البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الفكر الكلامي عند السيدة الزهراء (ع) (الخطبة الفدكية انموذجاً)

الباحث :  السيد سلام الخرسان
اسم المجلة :  العقيدة
العدد :  8
السنة :  السنة الثالثة - جمادى الآخره 1437هـ / 2016م
تاريخ إضافة البحث :  April / 17 / 2016
عدد زيارات البحث :  7579
تحميل  ( 515.375 KB )
مقدمة

وبه نستعين، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين أبي القاسم المصطفى، وعلى أخيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب وعلى الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وعلى أبنائها الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين الامام الموعود،  والأمل المنشود، الحجة بن الحسن (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الاولين والآخرين..

أما بعد ..

لقد حظي كلام المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، بعناية فائقة منذُ فجر الاسلام المحمدي الأصيل وحتى عصرنا الحاضر، وسوف يبقى مناراً للأجيال إلى ما شاء الله تعالى.

وقد عرضه العلماء والمتكلّمون والأدباء والشعراء، في كلامهم واغترفوا من هذا المنهل العظيم، فكلامهم : دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين، كيف لا وهم عدل القرآن، بل هم القرآن الناطق.

ولا شك في أنّ خطبة السيدة الزهراء (ع) هي من أشرف الخطب وأعلاها رتبة في البلاغة، وقد اشتملت على المعارف الإلهية، التي هزت بها اركان الظلم والطغيان، وأزالت الغشاوة عن أعين الناس، ولم يكن كلامها مجرد محاججة ومجادلة مع القوم فحسب، بل كان كلامها دستوراً للعقائد والتشريعات الاسلامية بكل صورها، في التوحيد والعدل وفي النبوة والامامة والمعاد، فكلامها (ع) شامل لكل النواحي التكوينية والتشريعية.

ولأجل بيان أسرار هذه الخطبة المباركة فقد اختار الباحث عنوان بحثه (الفكر الكلامي عند السيدة الزهراء (ع) الخطبة الفدكية انموذجاً).

وقد قسم البحث على مقدمة وتمهيد وخمسة مباحث.

عرض الباحث في التمهيد أسانيد الخطبة الفدكية.

أمّا المبحث الأول فقد عرض فيه التوحيد، وقد قسمه على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: وجوب النظر في معرفة الله تعالى. وفي المطلب الثاني: أدلة وجود الله تعالى، وفي المطالب الثالث: حقائق التوحيد وأسرار الشهادة بالوحدانية عند الزهراء (ع).

في حين عرض في المبحث الثاني: العدل الإلهي، وقد قسمه على ثلاثة مطالب: المطلب الأول: مفهوم العدل لغة واصطلاحاً والمطلب الثاني: أدلة اثبات عدل الله عز وجل. والمطلب الثالث: العدل الالهي في كلام الزهراء (ع).

وعرض المبحث الثالث: النبوة، وقد قسمه على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم النبوة وطرق اثباتها، والمطلب الثاني: أدلة لزوم بعثة الانبياء، والمطالب الثالث: النبوة في فكر السيدة الزهراء (ع).

أما المبحث الرابع: فقد عرض فيه الامامة. وقد قسمه على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول : معنى الامامة لغة واصطلاحا. والمطالب الثاني: طرق إثبات الإمامة والمطالب الثالث: الزهراء (ع) ودفاعها عن الإمامة.

وفي المبحث الخامس: المعاد، وقسمه على ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: المعاد لغة واصطلاحاً، والمطلب الثاني: ادلة المعاد، والمطالب الثالث: المعاد في فكر الزهراء (_عليها السلام).

وفي الخاتمة ذكر الباحث أهم النتائج التي توصل اليها.

أما أهمية الموضوع واختياره فتكمن في أن الزهراء (ع) تعدّ حلقة الوصل بين النبوة والإمامة، بل هي الوعاء الذي حمل الأئمة الطاهرين :.

وكذلك تبرز أهميته بإثراء المكتبة العلمية بفكر أهل البيت :.

أما أهدافه: فهي بيان دور الزهراء (ع) في التصدي للظلم والدفاع عن العقيدة الحقة. وكذلك توضيح فلسفة أسرار الأحكام.

والاشارة أيضاً إلى مظلومية أهل البيت : وما تعرضوا له من اغتصاب لحقوقهم وابعادهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها.

وايضاً ابراز بلاغة السيدة الزهراء (ع) في كلماتها النورانية.

أمّا أهم المصادر والمراجع التي اعتمد عليها الباحث للوصول إلى ما كان يصبو اليه، تفسير القرآن الكريم للطباطبائي والطبرسي، وشرح الخطبة الفدكية، وشرح نهج البلاغة، ومحاضرات في الالهيات، والالهيات، وبحار الانوار، والنكت الاعتقادية، وكتب اللغة كلسان العرب ومجمع البحرين والمفردات، والكتب الكلامية ككتاب الذخيرة في علم الكلام، والمواقف في علم الكلام، وما سواها من المصادر والمراجع.

وأخيراً يبتهل الباحث إلى الله سبحانه وتعالى ان يتقبل منه هذا العمل ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وان ينفع به كل من يقرأه أو يطلع عليه، ويجعله في ميزان حسناتهم إنه سميع عليم.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا وشافع ذنوبنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.


التمهيد

أسانيد الخطبة الفدكية

إنَّ هذه الخطبة رواها الموالف والمخالف، وقد اهتمّ بنقلها أهل البيت : من الصدر الأول حتى شاعت واشتهرت عند المحدّثين والعلماء..

رغم من سعى من المخالفين والمعاندين لأهل البيت : على اخفائها أو رميها بالتلفيق والتزوير - وهذا طبيعي لأنّه فيه تفضيح لزعمائهم - إلاّ أنها ذاع صيتها بين الناس حتى أشار اليها اللغويون القدماء في كتبهم أمثال:

الخليل الفراهيدي (ت170هـ) حيث قال: (اللُّمَةُ) مخففة: الجماعة من الرجال والنساء أيضاً، وفي الحديث «جاءت فاطمة (ع) إلى أبي بكر في لمُيمْةٍ من حَفَدتها ونساء قومها»([1]) . فقد أشار الفراهيدي هنا إلى خروج السيدة الزهراء (ع) إلى ابي بكر من أجل المطالبة بحقها بفدك.

وكذلك ما قاله ابن منظور (ت 711هـ) في معنى (لُمّة): (كل من لقي في سفره من يؤنسُه أو يُرفده. وفي الحديث: لا تسافروا حتى تُصيبوا لُمّة أي: رُفقة.

وفي حديث فاطمة رضوان الله عليها، إنها خرجت في لُمّةٍ من نسائها تتوطأ ذيلها إلى أبي بكر فعاتبته، أي: في جماعة من نسائها .. )([2]).

وقوله فعاتبته أيضاً فيه إشارة إلى هذهِ الخطبة.

وأما غيرهم فقد رواها كل من أحمد بن أبي طاهر المعروف بابن أبي طيفور (ت280هـ) في كتابه (بلاغات النساء) الذي يعدّ من أقدم الكتب التي ذكرت الخطبة بكاملها بالأسانيد المتضافرة. وهو من المصادر المهمة، وقد رواها عن الأئمة :، وعن زينب ابنة أمير المؤمنين (ع) وأسندها إليهم([3]).

ثم قال : (قال ابو الفضل ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) كلام فاطمة (ع) عند منع أبي بكر إياها فدك وقلت له: إنّ هؤلاء يزعمون أنه مصنوع وأنه من كلام أبي العيناء (الخبر منسوق البلاغة) فقال لي: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم وقد حدثنيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمة (ع) على هذه الحكاية ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء ... إلى أن قال: وهم يروون كلام عائشة عن موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة (ع) يتحققونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت ... ثم ذكر الحديث)([4]).

وروى هذه الخطبة ابو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري (ت323هـ) في كتابه (السقيفة وفدك) فقال: (حدثني احمد بن محمد بن يزيد، عن عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عند عبد الله بن الحسن بن الحسن، قالوا جميعاً: لما بلغ فاطمة (ع) اجماع ابي بكر على منعها فدك، لاثت خمارها، وأقبلت في لمةٍ من حفدتها ونساءِ قومها .. )([5]).

وقال المسعودي (ت346هـ) في مروج الذهب: (وأخبار من قعد عن البيعة ومن بايع، وما قالت بنو هاشم، وما كان من قصة فدك، وما قاله أصحاب النص والاختيار في الامامة، ومن قال بإمامة المفضول وغيره، وما كان من فاطمة (ع) وكلامها ... )([6]).

وقد رواها الخوارزمي (ت 568هـ) عن الحافظ ابن مردويه، في كتابه (مقتل الحسين (ع) )([7]).

وذكرها ابن الاثير (ت606هـ) في كتابه النهاية في باب (لمة)([8]).

وكذلك ذكرها في كتابه (منال الطالب في شرح طوال الغرائب) إذ أورد الخطبة كاملة.

فقال: (قالت زينب بنت علي بن أبي طالب: لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منعها حقها من فدك، لاثت خِمارها، واقبلت في لمةٍ من حفدتها ونساءِ قومها...)([9]).

اما ابن ابي الحديد (ت656هـ) فقد روى الخطبة في كتابه (شرح نهج البلاغة) حينما شرح كتاب أمير المؤمنين (ع) إلى عثمان بن حنيف عند ذكر الأخبار الواردة في فدك. فقال ابن ابي الحديد: (الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم، لا من كتب الشيعة ورجالهم ... وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك .. وأبو بكر الجوهري هذا عالمٌ محدِّث كثير الادب، ثقة ورع، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته)([10]).

ثم قال: (قال ابو بكر: فحدثني محمد بن زكريا قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي... عن عبدالله بن الحسن بن الحسن قالوا جميعا: لما بلغ فاطمة (ع) إجماع ابي بكر على منعها فدك، لاثت خمارها، واقبلت في لمةٍ من حفدتها ونساء قومها ..)([11]).

وقد رواها الاستاذ عمر رضا كحالة، في كتابه (أعلام النساء)، فقال: (ولما أجمع ابو بكر على منع فاطمة بنت رسول الله (ص) ، من فدك وبلغ ذلك فاطمة، لاثت خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها ... )([12]).

أما في كتب الإمامية فقد ذكرها جملة من العلماء الأعلام منهم:-

الشيخ الصدوق (ت 381هـ) فقد أورد بعض مقاطعها في كتابه (علل الشرائع) بسند ينتهي إلى زينب بنت علي (ع)، وطرق أخرى عديدة([13]).

وروى الطبري في كتابه (دلائل الإمامة) فقال: (حدثني ابو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا ابو العباس احمد أبن محمد بن سعيد الهمداني، قال : حدثني احمد بن محمد بن عثمان بن سعيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن الحسين العضباني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نصر البزنطي عن السكوني عن أبان بن عثمان الأحمر عن أبان بن تغلب الربعي عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما بلغ فاطمة اجتماع أبي بكر على منع فدك ..)([14]).

وروى الشيخ الطبرسي (ت620هـ) في كتابه (الاحتجاج) بسند عن ابي عبد الله بن الحسن بأسناده عن آبائه: أنه لما أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة (ع) فدكاّ، وبلغها ذلك لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها..)([15]).

وقال العلامة بهاء الدين الأربلي في كتابه (كشف الغمة في معرفة الأئمة): (أن خطبة فاطمة (ع) نقلتها من كتاب (السقيفة) عن عمر بن شبة تأليف أبي بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور، قرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة، روى عن رجاله من طرق عدّة: أن فاطمة (ع) لما بلغها اجماع ابي بكر على منعها فدكاً لاثت خمارها وأقبلت في لميمةٍ من حفدتها ... )([16]).

وذكر السيد ابن طاووس (ت664هـ) في كتابه (الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف) موضع الشكوى والاحتجاج من هذه الخطبة عن الشيخ اسعد بن شقروة في كتابه (الفائق).

... قال: (حدثنا شرفي بن قطامي عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: لما بلغ فاطمة (ع) أن أبا بكر قد أظهر منعها فدك لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها...)([17]).

وقال العلامة الامام السيد شرف الدين في كتابه (النص والاجتهاد): (السلف من بني علي وفاطمة يروي خطبتها في ذلك اليوم لمن بعده ومن بعده رواها لمن بعده حتى انتهت إلينا يداً عن يد، فنحن الفاطميون نرويها عن آبائنا، وآباؤنا يروونها عن آبائهم، وهكذا كانت الحال في جميع الأجيال إلى زمن الائمة: من ابناء علي وفاطمة (ع) ([18]).

ثم يذكر أن هذه  الخطبة قد ذكرت في كتب عديدة وبطرق وأسانيد متعددة، فقال: (ودونكموها في كتاب (الاحتجاج) للطبرسي، وفي (بحار الانوار)، وقد اخرجها من أثبات الجمهور وأعلامهم ابو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب (السقيفة وفدك)  بطرق وأسانيد ينتهي بعضها إلى السيدة زينب بنت علي وفاطمة :، وبعضها إلى الامام ابي جعفر محمد الباقر (ع)، وبعضها إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن يرفعونها جميعاً إلى الزهراء (ع)، وأخرجها ايضا ابو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني بالإسناد الى عروة بن الزبير ... ونقل ثمة عن زيد أنه قال: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونها عن آبائهم ويعلمونها أولادهم)([19]).

وقال الشريف المرتضى في مقام الرد على القاضي عبد الجبار مؤلف (المغني): (روى اكثر الرواة الذين لا يتهمون بتشيع ولا عصبية فيه من كلامها (ع) في تلك الحال، بعد انصرافها عن مقام المنازعة والمطالبة ما يدل على ما ذكرناه من سخطها وغضبها)([20]).

ثم يذكر أسانيد عدّة تثبت صحة هذه الخطبة وصدورها من السيدة الزهراء (ع)، فيقول: (نحن  نذكر من ذلك ما يستدل  به على صحة قولنا، قال المرزباني: وحدثنا  أبو بكر احمد بن محمد المكي  قال: حدثنا أبو العينا محمد  بن القاسم السيمامي، قال: حدثنا ا بن عائشة قال: لما  قبض رسول الله (ص) أقبلت  فاطمة (ع)  في لمة من حفدتها إلى أبي بكر  ...    ) ([21]). 

وقال العلامة المجلسي (ت1111هـ):  (أعلم أ ن هذه الخطبة  من الخطب المشهورة التي  روتها  الخاصة والعامة بأسانيد متضافرة ... قال ابو بكر : حدثني احمد بن محمد بن ز يد ، عن عبد  الله بن محمد  بن سليمان، عن ابيه، عن عبد الله بن الحسن. قالوا جميعا: لما  بلغ فاطمة (ع) اجماع أبي بكر على منعها فدك لاثت خمارها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها ... )([22]).

المبحث الأول

(التوحيد)

وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول: وجوب النظر في معرفة الله تعالى:
انَّ الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها كل مسلم هي وجوب وحدانية الله عز وجل، أي إنَّ الله واحد لا شريك له في الملك.

وإنَّ الخطوة الأساس في الدين هي معرفة الله سبحانه وتعالى، والى هذا المعنى اشار سيد البلغاء والمتكلمين الإمام علي بن ابي طالب (ع) بقوله: «أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ... )([23]).

قال التستري (ت 1019هـ): (إنّ النظر واجبٌ بالعقل، الحق أن مدرك وجوب النظر عقلي لا سمعي وإن كان السمع قد دل عليه أيضاً بقول تعالى (قال انظروا)([24]) وقال الاشاعرة: قولاً يلزم منه انقطاع حجج الأنبياء، وظهور المعاندين عليهم وهم، فقالوا: إنه واجب بالسمع لا بالعقل وليس يجب بالعقل شيء البتة... )([25]).

قال الفضل بن روزبهان الخنجي الشيرازي: (اعلم أن النظر في معرفة الله تعالى واجبٌ بالاجماع، والاختلاف في طريق ثبوته، فعند الاشاعرة طريق ثبوته السمع لقوله تعالى: (قل انظروا)([26]). 

وأما المعتزلة والامامية فهم أيضاً يقولون بوجوب النظر، لكن يجعلون مدركه العقل لا السمع)([27]) في حين قال الشهيد الثاني: (اعلم أن العلماء اطبقوا على وجوب معرفة الله تعالى بالنظر وأنها لا تحصل بالتقليد، إلا من شذ منهم كعبدالله بن الحسن العنبري، والحشوية، والتعليمية، إذ ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الأصولية كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع والنبوة والعدل وغيرها، بل ذهب بعضهم إلى وجوبه لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة في انه عقلي أو سمعي، فالامامية والمعتزلة على الاول والاشعرية على الثاني)([28]).

وقد أشارت كثير من كتب علماء الشيعة الامامية المعدة للعقائد إلى حكم العقل بوجوب تحصيل المعرفة بالله عز وجل، وكذلك في طيات بعض الكتب الفقهية، وأغلب تلك المصادر تؤكد على أن هذا الوجوب يجب أن يكون مستنداً للدليل العقلي.

ويمكن أن يُتصور نوعان لمعرفة الله: المعرفة الحضورية والمعرفة الحصولية.

والمعرفة الحضورية: تعني أن يتعرف الانسان على الله عن طريق نوع من الشهود الباطني والقلبي من دون توسيط المفاهيم الذهنية.

ومن البديهي أن من يملك هذا الشهود الشعوري (النابه أو الواعي) بالنسبة لله تعالى لا يحتاج إلى الاستدلال والبرهان العقلي، ولكن مثل هذا العلم لايتحصل لأي كان، فهو يحتاج إلى بناء النفس واجتياز مراحل السير والسلوك العرفانية([29]).

وطبيعي أن هذا العلم وكما نعتقده موجود عند الانبياء: وعند الأئمة المعصومين : إذ أنهم كانوا يتميزون بنوع من الشهود منذ طفولتهم.

والمعرفة الحصولية: تعني أن يتوصل الانسان من خلال بعض المفاهيم الكلية أمثال (الخالق الغني العالم بكل شيء والقادر على كل شيء ... ) إلى معرفة ذهنية بمعنى (غيبي) عن الله تعالى ليؤمن بوجود مثل هذا الموجود المتعالي في حدود هذه المعلومات ... ثم يضيف اليهامعلومات حصولية أخرى، ومن خلال ذلك كله يتوصل إلى نظام عقائدي متناسق (الرؤية الكونية)([30]).

ورغم وجود طرق متعددة ومختلفة لمعرفة الله تعالى، إلاّ أن أسهل الطرق وأوضحها يتمثل في التأمل في آيات الله تعالى وشواهده، تلك الآيات التي تحتاج إلى تفكر والتي تؤدي إلى الدلالة على معرفة الله سبحانه وتعالى. وإن هذا الطريق يوجه الانسان بصورة مباشرة نحو خالق الكون وموجده. من خلال ايقاظ المعرفة الفطرية لدى الانسان. فكل ما موجود في هذا الكون هو عبارة عن آيات دالة على خالق عظيم ومقدر قدير لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء. كما أن الانسان في الحياة الدنيا غارق في النعم، وهذا واضح لكل عاقل ولا يمكن لأحدِ ان ينكره، وعليه فإنّ العقل يحكم بوجوب شكر المنعم، وهذا الشكر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال معرفة المنعم. ومن هنا وجب البحث عن المنعم الذي أفاض هذه النعم على الانسان.

المطلب الثاني: أدلة وجود الله تعالى:
هناك اختلاف بين الفرق الاسلامية فيما يتعلق بالادلة التي أوردوها لاثبات وجود الله تعالى، فمنهم من قال بأن العقل هو أصل المعرفة واعتمد القرآن الكريم بوصفه معجزاً وبرهاناً في إثبات الله تعالى، وقد وافق هؤلاء الاشعرية ([31]).

وبعض علماء ابناء العامة([32])، ومنهم من اعتمد على أدلة أخرى كدليل الجوهر الفرد أي الاعتقاد بوجود الجزء الذي لا يتجزأ، وهو ما عليه فريق واسع من المسلمين وهم غالبية المعتزلة وجمهور المتكلمين، ويرى ابو القاسم البلخي المعتزلي (ت319هـ) مثلا أن امتداد الجسم ناشئ عن التأليف بين الجواهر الأفراد لا لأن للجواهر الأفراد حجوماً.

ومن أوائل المعتزلة الذين قالوا بالجوهر الفرد هو الهذيل العلاف (ت277هـ) والجبائي (ت303هـ) ([33])، في حين كان ابراهيم النظام (ت221هـ) من خصوم مذهب الجزء الذي لا ينقسم([34])، وهناك دليل آخر يعدّ من البراهين التي يستدل بها على اثبات وجود خالق الكون، وهو ما يعرف بـ(برهان الحدوث) وهو مشهور عند المتكلمين([35]). وأيضاً من البراهين والادلة الاخرى الدالة على وجود خالق لهذا الكون، هو برهان النظم، الذي يُعد من أوضح البراهين العقلية تناولاً للجميع، عن طريق مشاهدة النظام الدقيق السائد في هذا الكون والتفكر فيه.

وان برهان النظم يقوم على مقدمتين: احداهما حسية، والاخرى عقلية.

أما الأولى: فهي هناك نظام سائد على الظواهر الطبيعية التي يعرفها الانسان أما بالمشاهدة الحسية الظاهرية أو بفضل الأدوات والطرق العلمية التجريبية([36]).

حيث إنّ العلوم الطبيعية لا زالت إلى اليوم تكتشف اموراً جديدة في نظام الطبيعة وكلما تطورت هذه العلوم توصلت إلى اكتشافات أخرى.

أما المقدمة الثانية: فهي أن العقل بعد ما لاحظ النظام وما يقوم عليه من التوازن والانسجام، يحكم بالبداهة بأن هذا الأمر لا يصدر إلا عن فاعل قادر عليم ذي إرادة وقصد، ويستحيل تحققها صدفة([37]).

ونرى أن الوحي القرآني قد اعطى برهان النظم اهتماماً بالغاً، وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تدعو الانسان إلى التفكر في نظام الكون وما يحويه من الاتقان والابداع.

قال تعالى:﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ...﴾([38]).

وقال الامام الصادق (ع) لتلميذه المفضل بن عمر: (أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه، تهيئة هذا العالم وتأليف اجزائه ونظمها على ما هي عليه، فإنك إذا تأملت بفكرك ونيرته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج اليه العباد، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم مضيئة كالمصابيح... ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملاءمة...)([39]).

المطلب الثالث: حقائق التوحيد وأسرار الشهادة بالوحدانية عند الزهراء (ع):
قالت مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) في خطبتها الغراء :

«وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، كَلِمَةٌ جَعَلَ الإِْخْلاصَ تَأْويلَها، وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها، وَأَنارَ في الْفِكَرِ مَعْقُولَها. الْمُمْتَنِعُ مِنَ الإَْبْصارِ رُؤْيِتُهُ، وَمِنَ اْلأَلْسُنِ صِفَتُهُ، وَمِنَ الأَْوْهامِ كَيْفِيَّتُهُ. اِبْتَدَعَ الأَْشَياءَ لا مِنْ شَيْءٍ كانَ قَبْلَها، وَأَنْشَأَها بِلا احْتِذاءِ أَمْثِلَةٍ امْتَثَلَها، كَوَّنَها بِقُدْرَتِهِ، وَذَرَأَها بِمَشِيَّتِهِ»([40]).

هذه الكلمات تضمنت معارف عجيبة، والمتأمل فيها يصل إلى اعماق الفكر التوحيدي، على لسان الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع).

لقد افتتحت الزهراء (ع) قولها بـ(أشهد أن لا إله إلا الله ..) وكلمة الشهادة على السنة الناس هي عبارة عن العلم والادراك، ويدركون بوجدانهم وبفطرتهم وبعقولهم أن لا إله الا الله.

وأما على لسان الصديقة الزهراء (ع) فهي تعني فوق الادراك، وهي فوق التصور، لأنّ هؤلاء هم خاصة خلق الله، وممن اصطفاهم الله، فلا بد من أن يكونوا في أعلى درجات الكمال. فإذاً الزهراء (ع) تشير بهذه الشهادة إلى الذات المقدسة التي لا يمكن ان تكون لها شراكة على الاطلاق.

وقال العلامة المجلسي: (الشهادة بمعنى: الحضور والمعاينة و(وحده) معرف في معنى النكرة، أي منفرداً عن غيره ومتوحداً، ولا شريك له، حال بعد حال، وكلاهما حال عن لفظ الجلالة، والحال الأول دال على ثبوت الصفات الكمالية له تعالى ... والحال الثاني دال على نفي جهات النقيصة وسلبها عنه ... )([41]).

ثم قالت كلمة الشهادة التوحيدية «كلمة جعل الاخلاص تأويلها»، والمراد بالإخلاص هنا جعل الاعمال كلها خالصة لله تعالى وعدم شوب الرياء والاغراض الفاسدة، فهذا تأويل كلمة التوحيد، لأن من ايقن بأنه الخالق والمدبّر وبأنّه لا شريك له في الالهية، فحق له أن لا شريك في العبادة غيره، ولا يتوجه في شيء من الامور إلى غيره) ([42]).

ويتضح هنا أن الناس في قضية التوحيد على اتجاهات وفرق، فمنهم من ينظر إلى الله تعالى موصوفاً بالحركة، وأخرى موصوفاً بالنزول كما في مرويات ابناء العامة، فقد جاء في بعضها: أنَّ الله ينزل إلى السماء الدنيا([43]). وفي بعضها أنه يطأ برجله نار جهنم، فتقول: قط قط لقد امتلأت([44])، وهذا خلاف التوحيد الخالص الذي أشارت له الزهراء (ع). فهي (ع) تريد أن تبين أن التوحيد الخالص متمثل في أهل البيت : وبمن تبعهم وسار على نهجهم وهم الامامية.

وأما قولها (ع) «وضمّن القلوب موصولها، وانار في التفكير معقولها»، يقول العلامة المجلسي: (هذه الفقرة تحتمل وجوهاً: الأول: أن الله تعالى ألزم وأوجب على القلوب ما تستلزمه هذه الكملة من عدم تركبه تعالى وعدم زيادة صفاته الكمالية الموجودة وأشباه ذلك مما يؤول التوحيد.

الثاني: أن يكون المعنى: جعل ما يصل إليه العقل من تلك الكلمة مدرجاً في القلوب مما أراهم من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم أو بما فطرهم عليه من التوحيد([45])، ومعنى ذلك أن ما يدرك ويوصل اليه من التوحيد ولوازمه أمر جعل في ضمن القلوب، لأنها مفطورة على قبوله، ومتهيأة لاعتناقه.

ومعنى (وأنار في التفكير معقولها) أي قبول المعارف الحقة لا عن تقليد أو تلقين وإنما عن طريق التفكر بالأدلة والبراهين.

ويعتقد الباحث أن في هذه الفقرة اشارة من الزهراء (ع) إلى التوحيد الفطري والنظري فقولها (ع): (وضمّن القلوب موصولها) بمعنى أن ما من قلب الا ويعترف ويتوصل إلى حقيقة أن لا إله الا الله عن طريق الفطرة المودعة فيه التي فطر الله الناس عليها.

وقولها (ع): (وأنار في التفكير معقولها) بمعنى أن العقول لو توجهت إلى الله تعالى ورأت آثاره وعظمته في هذا الكون، وتفكرت في كل شيء، لتوصلت إلى حقيقة التوحيد وهذا ما يصطلح عليه بالتوحيد النظري.

ثم تقول (ع): (الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته). يقول العلامة المجلسي: (المراد من الرؤية هنا هي الرؤية بالعين، والغرض من امتناع الرؤية عن الوقوع في الأبصار نفيها، فقد شبهت (ع) الرؤية المفروضة بصيد يمتنع من الوقوع في الحبالة، ويجري هذا في الجملتين التاليتين ايضا، فإنَّ امتناع صفته من الألسن وامتناع كيفيته من الأوهام كناية عن أن لا صفة ولا كيفية له تعالى اصلاً)([46]).

ونلاحظ هنا أن السيدة الزهراء (ع) قد تدرجت بكلامها بشكل دقيق، إذ ابتدأت بالبصر بمعنى أن البصر محدود الرؤية، ثم انتقلت إلى اللسان الذي هو أوسع من البصر إذ انه يقدر على وصف ما يراه وما لا يراه، ثم انتقلت إلى الأوهام، بمعنى حتى بهذا المقدار من الوهم والخيال لا يمكن وصف الله تعالى، لأن الانسان مهما امتلك من قابليات وقدرات فإنه يبقى محدوداً بقدراته، فكيف يستطيع أن يصف اللامحدود؟ ثم قالت (ع): (ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة أمتثلها، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيئته...).

هنا معنيان: أحدهما أن خلقه تعالى بديع أي جديد لا مثال له سبقه. والآخر أن خلقه إحداث وانشاء لا مادة له قبله. وقد اشتمل كل من الجملتين على المعنيين جميعا. فقولها (ع) ابتدع الاشياء، دل على المعنى الأول، وتقييده بقولها (ع):  لا من شيء كان قبلها، دل على المعنى الثاني ([47]) أي كوّنهـا بقدرتـه وذرأها بمشيئته.

المبحث الثاني

(العدل الإلهي)

وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول: مفهوم العدل لغة واصطلاحاً:
العدل لغة: قال الراغب الاصفهاني (ت502هـ): (العدالةُ والمعادلة لفظٌ يقتضي معنى المساواة ويستعمل باعتبار المضايقة والعَدلُ والعِدل يتقاربان)([48]).

وقال ابن منظور (ت711هـ): (العدل: ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضد الجور، والعدالة والعُدولة والمعدلة، كلُّه: العدل، وتعديل الشهود: أن تقول إنهم عدول، وعدّل الحكم أقامه، وعدّل الرجل: زكاه)([49]).

و(العدل) من أسماء الله تعالى، وهو مصدر أُقيم مقام الاسم، والمقصود منه المبالغة في وصفه تعالى بأنه عادل، أي: كثير العدل([50]).

أما معنى العدل في الاصطلاح العقائدي:

فهو يعني تنزيه الله تعالى عن فعل القبيح والاخلال بالواجب([51]).

ومعنى الوجوب هنا لا يعني أنه تعالى محكوم بأوامر غيره، بل يعني أننا نكتشف عن طريق التدبر في صفاته تعالى انه حكيم، وتقتضي حكمته أن يفعل كذا، لأن عدم فعله له يؤدي إلى الاخلال بحكمته([52]).

وقد وردت آيات قرآنية متضمنة لمعنى الوجوب على الله تعالى منها:

قوله تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ الانعام/54.

أي أوجب الله تعالى على نفسه الرحمة([53]).

اشتهر الخلاف حول مسألة العدل الالهي بين المسلمين من بداية القرن الثاني للهجرة، واستمرّ هذا الخلاف مع مرور الايام، بحيث اصبحت هذه المسألة علامة بارزة للتفريق بين من يعتقد بها وبين غيره.

فالأشاعرة تقول أن صفة العدل منتزعة من فعل الله تعالى من حيث هو فعل الله ومن رأيهم أن أي فعل بذاته ليس عدلاً ولا ظلماً([54]).

فالاشاعرة فسروا (العدل الالهي) بصورة تؤدي إلى نفيه، فوقف أتباع مذهب أهل البيت : بقوة أمام هذا التفسير، ودافعوا عن العدل الالهي بحيث عرفوا بعد ذلك بالعدلية، وعُدّ العدل الالهي أصلاً من أصول العقائد.

المطلب الثاني: أدلة أثبات عدل الله عز وجل:
لا يخلو الداعي إلى  فعل القبيح والظلم عن أربع صور هي:

الأولى: الجهل بالقبح: وهي أن يكون فاعل القبيح جاهلاً بقبح ما يفعله.

الثانية: العجز عن تركه: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، ولكنه عاجز عن تركه.

الثالثة: الاحتياج اليه: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، وغير عاجز عن تركه، ولكنه محتاج إلى فعله.

الرابعة: فعله عبثاً: وهي أن يكون فاعل القبيح عالماً بقبح ما يفعله، وغير عاجز عن تركه، وغير محتاج إلى فعله، ولكنه يفعله عبثاً.

والله سبحانه وتعالى منزه عن جميع هذه الصور (وهي الجهل والعجز والاحتياج والعبث)، لأنه تعالى هو العالم والقادر والغني والحكيم على الاطلاق، فلهذا يستحيل عليه فعل القبيح أو الظلم([55]).

وذكر معظم علماء الشيعة أن الله تعالى لا يفعل الظلم والقبيح لعلمه بقبحه واستغنائه عنه([56]).

ومن الأدلة الأخرى أن الله سبحانه وتعالى حكيم وهذه الحكمة تستوجب عدم فعله للظلم، لأن الظلم لا ينسجم مع الحكمة.

كذلك إن الله سبحانه وتعالى ذم الظالمين وندّد بهم ونهى الناس عن الظلم، فكيف يكون سبحانه وتعالى ظالماً للعباد؟

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾([57]).

المطلب الثالث: العدل الالهي في كلام الزهراء (ع):
قالت فاطمة الزهراء (ع) : «ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ على طاعَتِهِ، وَوَضَعَ العِقابَ عَلى مَعْصِيِتَهِ، ذِيادَةً لِعِبادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ، وَحِياشَةً مِنْهُ إلى جَنَّتِهِ»([58]).

لقد اشارت السيدة الزهراء (ع) بهذه الكلمات النورانية إلى أصل مهم من أصول الاعتقاد ألا وهو العدل الإلهي.. أي إنَّ الله سبحانه وتعالى عادلٌ في كل شيء ومن عدله أن جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته.

ويقول العلامة المجلسي: (كأن المراد من جعل الثواب والعقاب بيان ترتبهما على الطاعة والمعصية بلسان أنبيائه وسفرائه)([59]).

لقد بينت الصديقة الزهراء (ع) من خلال هذا المقطع من خطبتها إلى جملة من المسائل العقائدية، منها:

الأولى: مسألة التكليف:

وهو حسن لأنه يشتمل على مصلحة، وهذه المصلحة هي التعريض لنفع عظيم لا يمكن الحصول عليه إلا عن طريق التكليف، وهذا النفع هو الثواب([60]).

وقد اتفقت العدلية على وجوب التكليف من الله تعالى للعباد([61]).

وهذا لا يعني فرض الوجوب عليه تعالى من غيره بل يعني أن الحكمة الالهية تقتضي ذلك. وقد ذكر الشريف المرتضى (ت 436هـ) في كتابه (الذخيرة) ادلة وجوب التكليف من الله تعالى للعباد حيث قال: (ان العباد يجهلون الكثير مما يعود عليهم بالنفع والصلاح ومما يعود عليهم بالضرر والخسران، ولهذا تقتضي رحمة الله تعالى ولطفه أن يبين للعباد ما فيه النفع والصلاح لهم، ويرشدهم إلى طرق الخير والسعادة، ويأمرهم باتباعها، ويبين لهم ما فيه الضرر والخسران، ويزجرهم عن طريق الشر والشقاء وينهاهم عن أتباعها([62]).

ومن شروط حسن التكليف ان يكون المكلف قادراً على ما يُكلَّف به، لأن تكليف ما لا يطاق قبيح، والله تعالى منزه عن فعل القبيح، ولكن ذهب الاشاعرة إلى عكس هذا القول.

ومن أدلة قبح التكليف بما لا يطاق: أن العقل يحكم على نحو البداهة والضرورة فيصبح التكليف بما لا يطاق([63]).

كما أن المكلف عاجز عن امتثال التكليف بما لا يطاق، وتكليف العاجز ومؤاخذته عليه ينافي العدل والحكمة الإلهية([64]).

وإن غاية التكليف أن يفعل المكلف ما كُلِّف به، وتنتفي هذه الغاية فيما لو كان التكليف فوق استطاعة المكلّف، فيكون – في هذه الحالة – عبثاً، والعبث قبيح([65]).

في حين ذهب الاشاعرة إلى جواز أن يكلف الله تعالى العباد بما لا يطيقون، وقالوا: بأن التكليف بما لا يطاق جائز، ولا يمتنع عليه تعالى أن يكلف العباد بما هو فوق وسعهم وطاقتهم وما لا يقدرون عليه([66]).

الثانية: مسألة الجبر والاختيار في أفعال العباد:

حيث عدّ أصحاب الملل والنحل الطائفة الجهمية اول من قالت بالجبر ووصفوها بالجبرية الخالصة، وكان جهم يقول: (لا فعل ولا عمل لأحدٍ غير الله، وإنما تنسب الاعمال إلى المخلوقين مجازاً)([67]).

وقال الشهرستاني إنّهم يقولون: (ان الانسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة وانما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا ارادة ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الافعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات.. وإذا ثبت الجبر فالتكليف ايضا كان جبراً)([68]).

ولا شك في أنّ هذا المذهب باطل، فلو كان ما ذهبوا إليه صحيحاً لبطل التكليف والوعد والوعيد والثواب والعقاب، ولأصبح ارسال الرسل وانزال الكتب شيئاً عبثياً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وقالت الاشاعرة بنظرية الكسب أي: أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى حقيقة والعبد مكتسبها، أي: إنّ الباري تعالى هو خالق اعمال العباد خيرها وشرها، حسنها وقبيحها، والعبد مكتسب لها، ويثبتون تأثيراً للقدرة الحادثة ويسمون ذلك كسباً([69]). 

أمّا المعتزلة فقالوا: إنّ أفعال العباد مفوضة إليهم وهم الفاعلون لها لما منحهم الله من القدرة، وليس لله سبحانه شأن في أفعال العباد.

وقال القاضي عبد الجبار (ت415هـ): (ذكر شيخنا ابو علي: اتفق أهل العدل على أن أفعال العباد من تصرفهم وقيامهم وقعودهم، حادثة من جهتهم، وأن الله عز وجل أقدرهم على ذلك ولا فاعل لها ولا محدث سواهم)([70]) .

وقد تضافرت الآيات الكريمة على بطلان هذه النظرية، وكذلك ما ورد في السنة من روايات ناقدة لنظرية التفويض، كما روى الصدوق في الأمالي عن هشام.

قال: قال ابو عبد الله (ع): (إنا لا نقول جبراً ولا تفويضاً)([71]) .

وعن أبي حمزة الثمالي أنه قال: قال أبو جعفر (ع) للحسن البصري: (إياك أن تقول بالتفويض فإن الله عز وجل لم يفوض الأمر إلى خلقه وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً)([72]).

أما الإمامية فقد ذهبوا إلى نظرية ثالثة يؤيدها العقل ويدعمها الكتاب والسنة، وهي نظرية الامر بين الامرين التي قال بها أئمة أهل البيت :، وقد اختارها الحكماء الاسلاميين والامامية من المتكلمين.

قال الشيخ المفيد: (إنّ الله تعالى أقدر الخلق على أفعالهم، ومكنهم من أعمالهم، وحدّ لهم الحدود في ذلك... فلم يكن بتمكينهم من الاعمال مجبراً لهم عليها، ولم يفوض اليهم الاعمال لمنعهم من اكثرها، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض)([73]).

وسُئل الإمام جعفر الصادق (ع): أأجبر الله العباد على المعاصي؟

فقال (ع): لا.

فقال السائل: ففوّض اليهم الأمر؟

فقال (ع): لا.

فقال السائل: فماذا؟

فقال الإمام الصادق (ع): (لطف من ربك بين ذلك)([74]).

وقد اتضح مما سبق ان الزهراء (ع) أشارت إلى جملة من المسائل الاعتقادية التي حارت لها العقول باجزل عبارة وأروع بيان حينما قالت : (ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته، وحياشةً منه إلى جنته) أي إنّ الله عز وجل يدفع ويمنع عباده عن النقم بلطفه ومنه، وكذلك يسوق العباد إلى الجنة .. وكل هذا بسبب الثواب والعقاب على الاعمال. فهي بذلك قد نسفت قواعد الاعتقاد الفاسدة للمجبرة والمفوضة .. وكذلك نسفت الاعتقادات الفاسدة التي تقول بأنَّ الله يكلف العباد بما لا يطيق.

المبحث الثالث

(النبـوة)

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم النبوة وطرق إثباتها:
النبوة: هي الاخبار عن الله تعالى، والنبي هو الانسان المخبر عن الله تعالى، بغير واسطة بشر، أعم من أن يكون له شريعة كسيدنا محمد (ص)، أو ليس له شريعة كيحيى (ع) ([75]).

وقيل: النبي هو الطريق، ويقال للرسل: أنبياء الله لكونهم طرق الهداية إليه، فالنبوة بمعنى طريقة الهداية كما يستفاد من ذلك([76]).

والاعتقاد بالنبوة والانبياء اصل من أصول الدين، وبما أن صفحات التأريخ تشهد على وجود أناس ادعوا السفارة من الله تعالى عن كذب وافتراء، ولم يكن همهم الا حب الدنيا، والوصول إلى السلطة، فلا بد في تمييز النبي عن المدعي كذباً وزوراً من ضوابط ومعايير تكون هي الفصل في إثبات الحق. وقد حصر العلماء هذه الضوابط في أمور ثلاث:

الأول: التحدي بالإعجاز:

تجهيز الانبياء بالمعاجز عند طرحهم دعوى النبوة – والاعجاز يدل بالدلالة المنطقية على صدق دعواه، ذلك لأن المعجزة فيها خرق للنواميس الطبيعية فلا يمكن ان تقع من أحد الا بعناية من الله تعالى، واقتدار منه، فلو كان كل مدع للنبوة كاذباً في دعواه كان اقداره على المعجزة من قبله سبحانه اغراراً بالجهل، واشادة بالباطل، وذلك محال على الحكيم تعالى، فإذا ظهرت المعجزة على يده كانت دالة على صدقه وكاشفة عن نبوته([77]).

قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾([78]). يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الاية المباركة أن النبي (ص) اثبتنا نبوته وصدقناه بالمعجزة ولا يمكن له أن يتقول علينا والا أخذناه باليمين ولقطعنا منه الوتين.

الثاني: تنصيص النبي السابق على نبوة اللاحق:

اذا اثبتت نبوة نبي بدلائل مفيدة للعلم ثم نص هذا النبي على نبوة نبي لاحق يأتي بعده، كان ذلك حجة قطعية على نبوة النبي اللاحق ، لا تقل في دلالتها عن المعجزة([79]).

وقد ورد في القرآن الكريم حكاية عن لسان نبي الله عيسى (ع) قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾([80]).

الثالث: جمع القرائن والشواهد:

إنّ جمع القرائن والشواهد ضابطة مطردة في المحاكم الوضعية يتخذها القضاة في اصدار احكامهم، ويستند اليها المحامون في ابراء موكليهم، فيجمع تلك القرائن والشواهد يمكن أن نستعلم صحة دعوى المدعي أو إنكار المنكر.

فعلى ضوء ذلك، للباحث أن يتحرى القرائن المكتنفة بدعوى النبوة حتى يقطع معها بصدق الدعوى أو كذبها وهذه القرائن تتلخص في الأُمور الآتية:

أ- سيرة المدعي قبل النبوة  ب- سماة بيئته  ج- مضمون الدعوة   د- ثباته في طريق الدعوة هـ- الادوات التي يستخدمها في نشر دعوته    و- المؤمنون الملتفون حوله   ز- مكانة أتباعه في الورع والتقوى والعلم والوعي([81]).

ومن خلال هذه الشواهد والقرائن نستطيع أن نثبت أحد الأمرين:

أما أن يكون نبياً صادقاً مرسلاً من قبل الله تعالى. وأما أن يكون مدعياً كاذباً لا أساس له من الصحة.

وبما أن النبوة هي من أخطر المناصب وأكبرها مسؤولية في قيادة المجتمع البشري وهدايته إلى السعادة فانها تتطلب في المتصدي لها مؤهلات وامتيازات خاصة ينفرد بها عن سائر الناس، وهذه في الانبياء تتلخص في الامور الآتية:

أولاً: العصمة: ولها ثلاث مراتب:

الأولى: المصونية عن الذنب ومخالفة الأوامر المولوية قبل البعثة وبعدها وهذا مذهب الامامية، أمّا أبناء العامة فقد خالف بعضهم في ذلك بما يتعلق بعصمة النبي قبل البعثة.

الثانية: المصونية في تلقي الوحي ووعيه وابلاغه إلى الناس.

الثالثة: المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والامور الفردية والاجتماعية([82]).

ثانياً: التنزه عن كل ما يوجب نفرة الناس عنه، وتحليه بكل ما يوجب انجذابهم اليه([83]).

ثالثاً: التحلي بكفاءة خاصة في القيادة والادارة مقترنة بحسن التدبير([84]).

وهذا الكلام ينطبق على جميع الانبياء وهو ما يعبر عنه بالنبوة العامة، من دون تخصيص نبي، وهناك نبوة خاصة، وهي نبوة نبي الاسلام وخاتم الانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله (ص) الذي جاء لهداية الناس واخراجهم من الظلمات إلى النور. مستدلاً على صدق نبوته بمعجزته الخالدة القرآن الكريم الذي تحدى به الامم، وكذلك ما جرى على يديه من معاجز أخرى. وكذلك بالقرائن والشواهد التي دلت على صدق دعواه وقد اتسمت دعوته بالعالمية والخاتمية.

المطلب الثاني: أدلة لزوم بعثة الأنبياء:
أولاً: دليل العقل:

وهو يقضي ويحكم ببعثة الانبياء ولزوم النبوة من وجوه عديدة.

أ- إنّ الاجتماع فطنة النزاع، وإنما تزول مفسدته بشريعة مستفادة من الإله الحكيم المدبر للعالم دون غيره، وتلك الشريعة لا بد لها من رسول متميز من بني نوعه، فالحكمة تدعو إلى نصبه ليحول دون الفساد ([85]).

ب – إنّ قاعدة اللطف تقضي بارسال النبي ليقرب العباد إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية، لأن الغرض والحكمة في ايجاد الخلق هي المعرفة والعبادة، وذلك يتوقف على تعيين واسطة بين الحق والخلق يعلمهم ذلك، لاستحالة الافاضة والاستفاضة بلا واسطة، إذ لا ربط ولا نسبة بين النور والظلمة حتى لا يحتاج إلى واسطة([86]).

ج- إن عدالة الله تعالى تأبى أن يخلق الخلق بهذه الكثرة العظيمة والطبقات المختلف، ثم يتركهم سُدى يتيهون في ظلمات الجهل، ودركات الضلالة من دون معلم ولا مرشد، فالعدالة تقتضي نصب نبي للهداية([87]).

فإذن العقل يقضي بعثه الرسل والانبياء، ولزوم متابعة العباد للأنبياء من أجل الهداية، لأن الانبياء هم الأسوة والقدوة، وهم طرق السعادة في الحياة الدنيا والآخرة، وهم أيضاً سبل النجاة.

ثانياً: دليل النقل من الكتاب والسنة:

إنّ في القرآن الكريم آيات كثيرة تشير إلى هذا الدليل، منها قوله تعالى ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾([88]).

فجعل القيام بالقسط الذي هو عبارة أخرى عن ضبط المجتمعات بالنظم والقوانين ليحصل التآزر والتآلف المطلوبين لتأمين الأرضية الصالحة لسلوك الانسان إلى معين السعادة، جعله علةً وغايةً لارسال الرسل([89]).

وأما ما روي عن أئمة أهل البيت (ع) فهناك إشارات كثيرة على هذا الدليل، منها: قال الإمام الكاظم (ع): (يا هشام: ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، واعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلاً، وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة)([90]).

ويبين الامام (ع) هنا أن سعادة الانسان تكمن في أمرين: الأول معرفة الله تعالى وتحكم العقل لمعرفة المصالح والمفاسد في هذه الحياة. وهذان الامران لا يمكن للإنسان الوصول اليهما الا عن طريق الوحي وتعاليم الانبياء. 

وفي رواية أخرى عن الامام الرضا (ع) قال: (لم يكن بد من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي اليهم أمره ونهيه وأدبه ويوقفهم على ما يكون به احراز منافعهم ودفع مضارهم إذ لم يكن في خلقهم ما يعرفون به ما يحتاجون اليه)([91]).

فالإمام (ع) يقرر أنه لا بد من أن يكون هناك رسول معصوم بين الخالق والمخلوق من أجل أن يوصل اليهم أوامره ونهيه وأحكامه، ويأخذ بأيديهم لما فيه منفعتهم ويقفهم على ما فيه مضارهم.

المطلب الثالث: النبوة في فكر السيدة الزهراء (ع):
قالت(ع): «وَأَشْهَدُ أنّ أبي مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله عبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اخْتارَهُ وَانْتَجَبَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ، وَسَمّاهُ قَبْلَ أنِ اجْتَبَلَهُ، وَاصْطِفاهُ قَبْلَ أنِ ابْتَعَثَهُ، إذِ الْخَلائِقُ بالغَيْبِ مَكْنُونَةٌ، وَبِسِتْرِ الأَهاويل مَصُونَةٌ، وَبِنِهايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللهِ تَعالى بِمآيِلِ الأُمُور، وَإحاطَةً بِحَوادِثِ الدُّهُورِ، وَمَعْرِفَةً بِمَواقِعِ الْمَقْدُورِ. ابْتَعَثَهُ اللهُ تعالى إتْماماً لأمْرِهِ، وَعَزيمَةً على إمْضاءِ حُكْمِهِ، وَإنْفاذاً لِمَقادِير حَتْمِهِ»([92]).

بعد أن أشارت الصديقة الزهراء (ع) إلى الاصلين الأولين من أصول الدين، وهما التوحيد والعدل، انتقلت بعدهما إلى الأصل الثالث وهو أصل النبوة. فقالت (ع) : (وأشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله) في هذه الشهادة ذكرت (ع) الأبوة اشارة منها إلى هؤلاء المتخاذلين الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، انكم ما كنتم ولا صرتم الا بأبي محمد (ص). وفي هذه الكلمة عمق كبير، وذات دلالات، أي: إنّ كل ما موجود في هذا الكون من خير هو ببركة ابي محمد (ص).

ثم شهدت له بالعبودية (عبده ورسوله) ولكن أي عبودية كانت وكيف كان يعبدُ الله تعالى؟ تلك العبودية لا يعرفها الا الله وأهل البيت :، وشهدت له أيضاً بالرسالة أي إنّه مرسل من قبل الله تعالى؛ ولكن قبل الرسالة كان له مقام رفيع حيث اختاره الله عز وجل قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتباه، فالاختيار وقع قبل أن يكون رسولاً، وسماه قبل أن اجتَبَله بمعنى جعل له الحقائق الوجودية التي تلقاها آدم (ع) ﴿وَعَلَّمَ آَدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾([93]).

ولكن متى حصل هذا الاجتباء والاختيار (اذا الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة).

يقول العلامة المجلسي: (الأظهر أن يكون المراد من الجمل الثلاث: الاشارة إلى عالم الأظلة والاشباح، فهو المسمى بالغيب، وبستر الأهاويل لكون الخلائق هناك مصونة عن أهاويل هذه النشأة الدنيوية، وكونها مقرونة بنهاية العدم لأنه أول خلقهم، ومحصّل الكلام: أن الله تعالى اختار محمداً (ص) واجتباه واصطفاه إذ كانت الخلائق أشباحاً واظلة)([94]).

وأورد ابن الجوزي عن ميسرة قال: قلت يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال: لما خلق الله تعالى الارض، واستوى إلى السماء، فسواهن سبع سموات، وخلق العرش كتب على ساق العرش، محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله تعالى الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام، وآدم بين الروح والجسد، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي، فأخبره الله تعالى انه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه([95]). ولقد اصطفى الله تعالى نبيه محمد (ص) لأنه أول من أجاب قوله تعالى: ألست بربكم.

روى العياشي عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾([96]).

قال: كان محمد (ص) أول من قال بلى)([97]).

ثم تقول (ع) «علماً من الله تعالى بمآيل الأُمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور». وهذا اشارة منها (ع) فيها تعليل لاختيار الله تعالى محمداً (ص) وانتجابه وتسميته واصطفائه له. فالله سبحانه وتعالى عالمٌ بعواقب الأُمور، فعلم ان هذه المسؤولية الكبرى لا يليق بها الا شخص محمد (ص) دون غيره لان الله تعالى يعلم حيث يجعل رسالته.

ومن خلال هذا المقطع المبارك ركزت السيدة الزهراء (ع) على بحث مهم وهو ان اصطفاء الله تعالى لأنبيائه ورسله إنما يكون على أساس درجات طاعاتهم وعبوديتهم له تعالى وسعيهم في مرضاته بحسب اختيارهم ويختصهم الله تعالى بألطافه وكراماته، ويعصمهم من حبائل الشيطان ووساوسه في مواقع الزلل([98]).

بعد ذلك تبين الزهراء (ع) أدوار النبي (ص) وأنوار وجوده أي: إنّ الله تعالى أرسله حينما رأى الامم متفرقة في أديانها، وهي عاكفة على عبادة الأوثان والاصنام، منكرة لوجود الله تعالى رغم معرفتها بأن لهذا الكون خالق ومدبر، ومع هذا التشتت والاختلاف خرج النور المحمدي (ص) وانقذ هذه الأمم حيث جعلها أمة واحدة، وفتح قلوبهم على انوار الملكوت، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.

لقد اوضحت السيدة الزهراء (ع) هذا الاصل بأروع بيان، وبينت أنه من لطف الله عز وجل أن يختار رسلاً ويرسلهم لهداية البشر رأفة بعباده ورحمة لهم، وقد كان النبي محمد (ص) خاتم الأنبياء والمرسلين وهو النور المبين الذي جاء رحمة للعالمين.

المبحث الرابع

(الإمامة)

وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول: معنى الامامة لغة واصطلاحاً:
قال الراغب في المفردات (ت502هـ): (الامام المقتدى بأقواله وأفعاله)([99]).

قال الشيخ الطريحي (ت1085هـ) في المجمع : (قوله: (إني جاعلك للناس إماما)([100]) أي: يأتم بك الناس، فيتبعونك ويأخذون عنك، لأن الناس يؤمون أفعاله أي يقصدونها فيتبعونها)([101]).

أما معنى الامامة اصطلاحاً:

الإمامة: هي خلافة الرسول ووصاية النبي بعد سيدنا محمد (ص). وقد عرفها الشيخ المفيد (ت 413 هـ) بقوله: (الامامة هي التقدم فيما يقتضي طاعة صاحبه، والاقتداء به)([102]).

وقال العلامة الحلي: (الإمامة رئاسة عامة لشخص من الاشخاص في أمور الدين والدنيا)([103]).

في حين قال السيد البهباني (ت1395هـ): (الامامة عبارة عن الخلافة عن الرسول (ص) في أمور الدين والدنيا، وافتراض طاعته على الأمة فيما أمر به أو نهى عنه)([104]).

وعليه فإنّ الامامة هي منصب الهي، وهي رئاسة عامة كما صرح بها العلماء، في أمور الدين والدنيا، يوكلها الله تعالى إلى شخص يختاره من بين العباد، يقوم مقام النبي (ص) بارشاد الامة إلى طريق السعادة والنجاة.

قال الشيخ الطبرسي (ت548هـ) : (إن المستفاد من لفظ الامام أمران:

أحدهما: إنّه المقتدى في أفعاله وأقواله، والثاني: انه الذي يقوم بتدبير الأمة وسياستها والقيام بأمورها وتأديب جُناتها وتولية ولاتها، وإقامة الحدود على مستحقيها، ومحاربة من يكيدها ويعاديها)([105]).

ولا شك في أنّ من أشرف المعارف في أصول الدين، هي معرف الإمامة للأئمة المعصومين : المنصبين من قبل الله تعالى، الذين جعلهم خلفاء وأوصياء للرسول (ص)، فهم حجج الله على خلقه وأدلاؤه إليه، وهم سبل النجاة التي من سلكها نجا ومن تخلف عنها ضاع بالضلال وتردى.

المطلب الثاني: طرق اثبات الإمامة:
اختلف المسلمون في طرق اثبات الامامة، فالمعتزلة يرون أن الإمامة تثبت بالاختيار([106]). أما أبناء العامة فقالوا: إن الامامة تثبت بالنص، وكذلك تثبت ببيعة أهل الحل والعقد.

قال الايجي: (المقصد الثالث فيما تثبت به الامامة، وإنها تثبت بالنص من الرسول (ص) ومن الامام السابق بالإجماع وتثبت ببيعة أهل الحل والعقد خلافا للشيعة، لنا ثبوت إمامة أبي بكر بالبيعة)([107]).

في حين أنّ الامامية ترى أن الامامة تختلف في حقيقتها عما لدى أبناء العامة، فهم يرون أنها منصب إلهي، وهي امتداد لوظائف النبوة، وعليه فلابدّ من أن تنحصر طرق اثباتها بالنص من قبل الله سبحانه وتعالى، وتنصيب من قبل النبي (ص)، ومن أدلتهم على ذلك:

أولاً: ان النبي (ص) لم تكن مسؤولياته وأعماله مقتصرة على تلقي الوحي الالهي وتبليغه إلى الناس، بل كان يفسر الكتاب الحكيم ويشرح مقاصده، ويكشف اسراره، وكان ايضاً يحكم بين الناس، وكذلك بيان احكام الموضوعات التي تحدث في زمن الدعوة، ويدفع الشبهات والتساؤلات التي كان يثيرها اعداء الاسلام وغيرها([108]).

فإذا كانت هذه الامور قد مارسها النبي (ص) في حياته وهي كلها تنصب في خدمة الشريعة، فكيف يكون الحال بعد رحيله (ص)؟ هل تترك الشريعة تتعرض لهذه الهجمات وغيرها؟ أم أن الأمة وصلت إلى مرحلة من الرقي والازدهار العلمي القادر على الدفاع عن الشريعة المقدسة؟ والتاريخ يشهد بأن هذا الاحتمال لا وجود له اساساً، وأما أن يوكل النبي (ص) هذه المهمة إلى شخص قادر على تحمل المسؤولية وله كفاءة علمية وخبرة بالمعارف وغيرها وهذا ما ثبت بالعقل بعد بطلان الاحتمالين السابقين([109]).

مضافا إلى ذلك ان ابرز ما كان يتميز به المجتمع العربي آنذاك هو حياة النظام القبلي والتقسيمات العشائرية، التي كانت تحتل مكانة كبرى في ذلك المجتمع، والتاريخ يشهد لنا على حجم المنازعات والخلافات التي كانت تقع بين القبائل، ولعل اشهرها قضية بناء الكعبة المشرفة... وكذلك ما حدث في يوم السقيفة من روح قبلية مقيتة ونزعة تعصبية فهل من العقل أن يترك هكذا مجتمع غارق بنزاعاته العصبية من دون أن ينصّب عليه قائد، يكون قادراً على قطع دابر الاختلاف، ومانعاً لمأساة التمزق والتفرق،؟ ([110]) فإذن المصلحة تقتضي أن ينصب قائد حكيم، وهذا التنصيب لا بد من أن يكون من قبل الله تعالى لأنه أعرف بمصلحة العباد، لا تفويض الأمر إلى المسلمين، وهو متفرقون وممزقون ومختلفون.

كما أن نصب الامام هو لطف من الله تعالى على العباد، وقد اوضحه العلامة الحلي بقوله: (لطف الإمامة يتم بأمور: منها ما يجب على الله تعالى وهو خلق الإمام وتمكينه بالتصرف والعلم والنص عليه باسمه ونسبه، وهذا قد فعله الله تعالى، ومنها ما يجب على الامام وهو تحمله للإمامة وقبوله لها وهذا قد فعله الامام، ومنها ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول أوامره وامتثال قوله وهذا لم يفعله الرعية، فكان منع اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الامام)([111]).

وقد دلت آيات كثيرة وروايات شريفة على إمامة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) وأنه منصب من قبل الله تعالى خليفة لرسوله الاكرم (ص)، ومن بعده الائمة الاطهار : واحداً بعد واحد إلى الامام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

المطلب الثالث: الزهراء (ع) ودفاعها عن الإمامة:
قالت (ع): «للهِ فِيكُمْ، عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ، وَبَقِيَّةٌ استَخْلَفَها عَلَيْكُمْ. كِتابُ اللهِ النّاطِقُ، والقُرْآنُ الصّادِقُ، وَالنُّورُ السّاطِعُ، وَالضِّياءُ اللاّمِعُ...»([112]).

قال العلامة المجلسي: (العهد: الوصية. وبقية الرجل: ما يخلفه في أهله، والمراد بهما القرآن، أو بالأول ما أوصاهم به في أهل بيته وعترته، وبالثاني القرآن. وفي رواية أحمد بن أبي طاهر: وبقيه استخلفنا عليكم، ومعنا كتاب الله فالمراد بالبقية أهل البيت :، وبالعهد ما أوصاهم به فيهم ([113]).

فالسيدة الزهراء (ع) في هذا المقطع أشارت إلى أصل مهم من أصول الدين، ألا وهو الإمامة. فخاطبت القوم بعباد الله، تريد أن تقول لهم يا من تعبدون الله تعالى، الله عز وجل قدّم إليكم عهداً، بمعنى بينه وأنزله على نبيه الأكرم (ص) في يوم غدير خم حينما رفع الرسول (ص) يد عليٍّ حتى بان بياض ابطيهما، وهو يقول: (ألا من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)([114]).

ثم قالت (ع): (وبقيه استخلفها عليكم) هذه البقية هي كتاب الله الناطق وتعني أن الناطق هم آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين). والقرآن الصادق الذي هو كلام الله عز وجل الذي نطق صدقاً بولاية علي (ع) حينما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾([115]).

فهذه الآية المباركة حصرت الولاية بهؤلاء فقط وهم الراكعون، بمعنى أن علياً الراكع هو الولي، وهو المعني بهذه الآية الكريمة دون غيره من أفراد الأمة.

فالزهراء (ع) من خلال هذه الكلمات النورانية بينت فضل هذا الاصل المهم الذي كمل به الدين وتمت به نعمة الله عز وجل على العباد، وأصبح الاسلام مرضياً عند الله سبحانه وتعالى . وكل ذلك حصل بولاية علي بن أبي طالب (ع). قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾([116]). فأصبحت ولاية علي (ع) نظام للدين وأمان للعباد. كما نصت الزهراء 3 بقولها: (وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة) وتدل هاتان الجملتان على انتظام أمر الدين وصلاح أمور المسلمين واجتماعهم على الصلاح لا يمكن ولا يتحقق الا بطاعتهم والتسليم لامامتهم:، وقد صدّق تأريخ المسلمين هذا المعنى أحسن تصديق فاختلّ أمر المسلمين ووقع فيهم الاختلاف والفرقة يوم تسارعوا إلى سقيفة بني ساعدة، وبادروا إلى نقض الخلافة، وغيّروا أمر الإمامة، وبدّلوا نعمة الله كفرا([117]).

فالزهراء (ع) بينت أن الامامة هي من الاصول الاعتقادية للدين وليست للمذهب فقط. لأنّ العقل والنقل يؤيدان ذلك، أما العقل فإنه يقر بلزوم من يمثل الحق بوصفه سفيراً مبلّغاً في أرضه يكمل مسيرة النبي (ص) لئلا تترك الأمة سدى، ولئلا تضيع البشرية في الضلال.

وأمّا النقل فقد تضافرت الآيات والروايات التي دلت على إمامة الأئمة:، وهناك روايات نصت عليهم بأسمائهم :.

الصديقة الطاهرة (ع) ركزت على هذا المحور وجعلته أساساً لنظام الكون، والمراد بالملة اي الطريقة والشريعة، أي: نظام الوجود، قال الامام الصادق (ع): (ان الله عز وجل خلقنا فأحسن خلقنا .. ولولانا لما عُبد الله)([118]).

المبحث الخامس

(المعاد)

وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول: المعاد لغة واصطلاحاً:
المعاد في اللغة: كل شيء إليه المصير والمآل، وهو مصدر عاد إليه يعود عوداً وعودةً ومعاداً، أي رجع وصار إليه، ويتعدى بنفسه وبالهمزة، فيقال: عاد الشيء عوداً وعياداً: انتابه وبدأه ثانياً، وأعدت الشيء: رددته ثانياً أو أرجعته، وأعاد الكلام: كرره، وأصل المعاد (معود) على وزن (مفعل) قلبت واوه ألفاً، ومثله: مقام ومراح، ومفعل ومقلوبها تستعمل مصدراً صحيحاً بمعنى العود، واسماً لمكان العود أو زمانه، والمبدء المعيد: من صفات الله تعالى، لأن الله سبحانه بدأ الخلق إحياءً ثم يميتهم، ثم يعيدهم إلى الحياة يوم القيامة([119]). 

أما معنى المعاد اصطلاحاً: فهو الوجود الثاني للاجسام بعد موتها وتفرقها([120]).

وعرّف أيضاً بأنه الرجوع إلى الوجود بعد الفناء، أو رجوع اجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرق، والى الحياة بعد الموت، ورجوع الأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة([121]).

والاعتقاد بالمعاد عنصر اساسي في كل شريعة لها صلة بالسماء، وبدونه تصبح الشرائع مسالك بشرية مادية، لا تمت إلى الله سبحانه بصلة، فقوام الشريعة بالمبدأ والمعاد، فكل الشرائع تدعو إلى الحياة الأخروية وحشر الانسان بعد الموت، وإقامة الحساب والجزاء والثواب والعقاب.

ومن الحقائق التأريخية التي تثبت هذا الشيء نذكر ما يأتي:

أولاً: ان البدو القاطنين في الصحاري والبراري، الذين يُعدّون نموذجاً للمجتمع البدائي المنقرض، لهم طقوس خاصة في دفن الموتى تدل على اعتقادهم بعودة الارواح إلى الاجسام المدفونة ومن ذلك أنهم يضعون حجارة كبيرة على صدور موتاهم، ويربطون أعضاءهم بحبال متينة، لئلا يتحركوا بعد عود الروح ويخرجوا من أماكنهم([122]).

ثانياً: ان المصريين، ذوي الحضارة القديمة، كانوا يعتقدون أن الروح بعد خروجها من البدن، لها علاقة به، وسوف ترجع اليه، ولذلك كانوا يتركون في القبور منافذ ليسهل دخول الروح اليها، ويضعون بعض الطعام والشراب في جنب الميت. ولأجل حماية الموتى من الآفات، قام المتمكنون منهم ببناء الاهرام العظيمة فوق قبورهم ([123]).

ثالثاً: عند المجوس أيضاً أنّ الاعتقاد ببقاء الروح بعد الموت ومحاسبة الانسان على أعماله تُعدّ لديهم من الاصول في ديانتهم([124]).

وقد ذكر القرآن الكريم وجود أصل المعاد لدى الشرائع السماوية من زمن آدم (ع) إلى المسيح (ع)، قال تعالى : ﴿يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِيفَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾([125]).

وهاتان الآيتان تبرهنان على أن المعاد هو الهدف الأصيل لخلق الانسان في الأرض. وقال تعالى :﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾([126]). وغيرها من الآيات التي جاءت على لسان الأنبياء التي أوضحت حقيقة المعاد.

المطلب الثاني: ادلة المعـاد:
هناك أدلة قطعية متضافرة، وعلمية متواترة في اثبات هذا الاصل، والاعتقاد به، الذي يعدّ الأصل الخامس من أصول الدين الحنيف، إذ دلَّ عليه صريح الكتاب الكريم والسنة المطهرة والاجماع والعقل.

وقد اعترفت به جميع الاديان والمذاهب في جميع العصور، إلا الدهريون والطبيعيون الذين شذوا عن الحق المبين، وادّعوا: إنْ هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين([127]). وادلة المعاد ثابتة بكلا الطريقتين: الأدلة الشرعية والبراهين العقلية. أما ما يتعلق بالأدلة الشرعية فمنها:

أولاً: دليل الكتاب الكريم:

هناك آيات قرآنية كثيرة أثبتت هذه الحقيقة وأكدت عليها، وعدّتها وعداً حقاً لا يمكن أن يُخلف، قال تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾([128]).

وقال تعالى : ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾([129]).

وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ ([130]) .

وقال تعالى :﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾([131]) .

وعليه يثبت ان المعاد يوم القيامة حقيقة ثابتة لا ريب فيها.

ثانياً: دليل السنة المطهرة:

لقد وردت أحاديث شريفة كثيرة تناولت يوم الدين والمعاد بصورة تفيد العلم واليقين بوقوعه. قال رسول الله (ص): (يا بني عبد المطلب، إن الرائد لا يكذب أهله والذي بعثني بالحق لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، وما بعد الموت دار إلا جنة أو نار، وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عز وجل كخلق نفس واحدة وبعثها..)([132]).

وقال (ص): (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة: حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله بعثني بالحق، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت، وحتى يؤمن بالقبر)([133]).

وقال الامام علي (ع): (... حتى إذا بلغ الكتاب أجله، والأمر مقاديره، وألحق آخر الخلق بأوله، وجاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه، ماد السماء وفطرها، وأرجّ الأرض وأرجفها، وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضاً من هيبة جلاله..)([134]).

وقال (ع) في موضع آخر يصف فيه يوم القيامة: (ذلك يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الاعمال، خضوعاً، قياماً، قد الجمهم العرق، ورجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالاً من وجد لقدميه موضعاً، ولنفسه متسعاً)([135]).

وقال الامام علي بن الحسين (ع): (العجب كل العجب لمن شك في الله وهو يرى الخلق والعجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو يرى من يموت كل يوم وليلة، والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى، والعجب كل العجب لعامر دار الفناء، ويترك دار البقاء)([136]).

ثالثاً: الاجماع:

ان الاعتقاد باليوم الآخر مما اجمع عليه المسلمون كافة بلا خلاف في ذلك، وجميعهم يعتبرون الايمان باليوم الآخر من ضرورات الدين التي يجب الاعتقاد بها، ومن انكرها فهو خارج عن عداد المسلمين([137]).

رابعاً: الدليل العقلي:

لقد استدل كثير من الفلاسفة والمتكلمين، بالبراهين العقلية، على حتمية المعاد ووجوبه. كما نص القرآن الكريم من الادلة والبراهين العقلية على ثبوت حقيقة المعاد والحياة الأخرى.

قال العلامة الحلي: (العالم المماثل لهذا العالم ممكن الوجود، لأن هذا العالم ممكن الوجود، وحكم المثلين واحد، فلما كان هذا العالم ممكناً وجب الحكم على الآخر بالامكان)([138]).

كما انّ الله سبحانه وتعالى قدرته غير متناهية. وقد أشارت آيات كثيرة إلى هذا المعنى أي: إنّ القادر على الايجاد من العد ابتداءً، فهو على اعادة الموجود أقدر، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([139]).

ويستدل الذكر الحكيم على لزوم المعاد بأن الحياة الأخروية هي الغاية من خلق الانسان وأنه لولاها لصارت حياته منحصرة في اطار الدنيا، ولأصبح إيجاده وخلقه عبثاً وباطلاً، والله سبحانه وتعالى منزه عن فعل العبث([140]).

قال تعالى : ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾([141]).

كما أن المعاد هو مقتضى العدل الالهي، لأن العباد فريقان، مطيع وعاص، والتسوية بينهما بصورتها المختلفة خلاف العدل، وهنا يستقل العقل بأنه يجب التفريق بينهما من حيث الثواب والعقاب، وبما أن هذا غير متحقق في الحياة الدنيا، فيجب أن يكون هناك نشأة أخرى يتحقق فيها ذلك التفريق([142]).

والى هذا المعنى اشار قوله تعالى : ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾([143]).

ومن خلال هذه الأدلة تبين أن المعاد ضرورة قطعية لا بد من وقوعها في يوم القيامة لتطرح فيه اعمال العباد للحساب.

المطلب الثالث: المعاد في فكر السيدة الزهراء (ع):
قالت (ع): (نلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد (ص)، والموعد القيامة، وعند الساعة ما تخسرون، ولا ينفعكم إذ تندمون ....)([144]).

بعد أن اعترضت السيدة الزهراء (ع) على المسلمين آنذاك ووبختهم على خذلانهم وعدم نصرة الحق. وجهت خطابها في هذا المقطع إلى رئيس القوم الغاصبين لحقوق أهل البيت :، قائلة: فدونك يا أبا بكر هذه القضية التي لاتفنى على مر العصور والأجيال، فإن اغتصابك لي أرثي وهي فدك، وغصبك للخلافة وجلوسك في هذا الموضع الإلهي بهتاناً وزوراً. وقد وافقك المهاجرون والأنصار على ذلك طمعاً منهم للمال والجاه والسلطة.

وإنما قام أبو بكر بهذا التعدي والاغتصاب المالي لفدك بعد اغتصابه الخلافة حذراً من أن يكون أهل فدك والزارعين أنصاراً لعلي وفاطمة (ع)، وعضداً للحق أمام الباطل، ويكونوا اعواناً لخليفة رسول الله (ص) الواقعي المنصب من قبل الله عز وجل، ضد المدعين لهذا ظلماً وجوراً، ولذا رد شهادة الشهود الذين جاءت بهم، وهم علي (ع) وأم سلمة والحسنان (ع). وقد خالف أبو بكر احكام كتاب الله وسنة النبي (ص)، عند ذلك قالت الزهراء (ع) : (فنعم الحكم الله والزعيم محمد (ص) والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأ مستقر فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذابُ مقيم).

في هذا المقطع أشارت السيدة الزهراء (ع) إلى أصل من أصول الدين ألا وهو المعاد، وأشارت إلى مسألة الحشر، حينما يحشر الناس في ذلك اليوم، كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾([145]).

فهذا الحشر يكون للخلائق منذ أن خلقهم الله تعالى إلى آخر الخلق على أرض المحشر، فيجتمعون على تلك الأرض من أولهم إلى آخرهم إنسهم وجنهم حتى حيواناتهم، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾([146]).

فالزهراء (ع) وضحت أن هناك حشراً يوم القيامة، وذلك لإقامة المحكمة الإلهية، فنعم الحكم الله، إنّ الحاكم والقاضي في ذلك اليوم هو الله سبحانه وتعالى فيقضي بين عباده وهو جبار السموات والأرض، الذي يعلم السر وما يخفى، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، قال تعالى : ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾([147]).

إذاً في يوم القيامة هناك حشر، لإقامة الحساب ومجازاة الخلائق على اعمالهم.

ثم بينت السيدة الزهراء (ع) أن الله سبحانه وتعالى سوف يقتص من الظالم ويأخذ حق المظلوم في ذلك اليوم. عندها لا تنفع الندامة اشارة منها لقوله تعالى : ﴿أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ * قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾([148]).

تبين مما سبق أن أصل المعاد كان حاضراً في فكر السيدة الزهراء (ع) وقد وضحته بخطبتها بأروع بيان وحذرت الظالمين من ذلك اليوم الذي سوف تعود فيه الارواح والاجساد وتحشر من جديد من اجل الحساب وجزاء الاعمال حينها لا ينفع الظالمين والعاصين ندمهم، ولات حين مندم.



الخاتمة

توصل الباحث من خلال دراسته لخطبة السيدة الزهراء (ع) إلى النتائج الآتية:

أولاً: تـعد هذه الخطبة واحدة من الخطب المشهورة التي نقلها كبار علماء ابناء العامة مضافا إلى علماء الشيعة مع سلسلة كبيرة من الأسانيد المعتبرة، خلافا لما يتصوره بعضهم من أنها ضعيفة أو حتى عديمة السند.

ثانياً: اشتملت الخطبة على تحليل عميق ومختصر لمسائل التوحيد وصفات الخالق وأسمائه الحسنى.

ثالثاً: بيان أن الاخلاص هو روح التوحيد وتطهير الروح من دنس الشرك بالله سبحانه وتعالى.

رابعاً: تلخيص هدف الخلق بجمل قصيرة المعنى تمثلت بما يأتي:

أ -  تبيين الحكمة الإلهية اللامحدودة وتوضيحها.

ب - دعوة العباد إلى طاعته وعبوديته.

ج - الاشارة إلى قدرته اللامحدودة.

خامساً: التحدث عن أهمية القرآن الكريم وعمق تعاليم الاسلام، كما أنها أبدعت في بيان فلسفة الأحكام من خلال عبارات قصيرة، فبدأت بالإيمان حتى الوفاء بالنذر، فوصفت كل منها بجملة رائعة، وأبدت النصائح في ذلك.

سادساً: ذكر مسألة الخلق والتكوين البدائي التي تعدّ من المسائل المهمة التي تشير إلى قدرة الله سبحانه وتعالى، فلم تكن هناك مادة مصنوعة من قبل حتى يخلق الله منها هذا العالم بل إنّ الخلق والتكوين قد تم من العدم، وقد اختصت هذه الخلقة بذاته الطاهرة حتى صعب على بعضهم تصور ذلك.

سابعاً: بيان مسألة النبوة والتذكير بمنزلة الرسول (ص) السامية وخواصه ومسؤولياته وأهدافه.

ثامناً: الدفاع عن الإمامة المتمثلة بالإمام علي (ع)، ووصي رسول الله (ص)، وايضاح ما قدمه الامام علي (ع) لهذه الأمة من خدمات جليلة، وكيف أن النبي (ص) كان يرسله لمواجهة الحوادث الخطرة والتصدي لها، وهو يقوم لها مؤثراً بنفسه مضحيا وفدائيا، أهوى برؤوس المتكبرين إلى الارض بسيفه ومرغ هامات الطواغيت بالتراب، وكان ناصرا ومساعدا للرسول (ص) وحاميا ومدافعا عن الاسلام الحنيف.

حيث تجاهل هؤلاء كل ما ورد من آيات قرآنية وتوصيات نبوية.

تاسعاً: كانت هذه الخطبة بمثابة تحذير مروع لأولئك الذين سعوا إلى حرف الحكومة الاسلامية وخلافة الرسول (ص) عن مسيرها الحقيقي.

عاشراً: من خلال خطبتها أعلنت عن رأيها وظلامتها أمام جمهور المسلمين وسادات المهاجرين والأنصار حتى تتم الحجة، وتكشف حجج هذا الغصب والمصادرة الظالمة من قبل جهاز النظام، فضلاً عن فضح صفوف المدافعين عن سياسة التجاوز وتمييزهم عن الأوفياء الحقيقيين للإسلام.

الحادي عشر: أفصحت السيدة الزهراء (ع) من خلال خطبتها عن موقف أهل البيت : بالنسبة إلى النظام الحاكم، وبرّأت ساحة الإسلام المقدس من الظلم والجور الذي ارتكب باسم الإسلام.

الثاني عشر: بلاغة فاطمة الزهراء (ع) وقدرتها الكلامية والفلسفية الفائقة، إذ إنها ذكرت المسائل العقائدية المتعلقة بأصول الدين، مرتبة ابتداءً من التوحيد ثم العدل والنبوة والإمامة والمعاد.


* هوامش البحث  *

([1])كتاب العين، الفراهيدي، تحقيق: د. عبد الحميد الهنداوي، ط1، دار الكتب العلمية 2003م، بيروت – لبنان، ج4، ص103.

([2])لسان العرب، ابن منظور، تحقيق: أمين محمد عبد الوهاب ومحمد الصادق، ط1، دار احياء التراث العربي، 2010م، بيروت - لبنان ، ج8، ص97.

([3]) بلاغات النساء، ابن طيفور، تصحيح: أحمد الألفي، مدرسة والدة عباس الأول، 1908م، القاهرة، ص16

([4])ن. م، ص16.

([5]) السقيفة وفدك، الجواهري، تحقيق: د. محمد هادي الأمين، مكتبة نينوى الحديثة، طهران، ص98، (د. ت)

([6]) مروج الذهب، المسعودي، تحقيق: أسعد داغر، دار الهجرة، 1409هــ، قم، ج2، ص311

([7]) مقتل الحسين، الخوارزمي، تحقيق: محمد طاهر السماوي، منشورات مكتبة المفيد، قم – ايران، ج1، ص77.

([8]) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الاثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي، المكتبة الاسلامية، ج4، ص273، (د.ت)

([9]) منال الطالب في شرح طوال الغرائب، ابن الاثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي، مصر، ص501- 507، (د.ت).

([10]) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، تحقيق: الاستاذ محمد ابو الفضل ابراهيم، ط1، الدار اللبنانية للنشر، 2008م، بيروت، ج16، ص307.

([11])ن.م: ج16، ص308.

([12]) اعلام النساء، عمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج4، ص116، (د.ت).

([13]) علل الشرائع، الصدوق، منشورات المكتبة الحيدرية، 1966م، النجف، ج1، ص248

([14]) دلائل الامامة، الطبري، ط2، مؤسسة الاعلامي للمطبوعات، 1988م، بيروت – لبنان ص31.

([15]) الاحتجاج، الطبرسي، ط1، انتشارات الشريف الرضي، 1380هـ، قم، ج1، ص126

([16]) كشف الغمة في معرفة الائمة، بهاء الدين الأربلي، ط2، دار الاضواء للطباعة، 1985م، بيروت، ج1، ص479

([17]) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ابن طاووس، مطبعة الختام، 1400هـ، قم، ج1، ص264.

([18]) النص والاجتهاد، الامام شرف الدين، ط1، مطبعة سيد الشهداء (ع) ، 1404هـ ، قم، ص106.

([19]) ن.م، ص107.

([20]) الشافي في الامامة، الشريف المرتضى، ط2، مؤسسة اسماعيليان، 1410هـ، قم، ج4، ص69-70.

([21]) م. س، ج4، ص70.

([22]) بحار الانوار، المجلسي، المطبعة الاسلامية، 1388هـ، طهران، ج29، ص215-216.

([23]) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج1، ص64.

([24]) سورة يونس، الآية 110.

([25]) احقاق الحق، نور الله التستري، مطبعة السعادة، 1326هـ، مصر، ج1، ص151.

([26]) سورة يونس، الآية 110.

([27]) احقاق الحق، نور الله التستري، ج1، ص151.

([28]) حقائق الايمان، الشهيد الثاني، تحقيق: مهدي الرجائي، ط1، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، 1409هــ، قم المقدسة، ص59.

([29]) دروس في العقيدة الاسلامية، محمد تقي اليزدي، مؤسسة التأريخ العربي، بيروت، ص58.

([30])م . س، ص59.

([31]) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، ابو الحسن الاشعري، تقديم حموده غرابه، المطبعة الميرية، 1925م، مصر، ص15-17.

([32])تفسيرة سورة الاخلاص، ابن تيميه، المطبعة الميرية، 1323هـ،مصر، ص22-23.

([33]) نظريات الجزء الذي لا يتجزأ في التراث العربي الاسلامي، د. عبد الكريم اليافي، بحث في مجلة التراث العربي، دمشق، العدد الثامن، تموز، 1982م، ص10.

([34]) م. ن، ص11.

([35]) محاضرات في الالهيات، السبحاني، تحقيق علي الرباني، ط10، مؤسسة التراث العربي،1427هـ،  بيروت – لبنان، ص30.

([36]) ن. م، ص22.

([37]) ن. م، ص22.

([38]) سورة البقرة، الاية 164.

([39]) بحار الأنوار، المجلسي، ج3، ص62.

([40]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ط1، دار كلستان كوثر، 2003م، طهران، ص36.

([41])م. س، ص36.

([42]) ن. م ، ص36.

([43]) صحيح البخاري، محمد بن اسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير، ط1، دار طوق النجاة، 1422هـ، ج8، ص53.

([44]) ن. م، ج8، ص168.

([45]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص37.

([46]) ن.م، ص43.

([47])  م. س، ص44.

([48]) المفردات، الراغب الاصفهاني، تحقيق: ابراهيم شمس الدين، ط1، مؤسسة الأعلمي، 2009م، بيروت، ص428.

([49]) لسان العرب، ابن منظور، ج6، ص63-64.

([50]) مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، تحقيق: احمد الحسيني، مطبعة الآداب، النجف الاشرف، ج3، ص133.

([51]) النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد، ط1، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، 1413هـ، ص32.

([52]) تلخيص المحصل، نصير الدين الطوسي، ط2، دار الاضواء، 1985م، بيروت، ص64.

([53]) الميزان، محمد حسين الطباطبائي، ط5، مؤسسة اسماعيليان، 1412هـ، قم، ج7، ص27.

([54]) العدل الالهي، مرتضى مطهري، ط2، دار الكتب الاسلامية، 1401هـ، طهران، ص62.

([55]) نهج الحق، العلامة الحلي، تعليق: الشيخ عين الله الحسني، ط1، مؤسسة دار الهجرة، 1407هـ، قم – ايران، ص58.

([56]) الاقتصاد، الطوسي، ط1، منشورات جمعية منتدى النشر، 1399هـ، النجف الاشرف – العراق، ص88.

([57]) سورة يونس، الآية 44.

([58]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص46.

([59]) م. س، ص46.

([60]) شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى، تحقيق: يعقوب الجعفري، ط2، دار الاسوة للطباعة، 1419هـ، قم – ايران، ص100-101.

([61]) كشف الفوائد، العلامة الحلي، تحقيق: حسن مكي العاملي، ط1، دار الصفوة، 1413هـ، بيروت – لبنان، ص254.

([62]) الذخيرة، في علم الكلام، الشريف المرتضى، مؤسسة النشر الاسلامي، 1411هـ، قم، ص110. 

([63]) ن. م، ص100.

([64]) شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى، ص98-99.

([65]) ن. م، ص100.

([66]) المواقف في علم الكلام، عضد الدين الايجي، تحقيق د. عبد الرحمن عمير، ط1، 1417هـ، دار الجيل، بيروت – لبنان، ج3، ص290-292.

([67]) الفرق بين الفرق، عبد القادر الاسفرائيني، تحقيق: محمد محي الدين، ط1، المكتبة العصرية، 1419هـ، بيروت – لبنان، ص128.

([68]) الملل والنحل، الشهرستاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت ، ج1، ص87.

([69]) م. س، ج1، ص90-91.

([70]) المغني في ابواب التوحيد والعدل، عبد الجبار الأسد آبادي، تحقيق: د. محمود محمد قاسم، دار الكتب، 1382هـ، بيروت، ج6، ص41.

([71]) بحار الأنوار، المجلسي، ج5، ص4.

([72])  ن. م، ج5، ص17.

([73]) تصحيح اعتقادات الامامية، الشيخ المفيد، تحقيق: حسين دركاهي، ط1، المؤتمر العالمي لالفية الشيخ المفيد، 1413هـ، ص47.

([74]) الكافي، الكليني، ط6، دار الكتب الاسلامية، 1375هـ، طهران – ايران، ج1، ح13، ص160.

([75]) مرآة الانوار ومشكاة الأسرار، الشيخ الكازراني، الطبعة القديمة الحجرية، 1303هـ، ص205.

([76]) ارشاد الطالبين على نهج المسترشدين، جمال الدين الحلي، تحقيق: مهدي الرجائي، ط1، مكتبة السيد المرعشي، 1405هـ، قم، ص295.

([77]) الشيعة الامامية الاثنا عشرية، السبحاني، مقال، موقع مؤسسة الامام الصادق (ع)، 11 ربيع الآخر، 1417هـ.

([78]) سورة الحاقة، الآيات 44-47.

([79]) الشيعة الامامية الاثنا عشرية، جعفر السبحاني، مقال، موقع مؤسسة الامام الصادق (ع)، 11 ربيع الآخر، 1417هـ.

([80]) سورة الصف، الآية 6.

([81]) الشيعة الامامية الاثنا عشرية، السبحاني.

([82]) الشيعة الامامية الاثنا عشرية، جعفر السبحاني، مقال، موقع مؤسسة الامام الصادق، 11 ربيع الاخر، 1417هـ.

([83]) محاضرات في الالهيات، السبحاني، ص282.

([84]) ن. م، ص283.

([85]) ارشاد الطالبين على نهج المسترشدين، العلامة الحلي، ص58.

([86]) حق اليقين، عبد الله شبر، ط1، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1997م، بيروت، ج1، ص84.

([87]) ن . م، ج1، ص86.

([88]) سورة الحديد، الاية 25.

([89]) الالهيات، جعفر السبحاني، ط7، مؤسسة الامام الصادق(ع)، 1388هـ ، قم، ج3، ص29.

([90]) الكافي، الكليني، ج1، ص14.

([91]) بحار الانوار، المجلسي، ج11، ص40.

([92]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص48.

([93]) سورة البقرة، الآية 31.

([94]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص48.

([95]) الوفا بتعريف فضائل المصطفى، ابن الجوزي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ص25.

([96]) سورة الاعراف، الآية 172.

([97]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص49.

([98]) ن. م، ص50.

([99]) المفردات، الاصفهاني، ص41.

([100]) سورة البقرة، الآية 124.

([101]) مجمع البحرين، الطريحي، ص503.

([102]) الافصاح في الامامة، المفيد، ط2، دار الكتب العلمية، 1414هـ، بيروت – لبنان، ص27.

([103]) ارشاد الطالبين على نهج المسترشدين، العلامة الحلي، ص62.

([104]) مصباح الهداية في اثبات الولاية، البهبهاني، ط1، مكتبة الالفين، 1999م، ينيد القار، ص48.

([105]) مجمع البيان، الطبرسي، ط1، دار الكتب الاسلامية، 1373هـ، طهران، ج1، ص201.

([106]) محاضرات في الالهيات، السبحاني، ص331.

([107]) شرح المواقف، عضد الدين الايجي، ج8، ص351.

([108]) ينظر، محاضرات في الالهيات، السبحاني، ص339.

([109]) ن. م، ص341 -343.

([110]) الالهيات، السبحاني، ج4، ص52.

([111]) كشف المراد، العلامة الحلي، مؤسسة النشر الاسلامي، 1419هـ، قم المقدسة، ص284.

([112]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص59.

([113]) ن. م، ص60.

([114]) معاني الأخبار، الصدوق، تحقيق: علي اكبر الغفاري، مؤسسة النشر الاسلامي، 1379هـ، قم – ايران، ص67.

([115]) سورة المائدة، الاية 55.

([116]) سورة المائدة، الآية3.

([117]) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ص68.

([118]) الكافي، الكليني، ج1، ص193.

([119]) ينظر ، لسان العرب، ابن منظور، ج6، ص346، المفردات، الاصفهاني، ص464، معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ج4، ص181.

([120]) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، العلامة الحلي، تحقيق: المقداد السيوري، ط2، دار الاضواء، 1996م، بيروت/ ص86.

([121]) شرح المقاصد، التفتلزاني، دار المعارف النعمانية، 1981م، باكستان، ج2، ص82.

([122]) الالهيات، جعفر السبحاني، ج4، ص158.

([123]) ن . م، ص159.

([124]) مساهمة الايرانيين في الحضارة العلمية، حميد نيرنوري، ص228.

([125]) سورة الاعراف، الايتان: 35-36.

([126]) سورة نوح، الايتان: 17-18.

([127]) لمحات من المعاد، علي الحسيني الصدر، ط1، منشورات، دليل ما، 1435هـ، قم، ص9.

([128]) سورة النحل، الآية38.

([129]) سورة التغابن، الآية:7.

([130]) سورة الأسراء، الآيات: 49-51.

([131]) سورة يس، الاتيان: 78-79.

([132]) بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج7،ص74.

([133]) م. س ، ج7، ص40.

([134]) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج7، ص65.

([135]) ن.م، ج7، ص125.

([136]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي ، ج7، ص42.

([137]) حق اليقين، عبد الله شبر، ج2، ص54.

([138]) كشف المراد، العلامة الحلي، ص224.

([139]) سورة العنكبوت، الايتان: 19-20.

([140]) محاضرات في الالهيات، جعفر السبحاني، ص398.

([141]) سورة المؤمنون، الآية: 115

([142]) محاضرات في الالهيات، السبحاني، ص399.

([143]) سورة ص، الآية: 28.

([144]) شرح الخطبة الفدكية، المجلس، ص103.

([145]) سورة الكهف، الآية 47.

([146]) سورة هود، الآية: 103.

([147]) سورة يونس، الآية: 93.

([148]) سورة المؤمنون، الآيات: 105-108.


*  المصادر والمراجع  *

1) الاحتجاج ، الطبرسي، ط1، انتشارات الشريف الرضي، 1380هـ، قم - ايران.

2) احقاق الحق، نور الله التستري، مطبعة السعادة، 1326هـ، مصر.

3) ارشاد الطالبين على نهج المسترشدين، جمال الدين مقداد، تحقيق: مهدي الرجائي، ط1، مكتبة السيد المرعشي، 1405هـ، قم.

4) أعلام النساء، عمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان.

5) الافصاح في الإمامة، المفيد، ط2، دار الكتب العلمية، 1414هـ، بيروت - لبنان .

6) الاقتصاد، الطوسي، ط1، منشورات جمعية منتدى النشر، 1399هـ، النجف الاشرف - العراق.

7) الالهيات، جعفر السبحاني، ط7، مؤسسة الإمام الصادق، 1388هـ، قم - ايران.

8) بحار الأنوار، المجلسي، المطبعة الاسلامية، 1388هـ، طهران - ايران.

9) بلاغات النساء، ابن طيفور، تصحيح: احمد الالفي، مدرسة والدة عباس الأول، 1908م، القاهرة.

10) تصحيح اعتقادات الامامية، الشيخ المفيد، تحقيق: حسين دركاهي، ط1، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، 1413هـ.

11) تفسير سورة الاخلاص، ابن تيمية، المطبعة الميرية، 1323هـ، مصر.

12) تلخيص المحصل، نصير الدين الطوسي، ط2، دار الاضواء، 1985م، بيروت.

13) حقائق الايمان، الشهيد الثاني، تحقيق: مهدي الرجائي، ط1، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، 1409هـ، قم المقدسة.

14) حق اليقين، عبد الله شبر، ط1، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1997م، بيروت.

15) دروس في العقيدة الاسلامية، محمد تقي اليزدي، مؤسسة التأريخ العربي، بيروت - لبنان.

16) دلائل الامامة، الطبري، ط2، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1988م، بيروت - لبنان.

17) الذخيرة في علم الكلام، الشريف المرتضى، مؤسسة النشر الإسلامي، 1411هـ، قم المقدسة.

18) السقيفة وفدك، الجواهري، تحقيق: د. محمد هادي الامين، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.

19) الشافي في الامامة، الشريف المرتضى، ط2، مؤسسة اسماعيليان، 1410هـ، قم – ايران.

20) شرح الخطبة الفدكية، العلامة المجلسي، ط1، دار كلستان كوثر، 2003م، طهران.

21) شرح جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى، تحقيق: يعقوب الجعفري، ط2، دار الاسرة للطباعة ، 1419هـ، قم - ايران.

22) شرح المقاصد، التفتازاني، دار المعارف النعمانية، 1981م، باكستان.

23) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، تحقيق: الاستاذ محمد ابو الفضل ابراهيم، ط1، الدار اللبنانية للنشر، 2008م، بيروت.

24) الشيعة الامامية الاثنا عشرية، السبحاني، مقال، موقع مؤسسة الامام الصادق، 11 ربيع الآخر، 1417هـ.

25) صحيح البخاري، محمد بن اسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير، ط1، دار طوق النجاة، 1422هـ.

26) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ابن طاووس، مطبعة الخنام، 1400هـ، قم - ايران.

27) العدل الالهي، مرتضى مطهري، ط2، دار الكتب الاسلامية، 1401هـ، طهران.

28) علل الشرائع، الصدوق، منشورات المكتبة الحيدرية، 1966م، النجف الاشرف.

29) الفرق بين الفرق، عبد القادر الاسفرائيني، تحقيق: محمد محيي الدين، ط1، المكتبة العصرية، 1411هـ، بيروت - لبنان.

30) الكافي، الكليني، ط6، دار الكتب الاسلامية، 1375هـ، طهران - ايران.

31) كتاب العين، الفراهيدي، تحقيق: د. عبد الحميد الهنداوي، ط1، دار الكتب العلمية، 2003م، بيروت - لبنان.

32) كشف الغمة في معرفة الأئمة، بهاء الدين الأربلي، ط2، دار الاضواء للطباعة، 1985م، بيروت.

33) كشف الفوائد، العلامة الحلي، تحقيق: حسن مكي العاملي، ط1، دار النسوة، 1413هــ، بيروت - لبنان. 

34) كشف المراد، العلامة الحلي، مؤسسة النشر الاسلامي، 1419هـ، قم المقدسة.

35) لسان العرب، ابن منظور، تحقيق: أمين محمد عبد الوهاب ومحمد صادق، ط1، دار احياء التراث العربي، 2010م، بيروت - لبنان.

36) لمحات من المعاد، علي الحسيني الصدر، ط1، منشورات دليل ما، 1435هـ، قم - ايران.

37) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، أبو الحسن الاشعري، تقديم حمودة غرابة، المطبعة الميرية، 1925م، مصر.

38) مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، تحقيق: احمد الحسيني، مطبعة الآداب، النجف الاشرف.

39) مجمع البيان، الطبرسي، ط1، دار الكتب الاسلامية، 1373هـ، طهران.

40) محاضرات في الالهيات، السبحاني، تحقيق: علي الرباني، ط10، مؤسسة التراث العربي، 1427هـ، بيروت - لبنان.

41) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار، الشيخ الكازراني، الطبعة القديمة الحجرية، 1303هـ.

42) مروج الذهب، المسعودي، تحقيق: أسعد داغر، دار الهجرة، 1409هـ، قم - ايران.

43) مساهمة الايرانيين في الحضارة العالمية، حميد نيرنوري.

44) مصباح الهداية في اثبات الولاية، البهباني، ط1، شركة مكتب الالفين، 1999م، بنيد القار.

45) معاني الاخبار، الصدوق، تحقيق: على اكبر الغفاري، مؤسسة النشر الاسلامي، 1379هـ، قم.

46) المغني في أبواب التوحيد والعدل، عبد الجبار الأسد آبادي، تحقيق: د. محمود هاشم، دار الكتب، 1382هـ بيروت - لبنان.

47) المفردات، الراغب الاصفهاني، تحقيق: ابراهيم شمس الدين، ط1، مؤسسة الاعلمي، 2009م، بيروت - لبنان .

48) مقتل الحسين، الخوارزمي، تحقيق: محمد طاهر السماوي، منشورات مكتبة المفيد، قم - ايران.

49) الملل والنحل، الشهرستاني، تحقيق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت - لبنان.

50) منال الطالب في شرح طوال الغرائب، ابن الاثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي، مكتبة الخافچي، مصر.

51) المواقف في علم الكلام، عضد الدين الأيجي، تحقيق: د. عبد الرحمن عمير، ط1، 1417هـ، دار الجيل، بيروت - لبنان.

52) الميزان، محمد حسين البطاطبائي، ط5، مؤسسة اسماعيليان، 1412هـ، قم - ايران.

53) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، العلامة الحلي، تحقيق: المقداد السيوري، ط2، دار الأَضواء، 1996م، بيروت.

54) النص والاجتهاد، شرف الدين، ط1، مطبعة سيد الشهداء (ع)، 1404هـ، قم - ايران.

55) نظريات الجزء الذي لا يتجزأ في التراث العربي الاسلامي، د. عبد الكريم الباقي، بحث مجلة التراث العربي، دمشق، العدد الثامن، تموز 1982م.

56) النكت الاعتقادية، الشيخ المفيد، ط1، المؤتمر العالمين لألفية الشيخ المفيد، 1413هـ.

57) النهاية في غريب الحديث والاثر، ابن الاثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي، المكتبة الاسلامية.

58) نهج الحق، العلامة الحلي، تعليق: الشيخ عبد الله الحسيني ، ط1، مؤسسة دار الهجرة، 1407هـ، قم - ايران.

59) الوفا بتعريف فضائل المصطفى، ابن الجوزي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.