البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

اصول الدين في خطبتي الزهراء (ع) - الإمامة أنموذجاً -

الباحث :  أ.م.د. محمد كاظم الفتلاوي
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  14
السنة :  السنة الرابعة - شهر ربيع الأول 1439هـ / 2017م
تاريخ إضافة البحث :  January / 11 / 2018
عدد زيارات البحث :  3509
تحميل  ( 402.497 KB )
مقدمة

(بسم الله الرحمن الرحيم )

بعد الحمد والثناء لخالق الأرض والسماء, الذي من علينا بصدق الولاء لمحمد وآل بيته الأمناء ثم الصلاة والسلام على العبد المؤيد والرسول المسدد المصطفى الأمجد أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الهداة الميامين.

وبعد: لا يخفى ما للإمامة من دور عظيم في حفظ الدين وسلامته من الانحراف , كما لها الدور الفاعل في نظم أمر الناس وضمان سعادتهم في الدنيا والآخرة, فهي الامتداد الطبيعي للنبوة ودورها في عالم الإمكان, من هنا جاء تعين الإمام من الله تبارك وتعالى ليؤدي مهامه التي أناطها الله تبارك وتعالى به.

وفي حدود مطالعة الباحث للمؤلفات العقائدية لم يجد بحثاً تناول الإمامة في خطبتي الزهراء (ع) من هنا تولدت لدي الرغبة أن اكتب بحثاً يتناول الإمامة وما يتعلق بها في خطبتي الزهراء (ع).

فكان هذا البحث المتواضع على مقدمة ومطلبين وخاتمة, تناول في المطلب الأول خطبة الزهراء خصائصها ورواتها في الخطبتين, وتناول فيه رواة الخطبتين الفدكية وخطبة النساء, فيما كان مضمون المطلب الثاني هو الإمامة ودفاع الزهراء (ع) عنها, وكان فيه تعريف الإمامة لغة واصطلاحاً وموقعية الزهراء (ع) من أصول الدين, وقد توصلنا إلى نتائج عدّة ذكرناها تحت عنوان الخاتمة .

وما التوفيق إلّا بالله عليه توكلنا وإليه نُنيب.

المطلب الأول

خطبة الزهراء (ع) خصائصها ورواتها

أولاً: الخطابة لغة واصطلاحاً:

بداية إننا نسمع كثيراً أو ربما نقرأ أو نقول (فألقى خطاباً) أو فخطب خطبة أو قام بهم خطيباً, وهي عبارات تدل على أن شخص ما ألقى كلاماً في محفل من الناس واقفاً على منبر أو مرتفع في مسجد  أو حسينية أو غير ذلك([1]). وهذا ما يسمى بالخطابة التي تعد من أحدى الصناعات التي يبحثها تحت عنوان الصناعات الخمسة التي تعد من موضوعات علم المنطق ([2]).

1: الخطابة لغة :

من خطب يخطب خطاباً فهي خطابة والخطب: الشأن أو الأمر , صغر أو عظم؛ وقيل: هو سبب الأمر. يقال: ما خطبك ؟ أي ما أمرك؟ وتقول: هذا خطب جليل, وخطب يسير. والخطب الأمر الذي تقع فيه المخاطبة, والشأن والحال؛ ومنه قولهم: جل الخطب أي: عظم الأمر والشأن([3]). والخطب سبب الأمر تقول ما خطبك. قلت: قال الأزهري: أي: ما أمرك وتقول هذا خطب جليل وخطب يسير وجمعه خطوب انتهى كلام الأزهري. وخاطبه بالكلام مخاطبة وخطاباً. وخطب على المنبر خطبة بضم الخاء وخطابة ([4]).

والخطبة عند العرب الكلام المنثور المسجع, مثل الرسالة التي لها أول ولها آخر ومدة وغاية أما الخطابة: هي علم البلاغة. وليس الغرض منها تعليم الكلام البليغ فحسب ولكن الغرض منها عرض الأفكار بأسلوب مقنع ولها عند الأدباء ثلاثة أقسام:

أولاً: الاختراع, وهو: الكشف عن الأدلة والبراهين.

الثاني: الترتيب, وهو معرفة النظام الذي يجب أن تتسلسل فيه الأدلة.

الثالث: البيان, وهو صياغة كل دليل من تلك الأدلة بكلام واضح بين([5]).

2: الخطابة اصطلاحاً :

تحقق دلالات اللغة في مواقف محددة([6]). وتعرف بأنها ملكة أو قوة نستطيع إن نكشف بها على وجهه نظري أو تأملي ما يمكن أن يكون شأنه الإقناع في كل حالة على حدة. ومن الجائز أن نقول: إن الخطابة يبدو من أمرها أنها قوة بها نكتشف نظرياً في كل أمر معطى([7]). والخطابة صناعة علمية بسببها يمكن إقناع الجمهور في الأمر الذب يتوقع حصول التصديق به بقدر الأماكن وغايتها حصول ملكة الخطابة التي يتمكن بها الشخص الخطيب من إقناع الجمهور والمراد من القناعة هو التصديق بالشيء مع الاعتقاد بعدم إمكان إن يكون له ما ينقض ذلك التصديق أو مع الاعتقاد بإمكان ما ينقضه إلا أنّ النفس تصير بسبب الطرق المقنعة أميل للتصديق من خلافه([8]). وتعرف عند المنطقيين قياس مركب من مقدمات مقبولة أو مظنونة من شخص معتقد فيه, ويسمى هذا القياس خطابياً. وصاحبه يسمى خطيباً. والغرض منه ترغيب الناس فيما ينفعهم من أمور معاشهم ومعادهم كما يفعله الوعاظ  والخطباء. وقد سموا الخطابة قياساً لأنهم لايبحثون إلا عنه, وإلا فالخطابة قد تكون استقراءً وتمثيلاً. والقياس الخطابي قياس إقناعي. وهو الدليل المركب من المشهورات والمظنونات يقال هذا مقام خطابي أي مقام يكتفي فيه بمجرد الظن([9]).

أجزاء الخطابة :

الخطابة تشتمل على جزأين:

أولا: العمود.

ثانيا: الأعوان .

العمود: ويقصد بالعمود هنا مادة قضايا الخطابة التي تتألف منها الحجة الاقناعية. وتسمى الحجة الاقناعية باصطلاح هذه الصناعة (التثبيت) على ما سيأتي. وبعبارة أخرى: العمود هو كل قول منتج لذاته للمطلوب إنتاجه بحسب الإقناع. وإنما سمي عموداً فباعتبار انه قوام الخطابة وعليه الاعتماد في الإقناع.

الأعوان: ويقصدون بها الأقوال والأفعال والهيئات الخارجية عن العمود المعينة له على الإقناع المساعدة له على التأثير المهيأة للمستمعين على قبوله. كل من العمود والأعوان يعد في الحقيقة جزءاً مقوماً للخطابة, لأنّ العمود وحده لا يؤثر وقد لا يؤدي تمام الغرض من الإقناع  والمقصد الأصلي من الخطابة كما تقدم فكل ما هو مقتض له دخيل في تحققه لابد من أن يكون في الخطابة دخيلاً([10]) .

أركان الخطابة:

أركان الخطابة المقومة لها ثلاث :

1-القائل ( وهو الخطيب ).

2- القول ( وهو الخطاب ).

3- المستمع.

ثم أن المستمع ثلاثة أشخاص على الأكثر: مخاطب, وحاكم, ونظارة, وقد يكون فقط مخاطباً:

المخاطب: وهو الموجه إليه الخطاب, وهو الجمهور أو من هو الخصم في المفاوضة والمحاورة.

الحاكم: وهو الذي يحكم للخطيب أو عليه, إما لسلطة عامة له في الحكم شرعية أو مدنية, أو لسلطة خاصة برضا الطرفين إذ يحكمانه ويضعان ثقتهما به, وان لم تكن له سلطة عامة.

ت- النظارة: وهم المستمعون المتفرجون الذين ليس لهم شأن إلا تقوية الخطيب أو توهينه, مثل أن يهتفوا له أو يصفقوا باستحسان ونحوه, والنظارة عادة مألوفة عند الأمم الغربية في المحاكمات ولهم تأثير في سير المحاكمة وربما يسمونهم (العدول) أو(المعدلين)([11]).



ثانياً: رواة خطبتي الزهراء (ع):

أولاً: رواة خطبة المسجد :

أعلم أنّ هذه الخطبة البليغة الشريفة من الخطب المشهورة, والاحتجاجات المأثورة, التي روتها الخاصة والعامة, بأسانيد متضافرة, وطرق متكاثرة, ونحن نبتدئ بذكر بعض الأسانيد الخاصة بخطبة المسجد([12]).

1- أسانيد أبن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) نقلاً عن كتاب (السقيفة وفدك) لأبي بكر الجواهري: قال أبو بكر: حدثني محمد بن زكريا, قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي, قال: حدثني أبي, عن الحسن بن صالح بن حي, قال: حدثني رجلان من بني هاشم, عن زينب بنت علي بن أبي طالب (ع).

وقال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة, قال: حدثني أبي, عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين, عن أبيه (ع). قال أبو بكر: وحدثني عثمان بن عمران الحنفي, عن نائل بن نجيح عن عمرو بن شمر, عن جابر الجعفي, عن أبي جعفر محمد بن علي (ع).

قال أبو بكر: وحدثني احمد بن محمد بن يزيد, عن عبد الله بن محمد بن سليمان, عن أبيه, عن عبد الله بن الحسن بن الحسن قالوا جميعا: ....  ([13])

2-  أسانيد محمد باقر الحسيني الجلالي في كتاب (فدك والعوالي) نقلاً عن كتاب  الشافي  للسيد المرتضى قال: اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني, عن محمد بن احمد الكاتب, عن احمد بن عبد الله النحوي, عن الزيادي, عن شرقي بن قطامي, عن محمد بن إسحاق, عن صالح بن كيسان, عن عروة, عن عائشة:....

قال المرزباني: وحدثني أحمد بن محمد المكي, قال: حدثنا أبو العيناء محمد بن أبي القاسم اليماني, قال: حدثنا ابن عائشة, قالوا: لما قبض رسول الله 9 أقبلت فاطمة (ع) في لمة من حفدتها إلى أبي بكر....

واخبرنا أبو عبد الله المرزباني, قال: حدثني علي بن هارون, قال: اخبرني عبيد الله بن احمد بن أبي طاهر, عن أبيه, قال: ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) كلام فاطمة (ع) عند منع أبي بكر إياها فدك, وقلت له: إن هؤلاء يزعمون أنّه مصنوع, وأنّه من كلام أبي العيناء, لان الكلام منسوق البلاغة. فقال لي: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم, ويعلمونه أولادهم, وقد حدثني أبي, عن جدي, يبلغ به فاطمة (ع) على هذه الحكاية, وقد رواه مشايخ الشيعة, وتدارسوه قبل أن يوجد جدي أبي العيناء, وقد حدثت الحسين بن علوان, عن عطية العوفي: انه سمع عبد الله بن الحسن بن الحسن يذكر عن أبيه هذا الكلام([14]).

3- أسانيد علل الشرائع:

قال الطوسي: حدثنا محمد بن موسى ابن المتوكل, قال: حدثنا علي بن الحسين السعد أبادي, عن احمد بن أبي عبد الله البرقي, عن إسماعيل بن مهران, عن احمد بن محمد بن جابر, عن زينب بنت علي (ع) قالت: قالت فاطمة (ع) في خطبتها..... .

أخبرني علي بن حاتم, قال: حدثنا محمد بن اسلم, قال: حدثني عبد الجليل الباقلاني, قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب, قال: حدثني عبد الله بن محمد العلوي, عن رجاله من أهل بيته, عن زينب بنت علي (ع) عن فاطمة (ع)... .

واخبرني علي بن حاتم أيضا, قال: حدثني محمد بن عمارة, قال: حدثني محمد بن إبراهيم المصري, قال: حدثني هارون بن يحيى الناشب, قال: حدثني عبيد الله بن موسى, عن حفص الأحمر, عن زيد بن علي, عن عمته زينب بنت علي (ع) عن فاطمة (ع)...([15]).

4- دلائل الإمامة:

قال الشيخ محمد بن جرير الطبري:

ا- حدثني أبو المفضل محمد بن عبيد الله, قال: حدثنا أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد الهمداني, قال: حدثنا احمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات, قال: حدثنا محمد بن الحسين القصباني, قال: حدثنا احمد بن محمد بن أبي نصر البيزنطي السكوني, عن ابان بن عثمان الأحمر, عن ابان بن تغلب الربعي, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: لما بلغ فاطمة (ع) إجماع أبي بكر على منع فدك...

ب-واخبرني أبو الحسين, قال: حدثني أبي, قال: حدثنا أبو العباس احمد بن محمد, قال: حدثني محمد بن المفضل, قال: حدثنا علي بن حسان, عن عمه عبد الرحمن, عن أبي عبد الله جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده علي بن الحسين (ع), عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين (ع) .

ت- وقال أبو العباس: وحدثنا محمد بن المفضل, قال: حدثني أبي, قال: حدثنا احمد بن محمد الجعفي, قال: حدثني أبي, عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده علي بن الحسين (ع), عن عمته زينب بنت أمير المؤمنين (ع), وغير واحد من إن فاطمة (ع) لما اجمع أبو بكر على منعها فدكاً... .

ث- وحدثنا العباس بن البكار, قال: حدثنا حرب بن ميمون, عن زيد بن علي, عن آبائه :, قالوا: لما بلغ فاطمة (ع) إجماع أبي بكر على منعها فدك...([16]).

ثانياً: رواة خطبة النساء:

مصادر الخطبة:

1- السقيفة وفدك:

قال الجواهري: حدثنا محمد بن زكريا, قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي, عن عبد الله بن حماد بن سليمان, عن أبيه, عن عبد الله ابن الحسن بن الحسن, عن أمه فاطمة بنت الحسين (ع): قالت:.....([17]) .

2- شرح نهج البلاغة : ونقل ما ذكره الجواهري([18]).

3- بلاغات النساء: قال ابن طيفور: وحدثني هارون بن مسلم بن سعدان, عن الحسن بن علون , عن عطية العوفي .....([19]).

4- جواهر المطالب في مناقب الإمام الجليل علي بن أبي طالب (ع) : لمحمد بن احمد الدمشقي الباعوني الشافعي, وقال عقيبها: نقلت ذلك من كتاب (نثر الدر)([20]).

5- أمالي الشيخ الطوسي: بسنده عن ابن عباس([21]).

6- دلائل الإمامة: بسنده عن علي بن الحسين (ع) ([22]).

7- الاحتجاج: مرسلاً عن سويد بن غفلة([23]).

8- معاني الأخبار: رواه الشيخ الصدوق بسنده عن فاطمة بنت الحسين (ع) ([24]).

أمّا الرواة في كتاب محمد جواد المحمودي (خطبة النساء) فمرتبة حسب حروف المعاجم:

1- سويد بن غفلة: أبو منصور احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي قال: سويد بن غفلة: لما مرضت فاطمة (ع) المرضة التي توفيت فيها اجتمعت إليها نساء المهاجرين والأنصار ليعدنها, فقلن لها: كيف أصبحت من علتك يابنت رسول الله ؟ فحمدت الله وصلت على أبيها ثم قالت: ...

قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها (ع) على رجالهن, فجاء إليها القوم معتذرين. وقالوا: ياسيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد لما عدلنا إلى غيره, فقالت: (ع): إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم ولا أمر بعد تقصيركم([25]).

2- عبد الله بن عباس: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: اخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار, قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعيلي الخزاعي, قال: حدثنا احمد بن علي الخزار -  بغداد الكرخ بدار كعب -, قال: حدثنا أبو سهل الرفاء, قال: حدثنا عبد الرزاق .قال الدعبلي: وحدثنا أبو يعقوب إسحاق ابن إبراهيم الدبري – بصنعاء اليمن بسنة ثلاث وثلاثين ومئتين -, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال: اخبرنا معمر, عن الزهري, عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود, عن ابن عباس, قال: دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة (ع) يعدنها في علتها, فقلن لها: السلام عليكِ يا بنت رسول الله, كيف أصبحت؟ فقالت.... ([26]) .

3- عطية العوفي: احمد بن طاهر بن طيفور: حدثني هارون بن مسلم بن سعدان, عن الحسن بن علوان, عن عطية العوفي, قال: لما مرضت فاطمة (ع) دخلت النساء عليها فقلن: كيف أصبحت من علتك يابنت رسول الله ( ص)؟ قالت.....([27]) .

4- علي بن الحسين زين العابدين (ع) : محمد بن جرير بن رستم الطبري: حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله, قال: حدثنا أبو العباس احمد بن محمد بن سعيد الهمداني, قال: حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الأشعري, قال: حدثنا علي بن حسان, عن عمه عبد الرحمن بن كثير, عن أي عبد الله جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده علي بن الحسين (ع), قال: لما رجعت فاطمة إلى منزلها فتشكت وكانت وفاتها في هذه المرضة, دخل إليها النساء المهاجرات والأنصاريات فقلن لها: كيف أصبحت يابنت رسول الله ؟ فقالت..... ([28]).

علي بن أبي طالب (ع): أبو العباس احمد بن إبراهيم  الحسني, عن الحسن بن محمد بن مسلم الكوفي, عن جعفر بن محمد الحسني, عن محمد بن نهار الكوفي, عن عبد الرحيم, عن محمد بن علي بن الهاشمي, قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن جده, عن علي بن أبي طالب (ع), قال: لما حضرت فاطمة (ع) الوفاة دعتني فقالت: أمنفذ وصيتي وعهدي؟ قال: قلت: بلى أنفذها. فأوصت آل وقالت: إذا مت فادفني ليلاً ولا تؤذنن رجلين ذكرتهما. قال: قلت بل أنفذها. قالت: أما الآن فلا يشهدني أبو بكر ولا عمر, ولا يصليا علي.... . قال: ولما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار ذا صباح فقلن: كيف أصبحت يابنت رسول الله عن علتك؟ قالت:...([29]) .

المطلب الثاني

الإمامة ودفاع الزهراء (ع) عنها

أولاً: الإمامة في اللغة والاصطلاح.

ثانياً:  دور الزهراء (ع) وموقعيتها من أصول الدين.

ثالثاً: الإمامة بخصوصها وعمومها في الخطبتين.

أولاً: الإمامة في اللغة والاصطلاح :

1 : الإمامة لغة:

من آم يئم فهو إمام والإمام كل من اقتدي به, وقدم في الأمور, والنبي (ص) إمام الأئمة, والخليفة إمام الرعية, وإمام الجند قائدهم([30]).

وأم القوم وأم بهم: تقدمهم وهي الإمامة, والإمام: كل من ائتم به قوم, كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضاليين. وإمام كل شئ قيمه والمصلح له, والقرآن إمام المسلمين, وسيدنا محمد (ص) إمام الأئمة, والخليفة إمام الرعية, وإمام الجند قائدهم([31]).

والإمام (كقيام, وصيام) مصدر ل (أم) إذ قصد واتبع, والمراد به المعنى الأسمى ك (إزار ) لما يأتزر به, وقوام للذي به الأمر يكون المصدر بمعنى المفعول , كالخلق بمعنى مخلوق , فيكون الإمام هو المتبوع والمقصود, ومن هذا الباب إطلاقه على إمام الجماعة لكون المتبوع في أفعال الصلاة, وكذا إطلاقه على الدين والشريعة والكتب السماوية([32]).

وان الإمامة مصدرها فعل (أم) إذ يقال: (أمهم وأم بهم: تقدمهم), وهي الإمامة والإمام: كلما ائتم به من رئيس أو غيره([33]).

2: الإمامة اصطلاحاً: عند الشيعة الإمامية:

الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص([34]). وان الإمامة إمرة إلهية كالنبوة, وان كان رسول الله (ص) خص بالتشريع والوحي الإلهي, وشأن الخليفة التبليغ والبيان, وتفصيل المجمل, وتفسير المعضل, وتطبيق الكلمات بمصاديقها, والقتال من دون تأويل كما يقاتل النبي محمد (ص) من دون تنزيل, وإظهار مالم يتسن للنبي الإشادة به, إما لتأخر ظرفه أو لعدم تهيؤ النفوس له, أو لغير ذلك من العلل([35]).

إما عند أهل السنة:

فالإمام هو القائد العام للمسلمين الذي يخلف النبي محمد (ص) في كل أو بعض مايمت له صلة([36]). والإمام هو صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا([37]). والإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا([38]).

ثانياً: الزهراء (ع) وموقعيتها من أصول الدين :

إن من يستقرئ كتب علم الكلام لعلماء الأمامية يشاهد بوضوح التركيز فيها على أن إمامة أئمة أهل البيت : هي من صميم أصول الدين الإيمانية, ولكنهم أجملوا الحديث عن ولاية سيدة النساء فاطمة (ع), واصطفائها في طيات حديثهم عن أهل البيت : مع أن الاعتقاد بولاية واصطفاء فاطمة (ع) غير كاف في أصل الإيمان . فكما أن ولاية الأئمة الاثني عشر تأتي بعد ولاية الله ورسوله (ص) ولها دخل مشهود في النجاة, وفي صحة العقيدة , وقبول الأعمال فكذلك الحال في ولايتها (ع). وليس هذا الأمر بدعا في الشرائع السماوية, بل عقيدة قد سنها الله (عز وجل) في الشرائع السابقة, كما هو الحال في شريعة عيسى (ع) حيث أن اصطفاء مريم (ع) وحجيتها قد جعله الله تعالى وقرره في شريعته, قال الله تعالى على لسان ملائكته (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفالك على نساء العالمين), وقوله تعالى: (وجعلناها وابنها أيه للعالمين), بل التصديق والإيمان باصطفائها ليس مما يختص به أتباع شريعة عيسى (ع) بل تشتمل حتى كل من يعتنق الإسلام كما لاحظت في ما تقدم من الآيات القرآنية ([39]).

ولابد لنا من أن ندخل في معرفة عقيدتنا في فاطمة الزهراء (ع)  ومدى ارتباط حياتها  بكل ما تملكه الكلمة من معنى في أصول ديننا وعقائدنا والسؤال الذي ينقدح في المقام هل أن فاطمة (ع) وظلامتها وحياتها الشخصية والغيبية له ارتباط بأصول الدين, وبحث هذا الارتباط يكون ناشئ من وعي وفهم للعقائد التي أمرنا الله تعالى بالأعيان بها أم لا؟ وعلى هذا الأساس كان لابد لنا من الوقوف مع الزهراء (ع) ونرى مدى ارتباطها بأصول الدين. وهل هناك ارتباط لها بالتوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد, أم يتجاوز هذا الأمر إلى أبعد من ذلك؟ أم لا يوجد ارتباط وما الثمرة في ذلك؟ كل هذه الأسئلة سوف نحاول الإجابة عليها بهذا البحث الذي له من الأهمية العظمى في حياة الفرد المؤمن الموالي لأهل بيت العصمة :([40]) .

أولا: فاطمة (ع) وعلاقتها بالتوحيد:

توجد أدلة وشواهد عدّة تدلّ بالدلالة المطابقية أو الالتزامية على أن فاطمة (ع) لها ارتباط وثيق بتوحيد الله. ومن الأدلة التي نستطيع بها إثبات ارتباط فاطمة (ع) بصميم التوحيد ما وردنا من زيارة أئمة أهل البيت : بالزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة والمروي بسند معتبر عن الإمام الهادي (ع) حيث تطالعنا هذه الزيارة بالفقرة الآتية (من أراد الله بدأ بكم, ومن وحده قبل عنكم). ومحل الشاهد الاستدلال من هذه الفقرة هو قوله (ع) من وحده قبل عنكم حيث ورد في تفسير هذه الفقرة انه من لم يوحد الله لم يقبل عنكم أو بالعكس من لم يقبل عنكم لم يوحد الله تعالى فهو على ذلك يكون مشركاً؛ لأنّ معرفة الله تعالى حقّ المعرفة مشروط على ما ورد في الروايات الشريفة على معرفة شروط هذه المعرفة ومن شروط هذه المعرفة هو القول عن أهل البيت : في كل ما يقولونه من المعارف الربانية الحقة وفي كل ما يقولونه من الحق فهم حجج الله على الخلق. ومن عرفهم فقد عرف الله تعالى لأنهم هم الأدلاء عليه وعلى مرضاته وكل مايثبت للأئمة فهو ثابت للزهراء (ع).

فهي مشتركة معهم في كونها نورانية وكنها الصراط المستقيم وكذلك من الكلمات التي تلقاها ادم (ع) لتوبته واشتراكها في المباهلة وفي كونها الشجرة الطيبة وكذلك اشتراكها في ليلة القدر وفي كونهم خلقوا قبل الخلق... . والاهم هو كونها (ع) حجة على الأئمة وعلى معرفتها دارت القرون الأولى وما تكاملت بنوة نبي حتى اقر بفضلها ومحبتها. وعليه تكون فاطمة (ع) مرتبطة  بتوحيد الله تعالى ونعني بذلك انه لابد من الإيمان بها, والتصديق بكل ما صدر منها انه الحق وان توحيد أي مسلم أو مؤمن لا يكتمل حتى يقر بفضلها ومحبتها وولايتها , فيكون على هذا الأساس كل من لم يقبل منها الحق فهو مشرك أو منافق وعلى هذا الأساس نثبت ارتباط فاطمة (ع) بالأصل الأول من أصول الدين وهو التوحيد وهذا ثابت لها ولأئمة أهل البيت :([41]).

ثانياً: فاطمة (ع) وعلاقتها بالنبوة:

لابد لنا ونحن نرتوي من الماء العذب لفاطمة (ع) واللآلئ المتناثرة في حياتها أن نقف مع مقامها وارتباطها الوثيق لهذا المقام بالنسبة للنبوة, والذي ينقدح في الذهن القاصر لصاحب هذا القلم أن هناك أدلة وشواهد تثبت علاقة فاطمة الزهراء (ع) وارتباطها بالنبوة وهذا الارتباط  يتمثل تارة على نحو الأبوة وتارة أخرى على شكل حب لهذه النسمة الطيبة ومرة أخرى على الارتباط العقائدي لها (ع) وسوف نعطي شواهد وأدلة عدّة على ذلك, ومن خلال استقراء واستنطاق بعض الكتب الروائية والتاريخية التي تروي لنا قضية الزهراء (ع) وارتباطها بشخص النبي (ص) من جهة وبمقام النبوة من جهة أخرى, أما كيف يكون هذا الارتباط بالنبوة ومقامها, فنقول: وردت شواهد من القرآن الكريم ولكن نكتفي بذكر شاهد قرأني واحد قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ.....) ([42]). فهذه الآية الشريفة وكما تبين لنا لها ارتباط بمسألة أذى الرسول (ص) ونحن نعلم انه ورد في الحديث الشريف عنه (ص): (انه ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت), وكذلك قوله (ص) (من آذى مؤمناً فقد آذاني), فهذه الأحاديث تثبت مسألة أذى الرسول (ص) ولقد حدثنا التاريخ كيف أن القوم أذوا رسول الله (ص) بعد مماته في ابنته فاطمة (ع) فعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق قد صدرت أحاديث عدّة تبيّن وتؤكد على حقيقة ثابتة لا ينكرها إلّا معاند أو منافق وهي أنهم آذوا رسول الله في ذريته, فكانت الأحاديث المروية عنه (ص) تمثل الدعامة العظمى لارتباط اقرب الناس إليه وهي فاطمة الزهراء (ع), ولا نقصد من ارتباط الصديقة الطاهرة به مجرد لأنه والدها كلا بل هناك أمور غيبية وقد ذكرت بع الروايات أسرارها وكما بينا في بعض أحاديثنا كحديث الإقرار بفضل فاطمة (ع) جميع الأنبياء وانه ما تكاملت نبوة نبي حتى اقر بفضلها ومحبتها ([43]).

 ومن الأحاديث في هذا المضمار, أنها سيدة نساء العالمين ........ وأنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد (ص) وهذا من الأحاديث الصحيحة([44]).

ولقد جاء في حديث طويل عن سعد بن أبي وقاص انه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: فاطمة بضعة مني, من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني , فاطمة أعزّ النّاس علي([45]).

 وروى النسائي بإسناده عن المسور بن محزمة قال: سمعت رسول الله (ص) وهو على المنبر يقول: فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها, ومن أذى رسول الله فقد حبط عمله([46]). ولئلا يطول بنا المقام ولا نخرج عن هذا الكتاب نكتفي بهذه الأحاديث ونقول: إنّ كلام رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى وهذا دليل على انه ليس غضبه باعتبار انه والدها, لا وإنما غضب النبوة ومقامها السامي الذي تمثل السماء ونحن نعلم أيضا انه أذى فاطمة هو أذى الله تبارك وتعالى, ويؤكد رسول الله (ص) من خلال هذه الأحاديث على حقيقة مهمة جداً وهي مسألة عصمة فاطمة (ص) لأنها لو كانت ممن تقترف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذياً لرسول الله (ص) لذا تثبت العصمة لها (ع) من خلال أقوال الرسول (ص) في حقها (ع) ([47]). وسيظهر من خلال الحديث المروي في حق فاطمة (ع) عن أبي جعفر (ع) يقول: لقد كانت (ع) مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والأنس, والطير والوحوش, والأنبياء والملائكة([48]). وهذا يدل على أنها كانت مفروضة الطاعة على جميع الأنبياء وكما تبين مما تقدم.

ثالثاً:  فاطمة (ع) وعلاقتها بالعدل الإلهي :

يعدّ العدل الإلهي من الأصول الاعتقادية التي يمتاز بها الشيعة الأمامية عن غيرهم من المذاهب الأخرى , فمسألة العدل عندهم قد دخلت كل الأصعدة الحياتية المهمة وهذا يعود إلى وجود العدل في كل أفعال الله تعالى فهو -  أي الله تعالى -  قد جعله من أسمائه الحسنى فعندما يأخذ الشيعة العدل ويعتبرونه من أصول الدين لم يكن هذا جزافاً وإنما كان على أساس وأصل متينين استمدّاه من القرآن العظيم الذي بذر فكرة العدل في قلوب الناس وأرواحهم ثمّ سقاها ونماها فكرياً وفلسفياً واجتماعياً, والقرآن الكريم الذي يصرح بأن نظام الوجود مبني على أساس العدل والتوازن وعلى هذا الأساس توجد آيات قرآنية عدّة تؤكّد على مسألة العدل وسنورد بعض الآيات القرآنية التي تعتبر الفاعلية الإلهية التدبير الإلهي قائما على أساس العدل حيث يقول الباري عز وجل: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) ([49]). أو أن العدل هو المعيار لله سبحانه وتعالى في موضوع الخلقة: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) ([50]).

 وعلق الرسول محمد (ص) بقوله: (بالعدل قامت السماوات والأرض), واهتم القرآن الكريم اهتماماً استثنائياً بالعدل التشريعي أي: مراعاة أصل العدل دائماً في النظام الاعتباري والتشريع القانوني, وقد صرح ذلك في الكتاب المعجز بأن الهدف من إرسال الرسل إنّما هو قيام النظام البشري وإرساء الحياة البشرية على أساس العدل والقسط: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ([51]). وفضلاً عن ذلك فإنّ الأصل الكلي الذي نسبه القرآن الكريم إلى كل الأنبياء بخصوص النظام التشريعي ولا سيما في الشريعة الإسلامية هو (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) ([52]). وفي مكان آخر يقول تعالى: (ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) ([53]).

ويُعدّ القرآن الكريم الإمامة والقيادة عهداً إلهياً ينبعث عنه النضال ضد الظلم والتلاؤم مع العدل, ويقول القرآن الكريم في موضوع إمامة إبراهيم (ع): (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ([54]).

فعندما اختار الله إبراهيم اماماً, استفهم هل تشمل هذه الموهبة الإلهية نسله؟ فأُجيب بأنّ هذه الإمامة عهد إلهي والظالمون لا نصيب لهم فيه . يعني مقتضى العدالة الربانية هكذا تكون مع الظالمين, وإذا دققنا النظر في القرآن الكريم وجدناه يدور حول محور واحد وهو العدل الإلهي في كل الأفكار القرآنية من التوحيد إلى المعاد ومن النبوة إلى الإمامة والزعامة ومن الآمال الفردية إلى الأهداف الاجتماعية, فالعدل في القرآن قرين التوحيد وركن المعاد وهدف لتشريع النبوة وفلسفة الزعامة والإمامة ومعيار كمال الفرد ومقياس سلامة المجتمع([55]).

بعد هذه المقدمة في العدل الإلهي يأتي السؤال وهو: هل أن الله جل جلاله أعطى إلى أوليائه كثيراً من المناصب والمقامات الروحانية وعلى المستويات كلّها بالعدل أو جزافاً أعطاهم إياها؟ فمثلاً مقام فاطمة الزهراء (ع) وحجيتها على الأئمة وجميع الأنبياء والجن والإنس, ومقام شفاعتها وأنها تشفع بالجنة هل أعطى الله تعالى هذه المقامات بالعدل لها فتكون عندئذ مرتبطة بالعدل الإلهي أم لا؟ وهذا السؤال يحتاج إلى ذكر مسألة وهي تعريف العدل وبعد ذلك نرى مدى انطباق هذا الموضوع وفي ضوء التعريف في حياة فاطمة الزهراء (ع) ومدى ارتباطها بالعدل الإلهي.

العدل في الاصطلاح: هو رعاية الاستحقاق في إفاضة الوجود وعدم الامتناع عن الإفاضة والرحمة حيث يتوفر إمكان الوجود أو إمكان الكمال. وعلى أساس هذا التعريف يتبين لنا أن الموجودات تتفاوت مع بعضها في النظام الكوني من حيث قابليتها لاكتساب الفيض الإلهي من مبدأ الوجود, فكل موجود وفي أي رتبة من الوجود يمتلك استحقاقاً خاصاً من حيث قابليتها لاكتساب الفيض. ولما كانت الذات الإلهية المقدسة كمالاً مطلقاً وخيراً مطلقاً وفياضة على الإطلاق فهي تعطي ولا تمسك ولكنها تعطي لكل موجود ماهو ممكن له من الوجود, فالعدل الإلهي - حسب هذه النظرية -  يعني أن أي موجود يأخذ من الوجود ومن كماله المقدار الذي يستحقه وبإمكانه أن يستوفيه([56]). وعلى هذا الأساس تكون فاطمة (ع) مستحقة للعدل الإلهي في إفاضة الكمال ولها في كل المقامات المعنوية والروحية. فكونها (ع) حجة على الأنبياء وعلى جميع البشر وانه ما تكاملت نبوة نبي حتى أقرّ بفضلها وكذلك كونها صاحبة الشفاعة الكبرى يوم القيامة وغيرها من المقامات التي أعطاها الله إياها([57]).

رابعاً: فاطمة الزهراء (ع) وعلاقتها بالإمامة :

تشكل الإمامة أصلا مهماً من أصول الدين الخمسة عند الشيعة الأمامية بعد التوحيد والنبوة والعدل, تضافرت الروايات الشريفة على التأكيد على هذه المسألة المهمة في الدين الإسلامي فضلاً عن القرآن الكريم الذي أكد أيضا على مسألة أثبات الإمامة من خلال القرآن الكريم والأحاديث الشريفة, لقد تطرقنا إلى مسألة الإمامة باعتبار انّ لها ارتباطاً بالصديقة فاطمة الزهراء (ع) وربما سأل سائل كيف يمكننا أن نعرف أن الزهراء (ع) لها ارتباط بالإمامة أو بصميمها؟ فنحن نرى من خلال استقراء الكتب الروائية وحياة الصديقة الطاهرة (ع) وقرأت بعض النصوص نجد أن هناك أُمور عدّة يمكن من خلالها إثبات هذا الارتباط الوثيق للزهراء (ع) بالإمامة التي جعلها الله تبارك وتعالى أما ماهية هذه القضية من خلال إثباتها عن طريق الروايات أو الزيارات الواردة فهذا ما يتوقف بيانه على أبراز بعض الأدلة والشواهد التي تؤيد هذه القضية تارة وتدعمها تارة أخرى([58]).

أما الأدلة التي نستطيع من خلالها إثبات ارتباط فاطمة الزهراء (ع) بصميم الدين فهذا مايبين لنا من كونها (ع) حجة على الأنبياء فضلاً عن الأئمة. أما كونها الحجة على الأنبياء فهذا ما يثبته الحديث المروي عن الإمام الذي يقول فيه: ما تكاملت نبوة نبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الطاهرة وعلى معرفتها دارت القرون الأولى([59]).

وأما كونها الحجة على الأئمة فهذا ما تبين لنا من شرح الحديث الوارد عن الإمام الحسن العسكري (ع) الذي يقول فيه: نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة (ع) حجة الله علينا. وهذا الحديث أفضل شاهد على كونها مرتبطة بصميم الإمامة ولهذا يحتاج إلى تمعن في هذا الأمر وتدقيق عميق حتى نصل إلى مداركه ومدلولاته([60]).

إنّ الزهراء (ع) كانت الرحم الطاهر لحمل الأئمة الأطهار وهي والدة الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة (ع) . فقد حملت بهما من خلال الارتباط السماوي بأمير المؤمنين حيث زوجها  الله تبارك وتعالى من علي بن أبي طالب (ع) وكما ورد في الحديث: زوج النور من النور. وهذا يشهد به الموالي والمخالف في قضية زواج فاطمة الزهراء (ع), أما كونها الرحم الطاهر فهذا ما أثبتته الآية الكريمة: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ([61]).

فضلاً عن الزيارة الشريفة الواردة في حق الإمام الحسين (ع) والتي يقول فيها: اشهد انك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها..... . فهذه الزيارة إضافة إلى آية التطهير تثبت كونها (ع) الرحم الطاهر للأئمة : من وجه شاهد على كونها مرتبطة بصميم الإمامة من حيث إنها أم الأئمة :([62]) .

نجد من خلال استقراء القرآن الكريم ومتابعة آياته الشريفة أن الزهراء (ع) تكون مرتبطة ومشتركة بالإمامة من خلال آيات قرآنية عدّة أثبتت اشتراكها مع الأئمة : كونها الصراط المستقيم. فقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: قال رسول الله (ص) إنّ الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه, وهم أبواب العلم في أمتي, من اهتدى بهم  هدي إلى الصراط المستقيم([63]). وأيضا عن رسول الله (ص) انه قال: اهتدوا بالشمس فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر, فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة, فإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين. فقيل يارسول الله ما الشمس وما القمر

 وما الزهرة وما الفرقدين؟ قال (ص): الشمس أنا, والقمر علي, والزهرة فاطمة, والفرقدين الحسن والحسين :([64]).

قول تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ([65]). اخرج أبو النجار عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (ص) عن الكلمات التي تلقاها آدم (ع) من ربه فتاب عليه؟ قال: سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت علي, فتاب عليه([66]).

قوله تعالى: (كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ...... ) ([67]).

عن موسى بن القاسم, عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن (ع) عن قوله عز وجل: (كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) , قال: المشكاة فاطمة (ع), والمصباح الحسن والحسين الزجاجة, (كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) قال: كانت فاطمة (ع) كوكباً درياً من نساء  العالمين, (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) ، قال: الشجرة المباركة  إبراهيم (ع), (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ) قال: لا يهودية ولا نصرانية, (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) ، قال: يكاد العلم أن ينطق منها, (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) قال: فيها إمام بعد إمام, (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) قال: يهدي الله لولايتنا من يشاء([68]).

قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ([69]).

عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت في خمس: رسول الله (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين, أخرجه احمد في المناقب وأخرجه الطبري([70]). قوله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ([71]).

قال الزمخشري: إنّها لما نزلت قيل: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء, الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما..... وقال رسول الله (ص): من مات على حب آل محمد مات شهيداً, ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له, ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً, ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان, ألا ومن مات على حب آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير, ألا ومن مات على حبّ آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها, ألا ومن مات على حب آل محمد فُتح له في قبره بابان إلى الجنة, ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة, ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة, ألا ومن مات على بغض أل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله, ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً, ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة([72]).

ومن خلال الآيات القرآنية الكريمة والروايات الشريفة نجد أن الزهراء (ع) مرتبطة ومشتركة مع الأئمة الذين يمثلون الدعامة الكبرى للإمامة في كثير من الأمور وهذا ما نجده من خلال الروايات الشريفة التي أثبتت هذه المسألة والآيات القرآنية ([73]).

ثالثاً: الإمامة بخصوصها وعمومها في خطبتي الزهراء (ع):

  1: الإمامة في الخطبة الفدكية:

ورد ذكر الإمامة في خطبة سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع) وسنورد شرح المواضع التي تناولت الإمامة ومنها:

(وإطاعتنا نظام للملة) وفي نسخة أخرى: (وطاعتنا) كل أمّة إذا أرادت أن تعيش لا بد لها من اختيار نظام حاكم سائد, والنظام كلمة واسعة النطاق, كثيرة المصداق غزيرة المعاني.

فالحكومات, وتشكيل الوزارات, وتنظيم الدوائر, وسن القوانين, وإصدار التعاليم في شتى المجالات يقال لها: نظام. ولا بد – طبعاً- من تنفيذ النظام, والخضوع والانقياد له, ويقال له: التنظيم .

فإذا كان النظام صالحاً انتشر الصلاح في العباد والبلاد, وان كان النظام فاسداً ظهر الفساد في البر والبحر.

والأمة الإسلامية التي تعتبر نفسها في طليعة الأمم الراقية المتحضرة ولابد من أن يكون لها نظام وان الله تعالى جعل إطاعة أهل البيت : نظاماً للملة الإسلامية, ومعنى ذلك أن الله تعالى جعل القيادة العامة المطلقة العليا, والسلطة لأئمة أهل البيت : الاثني عشر, وهم عترة رسول الله (ص) فقط, لا كل من يتسلم زمام الحكم, أو يجلس على منصة الحكم تجب طاعته وتنفيذ أوامره . وإنما جعل الله إطاعة أهل البيت : نظاماً للمسلمين لأنّ الله تعالى زوّدهم بالمواهب, ومنحهم الأهلية, وأحاطوا علماً بكل ما ينفع المجتمع ويضره, وبكل ما يصلح الناس ويفسدهم([74]).

وتدل هاتان العبارتان (وطاعتنا نظام للملة) على انتظام أمر الدين وصلاح أمور المسلمين, واجتماعهم على الصلاح لا يمكن ولا يتحقق ألا بطاعتهم والتسليم لإمامتهم : وقد صدق تاريخ المسلمين هذا المعنى أحسن التصديق, فاختلّ أمر المسلمين ووقع بينهم الخلاف والفرقة يوم تسارعوا إلى سقيفة بني ساعدة, وبادروا إلى تقمص الخلافة, وغيروا أمر الإمامة وبدلوا نعمة الله كفراً فلن يصلح أمرهم حتى ظهور  صاحب الأمر بقية الله في أرضه عجل الله فرجه الشريف ([75]).

ثم تنتقل فاطمة الزهراء (ع) بعد ذكر فلسفة الإسلام إلى ذكر الثقل الثاني, وهم العترة, من أهل البيت : وهم الذين اوجب الله تعالى إطاعتهم على العباد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ([76]).

فو الله لو أن المسلمين فسحوا المجال – من أول يوم – لأهل البيت : وأطاعوهم لكانت الدنيا روحاً وريحاناً وجنة نعيم, وكانت السعادة شاملة لجميع طبقات البشر على مر القرون([77]).

(وإمامتنا أماناً للفرقة) وفي نسخة  (لماً للفرقة) الإمامة الكبرى هي الخلافة العظمى, منصب سماوي, ومنزلة تعين من الله تعالى, لأنها تالية للنبوة من حيث العظمة والأهمية. أُنظر إلى أولياء الله كيف يسألون الله أن يبلغهم تلك المنزلة الرفيعة والدرجة السامية.

فهذا إبراهيم الخليل (ع) يأتيه النداء من عند الله ﴿إنّي جَاعِلُكَ لِلْنّاسِ إمَامَاً﴾ أي المقتدى به في أفعاله وأقواله وليس المقصود من الإمامة هنا النبوة لان إبراهيم (ع) كان نبياً وإنما أضاف الله تعالى له الإمامة إلى جنب النبوة.

وإذا أمعنت النظر في قوله تعالى: ﴿إنّي جَاعِلُكَ﴾ يتّضح لك أن تعيين الإمام من الله تعالى ولا يحق للناس أن يعينوا لأنفسهم إماما حسب رغباتهم .

وإذا تدبرت بقية الآية تنكشف لك حقائق أخرى وهي قوله: (( ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمون )) وقد روي عن الإمامين الباقر والصادق (ع) أي: لا يكون الظالم أماما للناس وهذا يدل على عصمة الأئمة, لأنّ الله سبحانه وتعالى نفى أن ينال العهد أي: الإمامة الظالم, ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالماً لنفسه أو لغيره.

وهنا تقول الزهراء (ع): (وإمامتنا) أنها تقصد إمامة الأئمة الاثني عشر: ([78]).

ثانياً: الإمامة في خطبة النساء ( إمامة الإمام علي (ع):

ورد ذكر الإمامة ولكن بتخصيصها فقط للإمام علي (ع) في هذا الخطبة وسنورد الواضع التي تناولت إمامة الإمام علي (ع):

بقول فاطمة الزهراء (ع): (ما الذي نقموا من أبي الحسن)؟ أي: أي شيء عابوه من الإمام أمير المؤمنين (ع) حتى نحوه عن السلطة, وقدموا غيره. إنّ الإمام علياً (ع) أعلم الأمة جمعاء, والدليل قول الرسول (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها, والإمام علي (ع) معروف بالشجاعة والكرم والتقوى وكيف لا يكون كذلك وهو الذي تربى تحت رعاية رسول الله (ص) وتوجيهه, إذن فما السبب الذي صرف الخلافة إلى غيره؟ وتجيب ها هنا السيدة فاطمة الزهراء (ع) عن هذا السؤال, وتقول: (ونقموا منه –والله – نكير سيفه) أي عابوا شدة سيفه, والمقصود أن علياً كان قد قتل في الحروب والغزوات رجالات هؤلاء وأسلافهم, وحطم شخصياتهم فكانوا يكرهونه بسبب سيفه الخاطف للأرواح.

(وقله مبالاته بحتفه) أي: عدم اهتمامه واكتراثه بالموت, فالمجاهد الذي ينزل إلى جبهة القتال ينبغي أن يكون قليل المبالاة بالموت, فكما انه يقتل كذلك يقتل, وكان علي (ع) يقول: والله لا يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أو الموت وقع عليه.

(وشدة وطأته ونكال وقعته) يقال فلان شديد الوطأة أي شديد الأخذ وشديد القبض, والمقصود قوة العضلات ومعرفة القتال, ونكال الوقعة أي كان يصنع صنيعاً  يحذر غيره ويجعله عبرة له, أي كانت ضربته وصدمته للأعداء نكالاً أي يورث الحذر والعبرة للآخرين .

(وتنمره في ذات الله عز وجل) النمر شديد الغضب, إذا غضب لنفسه لم يبالِ، قل الناس أم كثروا, ولا يرده شئ, ولا يحول دون هدفه حائل ولا يمنعه مانع, والرجل الشجاع الذي يجاهد بلا مبالاة ولا خوف, بل بكل غضب وشجاعة يقال في حقه: تنمر, أي صار شبيهاً بالنمر في الاقتحام .

وكثير من الآيات القرآنية التي نزلت في حق أمير المؤمنين, وكذلك الأحاديث النبوية التي اشتملته دون غيره كان لها أسوأ الأثر في النفوس المريضة وكانت تلك الرواسب والآثار كامنة في الصدور ولها أثرها الكبير في سلب حق أمير المؤمنين علي (ع) ووقوف الزهراء (ع) بوجه الطغاة المغتصبين من خلال الخطبة الفدكية([79]).     

الخاتمة

بعد هذه الجولة البحثية في خطبتي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) وما تضمنه من كلام في إمامة أهل البيت : توصلت إلى نتائج عدة:

1 - أهمية الإمامة ومنزلتها عند الله تبارك وتعالى لذلك جاء الأمر بها في القرآن الكريم , وأنها أعلى درجة من النبوة ولا سيما إمامة أهل البيت :.

2- ليس فقط رسول الله (ص) أشار إلى إمامة أمير المؤمنين خاصة ,وأهل البيت بشكل عام, فقد تكلمت الزهراء (ع) عن الإمامة وأوضحت أنها نظام للناس وبهم يستقيم أمرهم ويعلوا شأنهم, وينالوا رضا الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة.

3- الأمر الذي لفت أنظاري عدم حصر الزهراء (ع) الحديث عن غصب فدك , وإنما تكلمت بشكل عام وركزت على الإمامة , ولعل السبب هو أن الزهراء (ع) لو جعلت الحديث عن فدك وحدها لكان من الممكن الاعتذار أليها من قبل القوم ومن ثمّ ينتهي الأمر عند هذا الحد, ولكن الزهراء (ع) جعلت الأمر عاماً وخرجت مطالبة لحق بعلها أمير المؤمنين علي (ع) وهذا ما يثبت ظلامتها وظلامة الأمام علي (ع) .

4- ورود خطبة الزهراء (ع) في أمهات المصادر الحديثية عند أبناء العامة فضلاً عن مصنفات الحديث عند الإمامية.

5- وردت هذه الخطبة بأسانيد كثيرة وموثقة, وهي ثابتة لدى أئمة الحديث سنداً ودلالة.

6- تضمنت الخطبة بين طياتها مباحث عقائدية مهمة, فقد تضمنت الحديث عن أصل التوحيد والعدل والنبوة والإمامة.

7- كما أنها تضمنت بيان الإمامة بشكليها العام أي إمامة أهل البيت : في خطبة المسجد والشكل الخاص أي إمامة الإمام علي (ع) في خطبة النساء.

(*)  كلية التربية / جامعة الكوفة.

*  هوامش البحث  *

([1]) الخطابة في دراسة نوعية شاملة: محمد صادق الكرباسي, بيت العلم للنابهين, لبنان بيروت, ط1, لسنة 2005م, ص5.

([2]) المصدر نفسه , ص17.

([3]) لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور , دار صادر , بيروت- لبنان , ط بلا , ج 5 , ص98.

([4]) مختار الصحاح: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي , مكتبة لبنان , بيروت- لبنان , ط1, لسنة 1986م , ص155.

([5]) -المعجم الفلسفي: جميل صليبا , دار الكتاب اللبناني , بيروت- لبنان , ط بلا , لسنة 1982 , ج1, ص531.

([6]) معجم المصطلحات الأدبية: محمد حمود , المؤسسة الجامعية للدراسات , ط1 , لسنة 2012 , ص476.

([7]) كتاب الخطابة: لأرسطو طاليس , ترجمة عبد القادر قنيني , ص 15.

([8]) المنطق: محمد رضا المظفر ,  دار التعارف للمطبوعات , ط3 , لسنة 2006م , ص369.

([9]) المعجم الفلسفي: جميل صليبا , ج1 , ص 531.

([10]) المنطق: محمد رضا المظفر , ص 370 .

([11])  المنطق: محمد رضا المظفر , ص 377- 378 .

([12]) فدك والعوالي أو الحوائط السبعة : محمد باقر الحسيني الجلالي , ط1 , لسنة 1426ه , ص555

([13]) شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد , ط بلا , لسنة 1962م , ج16 , ص 211.

([14]) فدك والعوالي: محمد باقر الحسيني , ص 556 .

([15]) -علل الشرائع: الصدوق , المكتبة الحيدرية ومطبعتها , النجف الاشرف , ط بلا , لسنة 1966م , ص 248 .

([16]) دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري , مؤسسة الأعلى للمطبوعات , بيروت – لبنان , ط2 , لسنة 1988م , ص 32.

([17]) السقيفة وفدك: أبي بكر الجواهري , ص233 .

([18]) شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي , ج16 , ص 233 .

([19]) بلاغات النساء: احمد بن أبي طاهر بن طيفور , المكتبة الحيدرية , إيران _ قم , ط2 , لسنة 1378ه , ص 34 .

([20]) جواهر المطالب: محمد بن احمد بن ناصر الدمشقي , مجمع إحياء الثقافة الإسلامية , إيران ، قم , لسنة 1415هـ , ج1 , ص 165-169 .

([21]) الامالي: محمد بن الحسن الطوسي , دار الثقافة , إيران _ قم , ط1 , لسنة 1414ه , ص 374.

([22]) دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري , ص 40 .

([23]) الاحتجاج: احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي , مؤسسة الاعلمي , بيروت – لبنان , لسنة 1981م , ج1 , ص 180 .

([24]) معاني الأخبار :الصدوق, مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ,إيران _ قم, لسنة 1379- ش, ص354.

([25]) خطبة سيدة النساء: محمد جواد المحمودي , مكتبة فخراوي , ط1 , لسنة 2008م , ص 284.

([26]) خطبة سيدة النساء: محمد جواد المحمودي: ص 286-287 .

([27]) المصدر نفسه: ص 290-291 .

([28]) المصدر نفسه:, ط1 ,292 .

([29]) المصدر نفسه: ص 294 .

([30]) معجم مقاييس اللغة: احمد بن فارس بن وكريا , تحقيق عبد السلام محمد هارون , دار الفكر, لسنة 1979م , ج1, ص 18.

([31]) لسان العرب: ابن منظور, ج1 , ص 101 .

([32]) الإمامة الكبرى والخلافة العظمى: محمد حسن القزويني , دار القارئ , بيروت _ لبنان, لسنة 2003م , ج2 , ص 14 .

([33]) القاموس المحيط: محمد بن يعقوب الفيروز أبادي , مؤسسة الرسالة , ط8 , لسنة 2005م , ص 78 .

([34]) نهج الحق وكشف الصدق: الحسن بن يوسف الحلي , ط1 , لسنة , 1415 .ق ,ص 439 .

([35]) الغدير في الكتاب والسنة والأدب: عبد الحسين احمد الاميني , دار الكتب الإسلامية , إيران– قم , ط بلا , لسنة 1994م , ج7 , ص 131- 132 .

([36]) علم الأئمة المعصومين: الشيخ خليل رزاق , دار الهادي , ط1 , لسنة 2006م ,ص 16.

([37]) مقدمة ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون , دار إحياء التراث , بيروت _ لبنان , ط1 , ص 191 .

([38]) الأحكام السلطانية: أبي يعلى محمد بن الحسين , مكتب الإعلام الإسلامي , إيران- قم , ط2 , لسنة 1406ه , ج2 , ص 5 .

([39]) الوراثة الاصطفائية لفاطمة الزهراء (ع): محمد السند , مكتبة فدك , إيران _ قم , ط1 , لسنة 2010م , ص 207 .

([40]) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , نشر مشترك مؤسسة الزائر ورابطة الصداقة الإسلامية , إيران قم , ط2 , لسنة 2000م , ص 139- 140 .

([41]) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 140- 141 .

([42]) سورة الأحزاب: أية 75.

([43]) ينظر: الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 146- 147.

([44]) اعلموا أني فاطمة: عبد الحميد المهاجر , دار الكتاب والعترة , بيروت_ لبنان , ط1 , لسنة 1993م , مج 4 , ص 55 .

([45]) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: محمد بن أبي القاسم محمد بن علي الطبري , المطبعة الحيدرية, لسنة 1369ه, ص 85.

([46]) الخصائص الفاطمية: محمد باقر الكجوري , انتشارات الشريف الرضي , ط1, لسنة 1255- 1313 , ص 35 .

([47]) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 148- 149 .

([48]) دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري , ص 28 .

([49]) سورة آل عمران: أية 18 .

([50])  سورة الرحمن: أيه 7 .

([51])-  سورة الحديد: أيه 25 .

([52]) سورة الأعراف: أيه 29 .

([53]) سورة البقرة: أيه 282 .

([54]) سورة البقرة: أيه 124 .

([55]) العدل الإلهي: مرتضى المطهر , مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين , إيران _ قم , ط3 , لسنة 1405ه , ص 46 .

([56]) العدل الإلهي :مرتضى المطهر , ص 71 .

([57]) ينظر: الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 149- 153 .

([58]) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 153 .

([59]) المصدر نفسه, ص 154 .

(60) المصدر نفسه , ص 154 .

([61]) سورة الأحزاب: أية 33 .

([62]) ينظر: الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 154 .

([63]) شواهد التنزيل: عبيد الله بن احمد , مؤسسة الاعلمي , بيروت _ لبنان , ط 2 , لسنة 2010م ,ج1 , ص58 – 59 .

([64]) المصدر نفسه: ص 58- 59 .

([65]) سورة البقرة: أية 37 .

([66]) الدر المنثور: جلال الدين السيوطي , مركز هجر للدراسات والبحوث الاسلامية , ط بلا , لسنة 849ه _ 911ه , ج1 , ص 174 .

([67]) سورة النور :أية 35 .

([68]) ينظر: الأسرار الفاطمية: محمد فاض المسعودي , ص156 .

([69]) سورة الأحزاب: أية 33 .

([70]) ذخائر العقبى: محب الدين احمد بن عبد الله الطبري , دار المعرفة , بيروت _ لبنان , ط بلا , لسنة 1974 , ص 24 .

([71]) سورة الشورى: أية 23 .

([72]) تفسير الكشاف: الزمخشري , دار المعرفة , ط3 , لسنة 2009م , ج3 , ص 467 .

([73]) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي , ص 160 .

([74]) فاطمة من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القز ويني , نشر مؤسسة الرافد للمطبوعات , ط1 , لسنة 2011م , ص 263 .

([75]) -الزهراء (ع) وخطبة فدك: محمد باقر المجلسي , نشر دار كلستان كوثر , إيران , ط1 , لسنة 2003م , ص 68 .

([76]) -سورة النساء: أيه 59 .

([77]) فاطمة الزهراء (ع) من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القز ويني , ص 264 .

([78]) -فاطمة الزهراء (ع) من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القزويني , ص 264- 265 .

([79]) -فاطمة الزهراء (ع) من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القزويني , ص 374-376.



*  المصادر والمراجع  *

القرآن الكريم خير ما ابتدئ به .

الأحكام السلطانية: أبي يعلى محمد بن الحسين, نشر مكتب الأعلام الإسلامي , إيران – قم , ط2.

الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي, نشر مشترك مؤسسة الزائر ورابطة الصداقة, إيران – قم, ط2 , لسنة 2000م .

اعلموا أني فاطمة: عبد الحميد المهاجر, نشر دار الكتاب والعترة , بيروت – لبنان , ط1 , 1993م.

الامالي: محمد بن الحسن الطوسي, نشر دار الثقافة , إيران – قم , ط1 , لسنة 1414هـ .

الإمامة الكبرى والخلافة العظمى: محمد حسن القزويني , نشر دار القارئ , بيروت – لبنان . ط1 , لسنة 2003م.

بشارة المصطفى لشيعة المرتضى: محمد بن أبي القاسم الطبري, الطبعة الحيدرية, ط بلا, لسنة 1369هـ .

بلاغات النساء: احمد بن أبي طاهر , نشر المكتبة الحيدرية , إيران – قم, ط2 لسنة 1378هـ .

تفسير الكشاف: الزمخشري , نشر دار المعرفة , ط3 ,  لسنة 2009م.

جواهر المطالب: محمد بن احمد الدمشقي, نشر مجمع أحياء التراث, إيران, ط1 , لسنة 1415هـ.

الخصائص الفاطمية: محمد باقر الكجوري , انتشارات الشريف الرضي , ط1 .

الخطابة في دراسة نوعية شاملة : محمد صادق الكرباسي, نشر بيت العلم للنباهين, بيروت – لبنان, ط1 , لسنة 2005م .

خطبة سيدة النساء: محمد جواد المحمودي, نشر مكتبة فخراوي , ط1 , لسنة 2008م .

الدر المنثور: جلال الدين السيوطي, مركز هاجر , ط بلا , لسنة 911ه.

دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري, مكتبة الأعلى للمطبوعات, بيروت – لبنان, ط2, لسنة 1988م .

ذخائر العقبى: الطبري, نشر دار المعرفة , بيروت –لبنان , ط بلا , لسنة 1947م .

الزهراء (ع) وخطبة فدك: محمد باقر المجلسي, نشر دار كلستان كوثر , ط1 , لسنة 2003م .

السقيفة وفدك :أبي بكر الجواهري, نشر دار التعارف , بيروت – لبنان , ط1 .

شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد, ط بلا , لسنة 1962م.

شواهد التنزيل: عبيدالله بن احمد, نشر مؤسسة الاعلمي , بيروت ـ لبنان , ط2 , لسنة 2010م.

العدل الإلهي: مرتضى المطهر, نشر مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين, إيران – قم , ط3, لسنة 1405هـ .

علل الشرائع: الصدوق, المكتبة الحيدرية , ط بلا , لسنة 1966م .

الغدير في الكتاب والسنة: عبد الحسين احمد الاميني, نشر دار الكتب الإسلامية , إيران – قم, ط بلا, لسنة 1994م.

فاطمة الزهراء (ع) من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القزويني, نشر 23- مؤسسة الرافد للمطبوعات, لسنة 2011 .

فدك والعوالي أو الحوائط السبعة: محمد باقر الحسيني , ط1 , لسنة 1426هـ .

القاموس المحيط: للفيروز أبادي, نشر مؤسسة الرسالة , ط8 , لسنة 2008م .

كتاب الاحتجاج: احمد بن علي الطوسي, نشر مؤسسة الاعلمي, بيروت – لبنان, ط بلا, لسنة 1981م.

كتاب الخطابة: أرسطو طاليس, ترجمة عبد القادر قنيني .

كتاب المنطق: محمد رضا المظفر, دار التعارف للمطبوعات , ط3 , لسنة 2006م .

لسان العرب: ابن منظور, نشر دار صادر, بيروت – لبنان , ط بلا.

مختار الصحاح: محمد بن أبي بكر الرازي, نشر مكتبة لبنان, بيروت – لبنان , لسنة 1986م.

معاني الأخبار: الصدوق, مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين, إيران –  قم , ط بلا, لسنة 1379هـ.

المعجم الفلسفي: جميل صليبا, نشر دار الكتاب اللبناني, بيروت – لبنان , ط بلا , لسنة 1982م .

معجم المصطلحات الأدبية: محمد حمود, نشر المؤسسات الجامعية للدراسات , ط1 , لسنة 2012.

معجم مقاييس اللغة: احمد بن فارس, نشر دار الفكر , ط بلا , لسنة 1979م.

مقدمة ابن خلدون: عبدالرحمن بن خلدون, نشر دار إحياء التراث , بيروت ـ لبنان , ط1.

نهج الحق وكشف الصدق: الحسن بن يوسف الحلي , ط1 , لسنة 1415هـ .

الوراثة الاصطفائية: محمد السند , نشر مكتبة فدك , إيران –قم , ط1 , لسنة 2010م.