البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

التوحيد الذاتيّ من وجهة نظر المتكلّمين المسلمين

الباحث :  د. جابر موسوي راد
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  34
السنة :  ربيع 2025م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 30 / 2025
عدد زيارات البحث :  155
تحميل  ( 420.050 KB )
الملخّص
لقد فسّر المتكلّمون المسلمون التوحيد الذاتيّ بمعنيين: نفي الشريك، ونفي الجزء. وبناءً عليه، فإنّ التوحيد الذاتيّ يستلزم نفي التركيب والشريك والمثل للّه (عزّ وجلّ)، وفي الروايات الإسلاميّة، ورد هذان المعنيان عبر مصطلحي (التوحيد الأحديّ) و(التوحيد الواحديّ)، والمراد في الروايات مِن كون الله (عزّ وجلّ) أحديّ الذات هو التوحيد الذاتيّ نفسه.
وقد قدّم المتكلّمون المسلمون أدلّةً متعدّدةً لإثبات التوحيد الذاتيّ للّه تعالى، والأدلّة النقليّة المحضة تُثبت التوحيد الذاتيّ، إذ نُفِيَ في برهان (التمانع) الشهير، أيّ شريكٍ للّه تعالى من خلال افتراض أنّ تعدّد الآلهة يستلزم محدوديّة القدرة الإلهيّة.
ومفاد الدليل العقلي الثاني هو أنّه لو كانت هناك آلهةٌ أخرى، لكان ينبغي أنْ يبعثوا رسُلًا من قبلهم، في حين أنّ جميع الأنبياء والرسل كانوا يُنادون بالتوحيد.
وفي الدليل الثالث يستدلّون على وحدة خالق الكون من خلال النظم ووحدة نسيج عالم الوجود، ومفاد الدليل المعروف بـ (الفُرجة) هو أنّ تعدّد الآلهة يستلزم فرض وجهٍ للتمايز (فرجة) بينهم، ولكن هذا الأمر يُؤدّي في النهاية إلى التسلسل، وبناءً على دليلين آخرين هما بساطة الذات الإلهية، وتعيّن الله وصرافته فإنّ البساطة والصرافة تستلزم وحدة الذات الإلهيّة.

الكلمات المفتاحية
التوحيد الذاتيّ، الكلام الإسلامي، نفي الشريك، نفي الجزء، برهان التمانع.

تحديد مفهوم التوحيد الذاتيّ
من وجهة نظر المتكلّمين المسلمين يشمل التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ) معنيين أساسيّين:
أ) نفي الشريك: إنّ ذات الله واحدةٌ، ولا شريك له ولا شبيه له[1]، فلا يوجد أيُّ موجودٍ يُشبه الذات الإلهيّة، بل لا يُمكن أن يُوجد شيءٌ يُشبهه[2]. وهذا البُعد من التوحيد الذاتيّ ناظرٌ إلى نفي الكثرة خارج الذات الإلهيّة؛ وبناءً عليه، لا وجود لذاتٍ أخرى يمكن أن تكون إلهًا أيضًا إلى جانب ذات الله[3].

ب) نفي الجزء: إنّ ذات الله خاليةٌ من الأجزاء، وهي منزّهةٌ عن أيّ تركيب[4]. ومن ثّمّ، فإنّ مَن يعتقد أنّ للّه تعالى أجزاءً، أو يُشبّهه بشيءٍ مركّبٍ، فقد أنكر التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ)[5]، إنّ أحديّة الله في هذا السياق تعني أنّ الله وُجودٌ محضٌ لا جزء فيه، فعلى عكس الشيء المركّب الذي يتكوّن من أجزاء متعدّدة، إنّ ذات الله بسيطةٌ من كلّ جهةٍ، وخاليةٌ من أيّ جزءٍ، وهذا البعد من التوحيد الذاتيّ هو في الواقع يُساوي نفي أيّ نحوٍ من الكثرة داخل ذات الله سبحانه وتعالى[6].

في بعض الأحيان، يُعدّ التوحيد الذاتيّ للّه مساويًا لـ(نفي الشريك) عنه (عزّ وجلّ)[7]، ولكن هذا التفسير للتوحيد الذاتيّ ليس جامعًا؛ لأنّه أوّلًا: التوحيد الذاتيّ ينطوي على نفي الجزئيّة عن الله بالإضافة إلى نفي الشريك أيضًا. ثانيًا: في باب نفي الشريك، يُطلق الشريك على من يُشارك الآخر في الخلق أو التدبير أو العبادة وما إلى ذلك، في حين أنّ التوحيد الذاتيّ يُشير إلى وحدة الذات الإلهيّة (مع غضّ النظر عن أفعاله)، بمعنى أنّ ذات الله ليس لها مِثلٌ أو نظيرٌ، سواء كان هناك خلقٌ أم عبادةٌ في البين أم لا، ومن الأساس تأتي مسألة توحيد الله في الخلق والتدبير والعبادة بعد مسألة التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ)[8] .

هذا، وقد تمّ تفسير التوحيد الذاتيّ بطرقٍ أخرى أيضًا، وكلّها تعود إلى التفسيرين السابقين، فعلى سبيل المثال: قام البعض ـ ضمن إشارته إلى نفي الشريك عن الله ـ بنفي أيّ قديمٍ ذاتيٍّ غير الله[9]، فالتوحيد الذاتيّ يختصّ بالله في جميع الأمور، بما في ذلك القِدم الذاتيّ ونفي الكثرة والتعدّد، بل إنّ البعض ذكر أيضًا عينيّة صفات الله مع الذات ضمن التوحيد الذاتيّ[10].

التوحيد الواحديّ والأحديّ
بناءً على الروايات الإسلاميّة، فإنّ بعض المعاني التي يُمكن فرضها للتوحيد وتصويره بها هي معانٍ غير صحيحةٍ، والتوحيد الصحيح له معنيان: الأحديّ والواحديّ، والمقصود بالتوحيد الواحديّ والأحديّ هو معنيا التوحيد اللذان تمّت الإشارة إليهما في بداية البحث، وهذان المصطلحان مأخوذان من رواية أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ في أثناء معركة الجمل، سأل رجلٌ أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى توحيد الله، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأنّ للتوحيد أربعة معانٍ، اثنان منها يصحّان على الله، والآخران لا يصحّان عليه تعالى، والمعنى الأوّل غير الصحيح: أنْ يعتقد الإنسان بأنّ الله واحدٌ، لكنّه يقصد بذلك الوحدة العدديّة؛ وسبب عدم صحّة الوحدة العدديّة للّه هو أنّ الله ليس له ثانٍ. والمعنى الثاني غير الصحيح: هو أنْ يعتقد الإنسان بأنّ الله واحدٌ، لكنّه يقصد بذلك الوحدة في الجنس؛ لأنّ هذه الوحدة تستلزم التشبيه، والله منزّهٌ عن ذلك. أمّا المعنيان الصحيحان لوحدة الله فعبارةٌ عن أنّ الله ليس له شبيهٌ أو نظيرٌ (التوحيد الواحديّ)، وأيضًا أنّ الله ليس له أيّ جزءٍ، ولا يقبل التقسيم لا في الخارج، ولا في العقل، ولا في الوهم (التوحيد الأحديّ)[11].

وسبب نفي التوحيد العدديّ عن الله هو أنّ ما يُصحّح تقسيم الجسم أمران:
1) أنْ يكون له كميّة، سواء كانت كميّةً متصلةً أم منفصلةً. 2) أنْ يكون له مادّةٌ تقبل التقسيم، سواء كانت مادّةً أولى أم مادّة ثانية. وبناءً على ذلك، يُطلق على الواحد الذي يمكن أنْ يكون معروضًا للكميّة، أي: يُمكن وضع شيءٍ من جنسه بجانبه ليشكّلا معًا (اثنين)، ويُشكّلا أمرًا قابلًا للتقسيم (لأنّه له ثانٍ)، واحدًا عدديًّا؛ لكن بما أنّ الله سبحانه وتعالى ليس له ثانٍ، لذا فهو منزّهٌ عن أنْ يكون واحدًا بالوحدة العدديّة[12].

على الرغم من أنّ الواحد والأحد يُعدّان في العرف مترادفين في المعنى عادةً، فإنّه نظرًا للفرق الذي وضعته الروايات بين التوحيد الواحديّ والأحديّ، صار يُعدّ كلٌّ منهما واحدًا من أسماء الله الحسنى مستقلًّا عن الآخر، إذ في الروايات تمّ ذكر 99 اسمًا بوصفها (أسماء الله الحسنى)، و(الواحد)، و(الأحد) اثنان منها[13].

إنّ الله أحديّ الذات وأَحديّ المعنى
في الروايات الإسلاميّة، وُصف الله بأنّه (أحديّ الذات)، و(أحديّ المعنى)، وقد فُسِّر هذا المصطلحان بنحوين:
في أحد هذين التفسيرين المراد من كون الله أحديّ الذات وحدانيّته، والمراد من كونه أحديّ المعنى هو عينيّة صفاته مع ذاته، وبناءً على ذلك، فإنّ ذات الله تستجمع الصفات الكماليّة (مثل: القدرة والعلم)[14]، ومن الواضح أنّه طبقًا لهذا التفسير، فإنّ أحديّة المعنى إشارةٌ إلى التوحيد الصفاتي، وأحديّة الذات إشارةٌ إلى التوحيد الذاتيّ للّه.

في التفسير الآخر، قام أحدُ شرّاح كتاب (أصول الكافي) بتعريف هذه المصطلحات مع اختلافٍ طفيفٍ، حيث ذكر ثلاثة أقسام من التوحيد: التوحيد الواحديّ، والتوحيد الأحديّ الذات، والتوحيد أحديّ المعنى، وقال: إنّ واحديّة الله تعني: نفي التركيب الذهنيّ أو الخارجيّ عن الله؛ وكون الله أحديّ الذات معناه: أنّ وجود الله ليس زائدًا على ذاته؛ وأحديّة المعنى تعني: أنّ صفات الله المتكثّرة والمتغايرة ليست زائدةً على ذاته. وبالتالي، فإنّ التوحيد الواحديّ يُشير إلى نفي الكثرة قبل الذات؛ لأنّ الله لم يتركّب من أجزاء؛ وكونُ الله أحديّ الذات يشير إلى نفي الكثرة في مرتبة الذات؛ لأنّ وجود الله هو عين ذاته؛ وكونُ الله أحديّ المعنى إشارةٌ أيضًا إلى نفي الكثرة بعد مرتبة الذات؛ لأنّ صفات الله هي عين ذاته[15].

أدلّة التوحيد الذاتيّ
لقد تمّ تقديم العديد من الأدلّة في علم الكلام لإثبات التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ)، وتُركّز بعض هذه الأدلّة على نفي الشريك عن الله (التوحيد الواحديّ)، كما يُركّز بعضها الآخر على بساطة الذات الإلهيّة (التوحيد الأحديّ)؛ ولكن بالنظر إلى التلازم العقلي بين (البساطة المحضة)، و(امتناع وجود المثل أو الشريك لله)، فإنّ هذه الأدلّة فعّالة في إثبات كلا المعنيين من التوحيد الذاتيّ.

أولاً: أقسام أدلّة إثبات التوحيد الذاتيّ
تنقسم أدلّة إثبات التوحيد الذاتيّ إلى عدّة أقسام:
الأدلّة النقليّة الصِرفة.
الأدلّة العقليّة المستمدّة من القرآن، مثل: برهان التمانع.
الأدلّة العقليّة المستمدّة من الأحاديث، مثل: دليل لزوم إرسال رسولٍ مِن قبل إلهٍ آخر في حالة تعدّد الآلهة، ونظم العالم وترابط أجزائه، وأيضًا بُرهان الفُرجة.
الأدلّة العقليّة الصرفة التي قدّمها المتكلّمون، مثل: الدليل القائم على استلزام بساطة الذات الإلهيّة للتوحيد أو الدليل القائم على استلزام تعيّن الله للتوحيد.

وفيما يتعلّق بالقسم الأول، فإنّه من الجدير القول: إنّ المراد من كون هذه الأدلّة نقليّةً هو أنّ مقدّمتها الصغرى نقليّةٌ (من الآيات والروايات)، وذلك في قبال الأقسام الأخرى التي تكون كلٌّ مِن مقدّمتيها الصغرى والكبرى عقليّةً، وبعبارةٍ أخرى: الفرق بين أدلّة القسمين الثاني والثالث وبين أدلّة القسم الأوّل هو أنّه على الرغم من أنّ القسمين الثاني والثالث مستنتجين من النصوص الدينيّة، فإنّ ما ورد في النصوص الدينيّة لإثبات التوحيد هو إرشادٌ إلى حكم العقل وبيانٌ للاستدلال العقلي؛ وذلك على عكس أدلّة القسم الأوّل التي تُعدّ نقليّةً بسبب نقليّة مقدّمتها الصغرى، مثل: الأدلّة النقليّة في باب الإمامة والرجعة وغيرها، التي تعدّ نقليّةً بسبب كون مقدّمتها الصغرى نقليّةً.
إنّ الأدلّة النقليّة تُثبتُ بالإضافة إلى وجود الله وصدقه وعدم تحريف القرآن (للاستناد إلى القرآن)، تُثبت كذلك النبوّة العامّة والخاصّة، وعصمة النبيّ، وإحراز صدور الحديث عن النبيّ (للاستناد إلى الأحاديث النبويّة)، وتُثبت كذلك الإمامة العامّة والخاصّة، وعصمة الإمام، وإحراز صدور الحديث عن الإمام (للاستناد إلى أحاديث الأئمّة)؛ وفي الوقت نفسه يُمكن استخدام هذه الآيات والروايات لإثبات وحدانيّة الله دون الوقوع في مشكلة الدور؛ لأنّ إثبات حجيّة الأدلّة النقليّة لا يستلزم افتراض وحدانيّة الله مسبقًا؛ لذلك، بعد إثبات أصل وجود الله وإثبات حجيّة الأدلّة النقليّة، يُمكن إثبات وحدانيّة الله بناءً على الأدلّة النقليّة[16]، وعلى هذا الأساس يمكن الاستفادة من الآيات والروايات من أجل إثبات توحيد الله. ولكن إذا استخدم أحدٌ أخبارَ الآحاد فقط، فإنّ دليله سيكون ظنيًّا، ولكن في حالة وجود الآيات والروايات المتواترة، فإنّ هذه الأدلّة ستكون قطعيّةً. لهذا السبب، يعدّ الفاضل المقداد ـ في معرض إشارته إلى آياتٍ من سورة التوحيد ـ أنّ الأدلّة النقليّة الصِرفة هي أقوى الأدلّة على توحيد الله[17]. وفضلًا عن الفاضل المقداد، نجد أنّ العديد من المتكلّمين الآخرين قد استعملوا هذا النوع من الاستدلال، من قبيل: أبو الصلاح الحلبي[18]، والخواجة نصير الدين الطوسي[19]، وسديد الدين الحمصي الرازي[20]، وابن ميثم البحراني[21]، ولا نرى خلافًا بين المتكلّمين في هذا الصدد، وقد عدّوا هذا النوع من الدليل مستقلًّا، وأطلقوا عليه اسم (الدليل السمعيّ).

‏ثانياً: تقرير أدلّة التوحيد الذاتيّ
الآن، بعد أنْ اتّضحت الأقسام المختلفة لأدلّة التوحيد الذاتيّ، سنُقدّم أمثلةً بارزةً لكلّ قسمٍ من هذه الأقسام ونُقرّرها.

أ. الأدلّة النقليّة الصِرفة
هناك آياتٌ وأحاديث متعدّدةٌ تدلّ على وحدانيّة الله في ذاته، منها: ﴿قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ...* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[22]، و﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾[23]، و﴿وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ﴾[24].
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «وَلَكِنَّهُ [أي: الله عزّ وجلّ] الْقَدِيمُ فِي ذَاتِهِ لِأَنَّ مَا سِوَى الْوَاحِدِ مُتَجَزِّئٌ، وَاللَّهُ وَاحِدٌ لَا مُتَجَزِّئٌ، وَلَا مُتَوَهَّمٌ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَة»[25].

ب. الدليل العقلي المستمدّ من القرآن
إنّ مفاد بعض آيات القرآن الكريم عبارةٌ عن استدلالٍ عقليٍّ على التوحيد الذاتيّ، وبرهان التمانع واحدٌ منها.

إنّ برهان التمانع هو أحد أفضل الأدلّة لإثبات التوحيد الذاتيّ، وينصبّ تركيز هذا البرهان على نفي الشريك عن الله (التوحيد الواحديّ)، وهذا الدليل مستمدٌّ من الآية 31 من سورة الأنبياء، قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.

يُمكن تصنيف تقريرات برهان التمانع إلى مجموعتين رئيسيتين:

1. التقرير الشائع لبرهان التمانع
في التقرير الشائع لهذا البرهان، يتمّ الاعتماد على افتراض تخالف إرادة الآلهة في حالة تعدّدهم، والتقرير المشهور للمتكلّمين كما يأتي:

إذا كان هناك آلهةٌ متعدّدةٌ، وأراد أحدهم أنْ يخلق أمرًا مقدورًا واحدًا في وقتٍ واحدٍ بشكلٍ معيّنٍ وصفةٍ معيّنةٍ، وأراد الآخر ألّا يفعل ذلك، أو أنْ يخلقه في وقتٍ آخر بصفاتٍ أخرى، فمن المستحيل أنْ تتحقّق إرادة كلا الإلهَيْن؛ لأنّ إيجاد شيءٍ واحدٍ وعدم إيجاده في وقتٍ واحدٍ أو إيجادُه بصفةٍ وعدم إيجاده بتلك الصفة تناقضٌ، والتناقض مُحالٌ أيضًا، وفي هذه الحالة، الإله الذي يُمكن أن تتقدّم إرادته هو الإله الحقيقيّ، ومن المستحيل أنْ يكون هناك إلهان[26].
وقد قام البعض بطرح احتمالاتٍ أخرى في البرهان أيضًا، فقاموا بتقريره على النحو الآتي: إذا كان للّه شريكٌ، فيجب أنْ يشاركه في جميع الصفات بما في ذلك القِدَم الذاتيّ، وفي هذه الحالة، إمّا أنْ يكون ما يقدر عليه هذان الإلهان متماثلًا، وإمّا أنْ يكون مختلفًا:

أ) إذا كان مقدور هذين الإلهين متماثلًا، فمن الممكن أن يُريد أحدهما أنْ يُوجد مقدوره، ويُريد الآخر منع ذلك، وفي هذه الحالة، يجب أنْ يكون ذلك الشيء موجودًا ومعدومًا في الوقت نفسه، وهذا محالٌ.
ب) إذا كان مقدورهما متغايرًا، فمن المحتمل أنْ يرغب أحد الإلهين في إيجاد فعلٍ، وأنْ يرغب الآخر في إيجاد ضدّه، وفي هذه الحالة، هناك ثلاثة احتمالاتٍ ممكنةٌ:

ب1- إذا أراد كلا الإلهين إيجاد مقدورهما، فسيحدث اجتماعٌ للضدّين، وهذا مُحالٌ.
ب2- إذا لم يُرد أيٌّ مِن الإلهين أنْ يوجد مقدوره، فهذا يتعارض مع القدرة اللامتناهية لكليهما.
ب3- إذا أوجد أحدهما مقدوره فقط، فهذا يتعارض مع القدرة اللامتناهية للإله الآخر.

النتيجة: لا يوجد أيُّ وجهٍ معقولٍ لتعدّد الآلهة[27].
لقد أشكل بعض الفلاسفة والمتكلّمين على هذا التقرير من برهان التمانع، حيث يرى ابن سينا أنّ هذا البرهان لا قيمة له من الأساس، ويعتقد أنّ هذا البرهان لا يمكنه أن يُثبت التوحيد الإلهي[28]، وأهمّ نقدٍ يرِدُ على هذا التقرير، الذي أجاب عنه البعض أيضًا، هو أنّ هذا الدليل يفترض أنّ هذين الإلهين يُمكن أنْ يكون لهما إرادةٌ متضادّةٌ مع بعضهما البعض، في حين أنّ الفرض هو أنّهما حكيمان، والإلهان الحكيمان لا يمكن أنْ يكون لهما إرادتان متناقضان، ويُمكن لهذين الإلهين أنْ يتوافقا مع بعضهما البعض، وفي هذه الحالة لن يحصل اختلافٌ بينهما[29].
وقد قيل في الردّ على هذا الإشكال: إنّه من الممكن ألّا يكون هناك تمانعٌ فعليٌّ بين هذين الإلهين، لكن افتراض وجود آلهةٍ متعدّدةٍ يستلزم إمكانيّة التمانع، وهذا الاحتمال كافٍ لصحّة الاستدلال؛ لأنّ إمكانيّة التمانع تدلّ على تناهي قدرة أحد الإلهين أو كليهما[30].

ويُشير التفتازاني في ردّه على إشكال برهان التمانع إلى الإجابة نفسها، وهي أنّ إمكانيّة التمانع والتضادّ بين الآلهة يستلزم المُحالات المذكورة أعلاه، ولا يتوافق مع قدرتهم غير المحدودة، لكنّه رغم هذا التوضيح، ورغم قبوله بصحّة برهان التمانع، إلّا أنّه يعدّ مفاد الآية الكريمة ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ إقناعيًا، ودليله على ذلك هو أنّه على الرغم من أنّه عادةً ما يُوجد تمانعٌ وتخالفٌ في حالة وجود حاكمين، ولكن إذا كان المراد من الآية هو الفساد الفعليّ، فإنّ مجرّد تعدّد الآلهة لا يستلزم الفساد الفعليّ؛ لأنّه من الممكن أنّ يتّفق هؤلاء الآلهة مع بعضهم بعضًا، ولكن إذا كان المراد من الآية هو إمكانيّة الفساد، فهذه الإمكانيّة موجودةٌ بالفعل الآن، وليس هناك دليلٌ على انتفائها[31].
وأجاب بعض المتكلّمين أيضًا بإجابةٍ أخرى، وهي: ليس الأمر دائمًا بأنْ يكون القيام بفعلٍ قائمًا على المصلحة والحكمة، وبنحو يتّفق عليه كلا الإلهين، وإنّما يكون في ضدّين متساويين من حيث الحسن والقُبح، فمن الممكن أن يُريد أحد الإلهين إيجاد هذا الفعل، والآخر تركه، وبهذه الطريقة، يحدث التخالف والتمانع بين الإلهين[32].

2. تقريرٌ آخر لبرهان التمانع
لقد ركّز البعض في تقرير برهان التمانع على التأكيد على عدم إمكان تحقّق المخلوقات، وذلك بدلًا من الاعتماد على فرض تخالف إرادة الآلهة، وبناءً لهذا التقرير ففي حال تعدّد الآلهة، فلا وجود لعالم الإمكان، ومفاد هذا التقرير الأمور الآتية:

‏1. إنّ واجب الوجود بالذات واجبٌ من جميع الجهات والحيثيّات، ولا يمكن أنْ يكون هناك سبيلٌ لأيّ حيثيّةٍ إمكانيّةٍ وبالقوّة إلى ذاته، فإذا كان عالمًا، فهو عالمٌ بالوجوب وليس بالإمكان، وإذا كان قادرًا، فهو قادرٌ بالوجوب وليس بالإمكان، وهكذا. ولهذا السبب، إذا كان فيّاضًا وخلّاقًا، فهو فياضٌ وخلّاقٌ بالوجوب وليس بالإمكان، وهذا يعني أنّه من المستحيل أن يكون هناك موجودٌ ممكنُ الوجود ولا تتمّ إفاضة الوجود عليه من قبل جانب واجب الوجود.
‏2. إنّ حيثيّة الوجود وحيثيّة انتساب المعلول إلى علّته الإيجاديّة حيثيّةٌ واحدةٌ، وهذا يعني أنّه لا توجد حيثيّتان في المعلول بنحو يكون منتسبًا إلى الفاعل والعلّة من حيثيّة، وموجودًا من حيثيّة آخر، هذه هي النقطة نفسها التي تناولها صدر المتألّهين أيضًا، إذ عدّ وجود المعلول هو عين الربط والانتساب إلى العلّة، وبناءً على ذلك فالوجود والإيجاد عبارةٌ عن شيءٍ واحدٍ، وليسا شيئين.
‏3. إنّ الترجيح بدون مرجّح محالٌ، فإذا كانت نسبةُ شيءٍ ما إلى شيئين آخرين متساويةً، فمن المحال أنْ يتغيّر هذا التوازن، وأن تتغيّر هذه النسبة من دون تدخّل عاملٍ خارجيٍّ.

النتيجة: إذا كان هناك واجبا وجودٍ أو أكثر، فبناءً للمقدّمة الأوّلى، يجب إفاضة الوجود على هذا الشيء، وبالطبع جميع واجبي الوجود لهم النسبة نفسها إليه، وإرادتهم جميعًا تتعلّق بوجوده بالتساوي، ومن ثَمّ يجب أنْ يُفاض الوجود عليه من قبل جميع واجبي الوجود، ومِن ناحيةٍ أخرى، بناءً للمقدّمة الثانية، وجود كلّ معلولٍ وانتسابه إلى عِلّته هما شيءٌ واحدٌ، فيستلزم الإيجادان حصول وجودين، وبما أنّ المعلول محلّ البحث لا يُمكن أنْ يكون له أكثر من وجودٍ واحدٍ، إذن لا يُمكن أنْ ينتسب إلّا إلى علّةٍ واحدةٍ، وفي هذه الحالة، انتساب المعلول إلى أحد واجبي الوجود، وعدم انتسابه إلى الواجب الآخر، مع أنّه ـ بناءً للفرض ـ لا يوجد أيّ امتيازٍ أو رجحان بينهما، هو ترجيحٌ بلا مرجّح، وهو أمرٌ مُحالٌ.
وانتساب المعلول إلى الجميع، يتساوى مع تعدّد وجوده بعدد واجبات الوجود، وهو محالٌ أيضًا؛ لأنّه وفقًا للفرض، الشيء الذي يمكن أنْ يُوجد، وتحققت شروط وجوده، ليس أكثر من واحد. بالإضافة إلى ذلك، إذا افترضنا أنّه توجد إمكانيّة لوجوداتٍ متعدّدة، فسيرى الإشكال بالنسبة لكلّ واحدٍ منها، أي: كلّ واحدٍ من تلك الوجودات المتعدّدة يجب أن يتعدّد، وكلّ واحدٍ من هذه المتعدّدات يجب أن يتعدّد أيضًا، وهذه السلسلة لا تنتهي أبدًا إلى واحدٍ غير متعدّدٍ، ونتيجة لذلك لا ينبغي أنْ يوجد أيّ شيءٍ، إذن مع افتراض تعدّد واجبي الوجود، يلزم من ذلك ألّا يُوجد أيّ شيءٍ؛ لأنّ وجود ذلك الموجود يصبح محالًا[33].

ج. الأدلّة المستمدّة من الأحاديث
1. ضرورة إرسال أنبيّاء من قبل آلهةٍ أخرى في حالة تعدّد الآلهة
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه الإمام الحسن (عليه السلام): «وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ،‏ وَلَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَلَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَصِفَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَه»[34].
وقد استخدم بعض المتكلّمين عنوان هذه الرواية كدليلٍ مستقلٍّ لإثبات التوحيد الواحديّ للّه (عزّ وجلّ)، وقرّروه بعدّة تقريرات.
بناءً للتقرير الأوّل، فكما أنّ وجود آثار الصانع (مثل: خلق المخلوقات، وإرسال الأنبياء) يُمثّل دليلًا على وجود الله، فإنّ عدم وجود آثارٍ لصانعٍ آخر هو دليلٌ على نفي وجود الشريك؛ لأنّ الفطرة السليمة والعلم العادي يحكمان أنّه لو كان هناك صانعٌ آخر مع الله، لكان ينبغي أنْ تصل أخباره وآثاره إلى الناس، وكذلك إذا قيل: إنّه من الممكن أنْ يكون هذان الإلهان قد اتّفقا على إدارة شؤون العالم، فيجب أنْ تصل أخبار هذا الاتفاق أو عدم الاتفاق إلى الناس من خلال ممثّلي هذين الإلهين[35].

ويُركّز التقرير الثاني على صدق الأنبياء، وذلك بالنحو الآتي: إذا كان هناك إلهٌ آخر، فيجب أنْ يكون هذا الإله (بسبب كونه إلهًا) حكيمًا وصادقًا أيضًا. ومن ناحيةٍ أخرى، نجد أنّ جميع الأنبياء قد دعوا الناس إلى التوحيد، ولكن على افتراض تعدّد الآلهة، فإنّ الدعوة إلى التوحيد هي نوعٌ من الضلال؛ وفي هذه الحالة، أوّلًا: يكون الإله الأوّل قد دعا إلى الضلال، وهو أمرٌ قبيحٌ. ثانيًا: يجب على الإله الثاني أيضًا أنْ يُرسل مبعوثًا لإنقاذ الناس من الضلال وإرشادهم إلى طريق الحق، وإلّا فإنّ الإله الثاني سيكون مسؤولًا عن ضلال الناس، وهذا الأمر يتعارض مع حكمته وصدقه. ولكن لم يتمّ إرسال أي رسولٍ ليمنع الناس من التوحيد، إذن القول بالتوحيد ليس ضلالًا، ولا يوجد إلّا إلهٌ واحدٌ[36].

ويصل التقرير الثالث إلى وجودٍ إلهٍ واحدٍ من خلال نفي مختلف الفروض المحتملة، وذلك بالنحو الآتي: إذا كان للّه شريكٌ، فيجب أنْ تكون هناك طريقةٌ لإثبات وجوده، ويُمكن افتراض أربع طرقٍ لذلك، وهي: أفعال شريك الله، وصفات أفعال شريك الله، وصفات نفس شريك الله، أو التوقيف الشرعي. ولكن لا يمكن إثبات وجود شريك للّه من خلال أيٍّ من هذه الطرق الأربع: أمّا من حيث الأفعال، فالفعل لا يدلّ إلّا على وجود فاعلٍ ما، ولا يدلّ على تعدّد الفاعلين. وأمّا مِن حيث صفات الأفعال، فإنّ الإتقان والمتانة التي نلاحظها في العالم دليلٌ على علم فاعله، ولا تدلّ على تعدّده. وأمّا مِن حيث صفات ذات الخالق، فإنّ العِلم بها فرعٌ عن العِلم بذات الله، وإثبات شريكٍ لذات الله بناءً على هذه الصفات هو دورٌ. وأخيرًا، من حيث التوقيف الشرعي، فلم يتمّ إرسال أيّ نبيٍّ حتّى الآن لدعوة الناس إلى شريك الله. وبناءً على ذلك، فإنّ القول بوجود شريكٍ للّه باطلٌ[37].
لقد أورد العديد من الإشكالات على هذا البرهان، وقُدّمت في المقابل العديد من الإجابات على هذه الإشكالات. فإذا قيل: إنّه من الممكن أنْ يكون الإله الآخر قد اختار عدم إرسال مبعوثٍ له إلى هذا العالم، أو عدم التأثير في هذا العلم أو القيام بتدبير شؤونه، وإنّما هو مشغولٌ بتدبير عالمٍ آخر، فإنّ هذا الافتراض الضعيف ما هو إلّا مجرّد توهّم؛ لأنّ وجوب وجود إلهٍ آخر يستلزم بالضرورة أنْ يكون لديه علمٌ وقدرةٌ وسائر صفات الكمال، ومع وجود صفات الكمال هذه، فمن المستحيل ألّا يُعلن عن وجوده وينشر آثاره ويرسل ممثّليه[38]. علاوة على ذلك، فإنّ الاحتمال المذكور يستلزم عدّ رسالة الأنبياء الذين يتحدّثون عن وجود إلهٍ واحدٍ كاذبةً. كما يستلزم هذا الاحتمال أنْ يكون الإله الأوّل راضيًا عن هذا الكذب، والرضا عن فعل قبيحٍ كالكذب يتعارض مع كمال الذات الإلهيّة، وهناك احتمالاتٌ أخرى أيضًا، وهي غير صحيحةٍ وضعيفة، فاحتمال أنْ يكون جميع الأنبياء كاذبين يتعارض مع حقيقة صدقهم التي تمّ إثباتها من خلال المعجزات. كما أنّ احتمال أن يقوم أحد الإلهين بمنع الآخر من إرسال ممثلين عنه أو إظهار آثار وجوده يستلزم أنْ يكون الإله الممنوع من ذلك لا يملك قدرةً غير محدودةٍ، وبالتالي لا يكون إلهًا.

وإذا قيل: إنّ إثبات رسالة الأنبياء يستلزم إثبات الألوهيّة، وإذا تمّ إثبات الألوهية أيضًا من خلال الأخبار، فسيحدث دورٌ، يُمكن الردّ على ذلك بالقول: إنّ إثبات رسالة الأنبياء % يتوقّف على وجود الله، ولكنّه لا يتوقّف على التوحيد؛ ولذلك، فإنّ إثبات التوحيد من خلال إخبار الأنبياء الصادقين الذين تمّ إثبات صدقهم بالمعجزات لا يستلزم الدور[39].

2. النظم والانسجام التامّ في عالم الوجود
لقد أشارت الروايات إلى أنّ الترابط بين التدبير وصنع المخلوقات دليلٌ على الوحدة الذاتيّة للّه (عزّ وجلّ)[40]. ‏
ويُمكن تقرير هذا الدليل على النحو الآتي: عندما ينظر أيّ شخصٍ إلى العالَم، يجد أنّ جميع أجزائه (سواء في العالم المادّي أم في العوالم الأخرى) سلسلةٌ متّصلةٌ ومنظّمةٌ، حيث يرتبط كلّ جزءٍ بالأجزاء الأخرى، وهذا الاتصال موجودٌ في كلّ العالم مع ما فيه من الفقر والغنى، والعلم والجهل، والكبير والصغير، والأرض والسماء، وجميع الكائنات فيه، إنّه يُشبه منزلًا واحدًا، وهذا الاتصال لا يُمكن أن يكون ناشئًا إلّا عن إلهٍ واحدٍ[41]؛ لأنّه كما أنّ وحدة أعضاء الشخص الواحد دليلٌ على وجودٍ مدبّرٍ واحدٍ، كذلك الارتباط المنتظم الموجود بين الموجودات المختلفة هو الآخر دليلٌ على وحدة مدبّر العالم [42].

وقد قبل البعض بنظريّة وحدة الكون العضويّة، وقرّروا هذا البرهان ضمن عدّة مقدّمات على النحو الآتي:
أ) لهذا العالم وحدةٌ حقيقيّةٌ وطبيعيّةٌ: إنّ اتصال أجزاء العالم يشبه اتصال أعضاء الجسم ببعضها بعضًا، وهذا يعني أنّه هناك حياةٌ واحدةٌ وشخصيّةٌ واحدةٌ تحكم العالم، ومجموع العالم يُمثّل وحدةً شخصيّةً، مثله مثل أيّ فردٍ من أفراد الإنسان يمتلك شخصيّةً واحدةً وروحًا واحدةً مع كلّ ما يتملكه من أعضاء وأجزاء عديدة تصل إلى مليارات الخلايا، وكلّ خلية تتكوّن من أجزاء، وكلّ جزءٍ يتكوّن من العديد من الذرّات.
ب) لا يوجد عالمٌ آخر غير هذا العالم: تستند هذه النظرية إلى هذا المبدأ، وهو استحالة وجود عالَمين ماديّين منفصلين عن بعضهما بعضًا.
ج) المعلول الواحد لا يصدر إلّا من علّةٍ واحدةٍ.
د) واجب الوجود بالذات واجبٌ من جميع الجهات والحيثيّات[43].

ومع فرض هذه المقدّمات، فإنّ وحدة العالَم والعلاقة التلازميّة الموجودة بين أجزائه تحتاج إلى علّةٍ واحدةٍ، إذن، إلهُ هذا العالم واحدٌ، ووجود كلّ جسم وجسمانيّ يعود إلى هذا المبدأ الواحد[44].
وكما هو واضح، فإنّ هذا الدليل يُثبت الوحدة الذاتيّة للّه (عزّ وجلّ)، ويعتمد بشكلٍ أساسيّ على نفي الشريك للّه (التوحيد الواحديّ).

3. برهان الفُرجة
إنّ هذا البرهان قد استُفيد من حديث الإمام الصادق(عليه السلام)[45]، وأوّل من استعمل هذا البرهان لإثبات التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ) هم الفلاسفة أمثال: الميرداماد[46]، والملا صدرا[47]، والفيض الكاشاني[48].

ومضمون برهان الفُرجة هو أنّه إذا كان هناك إلهان، فإمّا أن يكونا متطابقين تمامًا، وإمّا مختلفين تمامًا، وإمّا مختلفين في بعض النواحي ومتشابهين في نواحٍ أخرى، والفرض الأوّل يستلزم نفي اثنينيّة الإلهَيْن، وهو خلاف الفرض وغير صحيح. أمّا بطلان الفرض الثاني فواضحٌ أيضًا؛ لأنّه يفترض أنّ كلا الإلهين يتمتّعان بصفات الكمال، وإذا كان هذان الإلهان يتمتّعان بصفات الكمال، فلا بد أن يكون هناك اشتراكٌ بين هذه الصفات. كذلك الفرض الثالث غير صحيحٍ أيضًا؛ لأنّه إذا كان هناك إلهٌ قديمٌ غير الله، فسيظهر وجودان مختلفان، وكل اثنينيّةٍ تتطلّب وجهًا للتمايز والفرجة، وفي النتيجة سيُصبح عدد القدماء ثلاثة، وبما أنّ بينهم وجه تمايزٍ أيضًا، سيُصبح القدماء خمسةً، وتستمر هذه العملية إلى ما لا نهاية بشكلٍ متسلسلٍ، والتسلسل هو الآخر مستحيلٌ، ولمنع الوقوع بالتسلسل، يجب القبول بوحدة المبدأ [49].
لكن يختلف المُحقّقون حول عدد الفُرَج في كلّ مرتبةٍ، فقد رأى بعضهم أنّه توجد فرجةٌ واحدةٌ بين كلّ مرتبتين، وبهذه الطريقة، يجب منذ البداية أن تُلحظ فرجةٌ بين كلّ اثنين من الأمور الوجوديّة في المرحلة السابقة، ولمّا كان تحقيق الفرجة من جانبٍ واحدٍ كافيًا، لذا لم يعد من الضروريّ أنْ يكون لأوّل وآخر كلّ مرحلةٍ فرجةٌ مشتركة؛ بناءً على هذا، في كلّ مرحلةٍ، هناك حاجةٌ إلى عددٍ أقلّ بواحد من الفُرَج من عدد الأمور الوجوديّة للفُرجة، وفي النتيجة، مثلًا: هناك حاجةٌ إلى ستّ عشرة فُرجةً بين سبعة عشر أمرًا، وتستمر هذه العملية إلى ما لا نهاية[50]، ومع ذلك، يعتقد البعض الآخر أنّه ليس من الضروري لحاظ فُرجةٍ أخرى بين القدماء الذاتيّين الذين تمّ لحاظ فرجةٍ بينهم في المرحلة السابقة، لذلك، من وجهة نظرهم، في المرتبة الثالثة، لا ينبغي لحاظ فُرجةٍ أخرى بين 1 و 2 و 3 حيث تمّ لحاظ فُرجةٍ بينها، وما يمتاز به كلّ أمرٍ وجوديٍّ عن الآخر في المرحلة الثانية، بل ينبغي لحاظ الفُرجة بين 4 و 5، 3 و 5، 3 و 6 فقط[51].

د. الأدلّة العقليّة الصرفة
إنّ المجموعات الثلاثة السابقة لها جذورٌ في الآيات والروايات، بينما المجموعة الأخيرة من الأدلّة على التوحيد الذاتيّ للّه (عزّ وجلّ) هي أدلّةٌ عقليّةٌ محضةٌ.

1. إثبات التوحيد عن طريق بساطة الذات الإلهيّة
يعتمد هذا الدليل على بساطة الذات الإلهيّة لإثبات التوحيد الواحديّ، وقد قُرّر الاستدلال بطريقتين:
بناءً للتقرير الأوّل، إذا كان هناك واجبٌ وجودٍ آخر يُشارك الواجب الأوّل في مفهوم واجب الوجود، فإمّا أن يكون هذان الواجبان متمايزين عن بعضهما بعضًا أو غير متمايزين، وإذا لم يكن هناك تمايزٌ بينهما، ثبت المطلوب، أي: وحدة واجب الوجود. وإذا كانا متمايزين عن بعضهما بعضًا، لزم عن ذلك أنْ يكون الله موجودًا مركّبًا، ويتركّب من وجه اشتراكٍ ووجه افتراقٍ، وإذا كان هذان الإلهان مركّبين، فسيكون كلاهما ممكن الوجود، في حين أنّ الفرض هو أنّ كليهما واجب وجودٍ، وهذا خلاف الفرض.[52]

بناءً للتقرير الثاني، إذا كان هناك واجبُ وجودٍ آخر، فكلاهما يشتركان معًا في وجوب الوجود، وفي هذه الحالة، يكون هذا الأمر المشترك إمّا هو تمام الماهيّة لكليهما، وإمّا جزءٌ من الماهيّة، وإمّا خارج عن ماهيّة الاثنين. أمّا الصورة الأوّلى (الاشتراك في تمام الماهيّة) فهي باطلةٌ؛ لأنّه يجب فصل كلّ واحدٍ عن الآخر من خلال أمرٍ عرضيٍّ، وفي هذه الحالة، يكون هذا الأمر العرضيّ إمّا لازمًا للواجب نفسه، وإمّا لازمًا لأمرٍ آخر، لكنّ كلا الفرضين باطلٌ؛ لأنّه في الفرض الأوّل، يجب أنْ يكون الواجب مستلزمًا لأمرين مختلفين، وفي الفرض الثاني، يكون كلا الواجبين بحاجةٍ إلى أمرٍ خارجٍ عن ذاتهما، وهذا يستلزم أنّهما ممكنا الوجود. وأمّا الصورة الثانية (الاشتراك في جزء من الماهيّة) فباطلةٌ أيضًا؛ لأنّه في هذه الحالة، يجب تمييز كلّ واحدٍ عن الآخر من خلال فصلٍ ذاتيٍّ، وفي النتيجة سيُصبح التركيب في كليهما، والأمر المركّب هو ممكن الوجود، في حين أنّ الفرض هو وجوب وجود كلا الإلهين. وأمّا الصورة الثالثة (الاشتراك في أمرٍ خارجٍ عن الماهيّة) فهي باطلةٌ أيضًا؛ لأنّها تستلزم أنْ يكون الواجب الوجود معلولًا لهذين الأمرين أو لغيرهما، وهذا أيضًا لا يتوافق مع وجوب وجود الإلهين[53].

لقد أشكل شيخ الإشراق في كتابه (المطارحات) إشكالًا على هذا البرهان[54]، ثمّ في وقتٍ لاحقٍ أولاه ابن كمّونة اهتمامًا خاصًّا، ومن هنا اشتهر هذا الاعتراض باسم ابن كمّونة[55].
قبل توضيح الشبهة، تجدر الإشارة إلى أنّ امتياز أيّ شيئين عن بعضهما بعضًا يمكن أنْ يتمّ بأربع طرق: أوّلًا: ألّا يكون بين الشيئين، أيّ وجهٍ مشتركٍ ذاتيّ، وأنْ يكونا متباينين بتمام ذاتهما، مثلًا: أنْ يكون فردٌ منهما من (الكمّ)، والآخر من (الكيف)، بحيث يقع كلّ منهما في مقولةٍ منفصلةٍ عن الآخر، ولا يوجد أيّ وجهٍ مشتركٍ ذاتيّ بينهما. ثانيًا: أنْ يكون بين الشيئين جزءٌ ذاتيّ مشتركٌ وجزءٌ آخر متباينٌ، وفي هذه الحالة يكون الجزء المشترك أعمّ مطلقًا من كلا الشيئين، ويكون جزء التمايز في كلٍّ من الشيئين مساويًا لذلك الشيء. ثالثًا: أنْ يكون الشيئان مشتركين في تمام الذات والماهيّة، ولكنّهما يتمايزان بالعوارض والضمائم الخارجيّة، مثلًا: حسَن ورِضا، أو أمران أبيضان، أو حرارتان، بحيث يشتركان في تمام الماهيّة، أي: الإنسانيّة، أو اللون، أو الكيف المحسوس الملموس، لكنّهما يختلفان في العوارض والضمائم. رابعًا: أنْ يكون ما به الاشتراك عين ما به الامتياز، أي: أنْ يكون الاختلاف بين الشيئين في الشدّة والضعف والكمال والنقص، مثلًا: الفرق بين النور القويّ والنور الضعيف.

ومن خلال هذا التوضيح، يُمكن تقرير شبهة ابن كمّونة بالنحو التالي: على الرغم مِن أنّ تعدّد واجبي الوجود يستلزم تمايزهم عن بعضها بعضًا، فإنّ التمايز لا يستلزم التركيب دائمًا؛ لأنّ التعدّد والتمايز لا يستلزمان التركيب إلّا في القسم الثاني والثالث، بخلاف القسم الأوّل والرابع، ومن الواضح أنّ القسم الرابع لا يمكن تصوّره في حالة تعدّد الواجب؛ لأنّه لا معنى لوجود واجبين في مرتبتين من الوجود، بنحو يكون أحدهما في درجة الكمال والشدّة والآخر في درجة النقص والضعف، أمّا في القسم الأوّل، فهذه الشبهة مطروحة، وهي أنّه على الرغم من أنّ تعدّد واجبي الوجود يستلزم تمايزهم، فإنّ التمايز لا يستلزم التركيب دائمًا؛ لأنّه من الممكن وجود ذاتيّن بسيطتين تمامًا، وكلاهما واجب الوجود، وفي الوقت نفسه ليس لهما أيّ وجه اشتراكٍ مع بعضهما البعض، وفي هذه الحالة، بساطة الله لن تستلزم تركيب واجب الوجود[56]، وبعبارةٍ أخرى: من الناحية العقليّة يُمكن أنْ يكون هناك حقيقتان تختلفان في تمام ماهيّتهما، وأنْ يكون كلٌّ منهما بذاته مصدرًا لانتزاع الوجود، ويكون وجوب الوجود أيضًا مفهومًا لازمًا مشتركًا بينهما مثل الوجود العرضي، ويتمّ انتزاعه من ذات كلٍّ منهما، وفي هذه الحالة، لا يوجد أيّ وجه اشتراكٍ ذاتيّ بين واجبي الوجود حتّى يستلزم التركيب من جنسٍ وفصلٍ، أو الاحتياج في التشخّص إلى أمرٍ خارج عن الذات[57].
وأمّا ما قالوا في نقد شبهة ابن كمّونة، فهو ما يأتي: إنّ انتزاع طبيعةٍ ومعنىً واحدٍ من أمورٍ متخالفة (من حيث كونها متخالفة) من دون وجود أيّ وجه اشتراكٍ هو أمرٌ محالٌ، وبناءً على ذلك، في هذه الحالة أيضًا، حيث يتمّ انتزاع مفهوم (واجب الوجود) العامّ من كلا الوجودين، يجب أن يشتركا في وجوب الوجود، ووجود ما به الاشتراك يستلزم وجود ما به الامتياز، وهذا هو التركيب بعينه[58]، أضف إلى ذلك أنّه وفقًا لنظرية أصالة الوجود، الوجود ليس اعتباريًا، بل له تحقّقٌ عينيٌّ، وفي هذه الحالة، الوجود ووجوب الوجود اللذان يتحقّقان بين الواجبين يحتاجان إلى وجهٍ مشتركٍ ذاتيٍّ، ولا يمكن أن ينشأ من أمرٍ عرضيٍّ وخارجٍ عن الذات[59].

2. إثبات التوحيد عن طريق التعيّن الذاتيّ لواجب الوجود
هذا البرهان يُثبت توحيد الله ووحدانيّة بناءً على تعيُّنه الذاتيّ.
وقد طرح الفلاسفة هذا الاستدلال أوّلًا[60]، ثمّ استُخدم تدريجيًّا في علم الكلام أيضًا، وبناءً على هذا الاستدلال، فكلّ موجودٍ له تعيُّنٌ وتشخّصٌ، ويتمّ إعطاء التعيّن والتشخّص في الممكنات من قبل واجب الوجود، الذي هو مانح الوجود، ولكن في حالة الله، إذا كان سبب هذا التعيّن هو وجوب وجود الله، فإنّ هذا التعيّن ملازمٌ لوجوب الوجود، ومن ثَمّ تثبت وحدانيّة الله. ولكن إذا كان تعيّن الله ناتجًا عن أمرٍ آخر، فإنّه يستلزم إمكان الله ومعلوليّته، في حين أنّ الله واجب الوجود بناءً على الفرض[61]. ‏

3. إثبات التوحيد عن طريق صرافة ذات واجب الوجود
هذا الاستدلال هو الآخر من ابتكار الفلاسفة أوّلًا[62]، ثمّ دخل إلى علم الكلام، وهو يُثبت وحدانيّة الواجب بناءً على صرافة ذاته.
والمراد من كون الله صرف الوجود هو أنّه ليس لديه ماهيّة، بل هو وجودٌ خالصٌ لا يوجد فيه أيّ نقصٍ أو فقدان، والوجود الذي يكون صرفًا من جميع الجهات، ولا يتركّب مع أيّ شيءٍ آخر، يكون واحدًا في ذاته ولا يقبل التعدّد. أمّا الشيء الذي لديه ماهيّة وتعرُض عليه الأعراض فيكون قابلًا للتعدّد، بينما صرف الوجود لا يمكن أنْ يتكثّر ويكون واحدًا[63].

النتائج
لقد قسّم المتكلّمون المسلمون التوحيد الذاتيّ إلى قسمين هما: توحيدٌ واحديٌّ، وتوحيدٌ أحديٌّ، والمراد من التوحيد الواحديّ عند المتكلّمين هو نفي الشريك والكثرة الخارجيّة عن الله، والمراد من التوحيد الأحديّ هو نفي الجزء والكثرة الداخلية.
هذا، ولكن المتكلّمين ركّزوا بشكلٍ أكبر على نفي الشريك، وقدّموا أدلّةً متعدّدةً لإثبات التوحيد الواحديّ، ويعتقد المتكلّمون أنّ مسألة التوحيد يُمكن إثباتها بالاستناد إلى الآيات والأحاديث أيضًا، أي: بالدليل النقلي. لكن بعض أدلّتهم العقليّة، مثل: برهان التمانع، مستمدّةٌ من الآيات، وبعضها الآخر مستمدٌّ من الروايات، مثل: برهان الفُرجة، وضرورة إرسال الأنبياء، ونَظْم عالم الخلق وانسجامه.
وهناك بعض البراهين الأخرى على التوحيد الذاتيّ هي نتيجة للجهود العقليّة للمتكلّمين أنفسهم أيضًا[64]، وفي هذه المجموعة من البراهين، يثبتون التوحيد بالاستناد إلى أمور مثل: بساطة ذات الله، وتعيّنه الذاتيّ، وكونه صرف الوجود.

مصادر البحث

القرآن الکریم.
نهج البلاغه، قم، انتشارات هجرت، 1414ق.
ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغه، قم، مكتبة آية الله المرعشی، 1404ق.
ابن سينا، التعليقات، قم، مكتبة الإعلام الإسلامي، 1404ق.
ابن سينا و نصير الدين الطوسى، شرح الإشارات و التنبيهات، قم، نشر البلاغة، 1375ش.
ابن مخدوم، أبو الفتح، شرح باب حادی عشر، تهران، مؤسسه مطالعات اسلامی، 1365ش.
البحراني، كمال الدين ابن ميثم، شرح نهج البلاغه، ترجمه: صادق عارف و دیگران مشهد بنیاد پژوهشهای اسلامی، 1375ش.
ــــــــــــــ، قواعد المرام في علم الكلام، قم، مكتبة آية الله المرعشى، دوم، 1406ق.
التفتازاتي، سعد الدين، شرح العقائد النسفية، القاهرة مكتبة الكليّات الأزهرية، 1407ق.
ــــــــــــــ، شرح المقاصد، مقدمه تحقیق و تعلیق: عبد الرحمن عميرة، قم، الشريف الرضی، اول، 1409ق.
الجاحظ، رسائل الجاحظ، تقديم وشرح: علي بو ملحم، بیروت، دار ومكتبة الهلال، 2002م.
جبرئیلی، محمد صفر، برهان فرجه، قبسات ش 55، بهار، 1389ش.
جوادی آملی، عبد الله توحید در قرآن، قم، انتشارات اسراء، اول، 1383ش.
الحسيني الطهراني، السيِّد هاشم، توضیح المراد، تهران، انتشارات مفید، سوم، 1365ش.
الحلبي، أبو الصلاح، تقريب المعارف، قم، الهادي، 1404ق.
الحلي، حسن بن يوسف، كشف المراد، قم، شکوری، سوم، 1372ش.
ــــــــــــــ، مناهج اليقين، تهران، دار الأسوة، 1415ق.
الحمصي الرازي، سديد الدين، المنقذ من التقليد، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1412ق.
زنوزی، ملا عبد الله، لمعات الهیه، تهران مؤسسه مطالعات و تحقیقات فرهنگی، 1361ش.
السبحانی، جعفر، الإلهيات على هدى الكتاب و السنة و العقل، قم، مؤسسه امام صادق(عليه السلام)، هفتم، 1388ش.
سبزواری، هادی شرح المنظومة، قم، انتشارات بیدار، 1428ق.
شبّر، سيد عبد الله، حق اليقين في معرفة أصول الدين، قم، أنوار الهدى، 1424ق.
الشیرازی، صدر الدين محمد، أسرار الآيات، به انضمام تعلیقات حکیم مولی علی نوری، تحقیق: سید محمد موسوی، تهران، مؤسسه انتشارات حکمت ایران، 1385ش.
ــــــــــــــ، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي الرابعة، 1410ق.
ــــــــــــــ، شرح أصول الكافي، تصحيح محمد خواجوی تهران پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی، دوم، 1383ش.
ــــــــــــــ، مجموعه رسائل فلسفى صدر المتألهين، تهران، انتشارات حكمت، 1375ش.
سهروردی، شهاب الدين يحيى، كتاب التلويحات اللوحية و العرشية (در مجموعه مصنفات شیخ اشراق)، تصحیح و مقدمه: هنری کربن، تهران، پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی، سوم، 1380ش.
ــــــــــــــ، كتاب المشارع و المطارحات (در مجموعه مصنفات شیخ اشراق)، تصحیح و مقدمه: هنری کربن، تهران، پژوهشگاه علوم انسانی و مطالعات فرهنگی، سوم، 1380ش.
شیخ صدوق، التوحيد، قم، انتشارات جامعه مدرسین، 1398ق.
ـــــــــــــــ، معاني الأخبار، قم، انتشارات جامعه مدرسین، 1403ق.
الشيخ المفيد، أوائل المقالات، قم، المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، 1413ق.
صلاح شرفي، أحمد بن محمد، شرح الأساس الكبير، الصنعاء، دار الحكمة اليمانية، 1411ق.
طباطبایی، سید محمد حسين نهاية الحكمة، قم، انتشارات مؤسسه آموزشی و پژوهشی امام خمینی(قده)، 1386ش.
الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان، تهران، انتشارات ناصر خسرو، 1372ش.
الطوسي، نصیر الدین، قواعد العقائد، لبنان، دار الغربة، 1413ق.
ــــــــــــــ، تلخيص المحصل (المعروف بنقد المحصل)، بيروت، دار الأضواء الثانية، 1405ق.
الطوسي، محمد بن حسن، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد، بيروت، دار الأضواء، 1406ق.
الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، تحقيق: شهید قاضی طباطبایی، قم دفتر تبلیغات اسلامی، دوم 1422ق.
ــــــــــــــ، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدین، تحقیق: سید مهدی رجایی، قم، کتاب خانه آية الله مرعشی، 1405ق.
فیاض لاهیجی، ملا عبد الرزاق، سرمایه ایمان در اصول اعتقادات، تهران، انتشارات الزهراء، سوم، 1372ش.
فیض کاشانی، ملا محسن، علم اليقين في أصول الدين تحقيق و تعلیق: محسن بیدار فر، قم، انتشارات بيدار، الأولى، 1418ق.
ــــــــــــــ، الشافي، [بى جا]، دار اللوح المحفوظ، 1425ق.
الکلینی، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علی اکبر غفاری، تهران، دار الكتب الإسلامية چهارم، 1407ق.
مازندرانی، ملا صالح، شرح أصول الكافي، تهران، دار الكتب اسلامية، 1388ش.
المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق: يحيى العبادي، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1404ق.
ــــــــــــــ، مرآة العقول، تهران، دار الكتب الاسلامية، 1404ق.
مطهری، مرتضی، مجموعه آثار، (اصول فلسفه و روش رئالیسم)، قم، انتشارات صدرا، ششم، 1368ش.
المعتزلي، قاضي عبد الجبار، المختصر في أصول الدين، بیروت، دار الهلال، 1971م.
میرداماد، التعليقة على أصول الكافي، تحقيق: السيد مهدى الرجائي، قم، مطبعة الخيام، 1403ق.
نراقی، ملا محمد مهدى، جامع الأفكار و ناقد الأنظار، صححه و قدم له: مجید هادی زاده، تهران، مؤسسه انتشارات حکمت، اول، 1381ش.
ــــــــــــــ، اللمعات العرشية، تحقيق: على أوجبى، كرج: انتشارات عهد، اول، 1381ش.

-------------------------------------
[1] أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص 88.
[2] الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص 51
[3] الآملي، عبد الله جوادي، التوحيد في القرآن، ص 201 – 202.
[4] سديد الدين الحمصي الرازي، المنقذ من التقليد، ج 1، ص 131.
[5] الجاحظ، رسائل الجاحظ، ص 229.
[6] الآملي، التوحيد في القرآن، ص 201 – 202.
[7] ابن مخدوم، أبو الفتح، شرح الباب الحادي عشر، ص 143.
[8] السبحاني، جعفر، الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل، ج 2، ص 11 -12.
[9] الشيخ المفيد، أوائل المقالات، ص 50.
[10] القاضي عبد الجبّار المعتزلي، المختصر في أصول الدين، ص 169.
[11] الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 83 – 84 ؛ ومعاني الأخبار، ص 6.
[12] الآملي، توحيد در قرآن = [ التوحيد في القرآن]، ص 203.
[13] الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 194.
[14] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي، ج 1، ص 108.
[15] المازندراني، الملّا صالح، شرح أصول الكافي، ج 3، ص 359.
[16] أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص 92.
[17] الفاضل المقداد، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، ص 251.
[18] أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص 92.
[19] الخواجة الطوسي، تلخيص المحصّل، ص 324.
[20] سديد الدين الحمصي الرازي، المنقذ من التقليد، ج 1، ص 135.
[21] ابن ميثم البحراني، قواعد المرام في علم الكلام، ص 101.
[22] التوحيد: 1 و 7.
[23] يوسف: 39.
[24] ص: 65.
[25] الكليني، الكافي، ج 1، ص 116. [المترجم: هذه الرواية في المصدر المذكور مرويةٌ عن أبي جعفر الثاني أي: عن الإمام الجواد (عليه السلام)، والظاهر أنّه من سهو قلم الكاتب]
[26] الخواجة الطوسي، قواعد العقائد، ص 46.
[27] الشيخ الطوسي، محمّد بن الحسين ، الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد، ص 78 – 79؛ سعد الدين التفتازاني، شرح المقاصد، ج 4، ص 34.
[28] ابن سينا، التعليقات، ص 37.
[29] الفاضل المقداد، إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، ص 251؛ نفسه، اللوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة، ص 205.
[30] الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، ج 4، ص 44.
[31] التفتازاني، سعد الدين، شرح العقائد النسفيّة، ص 29.
[32] العلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف مناهج اليقين، ص 345؛ الخواجة الطوسي، تلخيص المحصّل، ص 323.
[33] صدر المتألّهين، صدر الدين محمّد الشيرازي، مجموعة الرسائل الفلسفيّة لصدر المتألّهين، ص 429؛ نفسه، أسرار الآيات، ص 34؛ المطهّري، مرتضى، مجموعه آثار =[ مجموعة آثار الشهيد مطهري]، ج 6، ص 1021 – 1022.
[34] نهج البلاغة، الرسالة 31؛ المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج 3، ص 243.
[35] السيّد عبد الله شبّر، حقّ اليقين في معرفة أصول الدين، ص 34.
[36] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 77 – 78.
[37] المصدر السابق، ص 78 – 79؛ ابن ميثم البحراني، شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 31.
[38] المجلسي، محمّد باقر، مرآة العقول، ج 1، ص 263.
[39] الطهراني، السيّد هاشم الحسيني، توضيح المراد، ص 463؛ الشرفي، أحمد بن محمّد صلاح، شرح الأساس الكبير، ج 1، ص 466.
[40] الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 250.
[41] السيّد عبد الله شبّر، حقّ اليقين في معرفة أصول الدين، ص 19.
[42] الفيض الكاشاني، الملّا محسن، علم اليقين في أصول الدين، ج 1، ص 61.
[43] المطهّري، مجموعه آثار= [مجموعة آثار الشهيد مطهري]، ج 6، ص 1014 – 1016.
[44] صدر المتألهين، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، ج 6، ص 99.
[45] الكليني، الكافي، ج 1، ص 81.
[46] الميرداماد، التعليقة على أصول الكافي، ص 186.
[47] صدر المتألّهين، شرح أصول الكافي، ج 3، ص 34 – 35.
[48] الفيض الكاشاني، الشافي، ص 145.
[49] السيّد عبد الله شبّر، حقّ اليقين في معرفة أصول الدين، ص 36؛ النراقي، الملّا محمّد مهدي، اللمعات العرشيّة، ص 258.
[50] الملّا عبد الله الزنوزي، لمعات إلهيّة، ص 190.
[51] مطهّري، مجموعه آثار =[ مجموعة آثار الشهيد مطهري]، ج 6، ص 1022؛ راجع: محمّد صفر جبرئيلي، برهان الفرجة، ص 41 – 48.
[52] العلاّمة الحِلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، ص 291.
[53] ابن ميثم البحراني، قواعد المرام في علم الكلام، ص 100.
[54] السهروردي، شهاب الدين، كتاب المشارع والمطارحات، ص 393.
[55] صدر المتألّهين، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، ج 6، ص 63.
[56] الملّا هادي السبزواري، شرح المنظومة، ج 1، ص 446؛ مطهّري، مجموعه آثار =[مجموعة آثار الشهيد مطهري]، ج 5 شرح المنظومة، ص 523.
[57] النراقي، الملّا محمّد مهدي، جامع الأفكار وناقد الأنظار، ج 3، ص 558؛ اللاهيجي، الملّا عبد الرزاق الفياض، سرمايه ايمان =[ رأس مال الإيمان]، ص 46.
[58] الملّا هادي السبزواري، شرح المنظومة، ج 1، ص 446.
[59] الطباطبائي، السيد محمّد حسين، نهاية الحكمة، ص 297.
[60] ابن سينا ونصير الدين الطوسي، شرح الإشارات والتنبيهات، ج 3، ص 40.
[61] ابن ميثم البحراني، قواعد المرام في علم الكلام، ص 100.
[62] السهروردي، شهاب الدين، كتاب التلويحات اللوحيّة، والعرشيّة، ص 36.
[63] النراقي، الملّا محمّد مهدي، اللمعات العرشيّة، ص 258.
[64] تجدر الإشارة إلى أنّ الكاتب كان قد صرّح بأنّ بُرهاني بساطة ذات الله وتعيّنه الذاتي كانا في الأساس براهين الفلاسفة، ثمّ دخلت بالتدريج إلى علم الكلام، كذلك تجدر الإشارة إلى أنّ الذي أجاب على شبهة ابن كمّونة هم الفلاسفة أيضًا، وخصوصًا الملّا صدرا، بعد أن كانت معضلةً كان يرى البعض أنّ حلّها لا يتمّ إلّا على يد الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وتكون دليلًا على إعجازه. (المترجم)