتهم في طول الولاية الإلهية وبإذن الله سبحانه وتعالى. وإنّ لهذه الولاية بدورها مظاهر وتجلّيات، من قبيل: الولاية في التشريع، والولاية في الحاكميّة[56].
إنّ لبحث التوحيد الأفعالي ارتباطًا وثيقًا بمسألتين أخريين أيضًا، وهما: نظام العلّية بين الكائنات، ودور إرادة الإنسان واختياره في أفعاله؛ لذا فإنّ البيان الجامع والدقيق لهذه الحقيقة رهنٌ بتعيين نسبتها إلى هذه المسألة. ومن هنا سوف نعمل فيما يلي على بيان الآراء المختلفة للمتكلّمين في هاتين المسألتين ونسبتهما إلى التوحيد الأفعالي.
التوحيد الأفعالي ونظام العلّيّة
إنّ أصل العلّيّة بمعنى أنّ (كل ظاهرةٍ تحتاج إلى علّة)، أمرٌ بديهيٌّ لا يحتاج الاعتقاد به إلى دليل؛ وذلك لأنّ جميع أفراد البشر ـ الأعم من العالم والجاهل ـ يلتزمون من الناحية العملية بقانون العلّيّة، ويعملون على أساسه في جميع مجالات الحياة. وبعبارةٍ أخرى: إنّ الإنسان إنّما يقوم بأفعاله الاختيارية؛ لأنّه يرى وجود نوعٍ من علاقة العلّيّة بينه وبين فعله. حتى ذهب بعض المفكّرين المعاصرين إلى القول باستحالة وعدم إمكان إقامة البرهان المنطقيّ على إثبات أصل العلّيّة[57].
وعليه يدور الكلام هنا عن كيفيّة إمكان الجمع بين التوحيد الأفعاليّ، وعلّيّة سائر الكائنات. لقد ذكر المفكّرون المسلمون آراءً متعدّدةً ومتنوّعةً في هذا الشأن.
1 ـ إنكار نظام العلّيّة والقول بالتوحيد الأفعاليّ
إنّ الأشاعرة من أكثر المخالفين تشدّدًا بين المسلمين في أصل العلّيّة. وبطبيعة الحال فإنّهم لا ينكرون مطلق العلّيّة، بل إنّهم ينكرون تأثير الأجسام والطبائع في بعضها. إنّ الأشاعرة ونتيجة لاهتمامهم الخاصّ بالتوحيد الأفعالي، كانوا يعدّون الله سبحانه وتعالى هو الفاعل والعلّة لجميع الأشياء والأفعال[58]، ويفسّرون التوحيد الأفعالي بشكلٍ يستلزم زوال نظام العلّيّة والمعلوليّة بين المخلوقات. إنّ الله فاعلٌ مباشرٌ لجميع الظواهر، وإنّ العلّيّة الحقيقيّة لا تقوم إلّا بين الله والمعلولات. إلّا أنّ النسبة الموجودة بين الأشياء ليست سوى عادة الله أو الاتفاق الدائم[59]. وفي الحقيقة فإنّ الأشاعرة ينكرون قانونيّة نظام الوجود؛ سواء في ذلك ما لو كان المراد من القانونية هو وجود القوانين الطبيعية وناشئًا من طبيعة ونتيجة العلاقات العلية والمعلولية في الطبيعة، أم القضاء والقدر الإلهي؛ وذلك لأنّهم يعدّون إرادة الله غير تابعةٍ لأيّ شيءٍ بما في ذلك علمهم، وإنّ القضاء الإلهي هو الإرادة الأزليّة لله سبحانه وتعالى. ولهذا السبب فإنّهم كانوا يعدّون القانونية في الأفعال الإلهيّة منافيًا لحريته المطلقة، وينكرون ذلك[60].
إنّ الأشاعرة ينكرون (قاعدة الواحد)[61]، و(قاعدة الضرورة العلية)[62]، ولا يرون استحالة (الترجيح بلا مرجّح)، وفي المقابل يجيزون قاعدة (إعادة المعلوم)[63]. وهم يرون أنّ الله يخلق الأجسام وآثارها وخصائصها في كلّ لحظةٍ. وعليه يتمّ سلب جميع أنواع العلّية عن الأجسام، حتى بنحوٍ إعداديّ، ويتمّ إثبات جميع التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لله سبحانه وتعالى[64]. وكما سبق أنْ ذكرنا فإنّ الأشاعرة في نفي تأثير غير الله سبحانه وتعالى كانوا يعدّون إسناد الفعل إلى الأسباب في آيات القرآن الكريم مجازيًّا.
وبطبيعة الحال هناك من الأشاعرة شخصيّات وازنة وأصيلة آمنت بأصل العلّيّة ونظام السببية في العالم، وبالتالي فإنّهم قد ذهبوا إلى الإيمان بالعلاقة العلّيّة بين الإنسان وأفعاله، وكذلك تأثير الطبائع والأجسام في بعضها أيضًا[65]. كما قبل بعض الوهابيين بنظام الأسباب والمسبّبات أيضًا،[66] وقالوا بصحة انتساب الفعل إلى الله وإلى علّته الطبيعيّة أيضًا[67]. إلّا أنّهم قالوا بأنّ تأثير الأسباب إنّما يكون بجعلٍ من الله سبحانه وتعالى، ويعتقدون بأنّ الله متى ما شاء يضع التأثير فيها ويجعلها واسطةً في الخلق[68]. ويرون أنّ الاعتقاد بالتأثير المستقلّ للإسباب من الشرك[69].
يبدو أنّ الوهابيين قد فصلوا بين الخلق والفعل، وقالوا بأنّ الخلق يلازم الاستقلال في التأثير. ومن هنا فإنّهم ينسبون خلق الفعل إلى الله سبحانه وتعالى، وينسبون القيام بالفعل إلى الفاعل والسبب المباشر له، ولكنّهم ينكرون خلق الفعل من قبل الأسباب، ولا يرون السبب مبدعًا للمسبب[70]. وبطبيعة الحال فإنّ القول بأنّ الله يخلق الفعل، والفاعل يقوم به، كلامٌ مبهمٌ وفاقدٌ للمعنى المحصّل.
2 ـ القول بنظام العلّيّة وإنكار التوحيد الأفعاليّ
كما سبق أنّ ذكرنا فإنّ المعتزلة ـ بناءً على القول المشهور ـ كانوا يعتقدون بأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق الأشياء ومنها الإنسان وجعله قادرًا على أفعاله. ونتيجةً لذلك فإنّ الإنسان وسائر العلل مستقلّةٌ في أفعالها. ومن هنا فإنّ المعتزلة بعد القبول بحاكميّة أصل العلّيّة في العالم وعدم جواز نسبة الفعل إلى فاعلين من جهة، وإنكار التوحيد الأفعالي من جهةٍ أخرى، لم يكونوا بحاجةٍ إلى بيان العلاقة بين هذين الأصلين. لقد قبلوا بجريان العلّيّة بين الموجودات، وأنكروا التوحيد الأفعاليّ.
3 ـ الجمع بين التوحيد الأفعاليّ ونظام العلّيّة
في ضوء رأي المتكلّمين من الإماميّة ليس هناك تعارضٌ بين التوحيد الأفعاليّ ونظام العلّيّة؛ إذ قالوا بإمكان الجمع بين هذين الأصلين. وتوجد آراءٌ مختلفةٌ نراها بين أنصاره في كيفية الجمع بين هذين الأصلين، وبيان نوع الارتباط بينهما، من قبيل: الجمع القائم على السلسلة الطوليّة للعلل[71]، والجمع القائم على العلّيّة الحقيقيّة والإعداديّة[72]، والجمع القائم على المظهريّة والتشأن[73].
إنّ نظريّة العلّيّة الطوليّة أو إدارة العالم على يد الله سبحانه وتعالى من طريق نظام العلّيّة، يمكن أنْ تكون له قراءاتٌ مختلفة. إنّ المتكلّمين الإماميّة من خلال قولهم بأصل العلّيّة يقبلون بالاستناد الحقيقي للأفعال والمعلولات إلى فاعلها وعلّتها المباشرة، وفي الوقت نفسه لا ينكرون الفاعليّة الإلهيّة في موردها (الاعتقاد بالعلل الطوليّة)، إنّهم يرون وجود المعلول في كلّ آنٍ مع حفظ الوسائط محتاجًا إلى الإفاضة من قبل الفياض المطلق. ولهذا السبب فإنّهم يعتقدون بأنّ القول بالتوحيد الأفعالي لا يستلزم إنكار نظام العلّيّة والأسباب والمسبّبات، وإنّ تأثير العلل رهنٌ بالإذن الإلهي. وعلى هذا الأساس فإنّهم ينسبون كلّ ظاهرةٍ إلى علّتها المباشرة حقيقة، كما ينسبونها إلى الله حقيقة أيضًا[74].
في هذه القراءة حيث تنتهي سلسلة العلل إلى الله، يكون الله هو العلّة البعيدة، وأمّا من حيث الإمكان الذاتي للممكنات وحاجتها في البقاء إلى الله، يكون الله علةً قريبةً. وقد عدّ صدر المتألّهين هذا الوجه في الجمع هو الأصحّ من وجهة نظر أرباب المعرفة[75].
وبطبيعة الحال قد يقترن انتساب الظواهر إلى العلل الطبيعية وإلى الله على أساس السلسلة الطوليّة للعلل بالحفاظ على استقلال العلل الطوليّة عن الله؛ بمعنى أنّه على الرغم من نسبة كلّ ظاهرةٍ إلى العلل الطبيعيّة وإلى الله سبحانه وتعالى أيضًا، نقول باستقلال العلل الوسيطة في الوجود أيضًا؛ بمعنى أنْ تكون هذه العلل في الواقع محتاجةً إلى الله في الحدوث فقط، وليس في البقاء. في هذه الرؤية على الرغم من نسبة الظواهر ـ بالإضافة إلى عللها ـ إلى الله أيضًا، سوف يؤدّي هذا التفسير للعليّة الطوليّة إلى القول بالتفويض. وربما أمكن نسبة هذا الرأي إلى بعض المعتزلة.
التوحيد الأفعالي واختيار الإنسان
كما سبق أنْ ذكرنا فإنّ البيان الدقيق والجامع لمسألة التوحيد الأفعالي بحاجةٍ إلى توضيح نسبته مع مسألة الجبر والاختيار. إنّ المتكلّمين المسلمين قد اختلفوا في آرائهم حول هذه المسألة أيضًا.
إنّ المتكلّمين من أهل السُنّة في ضوء رؤيتهم حول التوحيد الأفعالي ومن خلال أفهامهم المتفاوتة للآيات المشعرة بالجبر[76]، والآيات المشعرة بالاختيار[77]، قد وصلوا إلى رؤيتين متقابلتين، وهما: (الجبر)، و(التفويض)، ثم انتهوا ـ بعد إجراء بعض التغييرات ـ إلى القول بنظريتي (الكسب)، و(الاختيار). إنّ رؤية الجبر بعد الإسلام كانت مطروحةً بين الناس وحتى بين بعض الصحابة أيضًا[78]. هذا وقد عمل الأمويون بدورهم على دعم هذه الرؤية واتخذوها ذريعةً وسلاحًا في تعزيز سلطتهم وإحكام قبضتهم على المجتمع، وبذلوا كلّ ما بوسعهم من أجل نشرها[79]. وفي عصر تدوين الحديث (القرن الثاني للهجرة) أدّى انتشار أحاديث القدَر بين المسلمين إلى شيوع القول بالجبر[80].
وأمّا المتكلّمون الشيعة فمن خلال الاستفادة من الروايات المأثورة في مصادرهم عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، قالوا بنظريةٍ أخرى، وهي نظرية (الأمر بين الأمرين).
1 ـ التوحيد الأفعاليّ والقول بالجبر
لقد قدّم القائلون بالجبر في باب توحيد الأفعال تفسيرين، وهما:
أ ـ التوحيد الأفعالي والجبر الخالص
لقد كان الجهميّة (أتباع جهم بن صفوان) من بين القائلين بالجبر المحض. وقد ذهب أرباب الملل والنحل[81] إلى الاعتقاد بأنّ الجهميّة هم أول طائفةٍ قالت بالجبر، حيث كانوا يعتقدون بأنّ القدرة والاختيار والإرادة التي يتمّ خلقها في الإنسان وبوساطتها يتحقّق الفعل، تتعلّق بالله، وكانوا يعدّون الإنسان مجرّد ظرفٍ لها.
كما كان بعض أصحاب الحديث من بين القائلين بالجبر الخالص أيضًا[82]. لقد كان أهم دافع لأصحاب الحديث في الاعتقاد بالجبر هو الدفاع عن التوحيد في الخالقية، أو ذات التوحيد الأفعالي على أساس مسألة القضاء والقدر والعلم الأزلي لله والإرادة والمشيئة الأزلية للحقّ تعالى. وقد استعانوا في ذلك بشكلٍ رئيسٍ بآيات وروايات القضاء والقدَر.
ب ـ التوحيد الأفعاليّ والجبر غير الخالص (الكسب)
إنّ الأشاعرة يقولون بهذا الرأي. إنّهم من خلال استنادهم إلى التوحيد الأفعالي ينسبون جميع الموجودات في ذاتها وصفاتها وأفعالها إلى الله من دون واسطة، وعلى هذا الأساس فإنّهم يرون أنّ أفعال الإنسان بدورها فعلٌ لله ومخلوقةٌ له أيضًا. إنّ هذا التفسير للتوحيد الأفعالي يؤدّي إلى سلب الاختيار من الإنسان[83]. إنّ جميع أفعال الإنسان مخلوقةٌ لله سبحانه وتعالى، وليس للإنسان أيّ دورٍ في إيجاد أفعاله.
إنّ الأشاعرة بالنظر إلى وجدانيّة اختيار الإنسان، والتبعات المرفوضة للقول بالجبر، كانوا بصدد بيان ارتباط الإنسان بأفعاله، وعلى هذا الأساس ذكروا نظريّة الكسب بتقريراتٍ متنوّعة[84].
لقد ذهب أبو الحسن الأشعري، ومحمد الغزالي[85]، وعضد الدين الإيجي[86]، والسيد الشريف الجرجاني، إلى تفسير الكسب بتزامن صدور الفعل عن الإنسان بالقدرة التي يوجدها الله فيه؛ بمعنى أنّ الإنسان محلّ حلول الفعل، لا أنّ الفعل قد صدر عنه. «إنّ حقيقة الكسب أنّ الشيء وقع من المكتسب به بقوّةٍ محدَثة»[87]، «وليس لقدرتهم تأثيرٌ فيها، بل الله سبحانه أجرى عادته بأنْ يوجد في العبد قدرةً واختيارًا، فإذا لم يكن هناك مانعٌ أوجد فيه فعله المقدور مقارنًا لهما؛ فيكون فعل العبد مخلوقًا لله إبداعًا وإحداثًا، ومكسوبًا للعبد»[88].
لقد ذهب ابن الخطيب ـ ضمن قوله بقدرة الإنسان على فعله ـ إلى الاعتقاد بأنّ تأثيره مشروطٌ بعدم وجود المانع؛ بمعنى أنّه يرى أنّ إعمال القدرة من قبل الله وخلق الفعل بوساطته. وبطبيعة الحال فإنّ الله سبحانه وتعالى يقوم بإعمال القدرة دائمًا، وعليه فإنّه خالق الأفعال، والإنسان كاسب لها[89].
لقد ذهب كلٌّ من الشهرستاني، والفخر الرازي[90]، والتفتازاني[91]، إلى الاعتقاد بأنّ الفعل له جهتان، إحداهما: أصل الوجود، والذي هو مخلوقٌ من قبل الله. والجهة الأخرى: التشخّص واتّصاف الفعل بعنوان وصفةٍ خاصّة، مثل: الصلاة والزكاة والقتل، ممّا هو من فعل الإنسان. وعليه فإنّ أصل وجود الأفعال من الله سبحانه وتعالى، وأمّا صفاتها فهي من فعل الإنسان. وعلى هذا الأساس فإنّ نسبة الأفعال بوصفها معلولةً لعلّةٍ وهو الله، نسبةٌ حقيقيّة. وفي الوقت نفسه فإنّ نسبة وصفها إلى موصوف وهو الإنسان، هي الأخرى حقيقيّة أيضًا. وإليك نصّ عبارة الشهرستاني في هذا الشأن؛ إذ يقول: «إنّ القدرة الحادثة لا تصلح للإيجاد لكن ليست تقتصر صفات الفعل أو وجوهه واعتباراته على جهة الحدوث فقط، بل ههنا وجوهٌ أُخر هنَّ وراء الحدوث ... ومن المعلوم: أنّ الإنسان يفرّق فرقًا ضروريًّا بين قولنا: أوجد وبين قولنا: صلّى وصام وقعد وقام. وكما لا يجوز أنْ يضاف إلى الباري تعالى جهة ما يضاف إلى العبد، فكذلك لا يجوز أنْ يضاف إلى العبد جهة ما يضاف إلى الباري تعالى»[92].
وفي تفسيرٍ آخر للكسب، تمّ القبول بقدرة الإنسان وتأثيره في تحقّق الفعل؛ بمعنى أنّه قد تمّ اعتبار علّة إيجاد فعل الإنسان هي المجموع من قدرة الله وقدرة الإنسان: «المؤثّر في وجود الفعل هو مجموع قدرة الله تعالى، وقدرة العبد. ويُشبه أنْ يكون هذا قول الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني؛ فإنّه نُقل عنه أنّه قال: قدرة العبد تؤثّر بمعين»[93]. إنّ هذا الرأي قريب من النظرية الثالثة، ونعني بها نظرية (الأمر بين الأمرين).
من خلال التأمّل في تفسيرات وشروح نظرية الكسب التي تقدّم ذكر بعضها، يتضح أنّها زاخرةٌ بالغموض والإبهام؛ إذ لم يتمكن حتى أصحابها وأنصارها من بيانها بنحوٍ مفهوم، بل وقد أقرّ بعض علماء الأشاعرة بغموضها، بل ومنهم من ذهب إلى حدّ الاعترف بأنّها تؤدّي إلى القول بالجبر أيضًا[94].
1 ـ التوحيد الأفعالي والتفويض
إنّ هذه المفردة في اللغة تعني تفويض الأمر إلى شخصٍ آخر، وجعله حاكمًا في ذلك الأمر[95]. وأمّا بحسب المصطلح، فلها قراءاتٌ وتفسيراتٌ مختلفة بلحاظ الفاعل والمتعلّق وكيفيتها:
أ ـ تفويض الخلق وإدارة أمور العالم إلى النبيّ الأكرم J والحجج الإلهيّة(عليهم السلام)[96].
ب ـ تفويض بعض أمور الدين إلى النبيّ الأكرم J وأهل البيت (عليهم السلام)[97].
ج ـ تفويض التكاليف إلى شخص الإنسان. إنّ هذا التفويض إمّا بمعنى رفع التكاليف عن الإنسان وإباحة جميع الأفعال له، وهذا يؤدّي إلى الإباحة[98]، وإمّا بمعنى تفويض تعيين التكاليف إلى الإنسان نفسه، واستغنائه عن الشريعة[99].
د ـ تفويض القيام بالأفعال إلى الإنسان ومنحه الاستقلال في الإتيان بها أو ترك العمل بها، وعدم تدخّل الله في منع تحقّق تلك الأفعال[100]. إنّ هذا التفسير إمّا بمعنى تفويض جميع الأفعال إلى الإنسان، وإمّا بمعنى تفويض بعض الأفعال الخاصّة إليه، من قبيل: التكاليف الشرعية[101].
إنّ هذا المعنى الأخير هو المراد في البحث الراهن. إنّ أنصار هذا المعنى بزعم أنّ تدخّل الله في أفعال الإنسان يستلزم نقض العدل والحكمة الإلهية، قالوا بتفويض أفعال الإنسان إليه، دفاعًا عن العدل الإلهي. وقد ذهبوا إلى الاعتقاد بأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق العالم على نظامٍ خاصّ، وأودع فيه نظام العلّيّة (العلّة والمعلول). وبعد ذلك فقد انتهت مهمّة الله تجاه عالم الخلق وجميع مخلوقاته. إنّ العالم قد بدأ نشاطه على أساس برنامجٍ خاصّ، وسوف يستمرّ في أداء نشاطه إلى حين انهيار هذا النظام. وعلى هذا الأساس فإنّ العلل الطبيعيّة ـ ومن بينها الإنسان ـ إنّما تحتاج إلى الله في أصل وجودها فقط، وأمّا في مقام التأثير والفاعلية فلا تحتاج إلى الله (عزّ وجل)، وتتمتع بالاستقلال التام في هذا الشأن[102].
وكما سبق أنْ ذكرنا بطبيعة الحال، لا نجد في كلمات المعتزلة أنفسهم عباراتٍ صريحةً في بيان استقلال الإنسان في أفعاله، وعدم قدرة الله على منعه. وإنّما الذي قالته المعتزلة هو أنّ الله سبحانه وتعالى قد منح الإنسان القدرة على القيام بالأفعال الاختيارية، وأنّ الإنسان يقوم بإيجاد أفعاله مستعينًا بتلك القدرة، وكلّ فردٍ هو الذي يكون فاعلًا لأفعاله. وإنّ مراد المعتزلة من استقلال الإنسان في أفعاله إنّما هو نفي الجبر[103] فقط. وعليه لا يمكن اتّهام المعتزلة بالقول بالتفويض بسهولة.
2 ـ التوحيد الأفعاليّ ونظريّة الأمر بين الأمرين
إنّ للإنسان ـ بناءً على نظام العلية ـ دورًا في تحقّق أفعاله الاختياريّة، وإنّ هذا الدور لا يتعارض مع التوحيد الأفعاليّ وعلّيّة الله سبحانه وتعالى. وعلى هذا الأساس في باب مسألة التوحيد الأفعاليّ وعلاقته بكون الإنسان مجبرًا أو مختارًا، ذكر أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ـ في قبال القول بالجبر والتفويض ـ قولًا صحيحًا وواقعيًا؛ إذ بناءً على هذا الرأي يكون الإنسان مؤثّرًا في أفعاله الاختيارية، ولكن هذا التأثير يستند إلى إرادة الله سبحانه وتعالى، والنتيجة هي أنّ الله سبحانه وتعالى كلاهما له دور في صدور الأفعال الاختياريّة عن الإنسان. وإنّ أوّل من ذكر هذا الرأي هو الإمام علي (عليه السلام) مستندًا في ذلك إلى آيات القرآن الكريم[104]،[105] ثم ورد ذكر هذا الرأي في الروايات المأثورة عن سائر الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)[106].
التفسيرات المختلفة لنظريّة الأمر بين الأمرين
لقد عدّت روايات أهل البيت (عليهم السلام) حقيقة الأمر بين الأمرين لطفًا من قبل الله سبحانه وتعالى[107]، وأنّ مساحة هذا اللطف أوسع ممّا بين السماء والأرض[108]. إنّ هذه الرؤية رؤيةٌ ظريفةٌ ودقيقةٌ لا يدركها إلّا العالمون بأسرار الخلق[109]. وقد ذكر علماء الشيعة تفسيراتٍ وقراءاتٍ متنوّعةً لهذه الرؤية، وفيما يأتي سوف نشير إلى بعضها[110].
أ ـ وجود التكاليف الإلهيّة والقدرة على الإتيان بها وتركها
إنّ من بين المعاني الاصطلاحيّة للتفويض، إنكار وجود الأمر والنهي الإلهيين، الأمر الذي يستلزم الإباحة[111]. ومن هنا فقد ورد تفسر الأمر بين الأمرين بأنّ الله سبحانه وتعالى لم يجبر العباد على ارتكاب الذنوب، ولم يتركهم لحالهم، بل دعاهم من خلال إرسال الأنبياء والرُسُل إلى عبادته، وحذّرهم من ارتكاب المعاصي، وفي الوقت نفسه منح الإنسان ـ بطبيعة الحال ـ القدرة على الامتثال والعصيان أيضًا[112].
ب ـ تحقق الفعل من الإنسان بشرط الإذن الإلهي
إنّ الإنسان في القيام بأفعاله ليس مستقلًّا ولا مختارًا ليتمكن من القيام بفعل كلّ ما يريد، بل إنّ تحقّق إرادته مشروط بالإذن الإلهي، وما لم يمنح الله الإذن بتحقّق الإرادة للإنسان، لن يتحقّق منه فعل. وقد نُسب هذا التفسير إلى الفاضل الأسترآبادي[113].
ج ـ فاعليّة الإنسان وقدرة الله على إيجاد المانع
لقد أعطى الله الإنسان حريّة الاختيار في القيام بفعلٍ أو ترك أفعاله الاختياريّة، وفي الوقت نفسه يمكنه أنْ يسلب الاختيار من الإنسان في كلّ لحظة. إنّ العلّامة المجلسي بعد التأييد الإجمالي للرأي السابق القائل باختيار الإنسان في أفعاله، نقل هذا الرأي أيضًا وهو أنّه للخلاص من الوقوع في محذور التفويض، يُضاف قيد، وهو أنّ بمقدور الله أنْ يحول دون اختيار الإنسان في كلّ لحظة[114].
د ـ تأثير الله في هداية وضلال الإنسان
إنّ الإنسان بسبب القدرة الممنوحة له من قبل الله سبحانه وتعالى، يمتلك حرية وحقّ انتخاب مسار الحقّ أو الضلال، والتحرّك في واحدٍ من هذين المسارين، ولكن في الوقت نفسه فإنّ الله يشمل الذين يسلكون طريق الحق برحمته بنحوٍ دائم، ويحرم المعاندين من لطفه ورحمته، ويسوقهم نحو أودية الضلال والضياع. وهذا هو الأمر بين الأمرين؛ وذلك لأنّ شمول الإنسان بالرحمة الإلهية أو حرمانه منها لا يكون سببًا لإجبار الإنسان. وفي الوقت نفسه لا يتمّ تجاهل دور الله في حياة الإنسان. وقد قبل بهذا التفسير كلّ من العلّامة المجلسي[115]، والفياض اللاهيجي[116]، والمولى صالح المازندراني[117]، والسيد عبد الله شبّر[118].
هـ ـ عليّة الإنسان القريبة وعليّة الله البعيدة
إنّ من بين تفسيرات الأمر بين الأمرين هو التفسير القائم على القول بنظام العلّيّة وحاجة جميع الممكنات إلى علّة. بناء على هذا الرأي يكون التوحيد الأفعاليّ بمعنى الفاعليّة الشاملة لله سبحانه وتعالى والقبول في الوقت نفسه بنظام العلّة والمعلول، وإمكان اجتماع فاعلين في الحوادث والأفعال في طول بعضهما (ويكون أحدهما فاعلًا قريبًا، والآخر فاعلًا بعيدًا).
في هذا التفسير يتمّ من جهة نفي استقلال الإنسان وتفويض الأفعال إليه؛ وذلك لأنّ فاعليّة الإنسان واقعةٌ ضمن القانون العلّي والمعلولي، إذ يستند بأجمعه إلى الله وإرادته، ومن ناحيةٍ أخرى يتم نفي إجبار الإنسان أيضًا؛ وذلك لأنّ الإنسان في هذا القانون يؤدّي دورًا بوصفه واحدًا من العلل المؤثرة بوساطة إرادته وتصميمه، وإنّ إرادته وتصميمه سوف تكون جزءًا من العلّة التامّة لتحقّق المعلول. وعلى هذا الأساس حيث يكون الفعل صادرًا عن الإنسان بنحوٍ مباشرٍ فإنّه يكون هو الفاعل القريب، وحيث يكون الله هو علّة وجود الإنسان وفعله، فإنّه يكون هو الفاعل البعيد.
لقد ذكر هذا التفسير كثيرٌ من المتكلّمين، من أمثال: الخواجة نصير الدين الطوسي[119]، والمحقّق اللاهيجي، والمحقّق الإصفهاني[120]، والعلّامة الطباطبائي[121]، والشهيد مرتضى المطهري[122]، وآية الله السبحاني[123]. قال اللاهيجي: «إنّ فعل الإنسان مخلوقٌ له من دون واسطة، ومخلوق لله بالواسطة، من قبيل سائر الموجودات الأخرى بالنظر إلى سائر الأسباب»[124].
وقد عمد السيد عبد الله شبّر وآية الله السيد الخوئي إلى تقرير هذا التفسير، قائلين: إنّ أفعال الإنسان تتوقّف على شيئين، وهما أولًا: الحياة والقدرة ونظائرهما ممّا يُفاض من قبل الله سبحانه وتعالى، ويكون لها ارتباطٌ ذاتيّ به، وتكون عين الارتباط به. وثانيًا: المشيئة وإعمال قدرة الإنسان من أجل إيجاد الفعل في الخارج. وعلى هذه الشاكلة بعد أنْ يخلق الله الإنسان ويمنحه الحياة والقدرة وما إلى ذلك، إذا قام الإنسان بتفعيل القدرة فسوف يتحقّق الفعل أيضًا. وعلى هذا الأساس يكون الإنسان من حيث المباشرة في القيام بالفعل، فاعلًا قريبًا، وحيث يكون الله مفيضًا للأمور مؤثرًا في فاعلية الإنسان، يكون بذلك فاعلًا بعيدًا[125].
و ـ ترتّب وتفريع الإيجاد على الوجود
البيان الآخر لحقيقة الأمر بين الأمرين ذكره صدر المتألّهين، وقبل به بعض الحكماء والمتكلّمين من الشيعة أيضًا[126]. إنّ هذا التفسير يقوم على أساس تقسيم الوجود إلى واجبٍ وممكن، والحاجة الماهويّة للوجود الممكن إلى وجود الواجب، والوجود الربطي والتعلّقي للممكن، بنحو يكون وجود الممكن في كلّ آنٍ، وفي كلّ لحظةٍ بحاجةٍ إلى العلّة الموجدة له على نحوٍ دائم. وبذلك فإنّها تحصل على الإفاضة الإلهيّة في الحدوث والبقاء. وعلى هذا الأساس فإنّ نسبة الموجودات الإمكانيّة إلى الواجب من قبيل الوجود الربطي، دون الوجود الرابطي[127]. وعلى هذا الأساس فإنّ الموجودات الإمكانيّة كما تكون في ذاتها ووجودها عين الربط والتبعية للمبدأ الأعلى، فإنّها تكون كذلك في الفعل والأثر أيضًا؛ وذلك لأنّ الملازمة بين الذات والأثر والوجود والإيجاد يعود سببها إلى أنّ الظاهرة لذات حيثية وجودها تكون مبدأً للأثر أيضًا؛ بمعنى أنّها إذا كانت مستقلةً في الذات، فإنّها تكون مستقلةً في الفاعليّة أيضًا. وإذا كانت في الذات عين الربط والتبعيّة، فإنّها تكون كذلك في الفاعليّة أيضًا[128]. وعلى هذا الأساس فإنّ فرض الاستقلال في مقام الفعل مع افتراض الربط والتبعيّة في مقام الذات متناقضٌ وغير معقول. وبطبيعة الحال لا بدّ من الالتفات إلى أنّ موجودات عالم الإمكان بالقياس إلى بعضها لها ماهياتٌ ووجوداتٌ متمايزة، وإنّ هذا التمايز الذاتي يؤدّي بدوره إلى التمايز في الصفات والأفعال أيضًا[129].
بالنظر إلى هذه المباني، فإنّ ظواهر الوجود على الرغم من كلّ الاختلافات فيما بينها من حيث الذات والصفات والأفعال، وكذلك على الرغم من كلّ الاختلافات من حيث القرب والبُعد بالنسبة إلى مبدأ الخلق، تشترك في شيءٍ واحد، وهو أنّ هناك حقيقةً واحدةً تشملها بأجمعها. إنّ هذه الحقيقة الإلهيّة (الوجود المطلق) في عين بساطتها ووحدتها، تشمل جميع أبعاد عالم الوجود، وليس هناك ذرةٌ واحدةٌ في دائرة الوجود تخرج عن سيطرة وإحاطة هذه الحقيقة الإلهيّة ونور الأنوار. وعلى هذا الأساس كما أنّ شأن ووجود كلّ ظاهرةٍ في نظام الخلق شأن ووجود لله سبحانه وتعالى، فإنّ فعل كلّ ظاهرةٍ هو فعل الله أيضًا. وبطبيعة الحال فإنّ المراد هو أنّ فعله كما هو فعله حقيقة، كذلك هو فعل الله حقيقة أيضًا. إنّ الله سبحانه وتعالى في عين الدنوّ والقرب، هو كذلك عالٍ، وفي عين علوّه دانٍ وقريبٍ أيضًا: «سبقَ في العلوّ فلا شيءَ أعلى منه، وقربَ في الدنوّ فلا شيءَ أقرب منه. فلا استعلاؤهُ باعدَهُ عن شيءٍ من خَلْقه، ولا قُرْبُهُ ساواهم في المكان به»[130].
ليس هناك أيّة ذاتٍ غيره ليست مفتقرةً إلى الذات الإلهيّة، وليس هناك أيّ فعلٍ من الأفعال مستقلًّا عن فعله، وليس هناك أيّ شأنٍ وإرادةٍ ومشيئةٍ خارجةً ومنفصلةً عن إرادته وشأنه ومشيئته[131].
ز ـ المظهريّة المشروطة بالإذن الإلهي
في هذا البيان للأمر بين الأمرين ترد فاعليّة الإنسان في أعماله على شكل علّةٍ لفعله، ولكن في إطار أصول أخرى، من قبيل تقوّم أصل وجود العلّة (الإنسان) بالله، والقدرة الإلهيّة على الحيلولة دون فعل الإنسان. إنّ هذا الرأي يقرّ باختيار الإنسان؛ وذلك لأنّه قبل بدوره في الفعل، وفوق ذلك في إرادته بوصفه فاعلًا وعلّةً أخيرة.
ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ التفويض يتمّ نفيه في هذا البيان أيضًا؛ وذلك لأنّ الإنسان في أصل وجوده ينتمي إلى الله سبحانه وتعالى، كما أنّ أعماله بدورها في ضوء القضاء والقدر الإلهي إنّما تتحقّق مقرونةً بالقدرة والتمكّن والتوفيق أو قدرة السلب والخذلان الإلهي. وعلى أساس هذا التفسير يجب أنْ يكون بيان اختيار الإنسان في فعله بنحو يقوم بالفعل عن إرادته واختياره من دون إجبار الغير له، وإنّ هذا البيان قابلٌ للحلّ في ضوء مظهريّة الإنسان عن الله القادر المختار، بمعنى أنّه حيث يكون الإنسان خليفة الله ومظهره الكامل، يجب أنْ يكون ظاهرًا مثله، ولكنّه يتمتع بحدٍّ ضعيفٍ من الفاعلية والاختيار، لتكون الشأنية والمظهريّة صادقة[132].
النتيجة
لم يتمكن المعتزلة ولا الأشاعرة من تقديم بيانٍ صحيحٍ للتوحيد الأفعاليّ وكيفيّة تبعيّة أفعال الموجودات لله سبحانه وتعالى. وقد كان الوجه المشترك بينهما أنّهما لم يقدّما تصوّرًا معقولًا لإسناد الفعل الواحد إلى فاعلين؛ وذلك لأنّهم كانوا يرسمون تأثير الفاعلين في عرض بعضهما. ولذلك كانوا يعتقدون بأنّ التوحيد الأفعاليّ ـ بمعنى استناد جميع الأفعال إلى الله سبحانه وتعالى ـ لا يمكن الجمع بينه وبين جريان قانون العلّيّة / المعلوليّة بين المخلوقات، وتدخّل الإنسان في تحقّق أفعاله، ويجب التخلّي عن أحدهما لمصلحة الآخر.
وعلى هذا الأساس ذهب الأشاعرة ـ في إطار دفاعهم عن التوحيد الأفعاليّ ـ إلى القول بأنّ الله سبحانه وتعالى هو الفاعل المباشر لجميع الموجودات والأفعال، وأنكروا تأثير المخلوقات في بعضها بنحوٍ عامّ، ودور إرادة الإنسان في تحقّق أفعال بنحوٍ خاصّ. وللفرار من المحاذير والتبعات المرفوضة للقول بالجبر ابتكروا نظرية الكسب، ولكن لم يكن أيّ واحدٍ من هذه التفاسير المختلفة لهذه النظرية موفقًا. وفي المقابل ذهب المعتزلة ـ بهدف الدفاع عن حرية الإنسان وتنزيه الساحة الربوبيّة من الأفعال القبيحة للعباد ـ إلى التخلّي عن التوحيد الأفعاليّ. وبذلك فقد ذهبوا إلى الاعتقاد بأنّ دور الله سبحانه وتعالى في عالم الوجود ينحصر بإيجاد المخلوقات، وأمّا بعد ذلك فإنّ المخلوقات هي التي تؤثّر في بعضها على أساس قانون العلّيّة الحاكم بينهم، كما تمّ تفويض اختيار أفعال الإنسان إلى نفسه أيضًا. وعلى هذا الأساس أنكروا أنْ يكون هناك أيّ تدخّلٍ لله في تحقّق أيّ فعلٍ من الأفعال، بما في ذلك أفعال الإنسان أيضًا.
وأمّا المتكلّمون من الإماميّة فإنّهم بتأثيرٍ من تعاليم أئمّتهم الأطهار (عليهم السلام) قد تمكّنوا من سلوك طريقٍ وسطٍ بين الجبر والتفويض، وبذلك فقد أثبتوا إمكان الجمع بين التوحيد الأفعاليّ والتأثير الشامل لله سبحانه وتعالى في جميع المخلوقات والأفعال، وبين التأثير الحقيقي للمخلوقات في بعضها وإرادة الإنسان في أفعاله. إنّ البيان الشائع بينهم في هذه النظرية يقوم على أساس العليّة الطوليّة بين الله وغيره من الفاعلين الآخرين. إنّ كلّ فعلٍ كما هو مستندٌ إلى علّته المباشرة، ينتهي في النظام الطولي للعلل والمعلولات إلى الله سبحانه وتعالى، فهو العلّة غير المباشرة، وعلّة العلل في جميع الظواهر والأفعال. وأمّا في بيانٍ آخر تبعًا لصدر المتألّهين، لمّا كان وجود جميع الممكنات هو عين التبعيّة وعين الارتباط بالله سبحانه وتعالى؛ فإنّ أفعالها التي هي فرع وجودها، هو عين الاحتياج إلى الله (عزّ وجلّ). في هذا التفسير يتمّ تقديم صورةٍ أعمق عن كيفيّة تبعية المخلوقات وأفعالها إلى الله سبحانه وتعالى؛ إذ يكون لله فيها تأثيرٌ وحضورٌ أبعد من مجرّد العلّة البعيدة ومن الوساطة في أفعال المخلوقات.
قائمة المصادر:
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
آل الشيخ، صالح، التمهيد لشرح كتاب التوحيد، الرياض: دار التوحيد، الأولى، 1424ق.
الآمدي، سیف الدين، غاية المرام في علم الكلام، بيروت، دار الكتب العلميّة، الأولى، 1413ق.
الآملي، محمد تقي، درر الفوائد وهو تعليقة على شرح المنظومة للسبزواري، قم، مؤسسة دار التفسير، الثالثة، 1374ش.
ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، درء التعارض بين العقل والنقل، تحقيق: محمد رشاد سالم، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الثانية، 1411ق.
ــــــــــ، المستدرك مجموع الفتاوى، جمع: عبد الرحمن النجدي، [بی جا]، الأولى، 1418ق.
ــــــــــ، منهاج السنّة النبويّة، المحقّق: د. محمد رشاد سالم، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الأولى، 1406ق.
ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، بيروت، دار المعرفة، 1395ق.
ابن سينا، التعليقات، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، قم دفتر تبلیغات اسلامی، 1404ق.
ــــــــــ، الشفاء (الهيات)، تحقيق: سعيد زائد، قم، مكتبة آية الله المرعشي، 1404ق.
ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، قم، مكتبة الإعلام الإسلامي، 1414ق.
ابن نوبخت، أبو إسحاق إبراهيم، الياقوت في علم الكلام، تحقيق: علي أكبر ضیائي، قم، مكتبة آية الله المرعشي، 1412ق.
ابن هشام الحميري، السيرة النبويّة، تحقيق: محمد محیي الدین عبد الحميد، القاهرة، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، 1963م.
ابن بابويه القمي، التوحيد، تصحيح: سيد هاشم حسینی تهرانی، قم، جامعة المدرسين، [بی تا].
ــــــــــ، عيون أخبار الرضا، تصحيح: حسن الأعلمي، بيروت، الأعلمي، 1404ق.
أبو زهرة، محمد، تاريخ المذاهب الإسلامية، القاهرة، دار الفكر العربي، [بى تا].
أحمدي، عبد الله بن سلمان، المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة، الرياض دار طيبة، الثانية، 1416ق.
ارسطو، متافیزیک، ترجمه: شرف الدین خراسانی، تهران، حکمت، دوم، 1379ش.
الأشعري، أبو الحسن، الإبانة في أصول الديانة، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينيّة، الأولى، 1430ق.
ــــــــــ، اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، تصحيح وتعليق: حموده قرابة، المكتبة الأزهرية للتراث، [بى تا].
مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين، عنى بتصحيحه: هلموت ریتر، قیسبادن، دار النشر فرانز شتاينر، الثالثة، 1400ق.
إصفهاني، راغب، المفردات في غريب القرآن، تهران، المكتبة المرتضويه، [بى تا].
الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، نهاية الدراية في شرح الكفاية، بيروت، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، لإحياء التراث، الثانية، 1429ق.
اقبال لاهوری، محمد، احیای فکر دینی در اسلام، ترجمه: احمد آرام، تهران، رسالت قلم، 1336ش.
إمام الحرمين الجويني، عبد الملك، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تعليق: زكريا عميرات، بيروت، دار الكتب العلميّة، الأولى، 1416ق.
البحراني، ابن ميثم، قواعد المرام في علم الكلام، تحقيق: سید احمد حسيني، قم، مكتبة آية الله مرعشی، دوم، 1406ق.
برنجکار، رضا، آشنایی با فرق و مذاهب اسلامی، قم، طه، دوازدهم، 1388ش.
ــــــــــ، مفوضه، معرفت، ش16، 1375ش.
البغدادي، عبد القاهر، أصول الإيمان، تحقيق: إبراهيم محمد رمضان، بيروت، دار مكتبة الهلال، 2003م.
ــــــــــ، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم، بیروت، دار الجيل - دار الآفاق، 1408ق.
التفتازاني، سعد الدین، شرح المقاصد، تحقیق وتعلیق: عبد الرحمن عميرة، قم، الشريف الرضي، الأولى، 1409ق.
الجرجاني، میر سید شریف، شرح المواقف، تحقیق: بدر الدین نعسانى، قم، الشريف الرضي، الأولى، 1383ش.
جعفري، محمد تقي، تحلیل شخصیت خیام، تهران، انتشارات کیهان، 1365ش.
جوادي آملي، عبد الله، توحید در قرآن، قم انتشارات اسراء، اول، 1383ش.
الجوزية، ابن قيم، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، [بى جا]، عالم الكتب، [بى تا].
الجوهرى، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، مصر، دار الكتاب، [بی تا].
حائري یزدي، مهدي، علم کلی، تهران، نشر فاخته، 1372ش.
الحلبي، أبو الصلاح، تقريب المعارف، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1404ق.
الحلي، حسن بن يوسف، أنوار الملكوت في شرح الياقوت، تحقيق: محمد نجمی زنجانی، قم، انتشارات رضی دوم، 1363ش.
ــــــــــ، دلائل الصدق، قم، کتاب فروشی بصیرتی، 1395ق.
الحمصي الرازي، سديد الدين، المنقذ من التقليد، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، اول، 1412ق.
الحنفي، ابن أبي العز، شرح العقيدة الطحاويّة، بيروت، المكتب الإسلامي، الرابعة، 1391ق.
الحنفي، صدر الدين ابن أبي العز، شرح الطحاويّة في العقيدة السلفيّة، تحقيق: أحمد محمّد شاكر، المملكة العربيّة السعوديّة، وزارة الشؤون الإسلاميّة والأوقاف والدعوة والإرشاد، الأولى، 1418ق.
الحوالي، سفر بن عبد الرحمن، وسطيّة أهل السنّة والجماعة. (موجود در نرم افزار المكتبة الشاملة).
خراسانى، أبو جعفر، هداية الأمّة إلى معارف الأئمّة، قم، مؤسسة البعثة، اول، 1416ق.
الخطيب، عبد الكريم، القضاء والقدر بين الفلسفة والدين، بيروت، دار المعرفة، [بى تا].
خميني، روح الله، جهل حديث، تهران، مؤسسة تنظيم و نشر آثار امام خمينى(قده)، 1371ش.
الخوئي، أبو القاسم، محاضرات في أصول الفقه، قم، دار الهادي للمطبوعات، [بى تا].
الدويش، أحمد بن عبد الرزاق، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء، رياض، مكتبة العبيكان، الثالثة، 1412ق.
الدينوري، ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، تحقيق: علي شيرى، بيروت، دار الأضواء، الأولى، 1410ق.
الرازي، فخر الدين محمد بن عمر، الأربعين في أصول الدين، القاهرة، مكتبة الكلّيّات الأزهريّة، الأولى، 1986م.
ــــــــــ، القضاء والقدر، تحقيق: محمد معتصم بالله، بيروت، دار الكتاب العربي، الثانية، 1414ق.
ــــــــــ، المحصّل، تحقيق: حسين آتاى، دار الرازي، الأولى، 1411ق.
ــــــــــ، المطالب العالية من العلم الإلهي، قم، منشورات الشريف الرضى، 1410ق.
ــــــــــ، شرح الإشارات، قم، مكتبة آية الله المرعشي، [بي تا].
ــــــــــ، مفاتيح الغيب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1420ق.
السبحاني، جعفر، الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، الثالثة، 1411ق.
ــــــــــ، الإنصاف في مسائل دام فيه الخلاف، قم، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، الأولى، 1381ش.
ــــــــــ، بحوث في الملل والنحل، قم، مركز مديريت حوزه علمیه قم، 1370ش.
ــــــــــ، جبر و اختیار، تحقیق: علی ربانی گلپایگانی، قم، مؤسسه امام صادق(عليه السلام)، 1386ش.
سبحاني، جعفر، منشور جاوید، قم، مؤسسه امام صادق(عليه السلام)، سوم، 1388ش.
السبزواري، ملا هادي، أسرار الحكم في المفتتح والمختتم، مقدمه: منوچهر صدوقی سها، تصحیح و ویرایش کریم فیضی، قم، مطبوعات دینی، اول، 1383ش.
ــــــــــ، شرح الأسماء الحسنى، تحقيق: نجف قلی حبیبی، تهران، دانشگاه تهران، 1372ش.
ــــــــــ، شرح منظومه، تحقیق: مهدی محقق، تهران، دانشگاه تهران، 1368ش.
سجادي، سید جعفر، فرهنگ اصطلاحات فلسفی ملاصدرا، تهران، وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامی، [بی تا].
السعودي، محمد بن عودة، رسالة في أسس العقيدة، الرياض، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الأولى، 1425ق.
السلمان، عبد العزيز المحمد، مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، الرياض، العاشرة، 1410ق.
سهروردي، شهاب الدین، مجموعه مصنفات شیخ اشراق، تصحیح: هانری کربن و حسین نصر، تهران، مؤسسه مطالعات و تحقیقات فرهنگی دوم، 1375ش.
السیّد المرتضی، الذخيرة في علم الكلام، تصحیح: السید أحمد الحسيني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1411ق.
ــــــــــ، جمل العلم والعمل، النجف، مطبعة الآداب، الأولى، 1387ق.
السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء، بيروت، دار المعرفة، السادسة، 1425ق.
شبالة، ماجد محمد علي أحمد، الشرك بالله، أنواعه وأحكامه، إشراف: عبد الوهاب بن لطيف الديلمي وصالح بن يحيى صواب، إسكندرية، دار الإيمان، 2005م.
شبّر، سید عبد الله، حق اليقين في معرفة أصول الدين، النجف، مطبعة الحيدرية، [بى تا].
ــــــــــ، مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار، بغداد، مطبعة الزهراء، [بى تا].
شلتوت، محمود، تفسير القرآن الكريم، القاهرة، دار الشروق، الثانية عشرة، 1424ق.
الشهرستاني، عبد الكريم، الملل والنحل، تحقیق: محمد بدران، قم، منشورات الشريف الرضي، سوم، 1364ش.
ــــــــــ، نهاية الإقدام في علم الكلام، تحقيق: أحمد فريد مزيدي، بيروت، دار الكتب العلمية، الأولى، 1425ق.
شیخ مفيد، أوائل المقالات، تصحیح: واعظ چرندانی تبریز، مکتبة سروش، 1364ش.
ــــــــــ، تصحيح الاعتقاد، قم، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، 1413ق.
الشيرازي، صدر الدين محمد، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الرابعة، 1410ق.
ــــــــــ، شرح أصول الكافي، تصحيح: محمد خواجوی: تهران مؤسسه مطالعات و تحقیقات فرهنگی، 1370ش.
صبحي، أحمد محمود، نظرية الإمامية لدى الشيعة الاثني عشرية، بيروت، دار النهضة العربيّة، الأولى، 1411ق.
الطباطبائي، السید محمد حسين، الرسائل التوحيدية، قم، حکمت، 1365ش.
ــــــــــ، الميزان في تفسير القرآن، قم، دفتر انتشارات اسلامی جامعه مدرسين، 1417ق.
ــــــــــ، نهاية الحكمة، إشراف: عبد الله نوراني، قم، مؤسسة النشر الإسلامی، [بی تا].
الطبرسي، أحمد بن علي، الإحتجاج، تعليق: السيد محمد باقر الخراساني، النجف، دار النعمان للطباعة والنشر، 1386ق.
الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، بيروت، دار الأضواء، الثانية، 1406ق.
ــــــــــ، العقائد الجعفريّة، تصحيح: ابراهيم بهادري، قم، مكتبة النشر الإسلامي، اول، 1411ق. (در: جواهر الفقه).
ــــــــــ، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، تهران، مكتبة جامع چهل ستون، 1359ش.
الطوسي، نصير الدين، تلخيص المحصّل (المعروف بنقد المحصل)، بيروت، دار الأضواء الثانية، 1405ق.
ــــــــــ، رسائل خواجه نصیر الدین طوسی (در: تلخيص المحصل)، بیروت، دار الأضواء، الثانية، 1405ق.
عبده، محمد، شرح نهج البلاغة، قم، دار الذخائر، اول، 1413ق.
العقل، ناصر بن عبد الكريم، مجمل أصول أهل السنّة والجماعة في العقيدة، القاهرة، دار الصفوة للنشر والتوزيع، الثانية، 1412ق.
ــــــــــ، مباحث في عقيدة أهل السنّة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها، دار الوطن للنشر، الطبعة الأولى، 1412ق.
الغزالي، أبو حامد محمد، تهافت الفلاسفة، تحقيق: سليمان دنيا، مصر، دار المعارف، 1377ق.
ــــــــــ، الاقتصاد في الاعتقاد، بيروت، دار الكتب العلمية الأولى، 1409ق.
الفارابي، أبو نصر، الأعمال الفلسفيّة، تعليق: جعفر آل یاسین، بیروت، دار المناهل، الأولى 1413ق.
الفاضل المقداد، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، تحقيق: سید مهدی رجایی، قم کتابخانه آية الله مرعشی، 1405ق.
ــــــــــ، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، تحقيق: شهيد قاضی طباطبایی، قم دفتر تبلیغات اسلامی، دوم، 1422ق.
الفهد، ناصر بن حمد، الإعلام بمخالفات الموافقات والاعتصام، الرياض، مكتبة الرشد الأولى، 1420ق.
فیاض لاهیجی، عبد الرزاق، گوهر مراد مقدمه: زین العابدین قربانی، تهران سایه، اول، 1383ش.
القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، تعليق: أحمد بن حسين أبي هاشم، بیروت، دار إحياء التراث العربي، الأولى، 1422ق.
قدردان قراملکی، محمد حسن نگاه سوم به جبر و اختیار، تهران، پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامى، اول، 1384ش.
کاکایی، قاسم، خدا محوری، تهران، انتشارات حکمت، دوم، 1383ش.
الکلینی، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحیح: علی اکبر غفاری، تهران، دار الکتب الإسلامیه، چهارم، 1407ق.
لاهیجی، حسن بن عبد الرزاق، رسائل فارسی، تصحیح: علی صدرایی، تهران، اول، 1375ش.
المازندراني، محمد صالح، شرح أصول الكافي، تحقيق: أبو الحسن شعراني بيروت، دار إحياء التراث العربي، الأولى، 1421ق.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق: يحيى العبادي، بيروت، مؤسسة الوفاء، الثانية، 1403ق.
ــــــــــ، مرآة العقول، تهران، دار الكتب الإسلامية، 1363ش.
مشکور، محمد جواد، فرهنگ فرق اسلامی، مشهد، بنیاد پژوهشهای اسلامی آستان قدس رضوی، 1371ش.
مصباح یزدي، محمد تقي، آموزش عقاید، تهران، شرکت چاپ و نشر بین الملل سازمان تبلیغات، هفدهم، 1384ش.
مطهري، مرتضی، آشنایی با علوم اسلامی، قم، صدرا، [بی تا].
ــــــــــ، عدل الهی، قم، دفتر تبلیغات اسلامی، 1361ش.
ـــــــــ، مجموعه آثار تهران صدرا، 1389ش.
المعتزلي، القاضي عبد الجبار، المغني فى أبواب التوحيد والعدل، تحقیق: جورج قنواتی القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1962م.
ملکیان، مصطفی، درسنامه کلام جدید، قم ،کتابخانه مؤسسه امام صادق(عليه السلام) .
ــــــــــ، مسئله شر (تقریرات دروس کلام جدید دوره تخصصی علم کلام)، قم، مؤسسه امام صادق(عليه السلام).
نوبختی، حسن بن موسی، فرق الشيعة، ترجمه: محمد جواد مشکور، تهران، مرکز انتشارات علمی و فرهنگی، 1361ش.
----------------------------------------------
[1] انظر: الفاضل المقداد، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، ص 263.
[2] انظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد، ص 49.
[3] انظر: ابن ميثم البحراني، قواعد المرام في علم الكلام، ص 103.
[4] انظر: السيد المرتضى، جمل العلم والعمل، ص 29 ـ 30؛ الحلي، الحسن بن يوسف، أنوار الملكوت في شرح الياقوت، ص 87؛ الحلبي، أبو الصلاح، تقريب المعارف، ص 73.
[5] انظر: آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 440؛ مصباح اليزدي، محمد تقي، آموزش عقايد، ص 137. (مصدران فارسيان).
[6] انظر: شبّر، السيد عبد الله، حق اليقين في معرفة أصول الدين، 1/ 36؛ السبحاني، جعفر، الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل، 1/ 387 ـ 428.
[7] انظر: الطوسي، محمد بن الحسن، العقائد الجعفرية، ص 245.
[8] انظر: السبحاني، جعفر، الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل، 2/52 ـ 53؛ مصباح اليزدي، محمد تقي، آموزش عقايد، ص 137.
[9] انظر: المصدرين أعلاه.
[10] انظر: مطهري، مرتضى، كليات علوم اسلامي، ص 171. (مصدر فارسي).
[11] انظر: المصدر أعلاه.
[12] انظر: آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 447 ـ 448. (مصدر فارسي).
[13] انظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، ص 99؛ الفاضل المقداد، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، ص 264؛ الفاضل المقداد، اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة، ص 215؛ الرازي، سديد الدين الحمصي، المنقذ من التقليد، 1/ 193.
[14] انظر: الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص 58 ـ 59.
[15] إنّ المراد من القدرية هم الذين ينكرون القضاء والقدر الإلهيين في أفعال الإنسان أو القائلين بقدرة واختيار الإنسان المطلقين في أفعاله. انظر: القمي، ابن بابويه، الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 382؛ أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، 2/ 86؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، 5/ 47.
[16] انظر: الشهرستاني، عبد الكريم، الملل والنحل، 1/ 145.
[17] انظر: البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفِرَق، ص 18 ـ 19.
[18] انظر: برنجكار، رضا، آشنايي با فرق و مذاهب كلامي، ص 45.
[19] انظر: السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، 3/ 103 ـ 108.
[20] انظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، 5/ 17، وص 54.
[21] انظر: الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، 227؛البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفِرَق، ص 94؛ الشهرستاني، عبد الكريم، الملل والنحل، 1/ 57؛= =الرازي، القضاء والقدر، ص 34.
[22] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 8/ 3.
[23] الكهف: 29.
[24] القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ص 243.
[25] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 8/ 3.
[26] الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص 24.
[27] انظر: السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، 3/ 103 ـ 107.
[28] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 8/ 23
[29] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ص 259.
[30] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 8/ 289.
[31] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ص 522 ـ 523.
[32] انظر: التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، 4/ 217.
[33] انظر: الجويني، عبد الملك، إمام الحرمين، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أوّل الاعتقاد، ص 79؛ الرازي، فخر الدين، الأربعين في أصول الدين، 1/ 319؛ الآمدي، سيف الدين، غاية المرام في علم الكلام، ص 188.
[34] انظر: الغزالي، أبو حامد، الاقتصاد في الاعتقاد، ص 115.
[35] انظر: الشهرستاني، عبد الكريم، نهاية الأقدام في علم الكلام، ص 36.
[36] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 145.
[37] انظر: الأشعري، أبو الحسن، الإبانة عن أصول الديانة، ص 46؛ الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 1/ 241 ـ 243؛ الجويني، عبد الملك إمام الحرمين، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أوّل الاعتقاد، ص 79.
[38] انظر: الطوسي، نصير الدين، تلخيص المحصّل، ص 325؛ الغزالي، أبو حامد، تهافت الفلاسفة، ص 114.
[39] انظر: التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، 4/ 227؛ الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 173 ـ 174. وللمزيد من الاطلاع على سائر الأدلة، انظر: الرازي، فخر الدين، الأربعين في أصول الدين، 1/ 321 ـ 327؛ التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، 3/ 228 ـ 235.
[40] انظر: فاطر: 3.
[41] انظر: الأنعام: 101 ـ 102؛ الرعد: 16؛ الزمر: 62؛ الفرقان: 2؛ القمر: 49.
[42] الصافات: 96؛ الأنفال: 17.
[43] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 158؛ الغزالي، أبو حامد،تهافت الفلاسفة، ص 238.
[44] انظر: آل الشيخ، صالح، التمهيد لشرح كتاب التوحيد، ص 11؛ السعودي، محمد بن عودة، رسالة في أسس العقيدة، ص 24 ـ 26.
[45] انظر: ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، المستدرك على مجموع الفتاوي، جمعه: النجدي، عبد الرحمن، 8/ 449، و10/331؛ السعودي، محمد بن عودة، رسالة في أسس العقيدة، ص 24 ـ 26؛ الدويش، أحمد بن عبد الرزاق، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 1/ 20؛ العقل، ناصر بن عبد الكريم، مجمل أصول أهل السنّة والجماعة في العقيدة، ص 8، الحوالي، سفر بن عبد الرحمن، وسطية أهل السنّة والجماعة، ص 7.
[46] انظر: محمد بن عبد الوهاب، موسوعة مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب، 15/ 3، السؤال رقم: 15؛ السلمان، عبد العزيز المحمد، مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، ص 6؛ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي، القول السديد في مقاصد= =التوحيد، ص 19؛ العثيمين، محمد بن صالح، شرح العقيدة الواسطية، ص 21.
[47] انظر: ابن أبي العز الحنفي، شرح الطحاوية في العقيدة السلفية، 1/ 47؛ العقل، ناصر بن عبد الكريم، مباحث في عقيدة أهل السنّة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها، 1/ 56 ـ 57؛ الحمد، محمد بن إبراهيم، توحيد الربوبية، 1/ 2.
[48] انظر: ابن أبي العز الحنفي، شرح العقيدة الطحاوية، 1/ 129 ـ 139؛ السلمان، عبد العزيز المحمد، مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية، ص 49 ـ 50.
[49] انظر: ابن تيمية الحراني، درء التعارض بين العقل والنقل، 4/ 301.
[50] انظر: البقرة: 21 ـ 22، و163 ـ 164؛ النمل: 60 ـ 61؛ النحل: 17؛ الناس: 1 ـ 2.
[51] انظر: شبالة، ماجد محمد علي ، الشرك بالله أنواعه وأحكامه، ص 359.
[52] انظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، 15/ 88؛ السبحاني، جعفر، منشور جاويد، 2/ 267 ـ 269.
[53] انظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، 5/ 294؛ آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 417.
[54] انظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، 20/ 180؛ آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 430.
[55] انظر: آملي، عبد الله جوادي، ولايت در قرآن، ص 151 ـ 154. (مصدر فارسي).
[56] انظر: آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 437. (مصدر فارسي).
[57] انظر: م. ن، ص 439 ـ 440.
[58] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 241 ـ 243، و4/123؛ الجويني، عبد الملك إمام الحرمين، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أوّل الاعتقاد، ص 79.
[59] انظر: الطوسي، نصير الدين، تلخيص المحصل، ص 325؛ الغزالي، ابو حامد، تهافت الفلاسفة، ص 114.
[60] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 180.
[61] انظر: الرازي، فخر الدين، المحصل، ص 210، وص 290؛ الغزالي، أبو حامد، تهافت الفلاسفة، ص 114 ـ 130؛ الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 4/ 123.
[62] انظر: الرازي، فخر الدين، المطالب العالية من العلم الإلهي، ص 79.
[63] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 6/ 68، و3/109، و8/150.
[64] مقتبس عن: قاسم كاكائي، خدامحوري، ص 150 ـ 172.
[65] انظر: الشهرستاني، عبد الكريم، الملل والنحل، 1/ 90؛ شلتوت، محمود، تفسير القرآن الكريم، ص 184 ـ 186؛ الخطيب، عبد الكريم، القضاء والقدر بين الفلسفة والدين، ص 163.
[66] انظر: ابن تيمية الحراني، أحمد بن عبد الحليم، الواسطة بين الحق والخلق، ص 22 ـ 23؛ شبالة، ماجد محمد علي، الشرك بالله وأنواعه وأحكامه، ص 422.
[67] انظر: ابن تيمية الحراني، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنّة النبوية، 3/ 87.
[68] انظر: الفهد، ناصر بن حمد، الإعلام بمخالفات الموافقات والاعتصام، ص 106.
[69] انظر: ابن تيمية الحراني، أحمد بن عبد الحليم، درء التعارض بين العقل والنقل، 4/ 66.
[70] انظر: ابن تيمية الحراني، منهاج السنّة النبويّة، 3/ 12، و13، وص 114، وص 415.
[71] انظر: ابن سينا، حسين بن عبد الله، الشفاء، الإلهيات، ص 257 ـ 263؛ الطوسي، نصير الدين، شرح الإشارات والتنبيهات، 3/ 18؛ الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، ص 176 ـ 177.
[72] انظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، 7/ 298.
[73] انظر: آملي، عبد الله جوادي، توحيد در قرآن، ص 459.
[74] انظر: السبحاني، جعفر، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، 3/ 110.
[75] انظر: الشيرازي، صدر الدين محمد، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 6/ 369.
[76] انظر: الإنسان:30؛ التكوير:29؛ الأعراف: 188؛ يونس:100؛ البقرة :102؛ الصافات: 96.
[77] انظر: يس:60 ـ 61؛ البقرة :83؛ آل عمران: 81؛ الأحزاب :7؛ الكهف :7؛ الإنسان :2ـ 3.
[78] انظر: السيوطي، جلال الدين، تاريخ الخلفاء، ص 95؛ الواقدي، المغازي، 3/ 904.
[79] انظر: ابن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة، 1/ 205 ـ 210؛ أحمد محمود صبحي، نظرية الإمامة، ص 334.
[80] انظر: السبحاني، جعفر، جبر واختيار، ص 26. (مصدر فارسي).
[81] انظر: الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، ص 279.
[82] انظر: ابن قيّم الجوزية، حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، ص 285؛ أحمدي، عبد الله بن سلمان، المسائل والرسائل المروية عن أحمد بن حنبل في العقيدة، 1/ 15، وص 143؛ السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، 1/ 165.
[83] انظر: الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، ص 290.
[84] الرازي، فخر الدين، الأربعين في أصول الدين، 1/ 319 ـ 320.
[85] انظر: الغزالي، أبو حامد، الاقتصاد في الاعتقاد، ص 58 ـ 59.
[86] انظر: الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 145.
[87] الأشعري، أبو الحسن، اللمع، ص 62.
[88] الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 145.
[89] انظر: بن الخطيب، عبد الكريم، القضاء والقدَر بين الفلسفة والدين، ص 187.
[90] انظر: الرازي، فخر الدين، المحصّل، ص 469.
[91] انظر: التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، 4/ 226.
[92] الشهرستاني، عبد الكريم، الملل والنحل، 1/ 110 ـ 111.
[93] الرازي، فخر الدين، الأربعين في أصول الدين، 1/ 319.
[94] انظر: التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، 4/ 225.
[95] انظر: ابن فارس بن زكريا، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، 4/ 260؛ الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح، 13/ 1099.
[96] انظر: الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، 1/ 124.
[97] انظر: الكليني، الكافي، 1/ 265 ـ 268؛ المجلسي، بحار الأنوار، 17/ 1 ـ 14، و25/ 328 ـ 350.
[98] انظر: النوبختي، الحسن بن موسى، فرق الشيعة، ص 75؛ البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفرق، ص 201 ـ 202؛ الشيخ المفيد، تصحيح الاعتقاد، ص 47.
[99] انظر: الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 206 ـ 306
[100] انظر: الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج، 2/ 328.
[101] انظر: شبّر، السيد عبد الله، حق اليقين في معرفة أصول الدين، ص 102؛ رضا برنجكار، «مفوضه»، ص 55 ـ 57.
[102] انظر: الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين، ص 199؛ ابن حزم الأندلسي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، 2/ 86؛ الجرجاني، المير سيد شريف، شرح المواقف، 8/ 146.
[103] انظر: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل، 8/ 3؛ القاضي عبد الجبار المعتزلي، شرح الأصول الخمسة، ص 217.
[104] انظر: الحمد: 5؛ البقرة: 2 ـ 3، و38؛ الأنفال: 17؛ التوبة: 14؛ الإنسان: 30؛ سورة الأعراف: 96.
[105] انظر: الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج، 2/ 452.
[106] انظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، 1/ 155 ـ 162؛ الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 359 ـ 364.
[107] انظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، 1/ 159.
[108] انظر: الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 360، الباب: 59، ح: 3.
[109] انظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، 1/ 161.
[110] لقد استعنت في بيان تبويبات وتقسيمات هذه القراءات بالمصدر الآتي: قراملكي، محمد حسن قدردان، نگاه سوم به جبر و اختيار. (مصدر فارسي).
[111] انظر: الشيخ المفيد، تصحيح الاعتقاد، ص 47.
[112] انظر: المصدر أعلاه، ص 47.
[113] نقلًا عن: المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول، 2/ 205 ـ 206.
[114] انظر: المصدر أعلاه، ص 206.
[115] انظر: المصدر أعلاه، ص 207.
[116] انظر: اللاهيجي، عبد الرزاق فياض، گوهر مراد، ص 328. (مصدر فارسي).
[117] انظر: المازندراني، ملا صالح، شرح أصول الكافي، 5/ 3.
[118] انظر: شبّر، السيد عبد الله، مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار، 1/ 162.
[119] انظر: الطوسي، نصير الدين، رسائل خواجه نصير الدين طوسي، ص 477.
[120] انظر: الإصفهاني، محمد حسين، نهاية الدراية في شرح الكفاية، 1/ 294.
[121] انظر: الطباطبائي، محمد حسين الميزان في تفسير القرآن، 1/ 93 ـ 110؛ الطباطبائي، محمد حسين نهاية الحكمة، المرحلة: 12، الفصل: 14.
[122] انظر: مطهري، مرتضى، مجموعه آثار (الأعمال الكاملة)، 6/ 628 ـ 635.
[123] انظر: السبحاني، جعفر، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، 3/ 139.
[124] انظر: لاهيجي، عبد الرزاق، فياض گوهر مراد، ص 327. (مصدر فارسي).
[125] انظر: شبّر، حق اليقين، 1/ 94؛ الخوئي، محاضرات في أصول الفقه، 2/ 87.
[126] انظر: السبزواري، الملا هادي، شرح المنظومة، ص 176؛ السبزواري، الملا هادي، شرح الأسماء الحُسنى، ص 110؛ السبزواري، الملا هادي، أسرار الحِكَم في المفتتح والمختتم، ص 110؛ الإصفهاني، محمد حسين، نهاية الدراية في شرح الكفاية، 1/ 294 ـ 296؛ الخميني، روح الله، چهل حديث، ص 646؛ الشعراني، أبو الحسن، تعليقات بر شرح أصول الكافي للمازندراني، 5/ 3، السيد الطباطبائي، محمد حسين الرسائل التوحيدية، ص 107؛ الآملي، محمد تقي، درر الفوائد وهو تعليقة على شرح المنظومة للسبزواري، 2/ 61؛ سبحاني، جعفر، جبر و اختيار، ص 425؛ اليزدي، مصباح، محمد تقي، آموزش فلسفه، 2/ 64.
[127] إن الوجود الرابطي يحتوي على ذات وماهية مستقلة، وعلى الرغم من أنه يستند في وجوده إلى وجود آخر، من قبيل الأعراض، بيد أن الوجود الرابط ليس له ذات وماهية مستقلة، وإن حقيقته عين الربط والاحتياج. انظر: سجادي، سيد جعفر، فرهنگ اصطلاحات فلسفي ملا صدرا، ص 518. (مصدر فارسي).
[128] انظر: الإصفهاني، محمد حسين، نهاية الدراية في شرح الكفاية، 1/ 294.
[129] انظر: الشيرازي، صدر الدين محمد، الحكمة المتعالية، 6/ 372.
[130] نهج البلاغة، الخطبة رقم: 49.
[131] انظر: الشيرازي، صدر الدين محمد، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، 6/ 373 ـ 374؛سبحاني، جعفر، جبر و اختيار، ص 425 ـ 427.
[132] انظر: قراملكي، قدردان، نگاه سوم به جبر و اختيار، ص 162 ـ 164. (مصدر فارسي).