البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مناظرات الامام الرضا (ع) في الرد على اليهود والنصارى

الباحث :  د. الشيخ حسن كريم ماجد الربيعي
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  10
السنة :  السنة الثالثة - ذي القعدة 1437هـ / 2016م
تاريخ إضافة البحث :  August / 29 / 2016
عدد زيارات البحث :  3317
تحميل  ( 265.719 KB )
المقدمة

هذا البحث بعنوان (مناظرات الامام الرضا (ع)  في الرد على اليهود والنصارى)، وسبب اختيارنا لهذا العنوان هو الكشف عن بعض النصوص القديمة التي ذكرها الامام (ع)  لتكون عونا للباحث المتخصص في مقارنة الاديان التي فقدت او حرفت بعض النصوص في كتبها المقدسة في اثبات أدلة وحقوق لدين آخر، وكانت النصوص التي ذكرها الإمام مهمة جدا في إثبات حقيقة وأصالة الإسلام ونبيه 9 وإنه مبشر به من قبل اليهودية والمسيحية وتأتي أهمية هذه النصوص لقدمها إذ ان المناظرات الرسمية التي عقدتها الدولة العباسية في أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجريين، تعبر عن نصوص حقيقية يرويها التراث الإسلامي، وهي تحتاج الى جمع وإعداد ثم مقارنة مع ما موجود الآن من الاناجيل المتداولة او غير المتداولة كأنجيل برنابا مثلا، لأنه لازالت المؤلفات تبحث عن حقيقة هذه الاناجيل ككتاب (المسيح الحقيقي وحقيقة الاناجيل التقليدية) للوقا تيموثي جونسون، ترجمة : محمد الواكد، وهو من الدراسات المعاصرة، وكتاب (تطور الانجيل، دراسة نقدية وترجمة جديدة لأقدم الاناجيل) لاينوك باول ترجمة احمد ايبش، وكذلك دراسة الاستاذ سهيل زكار في كتابه (المحذوف من التوراة كاملا)، وفي تراثنا الاسلامي وردت نصوص من التوراة والانجيل قد لا توجد الآن ، فهي اما حذفت او حورت الى ألفاظ أُخر، وكانت دراسات العلامة البلاغي ; في كتبه المهمة (الهدى الى دين المصطفى) ، و (الرحلة المدرسية) و (المسيح والاناجيل) .

وقد حققنا بعض ابحاثه في الرد على النصارى، وكذلك دراسة عبدالمجيد الشرفي في اطروحته للدكتوراه المعنونة بـ (الفكر الاسلامي في الرد على النصارى الى نهاية القرن الرابع / العاشر) ولكنه اقصى مناظرات الامام الرضا (ع)  واكتفى بالإشارة اليها فقط واحتج بعدم تمكنه من الاطلاع عليها واشار في هامش الطبعة الثانية للكتاب بقوله : (وقد عثرنا مؤخرا في عيون اخبار الرضا لابن بابويه (ت 381 هـ) على نماذج من هذه المجادلات . . ثم ذكر عبارة . . وكانت مجادلته المزعومة للجاثليق.. الخ)(1)، وهو إقصاء واضح للفكر الشيعي فان تراثه غني في الرد على الأديان الأُخر ومن نصوصهم المدونة آنذاك فالبحث التاريخي يكشف عن مثل هذه النصوص المهمة ومقارنتها مع ما موجود الآن.

قسم هذا البحث على تمهيد ومبحثين وخلاصة، تناول التمهيد أهمية الكشف عن التراث الاسلامي ومناظرته مع الآخر ولا سيما الخلاف الديني واسس النقد العلمي له، اما المبحث الاول : فيتناول رد الامام الرضا (ع)  على النصارى، والمبحث الثاني : رد الامام الرضا (ع)  على اليهود، ومن ثم الخلاصة وهي النتائج والتوصيات، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبيالمصطفى 9 واهل بيته الكرام .

تمهيد :

من التراث غير المفعل على المستوى الفكري والعلمي المناظرات والحوارات في فكر التراث الشيعي من اسس وتقويمات نقدية لواقع الاديان الأُخر ومن اهمها المناظرات الرسمية التي تولى قطبها الامام الرضا (ع)  بحضور الجاثليق ورأس الجالوت ورؤساء الصابئة والهربذ الاكبر واصحاب زرداشت ونسطاس الرومي والمتكلمين من جميع الملل، وفي هذه المناظرات العلمية اعلن الامام (ع)  استعداده لمناظرة اهل التوراة بتوراتهم واهل الانجيل بإنجيلهم واهل الزبور بزبورهم والصابئة بعبرانيتهم والهرابذة بفارسيتهم واهل الروم بروميتهم واصحاب المقالات بلغاتهم وحضر مجلس المناظرة مجموعة من بني هاشم وجماعة من الطالبيين ومنهم محمد بن جعفر وبحضور البلاط العباسي وعلى رأسهم المأمون(2)، وقد جمعت هذه المناظرة جميع الملل كما اخبر الامام (ع)  بذلك فقد جاء في النص الروائي : (انه اجمع الى اصحاب المقالات واهل الاديان والمتكلمون من جميع الملل)(3)، وجاء وزير المأمون الفضل بن سهل الذي يجمع بين الوزارتين التنفيذية والتفويضية وأخبر الامام (ع)  بما يروم فعله المأمون وشوقه الاكيد لهذه المناظرات فقال له : (جعلت فداك ان ابن عمك ينتظرك وقد اجتمع القوم)(4)، ويمكن تحليل ونقد مثل هذه الدوافع لهذه الظاهرة الكبيرة من ان الدولة تقوم بنفسها رسميا لعقد مثل هذه المناظرات بحضور رئيس الدولة فلابد من أن تكون الدولة تهدف الى غاية او غايات قد تكون معروفة او مجهولة، وتعد هذه المناظرات ظاهرة انسانية كبيرة اذ وفرت الحوار العلمي وحرية التعبير عن النقد بل المجادلة وإثبات الهوية بكل احترام وهو ما يعبر عن عظمة الاسلام ونظريته الانسانية وفتح الحوار لكل الناس على مختلف معتقداتهم .

مناظرة المسيحية :

قدمنا المسيحية لاعتبارات منها انه حصل النقاش والمناظرة أولا معهم .

 كانت ايضاحات الامام الرضا (ع)  رصينة وواضحة تجاه المناظر وباختيار عميق في المصادر اليقينية عند الآخر بل امتازت بالروح العلمية الرائعة في اختيار الاسلوب المقنع اذ كان سؤال الجاثليق له : (ما تقول في نبوة عيسى وكتابه؟ هل تنكر منهما شيئا؟ ) اجابه الامام (ع)  : (انا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به امته واقرت به الحواريون، وكافر بنبوة كل عيسوي لم يقر بنبوة محمد صلى اله عليه وآله وسلم وبكتابه ولم يبشر به امته)(5)، وهنا يشير الامام اشارة واضحة الى وجود مثل هذه البشارة في الاناجيل المتداولة آنذاك فلو عقدنا مقارنة سنجد الامام (ع)  كان يناظر بوجود مثل هذه النصوص آنذاك ولكن هل هي موجودة الآن مما يثبت حذف بعض النصوص إثر المناظرات تلك او غيرها؟ .

استدل الامام الرضا (ع)  بيوحنا الديلمي وقوله : (انما المسيح اخبرني بدين محمد العربي وبشرني به انه يكون من بعده فبشرت به الحواريون فآمنوا به) (6)، وقد اقر الجاثليق بهذا الكلام ولكنه ذكر انه لم يعرف متى يكون ذلك، ثم ان الامام (ع)  استشهد بنسطاس الرومي ورأس الجالوت اليهودي ليقرؤوا له السفر الثالث من الانجيل، ولكن لم نعرف هذا النص في السفر الثالث ليمكن الرجوع اليه ومقارنته مع ما موجود الآن من نصوص الانجيل وبعد تلاوة السفر الثالث من الانجيل اقر الجاثليق وشهدوا على اقراره بمثل هذه النصوص، ومما يؤسف له لم تنقل مثل هذه النصوص وقد خلت الرواية منها .

وأوضح الامام الرضا (ع)  في اجاباته عن عدد الحواريين وافضلهم فقال : (كانوا اثني عشر رجلا وكان اعلمهم وافضلهم الوقا) ، اما علماء النصارى فذكر ثلاثة : (يوحنا الاكبر بباخ، ويوحنا بقرقيسيا ويوحنا الديلمي برجاز)، ولغرض اثبات بشرية النبي عيسى (ع)  ودفع الالوهية عن نفسه حاول الفصل بين عيسى في نظره وعيسى في نظرهم ومن اروع ما قال : (وما ننقم على عيساكم شيئا الا ضعفه وقلة صيامه وصلاته)(7) ، فأجابه الجاثليق برد سريع وفيه قساوة قائلا: (افسدت والله علمك وضعفت امرك وما كنت ظننت الا انك اعلى اهل الاسلام) فرد الامام (ع)  : (وكيف ذلك) قال الجاثليق من قولك : (ان عيسى كان ضعيفا قليل الصيام قليل الصلاة وما افطر يوما قط ولا نام بليل قط وما زال صائم الدهر وقائم الليل، قال الرضا (ع)  : فلمن كان يصوم ويصلي؟) فانقطع الجاثليق ثم بدأ الامام (ع)  يعرض بعض الاسئلة عليه لنفي الربوبية فذكر مشابهة احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص عند اليسع وحزقيل 8)(8)، ومع هذا لا يقال لهما انهما من الارباب ثم ذكر الامام الرضا (ع)  وقوع مثل هذه المعجزات للنبي محمد 9 ولكن لا يعتقد احد بربوبيته وكانت معاجزه اكثر ممن سبقه من الانبياء : .

لقد أشار الامام (ع)  الى كتاب اشعيا (ع)  (9)، ثم نقل كلامه : (اني رأيت صورة راكب الحمار لابسا جلابيب النور ورأيت راكب البعير ضوءه مثل ضوء القمر فقالا : قد قال ذلك شعيا (ع) ) (10)، ثم ان الامام نقل نصا آخر ولكنه من الانجيل وهو قول عيسى : (اني ذاهب الى ربكم وربي والبار قليطا، جاء هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت له وهو الذي يفسر لكم كل شيء وهو الذي يبدأ فضائح الامم وهو يكسر عمود الكفر، فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئا من الانجيل الا ونحن مقرون به)(11)، ثم اقر الجاثليق بثبات هذه النصوص عندهم، هذه النصوص التي ذكرها الامام الرضا (ع)  هي في غاية الاهمية لتحقيب تطور كتابة الانجيل او معرفة النص القديم ومقارنته مع النص الذي ذكره الامام (ع)  ويمكن ان تكون دراسة ابستيمولوجية للنصوص الاولى ومحاولة كشف النصوص القديمة ومدى مقاومتها الى يومنا هذا او حصول بعض الاضافات او الحذف لها نتيجة للتطورات والانقسامات التي حصلت في الكنيسة ويمكن الرد على التحريف الذي ذكره النص القرآني لمثل هذه الكتب المقدسة التي طبعت وترجمت بنسخ متعددة الا القرآن الكريم فهو المدونة الوحيدة في العالم التي وجدت مدونة منذ نزولها الى يومنا هذا وبنسخة واحدة فقط .

وذكر الشيخ البلاغي انه قد حصل تحريف في الفصل الحادي والعشرين من كتاب اشعياء في الوحي : (زوج فرسان راكب حمار وراكب جمل) فقد حول النص الجمع ازواج وركاب ثم نقل النص العبراني وعلق عليه(12) .

استشهد الامام بأسماء من اعلام المسيحية يوحنا الدليمي ولوقا ونسب اليه الفضل والعلم وهو نص مهم في التعرف على هؤلاء بنقد الامام الرضا (ع)  وترجم العلامة البلاغي للوقا واحوال التلاميذ الاثني عشر ولكنه لم يلتفت الى نص الامام الرضا (ع)  في ذكره لهؤلاء التلاميذ وتفضيل لوقا عليهم(13)، وهذا النص مهم جدا حتى عند المسيحية في تتبع ما جاء عن الفكر الاسلامي وتقويمه لرجالات الدين المسيحي، والحق ان نصوص المناظرات التي خاض غمارها الامام الرضا (ع)  بالصورة الرسمية مع الديانات المختلفة لجديرة بقراءتها قراءة علمية ومعرفية خالصة وتتبع تلك النصوص ومعرفة نسب التفاوت بينها وبين ما وصل الينا اليوم من الفاظ ومفاهيم في ضبط النص الانجيلي.

ويشير الامام الرضا (ع)  في مناظراته الى شيء خطير في تاريخ المسيحية بقوله : (يا جاثليق الا تخبرني عن الانجيل الاول . . . ومن وضع لكم هذا الانجيل) (14)، فكان الجواب بان افتقاد الانجيل ليوم واحد ثم اخرجه يوحنا ومتى غضا طريا، فاستدل الامام لو كان كذلك لما اختلفتم فيه ووجد على نسخ متعددة وليس الاول الذي لا يمكن الاختلاف فيه، ثم شرح الامام تاريخ اظهار مثل هذه الاناجيل : (اعلم انه لما افتقد الانجيل الاول اجتمعت النصارى الى علمائهم، فقالوا لهم : قتل عيسى بن مريم (ع)  وافتقدنا الانجيل وانتم العلماء فما عندكم؟ فقال لهم الوقا ومرقابوس ان الانجيل في صدورنا ونحن نخرجه اليكم سفرا سفرا في كل احد فلا تحزنوا عليه ولا تخلوا الكنائس فإنا سنتلوه عليكم في كل احد سفرا سفرا حتى نجمعه كله فقعد الوقا ومرقابوس ويوحنا ومتى فوضعوا لكم هذا الانجيل بعد ما افتقدتم الانجيل الاول وانما كان هؤلاء الاربعة تلاميذ لتلاميذ الاولين)(15)، وقد أيد الجاثليق هذا الكلام من دون اعتراض .

وقد بين العلامة البلاغي من ان الاربعة هم اثنان من تلاميذ المسيح الاثني عشر وهما متى ويوحنا واثنان من اتباع التلاميذ وهما مرقس ولوقا(16)، وكلام الامام الرضا (ع)  يثبت ان يوحنا ومتى هم من الاتباع وليس من التلاميذ والنص يبين اسس ظهور النص المفتقد ولقد سمى بالانجيل بعد فقد الانجيل الاول وكلامهم في كل احد سفراَ يدل على التباعد الزمني لكي يكتبوا ما حفظوا في الصدور ويخرجوه كل يوم احد من كل اسبوع .

 وقد حاجج الامام الرضا (ع)  الجاثليق بعد ما وثق نقلة النصوص التي قد تكون مفقودة اليوم ونقلة النصوص التي اوردها الامام (ع)  عن طريق متى ولوقا ومرقابوس بعد اعتراف الجاثليق بشهادة هؤلاء وقوله : (جائزة هؤلاء علماء الانجيل وكلما شهدوا به فهو حق)(17).

نص متى :

 النص الاول الذي نقله الامام عن متى هو : (ان المسيح هو ابن داود بن ابراهيم بن اسحق بن يعقوب بن يهوذا بن حضرون) (18)، وهذا الكلام موجود في الاصحاح الاول في كتاب نسب يسوع المسيح ابن داوود ابن ابراهيم وابراهيم ولد اسحق واسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا واخوته ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار وفارص ولد حصرون . . الخ) (19).

نص مرقابوس :

 في عيسى (ع)  من انه : (كلمة الله احلها في جسد الآدمي فصارت انسانا.. الخ) (20) .

نص لوقا :

جاء فيه: (ان عيسى بن مريم وامه كانا انسانين من لحم ودم فدخل فيهما الروح القدس ثم انك تقول من شهادة عيسى على نفسه حقا اقول لكم : يا معشر الحواريين انه لا يصعد الى السماء الا من نزل منها الا راكب البعير خاتم الانبياء فانه يصعد الى السماء وينزل(21).

وبعد ان جاء الامام بهذه النصوص واعترف بها الجاثليق ولكنه انكر ما قالوه في المسيح لوقا ومرقابوس ومتى من البشرية ونفي الالوهية او الإبنية .

كان منهج الامام الرضا (ع)  انه يوصل الآخر الى الاجابة بعد ان يلزمه الحجة ويقارعه بالبرهان العقلي والنقلي كما أوصل الجاثليق الى قوله : ( يا عالم المسلمين احب ان تعفيني من امر هؤلاء)(22)، وهذا يدل الى ان المناظرة تكون بهذه الكيفية من البحث والاستيعاب لرد الآخر ردا علميا لا مناص منه من الاعتراف بالحق .

وفي مناظرة أخرى مع ابي قرة صاحب الجاثليق الذي قال بحضرة الامام الرضا (ع)  : (فأنا نحن ادعينا ان عيسى روح الله وكلمته القاها فوافقنا على ذلك المسلمون، وادعى المسلمون ان محمدا نبيا فلم نتابعهم عليه وما اجمعنا عليه خير مما افترقنا فيه)، فأجابه الامام الرضا (ع)  : (إنا آمنا بعيسى بن مريم (ع)  روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد 9 ويبشر به ويقر على نفسه انه عبد مربوب)(23).

ان هذه المناظرات العلمية وبرعاية رسمية كانت مثالا رائعا على روحية الاسلام الانسانية من عدم إكراه الآخر على اعتناق الاسلام ومعبرة تماما عن اخلاقية المناظرة العلمية والبحث المعرفي الخالص، ففيها لا نجد الامام (ع)  يغلظ في الكلام والمناظرة تجاه الآخر .

ولم تكن هذه المناظرات رسمية كلها فقد عقدت مناظرات مشابهة لها في البصرة والكوفة كما في خراسان وبحضور المأمون ناقش فيها اليهودية والمسيحية واقروا له بالفضل والعلم واعترفوا بما نقله من نصوص عن التوراة والانجيل(24).

مناظرة اليهودية:

ناظر الامام (ع)  اليهود وعلى رأسهم رأس الجالوت وهو يقرأ له من اسفار التوراة اذ قرأ له : (اذا جاءت الامة الاخيرة اتباع راكب البعير يسبحون الرب جدا جدا تسبيحا جديدا في الكنائس الجدد فليفرغ بنو اسرائيل اليهم والى ملكهم لتطمئن قلوبهم فان بايديهم سيوفا ينتقمون بها من الامم الكافرة في أقطار الارض)(25).

ثم نقل قول موسى (ع)  الى بني اسرائيل : (انه سيأتيكم نبي من اخوانكم فبه فصدقوا ومنه فاسمعوا) (26)، ثم استشهد بقول التوراة في اثبات نبوة النبي محمد 9 بما نصه : (جاء النور من قبل طور سيناء واضاء لنا من جبل ساعير واستعلن علينا من جبل فاران) (27)، ونقل ايضا قول حبقوق النبي (ع)  ما نصه : (وكتابكم ينطق به جاء الله تعالى بالتبيان من جبل فاران وامتلأت السموات من تسبيح احمد وامته يحمل خيله في البحر كما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد بعد خراب بيت المقدس) (28)، ونقل قول داود (ع)  : (اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة) (29).

ورأس الجالوت هو كبيرهم وكان الحوار معه وقد نقل الامام قول حبقوق وله كتاب ظهر في السنوات الاخيرة قبل سقوط اورشليم في سنة 586 ق.م(30) وفيه ما تبقى من كلمات متفرقات عما ذكره الامام (ع)  فقد جاء في قوله : (قد اقبل الله من ادوم وجاء القدوس من جبل فاران . . وامتلأت الارض من تسبيحه . . الخ) (31)، وفيه ما معنى كلام الامام في ظهور الاسلام في البر والبحر ولكنه مضاف اليه ومتفرق بعض كلماته التي ذكرها الامام في بداية القرن الثالث الهجري وصدقها رأس الجالوت وما ذكره الامام يحتاج الى وقفة علمية وبحثية لاستكشافمدى التغيير الذي حصل في مدونات اليهود وكتبهم .

ومن الغريب نفي الكاتب عودة مهاوش الاردني الذي توصل الى نتيجة نفي كلام حبقوق عد كلامه من المذكرات الشخصية لرجل غير معروف ، لأنه لا يعرف عن حبقوق مكانه وتاريخ ولادته(32)، وقد غفل عن اسمه في تراثنا الاسلامي واستدلال الامام الرضا (ع)  بكلامه وقد قارنا بين الكلامين فان ما ذكره الامام يقرب بما موجود من كلامه اليوم وان حذف بعضه وهو دليل على حقيقة مثل هذا الكلام من هذا النبي كما جاء وصفه من قبل الامام (ع)  بالنبوة جاء ايضا في الكتب المقدسة وصفه بالنبي حبقوق(33) ، وذكره احمد شلبي انه من الانبياء المتأخرين وهم اشعيا وارميا وحزقيال وحبقوق وغيرهم(34).

كان الامام يقرأ الاسفار التوراتية بشكل يثير التعجب لدى الحاضرين ومنهم اليهودي الذي ناظره الامام (ع)  اذ ورد في النص الذي رواه الصدوق(35).

وذكر الامام الرضا (ع)  في معرض اثبات نبوة الرسول 9 من وصية موسى (ع)  لنبي اسرائيل : (انه سيأتيكم نبي من اخوانكم فبه فصدقوا ومنه فاسمعوا) فهل تعلم ان لبني اسرائيل اخوة غير ولد اسماعيل ان كنت تعرف قرابة اسرائيل من اسماعيل والنسب الذي بينهما من قبل ابراهيم (ع) ، وقد رد رأس الجالوت بأنّ هذا قول موسى لا ندفعه(36).

ونقل عن رأس الجالوت قوله بحق الامام الرضا (ع)  : (ما رأيت اقرأ للتوراة والانجيل والزبور منك، ولا رأيت احدا احسن بيانا وتفسيرا وفصاحة لهذه الكتب منك)(37)، وهذا النص يشير اشارة واضحة وصريحة الى ان النظرية الاسلامية وقواعدها وقوانينها متمثلة بأهل هذا البيت الممتد الى الرسول 9 صاحب الرسالة الالهية الخاتمة.

الخلاصة والتوصيات

بعد هذه الجولة السريعة في هذا البحث توصلنا الى النتائج الآتية :

ان التراث الاسلامي ثر في فكره ويمكن الكشف عن جملة من الحقائق الفكرية بالتتبع .

ان تتبع الحركة للأئمة : وبالأخص مناظراتهم يكشف عن حقائق مهمة جدا في الفكر الانساني .

ويمكن ان نلخص ذلك في نقطة مهمة جدا وهي اعداد دراسات مقارنة تصلح رسائل واطاريح في مناظرات الأئمة : مع كافة الملل والنحل ومقارنة ما ورد مع ما موجود فيكشف عن تاريخ تطور الافكار .

-------------------------------------

*هوامش البحث*

(1) الشرفي، الفكر الاسلامي في الرد على النصارى، (بيروت : دار المدار الاسلامي، 2007 م) ،ص 198.

(2) الصدوق، ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، عيون اخبار الرضا (ع) ، قدم له : محمد مهدي الخرسان، (النجف الاشرف: المطبعة الحيدرية، 1390 هـ) ، ج1، ص 126، الطبرسي، الاحتجاج، (النجف الاشرف، المطبعة المركزية، 1350 هـ) ص226 .

(3) المصدر نفسه، ج1 ، ص 127 .

(4) المصدر نفسه، ج1، ص 128 .

(5) الصدوق، عيون اخبار، ج1 ، ص128 .

(6) المصدر نفسه، ج1، ص 129 .

(7) الصدوق، عيون اخبار، ج1 ، ص129 .

(8) المصدر نفسه، ج1، ص 130 .

(9) صاحب الاصحاحات المشهورة في العهد القديمة، للمزيد ينظر: اشعيا، ص 992 - 1072 ، وله 66 اصحاحا .

(10) الصدوق، عيون، ج1 ، ص 132 .

(11) المصدر نفسه، ج1، ص132، ولفظة البارقليطا قد وردت بعدة الفاظ منها اللفظ اليوناني بيركلوطوس الذي تم تعربيه فيرفلوط بمعنىاحمد او محمد كما يدعيه النصارى ويصححونه بيراكلي طوس ويعبرون عنه فارقليط كما عن التراجم المطبوعة في لندن سنة 1821 م وسنة 1831م وسنة 1841م ، وفي مطبوعة وليم واطس في لندن سنة 1857 م على النسخة المطبوعة في روميه سنة 1664 م، وفي الترجمة العبرانية للأصل اليوناني المطبوعة سنة 1901م، وفي انجيل برنابا يصرح باسمه الشريف ولكن هذا الانجيل قد حرمه البابا جلاسيوس الاول الذي نال البابويه سنة 492 م او جلاسيوس الثاني سنة 1118 م، للمزيد ينظر : البلاغي، الرحلة المدرسية، ص 258 .

(12) للمزيد ينظر: البلاغي، الرحلة المدرسية من موسوعة العلامة البلاغي، ج5، ص 90 .

(13) للمزيد ينظر: المرجع نفسه، ج5، ص144 .

(14) الصدوق، عيون، ج1، ص132 .

(15) المرجع نفسه .

(16) البلاغي، الرحلة المدرسية (الموسوعة) ، ج5، ص 138 .

(17) الصدوق، عيون، ج1، ص 133 .

(18) الصدوق، عيون، ج1، ص 133 .

(19) باول، انيوك، تطور الانجيل المسيح ابن الله ام ملك من نسل داوود؟ دراسة نقدية وترجمة جديدة لأقدم الاناجيل تكشف مفاهيم مثيرة، ترجمة ودراسة، احمد ايبش، (دمشق : دار قتيبة، 1424 هـ) ، ص79، العهد الجديد، (بيروت : المطبعة الكاثوليكية، 1969 م) ص6 .

(20) الصدوق، عيون، ج1 ، ص 133 .

(21) المصدر نفسه .

(22) الصدوق، عيون، ج1، ص133 .

(23) العطاردي، عزيز الله، مسند الامام الرضا (ع) ، (بيروت: دار الصفوة، 1413 هـ)، ج2، ص 95 .

(24) المرجع نفسه، ج2 ، ص101 .

(25) الصدوق، عيون، ج1، ص 131 .

(26) المصدر نفسه، ج1، ص 134 .

(27) المصدر نفسه، ج1، ص 134 .

(28) المصدر نفسه، ج1، ص134 .

(29) المصدر نفسه، ج1، ص 135 .

(30) موقع اليكتروني Arabic bible ، وهو ما جاء في العهد القديم، دار الكتاب المقدس 1980 م، ص1329 .

(31) المرجع نفسه .

(32) الاردني، عودة مهاوش، الكتاب المقدس تحت المجهر، (قم : الصدر، 1412 هـ) ، ص 45 .

(33) حبقوق : اسم عبري معناه يعانق او ربما اسم نبات حديقة نبي في يهوذا كان من سبط لاوي وسفر حبقوق هو الثامن في النبوات الصغيرة ويتكون من : 1- شكوى اولى 2- شكوى ثانية 3- صلاة تسبيح، للمزيد ينظر : الكساندر طمسن وابراهيم مطر، (بيروت : مكتبة المشغل، 1981 م) ، ص 287 .

(34) شلبي، احمد ، مقارنة الاديان، (القاهرة، مكتبة النهضة المصرية ، 1973 م) ، ص 231 .

(35) الصدوق، عيون الاخبار، ص 130 .

(36) المصدر نفسه، ص 134 .

(37) العطاردي،المسند، ج1 ، ص99 .

-------------------------------------

*المصادر والمراجع*

الاردني، عودة مهاوش .

الكتاب المقدس تحت المجهر، (قم، الصدر، 1412 هـ) .

البلاغي ، محمد جواد .

الرحلة المدرسية ، موسوعة العلامة البلاغي، (قم : مركز العلوم والثقافة الاسلامية، 1428 هـ/ 2007 م) .

 باول ، انيوك .

تطور الانجيل المسيح ابن الله ام ملك من نسل داوود؟ دراسة نقدية وترجمة جديدة لأقدم الاناجيل تكشف مفاهيم مثيرة، تر : احمد ايبش، (دمشق : دار قتيبة، 1424 هـ) .

الشرقي ، عبد المجيد .

الفكر الاسلامي في الرد على النصارى ، (بيروت : دار المدار الاسلامي، 2007 م) .

شلبي ، احمد .

مقارنة الاديان، (القاهرة : مكتبة النهضة المصرية، 1973 م) .

الصدوق، ابو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (ت 381 هـ) .

عيون اخبار الرضا (ع) ، قدم له : محمد مهدي الخرسان، (النجف الاشرف : المطبعة الحيدرية، 1390 هـ).

الطبرسي ، ابو منصور احمد بن علي بن ابي طالب (ت 620 هـ) .

الاحتجاج، (النجف الاشرف : المطبعة المرتضوية، 1350 هـ) .

العطاردي ، عزيز الله .

مسند الامام الرضا (ع)  ، (بيروت : دار الصفوة، 1413 هـ) .

قاموس الكتاب المقدس .

مجمع الكنائس الشرقية، هيأة التحرير : بطرس عبد الملك وجون الكساندر طمس وابراهيم مطر ، (بيروت : مكتبة المشغل، 1981 م) .

موقع اليكتروني Arabic bibleوهو ما جاء في العهد القديم ، دار الكتاب المقدس، 1980 م .